(31/5/2020)
- الورقة الرئيسة: د. نوف الغامدي
التعقيبات:
- التعقيب الأول: د. زياد الدريس
- التعقيب الثاني: د. منصور المطيري
- إدارة الحوار: أ. عبد الله الضويحي
أشارت د. نوف الغامدي في الورقة الرئيسة إلى أن “الاقتصاد الثقافي” أو “الاقتصاد البنفسجي” هو: حقل جديد من حقول علم الاقتصاد، يُعنى بإضفاء الطابع الإنساني على العولمة والاقتصاد من خلال استخدام الثقافة كمساعد في ترسيخ أبعاد التنمية المستدامة؛ أي إنه تحالفٌ بين الاقتصاد والثقافة للتوفيق بين التنمية الاقتصادية والاستدامة، وقد ظهر لأول مرة في فرنسا عام 2011. وتوقَّعت د. نوف أن تتعدى أدوار الهيئات التي أنشأتها وزارة الثقافة الشأنَ الثقافي إلى البعد الاقتصادي أيضًا، كداعم للأنشطة والأفراد ولقطاع الخدمات الاقتصادية. ويمكن الجمع بين الثقافة والاقتصاد في اتجاه واحد إذا كان الهدف من الفعاليات الثقافية والفنية اقتصاديًّا، مع أهمية تفعيل الجانب الاقتصادي لجمعيات الثقافة والفنون، والالتفات في الوقت ذاته إلى مدن الأطراف. وقد وضعت د. نوف بعض التصورات التي يمكن العمل عليها في هذا الجانب، ومن أهمها: التصوُّر التجاري وتفعيل اقتصاديات الثقافة والفنون، والتصور الفني الخالص الذي لا يخضع للرؤية التجارية ولكن بدعم محدود. ومن هنا يصبح لدينا فنٌّ خالص وفنٌّ تجاري يُرضي كافة أفراد المجتمع بحيث لا يطغى الجانب الاقتصادي على الفن والثقافة، فيتحول إلى اللافن وإلى اللاثقافة، ومن الملائم دعم القطاع الخاص للفن الخالص من خلال التعاقد مع مؤسسات تجارية في كلِّ منطقة تحت إشراف جمعيات الثقافة والفنون بوصفها مؤسسات رسمية لتفعيل الجانب الثقافي والفني في المنطقة؛ لتخفيف العبء الاقتصادي عن الجمعيات. وختمت د. نوف الغامدي ورقتها بالقول: إن الوسط الثقافي السعودي اليوم بحاجة إلى مشروع صناعي ينقل المحتوى الثقافي الوطني للعالمية، ويدرُّ أرباحًا تُشجِّع رؤوس الأموال على الاستثمار فيه.
ولم يُخفِ د. زياد الدريس في التعقيب الأول تخوُّفه وقلقه من (صناعة الثقافة)، فهو لا يطمئن – كما يقول- إلى براءة الثقافة المقرونة بـ «الصناعة» أو «التجارة»، مُبدِيًا شكوكه من قدرته على الحياد في نقاش يريد عقد مواءمة (عادلة) بين الثقافة والاقتصاد. وأشار د. زياد إلى أن كتلة من شعوب العالم عاشت فترةً من الزمن تحت هيمنة نظام يسعى إلى تثقيف السلعة، أي حشوها بمضامين فائضة تخدم (نظامًا) لا يترك شيئًا إلا أدلجته. وسقط ذاك، وهيمن آخر بمفاهيم تخدم (نظامًا) لا يترك شيئًا إلا استربح منه ففُرِّغت الثقافة من مضامينها المعرفية من أجل خدمة مضامينها الاقتصادية؛ أي إننا انتقلنا من زمن تثقيف السلعة إلى زمن تسليع الثقافة، و«الثقافة» في كلتا الحالتين هي الضحية. ولم ينفِ د. زياد الدريس كون عناصر التراث الثقافي باتت الآن مصدر دخل سياحي للدول، وأن جزءًا ثابتًا من هذه العوائد يذهب لعمليات الحفاظ على الموروث وترميمه أو صيانته من الانقراض. وهذا أمر مقبول في نظره، لكنه يرفض تحويل المثقف إلى سلعة مفرَّغة من عفويتها؛ ما يعني ارتكاب جريمة أشد بحق الثقافة، وهي صناعة التفاهة والتافهين.
أما د. منصور المطيري فحدَّد في التعقيب الثاني خمسة أسُس كبرى لا مناص لأي سياسة استثمارية في مجال اقتصاديات الثقافة من الارتكاز عليها، وتضمنت:
- الأساس الخاص بالهوية، وهو أساس حقيقي لا يمكن تجاهله؛ لأن موضوع الاستثمار هو الهوية نفسه.
- الأساس الحقوقي، لا بد من بيئة تشريعية وبيئة ملتزمة بالعدالة ليأخذ أي مبدع أو مستثمر حقَّه دون خوف من ضياعه.
- الأساس الخاص بالبيئة الاجتماعية المتماسكة، الأعمال الثقافية والتكسُّب من ورائها يجب أن تُعطى أولية لبث مفاهيم تربوية تجمع ولا تُفرِّق، وتبرز التعاضد أكثر مما تُبرِز التنافر والأحقاد.
- الأساس الجامع بين الوطن وأجزائه. هناك ثقافة محلية تُمثِّل أجزاء الوطن، وهناك ثقافة تُمثِّل الوطن كله. فيجب هنا الابتعاد عن إلغاء الجزء، بل يجب أن تُقدَّم ثقافة الجزء كعنصر في ثقافة الكل.
- الأساس التقني والرقمي الحديث، لا يمكن أن ينجح اقتصاد الثقافة دون الإبداع في التقنية. وقد رأينا كيف استثمرت كوريا في هذا الجانب، وغزت العالم بثقافتها عن طريق التقنية.
وتضمنت المداخلات حول القضية المحاورَ التالية:
- ثنائية الاقتصاد الثقافي.
- إيجابيات وسلبيات تسليع الثقافة “الاقتصاد الثقافي”.
- الاقتصاد الثقافي على الصعيدين المحلي والعالمي: رؤية استشرافية.
ومن أبرز التوصيات التي انتهى إليها المتحاورون في ملتقى أسبار حول القضية ما يلي:
- التنسيق بين وزارتي الثقافة والسياحة وهيئة الترفيه لخلق مصادر دخل ترفد بعضها البعض، وترفد الأنشطة الثقافية غير الربحية كنَشْر الكتب والندوات الثقافية.
- إعادة “ضبط المعيار القيمي الجمعي” في ضوء ثقافة الانفتاح الرشيد الجديدة، وبناء “ثقافة ادخار” واعية لدى المجتمع تضع البعدَ الثقافي ضمن اهتماماتها، في سياقات متوازنة تخدم استدامة الفعل الاقتصادي الثقافي كأحد أفعاله الحياتية المستدامة.
- إقامة ورشة عمل وطنية كبرى بقيادة “وزارة الثقافة”، تضمُّ أطيافَ الثقافة المختلفة والقطاع الخاص؛ لوضع إستراتيجية واضحة لاقتصاد ثقافي، بحيث تنقل المحتوى الثقافي الوطني للعالمية، وتُحقِّق رؤية 2030.
لمتابعة قراءة موضوع (الاقتصاد الثقافي) كاملاً يُرجي الدخول للرابط التالي: