شهر يونيو 2015م
ناقش أعضاء منتدى أسبار خلال شهر يونيو 2015م موضوعات متعددة حول الأحداث الجارية، وبعض القضايا الفكرية ومنها: مسلسل سيلفي الرمضاني والذي دارت حلقاته حول قضايا محلية خليجية وقضايا دولية: عربية وأجنبية، وتطرق المنتدى لظاهرة التطرف والإرهاب. وتمّ مناقشة نظام الوحدة الوطنية الذي طرح في مجلس الشورى السعودي. وكان من بين القضايا التي نوقشت أيضاً قضية التحايل على الضمان الاجتماعي، وقضية مشاركة المرأة في المحافل الرسمية (كلمة د. هيفاء جمل الليل).
هذا وكانت نتائج الانتخابات التركية خصوصاً على الإقليم حاضرةً على حوارات أعضاء منتدى أسبار، والمناهج الدراسية السعودية وتطويرها، والمؤسسات الأكاديمية ورسائل طلبة الدراسات العليا (الهدر المعرفي)، ومخاطر المخدرات على الشباب، والفقر والبطالة وظاهرة التستر الوظيفي، وعطلة موظفي القطاع الخاص الأسبوعية.
ظاهرة التطرف والإرهاب:
وعن هذه ظاهرة التطرف قال د. خالد الرديعان متسائلاً: منذ ٢٠٠١م ونحن نكتب في التطرف ونعمل بحوث وورش وندوات ومع ذلك فالتطرف بازدياد، أين الخطأ؟ هناك شيء مفقود في جهودنا، أحس أحيانا أن جهودنا تذهب هباء، نصرف وننفق ونعمل ومع ذلك دون نتائج تذكر. أعتقد أن ذلك يعود لعدة أسباب منها: عدم الجدية في العمل.
وقد اختلف د. فهد الحسين مع د. الرديعان في النظرة التشاؤمية حول موضوع الإرهاب والتطرف، قائلاً لا أتفق مع وجهة نظرك في الاتجاه التشاؤمي وعدم الثقة فيما يكتب من بحوث، أو مشاريع استراتيجية، فالمشكلة الحقيقية فينا نحن، وذلك النقص كما أفهمه في إدارة المشاريع له ثلاث عناصر أساسيية هي: لا تزال بحوثنا نظرية لا يمكن الاستفادة منها وتحويلها إلى مشاريع يمكن تطبيقها. ولتنفيذ المشاريع على أرض الواقع نحتاج إلى آلية تنفيذ ومتابعة، ومحتواها ببساطة وضع المشروع ضمن مراحل إنجاز تحدد فيه بداية ونهاية المشروع، وتحديد المسؤول عن التنفيذ المباشر، ومنحه كافة الصلاحيات. وتعيين مسؤول مباشر لمتابعة عمليات الإنجاز.
أما أ. خالد الحارثي فقد اتّفق مع وجهة نطر د. الرديعان، قائلاً: أعتقد أن الدراسات والاستراتيجيات ركزت بالتغليظ والتشديد على الأفعال الجنائية في التشدد والتطرف التدميري العنيف المصحوب بمواقف مخالِفة سياسيا ودينيا (التكفير وإسقاط الولاية) من المرتكب (الجاني) أكثر مما ركزت على تحليل ٣٦٠ درجة للبيئة كاملة، وبذلك تكون هذه الدراسات ذات توجه أمني، وتتأثر أيضا بالبرمجة التي تقوم بها دول خارجية ضدنا مثل أمريكا التي تجفف الأخضر ثم تشعل فيه الحطب وتتهمنا بالتقصير، أعتقد أن الدراسات المتعلقة بالإرهاب يمكن أن تأخذ فعالية أكبر في محاصرة الفكر الإرهابي إذا أخذت بعين الاعتبار تصفية الأجواء الثقافية والاجتماعية والبيروقراطية من المغالطات الفكرية المستمرة من أمد بعيد حتى تنتظم مسارات التفكير المنطقي عند الجيل ويستشعرون أهمية وجودهم وآثرهم وتفاعلهم تجاه مايتعرضون له من ظواهر ومشاهدات بطرق آمنة وسلمية.
من جانبه عقّب د. فهد الحسين، على وجهة نظر كل من الأستاذ خالد، والدكتور الرديعان، قائلاً: مشكلتنا الحقيقية في أسلوب التفكير في حل مشكلاتنا، فنحن ممتازون بشكل كبير في توصيف المشكلة، ويأخذ توصيف المشكلة الأسلوب النقدي. نحن بارعون في نقد كل شيء ننتقد السلوك الاجتماعي، ننتقد شكل اللباس، ننتقد سوء حالة شوارعنا، والقائمة طويلة جدا، وبالتأكيد الحل هو الدعاء على ما نسميه الفساد والمفسدين، أو قد يتحول النقد إلى اليأس من التغيير بل استحالة الحل أو التغيير. وفي حالات قد يتحول اليأس إلى تخريب.
وقد التقت وجهتا نظر أ. خالد ود. الحسين، حول طرق حل المشكلات في أمر مثل الارهاب، وقد أوضح وجهة النظر هذه أ. خالد، قائلاً: لا أعتقد أن المواطن بشكله الفردي يستطيع أن يقدم حلول بشكل وطني عام مالم تفتح قنوات تمكين اجتماعية ترعاها الدولة. مضيفاً: باعتقادي أن عوامل نجاح الدراسات القادمة تعتمد على الابتعاد عن الوجهة الأمنية والدينية تماما وتأخذ مسار الدراسات والبحوث الاجتماعية بالنظريات الحديثة كـ social entropy، بمعنى أن الدراسات الأمنية والدينية قد بُحث فيها بما يكفي ولم تجد الدراسات الاجتماعية حظها. وعقب د. عبد الله الحمود، على ذلك قائلاً: لعلك أ. خالد توضح ما تقصده بالابتعاد عن الوجهة الأمنية والدينية تماما.
أمّا د. عبد الرحمن الهدلق، فقال: بالنسبة للتطرف والإرهاب والجهود المبذولة في المملكة، فأرى أن لا يحكم عليها بحكم قطعي إلا من كان قريباً منها ومطلعاً على التجارب والبيئة والظروف المحيطة بها، لا يمكن مقارنة تجربة الارهاب في عام ٢٠٠٤ وتجربة ٢٠١٥م، ولا شك أن الأعداد أقل والراصد يدرك انه قبل الثورة السورية والربيع العربي كان الوضع جيد جداً بالنسبة للوضع الداخلي وكان في تحسن مستمر، لكن بعد تدخل إيران وحزب الله في سوريا وسكوت المجتمع الدولي عن نظام بشار بدأنا نشهد ازدياداً ملحوظاً في المشهد العام للتطرف وكان يزداد بازدياد إرهاب النظام السوري والطائفية العراقية والإيرانية الصفوية وبروز داعش كحامية (بزعمهم) للمسلمين بعد تقاعس كثير من الأنظمة من إيقاف مجازر بشار اليومية ومحاولات التنظيم من استغلال هذه المظالم عبر التجنيد من خلال وسائل التواصل الاجتماعي التي تلعب دوراً خطيراً في انتشار هذه الظاهرة مستغلة بعض الاحتقانات الاجتماعية عند الشباب. ومن يريد أن يتحدث عن ظاهرة التطرف ينبغي عليه أن لا يغفل العامل الدولي للقوى العظمى والذي يعتبر خارج إرادة بعض دول المنطقة، إضافة إلى أهمية إجراء بعض التعديلات على الخطاب الديني الذي يبالغ كثيراً في مفهوم الأممية مقابل الوطنية وكأنهما عاملان متناقضان وليسا متكاملان. ومن يعتقد أن معالجة ظاهرة الإرهاب ستتم خلال سنة أو سنتين فهو لم يفهم الظاهرة كما ينبغي، فالعلاج للفكر المتطرف لا يتم إلاّ بمواجهته بفكر وسطي آخر بديل للتطرف، فالتطرف ليس مبنى يتم هدمه خلال أسبوع إنما يحتاج لفترة طويلة تستخدم فيها كافة الوسائل الخشنة والناعمة العصاوالجزرة في إطار العدل والحزم.
هذه النقاشات والحوارات تحت قضايا التطرف والإرهاب، قادت أعضاء المنتدى للحديث عن ظاهرة استقطاب النساء الأجنبيات من قبل داعش وانضوائهن في القتال معه.
داعش واستقطاب النساء الأجنبيات:
وعن هذا الموضوع، أشار د. مساعد المحيا إلى تقرير مفاده أنّ النساء الأجنبيات اللواتي التحقن بداعش غالبيتهن من بريطانيا ثم هولندا ثم السويد وفرنسا فأمريكا وفنلندا وواحدة من كل من كندا وماليزيا. وقد تسائل د. المحيا، قائلاً: ترى لماذا تلتحق هؤلاء النساء بداعش ؟ ما وسائل الجذب التي تنتزعهن من دولهن المرفهة ؟ الترفيه موجود والحياة الكريمة متاحة والمناهج التعليمية بريئة.. إلخ.
ما عرضه د. مساعد في المنتدى قاد د.خالد الرديعان، لأن يسأل د. مساعد عن عدد النساء الأوربيات اللواتي التحقن بداعش؟ معتقداً – من وجهة نظره –: أنّ عددهن قليل وهن حالات شاذة لا يمثلن ظاهرة تذكر وقد يكون التحاقهن من باب الفنتازيا الثورية أو البحث عن تشي غيفارا اسلامي !! قدوتهن قد تكون روزا لوكسمبورج مؤسسة الحزب الشيوعي في المانيا الشرقية!!
من جانبه ردّ د. مساعد المحيا، على تساؤلات د. خالد، عن عدد المقاتلات في داعش، قائلاً: شخصياً أحسبه كبيراً نسبة لحجم مشاركة المرأة العربية معهم إذ العدد قليل باستثناء السوريات والعراقيات اللواتي يعشن في البيئة نفسها أو هن زوجات وبنات لدواعشيين.
في هذا الصدد كان للأستاذة فاطمة الشريف، مداخلة قالت فيها: في اعتقادي أن الفراغ الروحي يلعب دوراً كبيراً في ذلك، بالإضافة إلى حب المغامرة. وعقب على ما ذهبت اليه أ. فاطمة الشريف، د. الرديعان، قائلاً: قد يكون البحث عن معنى أو سحر الشرق سبباً في انخراطهن في داعش إضافة إلى اعتناقهن الإسلام. وردّت أ. الشريف على تعقيب د. الرديعان، بالقول: هذا إضافة إلى النظرة الجذابة للمقاتل العربي كعنصر جديد في الثقافة الغربية. تقديم داعش وغيرها من التنظيمات للمنخرطين فيه من الشباب العربي تقديم يجذب العقلية الغربية ويحيي الثورة الداخلية لديهم. مضيفةً: في تقرير بريطاني صدر سابقا عن معهد الحوار الاستراتيجي والمركز الدولي لدراسة التطرّف في «كينغز كولدج» في جامعة لندن، إن القول أن النساء ينضممن إلى «داعش» للزواج من المقاتلين الأجانب في المقام الأول، أحادي الجانب. لا بل إن هناك عدداً من العوامل تجذب النساء للانضمام إلى التنظيم، منها الإحساس بالعزلة والشعور بأن المجتمع المسلم الدولي يواجه تهديداً، إلى جانب وعد «الأخوة» الذي له أهمية خاصة لدى الفتيات المراهقات.
أمّا اللواء د. سعد الشهراني، فكانت مداخلته: لا ننسى أن معظهن حديثات عهد بالإسلام ومتزوجات من متطرفين من الجيل الثاني أو الثالث من أبناء المهاجرين المسلمين الذين يشعرون بالتهميش في أوروبا.
وعلّق د. مساعد المحيا، حول موضوع عوامل الجذب، قائلاً: شخصيا أميل إلى أن ثمة عوامل جذب متعددة وأن كل ما قيل وما سيقال ومالم يقل هي فعلا أسباب وعوامل مهمة قد تتفاوت في مستوى تأثيرها، بل قد يكون هناك أكثر من سبب لكل فرد وهو ما يتطلب فعلا العناية بدراسة الحالات لمعرفة كل تلك الأسباب، فالتشخيص الصحيح والسليم هو الخطوة الأهم في العلاج والمواجهة…
وقال د. خالد الرديعان عن أسباب تعاطف الأجنبيات مع داعش قد يكون – بحسب وجهة نظره – هي مسألة الحجاب في أوروبا ووضعه شماعة لبعض المشكلات، وشعورهن بإخلاص الدواعش لمبادئهم رغم اختلافنا معهم قد يكون سبباً إضافياً يدفع الغربية للاعجاب بداعش.
وعقبت أ. فاطمة الشريف، على وجهة نظر د. الرديعان، قائلةً: وتصوير الجهاد في سبيل الله والهالة الضوئية المحيطة بكل تلك التجربة، مغرية بالتأكيد لمن لاهدف له ويعيش فراغ كبير بسبب الحياة المادية البحته التي تقوم عليها معظم المجتمعات الغربية إن صح التعبير. مضيفةً: قد تكون هناك أسباب نجهلها بحكم أننا بعيدين عن تلك المجتمعات وعن الأسباب الحقيقية وراء هذا التدافع للانضمام لتنظيم معين لكن على الأغلب تبقى الصورة المقدمة عنه أو المكونه لديهم عنه هي السبب الأبرز. كما أنّ الشيء الذي تقدمه داعش وتصويرها لعمليات قتل الأوروبيين، هو أنّ الديمقراطية الليبرالية الغربية، مع تركيزها على تحقيق الذات والراحة المادية للأفراد لا، تعاني من مشكلات مع إمكانية أن تكون جزءًا من أيديولوجية شاملة تقدم معنى راقيًا لحياة الفرد.
أما د. عبد الله الحمود، فقد أبدى وجهة نظره في هذا الصدد، قائلاً: من المهم في نظري عندما يكون الموضوع البشر والصراع أن نفرق بين منقصتين فينا كبشر: الأول: أصل الخلقة، فجنس البشر قد كتب الله عليه الصراع حتى تقوم الساعة، كخلق من خلقه تعالى، سنن التدافع والكبد هي مما يفرق البشر عن غيرهم من الخلوقات، وبالتالي لا يمكن تصور مجتمع بشري دون صراعات. الثاني: الغلبة في خصلة الصراع، وهنا يسعى كل جمع من البشر لتكون لهم الغلبة. ومن هنا تتشكل مراكز القوى وخصائص التدافع. ونحن إذا ندرك لماذا تكون داعش، بصرف النظر عن كيف تشكلت. لو لم تكن فينا هاتان الخصلتان ما تشكلت القاعدة ولا داعش، ولا قامت حرب داحس والغبراء ولا فجرت أبراج منهاتن، ولا غير ذلك مما هو مثله. مضيفاً: هناك خلق غيرنا مثلا لا يعصون الله ما أمرهم ويفعلون ما يؤمرون، أما نحن فمنا عصاة وفجرة. هناك خلق غيرنا مثلا حاملون لعرش الرحمن حتى تقوم الساعة، أما نحن فمنا من ينوء بحمل أخيه وصاحبته وبنيه. هناك خلق غيرنا مثلا لا يعقلون، لكنهم لا يعتدون أبدا على بني جنسهم وإن عددناهم من المفترسين وذوي الناب، أما نحن فنعتدي على بعضنا دون هوادة. مقيت جدا أن نتقاتل، لكن عزاءنا أن تقاتلنا شرط كما يبدو من شروط آدميتنا. قال تعالى: لَا أُقْسِمُ بِهَٰذَا الْبَلَدِ (1) وَأَنتَ حِلٌّ بِهَٰذَا الْبَلَدِ (2) وَوَالِدٍ وَمَا وَلَدَ (3) لَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنسَانَ فِي كَبَدٍ (4).
مجلس الشورى ونظام الوحدة الوطنية:
من جانبه قال أ. خالد الحارثي تعليقا على بعض تفنيدات ناصر بن زيد بن داود: اعتقد ان نظاما لـ “حماية الوحدة الوطنية” هو مطلب، ومطلب ايضا ان لايؤدي ذلك الى مكارثية رغم انني احيانا تجاوزت (رأيا) في التسامح بمكارثية مؤقتة حتى تكسر شوكة من استقوى بالدولة على شركائه في الوطن.
الصياغة لمثل هذا النظام (ويسري ذلك على أي نظام اخر ايضا) لها توجهات ومدلولات اذا لم تراعى فيها انظمة قائمة يشملها التعديل والتحسين بالنص، ويستدرك مشروع القرار ان هناك انظمة سيتم تعديلها بموجب النظام الجديد، في نظري، ومما قرأت عن صيغة المقترح واراء المقترحين والمؤيدين والمعارضين وآرائكم في منتدانا ان هناك ضرورة لأخذ اعتبارات الأعضاء الذين لايعارضون فكرة النظام بل عارضوا صياغاته او حدوده او شكله حتى يتمكن المجلس من اعادة طرح النظام بالشكل الذي يجعلنا كمواطنين في أمان من التعرض للإساءة او الاذى باي صورة بسبب الفكر الطائفي السائد في جهة او منطقة او قطاع ما في البلد واستئثار جاهل او متأول بسلطة ليست من حقه، حماية لوحدة الوطن واهله، الوجدان الوطني لايبنيه مثل هذا النظام بل يرفده فقط ويحتاج الوجدان الوطني سلسلة كبيرة مستمرة من الأنظمة والمبادرات والخطط لغرس معنى الوطن في وجدان اهله.
في السعودية لسنا كمصر او العراق حيث يحمل الاسم إرثا وانثربولوجيا يستدعيها مجرد الاسم ولذلك فهذا ثغر واجب الجميع الوقوف عليه والحماسة له، اما اخذه كمكون مضمون فاعتقد ان فيه تناسي لما خلق الله عليه الناس من طبائع.
أما د. فهد العرابي الحارثي، فقال: علينا أن نشارك هنا في الحوارحول موقف مجلس الشورى من فكرة إصدار نظام يحمي الوطنية ويؤكد حق المواطنة وأنا أعتقد أن هذا الموضوع في غاية الأهمية ولا ينبغي أن يقفل بمجرد أن نتيجة التصويت كانت سلبية في المجلس. فالناس لهم الحق في إبداء آرائهم والإلحاح عليها ومتابعتها والتصويت الذي حصل ليس نهاية المطاف أبدا. شخصيا أنا ضد موقف مجلس الشورى المبدئي والإجرائي. كما أنني ضد مبدأ الرفض للفكرة، وضد إجرائية الرفض لمجرد عدم ملاءمة مناقشتها في المجلس.
