للاطلاع على التقرير وتحميله إضغط هنا
أكتوبر – 2022
تمهيد:
يعرض هذا التقرير قضية مهمة تمَّ طرحهم للحوار في ملتقى أسبار خلال شهر أكتوبر 2022م، وناقشهم نُخبة متميزة من مفكري المملكة في مختلف المجالات، والذين أثروا الحوار بآرائهم البنَّاءة ومقترحاتهم الهادفة؛ حيث تناولت القضية : الفضاء: اقتصاده ودوره في رحلة التحول الرقمي، وأعد ورقتها الرئيسة د. حسين الجحدلي، وعقب عليها د. عبدالرحمن العريني، وأدار الحوار حولها د. عبدالعزيز الحرقان.
القضية الأولى
الفضاء: اقتصاده ودوره في رحلة التحول الرقمي
(10/10/2022م)
- الملخص التنفيذي.
- الورقة الرئيسة: د. حسين الجحدلي
- التعقيب: د. عبدالرحمن العريني
- إدارة الحوار: د. عبدالعزيز الحرقان
- المداخلات حول القضية
- الفضاء: تطبيقاته وبرامجه.
- الهيئة السعودية للفضاء وبناء الاستراتيجية السعودية للفضاء.
- مدينة الملك عبدالعزيز للعلوم والتقنية ودورها في نقل وتوطين التقنية في قطاع الفضاء.
- المعوقات التي تواجه برنامج الفضاء السعودي.
- آليات تعزيز دور المملكة العربية السعودية في مجالات اقتصاد الفضاء.
- نماذج لمشروعات قابلة للتطبيق في قطاع الفضاء على المستوى الوطني.
- التوصيات
- المصادر والمراجع
- المشاركون
- الملخص التنفيذي.
تناولت هذه القضية الفضاء من حيث اقتصاده ودوره في رحلة التحول الرقمي. وأشار د. حسين الجحدلي في الورقة الرئيسة إلى أن الراصد لجهود المملكة يجد أنها استثمرت في بناء القدرات بمجالات عدة، من مرحلة علوم الفضاء ودراسات الفلك إلى بناء قدرات تصنيع الأقمار الاصطناعية مروراً ببناء كوادر بشرية نوعية كرواد الفضاء. واليوم نجد جهازاً من أهم أجهزة الدولة، وهو الهيئة السعودية للفضاء، لتعلن المملكة أنها تضع الفضاء نصب عينيها وتعزز استثماراتها السابقة بقطاع الفضاء ليضفي عليها التميز في سباقها للقيادة الرقمية العالمية. ومع أنه لا يمكن الجزم بمعرفة استراتيجية الفضاء السعودية، لكن يتضح مما يُعلَن توجه المملكة لبناء القدرات في الأقمار الاصطناعية وكذلك الإعلان عن مشاركة أول رائدة فضاء سعودية، فيبدو هناك توجه للاستكشافات العلمية والرحلات البشرية للفضاء، وكلها مهمة وتتطلب جهوداً حثيثة لتحقيقها.
بينما أكَّد د. عبدالرحمن العريني في التعقيب الأول أن مواضيع الفضاء ذات التأثير الاقتصادي والمساهمة في مسيرة التحول واسعة وعديدة ومتجددة باتساع الفضاء نفسها، ومنها على سبيل المثال: تقديم خدمات الاستشعار عن بعد ودوره في تطوير الأعمال وتحولها للأغراض الزراعية والبيئية والصحية والتعدين وغيرها، والأبحاث والتطوير في شتى المجالات وخاصة في قطاع الاتصالات والإعلام والعوالم الافتراضية والميتافرس وتقنية الهوليجرام، وعوالم السياحة الفضائية للموسرين وما يتخللها من مجالات ترويحية وعلاجية إلخ، بجانب صناعة أفلام ومسلسلات المستقبل، فضلاً عن التحول في مفهوم السلم والحرب بإدخال عالم الفضاء وتطوير تقنياته لأهداف اقتصادية (تصنيع وبيع منتجاته وخبراته) وأهداف أمنية بامتلاك لقوة الردع الفضائي للوقاية والدفاع لأي من المخاطر المحتملة.
وتضمنت المداخلات حول القضية المحاور التالية:
- الفضاء: تطبيقاته وبرامجه.
- الهيئة السعودية للفضاء وبناء الاستراتيجية السعودية للفضاء.
- مدينة الملك عبدالعزيز للعلوم والتقنية ودورها في نقل وتوطين التقنية في قطاع الفضاء.
- المعوقات التي تواجه برنامج الفضاء السعودي.
- آليات تعزيز دور المملكة العربية السعودية في مجالات اقتصاد الفضاء.
- نماذج لمشروعات قابلة للتطبيق في قطاع الفضاء على المستوى الوطني.
ومن أبرز التوصيات التي انتهى إليها المتحاورون في ملتقى أسبار حول القضية ما يلي:
- استغلال مناطق المملكة المناسبة لتأسيس محطات إطلاق مركبات فضائية.
- وضع استراتيجية لتكامل اقتصاديات الفضاء مع استراتيجية الاستثمار في المملكة وتتوافق مع رؤية المملكة ٢٠٣٠.
- تعزيز مشاريع وبرامج بناء القدرات الوطنية لتشمل مجالات الفضاء.
- يراعى في اختيار المشاريع الفضائية الأولى أن تكون شاملة ومتعددة الاستخدام وعميقة التأثير، بهدف أن تحقق الزخم المناسب لتطوير المهارات الفنية، ويكون محور تتبلور حوله الثقافة والرغبة الوطنية.
- تأسيس صندوق لاستثمارات الفضاء يعنى بتقديم الدعم المالي للمؤسسات الصغيرة والمتوسطة المتخصصة في تقنيات الفضاء، وفي تمويل المشاريع الضخمة (جيجا).
- الورقة الرئيسة: د. حسين الجحدلي
مقدمة:
تعتبر سيادة الدول من أهم المفاهيم السياسية، لذلك تحرص الدول على تثبيت حدودها البرية، البحرية والجوية لتتمكن من فرض سلطتها على أراضيها. مؤخراً تم الاعتراف ببعدين جديدين ليكونا من ضمن حدود الدول ألا وهما الفضاء الخارجي والفضاء السيبراني.
كان الفضاء الخارجي ميداناً للدول المتقدمة، حيث يعتبر قطاع الفضاء من القطاعات المكلفة جداً من حيث المتطلبات المالية ونوعية الكوادر البشرية العاملة به. ويعتبر قطاع الفضاء من القطاعات الباعثة بالفخر لذلك يتم تقبل ميزانياته العالية في حال قررت الدولة خوض تجربته. وفي ظل تغير الأحوال وانخفاض تكاليف التقنية بناء على مبدأ مور، وسباق الدول للتميز الحكومي وكفاءة الإنفاق نجد أن الفضاء وفر حلولاً مجدية مقارنة بتقنيات أخرى خصوصاً فيما يتعلق بالاتصالات والأمن والمراقبة والتتبع الفضائي.
اليوم نجد كثيراً من الدول تتوجه للفضاء ليكون لها موطئ قدم في هذا الميدان المهم والذي يعتبر المستقبل.
نبذة تاريخية عن تجربة المملكة في الفضاء:
بدأت قصة مملكتنا العزيزة بالفضاء في أوائل الثمانينيات وذلك بمشاركة أول رائد فضاء سعودي – صاحب السمو الملكي الأمير سلطان بن سلمان بن عبدالعزيز- ثم بدأت باستكشاف الفرص وبناء القدرات في مجالات الفضاء.
لقد كانت مدينة الملك عبدالعزيز للعلوم والتقنية هي حاضنة هذه الجهود، حيث كان معهد بحوث الفضاء والطيران يضم عدداً من المراكز المتخصصة من دراسات الفلك إلى دراسات القمر والأجرام القريبة من الأرض، وصولاً إلى المركز الوطني للأقمار الاصطناعية.
لقد تمكنت المملكة حتى الآن من إطلاق 16 قمراً صناعياً تنوعت حمولاتها وقدراتها من أقمار الاتصالات حتى أقمار المراقبة والاستشعار عن بعد. حيث أسهمت مجموعة الأقمار السعودية في تعزيز شبكات الاتصالات الآمنة والتصوير الجوي والملاحة البحرية. لقد كان للأقمار السعودية دور في دراسة النظريات العلمية كمهمة القمر 14 الذي كانت جولته تجربة علمية لاختبار نظرية أينشتاين بالتعاون مع جامعة ستانفورد، حيث كان دور الجانب السعودي تجهيز القمر لحمل التجربة والتي كانت تجربة فريدة مميزة.
