أكتوبر – 2022
تمهيد:
يعرض هذا التقرير قضية مهمة تمَّ طرحهم للحوار في ملتقى أسبار خلال شهر أكتوبر 2022م، وناقشهم نُخبة متميزة من مفكري المملكة في مختلف المجالات، والذين أثروا الحوار بآرائهم البنَّاءة ومقترحاتهم الهادفة؛ بينما جاءت القضية بعنوان: مستقبل الهيدروجين الأخضر كطاقة نظيفة بالمملكة، وأعد ورقتها الرئيسة م. إبراهيم ناظر، وعقب عليها كلاً من أ. فائزة العجروش، أ. مازن ظريف، وأدار الحوار حولها أ. علاء الدين برادة.
القضية الثانية
مستقبل الهيدروجين الأخضر كطاقة نظيفة بالمملكة
(17/10/2022م)
- الملخص التنفيذي.
- الورقة الرئيسة: م. إبراهيم ناظر
- التعقيبات:
- التعقيب الأول: أ. فائزة العجروش
- التعقيب الثاني: أ. مازن ظريف (ضيف الملتقى)[1]
- إدارة الحوار: أ. علاء الدين برادة
- المداخلات حول القضية
- الاستخدامات العامة للهيدروجين الأخضر.
- طرق إنتاج الهيدروجين الأخضر.
- جدوى استخدام الميثان المنتج من الصرف الصحي.
- مستقبل إنتاج الهيدروجين من مشتقات النفط.
- مدى إمكانية تصدير المملكة للهيدروجين الأخضر.
- السيارات الهيدروجينية والسيارات الكهربائية: الواقع والصعوبات.
- التحديات التي تواجه إنتاج الطاقة المتجددة.
- آليات الإفادة من الهيدروجين الأخضر كطاقة نظيفة بالمملكة.
- التوصيات
- المصادر والمراجع
- المشاركون
- الملخص التنفيذي.
تناولت هذه القضية مستقبل الهيدروجين الأخضر كطاقة نظيفة بالمملكة العربية السعودية. وأشار م. إبراهيم ناظر في الورقة الرئيسة إلى أن المملكة ملتزمة بالانتقال إلى نظام طاقة أنظف وأكثر استدامة، إذ تُعد الطاقة مدخلًا أساسيًا في معظم عمليات الإنتاج في القطاع الصناعي، وعنصرًا لا غنى عنه في تنويع الصادرات واستراتيجيات استبدال الواردات. وقد قطعت المملكة العربية السعودية شوطًا كبيرًا في إطار رؤية 2030 من حيث تنويع مصادر الطاقة وزيادة المحتوى المحلي وذلك من خلال تطوير قطاعات صناعية جديدة والاستفادة من سلاسل الإمداد الحالية، في الوقت الحاضر، فشهرة الهيدروجين الأخضر والأزرق تزايدت على مستوى دولي باعتبارهما صادرات قيمة ومصادر واعدة للطاقة النظيفة.
بينما أكَّدت أ. فائزة العجروش في التعقيب الأول على أن الهيدروجين الأخضر من المشاريع الطموحة التي توجّهت نحوها بوصلة السعودية لتحجز مكانها ضمن قائمة الدول الرائدة في قطاع الطاقة المتجددة في خضم التوجه العالمي الواسع نحو الطاقة النظيفة للحد من تغير المناخ. وكذلك في إطار سعيها الدائم نحو تحقيق طفرة نوعية في مختلف المجالات والقطاعات، بعيدًا عن الاعتماد الأساسي على النفط. وعلى الرغم من أن تكاليف إنتاج الطاقة المتجددة تزيد على تكاليف الطاقة الأحفورية، عدا صعوبات التوسع في استخدامها، فإنها تعد ضرورة في تحقيق مؤشرات التنمية المستدامة، وذلك لدورها الإيجابي في الحد من التلوث البيئي وتنويع مصادر استهلاك الطاقة.
في حين ذكر أ. مازن ظريف في التعقيب الثاني أن معظم المؤشرات تشير إلى أن الأمونيا قد تكون الخيار الأفضل في الوقت الراهن للمملكة. قد يتغير هذا مستقبلاً حسب تطور تقنيات نقل الهيدروجين أو في حال إنشاء خطوط أنابيب إذا ثبت جدواها.
وتضمنت المداخلات حول القضية المحاور التالية:
- الاستخدامات العامة للهيدروجين الأخضر.
- طرق إنتاج الهيدروجين الأخضر.
- جدوى استخدام الميثان المنتج من الصرف الصحي.
- مستقبل إنتاج الهيدروجين من مشتقات النفط.
- مدى إمكانية تصدير المملكة للهيدروجين الأخضر.
- السيارات الهيدروجينية والسيارات الكهربائية: الواقع والصعوبات.
- التحديات التي تواجه إنتاج الطاقة المتجددة.
- آليات الإفادة من الهيدروجين الأخضر كطاقة نظيفة بالمملكة.
ومن أبرز التوصيات التي انتهى إليها المتحاورون في ملتقى أسبار حول القضية ما يلي:
- البدء في إنشاء البنية التحتية لتمديد شبكات الغاز الطبيعي حالياً أو الهيدروجين مستقبلاً لتوصيله للتجمعات الصناعية في الجبيل وينبع والمدن الصناعية وغيرها، مما يعني الحل الأمثل لتحديات نقل الهيدروجين والغاز عموماً، وذلك ضمن مبادرة وزارة الطاقة (لإزاحة الوقود السائل) الاحفوري.
- سن التشريعات والسياسات التي تؤصل وتمهد وتحفز على استخدام الطاقة المتجددة والنظيفة في التصنيع خاصة والأنشطة الاقتصادية عموماً.
- الاستثمار في بحوث وتقنيات الطاقة المتجددة محلياً بتوحيد الجهود تحت مظلة مدينة الملك عبدالله للطاقة الذرية والمتجددة وخارجياً عن إبرام اتفاقيات التعاون مع الدول المتقدمة في مجال الطاقة المتجددة.
- الاهتمام بتصميم وبناء وإدارة سلسلة التوريد الخضراء GSCM وفق المفاهيم الحديثة لإدارة سلسلة التوريد والإدارة البيئية، والعمل على التحسين المستمر لمدخلاتها وعملياتها ومخرجاتها وفق تعزيز الاستدامة البيئية.
- على الشركات زيادة الاهتمام بالتأثير السلبي للمنتجات على البيئة والمجتمع، وضرورة تبني مفاهيم التصنيع الأخضر؛ لتجنب حصول النفايات السامة والخطرة وتقليل الهدر في الإنتاج وهذا جانب من مسؤوليتهم الاجتماعية والأخلاقية.
- الورقة الرئيسة: م. إبراهيم ناظر
المملكة العربية السعودية ملتزمة بالانتقال إلى نظام طاقة أنظف وأكثر استدامة، إذ تُعد الطاقة مدخلًا أساسيًا في معظم عمليات الإنتاج في القطاع الصناعي، وعنصرًا لا غنى عنه في تنويع الصادرات واستراتيجيات استبدال الواردات (Import substitution industrialization) وقد قطعت المملكة العربية السعودية شوطًا كبيرًا في إطار رؤية 2030 من حيث تنويع مصادر الطاقة وزيادة المحتوى المحلي، وذلك من خلال تطوير قطاعات صناعية جديدة والاستفادة من سلاسل الإمداد الحالية، في الوقت الحاضر، فشهرة الهيدروجين الأخضر والأزرق تزايدت على مستوى دولي باعتبارهما صادرات قيمة ومصادر واعدة للطاقة النظيفة.
ما هو الهيدروجين الأخضر كوقود للمستقبل؟
الهيدروجين الأخضر هو وقود خالٍ من الكربون، يُنتج من الماء عبر فصل جزيئات الهيدروجين فيه عن جزئيات الأكسجين من خلال استخدام كهرباء، تُوّلد من مصادر طاقة متجددة مثل طاقة الرياح أو الطاقة الشمسية، وبذلك تكون النتيجة هيدروجين خالياً من الكربون تمامًا، ويتميز الهيدروجين الأخضر بأهداف حماية البيئة ومكافحة الاحتباس الحراري لكونه لا يولد إنتاجه واستخدامه كوقود ثاني أوكسيد الكربون أو تلوث في الهواء.
الهيدروجين الأخضر هو أنظف أنواع هذه العائلة (هناك أيضًا الهيدروجين الأصفر والرمادي والأزرق وغيرها وهذه المسميات تطلق حسب المادة الخام والطاقة المستخدمة في إنتاجه) لكن بتكلفة نحو 6 دولارات للكيلوغرام، يعتبر الأخضر هو أغلى شكل من أشكال الهيدروجين في الإنتاج، والهيدروجين الأخضر أغلى مرتين إلى ثلاث مرات من الهيدروجين الأزرق وفقًا لتقرير ديسمبر 2020 الصادر عن الوكالة الدولية للطاقة المتجددة، لكن من المتوقع أن تنخفض تكلفته في السنوات العديدة المقبلة مع تحسين تكنولوجيا التحليل الكهربائي وتوسيع نطاق هذه التكنولوجيا إلى مستويات الإنتاج الصناعية.
الهيدروجين “الأخضر” يختلف عن الهيدروجين “الرمادي” والذي يشكل اليوم نحو 99% من الهيدروجين المنتج للاستخدام الصناعي.
يتم التحصل على الهيدروجين “الرمادي” بصفة أساسية من الغاز الطبيعي، وينتج عن ذلك كميات كبيرة من ثاني أكسيد الكربون (تسعة أجزاء من ثاني أكسيد الكربون لكل جزء من الهيدروجين).
ويمكن إنتاج الهيدروجين منخفض الغازات الدفيئة من الغاز الطبيعي مع احتجاز الكربون ويطلق عليه (الهيدروجين الأزرق)، أو من مصادر الطاقة المتجددة (الهيدروجين الأخضر).
الوقود الذي سيُستعان به لإمداد مدينة نيوم بالطاقة وتصديره من نيوم للخارج .
المملكة ستكون رائدة في مجال إنتاج الهيدروجين وتتوفر لديها جميع الإمكانات وتمتلك مصادر لطاقة الهيدروجين وكل الفرص المتاحة.
تتطلب عملية إنتاج الهيدروجين الأخضر عددًا من العوامل التي نجدها متكاملة في المملكة العربية السعودية ما يجعلها مثالية وجاهزة لاعتماده ومنها مساحة أراضيها الشاسعة وسواحلها الممتدة على البحر الأحمر والخليج العربي، وموقعها الأمثل ذو المعامل عالية السعة لمصادر الطاقة المتجددة (الطاقة الشمسية وطاقة الرياح)، والتي ستقوم بتغذية عمليات التحليل الكهربائي للماء وتفككه إلى جزيئات الهيدروجين والأكسجين، وفي الشرق الأوسط تتوافر أرخص طاقة رياح وشمس في العالم، مما يؤهل المنطقة أن تكون لاعبًا رئيسيًا في سوق الهيدروجين الأخضر مستقبلاً، ويقول رئيس برنامج الاختراق التكنولوجي بمعهد “روكي ماونتن” الأمريكي “السعودية تمتلك طاقة متجددة منخفضة التكلفة بشكل لا يصدق حيث الشمس مشرقة طوال الوقت والرياح تهب بشكل موثوق كل ليلة لذا من الصعب هزيمتها”.