مضيفاً: اعجبني كثيرا تفنيد الشيخ ناصر بن داؤد ولاسيما فيما يتعلق برفض ملاءمة مناقشة الفكرة. فللأعضاء الحق في مناقشة أي مشروع، وقد يعملون عَلى تطويره إن كان ضعيفا، وزيادته إن كان ناقصا، والحذف منه إن كان يحتاج الى شيء من هذا. أما رفض القبول بملاءمة الفكرة للتداول وإبداء الرأي فيها فهذا يبعث على التساؤل إن لم يكن في نفوس الرافضين حساسيات غير مستحبة من الأساس. واذا كانت مواد النظام الأساسي للحكم تغطي ما كان يرمي اليه المشروع فالمعلوم أن مواد النظام الأساسي تكون بطبيعتها مجملة ومختزلة بعبارات قليلة وبالتالي فما الذي يمنع أن يكون هناك تشريعات تفصيلية تركز على قضايا محددة وتكون بمثابة ” التفصيل ” لمواد النظام الأساسي للحكم ؟!
وقد علق د. عبد الرحمن الهدلق، على مداخلة د. فهد الحارثي، قائلاً: تكلمت مع احد المطلعين على تفاصيل النظام ومواده وفقراته وذكر امور لو خرجت للمجتمع لرفض النظام. فمن الصعوبة بمكان ان نحكم على النظام ونحن لم نطلع على مواده وفقراته الا اذا كان النقاش سيتحدث عن فكرة ملائمة دراسته في المجلس من عدمها فهذا موضوع اخر.
وقد ردّ د. الحارثي، على تعقيب د. الهدلق، قائلاً: أنا لا أزكي نص المشروع الذي قدم للمجلس فقد يكون عليه بعض المآخذ، وهذا لايمنع من يكون الموضوع نفسه الذي حمله المشروع المقدم للمجلس محل نقاش، وقد تستبدل كل مواد المشروع المقدم أو يتم تطويرها. أما رفض مناقشة الفكرة من أساسها فلا أجد في نفسي القدرة على قبولها.
وكان هناك مداخلة قدمها أ. سعيد الدحيه الزهراني، حول نظام الوحدة الوطنية قال فيها: لعل واحدة من النقاط المبهمة التي تفرض ذاتها كموضع مهم للتساؤل فيما يتعلق بمشروع الوحدة الوطنية الذي رفض من الشورى.. هي نقطة التوقيت.. لماذا يطرح هذا الموضوع بعد حادثتي القديح والدمام؟ لماذا لم يطرح قبلها رغم أن الوطن بأكمله اكتوى بنار التطرّف والتفجير والتكفير؟ لماذا كانت الوحدة الوطنية في مأمن حين هزت التفجيرات معظم أنحاء الوطن؟ في حين باتت وحدتنا الوطنية تحت مرمى النيران الصديقة بمجرد وقوع الأحداث الأخيرة؟
وأردف د. فهد العرابي الحارثي، قائلاً: نحن اليوم، وأكثر من أي يوم مضى، في حاجة إلى إخماد كل ما من شأنه أن ينقض أو يهدد وحدة الوطن، ولن يتم ذلك إلا بحماية ” وطنية ” كل المواطنين، حمايتها من المزايدين والعابثين والذين استمرأوا إصدار صكوك الغفران للناس فيدخلون إلى الجنة من يشاؤن ويخرجون منها من يشاؤن.
هذا وقد اتفق د. عبد الرحمن الهدلق، مع ما ذهب له د. الحارثي، قائلاً: اتفق معك د. فهد كان الاولى مناقشته والتدوال بشأنه وتعديل المطلوب. ولكن من رفض فكرة دراسته ذكر انه قد يجر الى تساؤلات ونقاشات دينية ربما تتحول الى اطروحات طائفية من جميع الاطراف، والمجلس في غنى عنها وبالتالي احتمالية ترتب اضرار قد تؤثر سلباً على الوحدة الوطنية و المصلحة العامة سيكون أمرا واردا.
وعلّق د. فهد العرابي الحارثي، على ذلك قائلاً: إذا تخلى المجلس عن دوره في هذه القضايا الحساسة والمهمة لمستقبل البلاد فماذا ننتظر منه ؟ هل ننظر منه مناقشة تقارير باردة مثل تقارير إدارة الصرف الصحي في الأحساء !!! وهذا ما يؤكد ما نقوله دائما بأن الدولة أو الحكومة أكثر تقدما وجرأة من المثقفين والجمهور ! و لن يفاجئني أن يكون هناك جهات التقطت الخيط من مجلسنا الموقر وكانت أكثر نباهةً منه وستقدم غدا أو بعد غد مشروعا يتعرض لما تم رفضه في المجلس، بصيغة مطورة، وهذا ما كنّا نتمنى أن يقوم به المجلس عوضا عن ان يفرض عليه !!
أما د. مساعد المحيا، فقال: مفهوم العنصرية واسع ولو طبق نظام للعنصرية لدينا أظن انك لن تجد من لا يستحق العقوبة نحن مسكونون بذلك ونحتفي به سرا أحيانا وجهارا احيانا اخرى. أظن أن من الخطأ أن تتم صناعة الأنظمة كرد فعل لأعمال هي خارج القانون كله. مضيفاً: ثمة نقاط في موضوع نظام الوطنية وتجريم الطائفية والعصبية احسب ان من المهم تصورها، اذ قد يكتنف مناقشتها عدم القدرة على التصريح بتفاصيل قد تبدو سيادية.. وحين اشرت أنت الى ان صانع القرار قد يعمل على صناعة تنظيمات متجاوزا مجلس الشورى كما صدر بشأن موضوعات اخرى فان ذلك في تقديري يؤكد ان صانع القرار يميل الى أن يكون هو من يصنع هذه المواد وان تكون مواد هذا النظام تتسق ورؤيته للاحداث وطبيعة الوقائع وان اي نظام اخر قد يعني ان الدولة تكون متهمة في حق من حقوقها تراه امرا ضروريا لحفظ الامن والاستقرار ثمة جوانب يصعب التصريح بها هنا إخالها متصورة لديكم..
من جانبه قال د. فايز الشهري: أغرب ما كشفه الرأي والرأي الأخر حول موضوع النظام هو شراسة واقصائية بعض المتحمسين له، المتطرفون لا تردعهم الأنظمة، بل الحزم. مضيفاً: لو طرح الموضوع بدون هذه الضجة وبصورة وطنية متكاملة ربما كانت فرصه اكثر. واعتذر عن التعقيب ولكني سأتابع تعليقاتكم على الموضوع ولن اعلق احتراما لتقاليد المجلس… ورأيي في الموضوع منشور وان رغبتم نقلته هنا.
وعلّق د. الحارثي، على مداخلة د. الشهري قائلاً: يا أخي كان على المجلس أن يقبل بفكرة مناقشة المشروع، ثم يغيره كله إذا أراد، أما التذرع بأن هناك أنظمة أخرى تغطي الموضوع فلا ملاءمة أبدا لطرحه للنقاش فذلك ما جعل الناس يثيرون التساؤلات حول ما جرى، وأنا من هؤلاء.
مضيفاً: نحن نساق اليوم سوقا إلى الاحتراب الطائفي في المنطقة كلها، ونحن في بلدنا هذا مازال موضوع ” المواطنة ” يكتنفه بعض الغموض والضبابية، فالزمان هو الآن، وألمكان هو هنا، لوضع النقاط على الحروف. ولقد كنت دائما مع تجريم الطائفية أيا كان مصدرها، وبعضكم يعرف عما كتبت ورددت في وسائل التواصل الاجتماعي وغيرها. وإذا كانت الدولة لا تريد مناقشة الموضوع في المجلس فالله أعلم، لكني أتمنى أن تفاجئنا وتفاجيء المجلس نفسه بتشريعات أو تعليمات تنظم الحوار والاحترام بين مكونات المجتمع السعودي، أي هذه المكونات الصلبة التي تقف اليوم في نجران مثلا للإسهام في الدفاع عن الوطن، وهي رفضت في القطيف أن تقع وتوقعنا ضحية لما نساق إليه.
من جانبه قال أ. خالد الحارثي: مداخلة حول نظام حماية الوحدة الوطنية، شكرا د. فهد لفتح الموضوع من جديد لاني اعتقد اننا لم نغطي جوانب مهمة حوله ابرزت بعضها اليوم بوركت، الوطنية لدينا كما اعتقد لاتزال مفهوم يستأثر به جماعات دون اخرين، والتعبير عن المذهب او حتى القبيلة يعتبر مخرِج من الوطنية، وأحيانا يوصف أبناء غير القبائل بأنهم غير سعوديين، والشيعي أحيانا يتهم بأنه غير سعودي أيضا، او لنقل انهم يتهمون بأن سعوديتهم ووطنيتهم ناقصة، هذه أمثلة متجذرة في داخل بعض فئات مجتمعنا واذا اعتقدنا ان كبسة زر ستذهب بها وتنقلنا للوحدة الوطنية فنحن نسعى وراء وهم كما اعتقد، الوحدة الوطنية في نظري تحتاج الى نظام حماية وعدم الوعي باهمية هذا النظام لا يعد رايا بل خروج عن المنهج العلمي بموجب المعلوم لدينا من حقائق عن التعنصر بأشكاله واحتكار الوطنية من فئات معينة.
أما د. منصور المطيري، فقال: في هذا الموضوع ثلاث نقاط: الحقوق يجب أن تصل إلى أصحابها مهما كانت مذاهبهم. والعقائد و الأفكار يجب أن تناقش. وتقوّم على ضوء الشرع الصحيح الصريح بما في ذلك كل الاجتهادات الصادرة من العلماء عندنا، وليس معنى وجود الشيعة و الاسماعلية و الصوفية أن لا نتكلم عن فكر وعقائد هذه المذاهب، بل يجب ديانة أن نفعل هذا لأنه داخل في الأمر بالمعروف و النهي عن المنكر. ويجب أن نعي أن المجاميع الكثيرة من الناس المختلفة العقائد لا بد أن يظهر فيها اتجاهات سياسية انفصالية.. و التعامي عنها يقود إلى مخاطر لا تخفى على مفكر.. فكر معي كيف تسللت النصيرية و هي ٥٪ من المجتمع السوري عبر حزب البعث لتحكم ٩٥٪ منه. لذلك أقول يجب على من يطرح أي مشروع وطني أو يعترض عليه أن لا يغفل هذا الأمر.
من جانبه أضاف أ. مسفر الموسى لا يستطيع أحد أن يعطي رأياً يطمئن إليه دون الاطلاع على المشروع.. ولكن التبريرات في مجلمها غير مقنعه بالنسبة لي للأسباب التالية:
١. أنها ترى أن تظل مبادئ الوحدة الوطنية في حيز نظري ثقافي مثالي.. دون أي محاولة لتدوينها وتفريعها على الورق.. وهنا أقول أن الورق والتقنين هو الضامن الوحيد للحياد في النظر إلى أي قضية تمس الوحدة الوطنية.. وأنه لا ضامن بعد تجارب الحوار الوطني إلى وعي مجتمعي لنبذ الطائفية والعنصرية.. وأن كتابة وتقنين أنظمة حماية الوحدة الوطنية هو طريقنا لممارسة هذه الوحدة وإلا سنظل صورة حكائية لحوار هلامي..
٢. أنها ترى أن بعض الأنظمة موجود أصلا.. مثل نظام الجرائم المعلوماتية..
وهنا فإن الأولى هو المراجعة والتعديل وتجويد المشروع لا ممانعته
٣. أنها ترى أنه يتعارض مع النظام الأساسي للحكم.. وهذه تحتاج إلى الإطلاع على المشروع.. وأخشى إن كنت قد تفطنت للمقصود.. أن هذا الرأي في أساسه طائفي لا يريد لأي آخر من ممارسة حقوقه
٤. أن هذا المشروع سيشعر العالم أننا كنا نمشي في الطريق الخطأ.. وهذا الرأي في حد ذاته كارثة.. إذا أنه ضد التغيير بالكلية كما أنه لا يؤمن بالمراجعة والاعتراف بالقصور والخطأ.. وبالتالي فهو ممانع للتطوير على الإطلاق.
التحايل على الضمان الاجتماعي:
طرح د. فايز الشهري، موضوعاً من الموضوعات الهامة، وهو موضوع التحايل على الضمان الاجتماعي، وقد أورد الشهري إحصائية بيّنت أن الرّبط الإلكتروني كشف عن وجود 107 آلاف متحايل للحصول على الضمان الاجتماعي.
واستهجن د. الشهري حجم هذه الإحصائية التي زادت عن 100 ألف متحايل على أموال الضمان التي هي من أموال الزكاة، حيث لم يجد لذلك مبرراً – بحسب رأيه – سوى أنّه يكشف عن خلل نفسي واضطراب في المفاهيم الدينية، وتبلد حضاري، وخلل إداري.
من جانبه عزا د. عبد الله الحمود، سبب التحايل على أموال الضمان الاجتماعي إلى الضعف الإداري. أما اللواء د. سعد الشهراني، فقال: أعتقد أن من أسباب التحايل، هو الفساد الإداري الذي هو على حساب المستحقين بدرجة أو بأخرى.
وقال د. مساعد المحيا، معلقاً على هذا الموضوع: “إحدى المعضلات لدى وكالة الضمان هي كيف تقنع الناس لا كيف تخبرهم بأنّ أموال الضمان الاجتماعي هي أموال زكاة ولا يجوز أن يأخذها إلاّ مستحقيها، ومما يزيد المشكلة لدى هؤلاء أنّ الذي يقدم على أخذها يسوغ لنفسه بأنه من أهلها. مضيفاً: لدينا أعداد كبيرة ممن يأخذونها من ذوي المستوى التعليمي المتدني أو الأمي وكثير من هؤلاء لا يبالون إطلاقا في الحصول عليها مهما أوصلت لهم من رسالة. وليس هناك من حل سوى التشدد في التقديم ومراجعة الأوراق بدقة وهذا الإجراء طبعاً سيحرم الكثير من المستحقين ممن قد لا تكتمل أوراقهم حين نطالبهم بكل المسوغات القانونية.
وكشف د.خالد الرديعان عن إحدى أوجه طرق التحايل –من وجهة نظره – قائلاً: هناك نساء يتطلقن من أزواجهن للحصول على الضمان ثم يراجعها زوجها لاحقا تحايلا، وهناك من يستحق الضمان الاجتماعي ولا يحصل عليه إما تعففا أو لصعوبة إجراءات التقديم. وفي جميع الأحوال مبلغ الضمان زهيد جداً ولايكفي لسداد “فاتورة جوال”.
من جانبها علّقت د. الجازي محمد الشبيكي، على موضوع التحايل، مؤكّدة على ما ذهب إليه الدكتور الرديعان، قائلةً: هناك مشكلة كبيرة في النظام بما يتعلق بإحدى فئات المساعدة وقد يكون الخلل الأكثر منها، ألا وهي فئة النساء المهجورات، وهذه الفئة لاتستلزم أوراقاً ثبوتية لطلاق أو ترمل، يكفي أن تقول المرأة أنني مهجورة من زوجي من فترة طويلة وتأتي بشاهدين وبذلك يثبت طلبها وتستفيد هي وزوجها من المساعدة للأسف. مضيفةًَ: وهناك أيضاً – للأسف – من يحضر تقارير طبية غير دقيقة لإثبات عدم القدرة على العمل، وأيضاً هناك من الرجال من يكتب يمارس البيع والشراء في الأغنام وغيرها ويقول ليس لدي عمل لأن بطاقته لايكتب عليها مهنته.
وقد بيّنت د. فاطمة القرني، أنّ نسبة التحايل على أموال الضمان الاجتماعي قلّت بعد اعتماد وزارة الشؤون الاجتماعية على وسائل التقنية الحديثة في الدراسة والتدقيق بشأن حال الأسر التي ترعاها. واقترح د. الرديعان، للتخفيف من نسب التحايل على الضمان الاجتماعي، بضرورة توظيف عدد كافي من الاخصائيات والاخصائيين الاجتماعيين للتوسع في دراسة الحالات ميدانيا والتثبت من وضعهم واستحقاقهم للضمان.
وكانت مداخلة أ مسفر الموسى، حول هذا الموضوع، قائلاً: أعتقد أن لدينا أولاً: مشكلة كبيرة في (قواعد البيانات) ومن ثم تصنيفها بحسب الاحتياجات والدرجات والمشاكل التي ممكن معالجتها. ثانياً: لدينا مشكلة نحو (مستوى الثقة) في المؤسسات الخيرية، فكثير من المواطنين لديهم الرغبة في المساهمة في الأعمال الخيرية ولكنهم لا يجدون مؤسسة خيرية تعمل بدون أيديولوجية، ولذلك يخافون أن توجه أموالهم نحو أولويات فكرية لم يتبرعوا من أجلها. ثالثاً: نقص الدراسات ومن بعدها التوصيات العلمية التي تقضي على المشكلة من الأساس، وعلى سبيل المثال، فإنّ حي الجبس في مدينة الرياض يجب تفكيكة، لأنه أنتج ثقافة الفقر بين الأجيال، وساهم في تفشي بعض السلوكيات التي قد لا تنتشر إلا في المجتمعات التي يسودها الفقر.
وبعيداً عن البعد الإداري في موضوع التحايل عدد د. منصور المطيري بعض المفاهيم –التي يجب أن تكون واضحة للرأي العام – من وجهة نظره، هي: مفهوم الفقر ومفهوم المسكنة وغيرها من المفاهيم التي تجيز أخذ الزكاة، وذلك بأن تحدد بدقة وبالأرقام. توضيح قضية علاقة الضمان بالزكاة، فكثير من الناس يظن أنها هبة من الحكومة. الحد من التلاعب والتحايل. ضرورة وجود قاعدة بيانات متجددة للمحتاجين والمستحقين، وهذا مشروع كبير ولكنه ضروري للحد من التلاعب و إيصال الحقوق لمن يستحقها. التوعية تتطلب اشتراك عدة جهات في القضية على رأسها الإفتاء والإعلام.
مشاركة المرأة في المحافل الرسمية:
وحول قضية مشاركة المرأة في المحافل الرسمية، طرح د. فهد العرابي الحارثي تساؤلاتٍ عدّة للنقاش حول كلمة هيفاء جمل الليل في حفل مبايعة أهالي منطقة مكة للملك سلمان بن عبد العزيز، قائلاً: ماذا لو ظهرت د. هيفاء جمل الليل في حجابها الإسلامي وهي تلقي كلمتها أمام الملك سلمان ؟ ما المحظور في ذلك ؟ مضيفاً: أَلَسْنَ السعوديات يظهرن اليوم على شاشات التليفزيون مذيعات ومشاركات؟ ما الذي يمنع أن تلقي كلمتها في الملأ ؟ وهي التي غداً ستترشح للمجالس البلدية، وستنتخب أيضاً، وهي أيضاً تذهب في وفود رسمية إلى خارج البلاد وتتحدث وتناقش وتفاوض وتلقي الخطب والكلمات ؟!!