ولقد تميزت المملكة في الدراسات العلمية الخاصة بالفلك وعلاقة القمر بالأرض وتحديد المواقيت والمواسم سواء التي لها بعد ديني أو حياتي كالزراعة.
فالراصد لجهود المملكة يجد أنها استثمرت في بناء القدرات بمجالات عدة، من مرحلة علوم الفضاء ودراسات الفلك إلى بناء قدرات تصنيع الأقمار الاصطناعية مروراً ببناء كوادر بشرية نوعية كرواد الفضاء.
واليوم نجد جهازاً من أهم أجهزة الدولة، وهو الهيئة السعودية للفضاء لتعلن مملكتنا الحبيبة أنها تضع الفضاء نصب عينيها وتعزز استثماراتها السابقة بقطاع الفضاء ليضفي عليها التميز في سباقها للقيادة الرقمية العالمية.
نبذة فنية عن الفضاء والأقمار الاصطناعية السعودية:
صناعة الأقمار الاصطناعية تعتبر من أهم صناعات الفضاء وأكثرها طلباً للمهارات المتقدمة، فهي أدوات الاستكشاف وسبر الفضاء، لذلك من المهم معرفة أنواعها وكيفية اختلافها.
تنقسم الأقمار الاصطناعية من حيث البعد المداري إلى ثلاثة أقسام، أشهرها هي (LEO and GEO) وهي المدارات القريبة من الأرض والمدرات الثابتة من الأرض، والحقيقة أن كلا النوعين يدور حول الأرض؛ ولكن أقمار المدار البعيد تتمركز ببعد يمكنها من الدوران مع سرعة الأرض فتبدو كأنها ثابتة في مركزها بالنسبة للحد الجغرافي من الأرض. بينما أقمار المدار القريب تدور حول الأرض أكثر من مرة في اليوم. ولكل مدار تطبيقاته ومزاياه.
أما من حيث الحمولة، فتتنوع حمولات الأقمار بحسب المهمة المرادة. فالقمر يتكون من جزأين مهمين هما الهيكل والحمولة، الهيكل هو الأنظمة الأساسية من نظام الطاقة والتحكم واتصالات التحكم التي يحتاجها القمر ليخدم مهمته، بينما الحمولة هي الغرض من القمر وهي ما سيتم التركيز عليه لفهم طبيعة القدرات الفضائية.
من أشهر وأهم الحمولات هي الاتصالات، والهدف إما تعزيز شبكات الاتصالات أو تأمين اتصالات آمنة غير قابلة للاختراق، رغم أن الحمولة واحدة ولكن اختيار المدار مهم، فأقمار المدار البعيد تكون تغطيتها محدودة بنطاق جغرافي ثابت كما جرت العادة أن أقمار الاتصالات ذات المدار البعيد تكون كذلك للبث الفضائي – البث التلفزيوني – بينما أقمار المدار القريب تكون لتوسيع الشبكات والتغطية مثل أقمار ستار لنك.
ثم تأتي حمولة المراقبة والقصد هنا هو مراقبة الأرض أو ملاحظة الأرض من الفضاء، وهي تتنوع بتنوع تقنياتها، فمنها من يستخدم التصوير الفوتوغرافي والفيديو، ومنها ما يستخدم الأشعة حسب الغرض، ومنها ما يستخدم موجات الرادار. وهي في غالبها أقمار قريبة المدى ويتم الاستفادة منها لمسح الأرض عن الماء والمعادن والتصوير الطبقي للأرض، فهي توفر الجهود وتقلص الوقت وتعطي نتائج دقيقة وتمكن من استكشاف مناطق شاسعة في زمن قياسي.
ثم تأتي حمولات الملاحة والتي تسهم في تتبع ومراقبة الملاحة البحرية، حيث تنعدم التقنيات التي تغطي البحار لمتابعة السفن وما لذلك من أهمية على خطوط التجارة والخدمات اللوجستية، والآن يمكن أن تكون هذه التقنية للملاحة الجوية فتُمكِّن من تتبع الطائرات خارج منظومة أبراج المراقبة وما يترتب على ذلك من إعادة فتح لكثير من مسارات الطيران وتوفير في أوقات الرحلات والوقود اللازم لإتمام الرحلة. ومن أهم الأنظمة في الملاحة البرية (GPS) المشهور، وهي منظومة مكنت إلى تطور العلم في المجال، فأصبحت الأقمار الآن أكثر دقة لدرجة يمكن تمييز الدور حتى لو تطابقت إحداثيات الأجسام.
أما من حيث الحجم، فتعتبر القمار الاصطناعية كبيرة وثقيلة الوزن، فالأقمار ذات المدار البعيد تصل في أحجامها إلى 6 طن وتزيد، أما للأقمار قريبة المدى فهي تصل إلى نصف طن. والآن يوجد ما يعرف بالأقمار النانونية وهي صغيرة الحجم وتُحمَل باليد، هذا التطور في أحجام الأقمار والتطور التقني مكَّن من خلق حمولات جديدة وبناء أنظمة لا يمكن أن يكون لها جدوى بغير الفضاء.
هذه أهم أنواع الأقمار من حيث المدار ومن حيث الحمولات والحجم، وما زال تطوير الأقمار مستمراً وأصبح التركيز على ماهي المهام التي يمكن أن تكون مربحة في حال تم توظيف قدرات الفضاء.
أهم مجالات اقتصاد الفضاء وفرصه:
يتضح مما سبق أن البشرية لم تستثمر الفضاء وتستغل كل ما به من فرص، بل كان التركيز على سيادة الدول ورفع شأنها لتكون من الدول القوية عسكرياً والقادرة على المنافسة النوعية، ثم تهيأت الفرصة ليكون الفضاء هو الاقتصاد القادم وذلك على عدة أصعدة.
يمكن للفضاء أن يكون مجدياً اقتصادياً وذلك من خلال تطبيقاته، وهنا تكمن أهمية الأقمار الاصطناعية فهي الحاضن لهذه الأنظمة والممكن لتنفيذها وإدارتها، ومن ذلك مثلاً مد شبكات الإنترنت للمناطق النائية وتمكين الاتصال بالإنترنت للاستفادة من كل الخدمات المقدمة بشكل رقمي كالصحة والتعليم.
لذلك أول مجال من مجالات اقتصاد الفضاء وأهمها هو بناء القدرات في تصنيع الأقمار الاصطناعية، وتمكين العلماء في مجالات المعرفة الأخرى أو القطاعات كالتعدين والخدمات اللوجستية من الاندماج في الحلول الفضائية. وهنا يجدر القول بأن رغم أهمية الأقمار الاصطناعية وبناء قدراتها، فالهدف أن يكون لدينا زخم في التصنيع بكثافة عالية، ولكن هذه القدرات لا يمكن أن تنتج تطبيقات مربحة دون إشراك القطاعات الأخرى، والتي يمكن أن تنفذ تطبيقاتها وخدماتها من خلال قدرات الأقمار الاصطناعية، وهنا تكمن ميزة الفضاء فهو متجدد من هذا المنطلق وهو انعكاس لواقع الدولة، مما يعطيها تميزاً في قطاعات تملكها وتقودها كالطاقة مثلاً.
كذلك من أهم مجالات الفضاء، إرسال البشر في رحلات استكشاف ودراسة الفضاء وهو مجال خصب له أثر على كثير من مجالات الحياة على سبيل المثال الزراعة، فظروف الفضاء تحتم على رواد الفضاء نوع معين من الأطعمة وهو ما لا يتناسب مع طبيعة البشر، فلا يمكن أخذ المنتجات التي تحوي ماءً بنسب عالية كالطماطم والورقيات وهي مكون غذائي مهم، فعزَّز هذا البحث في آليات الزراعة المحدودة، فنجد قدرات الزراعة دون الحاجة إلى تربة أو ضوء أو محدودية الماء، وهو ما يمكن تبنيه في الأرض ليعالج مشاكل تواجهها دول كثيرة معرضة للمجاعة بسبب الظروف المناخية أو الطبيعة الجغرافية.