كما يبدي القطاع الصناعي السعودي إقبالًا كبيرًا على تطوير إمكانات وتقنيات الهيدروجين الأزرق، الذي ينتج باستخدام الغاز الطبيعي من خلال إعادة تشكيل غاز الميثان بالبخار (إصلاح البخار) والتقاط النواتج الكربونية بالتزامن مع إعادة استخدامها أو تخزينها للاستخدام في وقت لاحق ويمكن فيما بعد توظيف الهيدروجين الأخضر والأزرق للاستخدام المحلي للطاقة أو اعتبارهما مصدر دخل عبر تصديرهما في شكل أمونيا للمشترين العالميين.
يتم تشييد أكبر وحدة صناعية في العالم لإنتاج “الهيدروجين الأخضر “بطاقة تبلغ نحو أربعة غيغا واط من الكهرباء يجري توليدها من الطاقة الشمسية وطاقة الرياح بنيوم.
أعلنت نيوم في شهر أغسطس من عام 2020 عن إنشاء مصنع سعودي للهيدروجين الأخضر بقيمة خمسة مليارات دولار أمريكي يعمل بسعة أربعة (غيغا واط) من الطاقة المتجددة والمشروع سيصبح جاهزاً بحلول 2025 ويهدف إلى إنتاج 650 طنًا من الهيدروجين الأخضر يوميا و1.2 مليون طن من الأمونيا الخضراء سنوياً، وتصديره للأسواق العالمية ليكون أكبر مشروع هيدروجين في العالم حالياً ويساهم ذلك في الحد من انبعاثات غاز ثاني أوكسيد الكربون بما يعادل 3 ملايين طن سنوياً والمصنع مدعوم بالكامل من طاقتي الشمس والرياح، وسيجعل السعودية من بين أكبر صانعي الهيدروجين الأخضر في العالم عندما يتم افتتاحه في عام 2025.
وتم التعاقد مع إحدى الشركات الأمريكية على إنشاء المصنع ضمن مشروع نيوم للهيدروجين الأخضر (شركة إير برودكتس مع أكوا باور مع شركة نيوم).
والسعودية لديها خطط “طموحة “ستصبح بلا منازع أكبر مصدر للهيدروجين الأخضر على وجه الأرض و(الأمونيا الخضراء العصا السحرية) في تحول للطاقة النظيفة.
ظهرت الأمونيا الخضراء خيارًا آخر قد يصبح أكثر أهمية من الهيدروجين الأخضر، الذي يُنظر إليه بوصفه الوقود النظيف الأمثل في تحوّل الطاقة من الوقود الأحفوري إلى الطاقة المتجددة، إذ يبحث العالم عن الطريق الأسرع للوصول على الحياد الكربوني.
والأمونيا في حدّ ذاتها ليست جديدة على العالم، إذ تُنتَج بكميات كبيرة في جميع أنحاء العالم لاستخدامها في الأسمدة الزراعية، ولكن عملية إنتاجها تعتمد على الغاز الطبيعي أو أنواع الوقود الأحفوري الأخرى في الإنتاج، لكن الجديد أن انتشار الطاقة الشمسية والهوائية في الآونة الأخيرة، وعدم القدرة على تخزين الكهرباء في الأوقات التي لا يحتاجها الناس، وإنتاج الهيدروجين الأخضر وصعوبة تخزينه ونقله فتح المجال أمام إنتاج الأمونيا الخضراء كطاقة متجددة وتخزينها واستخدامها وقت الحاجة إليها عن طريق تفاعل الهيدروجين والنتروجين معًا عند درجات حرارة مرتفعة وضغط عالٍ، وينتج عن عملية تصنيع الأمونيا الخضراء هذه الماء والنيتروجين وهما منتجات ثانوية فقط غير ملوثة، مما يقلل ويدعم عملية خفض الانبعاثات الكربونية عالميًا، ويجعل إنتاج الأمونيا الخضراء الخيار المفضل في الوصول إلى الحياد الكربوني بحلول عام 2050.
وتمثّل الأمونيا الخضراء حلاً مجديًا لتخزين الطاقة المبددة، خاصةً أنه يمكن نقلها بسهولة، ولها استخدامات متعددة، إلّا أن هناك عقبات حقيقية، أهمها التكلفة وكونها مادة خطرة.
وقد أعلنت أرامكو السعودية في سبتمبر من عام 2020 عن تصديرها لليابان أربعين طنًا من الأمونيا الزرقاء عالية الجودة والمخصصة لاستخدامها في توليد الطاقة منعدمة الانبعاثات الكربونية، وهي الشحنة الأولى من نوعها في جميع أنحاء العالم.
كما وقعت المملكة وألمانيا مذكرة تفاهم للتعاون في مجال إنتاج الهيدروجين وتصديره خلال السنوات القادمة، حيث وقع المذكرة وزير الطاقة الأمير عبد العزيز بن سلمان والوزير الاتحادي للشؤون الاقتصادية والطاقة في ألمانيا بيتر ألتماير.
الاستخدامات وتطبيقات الهيدروجين
الصناعات المرشحة للاستفادة من هذا الوقود، تشمل الطائرات، والسفن، والشاحنات والسيارات التي تعمل بخلايا احتراق الوقود الهيدروجينية، التي تقطع مسافات طويلة، والصناعات الثقيلة وإنتاج الأمونيا والأسمدة، وتشهد العديد من الدول تنفيذ مشاريع توليد الهيدروجين الأخضر منها بعض دول الخليج ومصر.
ويمكن استخدام الهيدروجين بطريقتين على نطاق واسع، حيث يمكن حرقه لتوليد الحرارة أو تغذيته في خلية وقود لتوليد الكهرباء، ولذلك تطبيقات عديدة يمكن أن يدعمها الهيدروجين الأخضر من بين التطبيقات التي يمكن أن يدعمها هذا الوقود السيارات والشاحنات الكهربائية التي تعمل بخلايا الوقود الهيدروجينية وسفن الحاويات التي تعمل بالأمونيا السائلة المصنوعة من الهيدروجين، وهو أيضًا بديل موثوق للغاز الطبيعي للطبخ والتدفئة في المنازل، ويمكن الاستفادة منه في تشغيل مصافي “الصلب الأخضر” التي تحرق الهيدروجين كمصدر للحرارة بدلاً من الفحم، وأيضًا يمكن للتوربينات الكهربائية التي تعمل بالهيدروجين، توليد الكهرباء في أوقات ذروة الطلب للمساعدة في تثبيت شبكة الطاقة.
إن المملكة ستكون رائدة عالميًا في اقتصاد الهيدروجين وتحافظ على مكانتها كرائدة في مجال الطاقة في القرن الحادي والعشرين.
التحديات التي تواجه استخدام الهيدروجين الأخضر
- ارتفاع تكلفة إنتاج الهيدروجين الأخضر بسبب تكلفة إنتاج الكهرباء من مصادر الطاقة المتجددة حالياً (الطاقة الشمسية والرياح).
- تكلفة وحدات الاحتراق للهيدروجين المستخدمة حالياً لا تزال مرتفعة.
أما عن التحديات التي تواجه استخدام الهيدروجين الأخضر كوقود للسيارات فتتضمن:
- قلة المحطات التي تقدم الهيدروجين كوقود للسيارات، حيث إن عددها في العالم حالياً لا يزيد عن 407 محطة منها 120 محطة في اليابان.
- عدم تجهيز البنية التحتية للهيدروجين في أكثر الدول مثل النقل والتخزين.
المراجع
وزير الطاقة: “السعودية ستصبح أكبر مُصدر للهيدروجين في العالم”، العربية، 19 نوفمبر 2020
“الوقود الجديد القادم من المملكة العربية السعودية”، BBC News عربي.
محمد الصبحي (الرياض) (26 مارس 2021)، “كيف سيقود الهيدروجين الأخضر ثورة الطاقة الجديدة ؟”، Okaz،
تعاون سعودي ألماني في إنتاج وتصدير الهيدروجين”، RT Arabic، مؤرشف من الأصل في 25 أبريل 2021، اطلع عليه بتاريخ 20 أبريل 2021.
- التعقيبات:
- التعقيب الأول: أ. فائزة العجروش
الهيدروجين الأخضر من المشاريع الطموحة التي توجّهت نحوها بوصلة السعودية لتحجز مكانها ضمن قائمة الدول الرائدة في قطاع الطاقة المتجددة، في خضم التوجه العالمي الواسع نحو الطاقة النظيفة للحد من تغير المناخ. وكذلك في إطار سعيها الدائم نحو تحقيق طفرة نوعية في مختلف المجالات والقطاعات، وطرح أفكار خارج الصندوق لتلبية طموحات رؤية 2030، نحو مستقبل مزدهر يدعم وينوع من دخل اقتصاد البلاد، بعيدًا عن الاعتماد الأساسي على النفط.
وعندما نسترجع سويًا أن من أهم الانعطافات العلمية التي مرت بتاريخ الإنسانية ومراحل تطورها، اكتشاف الإنسان منذ القدم لطرائق مختلفة لتسخير مصادر الطاقة الطبيعية التي يُطلَق عليها الآن مصادر الطاقة المتجددة قبل ظهور مصادر الطاقة الأحفورية بآلاف السنين، واحتلال الطاقة على مر العصور مكانة مهمة بين وسائل العمل الإنسانية التي لا يمكن الاستغناء عنها، منذ بدء البشرية. إذ عرف الإنسان كيف يوقد النار بحك العصي الصلدة بعضها ببعض واستخدامها في التدفئة والطهي، ثم روَّض الحيوانات لغرض حراثة الأرض والتنقل، ثم تعلم كيف يستفيد من حركة المياه والرياح في تسيير السفن الشراعية وطحن الحبوب. ومن أشعة الشمس لتجفيف الملابس والأطعمة. وبفضل نضوج العقل البشري، انتفع الإنسان من بعض مصادر الطاقة الرئيسية المتاحة التي وفرتها له الطبيعة من حوله، وطوعها لخدمته بفضل مهارات وخبرات متواضعة متولدة من نظرية التجربة والخطأ فحسب، ومن دون أي تكنولوجيا بمفهومها الحالي.
ومع تعدد المتطلبات وتطور العقول البشرية الخلاقة، تجاوزت معدلات نمو مصادر الطاقة الأحفورية وإنتاجها واستهلاكها معدلات نمو مصادر الطاقة المتجددة وإنتاجها بأضعاف مضاعفة، وبرزت عملية الاختيار بين مصادر الطاقة، ولا سيما مصادر الطاقة المتجددة التي تتطلب تكنولوجيا ذات مراحل متقدمة تفي بإنتاج الطاقة منها إلى أقصى حدود الطلب العالمي المتزايد، في ظل طلب مستدام على الطاقة وكضمان لأجيال المستقبل.
في بداية تعقيبي سأحاول أن أتطرق لبعض المعلومات المكملة لما ورد في ورقة م. إبراهيم من معلومات قيمة وإضافية حول الهيدروجين الأخضر واستخداماته والتوقعات المستقبلية حول دور المملكة القيادي في إنتاجه. وسينقسم التعقيب لقسمين: الأول سيتناول الأثر البيئي والاقتصادي لتوجه المملكة في هذا المجال، والثاني سيتم التركيز فيه على الوضع الحالي وتقديم بعض التوصيات اللازمة.