وأعقب هذه التساؤلات، تساؤلاً من الأستاذ عبد الله الضويحي يؤيد فيه ما طرحه الدكتور فهد العرابي الحارثي، قال فيه: ما الذي يمنع أن تظهر أمام العالم أجمع وفي مجلس الشورى وتبايع الملك. وقد إستلمت شهادتها خريجة وأدت القسم أمام الملك.
وعقّب د. عبد الله الحمود على ذلك بالقول: هذا هو التشدد،. مضيفاً: لامناص من تقنين الفقه ومواجهة المجتمع بذلك وسطية وتطرفاً. نحن نقول غشتنا الإنشائيات حتى صارت من الدين، نقول في كل قضية قولاً لا يقدّم ولا يؤخّر، ونمرح في بحر الكلمات العاطفية فقط، ونجتهد في تبرير تطرفنا بقواعد وأحكام ليست صحيحة.
أما د. الجازي محمد الشبيكي، فقدّمت مشاركتها في هذه القضية، متسائلةً ومتعجبة من الازدواجية التي يتم التعامل فيها مع المرأة السعودية قائلةً: المشكلة عندنا في الازدواجية في موضوع تواجد المرأة في المحافل العامة مع أخيها وشريكها في التنمية الرجل ففي الوقت الذي تُحرم فيه أمهات طلبة جامعة الملك سعود من حضور الحفل بشكل مباشر، تقوم طالبات الطب في جامعة الملك سعود للعلوم الصحية بمسيرة التخرج أمام الملك والحضور في المسرح، عجبي؟!!
وقد أيدت الأستاذة فاطمة الشريف، ما ذهبت إليه د. الشبيكي بأنّه لا يوجد أي مبرر حقيقي أو مزيف حتى لهذه الازدواجية.
ثم قال د. عبد الله الحمود: نحن بحاجة ماسة للمراجعات العميقة لواقعنا الثقافي والاجتماعي. التشدد نمط حياة عند كثيرين منا، والتطرف من هنا وهناك نلحظه ونعيشه في عدد ليس بالقليل من بيوتنا وأسرنا. ويزيد الأمر حماقة أننا لا نواجه ذلك بالقدر المطلوب ولا بالأدوات الفعالة. كأننا نخشى شيئا ما، يعوقنا دون الصدع بما نؤمر. نحذر من القوانين الوضعية، وما لدينا هو وضعي بامتياز. أو على أقل تقدير مرجوح لا نقبل مناقشته حتى علمياً. ونهرب من المكاشفة عندما تضيق الدائرة حول شيء من وضعيتنا فنلصقها بالمجتمع كما فعلنا بقيادة المرأة للسيارة حين تخلى عنها كثير من الشرعيين وأوكلوها للمجتمع، في حين كانت شرعية بامتياز قبل ذلك، وننسى أحيانا كثيرة ما يسبق من أحكامنا كما فعلنا بصوت المرأة العورة، فإذا به ليس كذلك. من هناد. فهد سيستمر سيناريو تجاذباتنا مع المرأة، وهي تجاذبات ليس للدين الحق ذنب فيها، بل كل الذنب ذنبنا إذ لم ندرك حتى الآن ما يريده الشارع الحكيم منا ومن المرأة، دون أن يكون لما نريد نحن أثرا فيه، اللهم استرنا وعلمنا واحفظنا.
كما أبدت د. الشبيكي اختلافها أيضاً مع ما ذهب له د. المحيا، قائلةً: من قال يادكتور مساعد أنّ حضن المجتمع في كل الأحوال دافئ لكل الفئات والتوجهات الفكرية المختلفة. مضيفةً: إنّ موضوع تواجد المرأة وحضورها بشكل طبيعي في المشهد العام في المجتمع شكلاً ومضموناً يحتاج من المهتمين والمبادرين أمثال أعضاء وعضوات هذا المنتدى بذل الجهد المركز لإيصال وجهات النظر الأخرى لصنّاع القرار لأن الموضوع يتطلب إرادة سياسية وهي التي بإذن الله ستحسم الأمر وإلا إذا تركناها لقرار المجتمع فلن يتحرك الموضوع لعشرين سنة قادمة مثل قيادة المرأة للسيارة حيث يبررون ذلك بأنّه رأي وقرار مجتمعي ؟!!
وعلق د. عبد السلام الوايل: إن كان حقاً أن منع خروج الدكتورة هيفاء جمل الليل بترتيب مسبق فمعنى ذلك أن كل محاولات نبذها من الفضاء العام مشروعة وتلقت دفعة قوية. ما أنا متأكد منه أنه يستحيل تطبيق ذلك في مجالات العمل المختلطة. اذهبوا لإحصائيات البطالة لتتأكدوا أن مزيد من فرص العمل.
من جانبه عقّب د. فهد العرابي الحارثي على حديث د. الحمود حول موضوع التشدد، قائلاً: نحن نقول للعالم بأن مذهبنا غير متشدد، ثم نظهر بهذا الوجه الذي لا يعكس سوى التشدد بعينه، هذا على المستوى الخارجي. أما على المستوى الداخلي ففي ما يجري تثبيط وتبكيت للمرأة بكل صدق. نحن مع مع ظهور المرأة المسلمة المحتشمة المحترمة، لتكون نموذجاً للمواطن الصالح، ولسنا مع المرأة المشكلة، المرأة العورة، المرأة الموحية بالخطأ أو المحرضة عليه. هل تقبل المرأة بهذا الدور ؟! المرأة السعودية امرأة متعلمة ولا مفر لها من أن تسمع صوتها لمجتمعها!
أما د.خالد الرديعان، فقد أضاف: مقولة أن الإسلام رفع من شأن المرأة لا تحتاج إلى أدلة للبرهنة عليها؛ فالنصوص في هذا الباب أكثر من أن تحصى، النظرية سليمة جداً ومقنعة وإنسانية لكن المشكلة هي في التطبيق والتصادم الاجتماعي – الثقافي مع الديني، ومن ثم غلبة الثقافي. تشددنا في قضايا المرأة هو في المجمل اجتماعي انسحب على الديني وغلب عليه، تشددنا بنية فكرية بحاجة للتفكيك، ذهنية التطرف والتشدد هي المشكلة وهي المأزق.
وقد استهجنت د. الجازي الشبيكي نظرة المجتمع وتخوفه من مشاركة المرأة بشكل فاعل في الحياة العامة، قائلة: لا أعلم لماذا يخاف الناس من مشاركة المرأة في الحياة العامة وهي بحجابها، هذه المرأة التي تمثل نصف المجتمع وأكثر من ناحية العدد. الحجاب الإسلامي – وليس السعودي – متأصل في تركيبة أغلب النساء العربيات ولو تطلعت بجولة عربية وخليجية لرأيت المحجبات هن الأغلبية من النساء ومع ذلك لم يمنعهن ذلك من المشاركة. في مصر والكويت أرادوا التمرد بحرق الحجاب علناً. فرجع الحجاب الآن أكثر من قبل فلاخوف على المرأة من المشاركة في الشأن العام. في المغرب كمثال أيضاً: المرأة المغربية مُشاركة وهي محافظة على حجابها وأقصد المغربية التي تعيش في المغرب ولا أقصد بعض الحالات الشاذة من المغربيات في باريس ودبي والمرأة السورية والأردنية والفلسطينية وبالطبع الخليجية وغيرهن كثير أغلبيتهن محجبات ومشاركات في الشأن العام في المجتمع.
من جانبه علق د.خالد الرديعان، على استهجان الدكتورة الشبيكي، قائلاً: إنّ نظرية شرف الرجل هي السبب، ذلك أننا ربطنا شرف الرجل بسلوك المرأة وبالتالي فأن الشرف هو المتغير الأساس الذي لم نناقشه. أما أ. خالد الحارثي، فقال: نظرة الدولة للمرأة على أنها “عار” من حين إلى آخر لا يدل على أن المواطنة “لا جنسية”، بل ربما يفتح الآفاق أمام العسف الذي تواجهه كثير من فئات النساء في المجتمع، هل نتصور أن حضور المرأة في مجلس ولي الأمر في مكة حرام وفي جدة حلال على سبيل المثال؟ أعتقد أننا بعيدون جداً عن الاعتراف بها كإنسان إذا ما استمرت مثل هذه الظواهر، ماهي أنواع المفاجآت الأخرى المتوقعة ؟ هل نتوقع منعها من التأليف والكتابة بدون اسمها الصريح مثلاً ؟ ماذا أقول لبناتي النسويات ؟
وقدم د. عبد الرحمن الهدلق، وجهة نظره في هذا الجانب، بقوله: أعتقد أننا جلدنا ذاتنا أكثر من اللازم -على الأقل من وجهة نظري- ومن خلال اطلاعي عن قرب على بعض السياساتأفيدكم أن الحكومة ترغب في التطوير والتحديث ولكن كعادة معظم الحكام السابقين سيكون ذلك بهدوء وروية وتدرج حسب الأولويات مع أخذ الرأي العام بعين الاعتبار وليس فقط رؤية بعض النخب الاجتماعية. لذا كلما تغيرت رؤية الشارع أو الرأي العام إيجاباً نحو التحديث كلما سهل من مهمة الحكومة في التحديث. مضيفاً: التناقضات على مستوى السياسات والمؤسسات السياسية، يوجد أكثر منه على مستوى الأفراد.
وكان لوجهة نظر د. الهدلق تعقيب من أ. خالد الحارثي، حيث قال: أعتقد أنّه من الطبيعي للسياسي أن يتجنب إثارة بلبلة بتجاوز الشرعي لصالح الثقافي، وأعتقد أن مهمة الثقافي في الالتقاء بالشرعي وتقديم المقاربات والمفارقات التي تظهر الضرر اللاحق بالمجتمع جراء التشدد، ومساهمة الشرعي في التقارب بالبحث العلمي المقترن بنظريات علم الاجتماع الحديثة.
بعد هذه النقاشات المطولة ووجهات النظر المتقاطعة حيناً والمتلاقية حيناً آخر، عاد الحديث مجدداً حول موضوع كلمة الدكتورة هيفاء جمل الليل، التي ألقتها في حفل مبايعة أهالي منطقة مكة للملك سلمان بن عبد العزيز وهي متخفية ليتركز الحديث أكثر حول فكرة عدم ظهور المرأة أثناء إلقاء كلمتها أما الملأ.
وعن ذلك قال د. فهد العرابي الحارثي: لم يكن من الضروري أن يكون للمرأة كلمة في حفل مكة المكرمة. كنت أفضل أن تلغى الكلمة أصلاً أو يستغنى عنها كلياً بدلاً من الظهور بالشكل الذي ظهرت به د. هيفاء، فالدكتورة هيفاء موقعها الأكاديمي وثقافتها وسنّها لا يسمح بأن نضعها في المكان الذي وضعت فيه. مضيفاً: أصلا كلمة المرأة في هذه الاحتفالات بدعة اجتماعية وسياسية وافتعال واضح، نحن اخترعنا هذا التقليد لكي نقول للمرأة بأن حقك محفوظ، وموقعك موجود، ولكن التطبيق مع الأسف غير موفق، إذ قلنا لها أثناء التنفيذ: تفضلي سيدتي ! ولكن كوني شبحاً، كوني دخاناً، كوني موجودة وغير موجودة !
وعقّب د. مساعد المحيا، على قول د. الحارثي: يبدو لي أن الشكل الذي ظهرت به الكلمة ليلة البارحة، كان لغة واضحة، ورسالة مهمة، وبيانا رسميا كالشمس في رابعة النهار.
أما د. الجازي محمد الشبيكي فطرحت وجهة نظرها مؤيدة لما ذهب له الدكتور العرابي الحارثي قائلة: سبحان الله ترى نظام الاخفاء خاص بالسعوديات فقط، لو كانوا أجنبيات لظهرن في العلن، مستطردةَ: أتذكر عندما أتانا في الجامعة فريق الاعتماد الأكاديمي ومعهم نساء، فالنساء جلسن معهم ونحن نرى من خلال النقل، فلمًا وصلت أصواتنا ونحن نعلق على ملاحظاتهم “ارتاعت” رئيستهم وصارت أعينها تدور في الغرفة متسائلةً من أين يأتي هذا الصوت. نحن نراها من خلال الشاشة ونسمعها وهي تقول للدكتور عبدالله العثمان وقتها: where are they؟!! “يعني هم عادي يقعدون مع النساء وحنا دكتورات ناضجات معلقات بظروف النقل الصوتي ومشاكله ولو خرب عادي يكملون الاجتماع ويعطونا بعدين المحضر نقراه” ؟!!
أعقب استغراب د. الشبيكي استغراباً آخر من قبل د. عبد السلام الوايل: الاخفاء يضفي الشرعية على التمييز. هنا المعضلة. البعد الرمزي في الحدث متغافل عنه رغم ان له فاعلية. انه يضفي الشرعية على سلوكيات و ينزعها عن اخرى.
وعلّق د. عبد الله الحمود على ذلك، قائلاً: هناك من يقول وهو متحمس جداً، أن ما يتم عندنا بشأن المرأة إنما هو الخيار الأكثر شعبية عند نساء المجتمع، وهو اختيارهن، وعلينا قبوله، وأن من يقول بخيارات أخرى لا يعرف غالبا ما يريده الناس. ولو قلت له هل نتفق على أن خيار الغالبية هو المرجعية في أشياء أخرى ؟ لم يعجبه قولك أبداً وظهرت انتقائيته.
الانتخابات التركية والإقليم:
وفي موضوع نتائج الانتخابات التركية طلب د. عبد الله ولد أباه أعضاء المنتدى النقاش في الموضوع التركي بعد الانتخابات الأخيرة. وقد رأى د. ولد أباه أن لها تأثيراً كبيراً على أوضاع المنطقة، فهزيمة أوردغان الجزئية لها ما بعدها سواء كانت الحكومة القادمة إئتلافية بحزب العدالة والتنمية أو بدونه.
وتعقيباً على ما تفضل به د. ولد أباه كان للدكتور منصور المطيري، رأياً حول نتائج الانتخابات التركية، حيث قال: لا شك أن الشأن التركي أصبح محط أنظار ومراقبة العالم، وخصوصاً إسرائيل وأوروبا، ويعود السبب في نظري إلى النزعة الإسلامية لدى حزب العدالة و التنمية. هذه النزعة التي ترسخ هوية تخالف الهوية التي يراد عولمتها، وأقصد بها تعميم أو عولمة النمط الأوروبي في الحياة الذي يَتبعه توحيد وجهة النظر تجاه قضايا وإشكالات سياسية وفكرية من مثل القضاء على مشكلة إسرائيل الدائمة التي تتعلق بأزمة وجودها في المنطقة ومن مثل إنهاء ما يسمى بالأصولية الإسلامية، ثم السماح للمشروع الذي يجري التمكين له منذ إسقاط بغداد وهو التمكين للأقليات والديكتاتوريات من تسلم السلطة وحكم الأكثرية في بلاد العرب. مضيفاً: فقدان حزب العدالة القدرة على تشكيل الحكومة خسارة للمملكة وللقضية السورية ومكسب لإسرائيل ولحكم العسكر في مصر، ونكسة للهوية الإسلامية التي كانت تجد عزاء في حكومة ناجحة تحكم أقدم البلدان العلمانية في العالم الإسلامي، ومع ذلك فأنا أظن أن الساحة السياسية لن تنجب أكفأ من حزب العدالة في المدى المنظور وإذا تحالفت الأحزاب المعارضة واستلمت الحكم فسيعود حزب العدالة في أقرب انتخابات، هذا إذا لم تعد الانتخابات.
وإشارة إلى تحليل د. المطيري رأى د. ولد أباه: أن حزب العدالة والتنمية هو القوة السياسية الرئيسية في البلد وخروجها من السلطة يربك المشهد الإقليمي كما يعرض تركيا لأزمة خانقة.
وقد وصف د. مساعد المحيا، ما يجري في تركيا، بأنّ: حزب العدالة لم يحقق الأغلبية التي تمكنه من تشكيل الحكومة فهو قد حصل على اكثر من ٤١٪ من الاصوات. والبقية توزعت بين الأحزاب الأخرى. مضيفاً، بأن: الأنموذج الاقتصادي الذي نقل تركيا إلى مصاف أقوى ٢٠ اقتصاد في العالم هو نموذج جدير بأن يتعلم منه العرب لينهضوا ببلدانهم.
أما أ. بدر العامر فكان له وجهة نظر مغايرة لما سبق، حيث قال: ما حدث في تركيا من ٢٠٠٣م، إلى الآن هو ثمن مساهمتها في غزو العراق وإدخال المنطقة في هذه الكوارث، وحزب العدالة قدم الدعم عربون صداقة ودعم للأمريكان وإسرائيل، دعموهم بالمليارات وضغطوا على الجيش حتى يتيحوا لهؤلاء الفرصة كاملة، والاقتصاد التركي فقاعة صابون. مضيفاً: الديمقراطية وسيلة للقادرين على التأثير الجمعي والإعلامي والمالي على الجموع من خلال ما يتم تقديمه من شعارات مضللة. لقد صدق أفلاطون حين وصف الديموقراطية بأنها حكم الغوغاء.
وكان رأي أ. عبد الله آل حامد، في أردوغان بأنّه نجح في قيادة دولة علمانية بعمامة أسلامية، من خلال أجتذابه الحراكيين الأسلاميين الذين نجحو في الدعايه له وعلى الطريقة الإيرانية أقام منابر الشتم لأسرائيل وأمريكا في الوقت الذي صعد بأرقام التجارة البينية مع إسرائيل إلى مستويات قياسية وأقنع الولايات المتحدة بقدرته على إعادة خارطة الشرق الأوسط وسيستمر في نجاحه الداخلي وسيطرته، ولكن تظل معظلة الأتراك الأزلية في التواصل اللغة مع العالم العربي والنموذج الديمقراطي مع أوربا ولذلك مهما كان حجم النجاح الداخلي يظل التأثير ضعيف كالحال بالنسبة لإسرائيل وإيران.