ومن أكثر المجالات اهتماماً: بناء القدرات العسكرية الفضائية، ومن ذلك بناء منصات إطلاق الأقمار الاصطناعية وما يترتب على ذلك من بناء قدرات في الصواريخ عابرة القارات.
يظل الفضاء غير مستكشف في كثير من جوانبه، ولكن هذه نبذة عن أهم المجالات الحالية والتي تلعب دوراً رئيسياً في اقتصاديات الفضاء.
استراتيجية السعودية للفضاء:
المتابع لدولتنا الحبيبة يلاحظ بكل سهولة طموحها العالي، فلا ننسى كلمة سيدي ولي العهد صاحب السمو الملكي محمد بن سلمان عندما قال: طموحنا عنان السماء – وهي ذات العبارة التي كتبها على القمر السعودي SGS للاتصالات وهو أول قمر سعودي بمدار بعيد – وفي ظل وجود الهيئة السعودية للفضاء والمعنية برسم استراتيجية الفضاء سيكون هناك تميز بحول الله وقوته لمملكتنا الحبيبة في قطاع الفضاء.
لا يمكن الجزم بمعرفة استراتيجية الفضاء السعودية، ولكن يتضح مما يُعلَن توجه المملكة لبناء القدرات في الأقمار الاصطناعية وكذلك الإعلان عن مشاركة أول رائدة فضاء سعودية، فيبدو هناك توجه للاستكشافات العلمية والرحلات البشرية للفضاء. وكلها مهمة وتتطلب جهوداً حثيثة لتحقيقها.
- التعقيبات:
- التعقيب: د. عبدالرحمن العريني
أجد أن الورقة الرئيسة غطت العديد من المجالات ذات العلاقة، وأن هنالك مجالات يمكن أن يتم تغطيتها من خلال الحوار والمداخلات والتعقيبات، فمواضيع الفضاء ذات التأثير الاقتصادي والمساهمة في مسيرة التحول واسعة وعديدة ومتجددة باتساع الفضاء نفسها، ومنها على سبيل الذكر وليس الحصر:
- تقديم خدمات الاستشعار عن بعد ودوره في تطوير الأعمال وتحولها للأغراض الزراعية والبيئية والصحية والتعدين وغيرها.
- الأبحاث والتطوير في شتى المجالات وخاصة في قطاع الاتصالات والإعلام والعوالم الافتراضية والميتافرس وتقنية الهوليجرام.
- عوالم السياحة الفضائية للموسرين وما يتخللها من مجالات ترويحية وعلاجية إلخ.
- صناعة أفلام ومسلسلات المستقبل والواقع وعالم السينس فكشن بمنظور مستقبلي جديد.
- التحول في مفهوم السلم والحرب بإدخال عالم الفضاء وتطوير تقنياته لأهداف اقتصادية (تصنيع وبيع منتجاته وخبراته) وأهداف أمنية بامتلاك لقوة الردع الفضائي للوقاية والدفاع لأي من المخاطر المحتملة.
- المداخلات حول القضية
- الفضاء: تطبيقاته وبرامجه.
يساهم استخدام الفضاء بشكل إيجابي في مجموعة من مجالات السياسة، بما في ذلك مراقبة المناخ والطقس، والحصول على الرعاية الصحية والتعليم، وإدارة المياه، والكفاءة في النقل والزراعة، وحفظ السلام، والأمن، والمساعدة الإنسانية. قائمة التطبيقات الفضائية المؤثرة على الأرض لا تنتهي تقريباً، والعديد من المساهمات القيمة الأخرى قيد التطوير أو قيد البحث.
وتطبيقات الفضاء العملية الآن واعدة وأكثر من ذي قبل مع اعتبار تحدياتها (الأبحاث، الموارد، والتأهيل والبنى التحتية…). وأيضاً فإن تلك التطبيقات محصورة في الجانب العسكري، والتطبيقات المدنية المتعددة.
كانت وزارات الدفاع وبدءاً بالقوة الجوية في الدول التي سبرت الفضاء، اللبنة الأولى وبعدها الحاضنة في استكشاف الفضاء والاستفادة منه كمجال .(Domain) ويجب فرض السيطرة عليه كرديف للجو. وبعد ذلك أصبح ذا اهتمام مستقل له عدته وعتاده (Maintaining Space Superiority) وفق جامعة القوة الجوية الأمريكية. ليتم توظيفه في الاتصالات، والملاحة، وتوجيه الصواريخ (وليس بالضرورة الاستراتيجية فقط)، والكشف المبكر قبل التعرض بهجوم صاروخي، والاستطلاع والتجسس، والدقة في التصويب، والشبكة العالمية، والطائرات غير المأهولة التي تبقى مدة طويلة تزيد عن ٣٦ ساعة غير التكتيكية منها بزيادة مداها وإطلاق أسلحتها (قلوبال هوك، برديتور) والقيادة والسيطرة الاستراتيجية المحمولة جواً.
يتميز الفضاء عن الجو بصعوبة احتكاره، كما أنه أكثر مرونة من البحار والتي تُقيَّد بعدد أميال وبعدها المياه الدولية، والجو فوق الدول مكون من سيادتها.
وتنقسم البرامج الفضائية إلى مجموعات، من أهمها:
- برامج المنصات والإطلاق للصواريخ.
- بناء القطع الإلكترونية والإلكترونية الضوئية المناسبة للفضاء وظروفه المحيطة وكذلك الغلاف الجوي.
- بناء المواد المناسبة للفضاء.
- أسوة بمفهوم المياه الإقليمية فكذلك يُنظر لمفهوم الفضاء الإقليمي وارتباطاته السياسية وما في حكمها.
وقد لعب الهاجس الأمني والفضاء دوراً رئيسياً في تعزيز القدرات العسكرية للدول إما بالهجوم أو الدفاع. وهذه القدرات تعطي الدول أفضلية على بعضها في الميدان العسكري. وغالب النجاحات التقنية تولد من رحم القطاع العسكري والأبحاث الدفاعية، وبعد فترة من الزمن يتم مشاركتها ونشرها للقطاعات المدنية.
القدرات الفضائية معلومة بالغالب، والفرصة هي كيفية توظيفها للتطبيقات المدنية، ومن هنا يمكن تقييم الممكنات التي يحتاجها المستثمر للبدء بعمله. فمثلاً لو أن أحدهم قرر أن يوظف الأقمار الاصطناعية للملاحة البرية، فقد يقرر استخدام أقمار نانونية وهنا تكون المتطلبات بسيطة، فيمكن عمل ذلك خلال سنة في مبنى أقرب ما يكون بمعامل الجامعات.. لكن لو قرر استخدام نوع آخر من الأقمار حتماً ستختلف الممكنات ولكن ستزيد الفوائد. فمع زيادة حجم القمر يمكن زيادة عدد الحمولات، فيخدم القمر أكثر من تطبيق في نفس الوقت.
ومن ناحية أخرى وإذا كانت التقنية ولا شك أنها توفر حلولاً مبتكرة ونافعة، لكن المزيد من التطبيقات التقنية – وعلى وجه الخصوص تطبيقات الذكاء الاصطناعي والتتبع عن طريق الأقمار الصناعية- ليس بالأمر المحمود على إطلاقه لتأثيره السلبي على الخصوصية والحرية الشخصية ومخاطر الاستخدام المفرط والسيء للبيانات والمخاطر السيبرانية. ولكن إذا كان الانكشاف الرقمي يترتب عليه مخاطر سيبرانية وفي الخصوصية؛ ولكنها تعالج بالتنظيمات والآن نحن في مستوى متقدم لفرض هذه التنظيمات بشكل تقني كذلك فتصبح فرض التنظيمات بطريقه تقنية.
- الهيئة السعودية للفضاء وبناء الاستراتيجية السعودية للفضاء. [1]
أثمر اهتمام خادم الحرمين الشريفين بمشروع قطاع الفضاء في المملكة الذي تابعه منذ إسهام 30 عالمًا سعوديًا في دراسة رحلة الفضاء الأمريكية ديسكفري عام 1985م عن تحقيق المملكة العديد من الإنجازات العلمية في ذلك المجال أجلّها صعود صاحب السمو الملكي الأمير سلطان بن سلمان بن عبدالعزيز على متن ديسكفري كأول رائد فضاء عربي، واستمر ذلك الاهتمام مع إطلاق رؤية 2030 وصولاً إلى أمر خادم الحرمين الشريفين بإنشاء الهيئة السعودية للفضاء.