ولنتفق أولًا، على أن ما يقلق الجميع رغم أنه لن يكون هناك نقص في مصادر الطاقة المتجددة الرئيسة في الأرض، وهي: الإشعاعات الشمسية وطاقة الرياح وطاقة المياه، هو مدى استمرارية توافر مصادر طاقة رخيصة وصديقة للبيئة ويسهل تداولها في آن واحد.
والسعودية من الدول التي فطنت إلى أهمية استخدام مصادر الطاقة الخضراء من أجل تنويع ميزان الطاقة العالمية، ودورها في تعزيز مؤشرات التنمية المستدامة في ظل التوجه العالمي نحو الاقتصاد الأخضر، والحيلولة دون تفاقم مسألة التلوث البيئي التي توسعت آثارها، وأصبحت مسألة عالمية ينبغي التصدي لها للحفاظ على ما تبقى من النظام البيئي العالمي، ومن أجل ضمان مصادر دخل قومي أخرى غير الاعتماد على النفط؛ لتلبية المتطلبات المتزايدة من الطاقة، بغية الابتعاد عن شبح انخفاض أسعار النفط الذي يظهر بين الفينة والأخرى (والذي يتلخص في صعوبة إجراء التوازن ما بين حجم الإنتاج من جهة وحجم الاستهلاك من جهة أخرى)، والحفاظ على مصادر الطاقة الأحفورية من النضوب. وكذلك كإجراء استباقي تحسبًا من المخاوف المتعلقة بتغير المناخ والاحتباس الحراري واحتمال فرض ضريبة الكربون على استخدام الفحم والغاز. علاوة على السعي إلى حماية البيئة الطبيعية من التلوث الناجم عن استهلاكها؛ الأمر الذي استدعى نشأة الاهتمام بها النابع من مسؤولية بيئية.
- الأثر البيئي
لأن السعودية تمتع بموارد طاقة متجددة وفيرة تمكنها من الإنتاج والتصدير، يعد الهيدروجين الأخضر أحد أهم البدائل النظيفة التي تراهن عليها، إلى جانب الطاقة الشمسية وطاقة الرياح، لسد حاجياتها، وتصدير الفائض. وتحقيق طموحها في أن تكون أكبر منتجي الهيدروجين عالميًا مستقبلًا.
لعل أكثر ما يلفت في مشروع الهيدروجين الأخضر، وهذا الاهتمام المُتزايد من قبل حكومتنا بإنتاج الطاقة البديلة والمتجددة، ليس فقط سعي المملكة للحاق بركب الموجة العالمية التي تهدف إلى إنتاج واستخدام الطاقة النظيفة والمتجددة، ولا وعيها بخطر شح الموارد الحيوية الذي يهدد كوكب الأرض برمته، وإنما فوق ذلك كله، يُبرهن على التوجه الرشيد للحكومة في الحد من استخدام أنواع الطاقة الملوثة للبيئة والمتسبب الأول في الاحتباس الحراري؛ فالهدف هنا ليس مجرد جلب الربح واستقطاب رؤوس الأموال فقط، وإنما وأحد أبرز تجليات المسؤولية البيئية للمملكة، والسعي لخلق بيئة خالية من الكربون عن طريق إزالته وتقليص نسبته في الهواء، وضمان عدم إلحاق الضرر بشكل عام.
ونظرًا لأنَّ المملكة ذات باع كبير في هذا المضمار، فقد كان قرار الإسراع نحو استخدام الطاقة البديلة، هو للاستفادة من كافة المنافع المتحققة، والعمل على تفعيل استراتيجية الطاقة البديلة بشكل أكثر جدية وفعالية، لا سيما وأنَّ بلادنا تزخر بأجواء شمسية شديدة الحرارة، ومناخنا هذا سيساعد كثيراً على نجاح تجارب الطاقة الشمسية، واستخدام الألواح الشمسية وضبطها في الاستخدامات اليومية بشكل عام وفي إنتاج الهيدروجين الأخضر بشكل خاص، والذي سيعمل على نقلة نوعية في استخدام الطاقة لتحويل الأزمات إلى فرص، وجعل المنتجين والمستهلكين حلفاء معًا في حماية البيئة.
ذكر م. إبراهيم أن المصنع الذي أعلنت عن إنشائه السعودية لإنتاج الهيدروجين الأخضر – سيكون جاهزًا بحلول 2025-، يعد أكبر مشروع هيدروجين في العالم حتى الآن، وسيعمل كمصدر للطاقة النظيفة المطبقة على نطاق واسع؛ ليحد بذلك من انبعاثات ثاني أكسيد الكربون في العالم بمعدل يقارب ثلاثة ملايين طن سنويًا، والقضاء على انبعاثات الضباب الدخاني والملوثات بما يعادل ما تنتجه نحو 700 ألف سيارة. الأمر الذي يمكن السعودية من تولي دور قيادي في مرحلة التحول العالمي في مجال الطاقة وإرساء مكانتها على خارطة تطوير إنتاج الهيدروجين النظيف، ويسهم كذلك في توحيد الجهود لبناء القدرات ومشاركة أفضل الممارسات وتمهيد الطريق للتعاون العالمي في هذا المجال.
- الأثر الاقتصادي
بلا شك ستعود مشاريع إنتاج الهيدروجين الأخضر بالخير والنفع على الوطن؛ فالهيدروجين أصبح الخيار المفضل لسد فجوة الطلب مع استمرار نمو الاقتصادات، وعالمية أزمة الجفاف التي طالت دولًا مختلفة في قارات متنوعة، والتوقعات بشأن آثارها على أسواق الطاقة والتي قد تصبح أكبر بكثير حسب توقعات المحللين من الغزو الروسي لأوكرانيا وما تبعه من عقوبات.
بالإضافة إلى ما أشارت له التوقعات الدولية من توسع الطلب على الهيدروجين الأخضر بسرعة، وذلك لأن جميع الدول تقريبًا التزمت بإزالة الكربون من اقتصاداتها في العقود القادمة. وبالمثل، أعلنت العديد من الشركات الكبرى عن خطط لخفض بصمتها الكربونية إلى صافي الصفر، وهذا يتطلب زيادة هائلة في الطاقة المتجددة لتحل محل محطات الطاقة القائمة على الوقود الأحفوري. في الوقت نفسه، يجب تخصيص حصة كبيرة من الطاقة المتجددة لإنتاج الهيدروجين الأخضر لاستبدال الوقود الأحفوري في الأنشطة (التي يصعب تخفيفها) ولا يمكن إمدادها بالكهرباء بسهولة. وهذا ينطبق بشكل أساسي على إنتاج الصلب والمواد الكيميائية الأساسية وكذلك في الطيران والشحن والنقل بالشاحنات لمسافات طويلة، وينبغي ملاحظة أن الهيدروجين الأخضر يعتبر مكملاً للكهرباء، وليس بديلاً.
ويوضح الشكل أدناه الاستبيان الذي قامت به منصة (الطاقة)، وهي أول منصة عربية متخصصة في الطاقة والذي يوضح التباين في استراتيجيات الهيدروجين الوطنية للدول. حيث تسعى 47% منها لتصبح مصدراً صافياً له، في حين تساوت نسبة الدول التي تريد أن تصبح مركزًا لتجارة الهيدروجين مع الدول غير المهتمة 17%، فيما أظهر الاستبيان أن 15% ترغب في أن تظل مستورداً له، فيما كانت النسبة الأقل من الدول 4% تهدف لتحقيق الاكتفاء الذاتي فقط.
وعندما نتحدث عن الجانب الاقتصادي لأهمية إنتاج الهيدروجين الأخضر في السعودية، نجده كبداية يتناسب مع تطبيق نظرية الاقتصاد الكلي في مجال قانون الندرة، فالكمية المستهلكة من الطاقة المستنفذة لا بد أن يقابلها بديل بالكمية نفسها حتى يضمن ديمومتها؛ الأمر الذي توفره مصادر الطاقة المتجددة.
كما أن تكاليف إنتاج الطاقة المتجددة تتناقص مع مرور الزمن بسبب اقتصادات الحجم، على العكس من تكاليف إنتاج الطاقة الأحفورية التي تتزايد لندرتها؛ فتكاليف بناء محطاتها تسمى (مبدئية التحميل)، بمعنى أن تكاليفها مكلفة نسبيًا. في حين أن تكاليف تشغليها رخيصة نسبيًا، حالها حال بناء المحطات النووية. وأسواقها بشكل عام لا يمكن إخضاعها لأنواع أسواق الاحتكار الشائع في الأسواق الرأسمالية، عدا صناعة توربينات الرياح التي تخضع لسوق احتكار القلة، وعندما يتم التوسع في نشاط هذا النوع من التكنولوجيا، سيساهم هذا التسارع في خفض التكاليف كذلك، وحينها يمكن أن نرى التأثير المضاعف خارج قطاعات تخزين الطاقة وتوليد الكهرباء والنقل.
ولأن الغاز الطبيعي، يعد المصدر الرئيسي للهيدروجين اليوم، وهو متوفر لدينا بكميات كبيرة وأسعار منافسة ستتمكن السعودية مستقبلًا من تصدير الهيدروجين الأخضر بتكلفة تنافسية للقطاعات الصناعية الأخرى.
بالإضافة إلى أن لدينا آلاف من الكيلومترات على السواحل البحرية، الأمر الذي يساعد أيضًا على استخلاص الهيدروجين الأخضر انطلاقًا من تحلية مياه البحر، وهي طريقة أقل تكلفة.
هذا عدا أن كبار المصنعين يدركون جيدًا أن الاستثمارات اليوم تميل نحو المنتجات المستدامة، وبسبب انخفاض أسعار إنتاج الطاقة المتجددة مع مرور الزمن، كما أوضحنا أعلاه؛ سيكون لدى المستثمرين مبرر لضخ المزيد من الاستثمارات في تكنولوجيا الطاقة المتجددة، مما يقود إلى ازدهار صناعة الهيدروجين الأخضر في السعودية خلال السنوات القادمة.
لذا فمن المتوقع، أن تحقق صناعة الهيدروجين في السعودية ما يلي:
الكثير من الفرص الصناعية والعملية للمواطنين في مجال إنتاج الصناعات التحويلية، والطاقة المتجددة، فضلًا عن تعزيز قدرات المملكة الصناعية للتعاون، والعمل مع جميع دول العالم المتقدم بكل يسر وسهولة في إنتاج الطاقة النظيفة.
وتفتح الباب أمام نقلة نوعية في قطاع إنتاج الطاقة وتسويقها؛ بل ويدعم التحول في نموذج إنتاج الطاقة بفضل الإمكانيات الواعدة، فضلًا عن تعزيز خطط الاقتصاد الأخضر، ودفع الجهود الرامية لتقليل الاعتماد على الوقود الأحفوري والطاقات غير المُتجددة.
عدا أنها ستوفر فرص عمل متنوعة لأبنائنا؛ سواء من خلال التوظيف المباشر عن طريق العمل في الشركة المالكة للمشروع، أو توظيف غير مباشر، من خلال المؤسسات المشاركة في التنفيذ، علاوة على ما تضخه هذه المشروعات من قيمة محلية مضافة، بفضل المشتريات المحلية الداخلة في المشروع، والاستعانة بشركات ومؤسسات وطنية ومقاولين يشاركون في بناء هذه المشاريع.