من جانبه قال د. مساعد المحيا: عندما كان أردوغان رئيساً للوزراء استطاع أن يحقق أغلبية ساحقة لكن أحمد داوود أوغلو لم يستطع ملء الفراغ الذي تركه أردوغان في رئاسة الوزراء، لذا كان بعض هذا التراجع، وربما أن الأتراك يريدونه رئيساً أكثر من كونه حاكماً أو سلطانا للبلاد. مضيفاً: الجميل في الانتخابات التركية الديموقراطية أنها تمنح الناس فرصة التغيير والمحاسبة ولذا يكون المسؤول حين ينتخب أمام استحقاق انتخابي مقبل ورقته فيه هو أداؤه. مضيفاً: الديموقراطية تتباين مع الديكتاتورية، وأظن أن الديموقراطية في تركيا نجحت كما نجحت التجربة في تونس، وإذا كانت الديموقراطية هي سبيل التغيير فالمجتمعات التي تمارسها ستظل متصالحة مع خياراتها. أوروبا حين تجاوزت الديكتاتوريات المتسلطة نجحت في الوصول لتعايش أكبر وأجمل ولا تزال ماضية فيه والأنموذج الأمريكي يكفي مثالاً في ذلك. وكمثال تجريدي على ذلك: إذا أردت أن تنجح في إدارة بيتك لمستقبل أفضل فكن ديموقراطيا وعلم أبناءك الديموقراطية الحقيقية وطبقها على نفسك أولا، حينها لا أخالك ستجد من يند عنك ولا عن المسار الذي وضعتموه لمستقبلكم.
وقد خالف أ. بدر العامر ما ذهب إليه د. المحيا، قائلاً: مع احترامي لنظرتك دكتور المحيا، المديح للنظام الديمقراطي كبير جداً، لكن يبدو أن هناك خلط بين مفهوم الديمقراطية والانتخاب، أنت تقول: أعلم أبنائي الديمقراطية الحقيقية، السؤال: ماهو مفهوم الديمقراطية الحقيقية ؟
وعن مفهوم الديمقراطية ردّ د. المحيا على سؤال أ. العامر، قائلاً: شيخ بدر الحديث عن مفهوم الديموقراطية يتسع ولدي كتابات سابقة في هذا لست من الذين يرونها وثنا يعبد أو غاية بذاتها لكن حين تصبح أدواتها هي السبيل لتحقيق عدالة سياسية واجتماعية وثقافية فإنها هي الخيار وإن كنت أميل لمفهوم الشورى برؤيته الملزمة لا المعلمة، وسأعود لتفصيل هذا لا حقا ان اتسع المكان لذلك.
أما د. فهد العرابي الحارثي، فكان تعقيبه على موضوع الانتخابات التركية، بقوله: أكثر ما أعجبني في الانتخابات التركية هو رغبة الأتراك في تحطيم “الصنم”. فقد صنعت تركيا ديكتاتورها خلال السنوات الماضية، فالنجاحات التي يحققها حزب التنمية والعدالة وهي كثيرة كان يستأثر بها أردوغان، والوهج الذي اكتسبته التجربة التركية الجديدة في الحكم كان يدفع الأتراك بقوة إلى أن يصنعوا ديكتاتورهم. أمس قصقصوا أجنحة الديكتاتور الذي كان يواصل نموه وقلّموا أظافره.
أما د. فايز الشهري، فقال عن موضوع الانتخابات التركية: أولاً، أن يحصل الحزب على هذه النسبة فهذا وضع طبيعي بعد أغلبية مريحة على مدى 13 سنة لأن الأحزاب الأخرى عرفت مكامن الإغراء واستخدمتها. ثانيا، الجيل الانتخابي الجديد لديه رؤى لا تتوافق كلها مع لغة الحزب التي تتكئ كثيراً في شعارها على البعد الروحي والريادة في العالم الإسلامي. ثالثا، أردوغان هو الحزب والحزب هو أوردغان ورفاقه بدأوا في الملل من استحواذه على القرار والصورة. أخيراً: أعلن أردوغان أنه سيحول النظام إلى رئاسي بعد الانتخابات وهذا افقده حتى أقرب حلفائه لأن الغاية شخصية لتوسيع سلطاته. وفي كل حال النسبة الأكبر للحزب ولديه الخبرة والمرونة للتحالف واستمرار مشروعه.
من جانبه قال د. عبد الله الحمود، في الانتخابات التركية: في رأيي الأنمودج التركي الأردوغاني باعتباره تجربة سياسبة، (أعني بعيدا عن الأخونة)، إستطاع أن يثبت لعقود أن تركيا تتحسن (was getting well) ولم تكن تزداد سوءا (was not getting worse) وذلك بمقاييس تنموية متعددة. وهذه القاعدة (التحسن في مقابل الازدياد سوءا)، من أجمل ما تعلمته للحكم على الناس والأشياء بقدر عال من الموضوعية. إذ بدون هذه القاعدة لا يمكن الحكم اليوم على تركيا هكذا دون تأثير الأيديولوجيا على الحكم خاصة عندنا. فقبل عقد من الزمان كان كثيرون لا يرون أسلمة تركيا، بل هي في نظر هؤلاء مخلفات علمانية أتاتوركية، ثم ظهر وجه تنموي جديد للناس نتيجة نجاح الآلة التركية في التعريف الإقليمي بالمنجز التركي حينذاك، أعني بداية العقد المنتهي تقريبا. لكن نضوب المكون السلفي (السياسي) في المنطقة حينها، وضعف وتخلخل ولاءاته مع الغرب، جعل الغرب يفكر جدياً في خلافة الأخوان (السياسيين) للمشهد، وكانت تركيا مهددا لذلك لقوتها الذاتية، لكن الغرب مضى لأنه في كل المعادلات أقوى. وبعد أن حدثت نكبة الأخوان سياسياً في مصر، (لسنة ظاهرة سنها الله في التمكين ونزعه في رأيي ليس المجال هنا لبيانها، ولحماقتهم الإدارية)، انكشفت تركيا، سياسيا، بعد أن ظنت في يوم من أيام العرب أنها الحاكم بأمره المنتظر. وهنا (فقط)، في رأيي، بدأت تركيا تسوء started getting worseأعني أيضا، سياسيا فقد انكشف المركب الأخواني في لعبتها السياسية، وانكشف مع ذلك كل من هم في فلكها، أو في غيره من الحكومات والجماعات والنخب، وبدأت حركات التخلي عن تركيا تزداد من كل من لا يسره أن يكون أخوانيا أو أن يعرف عنه أنه أحسن الظن في الأخوان. هذه المحطة التي تبلورت بصعود الجيش للسلطة في مصر، وما في حكم ذلك في كل وطن شرق أوسطي، وتغير كافة عناصر اللعبة الغربية هي كما يبدو لي ما جعل الحالة التركية (سياسيا)، تسوء. وهنا لا بد أن يترجل كثيرون في الفضاء التركي. والله أعلم
أما د. منصور المطيري، فعلق على أولئك الذين يتعامون عن نجاح التجربة التركية ويعادون الإسلام السياسي، قائلاً: مع أن حزب العدالة نموذج ناجح بشهادة العدو والصديق وبشهادة صندوق الانتخابات إلا أن التعامي عن هذا النجاح سمة لمن أسرته الموضة التي ظهرت بوضوح بعد ١١ سبتمبر؛ وهي العداء الفاضح للإسلام الحركي النشط، هذا العداء كان تمطيطا و توسيعا لا مبرر له لعداء و محاربة حركات التطرف. مضيفاً: السؤال هو: ماذا عن أولئك المعادين للإسلاميين في تركيا وفي غير تركيا ؟ ماهي انجازاتهم التي تجعلنا نحبهم ونكره الإسلاميين ؟ ما ذا تتوقعون من الأحزاب العلمانية إذا استلمت الحكم في تركيا وفي غيرها، هل ستقترب مواقفها من المملكة ؟ وكيف نفسر سرور إسرائيل بهذا التراجع لحزب العدالة ؟ يا إخوان هذه الأسطوانة يجب أن تنتهي، وأقصد موضة التنقص من الإسلاميين. ما أشاهده على أرض الواقع يجعلني أحكم بأن الإسلاميين ليسوا معصومين ولكنهم يملكون من الشرف والإخلاص والتسامح والتنظيم ما يتفوقون به على القوى التي تعاديهم، لا أقول أنهم لا يخطئون و لكن أقول أنهم أفضل بمراحل من خصومهم، هم كذلك في كل أنحاء العالم الإسلامي، أستثني من ذلك تلك النتوآت المتطرفة التي استحلت الدماء واتكأت على التكفير، فهي خارج هذا التقييم.
وعن النجاح الاقتصادي التركي، قال اللواء د. سعد الشهراني: الاقتصاد التركي ليس فقاعة صابون بل هو نجاح حقيقي وهو السبب الرئيس لاستمرار الحزب في الحكم والنظام الاقتصادي الحر يمر بدورات اقتصادية دورية ولكن المتغيرات الرئيسية في اتجاه متصاعد قد يشهد الاقتصاد التركي ركودا ولكنه انتمى للاقتصادات المتقدمة ولا يعيب الاتراك ولا الاقتصاد التركي أن لديهم بطالة أو أن هناك مهاجرين أتراك أو أنهم يعملون في مهن نحتقرها كوننا نختلف مع أردوغان أو مع حزبه لا يبرر الانصاف في الحكم على التجربة التركية الحديثة في السياسة والاقتصاد والعودة لمنظومتها الإقليمية والثقافية.
وقدر ردّ. أ. العامر، على ما تفضل به د. المطيري، قائلاً: جعل التحليل هو عداء للاسلاميين مخاتلة غير صحيحة، فاعتبار أردوغان أصلاً إسلامي هذا أمر لا يقبله هو ويصرح بأنه علماني وأن النظام في تركيا نظام علماني. الكلام عن سبب الوصول، وما علاقة الغرب بخلق هذه النماذج في الشرق، هذا الأمر هو الذي يحاول الأهوائيون أن يتعاموا عنه، ولذلك يجرعون كل موبقة لهم بمجرد الشعور بالقرب من ايدلوجيتهم، ولأن الإسلاميين المحدثين في النهاية لا تفرق بينهم وبين العلمانيين في الرؤية السياسية. مضيفاً: السنوات الطوال التي حارب فيها الإسلاميون الديمقراطية وجعلوها كفراً كلها تركت وأعرض عنها حين قيل لهم: سوف تصلون لمبتغاكم عن طريقها.. يريدون الحكم ؟ لهم ذلك، لكن لا يدجلون علينا بشعاراتهم الفارغة.. لكم أن تقرأوا فقط عن خلية ” البلدلبيرج ” واسهامها في اقتصاديات الدول المفترضة، وأن علي أكبر بابا جان مستشار الرئيس التركي عضو فيها.
وعلّق د. علي صديق الحكمي، على وجهات النظر المتقاطعة، قائلاً: لا أعلم متى تتفق النخب لدينا على معيار موضوعي للحكم على الأمور حتى الاقتصاد والذي يقيم بمؤشرات دقيقة يعرفها المختصون نختلف حوله. أتمنى من المختصين تنويرنا بمؤشرات دقيقة.
أما د. عبد السلام الوايل، فقال: أردوغان وحزبه و هل هم إسلاميين أم علمانيين حكاية مثيرة. الحزب تجربة إسلامية وصلت للقبول بالعلمانية. وهذا سبب فراق أردوغان وغل لأربكان. انتج الرجلان منظوراً اسلامياً جديداً، علمانية إسلامية صديقة للدين على النمط الأمريكي بدل الصيغة الأتاتوركية التي أنشئت على التجربة الفرنسية. أي علمانية معادية للدين. الربيع العربي وما أفرزه لجهة الانفتاح المفاجئ في الأفق السياسي العربي وإمكانية صعود الإسلاميين للحكم لخبط الصيغة الفكرية لأردوغان. مما جعله يخرج الإسلامي الذي بداخله، فبدت تظهر علامات الميل للإسلاميين، بما فيهم الإخوان شديدي النقد لتخليه قبل الربيع العربي بعشر سنوات عن حل أسلمة الدولة و المجتمع.
وقد اتّفق د. زياد الدريس، مع ما ذهب إليه د. عبدالسلام الوايل، فقال: أخي العزيز الوثوقية والدوغماتية قد تنفّر الآخرين من الدخول في حوار معك ! حين تدخل في حوار مع أحد أشعره بأن أبوابك و نوافذك مفتوحة لاستقبال فكرته، واستضافتها قليلا من الوقت لتأملها، واتخاذ القرار بعد ذلك لتبنيها أو لرفضها. جميل وعميق طرح د. عبدالسلام ويغري حقاً بالتأمل والتحليل.
أما أ. مسفر الموسى، فقال عن تجربة الانتخابات التركية: إن أحداث الربيع العربي هي الزاوية الحرجة لحزب التنمية والعدالة، إذ أنها أخرجت مواقف الحزب إلى الحيز المادي، بعد أن كانت سياسته تعتمد على القوة الناعمة في مشروعه الاستراتيجي الذي يتبنى بناء علاقات اقتصادية وسياسية وثقافية مع دول الشرق الأوسط قائمة على الإرث الثقافي بين الدول الإسلامية والتراث العثماني أو ما يعرف بمشروع (العثمانية الجديدة). هذا الحيز المادي المتمثلة في مواقف اردوغان السياسية الصريحة والتي دفعته إليها الأحداث في الخليج والشام وأفريقيا أثر على بعض العلاقات الدولية مع تركيا بما يتنافى مع رؤية الحزب في مشروع العثمانية الجديدة وكذلك في مشروع الاتحاد الأوروبي بسبب المواقف ذاتها. وبالتالي فإن التركيز على القومية التركية هو الصوت المناهض لأردوغان اليوم في الشأن الداخلي التركي.
وحول الحديث عن الديمقراطية ونتائج الانتخابات التركية، قال أ. خالد الحارثي: أعتقد أن الحديث عن الديمقراطية بشكل نظري وشكل مطلق لا يتفق كثيراً مع تخصيص الحديث عن شكلها المعين في دولة ما وشعب ما، كما هو في حال الحديث عن حالها في تركيا بالذات، في رأيي أن ديمقراطية تركيا التي يحميها الجيش ويتنازعها الإسلام السياسي بمراهناته على مظلومية العثمانيين واستدرار قلوب الصوفية لاتسمى ديمقراطية بالمعنى الذي تنطبق عليه إرادة الشعب، التجربة التركية لها عدة أشكال وعدة أطوار وحزب الرفاه لايتطابق مع حزب التنمية والعدالة فضلا عن أحزاب إسلاموية أخرى، في نظري أردوغان سلطوي وديكتاتور مهما كانت انتمائاته الحزبية وفي بلد يدعي العلمانية سيركب مع الكاسب ويتلاعب بالجميع.
من جانبه قال د. زياد الدريس: الجدل حول النظام السياسي الأصلح طويل وقديم في الثقافة الإسلامية ويبدو أنه سيطول أكثر وأكثر. الفارق أن دول الغرب وكثير من دول الشرق المتطورة قد اختارت الديمقراطية بعيوبها حتى تجد الحل الطوباوي / النهائي (الفردوس الأرضي، الذي لن يأتي) أما نحن فما زلنا نتمنع عن اختيار المتاح في انتظار وصول المثالي! ومن القصور التعميمي أن نتحدث عن الديمقراطية وكأنها قالب واحد متيبس !؟ الديمقراطية في أمريكا غيرها في فرنسا وغير بريطانيا، وفي الهند ديمقراطية مختلفة عن ديمقراطية الغرب وعن ديمقراطية أندونيسيا أو ماليزيا. الخلاصة أن كل دولة تطور وتعدّل نموذجها الديمقراطي المتناسب مع مكوناتها الثقافية والاجتماعية، حتى يتم تلافي عيوب الديمقراطية أو بعض عيوبها.
وقد اتّفق د. حميد المزروع، مع وجهة نظر د. زياد الدريس، قائلاً: أتفق معك د زياد، ثقافات الدول والمجتمعات هي التي تصيغ انظمتها الديمقراطية، وأن كانت بجميع الاحوال لا ترضي جميع أطياف المجتمع،
كما اتّفق د. فهد الحسين، مع ما ذهب إليه د. الدريس، قائلاً: أحسنت دكتور زياد هذا هو رأي متوازن فالحكمة ضالة المؤمن أنا وجدها، بالديموقراطية أداة لإدارة المجتمعات الإنسانية، فيها الكثير من القصور، وفيها أيضا الكثير من العناصر الإيجابية، وهي قابلة للتحسين والتطوير بما يناسب الظروف الاجتماعية والدينية، والسياسية لمجتمعاتنا.
وبعد نقاش الإخوة حول نتائج الانتخابات التركية انتقل هذا النقاش إلى الحديث عن الإخوان المسلمين وعن الديمقراطية وقبولهم من عدم قبولهم لنتائج صناديق الاقتراع.
الإخوان المسلمون والديمقراطية:
وحول هذا الموضوع قال د.خالد الرديعان: كثيرون ليسوا مع الاخوان المسلمين ولا ضدهم ولكنههم يرون أن الإخوان وصلوا للحكم بصورة ديموقراطية وبالتالي يفترض تقبل ذلك، والسيسي يظل عسكري مستبد ومغتصب للسلطة، وبالتالي ديموقراطية عرجاء خير من حكم مستبد.
أما د. عبد السلام الوايل، فقال: نعم صحيح، هناك الكثير من المواقف المتناقضة، مثل ليبرالي يؤيد انقلاب السيسي أو إسلامي يمانع الاختلاط ويشكك بإيمان من يفرح لخسارة أردوغان.
وقد طرح أ. بدر العامر، تساؤلاً قال فيه: العسكر هم من حكم مصر بعد ٢٥ يناير اثر ثورة (مصنوعة وباهتة ومدارة من الخارج) خرج في الشوارع ملايين وتنازل حسني (الشرعي) ثم حكم العسكر بعده، وخرج في ٣٠ / ٦ ملايين وتكرر نفس المشهد وحكم العسكر. مالذي يجعل الأولى حقاً والأخرى باطلاً ؟
من جانبه علق أ. معاذ آل منديل على تساؤل أ. العامر قائلاً: الأولى ثارت على رئيس مكث في السلطة عقوداً أما الثانية فكانت انقلاب على نتائج الصناديق “اختيار الشعب”. وردّ على ذلك أ. العامر، قائلاً: هل المدة هي التي تحدد الشرعية للثورة، فلو مكث مرسي أربع سنوات يجوز الثورة عليه ؟ وقد أجاب أ. آل منديل، على ذلك قائلاً: بالطبع لا، أنا اقول أن مبارك بقي في السلطة دون نتائج حقيقية أفرزتها انتخابات مزوة لعقود وهو ابن المؤسسة العسكرية أما مرسي فهو مدني. النقطة المفصلية شيخ بدر هي نتائج الديمقراطية وإرادة الشعوب التي داس عليها العسكر بجنازير دباباتهم. قلي أين مصر الآن ؟!! مصر في عهد العسكر من تراجع إلى تراجع كما كانت تركيا في عهد أتاتورك. وعقب أ. العامر، قائلاً: الإخوان الذين ثاروا عليه لم يقولوا مكث طويلاً بل قالوا ولي أمرنا ووالدنا حسني ولا نمانع حتى بالتوريث لمبارك، فجأة صار طاغوت ؟ إذا كانت الديمقراطية هي إرادة الشعوب، فنزع الشرعية هي كذلك. ألم يقل مرسي لو خرج الناس وقالوا: “إمشي حمشي” ؟ يقال التفريق بين المتماثلاث لا يصح عقلاً ولا شرعاً بل الذي يفرق دليل على الهوى المستحكم، يطلع ملايين ويعتزل الرئيس فتسمى ثورة ثم يطلع أكثر منهم فلا تسمى ثورة ؟! أنا لا مع مرسي ولا مع السيسي أنا ضد التحكم الاهوائي في الموقف من منطلق قناعة آيدلوجية تنظر بعين واحدة، خذ مثال آخر للاهوائية: نأتي بعشرات الدلائل على أن ما جرى في مصر هو مثل الثورات الملونة المصنوعة في أوروبا الشرقية، فيقال أنت مصاب بعقدة المؤامرة، يخرج ملايين في مصر في ٣٠/٦ فيقال: مؤامرة مؤامرة ؟!! يقتل في عهد مرسي ٤٣٠ شخصاً فلا يعتبر هذا سفك للدماء، ويقتل في عهد غيرهم فيقال طاغوت جبار ؟!! الذين يتكلمون عن الديمقراطية، الإخوان قلبوها إرشاد على غرار الثورة الخمينية التي هي ملهمتهم فكرياً وسياسياً، والمتحكم بديع لا مرسي. ومن أشكل ما يقع في تقييم تجربة الإخوان ونقدها ومعارضتها ربط ذلك بمعاداة الحل الإسلامي.