وتأسست الهيئة السعودية للفضاء بموجب أمر ملكي في ديسمبر 2018، وهي خطوة شجاعة نحو مستقبل أكثر ابتكارًا وتطلعًا لأحدث التقنيات والفرص في قطاع الفضاء السعودي.
وبالنظر إلى أن المجال الفضائي يعد من أهم المجالات التي تضمنتها رؤية 2030، من خلال تدشين برنامج فضائي سعودي، فقد جاءت أهداف الهيئة السعودية للفضاء لتتوافق مع تطلعات المملكة نحو حياة أكثر جودة وتقدم، حيث تتوافق مع رؤيتها لخلق بيئات أفضل وأكثر أمانًا لمواطنيها، مع خلق فرص جديدة لمزيد من الابتكارات المربحة الداعمة للاقتصاد السعودي.
تقتضي استراتيجية الهيئة السعودية للفضاء وضع مجموعة من الأهداف الأولية التي تخدم مصالح الأمن الوطني وتحميه من المخاطر المتعلقة بالفضاء وتشجع النمو والتقدم.
وتحدد دور الهيئة السعودية للفضاء في قيادة قطاع الفضاء عن طريق وضع السياسات والاستراتيجيات الوطنية العامة، ومتابعة تنفيذ السياسات والاستراتيجيات الوطنية.
وفي ضوء ذلك فقد تحددت أبرز مهام الهيئة السعودية للفضاء في:
- وضع الخطط والسياسات والبرامج المتعلقة بقطاع الفضاء.
- تنفيذ الاستراتيجية الوطنية للفضاء.
- تنظيم كل ما له صلة بقطاع الفضاء وتطويره.
- تشجيع الأنشطة البحثية والصناعية المتصلة بالفضاء وتحفيزها.
- تنظيم الأقمار الصناعية وتطويرها.
- تنظيم أنظمة الملاحة عبر الأقمار الصناعية.
- تطوير تقنيات إطلاق المركبات الفضائية وخدماتها.
- تعزيز الأمن الفضائي من خلال رصد الفضاء وتتبعه ورصد الحطام الفضائي.
- تطوير وتنفيذ البنية التحتية لقطاع الفضاء.
- تنظيم ما يتصل ببعثات علوم الفضاء والاستكشاف.
- تنمية الكوادر الوطنية في مجال علوم الفضاء ودعمها.
- التعاون مع الجهات الحكومية والهيئات والمنظمات ذات العلاقة بقطاع الفضاء داخل المملكة وخارجها.
- تمثيل المملكة في المحافل الدولية ذات الصلة بقطاع الفضاء.
وقد أطلقت الهيئة السعودية للفضاء، برنامج المملكة لـ”رواد الفضاء”، والذي يهدف لتأهيل كوادر سعودية متمرسة لخوض رحلات فضائية طويلة وقصيرة المدى والمشاركة في التجارب العلمية والأبحاث الدولية والمهام المستقبلية المتعلقة بالفضاء.
- مدينة الملك عبدالعزيز للعلوم والتقنية ودورها في نقل وتوطين التقنية في قطاع الفضاء.
تسعى مدينة الملك عبدالعزيز للعلوم والتقنية إلى تعزيز مكانة المملكة في مجال الفضاء، وذلك من خلال التعاون مع المراكز والهيئات العالميّة في سبيل نقل التقنية، وتأسيس البنى التحتية المتقدمة، وتطوير الكوادر الوطنيّة وتأهيلها. وتواصل المدينة العمل في نقل التقنيات المتعددة في مجال الفضاء وتوطينها، وذلك من خلال معهد بحوث الفضاء والطيران ومراكزها الوطنية المتخصصة في مجالات تقنيات الطيران والأقمار الصناعيّة والمحرّكات النفّاثة والفلك والجيوديسيا والملاحة.
كما تسعى المدينة إلى تحقيق رؤية المملكة 2030 م من خلال برنامج التحول الوطني، في إجراء البحوث والدراسات، وتطوير التطبيقات المختلفة والمشروعات التي تصب في مجال الفضاء ومنها الدراسات الفلكيّة ودراسة النشاط الشمسي ومراقبته، والتداخل بين الرياح الشمسيّة والغلاف المغناطيسي الأرضي، وتأثيرات العواصف المغناطيسيّة على الاتصالات وشبكة الكهرباء وأنظمة تحديد المواقع الجغرافيّة.
ويمكن الإشارة في هذا الصدد إلى أمثلة للمشروعات المنجزة أو طور الإنجاز في هذا الصدد: [2]
- القمر الصناعي السعودي الأول للاتصالات SGS-1
“هو مشروع لتطوير وبناء نموذج هندسي لحمولة رادارية تعد الأولى من نوعها في العالم؛ لدعم التصوير الفضائي الراداري ثنائي التردد . (X and L Band) يتميز هذا النظام بقدرته على رصد الأرض ليلاً أو نهاراً دون التأثر بالظروف المناخية المختلفة واختراق الغطاء السحابي. كما يملك هذا النظام قدرة على التحكم في المجال الراداري والتصوير بأساليب مختلفة، مثل: (StripMap Mode) و(StripSAR Mode)؛ لتلبية احتياجات وتطبيقات مختلفة، مثل: التصوير عالي الدقة، وتصوير مساحات كبيرة من الأرض، ومراقبة السواحل، ومراقبة التغييرات في أماكن محددة من الأرض، ومراقبة مخزون المياه الجوفية، وغيرها”.
- قمر الاستشعار الكهروضوئي عالي الدقة (سعودي سات 5)
“يأتي هذا المشروع ضمن استراتيجية المدينة في مجال توطين صناعة الأقمار الصناعية في المملكة؛ وتماشياً مع رؤية المملكة 2030 الهادفة لزيادة المحتوى المحلي في الصناعات الواعدة ونقل التقنية وتدريب الكوادر السعودية على عمليات التطوير والتصنيع والاختبارات الوظيفية والبيئية والتشغيل للأقمار الصناعية في المعامل والمختبرات المتخصصة التي تم تدشينها في المدينة. كما تهدف المدينة إلى مشاركة الجهات المستفيدة ببناء القطاع الأرضي للمنظومة، من أجل توفير الخدمات للمستفيدين بطريقة فاعلة، ورفع القدرات لدى الجهات.”
- تطوير جيل جديد من أقمار الاستشعار الكهروضوئي (نجم)
“يُعنى المشروع بتطوير وتصنيع وإطلاق وتشغيل جيل جديد من أقمار الاستشعار الكهروضوئي تتميز بصغر الحجم ودقة التصوير العالية، وتركز عمليات التطوير للأنظمة الجديدة على الاستفادة من التطور في مجال الإلكترونيات؛ لتطوير أنظمة أصغر حجماً وأقل وزناً وبمواصفات متقدمة بالاستفادة من الخبرات المتراكمة من عمليات التطوير والإطلاق السابقة للأنظمة المشابهة. كما يأتي هذا المشروع تماشياً مع التوجهات الجديدة في مجال الأقمار الصناعية التي تركز على إطلاق منظومات أقمار لأداء أغراض معينة لتلبية احتياجات المستخدمين في وقت أقصر. وسيكون القمر الجديد مؤهلًا للإطلاق في منظومات، حيث سيحقق صغر الحجم والوزن وفراً اقتصادياً في عمليات الإطلاق، كما ستلبي هذه الأقمار متطلبات تشغيل أقمار الاستشعار عبر تطوير أنظمة تحكم عالية السرعة والدقة، وأنظمة اتصالات لنقل البيانات بسرعات عالية إلى المحطات الأرضية في المدينة. ويأتي مشروع تطوير جيل جديد من أقمار الاستشعار الكهروضوئي (نجم) ضمن استراتيجية المدينة لتوطين صناعة الأقمار الصناعية في المملكة وتماشياً مع رؤية المملكة 2030، ونقل الخبرات والتقنيات وتوطينها في المملكة لتعظيم المحتوى المحلي في صناعة الأقمار محلياً وبكوادر وطنية”.