وبلا شك أن انطلاق السعودية نحو هذا النوع من الطاقات المُتجددة، سيعزز من مكانتها الدولية وإسهاماتها في حماية البيئة، أيضًا سيحقق الربح المادي المأمول، في ظل حرص كبار المستثمرين من مختلف دول العالم على شراء الكميات المنتجة من هذه الطاقة من مصدر مُؤثر لطاقة الهيدروجين النظيف من المملكة التي ستكون من بين أكبر صانعي الهيدروجين الأخضر في العالم بعد افتتاح المصنع المشار إليه في الورقة. إلى جانب زيادة حصيلة الدولة من الإيرادات غير النفطية، مع بدء تسويق وبيع مُنتجات طاقة الهيدروجين – وقود المستقبل -، فضلاً عن جذب الاستثمارات، المحلية والأجنبية، وتوطين التقنيات الحديثة، وسن أفضل السياسات والمُمارسات.
أمر آخر لا ينبغي أن نغفل عنه، ونحن نتابع مثل هذه الأنباء الطموحة، أن كل هذا سيعمل على تعزيز أمن الطاقة، وهذا مصطلح مُهم وينبغي علينا جميعًا أن نُدرك أبعاده؛ ففي ظل التصارع الحاصل على مصادر الطاقة، إلى جانب التطور المتسارع في تقنيات إنتاج الطاقة (الرياح- الشمس- النووي)، فإنَّ تأمين إنتاج الطاقة محليًا يساعد على الحفاظ على أمن الطاقة، وبمعنى أوضح: استقلالية الحصول على مصادرنا من الطاقة، فلا نكون تحت رحمة الأسعار الدولية وتقلباتها، فضلاً عن تحقيق التقدم المأمول في زيادة الإنتاج المحلي وتخزينه وتصديره.
ومثل هذا التحول نحو الطاقة المُتجددة، يزيد من رسوخ مكانة السعودية في أسواق الطاقة العالمية، بالتوازي مع توجه كبرى الدول الصناعية والاقتصادات العالمية نحو الطاقة النظيفة.
فالمستقبل المشرق الذي نطمح له مرتكزين على رؤيتنا الوطنية “2030”، يُتيح المجال أمام كل الشركات والخبرات لكي تساهم في إدارة التحول نحو إنتاج الطاقة المتجددة، مستفيدين في ذلك من الإمكانيات الواعدة التي تزخر بها المملكة، وتوافر المواد الخام، أو الموقع الجغرافي الداعم لهكذا إنتاج من الطاقة. وإذا انطلق قطاع الهيدروجين الأخضر حقًا، فسيكون لدى الشركات المصنعة التي تعتمد على الهيدروجين خيار سلسلة توريد أكثر استدامة للاختيار من بينها في المستقبل.
السيناريو الواقعي
نحن نُعتبر في السعودية من الدول المتقدمة في خيارات الطاقة، لكن من المهم أن نمضي بشكل تدريجي وفق الإطار العام للتحول في هذا المجال، ومن دون أن نستبق الخطوات؛ لأن الأمر قد لا ينحصر بقرار بل بحقائق علمية وعملية مدروسة عن الوضع الحالي والتوقعات المستقبلية مع أهمية التركيز على أن الاستراتيجيات الواقعية أهم بكثير من الاستراتيجيات المتفائلة، ومن أهمها:
- لا يزال الهيدروجين الأخضر مكلفًا، وبالتكلفة الحالية لا يمكنه منافسة الهيدروجين المنتج بالوقود الأحفوري؛ لكن من توقعات المحللين نستطيع أن نستشف أن ذلك ممكن، أن يتغير مستقبلًا لثلاثة أسباب: أولاً، تسعير الكربون يزيد من تكلفة الوقود الأحفوري البديل، والمعايير العامة والخاصة تجعل من استخدام البدائل منخفضة الكربون أمرًا إلزاميًا. ثانيًا، عند تناقص متوسط السعر العالمي للطاقة المتجددة بسرعة. ثالثًا، من التوقعات أن يؤدي الابتكار التكنولوجي ووفورات الحجم إلى تقليل تكلفة المحلل الكهربائي بشكل كبير وتحسين كفاءة تحويل الطاقة المتجددة.
- الهيدروجين الأخضر عبارة عن مشاريع طويلة الأجل – تعد الطاقة المتجددة استثماراً طويل الأجل بسبب طول معياري فترة الاسترداد والتفريخ – يبلغ عمرها التشغيلي نحو 25 عامًا، لذلك يحتاج المستثمرون إلى أن يكونوا قادرين على إجراء دراسات جدوى وافرة وواقعية من حيث التكلفة.
- من العوامل المحددة الرئيسية للقدرة التنافسية في عطاءات الطاقة المتجددة الوصول إلى التمويل الرخيص؛ وهذا يمكن أن يؤدي إلى استبعاد مشاركة الشركات المحلية في تطوير مشاريع الطاقة المتجددة، وجذب مشاركات أكبر من مطوري المشاريع الأجانب – بسبب جدارة ائتمانية أكبر – ومصادر التمويل الأجنبية – نظرًا لقدرتها على تقديم التمويل في ظروف أفضل والإلمام بتسعير الطاقة المتجددة والمخاطر المترتبة على المشروع. وبدلاً من ذلك. وأحد الحلول المقترحة أن تساعد الحوافز الاستثمارية والتمويل المشترك مع البنوك المحلية في بناء القدرات والسماح بمشاركة أكبر للشركات المحلية في هذه المشاريع.
- لا زلنا بحاجة إلى القيام بجمع البيانات الضرورية لتقصّي الاتجاهات المرتبطة بتطوّر اقتصاديات تكنولوجيا الطاقة المتجددة؛ لفهم الدور الذي يمكن أن تقوم به هذه التكنولوجيا في خلق التحول لقطاع الطاقة من حيث ((تكاليف تكنولوجيا الطاقة المتجددة، تكاليف الإنتاج وتعريفة الاستهلاك، التنبؤات المستقبلية والسيناريوهات البديلة، تقييم التقنيات واعتمادها، سلسلة القيمة وتحليل التكنولوجيا ذات الصلة، تحليل القوانين الصادرة، وما هو حجم السوق وما هي التوقعات في السنوات القليلة المقبلة؟)). وهذا يمكن أن يكفل تلبية الأهداف المشتركة بين القطاع العام والخاص والتي تتمثل في التوصُّل إلى قطاع استثماري واعد للطاقة المتجددة، الذي يتسم بأنه قطاع جاذب وآمن وموثوق.
- حيث إن جميع الدراسات تدل بشكل قطعي على أن الطلب على الوقود الأحفوري في إنتاج الكهرباء سيظل موجوداً لسنوات عديدة قادمة، والعمل من أجل خلق مزيج من الطاقة، أفضل بكثير من العمل على فرض أنواع متعددة من تقنيات الطاقة المتجددة، ويكمن الحل هنا في خلق منظومة متكاملة تسهم في توفير مزيج طاقة قوي ومستدام يحفظ استقرار الطاقة في المستقبل.
- صحيح أن دولتنا شرعت مبكرًا في التخطيط لتحفيز القطاع الخاص والمستثمرين المهتمين بقطاع الطاقة المتجددة في المملكة، وقدمت مبادرات عدة تهدف إلى تفعيل وتعزيز دور الطاقة البديلة في منظومة الطاقة وفي المنظومة الاقتصادية على حد سواء، بالتوجه إلى زيادة المحتوى المحلي في سلاسل القيمة الصناعية والخدمية وتوطين الدراية الفنية فيها واستثمارها تجاريًا، وتأهيل رأس المال البشري اللازم. الأمر الذي سيكون له فوائد كبيرة في المستقبل القريب، ليس فقط من الناحية الاقتصادية، ولكن أيضاً من حيث نوعية الحياة للشعب السعودي؛لكن ذلك قد يستغرق وقتاً طويلاً لفهم قواعد المحتوى المحلي والعثور على برامج لتحفيز المُصنِّعين على الاستثمار وخلق قدرة تنافسية لمنتجات الطاقة المتجددة المحلية دون التأثير على تكاليف المشاريع.
خاتمة
على الرغم من أن تكاليف إنتاج الطاقة المتجددة تزيد على تكاليف الطاقة الأحفورية، عدا صعوبات التوسع في استخدامها، فإنها تعد ضرورة في تحقيق مؤشرات التنمية المستدامة، وذلك لدورها الإيجابي في الحد من التلوث البيئي وتنويع مصادر استهلاك الطاقة. والاستثمار في الطاقة المتجددة لتحريك الاقتصاد أمر يصب في مصلحتنا الاستراتيجية ويساعد في مكافحة تغير المناخ العالمي وخلق فرص عمل جديدة وتوطين سلسلة القيمة. ونظراً لخططنا الانتقالية لإنتاج الكهرباء من الطاقة البديلة، بالإضافة إلى مصادر الطاقة المتجددة التي توفر سرعة الانتقال وحجم التنفيذ، نجد أنه من المطلوب تفعيل مصادر الطاقة الشمسية الكهروضوئية الصغيرة مع خلق إطار تنظيمي وتشريعي مدروس يضمن وصولًا مستدامًا وعادلًا للطاقة للجميع من حيث المنفعة والأسعار، وحتى يمكن تجاوز التحديات التي تعوق التوسع في إنتاج الطاقة المتجددة في أي دولة.
وتشير الدراسات إلى أهمية اتباع مسارين تنمويين لرفع نسبة مساهمة إنتاج مصادر الطاقة المتجددة في إجمالي إنتاج الطاقة في الدولة، يتعلق أولهما بخفض إجمالي استهلاك الطاقة عن طريق سياسة ترشيد الطاقة والتصدي للضياع في إجمالي الطاقة، ويتحدد ثانيهما باستخدام التكنولوجيا بهدف رفع كفاءة الأجهزة والآلات؛ ووسائل إنتاج الطاقة المتجددة ووسائل استهلاك الطاقة. ولهذه العوامل وغيرها، نورد هنا بعض التوصيات الهامة:
- التعجيل في البنية التحتية أمر في غاية الأهمية وبالأخص في مشاريع الطاقة المتجددة كجزء من تحريك العجلة.
- لا بد من الشفافية في طرح المشاريع الاستثمارية من قبل الجهة المعنية حتى نكون أكثر جذباً للأعمال (business attraction) وللمستثمرين من الخارج، وتسهيل الإجراءات حتى لا يغلب عليهم التردد بسبب التأخير أو التداخلات.
- تسريع عمل البرامج والمبادرات الحالية أهم من البحث عن مزيد من الصفقات؛ حتى تتحقق الفائدة المرجوة ونرى الانعكاسات الإيجابية على الاقتصاد السعودي وعلى قطاع الطاقة المتجددة حتى لا نعود لنقطة الصفر.
- إعادة صياغة السياسة الاقتصادية للحد من التأثيرات الاقتصادية وتحسين الحراك الاجتماعي، ومواءمة الأهداف الجديدة مع الأداء الاقتصادي.
- العامل المهم في رسم إنتاج الطاقة المتجددة هو مدى اعتماد سياسة طاقة ملائمة تأخذ بالأوضاع المحلية الواقعية والابتعاد عن مفهوم الإنتاج المظهري للطاقة المتجددة، بهدف الحصول على مستوى متقدم في مؤشرات الطاقة المستدامة العالمية، على حساب مصالحنا الاستراتيجية.