أما د. علي صديق الحكمي، فقال: مواقفنا يجب أتكون وفقاً لمصالحنا طويلة الأمد والمصالح تحدد دون مواقف مسبقة من هذا ولا ذاك، بل على معطيات على الأرض، وتوقعات مستقبلية مدروسة بعناية. عاصفة الحزم علمتنا من صديقنا ومن عدونا.
من جانبه قال د.علي الحكمي: من يدعي أن أحكامه السياسية لا تتأثر بأيدولوجيه معينة فهو خالف الصواب والطبيعة البشرية ما يمكن يكون فيه إنسان عاقل ليس له أيدولوجية وأفكار مسبقة. الوحيد بدون أيدولوجية built in هو الحاسب الآلي، حتى الملحدين لديهم أيدولوجيات، أما بالنسبة للإخوان لم يجيدوا فن السياسة ولذا كان عليهم وإلى الآن الفصل التام بين الحزب والجماعة، فكفى أن يهاجم الشخص الآخرين بأنهم مؤدلجين، وهو مؤدلج نفسه. ولذلك لا بد أن نقبل تنوع الأيدولوجيات كطبيعة بشرية ونناقش قضايانا كل من زاويته فهذا يلقي مزيداً من النور والاختبتر لها ويساعد للوصول لقرار رشيد أما اعتقاد أن طرف لديه الحقيقة والآخرون بعيدون عنها فهذا ما يقود لكوارث: والاختبار لها
أما أ. يحيى الأمير، فقال: انساق كثيرون خلف عناوين عامة تدور حول الحياد والحق والديمقراطية واحترام الصناديق، وكلها أفكار إيجابية إلا أن فصلها عن الواقع هو المشكلة، فترة حكم الإخوان كانت كارثة وكل يوم كان يمر وهم في السلطة كان يمثل كارثة أكبر، انتصار الإسلام السياسي وفي مصر تحديدا كان سيفجر الأوضاع في كل المنطقة وأول من سيستهدف المملكة والخليج. أيضا انا أيها الزملاء على مستوى الأفراد لست مع مرسي أو السيسي، لكني ضد حكم وتمكن جماعات الإسلام السياسي، والذين يقولون أعطوهم فرصة تماما كمن يقول أعطوا الحوثيين فرصة ؟!! إنما أيضا لست مع استمرار قضية الإخوان كقميص عثمان بمعنى أنه من الأنسب التعامل معها كمرحلة وانتهت ولا يجب أن تظل مهيمنة على تفكيرنا ومواقفنا خاصة مع تسارع الأحداث، أيضا لست مع التعميم الكامل فمثلا في اليمن الإخوان يختلفون عن إخوان مصر، كان بإمكان الإخوان في مصر أن يقدموا تجربة جيدة وأن يغيب الصف الأول من القيادات المهترئة وأن يدفعوا بأسماء جديدة توازن بين انتماءها وبين مسؤوليتها في الحكم.
أما د. عبد الله الحمود، فقال: من أعجب الأمور أن يسعى مثقفون لتفسير موضوعي لأحداث يديرها سياسيون. وأعجب من ذلك أن يعتقد البعض أنه يمكن التفسير الموضوعي ابتداء
أما اللواء د. سعد الشهراني، فقال: نحن كسعوديين وعرب ومسلمين نريد مصر مستقلة قوية حرة عادلة ولا يهم من يحكم ولكن كيف يحكم. كلهم لهم أخطاء كبيرة وتعرضوا ويتعرضون لمؤتمرات خارجية ويتآمرون على بعضهم. شخصياً كنت ولا أزال أعتقد أن الصبر على الإخوان كان ممكنا مع أن المخاطرة كبيرة ليس على مصر ولكن على المملكة أيضا بسبب الفكر السياسي الإخواني الأممي الذي يتجاوز الدول القطرية مما قد يدخلنا في فوضى وحروب لعقود طويلة.
أما د. منصور المطيري فقال: سؤالي للأخ يحيى الأمير، الذي قال أنه ضد الإسلام السياسي: بأي منطق علمي وحقوقي تمنع من تسميته بالإسلام السياسي من استلام الحكم في بيئة تتيح الفرصة للجميع لاستلام الحكم ؟! الأمر الثاني: ما هو الإسلام السياسي ؟!
فأجابه أ. الأمير، قائلاً: الله يحييك د. منصور، لا أعلم جيدا ماذا تقصد بالمنطق العلمي فالمنطق الرياضي والفيزيائي لا يعمل هنا ولا في مختلف القضايا ذات الأبعاد الإنسانية والاجتماعية إنما موقفي من الإسلام السياسي مرتبط بفهم الإسلام السياسي للدولة، نحن نتحدث عن الدولة الحديثة القطرية والإسلام السياسي لا يقدم خطاباً وطنيا بل خطاباً أمميا. ثانيا: الإسلام السياسي يتخذ من الإسلام شعاراً للحكم وليس حقيقة. ثالثاً: الإسلام السياسي أقرب وأسهل من يبيع وطنه وأرضه وتاريخه مقابل البقاء. رابعاً: الإسلام السياسي يمثل خطرا على كل الممالك وعلى رأسها المملكة. أما على المستوى الحقوقي فإن مواجهة الإسلام السياسي مثلها مثل مواجهة أي خطر يتهدد الأمن القومي. أنظر لنموذج الإخوان في مصر وعلاقتهم بأمريكا وقفزهم على ثورة 25 يونيو، وانظر لعلاقاتهم مع إيران حين كانوا في السلطة.
من جانبه قال د. مساعد المحيا: أعود للسؤال هل حكم الإخوان مصر ؟! شخصياً لا أعتقد ذلك. أولاً: حين يحكم حزب فإن أول مايحصل عليه هو الوزارات السيادية، حين فاز مرسي كان وزير الداخلية هو وزير حكومة السيسي وكان وزير الدفاع هو الذي أصبح رئيس الدولة وكانت الاستخبارات ووزارة الخارجية تمارس عملها مستمدة تعليماتها من الجيش وقيادته. للعلم الذي دعا أن يعطى مرسي فرصته هو الملك سلمان حين كان وليا للعهد. مضيفاً: دعمنا صدام ثمان سنوات وبعثنا له بكل ما يحتاج، وانفقنا الكثير ثم كان أول من بعث لنا بالرياض صواريخه، ودعمنا علي صالح وعالجناه وسمكرنا وجهه وأوهمنا بأنه يحارب القاعدة والحوثيين ثم تبين لنا أنه عدو مبين وبعث لنا بصواريخه، نحن نمثل الاتجاه السني في المنطقة وكل تكتل سني ينبغي أن نمد له أيدينا، نعمل معه من أجل مستقبلنا ولا يلزم أن نتفق مع كل مطيات مشروعه، حين نقصي الاتجاهات السنية ونصنع منهم أعداء سنقف في الهواء لا هدفاً سنبلغ ولا حاضنة سنية تحبنا لأننا سنستعدي الجميع من يفكر بمشروع الدولة ينظر للأمور بنظرة أعمق ومن يبني استقطاباته وفقا لعواطفه وبغضه لطيف أيا كان لن يكسب شيئا، حين أجد من اي طيف استعداء لنا في المملكة لن أتردد في الوقوف منهم موقفا حازما أما وأنا لا أجد منهم ما يسوؤني فهم معنا ونحتاجهم اليوم وغدا.
وعن ذلك قال أ. بدر العامر: في مصر يا دكتور مساعد وزير الدفاع هو فريق الجيش ومن عينه مرسي، وابراهيم عينه مرسي، يمكن الخطأ الذي لم يحسب له حساب هو أن ينزع طنطاوي ويعين السيسي، فنزع هرماً لا طموح له بشاب كان رئيس الاستخبارات العسكرية، وعارف الخارطة المصرية وهذا من عدم النضج وقلة التجربة ومصير العقلية الحزبية المنغلقة إذا حكمت. الشعب المصري والسيسي كلهم قالوا: تغيير الحكومة وانتخابات مبكرة، فما رضي.
أما د. عبد الله الحمود، فقال: الإشكال الأكبر في ظني الذي خلط الأوراق على الإخوان في مصر إبان حكمهم، أنهم وصلوا للسلطة بأدوات الشعب، وحكمو بأدوات الحزب المؤدلج. وهذا أسقطهم من جانبين الأول تخلت عنهم الكتل المعارضة وناصبتهم العداء، والثاني لم ترق أيديولوجبتهم في جانبها العملي لمراكز القوى العالمية. مضيفاً: الحكم عندي نوعان، ثائر وتوافقي، ومن يحكم جراء ثورته، تكون معه جل أدوات حكمه، ومراكز قوته، ومؤسساته، فإذا كتب الله له التمكين ساد بها ما شاء الله من زمن. ومن يحكم بالتوافق، لا خيار له من أن تكون كل مؤسساته بالتوافق أيضا، أو يخسر ملكه، وهذا ما حدث لأخوان مصر.
ولا أعتقد أن الغرب بحث عن إسلام معتدل أبدا في ظني هم كانوا مع الشيعة بمرجعيتهم القوية مسيطرين على المد الشيعي وتداعياته ومع السنة من خلال تحالف تاريخي مع السلفية التقليدية، وجعلهم بمثابة المرجعية للسنة. حتى 11 سبتمبر وقبلها بقليل عندما فقدت السلفية التقليدية وهجها في الشارع السني، وتمردت على بعضها، فأراد الغرب بديلاً ذا مرجعية وظن بالأخوان خيراً فتحالف معهم ومكنهم، لكن الإخوان أنفسهم لنقص خبرتهم ولعلل يعلمها الله لم يفلحوا، فخاب ظن الغرب بهم، فاستبدلهم مباشرة بأمور ثلاثة، العسكر في حالات الفوضى وتمكين الشيعة (الحليف الغربي المستمر) في حالات أخرى.
من جانبه قال اللواء د. سعد الشهراني: نحن نبدي آراءنا كمراقبين غير محايدين وعدم الحياد هذا أرى أن يتجه بنا إلى أن ننظر إلى الحالة المصرية وغيرها من وجهة نظر تتبنى المصالح الوطنية السعودية والمملكة وأمنها الوطني. وأعتقد أن التعاطف مع الإخوان وصل إلى نقطة متدنية جداً خصوصاً من قادة الرأي والمثففين سياسيا في المملكة و حول الحالة المصرية حكي في الماضي. مرة اخرى نريد مصر صديقة (وليس باي ثمن) و قوية مستقرة تحت اي نظام حكم. ولا ننسى ان المملكة تعايشت مع مصر الناصرية والساداتية والمباركية و البعثيين في العراق و سوريا واليمن الجمهورية ولعقود طويلة و وصلت المملكة لمكانتها الحالية خلال هذة الفترة. المملكة تعلمت ويجب ان تتعلم من الدروس المستفادة في العقود الماضية وان تطور ادواتها السياسية الداخلية والخارجية و ان نستخدم ادوات القوة الناعمة المتاحة بكفاءة وفاعلية.
المناهج الدراسية وتطويرها:
استعرض د. عبد السلام الوايل، صورةً من إحدى المقررات الدراسية توضح حد السرقة في القرآن الكريم، وكيفية قطع يد السارق والملاحظ في الصورة أن هناك صورة أخرى بجانبها لكيفية قطع “الرِّجْل”، غير أنّ الآية واضحة في موضوع قطع يد السارق والسارقة، فكان الاستغراب من قبل د. الوايل هو وجود صورة “الرِّجْل” وما علاقتها بقطع اليد. وعن ذلك قال د. الوايل: هل صحيح أن هذا يدرس في مدارسنا ؟!
وعن هذا التساؤل أجاب أ. د. عبد الرحمن العناد، قائلاً: لا أعتقد أن هذا في مناهجنا الحالية وأكيد ليس في مناهج الثانوية والمتوسط، فقد راجعتها مؤخرا لأغراض بحثية
وعَزَتْ د. عائشة حجازي، توضيح حد السرقة في الصورة المشار إليها، إلى أنّه: قد يكون هذا التوضيح الذي في الصورة عن حد السرقة في الكتيبات التي تنشر فيها بعض الأحكام، ويبدو من الصورة نفس ألوان الكتابة في المناهج.
تحدث أ. خالد الحارثي، عن عدّة ملاحظات عامة في المناهج، منها – بحسب رأيه-: أولاً المسؤولية الذاتية. وثانيا: حق الاختيار. أما ثالثا فتقنين الأحوال الشخصية مدنيا.
واقترح د.خالد الرديعان، عدّة مقترحات من أبرزها: ضم أشخاص من خارج الوزراة للجنة المناهج ممن يوصفون بالاعتدال، حتى لا تكون اللجنة قصرا على من هم في الوزارة.
وأن تضم مناهج الأدب والنصوص الشعرية شيء من الأدب الحقيقي والشعر الذي كنا نقرأه في غابر الأزمان من شعراء المهجر ومدرسة أبولو بدلاً من الشعر الذي يحمل طرح آيديولوجي، مع ضرورة عدم التذكير بمآسي الأندلس في مناهج التاريخ ولطميات أبو الطيب الرندي، وأن تضم المناهج مقطوعات من الأدب العالمي.
كما ويجب الاهتمام كثيرا بمادة التربية الفنية فهي وسيلة لتنمية الوجدان وحب الحياة وتقدير الجمال وحب البيئة. فطلابنا أكثر أعداء البيئة؛ فبهم جلافة وغلظة مع كل ما يرونه يدب على الأرض كالحيوانات والاشجار والزهور…
ومن الملاحظات التي طرحت في هذا الصدد أيضاً ما قدّمه د.خالد الرديعان، حول بحثٍ تم إجراؤه عن “عدم جاذبية المدرسة للطلاب”، قائلاً: عملنا بحث عن أسباب عدم جاذبية المدرسة لأطفالنا فوجدنا من هذه الأسباب: الوقت، فدخول الطلاب في وقت مبكر خطأ يذهبون للمدرسة وهم نصف نيام. متسائلاً: لماذا لا يتم تأخير الدوام إلى التاسعة صباحا ؟!. مضيفاً: نحن أمام مفترق طرق في تعليمنا إما مجتمع جديد أو كارثة، كما قال زكي نجيب محمود.
أما أ. د. عبد الرحمن العناد، قدّم أيضاً عدّة ملاحظات حول التربية الفنية، قائلاً: يوجد جزء معتبر في مقرر التوحيد للصف الأول متوسط عن تحريم الصور والرسوم لذوات الارواح، ووجوب طمسها وعقوبة المصورين والكتب الدراسية مليئة بالصور والرسوم فعن أي جمال نتحدّث؟!!
وكان للدكتور فهد الحسين، وجهة نظر مغايرة مفادها: في رأيي أن معالجة الخلل أو تطوير التعليم لا يصلحه معالجة جزئيات هنا وهناك، وضمن آراء انتقائية قد نتفق عليها أو نختلف. وأرى النظر في تطوير مناهج التعليم بالنظر له كنظام، وهي نظرة شاملة مبنية على عمل ممنهج يماثل تماما أسلوب إعداد مشروع خطة استراتيجية، وهذا هو ما يتفق مع المفهوم العلمي المنهجي، فالمنهج لا يقصد به كتاب المقرر الدراسي، ويشمل بيئة التعلم، المدرسة وتجهيزاتها، والنقل المدرسي، وخدمات الإعاشة والنظافة، واختيار الكادر التعليمي، والإدارة المدرسية، والمعامل، والملاعب. والقائمة طويلة، وآخرها الكتاب المدرسي وإذا أخذنا بمراجعة مناهج التعليم كنظام فإن التطوير يحتاج مراجعة، وهي مراجعة وقراءات مكثفة، وحضور دورات وورش عمل ضمن إطار الجودة والاعتماد الأكاديمي، حيث عملت لسنوات في دراسة مناهج التعليم العام والجامعي، وبدت لي الملاحظات التالية:
الحاجة لتحديث سياسة التعليم، حيث أنها قديمة كتبت في عام 1391هـ، وسياسة التعليم هي سياسة شاملة تمثل وثيقة تشريعية للتعليم تضبط بموجبها اتجاهات خطة التعليم، والمخرجات التي نتفق على تشكيلها، والمحددات أو الخطوط العريضة للتعليم وضوابطه. ويشترك في صياغتها مؤسسات الدولة السياسية، والأمنية، والدينية، وغيرها. إضافة إلى مشاركة ممثلين عن المجتمع بكافة فئاته.
تبعا لسياسة التعليم تصدر وثيقة عامة بأهداف التعليم العامة. ووثيقة التعليم تمثل دليل موجه لواضعي المنهج التعليمي، وفي ضوءه تصمم البيئة التعليمية، واختيار المقررات التي ستقرر على الطلبة، والأدوات، واستراتيجيات التعليم، وأساليب التواصل والاتصال، وتقنيات التعلم، وما إذا كان الكتاب المقرر في شكل ورقي أم إلكتروني، والتطبيقات التي ستستخدم.