- توريد الصور الفضائية وكشف التغيرات في المناطق العمرانية بالمملكة
“انطلاقاً من دور مدينة الملك عبدالعزيز للعلوم والتقنية في مجال دعم البحث العلمي والابتكار في المجالات الاستراتيجية الوطنية، والقيام بدور الإسناد التقني للقطاعين الحكومي الخاص من خلال الإمكانيات العلمية والتقنية التي تتملكها والمدعومة بكادر من الباحثين الوطنيين، بما يحقق رؤية المملكة 2030 م، تم توقيع اتفاقية تعاون مشترك بين مدينة الملك عبدالعزيز للعلوم والتقنية ومؤسسة البريد السعودي، لدعم تحديث البنية الأساسية للعنوان الوطني التابعة للبريد السعودي للارتقاء بجودة خدماته. حيث قام المركز الوطني لتقنية الاستشعار عن بعد بتأمين الصور الفضائية الضرورية لمؤسسة البريد السعودي لتحديث خارطة الأساس للعنوان الوطني بالشكل الذي يسهم في متابعة التغيرات العمرانية في جميع مدن ومحافظات المملكة، بما يدعم تقديم الخدمة البريدية بالشكل المناسب”.
- المعوقات التي تواجه برنامج الفضاء السعودي.
في تصور البعض فإن تأخر الهيئة السعودية للفضاء في إعلان برامجها ومشاهدة أثرها المباشر وغير المباشر، سببه عدم بناء الاستراتيجية وإعلانها حتى اللحظة. وهي مهمة ليست بالسهلة، لكنها ليست بالعصية؛ لكن الجهود المبعثرة، قد تكون تسببت في التشتت.. فيقع أحدهم في معضلة رغبة المحافظة على الاستثمارات السابقة ومحاولة جمع كل الفرص.. وهنا قد تكون الحيرة جلية في منظومة الفضاء السعودي.
وبالنظر إلى أن تقنيات الفضاء وما تنتجه من نظام إيكولوجي، تستفيد منها قطاعات وتطبيقات أخرى في الجوانب المدنية والعسكرية، وهذا ما يدعو الدول المتقدمة للانخراط في مجال الفضاء وعلومه. فإن ما تم في المملكة العربية السعودية في مجال الفضاء خلال الأربعين سنة الماضية كان خجولاً إلى حد ما، حيث كان التركيز على تطوير منظومات الأقمار الصناعية (على الرغم من أهميتها) التي يمكن أن نعدها أنظمة اتصالات ومراقبة أكثر من كونها استثمار في مجال الفضاء. فلم نستثمر مثلاً في مجال الإطلاق للفضاء، سواء للأقمار الصناعية أو المركبات وحتى الصواريخ. كذلك لم نرَ مشاركة بحثية للجامعات السعودية والمدينة في مجال علوم الفلك والبرنامج الدولية لاستكشاف الفضاء. والمأمول أن يتم تضمين هذه المجالات في استراتيجية الهيئة السعودية للفضاء، وأن يكون جزءاً من مناهج المرحلة الثانوية في علوم الفضاء.
في المقابل ترى وجهة نظر أخرى أن جهود المملكة في مجال الفضاء تعتبر مميزة، لكن التساؤل: هل كان بالإمكان الذهاب لأبعد من ذلك في السنوات الماضية؟ والتصور أنه بالفعل كانت المملكة تملك القدرات والممكنات للذهاب لأبعد من ذلك.. لكن هذا ينطبق على كل الميادين! في الثقافة، الإعلام، الاتصالات، الرياضة وغيرها! لكن مع رؤية ٢٠٣٠ تم تفعيل الطاقات الكامنة والانفتاح للآفاق. وعليه فربما تأخر الفضاء قليلاً عن الركب، لكنه قادم بقوة.
وكمثال فإن برنامج الأقمار الاصطناعية في مدينة الملك عبدالعزيز للعلوم والتقنية مثال ناجح للتخصص في أقمار صناعية لأغراض خاصة منها الاستشعار عن بعد وأقمار أخرى للاستقدام العسكري. ولكنه لم ينجح تجارياً حينما تحول إلى شركة متخصصة. وقد كان أول قمر صناعي باسم (سات-1) بعام 2000، بينما في عام 2019 تم إطلاق القمر الصناعي SGS-1 متخصص في الاتصالات.
لكن يلاحظ في سياق مكمل أنه في منطقة الشرق الأوسط، تعتبر المملكة رائدة في قطاع الفضاء. والإشكال أن كثيراً من مجالات الفضاء، هي للتطبيقات العسكرية وتتسم بالسرية لذلك كثير من الجهود غير معلنة. ولعل إعلان الأقمار السعودية وتسليط الضوء عليها أتى بعد ٢٠١٦ وتواكب مع التوجه الحكومي بفتح كثير من المجالات ومن أهمها الصناعات العسكرية. أما الإمارات فهناك جهود لأبو ظبي وهناك جهود لدبي، ولكلٍ منهم سياسته. أما دولياً، فهناك أمريكا وروسيا والصين والهند، والاتحاد الأوروبي وألمانيا.
ومن ناحية أخرى للأسف لا يوجد دور رئيسي لجامعاتنا في تعزيز كوادر الفضاء، ففي الجامعات الحكومية لا يوجد تخصص بكالوريوس مستقل يهتم بهندسة الطيران ناهيك عن هندسة الفضاء، الجامعة الوحيدة هي جامعة الملك فهد للبترول والمعادن، بقية الجامعات المتميزة في الهندسة تدرجه كمقرر فقط..
بل في مجالات أسهل وأقل، لا نجد وجوداً للفيزياء الكونية في جامعاتنا ولا دراسات الفلك التي هي جزء من الفيزياء، بل تشترك بنفس نظام الهندسة أن تكون مدرجة كمقرر فقط! وللأسف لم تشمل برامج الابتعاث أي تخصص لبناء قدرات الفضاء.. وكانت هناك مبادرة لمدينة العلوم والتقنية لتحفيز الجامعات من خلال إشراكهم في صناعة نانو ستلايت، لكن التفاعل كان أقل من العادي.
كما أن إعداد العلماء وجذبهم لن يقتصر على وزارة التعليم فدور مدينة الملك عبدالعزيز مهم وكذلك مختلف الجامعات، ومن المفترض أن تساهم المؤسسة أو المركز المعلن عنه مؤخراً المعني بالأبحاث والدراسات في ذلك.
لكن حتى لو مارست الجامعات دورها المشار إليه أعلاه، تظل المعضلة، بعد التخرج، أين يعملون؟ ما هو السوق الذي يحتويهم؟! في مدينة العلوم والتقنية، تم استقطاب أجيال كثر وبناء قدراتهم في تقنيات متقدمة في الفضاء، أين هم؟ تسربوا للأسف لقطاعات عدة بعضها خدمي، حتى مع وجود هيئة الفضاء لم يتم استقطاب كثير منهم.. فقبل تحضير الكوادر، أين الطلب؟ الاستثمار هو الحل، خلق أسواق جديدة حتى لو كان لشركات أجنبية سيجذب بناء القدرات لتحقيق اشتراطات المحتوى المحلي.. هنا فقط يصبح برنامجاً ذا جدوى.
- آليات تعزيز دور المملكة العربية السعودية في مجالات اقتصاد الفضاء.
تسعى المملكة إلى أن يكون قطاع الفضاء مساهِماً رئيساً في ازدهار المملكة وقيادته لتحقيق رؤية المملكة 2030 من خلال تطوير القطاع وتنظيمه وتوفير الممكّنات لتحقيق إنجازات رائدة فيه تنعكس على الاقتصاد المحلي وتخلق قطاعات وأسواقاً جديدة.
عطفاً على التحولات المرحلية لتي نشهدها والسعي للوصول لأهداف الرؤية المنشودة في وضع المملكة في مكانها الصحيح على خريطة السباق العالمي نحو الفضاء من ناحية، ورفد الاقتصاد الوطني بتوطين تقنيات الخدمات الفضائية التي تعد اليوم من أسرع الصناعات نموًا وتملك مستقبلاً كبيرًا تجعل هذه الصناعة المملكة واحدة من أهم المناطق الجاذبة للاستثمار في هذا المجال.