- تكييف استراتيجيات الدولة الصناعية بشكل استباقي لتوقع ما سينطوي عليه الاعتماد العالمي المتزايد للهيدروجين الأخضر على تنميتها الصناعية في العقد المقبل، مع التطلع لأن تصبح دولتنا فاعلًا رئيسيًا في تصدير الهيدروجين الأخضر إلى دول العالم بتكاليف جد تنافسية، من خلال تحقيق الآتي:
- جذب المزيد من الاستثمارات الأجنبية في مجال التطورات التكنولوجية لإنتاج الهيدروجين الأخضر، بما في ذلك إقرار حوافز إضافية للاستثمار في هذا المجال. ووضع الإطار التنظيمي الصحيح لجذب المستثمرين في هذا المجال، وهذا يتطلب أنظمة وتشريعات واضحة، فضلاً عن بيئة استثمارية مستقرة وجذابة.
- تبني سياسات داعمة تساهم في رفع نسبة مساهمة الطاقة المتجددة من إجمالي استهلاك الطاقة، من خلال رفع كفاءة استخدام الطاقة الأحفورية وترشيد استهلاكها وخفض الاستثمار فيها للحد من نموها المفرط، فضلًا عن اعتماد سياسات الإحلال وإفساح المجال أمام القطاع الخاص للولوج في إنتاجها.
- السعي الحثيث إلى مفهوم الإبداع الذي يضع المهارات والخبرات العملية كلها في تطوير صناعة الطاقة المتجددة بشكل عام وبإنتاج الهيدروجين بشكل خاص، بغية النهوض بواقعها وتحويل معارفهم العلمية والمختبرية واقعًا ملموسًا.
- يجب أن تُبنى قواعد ومعايير المحتوى المحلي بتقييم للقدرات المحلية الحالية وإمكانيات السوق، من خلال التشاور المفتوح مع أصحاب الصناعة والمستثمرين (المحلي والدولي).
- يحتاج برنامج المحتوى المحلي إلى النظر في التغيير التكنولوجي المستمر، سواء من حيث البناء الديناميكي للقدرات المحلية وكذلك هيكل التكلفة المتغير لمصادر الطاقة المتجددة – لا سيما بالنظر إلى انخفاض التكاليف الرأسمالية لهذه التقنيات بشكل جذري في السنوات الأخيرة.
- التعقيب الثاني: أ. مازن ظريف
أشار التقرير إلى مصطلح الهيدروجين الأخضر والهيدروجين الأزرق، وهذا يعطي دلالة مباشرة إلى العملية التي تم إنتاج الهيدروجين من خلالها. ففي حالة الهيدروجين الأخضر يتم إنتاج الهيدروجين عن طريق عملية التحليل الكهربائي والذي تمده الطاقة المتجددة بالطاقة، أما في حالة الهيدروجين الأخضر فيتم ذلك عبر عملية إعادة تشكيل الميثان بالبخار steam methane reforming مع التقاط ثاني أكسيد الكربون. كلا العمليتين إنتاج منخفض الكربون؛ لكن إذا تم النظر للانبعاثات الكربونية عبر دورة الإنتاج الكاملة فقد تجد انبعاثات كربونية بنسب منخفضة حتى في حالة الهيدروجين الأخضر.
من المثير للاهتمام أن تقرير وكالة الطاقة الدولية لعام 2021 بعنوان Global Hydrogen Review أشار لوجود تصنيف للهيدروجين مبني على ألوان حسب طريقة الإنتاج وعدم وجود إجماع عالمي على هذا التصنيف، في نفس السياق أشار تقرير وكالة الطاقة الدولية إلى أنه سيتجنب التصنيف المبني على الألوان وسيستخدم مصطلح الهيدروجين منخفض الكربون ليشمل ذلك الهيدروجين المنتج باستخدام الطاقة المتجددة أو الطاقة النووية أو الوقود الحيوي أو الوقود الأحفوري المقترن بالتقاط الكربون، واعتبار كل طرق إنتاج الهيدروجين هذه سبلاً للتحول للطاقة النظيفة.
لتبني وجهة نظر موحدة حول المصطلح الأنسب بما يضع المصلحة الوطنية للمملكة أولاً، يستحسن تجنب التصنيف المبني على الألوان قدر الإمكان واستخدام مصطلح الهيدروجين النظيف أو المنخفض الكربون بدلاً من ذلك للأسباب التالية:
- مصطلح الهيدروجين النظيف يشير لخفض الانبعاثات وهو المستهدف الرئيس حسب اتفاقية باريس، والانحراف عن هذا المستهدف بالنظر للمصدر تشتيت للجهود يدعم وجهة النظر المعادية للوقود الأحفوري بشكل غير موضوعي.
- الميزة التنافسية للمملكة فيما يخص الهيدروجين تتمثل في قدرتها على إنتاج الهيدروجين بكلفة منافسة لقدرتها على توليد طاقة متجددة بكلفة ضمن الأرخص عالمياً وأيضاً عن طريق الموارد الهيدروكربونية والتي هي بطبيعة الحال ضمن أقل دول العالم في كلفة الاستخراج. هذه ميزة تنافسية ستميز المملكة عن تشيلي مثلاً والتي تعتمد استراتيجية الهيدروجين فيها على الطاقة المتجددة بشكل مطلق أو روسيا مثلاً والتي ستعتمد على الغاز الطبيعي في حال إنتاج الهيدروجين. فبالتالي اجتماع الميزتين النادرتين في المملكة هو ما سيمكنها من الإنتاج بكميات تجارية ضخمة وبكلفة هي الأرخص عالمياً.
- إنتاج الهيدروجين في المملكة سيتم غالباً عن طريق شركات وطنية مختلفة، قد تتنافس فيما بينها على نفس الحصص السوقية، وينبغي إبقاء المنافسة على الكلفة وكفاءة الإنتاج وأيضاً خفض الانبعاثات، أما وسم الهيدروجين بألوان قد يؤدي إلى مفاضلة غير عادلة.
كلفة الإنتاج:
أشار التقرير إلى كلفة إنتاج الهيدروجين بحدود 6 دولار للكيلوغرام، اقترح التأكيد على مصدر هذا الرقم مع إظهار التفاوت عالمياً كلفة إنتاج الهيدروجين بالتحليل الكهربائي حسب كلفة الطاقة المتجددة بدول مختلفة، فإن كان مبلغ 6 دولارات لكل كغ معدل فلا بد من وجود انحراف معياري عن هذا المعدل يضع دولا ما ضمن الأعلى من ناحية كلفة الإنتاج والتي قد تتجاوز ال6 دولار بكثير وأيضاً وجود دول تقل كلفة الإنتاج فيها عن هذا الرقم بكثير، كالمملكة مثلاً، إضافة إلى دول أخرى، الإشارة لهذه الدول ستثري المحتوى، حيث إن عدداً منها لديهم استراتيجية وطنية تم نشرها للعموم وقد تتضمن هذه التقارير كم وكلفة الإنتاج.
الأمونيا ونقل الهيدروجين:
أشار التقرير إلى أهمية الأمونيا، ولكن لوضع الأمونيا في سياقها المناسب، فهي أحد الحلول لأكبر المعضلات التي تواجه مستقبل الهيدروجين ألا وهي نقله وتخزينه. وهذا موضوع ضخم ومتشعب، ولكن اختصاراً يمكن القول بأنه حتى في حال انخفاض كلفة إنتاج الهيدروجين فإن عملية تخزينه ستكون مكلفة -لم يشر التقرير لهذا ضمن التحديات. يوجد عدد من الحلول لشحن الهيدروجين عبر تسييله أو استخدام تقنية LOHC أو تحويل الهيدروجين إلى أمونيا. معظم المؤشرات تشير إلى أن الأمونيا قد تكون الخيار الأفضل في الوقت الراهن للمملكة، قد يتغير هذا مستقبلاً حسب تطور تقنيات نقل الهيدروجين أو في حال إنشاء خطوط أنابيب إذا ثبت جدواها.
- المداخلات حول القضية
- الاستخدامات العامة للهيدروجين الأخضر.
ظَل الهيدروجين مصدر الطاقة النظيفة المنسي منذ عقود، تحديداً منذ أن تم اقتراحه لأول مرة كمصدر للطاقة المتجددة، ويوجد للهيدروجين الأخضر العديد من الاستخدامات التي تمس حياة الناس مباشرة، ويتميز استخدام الهيدروجين في الطاقة بأنه متنوع بشكل مذهل، ومن الممكن استخدامه كوقود للسيارات والشاحنات والقطارات بدلاً من الديزل مثلاً… وأيضاً يمكن استخدامه لتوليد الكهرباء، وممكن أن يكون لقيم لمنتجات أخرى الميثانول مثلاً وأيضاً يدخل في صناعات كثيرة. فهو ناقل للطاقة، ومخزن للطاقة، ووقود، ولقيم في نفس الوقت.
بخصوص استخدام الهيدروجين في النقل، السيارات مثلاً، تستخدم تقنية خلايا الهيدروجين، وهنا تُصمَّم السيارات وتُنتَج بهذه المواصفات ولا يتم تعديل السيارات الحالية. من الممكن استخدام الهيدروجين مع محركات الانفجار الداخلي التقليدية؛ لكن هذا المسار ليس التوجه في مركبات الهيدروجين، مثلاً سيارة تويوتا موراي هي سيارة تعمل بخلايا الهيدروجين fuel cell technology
الهيدروجين الأخضر هو مصدر للطاقة، وهو ما يؤهله لتحقيق هدف تعويض أكثر من 10 مليارات برميل من النفط من الاستهلاك العالمي للطاقة، في غضون العام 2050 حسب بعض الدارسات، وكذلك هو بديل للطاقة الملوثة في الصناعات مثل المستخدمة في تكرير البترول والفولاذ.
ويحل الهيدروجين الأخضر مشكلة كبيرة كانت تواجه الطاقات المتجددة، إذ يعتبر إنتاجه بواسطة طاقتي الريح والشمس نوعاً من التخزين، (مخزن للطاقة) حيث تُحوَّل الطاقة الناتجة عن استغلال أشعة الشمس والريح، إلى طاقة هيدروجينية يمكن استغلالها في تشغيل محركات السيارات أو أي استعمالات ميكانيكية أخرى، مع ضمان خلو مسار إنتاج الطاقة هذا من أي انبعاثات غازية مضرة؛ لكن التحدي الذي يواجهه هو أنه يحتاج إلى خزانات ذات مواصفات خاصة لتخزينه ونقله إلى مستهلكيه وإلي درجات برودة منخفضة جداً لتسييله، لذا يتم تحويله إلي الأمونيا الخضراء والتي تُنتج عن طريق تفاعل الهيدروجين والنتروجين معًا عند درجات حرارة مرتفعة وضغط عالٍ، وينتج عن عملية تصنيع الأمونيا الخضراء الماء والنيتروجين منتجات ثانوية فقط وتُعرف هذه العملية بعملية هابر-بوش (Haber-Bosch)، وهي الطريقة الرئيسة في إنتاج الأمونيا الخضراء، إذ تعتمد على الهيدروجين الأخضر أو المُصنّع، عبر الاعتماد على مصادر الطاقة المتجددة وهي أسهل في النقل والتخزين ثم إعادة استخدامها كطاقة .