في ضوء الوثيقة العامة للتعليم، تعد وثيقة خاصة بأهداف كل المواد المقررة فهناك وثيقة أهداف مواد العلوم الشرعية، ووثيقة أهداف العلوم الاجتماعية..الخ. وفي ضوء هذه الأهداف تصمم الكتب الدراسية، حيث يتم اختيار الموضوعات المقررة على الطلبة والمبنية على نواتج التعلم المستهدفة، وطرق قياس وتقويم أداء المتعلم (الاختبارات). إضافة إلى إعداد دليل المعلم…الخ
وقد أيد طرح د. الحسين، الدكتور خالد الرديعان، مضيفاً لهذا الطرح اقتراحً مفاده: بضرورة قيام لجان الجودة العالمية بزيارة القائمين على تطوير المناهج وذلك بهدف الاستفادة من خبراتها ومقترحاتها. وفحص التجربة الماليزية في التعليم فهي رائدة جدا ولاسيما أن ماليزيا بلد إسلامي.
من جانبها أثنت د. الجازي محمد الشبيكي على طرح د. الحسين، خاصة فيما يتعلق بتحديث سياسة التعليم بالإضافة إلى أهمية مشاركة مؤسسات الدولة المختلفة مع ممثلين لفئات الشعب بمختلف توجهاتهم الفكرية في إطار مرجعية ودستور الدولة أخذاً بالمستجدات التي طرأت على البشرية كلها من جميع أبعاد تلك المستجدات واتساقاً مع متطلبات التنمية واستفادة من التقنيات الحديثة.
كما قدّم د. عبد الله الحمود مقترحاً، قائلاً: هناك استراتيجيتان وطنيتان جديدتان جدا ثقافة الجيل واستراتيجية مواجهة الغلو والتطرف والانحراف الفكري بمركز الحوار لو أن الوزارة تبنت توصياتهما وبرامجهما لغطت جانبا مهما من المشكلة.
وبعد هذا النقاش الغني بوجهات النظر المختلفة والتي تصب جميعها في أهمية تطوير التعليم في المناهج الدراسية في المدارس السعودية انتقل الحديث إلى المؤسسات الأكاديمية ورسائل طلبة الدراسات العليا، حيث نوقشت هذه القضية تحت عنوان الهدر المعرفي.
المؤسسات الأكاديمية ورسائل الدراسات العليا (الهدر المعرفي):
وعن هذه القضية وضع أ. مسفر الموسى، في المنتدى عنوان إحدى أطروحات رسائل الدكتوراة التي تم مناقشتها في إحدى الجامعات السعودية، وعنوانها “الاحتساب على منكرات الملاعب والملاهي المعاصرة” وهذه الرسالة هي قدمها طالب من الجنسية الصومالية.
وقد علّق أ. الموسى عن هذه الأطروحة، بقوله: هذا هو الهدر المعرفي بعينه ؟!! مضيفاً: إنّ يوماً واحداً وصفحةً واحدةً تكفي لهذا الموضوع. أحيانا المؤسسات الأكاديمية قد تكون وسيلة لصناعة الجهل.
وقد قدّم د. عبد الرحمن الهدلق، توضيحاً عن فحوى نتائج الرسالة المشار إليها، ملخصاً ذلك: بينت الدراسة وجود بعض المنكرات في نوادي كرة القدم بالمدينة المنورة، والتي من بينها: عدم التقيد باللباس الشرعي، والحلف بالكذب، والتصرف بما لا يتفق مع تعاليم الإسلام عند الفرح والحزن، وضياع الأوقات بما لا فائدة فيه، وترك الصلوات والجماعة، ولبس الميداليات والدروع الذهبية للرجال، والرقص والتصفيق والتصفير والهتافات، والتهاون بالتصوير والتباهي به، والسباب والشتائم، وممارسة العنف والشغب، ووقوع التحاسد بين المسلمين، والتبجيل والتقديس للاعبين البارزين، والإسراف والتبذير للمال وإهداره، والوقوع في التدخين، وتناول المنشطات الضارة بالجسد، كلها بنسبة متفاوتة، فبعضها موجود بكثرة، والبعض الآخر قد يزاوله بعض الأفراد.
الدكتور عبد الرحمن الهدلق من جانبه تعجّب من طرح هذه الأطروحة، قائلاً: أتعجب أن يستحق هذا الموضوع رسالة دكتوراة يكتبها طالب وافد من الصومال الشقيق أجهد نفسه وأهدر وقته في قضية لا تلامس هم الشارع العربي والإسلامي، بينما هناك العشرات من المواضيع ذات الأولوية التي كان ينبغي على الجامعة توجيهه لها. مضيفاً: لو رد الطالب على شبهات جماعة الشباب في الصومال لكان أجدى وأنفع لنا ولوطنه الصومال الجريح الذي أصبح دولة فاشلة “فيلينق ستيت” بسبب الصراعات الفكرية والحزبية والتطاحنات القبلية هناك. أعتقد أن الموضوع الأهم المتعلق بهذه الرسالة وما شابهها يلقي بضلاله على مخرجات التعليم العالي !!! أحسب أن مخرجات التعليم بشكل عام والعالي منه بشكل خاص تحتاج لنقاش جاد ومستفيض.
أما الأستاذ خالد الحارثي، فقد أثنى على طرح كلاً من أ. الموسى و د. الهدلق، قائلاً: هذا مدخل جميل لمناقشة “كيف لمخازن الفكر think tank” السعودية أن تأخذ مكانتها على مستوى العمل الحكومي والتأثير في صناعة القرار في القطاع الخاص في قضايا مطروحة دون حلول اقتصاديا وعماليا وإداريا، وأيضا ثقافيا وإعلاميا. مضيفاً: أعتقد أن الاحتساب المتمثل في جهاز هيئة الأمر بالمعروف يمكن أن يكون له فوائد كبيرة إذا كانت ممارسته مع المؤسسات بدلا عن المتسوقين في الأسواق، الباعة والمسوقين ينطبق عليهم في الغالب “قلة الادب” في أقل وصف متحفظ (محشومين ياخواني وخواتي) وهنا تكون لسلطات الاحتساب أثر كبير في جعل الأسواق أكثر أمنا واكثر أخلاقا، وتنطلق منها الكثير من المؤثرات الإيجابية في الأثر الأخلاقي الذي يطال مسؤولي المشتريات والموضة الموسمية لتتلائم المعروضات مع دين وأخلاق البلد. أنا اتّفق مع د. عبدالرحمن ود. علي، في التوجه لكن المخرجات بحد ذاتها ليست المشكلة بل الجهاز الذي يسمح لمخرجات هزيلة بأن تكون هي المخرجات الأكثر عددا.
وقدّم د. علي صديق الحكمي، مداخلته في هذا الموضوع، قائلاً: بالفعل ملاحظات مهمة على الرسالة وهي تدل دلالة كبيرة على عدم اتضاح الهدف من دراسات الدكتوراه ، من الأولى والواجب أن تهدف رسائل الدكتوراة وغيرها من الرسائل إلى تقديم إسهام علمي جديد قائم على أسس نظرية، وليس إلى دعم توجه فكري أو آخر أو الانطلاق من أفكار وأحكام مسبقة. مضيفاً: لقد أصبحت بعض رسائل الدكتوراه كمقالات الصحف.
وعن ذلك قال أ. عبد الله آل حامد: رغم مليارات (تطوير التعليم): ما زال تعليمنا في المؤخرة ال (٦٦) عالميا.
المخدرات والشباب:
نشرت د. الجازي محمد الشبيكي، حول هذا الموضوع خبراً بعنوان: السلطات البحرينية تضبط أكبر شحنة مخدرات في العالم بقيمة ملياري ريال في طريقها إلى السعودية.
من جانبه علّق د. مساعد المحيا، على هذا الخبر، قائلاً: للأسف هناك استهداف مقصود بعضه استثمار في بيئة تستهلك هذه الكميات وبعضه رغبة في إدخال الشباب والفتيات في اتون المخدرات. مضيفاً: كان بعض زعماء المهربين من خارج المملكة حين يتم القبض على مليون حبة كبتاجون يوصل رسائله ليتحدى الذين قبضوا على تلك الكمية بأنه سيدخل مقابل ذلك خمسة ملايين حبة. هذه الكميات المهولة لا يمكن توقع استهلاكها إلا اذا كان الناس يستخدمونها غذاء ودواء ضمن طعامهم اليومي.
أما د. فايز الشهري، فقال: الأخوة والاخوات في موضوع المخدرات يلزم ان نفرق بين التعاطي والإدمان؛ فنسبة التعاطي عالية بشكل عام خاصة تعاطي الحشيش، أما نسبة المدمنين فحسب معلوماتي لا زالت تحت المعدلات العالمية، أما النسبة الكبرى من المضبوطات في المملكة فهي من أعلى المعدلات العالمية ولكن يمكن تفسيرها برغبة المهربين وتجار المخدرات في خلق سوق وثقافة تعاطي المخدرات ومن ثم التعويض مستقبلاً، ونحن في الخليج ننفرد دون كثير من دول العالم بحوالي 6 ساعات فراغ يوميا عند المراهقين ووجود مصروف جيد في جيوبهم وكل صاحب تجارة يحاول الاستثمار في هذين العنصرين بمن فيهم تجار المخدرات.
وتعقيباً على ما تفضل به د. فايز، قال أ. مسفر الموسى: هذا يجعلنا نعيد التأمل في ساعات الفراغ عند المراهقين. دول الخليج تعتبر هذه الفئة عبئا على الدولة، بينما هم وقود الاقتصاد والعمل والتنمية في الدول المتقدمة. مضيفاً، بأنّ: وسائل الاستفادة من هذه الطاقات معدومة، وقد طرحت هنا فكرة تبني نموذج الحي الثقافي (كاتارا) في قطر بكل ما يحويه من منصات إبداعية في مختلف الجوانب. وفي بيئتنا لا يوجد لدى الشباب خيارات للتسلية والترفيه والإبداع، فهي بيئة جامدة بين المدرسة والمسجد والشارع أضف إلى ذلك غياب ثقافة الهوايات حيث تنشأ الأجيال بصورة نمطية دون فروق فردية تصقلها الهوايات ومراكز تنمية المهارات
أما أ. عبدالله الضويحي فقال: أن من أسباب شيوع المخدرات الفراغ، والعمالة الوافدة هي الأخرى وحرمانها من بعض حقوقها من أرباب العمل جعلها تلجأ لأساليب أخرى للبحث عن دخل. ناهيكم من إستهدافنا كمجتمع. للأسف لم نعد نهتم بما يشغل وقت الفراغ للشباب من الجنسبن منذ ثلاثة عقود ونصف وتحديدا بعد حادثة جهيمان وما رافقها وتبعها من تحولات في المجتمع. لعلكم تذكرون كيف كان الوضع قبلها سوق الفن بجانب جامع الديرة والسينما في المربع وكان ذلك في عهد الملك فيصل وإبن إبراهيم وإبن باز. المراكز الصيفية كانت مراكز إشعاع حضاري وتنمية مواهب وكذلك المدارس وما يتخللها من حفلات ومسرح ونشاطات رياضية خرجت رياضيين مثلًوا المنتخبات ومذيعين وصحفيين وكتاب ومعظم جيلنا هم خريجو تلك المراكز والمدارس.
من جانبه قال د. مساعد المحيا: إن عصابات المخدرات المحلية والإقليمية تتعامل مع المخدرات على أنها بضاعة والاشتغال بها تجارة ومن ثم فإن أي انجاز أمني بضبط كمية منها يمثل خسارة فادحة لها وضربة قوية ضدها. ما يبدو لي هو أن كثيرين ممن تتم ضبط بضاعاتهم في المملكة لا يكترثون كثيرا بل يهددون بإدخال المزيد وفعلا يقوم بإرسال المزيد من المخدرات، والمملكة تتعرض لحرب مخدرات وسوريا كانت عبر مصانع عديدة كانت ظالعة بذلك وكنت أخال أن الحرب ستحد منها لكن استمرارها واستكبار مهربيها يفتح الأفق حول ظلوع ايران بهذه الكميات ولعل ضبطية البحرين الأخيرة مؤشرا مهما في ذلك ان ايران تستخدم لغة تدمير الشباب والعقول فذلك جزء من حرب طويلة الأمد. مضيفاً: من الجوانب التي لا يعلمها الكثيرون أن حبوب الكبتاجون التي تنتشر في المملكة مغشوشة حيث يتم إضافة مواد تتلف أعصاب المخ ولذا يكاد يكون من الصعب أن يشفى أولئك الذين يتعاطون تلك الحبوب حين يدمنون عليها…
أما د. عبد الرحمن الهدلق فقال عن موضوع انتشار المخدارات في المملكة: ذكر لي مساعد الأمين العام للأمم المتحدة المدير التنفيذي المعني بالمخدرات والجريمة انتونيو كوستا في أحد اللقاءات معه أنه يعتقد أن المملكة مستهدفة من تجار وأباطرة وكارتيلات المخدرات وأنه أدرك من خلال تتبعه لخطوط وحركة تهريب المخدرات في العالم أنها تستهدف المملكة وأنها تتجه بكثرة نحوها، ويعتقد أن من أهم الأسباب لذلك يرجع للقدرة الشرائية للمجتمع السعودي وأضيف لذلك انها جزء من مخطط كبير من قوى معادية للملكة لإفساد الشباب وإبعادهم عن قيمهم ودينهم ليسهل التأثير عليهم من خلال زرع قيم بديلة تخدم مصالح الخصوم والأعداء ومن تتبع الصراع القديم بين الصين والغرب ودور المخدرات في ذلك أدرك ما اقصد.
وقال د. عبد الله الحمود: أهل محاولات تخدير شبابنا وفتياتنا كثيرون وأدواتهم كثيرة أيضا، والمخدرات ليست سوى أحدها، ودورنا المأمول أن نعرف جيداً كيف نحمي مجتمعنا ونحصنه من محاولات تخديره، كل المحاولات: ما يسعى منها لتخدير عقله، أو جسده، أو ذاته، أو إنسانيته، أو أهليته للفعل الرشيد في الحياة. المخدرات ليست سوى نوع من الأذى، يفضح صاحبه، ويفضح المجتمع الذي لا يواجهه. لكن حاجتنا التنموية الأهم أن نواجه كل مخدرات الناس حتى تلك التي لا تطهر عواقبها لكل الناس. في تعليمنا مخدرات، وفي تربيتنا مخدرات، وفي إعلامنا مخدرات، وفي منابرنا مخدرات، وفي سياقاتنا الثقافية والاجتماعية مخدرات، وفي مرور شوارعنا مخدرات، وفي تغول تجارنا مخدرات، وفي ثلة منا مخدرات، أتطلع إلى مشروع وطني رشيد للحرب على كل مخدراتنا.
وتعقيباً على ماذكره د. الهدلق، قال د. فايز الشهري: صحيح ما ذكرته د. عبد الرحمن، وهذا يتفق مع التحليل القائل برغبة كارتلات المخدرات في جعل المخدرات ثقافة شبابية كما هو الحال في معظم دول العالم. والخطة تقتضي أولا خلق السوق وتشكيل ثقافة التعاطي بين الشباب، وفي المرحلة الثانية الضغط على الدول لتقنين الاستخدام الشخصي وهي حالة شبيهة بما حصل مع تجارة التبغ، يوجد الآن أكثر من 20 دولة تسمح بالاستخدام الشخصي وهناك 15 دولة تدرس السماح الآن.
وعن سبل العلاج من المخدرات، قال د. مساعد المحيا: ما يتعلق بسبل العلاج أظن أن البعد الإيماني بما يشتمل عليه من كم معرفي وعظي مناسب لمن يوجه له هو الخط الأول الأكثر نجاعة في مواجهة المخدرات، وأظن أن أكثر الذين وفقهم الله لترك هذه الآفة كان ذلك بسبب جهود دعوية أو تربوية واجتماعية جعلته يقتنع بأنها تحمل له الدمار، والوقاية من المخدرات تتطلب الكثير من الجهود والأساليب والوسائل بما يوازي حجم انتشارها، وأما علاجها فيحتاج جهودا أخرى وفي الجانبين نحتاج لغرس قيم الخوف من الله ومراقبته وعظم إثم من اتلف عقله وأذهبه.
من جانبه قال د. حميد المزروع: أعتقد أن تطبيق (نظام مراقبة الحي) أصبح ضرورة لحماية الأحياء السكنية، وهو نظام أمني يقوم بة المتقاعدين أو المتطوعين من الأحياء السكنية للتبليغ عن المروجين والمشبوهين. وهو في تقديري نظام يمثل خط دفاع عن الأمن الاجتماعي ويمثل أداة للحماية الأولية والردع، بالتعاون مع مراكز الشرطة.
واتّفق أ. عبد الله الضويحي، مع ما أشار له د. حميد المزروع من نظام مراقبة الحي، قائلاً: فكرة جيدة ذكرنا ب (العسة) سابقا وإن إختلف الهدف وشموليته ثم جاءت الدوريات وقامت بدور لا بأس به إلا أن تقنين المحروقات عليهم في عهد أحد مدراء الأمن العام جعل مهماتهم في الشوارع الرئيسة وخرجت عن الأحياء وهو ما كان له دور في ارتفاع معدلات بعض الجرائم. أعتقد أنه آن الأوان لتكوين مجالس الأحياء من المتقاعدين وغيرهم من المتطوعين لتقوم بمهام عديدة فيما يتعلق بتنمية الحي وحمايته والحديث يطول عن مهامها.
وحول موضوع مراقبة الأحياء، قال أ. خالد الحارثي: الأدوار الأهلية المقترحة للمراقبة والمتابعة الأمنية لاتتناسب مع الممارسة الاجتماعية الحالية في وعيها بالواجب لاجتماعي نحو الأحياء السكنية والوطن السعودي، اعتقد أننا نبالغ بنسخ التجارب في مجتمعات العالم الأول دون الأخذ بعين الاعتبار عمق وسماكة وجودة الفضاءات الاجتماعية هناك فضلا عن وعيها بذواتها وأفرادها، الكيدية والتشفي ممارسة اجتماعية منتشرة في مجتمعاتنا وإغفالها لايمنع ترشيح ظهورها، Murphy’s Law، وفي نظري أن التنمية الاجتماعية المتوازنة والأدوار في العمل البلدي تطور البيئة الاجتماعية للحد من تغلغل الآفات الكثيرة التي يعاني منها المجتمع وبالأخص الشباب والمخدرات تأتي في المقدمة لكن كعَرَض فان الاسبق منها هو تحصين الشباب عن الوقوع فيها إذا ماكان المجتمع والنشاط الاجتماعي هو الحاضن الرئيسي للشباب.