وما قامت وتقوم به مدينة الملك عبدالعزيز للعلوم والتقنية من جهود بحرية وتصنيعية في مجال الفضاء هي بلا شك من أهم الممكنات الحالية بالمملكة في تعزيز الاستثمار بقطاع الفضاء، وخاصة في ظل احتياجات ذلك القطاع إلى مصادر تمويل ضخمة. كما أن إنشاء هيئة للفضاء يعد ركيزة تنظيمية تؤسس قاعدة الانطلاق لمرحلة البناء والتطوير، وأيضاً تمثل هيئة التصنيع الحربي والشركات السعودية شبه العسكرية ومن في شاكلتهم خطوة ثانية للانطلاق ما بعد التمكين؛ لكن الاستثمار في منظومة الفضاء يحتاج تضافر جهود الأطراف المختلفة (العام والخاص والأكاديمي ومؤسسات المال والأعمال) ويحتاج دعماً قوياً من الدولة مالياً وإدارياً وتنظيمياً بشكل أكثر برجماتية وأبعد عن العواطف والبريق الإعلامي؛ بحيث يشمل برامج ومبادرات ومخرجات ملموسة ذات قيمة اقتصادية عالية.
كما أنه لأي بناء قوي ومتين في مجال الفضاء، نحتاج لثلاثة أمور متكاملة:
- بحث وابتكار.
- استثمار.
- كوادر وقدرات.
كلها تغلف بالإطار التنظيمي والتشريعي لتزدهر في مجال معين، ولا يمكن لجهة أن تقوم بكل الأدوار، فالنظام الإيكولوجي (ecosystem) يجب أن يكون موجوداً، ثم ينضج، كما أن وزارة التعليم ركيزة مهمة في بناء القدرات وفي تعزيز البحث والابتكار.
ويرى البعض أننا بحاجة إلى وضع لبنات كبيرة من التوعية العامة، إضافة إلى الدراسات المتخصصة في هذا المجال، حتى نبدأ في سبر أغوار هذا الحقل الجديد. وفي ما يتعلق بمسئولية القطاعات عن التهيئة والتخصيص في ذلك، فهي بلا شك موزعة بين الجامعات ومراكز التخصص.
بينما ثمة آراء أخرى تذهب إلى أنه ومع أهمية التوعية والإعلام في تشكيل شخصية الأجيال القادمة؛ ولكن هذا جانب صغير من الهدف العملي والتطبيقي، فعلى سبيل المثال صناعة الأقمار الصناعية الصغيرة والمتوسطة والكبيرة سواء منها ما هو للمدارات الفضائية المنخفضة أو المتوسطة أو العلية، ممكن البدء فيها بالتعاون مع شركات صينية أو أوروبية والانطلاق بها خلال سنتين وإشراك عدد كبير من أبنائنا وبناتنا خريجي الدبلوم والبكالوريوس تخصص إلكترونيات أو هندسة حاسب، مما يقصر الزمن ويُسهِّل مسيرة نقل التقنية، وبعد ذلك نبدأ في البحث والتطوير العملي التطبيقي ونعدل شفراتها وبرمجياتها بما يخصنا.
ولكي نلج عالم الصناعة، من المهم إعطاء الأعمال التطبيقية مساحة أكبر وتمويل أكثر وجرأة أقوى مما هي عليه الآن، فالبحوث الأكاديمية تملأ الرفوف وأغلب مخرجاتها خدَمَت الباحث في مساره الوظيفي للترقي وخدمتها للوطن محدودة جداً.
ولعل أحد أسباب التقدم في هذا المجال هو اختيار مشروع فضائي وطني يوظف مهارات وقدرات متعددة، ويكون محوراً تتبلور حوله الثقافة والرغبة الوطنية، ويكون محل مشاركة المؤسسات الأكاديمية والصناعية والبحثية ومنبر فخار وطني، المهم الإجادة في اختيار المشروع.
والمعروف أن المشاريع الفضائية تنتج بشكل منتجات جانبية فوائد في مجالات أكثر عملية مباشرة، وتعد الأقمار الصناعية والصواريخ الحاملة لها أحد مجالاتها المتميزة، وقد تكون المشاركة العربية محل نظر خصوصاً مع مصر والإمارات والأردن، كما قد تلعب مراكز البحوث الوطنية دوراً في تحديد المواصفات الوظيفية وترك التطوير لمجموعات صناعية وطنية مع شركاء استراتيجيين من ذوي القدرة والخبرة. وإذا تم ذلك فإنه بشكل شبه آلي سوف يتم تأهيل الشباب والشابات لذلك على كافة المستويات والفروع الفنية.
وفي سياق متصل، فإن مدينة الملك عبدالعزيز للعلوم والتقنية متجهة لتكون معامل وطنية مشتركة؛ بحيث أن الهيئة ستكون راسماً لسياسة البحث وتمويل الأبحاث، وقد تكون معنية باستقطاب العقول، ولعل هذا هو دور الجامعات الطبيعي؛ فإذا عملت بشكل مميز استقطبت العقول، وفي التجارب الدولية تستقطب الجامعات المستثمرين والرياديين ناهيك عن الباحثين.
بالجملة مجالات علوم الطيران والاتصالات من المجالات المتقدمة والمعقدة، فما بالنا بمجال علم الفضاء والأقمار الاصطناعية وغزو الكواكب. فالإسهام العلمي في هذا المجال للمبتدئين لا يكاد يذكر، فمثلاً لو تم هبوط مركبة فضاء سعودية على سطح القمر هل تستطيع أن تزاحم البرامج المتقدمة التي تجهز لها وكالات الفضاء الأمريكية والأوروبية والصينية والهندية والإسرائيلية لحسم معرفة كيف نشأ القمر أو هل هو بالفعل مجوف من الداخل كما يقول بعض العلماء؟ وفي مجال الأقمار الصناعية هل يمكن أن نضيف شيئاً جوهرياً في هذا الشأن إذا كانت شركة SpaceX التي يملكها الملياردير إيلون ماسك تملك حاليا 2300 قمر اتصالات يدور حول الأرض؟ وإذا انتقلنا لفكرة رواد الفضاء والمحطة الدولية الفضائية فماذا يمكن أن نساهم في هذا المضمار المعقد والذي تشترك فيه دول عديدة متقدمة عنا؟
وليس ما تقدم دعوة للإحباط، ولكن المقصود أن الدخول في مجال علوم الفضاء بالهدف (المرحلي) الآن بأننا سوف ننافس ونطور ونحدث ونصل لاكتشافات كبرى تخدم البشرية أمر يصعب تحقيقه.
في المقابل قد يكون من الملائم أكثر أن يكون هدفنا الرئيسي (المرحلي) هو فقط اكتساب المعرفة العلمية know-how فيما يتعلق بالمجالات المرتبطة بعلوم الفضاء مثل علم الصواريخ وتصنيع الأقمار الاصطناعية وتقنيات الاستشعار عن بعد وتصنيع الأجهزة العلمية المسيرة مثل طائرات الدرون أو المركبات الصغيرة المتجولة rovers والتي يتحكم بها عن بعد.
وليس من العيب في المراحل الأولى أن يكون الشخص أو المنشأة أو الهيئة يتعلم بالتدريج وكأنه هاوٍ ومتدرب مستجد. منذ أكثر من عشرين سنة تقام في الولايات المتحدة مسابقات بين الهواة من علماء الصواريخ يمكن تسميتها الصواريخ للهواة amateur rocketry تهدف إلى قيام أشخاص هواة وغير محترفين بتصنيع صواريخ تلامس الفضاء الجوي، وقد تم بالفعل عام 2004 تصنيع صاروخ هواة ارتفع عن سطح الأرض لمسافة 116 كيلومتر. وعلى نفس النسق تقام مسابقات بطولات وأولمبيات تصنيع الروبوت بين طلاب الجامعات في عدد كبير من الدول.
تشجيع الشباب السعودي الهاوي أو شبه المحترف بتصنيع الصواريخ أو طائرات الدرون أو الروبرت أو مركبات الروفر، قد تكون مفيدة أكثر على المدى البعيد في إكساب شبابنا وجامعاتنا وهيئتنا الخبرة والمعرفة الحقيقة للمجالات المرتبطة بعلوم الفضاء، وذلك أفضل من استنساخ تجربة الإمارات بتمويل صناعة مركبة فضاء (مسبار الأمل) من إنتاج شركة أمريكية واستخدام صاروخ فضائي ياباني.