- طرق إنتاج الهيدروجين الأخضر.
“يأتي نحو نصف الهيدروجين الصناعي، في الوقت الحالي، على مستوى العالم من الغاز الطبيعي (الميثان) ويستخدم في الأسمدة، ويستخدم أيضًا في قطاعات الحديد والصلب والفضاء، ولكن الطريقة التقليدية لاستخراج الهيدروجين من الغاز الطبيعي تنتج أيضا حوالي 10 أطنان من غاز ثاني أكسيد الكربون مقابل كل طن يُنتج من الهيدروجين”.
أما إنتاج الهيدروجين عن طريق التحليل الكهربائي فيتضمن فصل ذرتي الهيدروجين عن الأكسجين، ويُستخدم فيها التيار الكهربائي، إذا تم إنتاج الكهرباء عن طريق طاقة الشمس أو الرياح، بذلك يكون إنتاج الهيدروجين بدون أثر كربوني.
والعملية تحتاج تقنية متقدمة لإنتاج الهيدروجين بكميات تجارية والمياه المستخدمة تكون مياهاً غير مالحة، فاستخدام مياه البحر له تعقيدات ترفع الكلفة وهذا مجال للبحث والتطوير.
والطريقة الأفضل حالياً هي إنتاج الهيدروجين الأخضر بالنسبة لوضع المملكة وشح المياه فيها، من المياه المحلاة ولأن البنية التحتية لتحلية المياه موجودة، فمن ناحية التكلفة مجدية جداً. وبالطبع فإن عملية تحلية المياه يُستخدم فيها وقود أحفوري، وهذا يؤثر على اعتماد الهيدروجين المنتج كهيدروجين منخفض الكربون وهذا موضوع آخر.
وبالفعل تكمن أهم معضلة لإنتاج الهيدروجين في أنها تتطلب مياهاً محلاة عالية النقاء يصعب توفرها في المملكة وفي المناطق الصحراوية بشكل عام، هذا إلى جانب أن تقنيات التحليل الكهربائي للمياه اليوم مكلفة جدًا حتى وإن وجدت البنية التحتية لتحلية المياه.
وللتغلب على ذلك، هناك أبحاث مهمة تجريها (( كاوست)) في طرق التحليل الكهربائي المباشر لمياه البحر؛ لتجنب الحاجة لعملية التحلية أو استخدام المياه النقية، بالإضافة إلى قيامها بأبحاث تستهدف إنتاج مواد جديدة ومتينة للمحللات الكهربائية؛ للمساهمة في خفض تكلفة هذه العمليات، وتطويرها لخوارزميات مدعومة بتقنية الذكاء الاصطناعي المخصصة لتحسين أداء أجهزة التحليل الكهربائي. وهنا نحتاج للاستفادة من تجارب الدول المتقدمة في هذا المجال، وهي: ألمانيا وكوريا واليابان.
وتُمثل الأمونيا الخضراء خيارًا وحلًا آخر قد يصبح أكثر أهمية من الهيدروجين الأخضر، والذي يُنظر إليه بوصفه الوقود النظيف الأمثل في عملية تحول الطاقة من الوقود الأحفوري إلى الطاقة المتجددة والنظيفة، إذ يبحث العالم عن الطريق الأمثل والأسرع للوصول إلى الحياد الكربوني.
وتجدر الإشارة إلى أن الأمونيا – غاز النشادر NH3 – يمكن نقلها وتخزينها عن طريق إسالتها، لكن أيضاً لها مخاطرها. فضلاً عن أن تحويل الأمونيا من الحالة الغازية إلى السائلة يتم عند درجة حرارة -٣٣. أما الهيدروجين فيتحول من الحالة الغازية إلى السائلة عند درجة حرارة -253 مئوية. لذلك نقل الهيدروجين كمركب أمونيا أقل في التكلفة من إسالة الهيدروجين مباشرة، وكلاهما ممكن مع فارق التكلفة.
وتتمثل أهم أوجه خطورة الهيدروجين في قابليته للاشتعال، كما أن الهيدروجين ينبغي تخزينه بضغط عالٍ جداً.. أما في حال التسرب، فالهيدروجين ليس من الغازات الدفيئة المسببة للاحتباس الحراري. وغاز الهيدروجين له قابلية عالية للاشتعال عند مزجه حتى بكميات صغيرة مع الهواء العادي، وهذا سبب خطورته ويجب التعامل معه بتطبيق أعلى مقاييس السلامة.
- جدوى استخدام الميثان المنتج من الصرف الصحي.
بخصوص جدوى استخدام الميثان المنتج من الصرف الصحي ثم الهيدروجين، فالتوقع أن كلفة إنتاج الميثان من الصرف الصحي، أنها أضعاف كلفة الغاز المنتج من آبار النفط والغاز. وممكن عقد مقارنة بسعر الغاز الطبيعي $/million BTU ونقارن سعره بالميثان المنتج بالطريقة المذكورة.. هذا سينعكس مباشرة على سعر الهيدروجين، والتصور أنه غير مجدٍ إلا في حالة اختراق تقني يخفض التكلفة.
لكن استخدام مياه الصرف أو مياه البحر بدلاً من المياه المحلاة لعملية التحليل الكهربائي (بالطاقة المتجددة) ثم إنتاج الهيدروجين قد تكون مناسبة أكثر لنا في المملكة لشح المياه في المملكة. فهذا استخدام أفضل من إنتاج الميثان عبر مياه الصرف الصحي.
- مستقبل إنتاج الهيدروجين من مشتقات النفط.
في ظل المنافسة الشرسة بين الدول، تسعى المملكة لتصبح مُورِّدًا عالميًا للهيدروجين، وتتطلع كأكبر مُصدِّر للنفط لأداء دور قيادي في قطاع الوقود النظيف خلال العقود المقبلة، لكن الشكّ يساور بعضهم. وسيمنح إنتاج الهيدروجين من مشتقات النفط المملكة العربية السعودية ميزة نسبية عالية؛ لكنه حالياً ضمن مجال البحث R&D أفضل طريقة لإنتاج الهيدروجين في المملكة حالياً من ناحية التكلفة هي عن طريق الغاز عبر الsteam methane reforming مع التقاط ثاني أكسيد الكربون ليكون الهيدروجين منخفض الكربون.
ويعتبر الهيدروجين الأخضر عنصرًا أساسيًا في أي استراتيجية لإزالة الكربون. وقد تم الإعلان في المملكة عن مبادرة الاقتصاد الدائري لإعادة تدوير غاز ثاني أوكسيد الكربون أو دعم التقنيات الواعدة لفصل الكربون وإعادة استعماله وتخزينه جيولوجياً، وسياسات تخضير النفط من خلال الهيدروجين، والتخلص من الحرق الروتيني للغاز في الشعلات ومغاطس الكربون الطبيعية في المناطق الساحلية (الكربون الأزرق) مثل زراعة شجيرات القرم في الخليج العربي وإعادة تأهيل الشعاب المرجانية في سواحل البحر الأحمر.
وتعتمد تقنيات استخلاص الكربون واستخدامه وتخزينه على استخلاص ثاني أكسيد الكربون من المصدر أو من الهواء مباشرة، ثم يتم نقل تلك الانبعاثات وتخزنينها في باطن الأرض، أو تحويلها إلى منتجات مفيدة، وقد استخدمت تقنية استخلاص الكربون منذ عقود كوسيلة للمساهمة في تحسين جودة الغاز الطبيعي، لكن مع تطوير تقنيات جديدة ورائدة يمكننا الآن، فإن إزالة ثاني أكسيد الكربون وفصله وتخزينه وشركة أرامكوا وسابك لديهما برامج لاستخلاص أكثر من ٨٠٠ ألف طن من CO2 وربما الآن أكثر ويتم تحويله إلى قيمة مضافة من خلال تحويل هذا الغاز إلى منتجات صناعية وتجارية يمكن طرحها في الأسواق وتصديرها للخارج والاستخدامات عديدة لا يمكن تعدادها في هذه العجالة.
- مدى إمكانية تصدير المملكة للهيدروجين الأخضر.
يمكن تصدير الهيدروجين كسلعة والاتحاد الأوروبي حدد مستهدفات لاستيراد الهيدروجين وأيضاً اليابان وكوريا وسنغافورة ستكون أسواق مستوردة للهيدروجين. أما طريقة نقله فهذا من التحديات، يمكن تحويله لأمونيا وشحن الأمونيا ثم إعادة التحويل لهيدروجين… ويمكن أيضاً تسييله وشحنه كهيدروجين سائل؛ لكن الكلفة هنا عالية جداً. وتوجد تقنيات أخرى. استخدام خطوط الأنابيب من أفضل الحلول في حال وجود عقود طويلة الأجل وطلب مستدام.. قد يكون ذلك مجدياً من المملكة إلى أوروبا عبر مصر إلى اليونان مثلاً، لكن طبعا هذا خيار شبه مستحيل مع شرق آسيا.
ويمثل تخزين الهيدروجين ونقله تحدياً كبيراً ليس بسبب الخطورة فقط، بل كذلك بسبب صغر حجم ذرة الهيدروجين وسهولة تغلغلها في الحواجز، والتوقع أنه بنجاح الوصول إلى طرق ذات كفاءة عالية للتخزين والنقل فإن التوسع في استخدام الهيدروجين سيزداد بشكل كبير، وهذا سيؤدي إلى تغير كبير في معدلات الرطوبة في المناطق ذات الكثافة السكانية نظراً لكمية بخار الماء الناتج من الاحتراق أو خلايا الوقود، مما يؤثر إيجابياً على معدلات الأمطار.
كذلك حال سهولة إنتاج ونقل الهيدروجين فإنه يمكن استخدام الهيدروجين لنقل المياه من مناطق لأخرى.
- السيارات الهيدروجينية والسيارات الكهربائية: الواقع والصعوبات.
ثمة من يرى بحماس أن المستقبل للسيارات التي تسير على بطاريات خلية الهيدروجين وليس التي أخذت تنتشر في أمريكا وأوروبا مؤخراً وخاصة في منطقتنا الحارة التي قد لا تناسب البطاريات، كما أن البنية التحتية لشبكة الكهرباء ستكون عائقاً أمام الانتشار المستهدف للسيارات الكهربائية خلال العقد الحالي. لأنها تعمل بالبطاريات التي تحتاج شحناً لم يتم حسابه عند تصميم شبكات الكهرباء، وهي مهدد حقيقي لخطط غالب الدول في هذا المجال؛ إلا إذا تم تطوير حلول بديلة قد تكون مكلفة. ولذلك فإن دعاة خلية الهيدروجين كمصدر للطاقة للسيارات يرون أن ما يحصل الآن هو gold rush وh أن المصنعين سيعودون عاجلاً أم آجلاً لخلية الهيدروجين.
وفي المقابل هناك من يرى أن السيارات بالبطاريات الكهربائية أصبحت حقيقة وتجاوزت مرحلة إثبات النجاح وأن توفر الكهرباء في كل بيت سيدعم نجاحها حتى لو تأخرت خدمات الشحن السريع. خاصة وأن مصادر الطاقة النظيفة يمكن ربطها بشبكة الكهرباء وإيصالها لكل بيت وعبر الدول أيضاً باستخدام ما تم إنفاقه على البنية التحتية ودون الحاجة لاستحداث وسائل تخزين ونقل جديدة.