أما الدكتورة طلحة فدعق، فقد اتفقت مع مجمل ما طرح في قضية المخدرات وترويجها، قائلةً: المخدرات كجزء من الثقافة الشبابيه التي يجر إلى مستنقعها شبابنا اتفق مع د. عبدالله الحمود في طرحه وشدني اكثر مقولته: ” وفي سياقاتنا الثقافية والاجتماعيه مخدرات “.. نعم هذا هو المحك فتلك السياقات المخدره (فاعلا كانت ام مفعول به ام حال) هي مكمن الداء حيث أفرزت العديد من الأمراض لعل أبرزها ما اسميه اصطلاحا “هلامية القيم” لدى الشباب اتحدث عن واقع ملموس نعايشه في جامعاتنا وحياتنا اليوميه في تعاملنا مع شباب لايعي اجمالا الفرق بين (الصح والخطأ، وبين الحلال والحرام، وبين المقبول والمرفوض.. الخ) والسبب تلك السياقات المريضة أو المشوهة التي تؤطر مؤسسات التنشئة الاجتماعية. فكيف سيستقيم الظل والعود أعوج كما يقال ؟
واتفقت د. الجازي الشبيكي مع طرح د. طلحة فدعق، قائلة: أعجبني طرحك عزيزتي واتفق معك في طروحاتك النقديه للسياقات الاجتماعية والثقافية لكن دعيني أتوجه بالسؤال لك ونحن ننتمي تقريبا لنفس المجال السوسيولوجي: ماذا فعلنا نحن كأكاديميين وباحثين ومفكرين لإصلاح الحال؟ وماهو دورنا في الاصلاح الاجتماعي إن جاز لي التعبير !! وأين السوسيولوجيا من مواكبة الحدث ؟
وبهذه التساؤلات تركت د. الشبيكي النقاش مفتوحاً حول قضيايا المخدرات والمراهقين، لينتقل النقاش إلى موضوع الفقر والبطالة وظاهرة التستر.
مسلسل سيلفي الرمضاني:
حول مسلسل سيلفي الرمضاني وتحديداً الحلقة التي ظهر فيها الاستاذ ناصر القصبي متهكماً على بعض المشائخ في طريقة أدائهم وتحولهم إلى الهداية، قال أ. سعيد الدحية الزهراني: في شيفرة دافنشي عرض مهيب لاشتغالات رمزية دقيقة تمرر عبر أعمال سينمائية شهيرة وروائية رائجة، بمعنى أن تتأكد بأنك أمام مشاريع تتجاوز التهريج المحزن على النحو الذي أهم رموزنا الفنية يقدمه بفخر عظيم!! سيلفي القصبي شهادة على أننا مساكين ونثير الشفقة في هذا الشهر العاطفي.
أما د. م. نصر الصحاف، فعلّق على موضوع الحلقة قائلاً: لا أتابع التلفزيون سواء في رمضان أو غيره لسبب بسيط وهو ضعف المادة المقدمة والاستخفاف الصريح بعقل المشاهد ولا سيما البرامج “الكوميدية” المحلية التي تفتقر إلى أبسط الأسس سواء في الطرح أو مهنية التمثيل. أمام هذا الفراغ ومحدودية الثقافة الفردية في مجتمعنا يكون الحس العام في حاجة ماسة إلى نوع من التنفيس والفكاهة حتى ولو لم ترتقي إلى المستوى المطلوب!
من جانبه قال د. مساعد المحيا: الدراما التلفزيونية يمكن أن تقدم الكثير من الأعمال الساخرة لكل ما يجري في المجتمع ويفترض أن يشمل هذا كل مؤسسات المجتمع وأفراده، كما أن من الممكن أن يتم تقديم أعمال نقدية لكل مظهر أوسلوك خاطئ بما فيهم العاملين بالمؤسسات الإسلامية أو الأنشطة والبرامج ذات الصفة الدينية حين يمارسها شخص بطريقة خاطئة. المشكلة أن ما يجري هو عملية انتقائية تخرج من الدراما الجيدة إلى محاولة استفزاز المجتمع لتسويق حلقات البرنامج وتشويه صورة المتدين إذ يفترض أن تتم معالجة الخطأ دون ان يشمل ذلك الكثير من السنن أو ما يجب على المسلم الالتزام به وهو ما تخلط فيه هذه المواد الدرامية العديد من الأعمال الدرامية. يبدو لي أنها حاليا تجبن عن أن تسخر بالعديد من قيم الإسلام ومبادئه لكنها تختار طريق السخرية بالمتدينين، وفي تقديري لو أنها تعاملت مع المتدينين كغيرهم ونقدتهم بوصفهم أفراداً من المجتمع لما أثار ذلك أي مشكلات.
وعلّق د. م. نصر الصحاف، على مداخلة د. المحيا، قائلاً: لا أعتقد أن تضخيم الصورة السلبية للمتدينين أو المبالغة في ذلك من قبل “فنانينا” عن سوء نية بل قد تكون بسبب الجهل التام بحرفة التمثيل والاعتماد الكامل على التهريج والعبث على حساب الآخرين! أما د.خالد الرديعان، فقال: قد تكون مشكلة التهريج في ما يقدمه القصبي والمالكي تكمن في ندرة كتاب الدراما الكوميدية فما يتم تقديمه في الغالب هو اجتهادات شخصية من الفنانين أنفسهم وهم غير متخصصين؛ ففايز المالكي على سبيل المثال يقدم نمطاً من الدراما المرتجلة ويكرس بعض القيم البدوية المرفوضة لكنه يقدمها بقالب يجعلها مقبولة وهنا خطورة ما يقوم به، وأغلب مشاهدي المالكي أطفال تعجبهم شخصيته وكل ما يقوم به واللهجة التي يستخدم موغلة في محليتها وقد لا تصل إلى البعض بسبب مفرداته.
وعلّق د. عبد الرحمن الهدلق، على ذلك قائلاً: شاهدت آخر جزء من حلقة سيلفي المتعلق بموضوع التوبة ولفت نظري المبالغة فيه خاصة تقصير الثوب، شخصياً لا أميل إلى أي برنامج يستفز فئة كبيرة أو تيار كبير من المجتمع خاصة عندما يغيب الهدف الإيجابي من الحلقة، هذا الاستفزاز ومن خلال التجربة والرصد الميداني يدفع أحياناً ببعض الشباب إلى المزيد من التطرف قد يصل بهم بسبب جهلهم وحماسهم إلى تكفير الحكومة، وهذا لا يخدم الجهود الأمنية في مكافحة التطرف. أعتقد أن الدراما أو بعض البرامج الإعلامية ممكن أن تتناول بعض الظواهر بمهنية عالية دون استفزاز أي شرائح اجتماعية، والإشكال أن الإعلام بشكل عام يهدف إلى الإثارة بهدف الاشتهار ومن ثم جلب المزيد من المشاهدين ولو كان على حساب بعض القيم الاجتماعية.
من جانبه قال د. فهد العرابي الحارثي، حول مشاهد مسلسل سيلفي: ناصر القصبي يتمتع بكاريزما كوميدية لا تضاهى، ولو وجد في بيئة ثرية فنياً كمصر لبزّ كبار الكوميديين المصرين. مشكلة ناصر هي دائما مع النصوص الهزيلة، ومشكلته كذلك مع التورط فيما أطلق عليه الزملاء الاستفزاز الذي لا يرقى إلى مستوى الكوميديا! أنا لا أعرف لماذا نظن أن مما يسعد الصائمين في أول يوم من رمضان أن يشاهدوا هذه ” الكوكبة ” من الراقصات ! ثم يأتي بعدهن مباشرة إظهار المتدينين بذلك المظهر المقزز! إن الذي كان يضحكني وأنا أشاهد الحلقة هو الكاريزما الكوميدية لناصر لم يكن أبدا موضوع الحلقة وبالذات في أول يوم من رمضان، مضيفاً: علاقة السعوديين بالدِّين مثل علاقتهم بالوالدين: فيه حب وفيه مقدس، ممنوع انتقاد الوالدين وأحيانا ممنوع انتقاد أصحاب الوالدين!! لك أن تنتقد من الناس مادون ذلك، على الرغم من أنهم في أعماقهم يعرفون أن والديهم مثل بقية البشر فيهم السلب وفيهم الايجاب لكن فرائصهم ترتعد عندما يشرعون في التفكير بهذه الطريقة. وإذا أردت تمجيد الفن فلا يلزمك أن تضعه في مضمار واحد مع المقدس، لأنه سوف يخسر ! ضعه في السياق الإنساني العام لكي ينطلق ويكسب، فأنت لست مضطراً للجوء إلى تفكيك العلاقة بين الحرية في أفقها المترامي والدين في ضوابطه وتجلياته. لكل واحد فضاؤه الذي ينتظمه فلا تقارب أو تقارن أو تتمحك، ناهيك عن أن تفكر أصلا في مصالحة مستتبة مستقرة. لا تشغل نفسك بهذه الأمور فنتائجها قليلة جدا ! مجّد الفن! ولكن لا تجعل دافع ” توفيق” بطل الحلقة للجوء الى التدين هو الارتزاق وحل مشاكله المادية. هل هذه المسألة ضرورية في سياق تمجيد الفن الراقي وهجاء الفن ” الواطي” كما كان يسميه فلان طبللّي؟ (نسيت اسم البطل).
أما أ. د. عبد الرحمن العناد، فقال: الدراما تتطلب تصوير مبالغ فيه لواقع نعيشه وقد وجدت الحلقة كوميدية مسلية أبدع فيها ناصر، وهي مؤلمة للبعض لأنها تمس واقعا لا نريده أن ينتقد. الكوميديا العربية لم تكن يوماً إلا تهريجاً، وطوال عمرنا نعرف هذا ونستمتع به.
وقال د. عبد السلام الوايل: تعقيبا على بعض ما تفضل به الزملاء هنا، أود إثارة النقاط التالية: لماذا يكون من المشروع للدعاة واﻷئمة والخطباء السخرية من القنوات الفضائية ومهاجمة أهل الفن ورميهم بأقذع الاوصاف وعدهم محض ظواهر ساقطة أخلاقيا ولا يكون لهؤلاء اﻷخيرين حق الرد بسخرية مماثلة؟ إن كنا نسمح للفئة (أ) أن تهاجم الفئة (ب) ونستنكر هجوما مضاداً بحجة عدم استفزاز المجتمع فنحن ببساطة غير عادلين ونقر بالتمييز. ولماذا يعد مهاجمة أهل الدعوة لأهل الفن علامة على الطهر الأخلاقي والالتزام الديني المحمود فيما العكس يعد سخرية بذات الدين قد يوقع المرء في دائرة الاثم والحرام؟ ألسنا بهذا التقسيم نقدس فئة في المجتمع يعدها دون غيرها مسمومة اللحم بحماية إلهية تخصها دون غيرها من فئات المجتمع؟ هذه نفس سمات التمييز الذي خص به رجال الدين المسيحيون في أوربا القرون الوسطى. في الختام، إن وضعية: أنه من المشروع لي ان اسخر منك فيما أنه من المحرم عليك السخرية مني وضعية تمييزية لايمكن الجمع بينها وبين الإيمان بقيم العدالة والمساواة.
وعلّقت أ. ليلى الشهراني، حول موضوع مسلسل سيلفي قائلةً: إن تركيز بعض القنوات التجارية على السخرية من كل المظاهر الدينية ولد عند المتلقي كراهية شديدة لها، فللأسف لا يمكن أن نسمي ما يعرض دراما كوميدية، بل مجرد توظيف للدراما والإعلام لخصومات فكرية، ناصر القصبي من سنوات طويلة وهو يقدم نفس الفكرة والقالب التهريجي الذي يتكلف فيه كثيرا، نحن نحتاج لقاعدة أخلاقية في التعامل مع المخالف لنا في الرأي أو الفكر حتى نبني عليها آراء نقدية ونزرع الوعي، أما إن أستمر الوضع فقط أسخر مني وأرد عليك فستكبر الفجوة كثيرا، وسنبقى فقط في دائرة الهجوم والدفاع والانقسامات.
أما د. فايز الشهري، فقال: المشكلة في ثقافتنا أننا لا نتحمل الاختلاف ولا نرضى بالنقد ونتحسس من الأدب الساخر والدراما الساخرة وان كنا نشاهدها ونستمتع بها. باختصار نحن لا نصنع الرموز ولا نساعد الرمز الذي صنع نفسه ليستمر ويصبح مؤثرا، وهذا ينسحب على كل المجالات، مضيفاً: إن نجوم الإعلام الفضائي الآن هم السعوديون الشباب وغيرهم هم من أسس مرحلة جديدة للحوار، تركي الدخيل، عبدالله المديفر، داوود الشريان، فهد السنيدي، سليمان الهتلان، يحي الأمير، عبدالعزيز قاسم. وانظروا الإخبارية هناك شباب يناضلون في الدراما كنا لا نجد إلا سماجات عادل إمام وفؤاد المهندس فظهر جيل سعودي في طاش وغيرها أسس لكوميديا تحتاج إلى دعم لا إلغاء ونبذ. الفكرة أننا في ثقافتنا نبدأ بالمعارضة ثم الخلاف ثم القطيعة، وفي ديننا مساحة الخلاف كبيرة وفي القرآن أورد الله حجج المخالفين على سوء أدبها (وقالت اليهود يد الله مغلولة). الاشكالية في مسألة الفن هو ثمرة الإشكالية في مسألة الهوية، نحن من بين بلاد الله النموذج والمقصد الروحي لأمة تعاني في كل شيء، ولو استطعنا تطوير هذا النموذج بحيث يكون مستوعبا للمعاصرة على قاعدة الثوابت لأمكن تجاوز كثير من الإشكالات، ليس خيارا نموذجنا الإسلامي بل قدر مقدس في روحه الحرمين وعلينا أن نصونه بأنموذج فيه حياة ولكن لا ينفصل عن أصالته.
من جانبه قال أ. عبد الله بن كدسه: أعتقد أن ما نراه في الإعلام من مظاهر سلبية للمجتمع اليوم هو صورة حقيقية لما يجب أن نقبل بها ونواجهها و نحلها، ليس الحل في إنكارها ولا انتقاد من يصور لنا أنفسنا في التلفزيون. يبدأ الحل في الاعتراف بالمشكلة وطرحها في الإعلام وجذب الجمهور لمناقشتها والحديث عنها حتى تأتي الحلول، ماقام به ناصر القصبي هو واقع موجود في المجتمع حتى لو كان في تمثيله شيء من الاستفزاز ولكن أعتقد أن هذه هي الدراما.
وعلّق د. عبد الله الحمود، على هذا الموضوع قائلاً: أعتقد أن مشكلة الفنون عندنا إجمالا، وأهمها أعمال التراجيديا والكوميديا أننا لا نملك الحواضن الداعمة التي تؤسس للعلم وللممارسة الفنية، الكوميديا الواعية رائعة، وكوميديا التهريج أيضا جميلة، ومن هنا نستمتع عادة عند حضور مسارح خارجية تقدم نقدا مجتمعيا جميلا من خلال مهرج. والإشكال في ظني ليس هنا، الإشكال أن كثيرا مما يظنه الناس عندنا كوميديا ليس كوميديا أصلا، بل سخرية وذلك لعدم تمكن كتاب النص وكثير من عناصر الإنتاج من صناعة الكوميديا، فيصير النقد سخرية من الآخر، وهذا هو ما يثير غضب المسخور منه، ويحرج الناقد الواعي لو ذهب للدفاع عن هذا المسخ الذي ظنه الناس كوميديا. ما أعنيه أن الفنون ازدهرت في المجتمعات غير المؤدلجة لأن القواسم المشتركة واسعة، وبالتالي حدود الصواب والخطأ واضحة أيضا اما في المجتمعات المؤدلجة فلا يمكن تصور ذلك، وبالتالي الحل الأهم يكمن في قوة التشريعات ووضوحها كمرجعية حاكمة للسلوك، وفي فقدها تسلط فئة مجتمعية على فئة أخرى، عندها يؤمن المجتمع أن الفئة المتسلطة هي المرجعية المعتبرة وتختلط الأمور هنا وتظهر الفتن.
أما د. نصر الصحاف، فقال: نحن كمجتمع ينقصنا المتابعة للبرامج و للمسرحيات بدون أحكام مسبقة وعنصرية ؟ فالجمهور الأجنبي على سبيل المثال يحضر العرض لمجرد الترفيه غالبا وبفكر منفتح.
وحول هذا الموضوع قالت أ. ليلى الشهراني: مايقدم اليوم على الساحة الدرامية الخليجية بوجه الخصوص والعربية عموماً لا يمكن تسمية أكثره بالفن أو الأدب، إن كان البعض يستخدم الوصاية الدينية، فهناك من يستخدم الوصاية الإعلامية، نعم هناك تضييق كبير على الناس في بعض الأمور وكأننا من بقية جيل الصحابة، وهناك ميزان غير عادل في التعامل النقدي مع بعض المسلسلات، لكن هذا لا يجعلنا نستسلم لتلك النصوص الهزيلة والدراما القبيحة، فهي تمارس ذات الشيء الذي تحذر منه أو تنتقده، مرحبا بكل عمل فني راقي يحترم عقل المشاهد ويزرع الوعي في عقول الأجيال، أما الفن الهابط أخلاقيا وثقافيا وفكريا فلا يزيد المجتمع إلا جهلا وتخلفا، المشاهد اليوم ضحية صراعات فكرية لا أكثر. مشكلتنا أننا نوظف الحدث للذات وليس للمبدأ، ولو تأملنا في أحوالنا لوجدنا أننا في الأحوال العادية ننادي بالتسامح والسلام الداخلي واحترام الاختلاف الذي هو فطرة إنسانية، لكن تفضحنا المواقف ويخفق معظمنا في اختبار مانقوله وما لا نطبقه.
وعلّقت أ. هداية درويش، على ذلك قائلة: إنكارنا للسلبيات التي تحدث في المجتمع زادها انتشارا بل وجعلها البعض مظهر يميزنا عن غيرنا من المجتمعات وترسخ في أذهان كثير من الناس وإن ما يحدث يمثل؛ خصوصية مجتمعنا، اهانات يتعرض لها الشباب في الاسواق لا تقل عن ما تواجهه النساء؛ إحساس الشاب بأنه عنصر غير مرغوب فيه ومشكوك في أمره أينما ذهب يؤثر سلبا على تركيبته النفسيه. ودوما أتساءل عن سبب منع ابني مثلا من دخول الأسواق ليشتري بنفسه أي من احتاياجاته يمنع لأنه بمفرده وأكيد داخل وفي نيته أن يعبث براحة المتسوقين وأتساءل عن إحساسة بالفرق حين يجتاز جسر البحرين وعندها يكون بإمكانه دخول الأسواق أو الجلوس في كافيه مع ابنة عمه او خاله دون أن يتعرض لضرب أو اهانة أو يساق إلى جيمس الهيئة ؛ الدين واحد وتعاليمه واحدة ؛ وما نراه على الشاشة هو صورة لما يحدث؛ فقط ما نتمناه هو الجديد وتغيير قالب لازال يقدمه مبدعونا كما هو منذ سنوات دون تغيير؛ على جانب آخر الدراما بقالبها الموجود حاليا تضع يدها على كثير من السلبيات وكثير ما تضحكنا ولكن للدراما دورا يتجاوز الضحك فتطوير آليات العمل الفني ضرورة في ظل سيل طاغ لم نتمكن من منافسته حتى الآن رغم ما هو متاح من إمكانيات وطاقات مما شهدناه في السنوات الأخيرة عبر يوتيوب من حضور شبابي تمكن من إيصال رسائل نقد مباشر لما يدور في المجتمع وهي كوميديا بعيدة عن الإسفاف.