في حين أنه ثمة آراء تنطلق من أن الفضاء ليس كتلة، يؤخذ كله أو يترك.. كما أنه قد يكون استثناء من المقولة “ابتدئ حيث انتهى الآخرون”.. ربما الأجدر أن يكون شعارنا، ابتكر حيث تزاحم الآخرون. والمقصود هو الخروج بتوجه ابتكاري لا يعتمد على بناء قدرات عميقة في الفضاء بل بقدرات تعتمد أو تستغل الفضاء، ابتكار تطبيقات بسيطة لاحتياجات واضحة قد يكون السر.. فلننطلق من تطبيقات الفضاء ونحدد التقنيات اللازمة لتنفيذها. كذلك هنالك أمر مهم، نحن في زمن قد لا يقبل معه التعلم المرحلي، فالمعلومة والوصول لها الآن أصبح سهلاً جداً، ويمكن البدء بشكل قوي وكبير حسب الممكنات. فنحن كمن يبني منزلاً، لا يصح أن نجعله يتدرج من الخيمة إلى العشة إلى بيت الطين حتى يصل للبناء الحديث.. فالتجارب مرصودة والممارسة موجودة، السؤال: هل نملك الممكنات لبناء ناطحة السحاب؟ ولعل وجود مجتمعات الهواة لأي أمر وفي أي مجال، دليل تشبع أو زخم للمجال، والأمنية أن نصل لهذه الدرجة فهي علامة إيجابية، وكندا خير مثال للمنافسة في الفضاء من خلال استغلاله. أما فيما يخص صناعة الصواريخ، فلعلها من أصعب الصناعات في الفضاء؛ فمنصات الإطلاق وصواريخها معدودة في العالم! ولكن السر يكمن في تحديد الاستراتيجية، فلا يجب أن تكون كل الفضاء فهو حلم مستحيل، ولا تكون بدون الفضاء فهو تفويت للفرص.
كذلك من الجوانب المهمة التي يمكن إيلاؤها الاهتمام هو الأقمار الصناعية لتحديد المواقع، حيث يوجد في العالم أنظمة أمريكية لتحديد المواقع متاحة مجاناً ولكنها تحت سلطة القطاع العسكري الأمريكي. وكذلك يوجد نظام صيني وآخر روسي وربما هندي. ولكن لا يوجد نظام سعودي أو عربي. وهذه الأنظمة هامة جداً. وقد يكون من الضروري أن تتبنى الحكومة السعودية بناء نظام خاص بها ومتاح لحلفائها.
وبالنظر إلى أن مشروعات الفضاء ضخمة وطموحة ولها كذلك جانب أمني وطني مهم، ثم يفترض أن تبقى ضمن أولويات واهتمامات الدولة لكي تقوم عليها وتنجزها. هذه المشروعات ستتطلب تعاقد الدولة مع جهات خارج المملكة ممن تتوفر على التكنولوجيا المتقدمة.
أما المشروعات التجارية الناشئة والخاصة بالفضاء فقد لا تكون بذات الإمكانات والأهداف التي تتوفر للدولة، ولكن يمكن تجزئة المشروعات الحكومية الفضائية إلى مشروعات صغيرة ومتعددة يُطرح بعضها للقطاع الخاص وذلك لإشراكه في هذه الصناعة لدخول السوق من جهة، ومن جهة أخرى لتخفيف العبء على الدولة وعدم تفردها بجميع المهام. فكثير من المشروعات الصناعية الضخمة والمتقدمة بما فيها صناعة الأسلحة تضطلع بها عدة شركات وليست شركة واحدة، وذلك حسب تخصص كل شركة وهذا الأمر قد ينطبق على صناعات الفضاء.
ومن جانب آخر، فلعلنا في الوقت الراهن لا نحتاج أن يكون لدينا مركبات فضائية، فوجود رواد الفضاء أمر مستقل عن منصات الإطلاق ومستقل عن وجود مركبات فضائية، وهذا الجميل بالفضاء، النطاق عريض وكبير والتكامل سمته؛ فمن الذكاء أن تملك كامل سلسلة القيمة، وهي من القوة والاستقلال.. لكن يمكن أن تسهم في جزء من سلسلة القيمة، وإن كان فمن الذكاء أن تكون في أول السلسلة.
كذلك ومع أن البرنامج الوطني لتقنية الأقمار الاصطناعية في مدينة الملك عبدالعزيز للعلوم والتقنية حقق نجاحات في بناء وإطلاق أقمار صناعية؛ إلا أنه ليس بمستوى النجاحات في القطاعات الأخرى. ولعل الأمر يتطلب تخصصاً أو تحديد مجالات الاستثمار.
وبالنظر إلى أن المملكة تعتبر الدولة رقم ١٣ من حيث المساحة، والانتشار الحضري متباعد، لذلك فإن تمديد البنى التحتية الأساسية قد يكون مكلفاً. وهذه العوامل مغرية في مجالات كثيرة للاعتماد على أنظمة وتطبيقات الفضاء. لذلك فإن تهيئة البيئة التنظيمية لاستثمارات الفضاء، وفتح السوق للشركات الأجنبية سيحفز القطاع بشكل قوي لاستقطاب للكوادر وتحقيق البناء التراكمي ومن ثم فرض قيود التوطين والمحتوى المحلي. كما أن خلق البيئة الاستثمارية سيحفز بناء المنظومة.
ومما ينبغي الاهتمام به عندما نتحدث عن كيفية تطوير المملكة للقطاع البحثي والتطوير التقني فيما يتعلق بأبحاث الفضاء، أهمية التركيز على ذلك بالتزامن مع إقامة مراكز بحثية متخصصة في تأثير السفر إلى الفضاء على جسم الإنسان، تتخصص وتركز على دراسة الحالة الصحية لرواد الفضاء، وطبيعة غذائهم خلال رحلاتهم الفضائية.
ومن المتعارف عليه أن هذا النوع من الدراسات قد يستغرق سنوات طويلة لظهور نتائجها؛ فهي تعتمد على مراقبتهم صحيًا طوال مدة الرحلة وتستمر بعد عودتهم للأرض لفترات طويلة، وتحتاج لرصد ميزانيات كافية لتهيئة البيئة المحفزة للبحث والابتكار وتعزيز ثقافة البحث والابتكار في مجال الفضاء.
وهنا لا بد من التنويه بأهمية أن تتولى إدارة هذه المركز إدارات عصرية واعية تحفز موظفيها للتقدم ببحوث ترقى إلى تحقيق مكانة مهمة وسبق علمي للمملكة في مجال الفضاء، وتحرص على تحويل الأبحاث المتميزة لتحقيق قيمة اقتصادية مضافة ورفد السوق بشركات متخصصة. وتزويد هذه المراكز البحثية بمختبرات تخصصية تعمل على تقديم تدريب وتأهيل خريجي علوم الفضاء ليكونوا رواد فضاء على كفاءة عالية.
كما أن بعض الدراسات المطبقة على مرتادي الفضاء، تؤكد أهمية إقامة المملكة لمستشفيات متخصصة، ومراكز رياضية خاصة لرواد الفضاء تساعدهم من خلال علاجات طبية وأنظمة غذائية وتمارين رياضية معينة على استعادتهم لكامل صحتهم، وبالأخص كثافة المعادن في العظام على الأرض التي من المحتمل أن تتناقص خلال رحلاتهم الفضائية. كما تساعد أيضًا في وضع الخطوات الطبية الوقائية التي يمكن أن تخفف من إصابتهم مستقبلًا بما يسمى بالأمراض الفضائية. وهذا يستلزم بالتالي ضرورة تهيئة وتدريب الكوادر الوطنية لذلك، بإنشاء أقسام خاصة في كليات الطب والعلوم التطبيقية بالجامعات السعودية تعني بدراسة كل ما يتعلق بالتغيرات والمستجدات على جسم الإنسان خلال سفره للفضاء وبعد عودته. وقد يكون من الأفضل التوصية بإنشاء جامعة طبية منفصلة متخصصة في هذا المجال.
وما تقدم يمكن أن تسهم فيه أي دولة لا تملك وجود في الفضاء ولا تملك ولا رائد فضاء واحد.. لكنها ستصبح مطلباً لكل الدول التي لديها برامج رواد فضاء.