وربما سينتهي الأمر إلى من سينتشر أولاً ويصبح في متناول الناس بتكلفة معقولة، وليس بالضرورة أن يكون الأفضل، ومن ينتشر أولاً ستقل تكلفته وتصبح في متناول عامة الناس.
علماً أن السعودية استثمرت مؤخراً في ربط شبكات الكهرباء مع الدول المجاورة. وآخرها إطلاق مشروع للربط مع مصر. والتوقع أن يتبعه مشاريع للربط مع أوروبا. وهذا سيدعم تصدير الطاقة النظيفة والكربونية عبر شبكة الكهرباء، وسيكون منافساً معتبراً لنقلها كهيدروجين مسال أو أمونيا.
من المتوقع لتكنولوجيا السيارات الهيدروجينية أن تحدث ضجة كبيرة في عالم السيارات، ولديها إمكانية نمو كبيرة، وسوف تأخذ مكانها في الانتشار؛ ولكن ربما ليس في المستقبل القريب؛ فحسب الدراسات، مشكلة الهيدروجين تكمن في أنها مادة قابلة للاشتعال وتحتاج وسائل أمان عالية للغاية، وتحتاج مواد ثقيلة الوزن، وبالتالي تعطي حملاً أكثر على السيارة.
كما أن شحن السيارة بالهيدروجين يحتاج أنابيب معينة تحتاج تقنيات متقدمة للغاية لإنتاجها، كما يتطلب انتشار هذا النوع من السيارات بنية تحتية متكاملة تستلزم سنوات لإعدادها وتجهيزها لتزويد السيارة بالهيدروجين.
وهذه التكنولوجيا تحتاج أولًا التغلب على تحدياتها، والتي من أهمها: لا تزال سيارات الهيدروجين تحتاج إلى الكثير من البحوث والتطوير، التي تساعد نتائجها صناع السياسة والقطاعات الصناعية لاتخاذ قرارات سريعة توضح مدى ملاءمة سيارات الهيدروجين لمساعدة المطورين في وضع خططهم المستقبلية، سواء بتطوير تقنيات الهيدروجين أو تقليل خسائرهم وتركيز جهودهم في اتجاه آخر، وذلك من أجل التغلب على ثمانية عراقيل تؤثر على مستقبل سيارات الهيدروجين وهي: عدم كفاءة الوقود، وتكاليف النقل، والهيدروجين البني، وارتفاع التكاليف، والتركيز على السيارات الكهربائية، وطاقة الهيدروجين باهظة الثمن، ونقص البنية التحتية، وقابلية التكنولوجيا للتطبيق.
كما أن إرساء البنية التحتية الداعمة لهذا السيارات الهيدروجينية، يتضمن كذلك توفر العدد الكافي من الورش الفنية والكوادر المؤهلة والأجهزة والمعدات المستخدمة في عمليات الصيانة. مع وجود عمليات فنية مطابقة لإصلاح الحوادث والتبديل وإعادة تركيب المكونات الخاصة بنظام الهيدروجين، بما في ذلك متطلبات السلامة وتأهيل الكوادر الفنية للتعامل مع تلك المنتجات، في المقابل أيضاً الالتزام بتوفير المعدات المستخدمة في تزويد المنتج بالهيدروجين.
مع إلزام الوكيل أو المزود بكل عمليات إصلاح الأعطال أو إعادة المركبات إلى بلد المنشأ أو الإتلاف وفق التشريعات المعمول بها على هذا الصعيد.
والتشديد على الجهات المختصة بالقيام بمهام التأكد والرقابة على الأسواق، للتأكد من حصول المركبات المعنية من شهادات الاعتماد المحلية والتدقيق على استيفاء المنتج للمتطلبات التنظيمية ولتعليمات الاستخدام طوال فترة الاستخدام، وتضمن المركبات المعنية أيضاً لكل معدات السلامة والأمان مع مطابقة التجار والوكالات لاشتراطات التخزين.
وعند توفر ذلك كله، نستطيع القول بأننا مستعدون لدخول هذا النوع من المركبات لأسواقنا.
أما ما يخص السيارات الكهربائية، فرغم استحواذها على اهتمام صناع المركبات على مستوى العالم، ورصد ميزانيات هائلة لتطويرها والارتقاء بتقنياتها، وخاصة في ما يتعلق بالمسافة التي يمكن لها أن تقطعها الشحنة الواحدة للبطارية، إلا أن هناك حقيقة مهمة لا ينبغي إغفالها، وهي أنه رغم الترويج لها بصفتها أحد الحلول الضرورية لمواجهة تغيرات المناخ، فإن هذا النوع من السيارات العاملة بالبطارية لا زال باهظ التكلفة – تعود تكلفة المركبات الكهربائية المرتفعة إلى نقص البطاريات والمواد الخام اللازمة للتصنيع؛ مثل الليثيوم وارتفاع سعره (الذي يُعد عنصرًا رئيسًا لتصنيع البطاريات) ومكونات الرقائق الإلكترونية، هذا إلى جانب إلى أن الطلب على هذا النوع من المركبات أعلى من المعروض؛ ولذلك فإن الاتجاه العام حاليًا هو عدم الاهتمام بخفض التكلفة، وهذا قد لا يناسب الغالبية العظمى من المواطنين حاليًا.
لكن من المؤكد أن أسعار البطاريات مستقبلًا ستتبع منحنى هبوطيًا، كما هو الحال في أسعار الألواح الشمسية التي ارتفعت في البداية ثم انخفضت في نهاية المطاف.
ولعل من الحلول المناسبة حاليًا لمعالجة معضلة التكلفة الباهظة، منح مشتري السيارات الكهربائية المستعملة إعفاءً ضريبياً.
وطالما هناك توجه عالمي للتحول تدريجيًا نحو إنتاج السيارات الكهربائية، لعل من الضروري أن تسعى كافة الشركات المنتجة لها ومصنعو السيارات وموردو البطاريات والرقائق الإلكترونية معالجة الاختناقات والتحديات التي تعانيها صناعة هذا النوع من السيارات، من أهمها: تشييد مصانع جديدة، واستكشاف مناجم جديدة، وغيره من الأمور التي تخفض من التكلفة.
لذلك كانت من الأنباء المفرحة أن دولتنا تراهن على تصنيع بطاريات السيارات الكهربائية – هو ما لم تقم به أي دولة في العالم باستثناء الصين، حيث استغلت ميزة ارتفاع أسعار النفط والطلب على السيارات الكهربائية لإحداث هذا التحول في التصنيع، فاستقطبت المملكة مناجم الليثيوم ومصنعي البطاريات وبدأت في تقييم وإصدار تراخيص التعدين بسرعة للاستفادة من مواردها المعدنية؛ لسد فجوة حرجة يعاني منها المصنعون والشركات لتأمين موارد باهظة الثمن في محاولة لزيادة التصنيع.
وبلا شك فإن إنشاء مراكز التصنيع والمعالجة للسيارات الكهربائية في المملكة لن يساعد ذلك على خفض تكاليف السيارات الكهربائية – ورجوح كفتها مقابل السيارات الهيدروجينية في المستقبل القريب شريطة استكمال البنية التحتية لها – فحسب، بل سيضمن على الفور أن تصبح السعودية جزءًا رئيسيًا من سلسلة تصنيع السيارات الكهربائية العالمية.
- التحديات التي تواجه إنتاج الطاقة المتجددة.
إن العقبات التي تواجه الطاقة المتجددة وتجعل الاعتماد عليها تحدياً حقيقياً، يتعلق جانب مهم منها بإدارة مخلفات الأنظمة المستخدمة في إنتاجها.
فعلى الرغم من أن تقنيات إنتاج الطاقة المتجددة تعتمد على استخدام الطاقة الخضراء، إلا أن المكونات التقنية والمعدات ذاتها المستخدمة لإنتاج الكهرباء غير قابلة للتحلل مثل الألواح الشمسية ووحدات الطاقة الكهروضوئية. فعلى سبيل المثال، يتراوح نهاية دورة الحياة الافتراضية للألواح الكهروضوئية بين 25-30 سنة، ومما يزيد الأمر تعقيداً أن إعادة تدوير المخلفات بمعاييرها الفنية وبنيتها التحتية لا تزال في طور النشوء عالمياً، وبالتالي سيُصبح تراكم مخلفات الطاقة المتجددة تحدياً، لا سيما أن هذه المخلفات قد تحتوي على مواد سامة.
لذلك وجب التعرف على الإمكانات المتوفرة في إعادة تدوير مخلفات الطاقة المتجددة التي يجب أن تتماشى مع نهج الاقتصاد الدائري. لذا يمكن التوصية بوضع إطار تنظيمي يدعم إعادة تدوير وإدارة المخلفات الناتجة من مصادر الطاقة المتجددة.
ومشاكل الطاقة والمشاكل البيئية ترتبط ببعضهما ارتباطًا وثيقًا، كما أن ما يقلق الجميع هو استمرارية توافر مصادر طاقة متجددة رخيصة وصديقة للبيئة ويسهل تداولها في آن واحد.
ووفقًا لتقرير نشرته مجلة ديسكفر الأميركية، والمنشور على الموقع الإلكتروني k(attaqa.net) فقد أظهرت الدراسات بالفعل أن المعادن الثقيلة في الألواح الشمسية، مثل الرصاص والكادميوم، يمكن أن تتسرّب من الخلايا الشمسية وتؤثّر على النباتات، وكذلك صحة الإنسان- الرصاص يضعف نمو المخ لدى الأطفال، والكادميوم مادة مسرطنة -، وأنه مع عدم القدرة على المعالجة السليمة لنفايات الألواح الشمسية ستسبب نفايات الألواح الشمسية مشكلة بيئية كبيرة، ما لم تُعالج هذا التراكم لنفايات الألواح الشمسية، والذي يأتي مع عدم وجود سياسة لإعادة التدوير والمعايير البيئية الواضحة، ولا توجد تقنية متخصصة لمعالجة تلك المخلفات، وهذا بالطبع هو حال الدول النامية بشكل خاص.
وعادة ما يصعب إعادة تدوير الخلايا الشمسية، لأنها تتطلّب طاقة كبيرة لاستخراج المعادن الخطرة، مع ارتفاع تكلفة إعادة تدويرها والتي تُكلف أكثر من إنتاجها. وهنا يكون الاتجاه الغالب هو التخلُّص منها في مكبات النفايات أو إرسالها إلى البلدان النامية، وقد تتفاقم هذه المشكلة في العقود المقبلة “وخاصة إذا ما عرفنا أنه مع ردم نفايات الألواح الشمسية قد تتسرّب المعادن السامة إلى البيئة، وربما تُشكّل خطرًا على الصحة العامة إذا وصلت لإمدادات المياه الجوفية”، وسط توقعات بتراكم ما يقرب من 80 مليون طن من نفايات الطاقة الشمسية بحلول عام 2050 .
لكن من الأخبار السارة أن عدداً من العلماء توصلوا لإيجاد طرق فاعلة يمكن من خلالها إعادة تدوير الألواح الشمسية؛ لجعل الطاقة الشمسية أكثر اخضرارًا، ولتقليل المخاطر التي تُشكّلها النفايات الناجمة عن هذه العملية؛ حيث تم اكتشافهم لطرق جديدة لتنقية الخلايا الشمسية من السيليكون، باستخدام نوع معين من الخلايا الشمسية من الممكن فيها التخلُّص من السيليكون تمامًا في صنع تقنيات الطاقة الشمسية عن طريق استخدام مادة تسمى (البيروفسكايت)، والتي تتكوّن خلاياها من بلورات معدنية، لها ميزات عدة، ١/ تكلفتها أقل من السيليكون عالي النقاء اللازم للألواح الشمسية التقليدية. ٢/ خلايا (البيروفسكايت) قائمة على معادن غير سامة مثل القصدير أو الجرمانيوم. ٣/ هناك العديد من الطرق لصنع خلايا (البيروفسكايت) في حين يوجد عدد قليل من الطرق لصنع خلايا شمسية من السيليكون. ٤/ كفاءة خلايا (البيروفسكايت) تنافس بالفعل خلايا السيليكون في صنع الألواح الشمسية على الرغم من أنها أسهل وأكثر اخضرارًا في صنعها.
وبلا شك لن تكون إعادة التدوير الإلزامية هي الطريقة الوحيدة للحل وحماية البيئة من تلك النفايات السامة والخطرة، لكن هناك مشكلة حقيقية تكمن، أولًا: في إقناع الشركات العاملة في هذا المجال باستخدام الأساليب الآمنة بدلاً من اختيار الطريقة الأرخص وإلقاء الألواح في مكبات النفايات – حيث تعمل معظم محطات إعادة التدوير بالطاقة الشمسية على إزالة الفضة والنحاس من الخلايا الشمسية، ثم إعادة تدوير الزجاج الملوث والأغلفة البلاستيكية عن طريق حرقها في أفران الأسمنت -، وثانيًا: في اتباع العديد من الشركات الناشئة في مجال التكنولوجيا لطرق أكثر نظافة وأمانًا تجعل عملية التصنيع الفعلية أكثر تطبيقًا لمعايير الاستدامة البيئية.
- آليات الإفادة من الهيدروجين الأخضر كطاقة نظيفة بالمملكة.
إن تعزيز جهود المملكة الريادية في استخدام تقنيات الطاقة النظيفة والاهتمام بالبيئة، يستلزم تضافر وتنسيق جهود عدد من الجهات والمراكز البحثية مثل مدينة الملك عبدالله للطاقة الذرية والمتجددة والجامعات كجامعة الملك فهد للبترول والمعادن وجامعة كاوست للبحث والابتكار ثم التشريعات والسياسات المنظمة ثم البرامج والبني التحتية اللازمة للتنفيذ وكذلك الشراكات مع الدول المتقدمة في مجال الطاقة المتجددة. ولا شك أن الإعلام كذلك شريك فعال في هذا الإطار.
وحيث إن المملكة العربية السعودية تعد من أعلى الدول في الانبعاثات الكربونية وتأتي قبل بريطانيا وفرنسا بمعدل 15.94 طن للفرد. فقد سبق أن أعلنت المملكة أنها تهدف إلى الوصول للحياد الكربوني (صفر في المئة صافي انبعاثات الكربون) بحلول عام 2060. باستثمارات أكثر من مائة وثمانين مليار دولار.
وبخصوص التقنيات المستخدمة، لا بد من الاستعانة بالتقنيات العالمية عبر الجهات المالكة لهذه التقنية مع الأخذ في الاعتبار زيادة المحتوى المحلي لأعلى نسب ممكنة… هذا للوصول لمستهدفات إنتاج هيدروجين عالية، وتوجد جهود في عدد من الجامعات ومراكز البحوث… كوارست وجامعة البترول يوجد بها مركز لأبحاث الهيدروجين وغيرهم، لكن تقنية التحليل الكهربائي على سبيل المثال لا بد من الاستعانة بالشركات المختصة في الدول المتفوقة في هذا التقنية كألمانيا وكوريا واليابان.
واستطراداً لما يتعلق بالأبحاث والتطوير المحلي، يوجد جهود أيضاً لشركة تقنية (مدينة الملك عبدالعزيز للعلوم والتقنية) في التطوير المحلي لتقنية إنتاج وقود طائرات يستخدم الهيروجين وثاني أكسيد الكربون الملتقط، لكنه سيكون نموذج اختباري أو pilot هذا النوع من الوقود لن يكون مجدياً إلا على المدى البعيد 2035.
والجدير بالذكر أن الأفضل تركيز جهود التطوير فيما يعطي ميزة نسبية للمملكة، كاستخدام مياه البحر بدلاً من المياه المحلاة، إلخ. أما في الوقت الحالي يمكن استخدام التقنيات الموجودة مع عدم تفويت فرصة لزيادة المحتوى المحلي قدر المستطاع.
ومما لا شك فيه أن التنوع والابتكار في الطاقة يعد أداة رئيسة من أدوات القوى الوطنية (الاقتصاد)، وبالتالي يخلق مصالح أكثر عمقاً وابتكاراً للمملكة ودول العالم. مما يكون داعماً للحياد المبني على المصالح.
تتمتع المملكة العربية السعودية بمقومات قوية في مجال الطاقة الشمسية وطاقة الرياح، نظرًا لموقعها في نطاق «الحزام الشمسي العالمي»، وقد عملت المملكة مؤخراً على الاهتمام بهذا المجال بصورة أكبر حيث أبرمت مدينة الملك عبد العزيز للعلوم والتقنية مذكرتي تفاهم الأولى مع الشركة السعودية للكهرباء وشركة تقنية للطاقة، لإنشاء أول محطة طاقة الشمسية مستقلة في المملكة بسعة 50 ميجاوات في مدينة الأفلاج، والثانية مع الشركة السعودية للكهرباء لإنشاء مركز مشترك للأبحاث والتطوير في قطاع التوزيع التابع للشركة.
وبالنظر إلى أن التوجه فيما يخص مستقبل الهيدروجين الأخضر، بات عالمياً، ومن ثم يجب المبادرة في العمل عليه، وأنه جزء من أهداف التنمية المستدامة المعتمدة عالمياً في ٢٠١٥، وأن التخلف عنها سيكون ملاحظة سلبية قد تتخذها القوى العالمية ضد المملكة، وتذكرنا بتأخر المملكة عن الانضمام لمنظمة التجارة العالمية. فربما من الأنسب حالياً التعمق في إجراء الدراسات الشاملة (السياسية، الاقتصادية، البيئية، التقنية) لضمان كفاءة وفاعلية هذا النمط الجديد من الطاقة، قبيل الانجراف في تنفيذ بعض المشروعات في هذا المجال.
- التوصيات
- البدء في إنشاء البنية التحتية لتمديد شبكات الغاز الطبيعي حالياً أو الهيدروجين مستقبلاً لتوصيله للتجمعات الصناعية في الجبيل وينبع والمدن الصناعية وغيرها، مما يعني الحل الأمثل لتحديات نقل الهيدروجين والغاز عموماً، وذلك ضمن مبادرة وزارة الطاقة (لإزاحة الوقود السائل) الأحفوري.
- سن التشريعات والسياسات التي تؤصل وتمهد وتحفز على استخدام الطاقة المتجددة والنظيفة في التصنيع خاصة والأنشطة الاقتصادية عموماً.
- الاستثمار في بحوث وتقنيات الطاقة المتجددة محلياً بتوحيد الجهود تحت مظلة مدينة الملك عبدالله للطاقة الذرية والمتجددة وخارجياً عن إبرام اتفاقيات التعاون مع الدول المتقدمة في مجال الطاقة المتجددة.
- الاهتمام بتصميم وبناء وإدارة سلسلة التوريد الخضراء GSCM وفق المفاهيم الحديثة لإدارة سلسلة التوريد والإدارة البيئية، والعمل على التحسين المستمر لمدخلاتها وعملياتها ومخرجاتها وفق تعزيز الاستدامة البيئية.
- على الشركات زيادة الاهتمام بالتأثير السلبي للمنتجات على البيئة والمجتمع، وضرورة تبني مفاهيم التصنيع الأخضر؛ لتجنب حصول النفايات السامة والخطرة وتقليل الهدر في الإنتاج وهذا جانب من مسؤوليتهم الاجتماعية والأخلاقية.
- وضع برنامج إرشادي لتنمية الوعي بإدارة المعرفة والممارسات الخضراء للعاملين لديها؛ باعتبارها نهج مبتكر في إدارتها وتعزيزًا لسمعتها الجيدة وإكسابها السمعة الخضراء.
- إضافة مثل هذه التقنيات في مناهج المتوسطة والثانوية والجامعات والدراسات العليا والحض على الترجمة إلى العربية لأمهات الكتب في هذا المجال.
- المصادر والمراجع
- المركز الإحصائي لدول مجلس التعاون: الهيدروجين كمصدر وناقل للطاقة النظيفة المستدامة في دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية، سلسلة أبعاد معلوماتية ومعرفية، العدد 1، إبريل 2022م.
- جامعة الملك عبدالله للعلوم والتقنية: الهيدروجين الأخضر: مصدر طاقة المستقبل، 16 يونيو 2021، متاح على الرابط الإلكتروني:https://www.kaust.edu.sa/ar/news/green-hydrogen%E2%80%99s-time-is-now
- مي مجدي: الهيدروجين في السعودية.. كيف تقود المملكة العالم نحو الوقود الجديد؟ 14 فبراير 2022، متاح على الموقع الإلكتروني: https://attaqa.net
- عبدالرحمن صالح الشريدة: الهيدروجين الأخضر رهان على المستقبل، 21 يوليو 2022، متاح على الموقع الإلكتروني: https://maaal.com
- حاتم العطوي وعبدالإله درندي: انتقال المملكة العربية السعودية إلى اقتصاد الهيدروجين: نقلة نوعية، مركز الملك عبدالله للدراسات والبحوث البترولية، 3 فبراير 2021، متاح على الرابط الإلكتروني: https://www.kapsarc.org/ar/podcast/the-saudi-move-into-hydrogen-a-paradigm-shift/
- أرامكو: كيف يمكننا تحقيق تحول جذري في مستقبل الوقود؟ متاح على الرابط الإلكتروني:
https://www.aramco.com/ar/campaigns/powered-by-how/blue-hydrogen
- أحمد بن حمدان: الطاقة السعودية… وعصا التوازن بين النظيف والأحفوري، 6 يوليو 2021، متاح على الرابط الإلكتروني: https://www.independentarabia.com/node/239171
- المشاركون.
- الورقة الرئيسة: م. إبراهيم ناظر
- التعقيبات:
- التعقيب الأول: أ. فائزة العجروش
- التعقيب الثاني: أ. مازن ظريف
- إدارة الحوار: أ. علاء الدين برادة
- المشاركون بالحوار والمناقشة:
- د. حمد البريثن
- د. خالد الدريعان
- اللواء. فاضل القرني
- أ. عبدالرحمن باسلم
- د. خالد المنصور
- د. زياد الحقيل
- د. عبدالعزيز الحرقان
- م. ماهر الشويعر
- د. عبدالرحمن العريني
- د. عبدالإله الصالح
- د. خالد بن دهيش
- د. عائشة الأحمدي
- د. محمد الثقفي
- أ. فهد الأحمري
[1] – خبير الطاقة.