ولو أن دولة قررت خوض ميدان دراسات جسم الإنسان وتأثيرات الجاذبية عليه، فكل ما تحتاجه هو فريق بحثي موجه لهذه النوع من الدراسات ومعامل تمكنهم من محاكاة الفضاء. فعلى سبيل المثال يوجد طائرة صُمِّمت لتحاكي انعدام الجاذبية، ويتم استئجارها لتنفيذ التجارب والتدريب الأولي لرواد الفضاء. ويمكن استخدام نفس هذه الفكرة للمعامل، من خلال: (وجود فريق بحثي، وإيجاد معامل محاكاة، وتوفير الدعم المالي) ما يمكن المملكة من أن تصنع توجهاً وتخدم برامج رواد الفضاء دون أن تملك واحداً.
- نماذج لمشروعات قابلة للتطبيق في قطاع الفضاء على المستوى الوطني.
يمكن في هذا الصدد الإشارة إلى نموذجين من المشروعات القابلة للتطبيق في قطاع الفضاء ويمكن للمملكة العربية السعودية أن تستثمر فيهما على المستوى الوطني:
- نادي الإبل، ألزم ملاكها بوضع شريحة (خاملة) للتعرف عليها وتسجيل تاريخها التجاري وملاكها.. ولنتخيل لو أن هذه الشريحة حية، ويمكن تتبعها لحظياً! هذا سيحد من تسيب الماشية وتتبع تحركاتها، وفي حال اقتحمت المناطق المحمية يمكن محاسبة المالك، وكذلك يمكن تعزيز السلامة المرورية بنشر مواقع الماشية بشكل مباشر لمرتادي الطرق السريعة والتي تكثر بها حوادث السير بسبب الإبل مثل طريق الجنوب. وللقيام بذلك، نحتاج لشبكة اتصال تغطي المساحة الشاسعة للمملكة.. لا يمكن ذلك إلا بتغطية ساتاليتيه.
- تحتضن المملكة الربع الخالي، ويتم تفاديه في الملاحة الجوية وذلك لعدم وجود أبراج مراقبة جوية، لو تم عبوره، سيوفر ٢٥٪ من الوقود المستهلك للخطوط المستهدفة، وتكلفة بناء أبراج المراقبة وانعدام الكثافة السكانية لبناء مدن حولها تجعل المشروع غير مجدٍ! الآن نستطيع عمل ذلك من خلال الأقمار الاصطناعية، بل بسبب التقدم يمكن تحميل القمر أكثر من مهمة للخروج بفوائد اقتصادية تجعل المشروع مجدياً.
- التوصيات
- استغلال مناطق المملكة المناسبة لتأسيس محطات إطلاق مركبات فضائية.
- وضع استراتيجية لتكامل اقتصاديات الفضاء مع استراتيجية الاستثمار في المملكة وتتوافق مع رؤية المملكة ٢٠٣٠.
- تعزيز مشاريع وبرامج بناء القدرات الوطنية لتشمل مجالات الفضاء.
- يراعى في اختيار المشاريع الفضائية الأولى أن تكون شاملة ومتعددة الاستخدام وعميقة التأثير بهدف أن تحقق الزحم المناسب لتطوير المهارات الفنية ويكون محور تتبلور حوله الثقافة والرغبة الوطنية.
- تأسيس صندوق لاستثمارات الفضاء يعنى بتقديم الدعم المالي للمؤسسات الصغيرة والمتوسطة المتخصصة في تقنيات الفضاء، وفي تمويل المشاريع الضخمة (جيجا).
- دراسة المشروعات التنموية الوطنية التي يمكن رفع كفاءة تنفيذها عبر تقنيات الفضاء.
- تأسيس برنامج للتعليم والتدريب في مجالات الفضاء تختص بتطوير قدرات وطنية لريادة الفضاء وتأهيل الفرق الفنية اللازمة.
- العمل مع المؤسسات الدولية لبناء مشاريع مشتركة للاستثمار في الفضاء ولنقل التقنيات المناسبة للمملكة.
- شمولية برامج استثمار الفضاء وتقنياته لتشمل كافة جوانب الحياة والمجتمع.
- العمل مع حلفاء المملكة لتأسيس منظومة أقمار صناعية لتحديد المواقع بديلاً عن نظام gps الأمريكي.
- ضرورة أن تعمل الهيئة الخاصة بالفضاء مع وزارة التعليم لوضع مناهج وبرامج تعليمية للتخصصات الفضائية على وجه الخصوص وعلى التخصصات البينية بشكل عام.
- ضرورة أن تعمل هيئة الفضاء مع الجهات الحكومية المختصة ومع مؤسسات القطاع الخاص لوضع التشريعات والبرامج التنفيذية لتعزيز ودعم وتنمية منظومة الابتكار والبحث العلمي في مجالات الفضاء.
- دعم مشاريع البحوث التطبيقية في مجالات الفضاء لدى القطاع الخاص بشكل أساسي وبالتعاون مع الجامعات ومراكز البحوث العلمية.
- تشجيع برامج نقل المعرفة لدى صندوق الاستثمارات العامة وشركة ارامكو السعودية (برنامح نماءات) ومدينة الملك عبدالعزيز للعلوم والتقنية وما ماثلها والشركات الكبرى ذات العلاقة بقطاع صناعات وتطبيقات الفضاء على تطوير برامج التحالفات العالمية لنقل تقنيات وتطبيقات الفضاء وبرامج المحتوى المحلي المرتبط بقطاع الفضاء وتوطينها في المملكة.
- إعادة تأهيل الباحثين عن عمل؛ سواء من حملة الشهادة الجامعية أو الدبلوم العام، من منظور صناعة المهارات والخبرات اللازمة وفق خطة ممنهجة تقترن بتعزيز مشاريع وبرامج بناء القدرات الوطنية لتشمل مجالات الفضاء مباشرة، بالتنسيق مع الشركات الكبيرة عالميًا في هذا المجال لتدريبهم وتأهليهم.
- المصادر والمراجع
- الهيئة السعودية للفضاء، متاح على الرابط الإلكتروني: https://saudispace.gov.sa/about-us-ar
- مدينة الملك عبدالعزيز للعلوم والتقنية، متاح على الرابط الإلكتروني: https://kacst.gov.sa/internal/5258
- السعودية تطلق برنامج رواد الفضاء وتعلن عن موعد “الرحلة الأولى”، 22 سبتمبر 2022، متاح على الموقع الإلكتروني: https://www.alhurra.com
- الأمم المتحدة: تكنولوجيا الفضاء وتنفيذ خطة عام 2030، متاح على الرابط الإلكتروني: https://www.un.org/ar/59036
- المملكة على أعتاب مرحلة جديدة من “صناعة الفضاء”، 18 مارس 2022، متاح على الرابط الإلكتروني: https://www.spa.gov.sa/2204490
- رؤية السعودية تتجاوز الكوكب.. خطة المملكة صوب اقتصاد الفضاء، 30 يوليو 2021، متاح على الرابط الإلكتروني: https://al-ain.com/article/saudi-ambitions-beyond-planet-space-economy
- أحمد طاهر: السعودية وعصر الفضاء: حلم يتحول إلى واقع، 4 يناير 2019، متاح على الرابط الإلكتروني: https://arb.majalla.com/node/49216
- المشاركون.
- الورقة الرئيسة: د. حسين الجحدلي
- التعقيب: د. عبدالرحمن العريني
- إدارة الحوار: د. عبدالعزيز الحرقان
- المشاركون بالحوار والمناقشة:
- د. محمد الثقفي
- د. فوزية البكر
- اللواء فاضل القرني
- د. أحمد الغامدي
- د. أحمد المقصودي
- ا. فائزة العجروش
- د. حمد البريثن
- د. وفاء طيبة
- د. ماهر الشويعر
- أ. فهد الأحمري
- د. عبدالاله الصالح
- د. خالد الرديعان
- م. أسامة كردي
- د. خالد المنصور
- د. رياض نجم
- م. عبدالله الرخيص
[1] – الهيئة السعودية للفضاء، متاح على الرابط الإلكتروني: https://saudispace.gov.sa/about-us-ar
[2] – مدينة الملك عبدالعزيز للعلوم والتقنية، متاح على الرابط الإلكتروني: https://kacst.gov.sa/internal/5258