أما أ. خالد الحارثي، فقال: أعتقد كما يظهر، الفنون والأدب لاتزال تعاني من الشح في الإنفاق (لا التخصيص قبل البنية التحتية) وحتى الصحافة تعاني الشح والرتابة التي أخرجتها من كونها مهنة الى نشاط تعاوني قائم على المكافآت الهزيلة، رغم كل شيء كان بالإمكان المنتجين الاسترشاد بوثيقة اللجنة الدائمة للإفتاء (Guidelines) للعمل الفني يمكن البدء به لعشر سنوات على الاقل، او استقراء القايدلاينز من الكويت في عصر النهضة الفكرية والأدبية والفنية. الفن ضرورة وغيابها يتسبب في كل العته الذي نواجهه في سلوكيات أفرادنا ومجتمعنا، واستمرار تصنيفه السلبي من بعض النافذين في المجتمع هو لايقل عن تسميم للجهد الجمعي الذي يبذل كل منا فيه بما يستطيع في نهضة البلد والمجتمع
وحول ذلك تساءل أ. سعيد الدحية الزهراني، قائلاً: أريد أن أسأل سؤالاً واحداً وحيداً فقط: هل ما يقدمه ناصر وكل الطابور الفني لدينا يستحق أن يسمى (فن)؟!! سنتجاوز الطابور وسأقف أمام ناصر بوصفه قائد الطابور، قضية ناصر الأزلية أعمال تتماس مع الدين (أتفق معه تماماً في معظمها من حيث فكرة مهاجمة التشدد) لكن هل يقدم العمل على أنه (هوشة جارات) في حين اننا ننتظر منه عمل فني عمل أدبي حقيقي. ناصر بهذا الأداء يقدم لخصومه المتشددين خدمة مجانية لإلغائه رسمياً وشعبياً وجمالياً الخاسر الأكبر في هذه الحفلة هو إنسان هذه الأرض الذي كان يمني نفسه بحالة من فن ربما تولد قريباً، أظن أن الفن سحر فعال لتحويل أي شيء لأي شيء، وأفيون أيضاً.
الفقر والبطالة وظاهرة التستر الوظيفي:
حول هذا الموضوع قال د. علي صديق الحكمي: للأسف أنه ليس لدينا تحديد دقيق لمستوى الفقر نستطيع من خلاله تحديد نسب الفقراء في المجتمع بدقة، كما أن هناك من يلوم “الفقراء” على فقرهم ويعزوه لكسلهم أو عدم رغبتهم في العمل أو قبولهم بأي عمل.
أما د.خالد الرديعان، فقال: أنا ممن يلوم الفقراء على فقرهم في مجتمعنا تحديدا بسبب الوفرة التي يتمتع بها اقتصادنا، غير أنني لا ألومهم في مصر، إنما ألوم دولتهم.
من جانبه سأل د. علي صديق الحكمي، د. الرديعان، عن السبب الذي جعله يلومهم ؟! فأجاب د. الرديعان: لأنهم مكبلون بثقافة الفقر وهي مجموعة قيم متخلفة تمنعهم من العمل والكسب.
وأردف د. علي صديق الحكمي سؤاله بسؤالٍ آخر قال فيه: وماذا عن الأرامل والمتقاعدين ممن رواتب تقاعدهم زهيدة وكبار السن الذن ليس لديهم تقاعد ؟ والمعاقين وغيرهم شرائح كثيرة ؟ ربما تعني يا د. خالد فئة القادرين على العمل وحتى هؤلاء من يعمل منهم بوظيفة حارس أمن ب ٣٠٠٠ ريال أليس فقيراً ؟!
واتفق د. الرديعان مع د. الحكمي بقوله: الفئات الأولى اتفق معك لكن من يتوجه للعمل كحارس أمن فهذا مفرط في جهده للحصول على دخل زهيد، هناك البديل له لكنه لا يريده وهو السوق، نعم السوق. مضيفاً: لدينا في السعودية أكثر من مليون ونصف وظيفة في تجارة التجزئة، من الذي يمسك بها؟
وعقب د. الحكمي على ذلك بقوله: لا يمكن أن يجيد جميع الشباب عمل التجارة، ليس في المملكة فحسب وإنما في جميع دول العالم، التجارة ليست فطرية. متسائلاً: هل هذه مسؤولية الشباب ؟! حتى ولو رضي الشاب بوظيفة بياع براتب زهيد سيضل طول عمره تحت خط الفقر ولن يستطيع شراء شقة ٨٠ متر مربع أو سيارة ناهيك عن الزواج وإنجاب أطفال ؟!
من جانبه قال د. الرديعان، صحيح ما تفضلت به د. علي: لكنهم يجيدون التستر على الوافد صاحب التجارة !! فاجابه د. علي متسائلاً: من هم؟ تقصد الشباب أو التجار، يبدو أننا نتحدث عن شريحتين مختلفتين.
أما أ. خالد الحارثي، فكان تعليقه حول هذا الموضوع، بقوله: هل المتستر فقير يرفض العمل ؟ وهل يمكن التوضيح كيف يسلم العمل للوافد ؟
وعن ذلك، ردّ د.خالد الرديعان على تساؤل أ. الحارثي قائلا: هو يسلم العمل للوافد، مضيفاً: الدكان أو المحل باسم الشاب ويحصل على مبلغ شهري زهيد في حين أن البضاعة للوافد وكذلك معظم الأرباح.
من جانبه تساءل د. علي صديق الحكمي عن نسبة الشباب الذين يقومون بتسليم العمل للوافد، فقال د. الرديعان: معظم المحلات تدار هكذا، حيث يتم استخراج تأشيرة للعامل ويسلم له العمل، نحن نساهم برفع مستوى البطالة بعدة طرق ومنها “التستر”. أعتقد أنّ ردع التستر مسؤولية الدولة.
أما أ. خالد الحارثي، فقال عن موضوع التستر: اعتقد ان هذا توصيف لظاهرة التستر، وهي مشكلة نظامية، ومسئولية الدولة، فهي تتسبب بشح فرص العمل وتتسبب بتشويه تركيبة سوق العمل والإنتاج والقيم العمالية والأجور، وأيضاً هدم المقومات الاقتصادية لسوق تجارة التجزئة والمشاريع الصغيرة، ويدفع ثمنه المواطن مقابل المتستر المجرم والوافد المتآمر والشريك في الجريمة، الشباب لايزال هو الضحية.
وعقّب د. الرديعان، على ذلك بقوله: البطالة تقود للفقر. وبما أن اقتصادنا حر ورأسمالي وسوقنا مليء بالفرص فإنني بالفعل ألوم الضحية التي تتقاعس عن أخذ الفرص، الدولة مثلاً تكافح التستر ولا تقبل به.
وأضاف أ. الحارثي تساؤلات عدّة قال فيها: وماذا عن شرف العمل؟ هل ثمن العمل هو الكرامة ؟ وهل هذا واقع صحيح ؟ هل التحول من العمل الكريم إلى السخرة المحرمة دوليا ونعتبر العودة لقرون سحيقة هو الحل؟ مخالفاً مع ما ذهب له كل من د. الحكمي، ود. الرديعان، قائلاً: لا اتفق أن الدولة تكافح التستر بدرجة كافية.
من جانبه أوضح د.خالد الرديعان، أنّ مدار حديثه حول ثقافة الفقر والتي يراها ماثلة للعيان في المجتمع السعودي قائلاً: لدينا قيم اجتماعية تشجع الكسل والخمول وتفشل الناجح، وتشجع على الكسب السريع والخاطف كفكرة الغزو عند البدو سابقا. ثقافة تقول اعمل هذا ولا تعمل هذا، هذا عيب وهذا ليس عيباً ؟! هناك فكرة راسخة تقول أن العمل هو فقط الوظيفة سواء في القطاع الحكومي أو الخاص، الوظيفة قيد ودخلها محدود مهما كانت.
وقد اتّفق د. الحكمي، مع ما تفضل به د. الرديعان، قائلاً: صحيح د. خالد. اتفق معك في هذه النقطة، وتغيير الثقافة مسؤولية المجتمع، دولة ومؤسسات وأفراد وليس الشاب الضعيف الذي يقف الآن “سيكيوريتي” في حر الشمس ينفق من راتبه الزهيد على والديه المسنين أو إخوته الصغار، ويجب أن لا ننسى هؤلاء وما أكثرهم يا دكتور.
أما أ. خالد الحارثي، فقال: أعتقد أن هناك فرقاً بين المعالجات في التنمية الاجتماعية والإصلاح في منظومة القيم التي تروج وتسوق لهذه الثقافات المنكرة وهي موضوعات متداخلة أثبت العلم أنها حلقات متعددة تبدأ من التنمية السياسية ولاتنتهي في التنمية الاقتصادية وهي مسؤولية الدولة، وبين واقع مرير من الفقر وانعدام الفرص وغياب تكافؤ الفرص الذي يبنيه الفساد واساطينه المستفيدين من وفرة اليد العاملة الرخيصة التي لا كرامة لها ولا مطالب ولا إنسانية. ولا اعتقد أن المعالجات الصغيرة (الفردية) تستطيع مواجهة واقع فساد يحميه اموال وشخصيات نافذة. مضيفاً: نتيجة لقربي من سوق التستر اتضح لي أن حجمه كبير جداً، ووجوده يتغذى على واقع حقيقي مبني على مصالح أعداد كبيرة من أطراف التستر، ويدخل التستر فئات متعددة من النخب التي لا تريد تغيير الواقع ويتم عبر عقود من الزمن ترويج مغالطات كبرى في المجتمع والنتيجة تعاظم نسب الفقر وحصار الإنسان النزيه الذي لايملك سوى كرامته.
أيضا هناك خلط للأوراق بين مصالح وجود جاليات مستقرة في البلد وبصورة غير نظامية وتعتمد رفاهية عيشها على التستر والقرابات لها مع ولاء وتعاطف نافذين وكبار متسترين وفاسدين وبين مصالح المواطن المحتاج لإصلاحات كبيرة في سوق العمل وإصلاحات في تركيبة السوق.
من جانبه، قال د. مساعد المحيا حول ظاهرة التستر: المواطن الذي يمارس التستر ليجد فتاتاً يقتات به يجد كثيراً من كبار القوم يمارسون ذلك، ولا أحد يراهم مخطئين بل يجدون الثناء الكثير حتى من بعض النخب لأنهم نجحوا في ممارسة بعض وسائل تسويق أنفسهم، ولن تستطيع أمة إصلاح أي فساد ينخر في المجتمع قبل أن تنتزعه من كبار القوم وبالتالي إصلاح الرؤوس وإلاّ فنحن نمارس سياسة إذا سرق الضعيف أقاموا عليه الحد.
أما د. الحكمي فاستغرب من أن يعامل شخص خدم البلد لسنوات طويلة في وظيفة حكومية وأن يكون تقاعده ٣٠٠٠ ريال. وعن ذلك قال أ. الحارثي: هذه حقائق تواجهنا وتتعاظم وتعلو أسوارها وحصونها كل يوم، ويزداد عدد حلفائها والمتعاطفين معهم ولا يمكن أن تذهب بالأمنيات أو التغاضي عن كامل العناصر المؤثرة في هذه الجرثومة الضخمة التي بدأت تتقنع بثوب النبل والمصالح الوطنية.
من جانبها، علقت الدكتورة طلحة فدعق عن قضية الفقر، قائلةً: فعلاً قضية الفقر ذات شجون وتحتاج إلى بحث أعمق وربط احداثياتها وتحديد مفاهيمها بدقه وكما أشار الدكتور علي الحكمي فإن خط الفقر من أهم الأمور التي يجب تحديدها أولا، وتعريف الفقر بحد ذاته يفرق في تحديد فئة الفقراء، ثم ثقافة الفقر وتأثيرها كما أشار د. الرديعان. إنّ أنواع الفقر والفقراء وظهور الطبقات المهمشه والمسحوقه underclass جميعها تحتاج إلى تأصيل نظري بداية ومقاربة إلى أي مدى واقعنا الاجتماعي يعكس هذا ؟! مضيفةً: اتفق مع ما أشار إليه الحكمي والحارثي بأن إشكالية النظر للفقر ومعالجته تحتاج توسيع الإطار لأبعاد أخرى كالسياسات الاجتماعية ودورها بل ودور السياسة العامة في سن وتفعيل سياسات اجتماعيه فعّالة. وكمثال نظام التقاعد أو التأمينات أو حتى العمل وتشريعاته وسياساته بما فيها سياسات التوظيف أو التخصيص وسياسات الدعم الاجتماعي وشبكات الأمان. كلها أمور متداخلة تحتاج لتحديد مفاهيمي يتناسب مع الواقع الاجتماعي. إن الفقر وسياسات معالجته أو مكافحته تحتاج إلى إعادة نظر لدينا.
أما د. حميد المزروع فقد اتفق مع معظم الآراء المطروحة حول موضوع الفقر، قائلاً: أعتقد أن موضوع الفقر ناتج بالمقام الأول لافتقار السعوديين وكذلك الخلييجين لثقافة العمل وأحترام متطلباتة من حيث الالتزام والانتاجية، وهي مفاهيم ما زال المواطنيين يتفننون بالتهرب منها والاتجاة للقطاع الحكومي حيث الإنتاجية محددودة والرقابة شبة معدومة، في تقديري إن البطالة وكذلك الفقر هم وجهان لعملة واحدة، وهي اختلال النظام الإداري وسوء أستغلال الموارد الطبيعية، والدليل أن المملكة تحتضن حوالي عشرة ملايين من مختلف الجنسيات.
أما د.خالد الرديعان، فقال: صحيح أن هناك عدة نظريات تفسر الفقر، لكن طرحي كان يتمحور حول “ثقافة العيب” فيما يتعلق بالعمل وهو فعل اجتماعي غير عقلاني، تعليمنا فشل فشلاً ذريعاً في اقتلاع ثقافة العيب المتعلقة بالعمل وبنفس الوقت فإن السياسات الاجتماعية لم تنجح هي الأخرى في التخفيف من وهدة الفقر بل إن بعضها كرس الاتكالية على الدولة والأعطيات، وصرنا ننظر للدولة بمعيار الهبات والعطايا، ولا ننسى أمراً في غاية الأهمية وهو أن الثقافة منتج إنساني قابل للتغير، والخطأ هو التسليم بقدسيتها وأنها عصية على التغيير.
وقد علّقت د. طلحة فدعق، على ذلك قائلاً: اتفق أيضا أخي د. المزروع في طرحك وطرح الزملاء خصوصا موضوع البطالة والفقر لكن في اعتقادي أيضا هناك أمور عديده أخذت تتسع في تشكيل البنية التحتية – إن جاز لي التعبير – للفقر في المجتمع السعودي وهي قضايا حقيقة مقلقة وتحتاج إلى معالجه أو تسليط الضوء منها: فقر المراة – الأسر التي تعولها نساء – ظهور طبقات لايمكن تصنيفها فقيرة لأنها أدنى من ذلك لأن الفقر فقط مشكله من مشاكل أخرى يعيشونها كالتهميش والإقصاء الاجتماعي (لعدة أسباب)، وضعف السياسات الاجتماعية أو ترهل بعضها لاستيعاب تداعيات مشاكل كالبطالة والإسكان والتأمين الصحي وغيرها، أيضا عدم توحيد جهود المؤسسات الحكومية وغيرها في هذا الصدد.
أما اللواء د. سعد الشهراني، فقال حول هذا الموضوع: للاسف الشديد ان 50 عاماً من التخطيط التنموي الرسمي وفي مرحلة تزايدت فيها الموارد المتاحة للدولة بشكل غير مسبوق في التاريخ نجد أن الفقر النسبي يتزايد والبطالة تستعصي على المعالجة. وآليات توزيع الدخل والثروة التي من منتجاتها الفقر والتفاوت في الدخول والثروة مسكوت عنها بل هي آليات في بنية النظام الاقتصادي بوعي وبدون وعي وهناك انطباع وفكرة لها ما يسندها أن الطبقة الوسطى تتآكل بسبب التضخم خصوصاً في المواد الغذائية والسكن وهما يستأثران بثلثي الدخل مما يسبب تساقط بعض الأسر والأفراد تحت خط الكفاية (مفهومنا لخط الفقر).
مضيفاً: نحتاج إلى خطط نوعية قابلة للتنفيذ والمتابعة والقياس لمعالجة قضايا الفقر وتوزيع الدخول والثروة والبطالة والتضخم. كفانا تخطيطاً بوثائق فوقية ليس لها أثر في هذة القضايا، ربما أن وزير الاقتصاد والتخطيط الجديد بتجربته في وزارة العمل ينحو منحى وأسلوبا جديدا في التخطيط.
وقال د. علي صديق الحكمي: الفقر لا يعالج إلا بسياسات وبرامج شاملة لجميع العوامل ذات العلاقة به، والمعالجات الجزئية والمتفرقة وغير المستدامة لم تنفع في الماضي ولن تنفع الآن ولن تنفع في المستقبل. فنظرية العامل الواحد لا تفسر الظواهر المجتمعية فهي معقدة وتتداخل فيها عوامل عدة وبالتالي الخلول لا بد أن تكون شاملة.
وقد اتّفق أ. خالد الحارثي مع ما ذهب إليه اللواء د. الشهراني، قائلاً: اتفق معك د. سعد أننا نعاني من فوقية وتعالي كثير من الأجهزة الحكومية والمسئولين فيها، أتحسر كما تتحسر على منجز مشاريع التنمية المعرض للفشل التام إذا لم ترفدها خطط نوعية جريئة تمس جذر المشكلات والنظر بمفهوم علمي لها على حدود فعالية وجودة أداء آليات توزيع الثروة الحالية والخطط النوعية لتجاوز المشكلات محو الحلول النافعة.
أما أ. عبد الله الضويحي، فقال: فيما يتعلق بالمحلات التجارية وأخذ الرخصة وتسليم العمل للأجنبي.. الدولة تتحمل جزءاً منه من خلال تقنين العمل وساعات الدوام ثم تكثيف الرقابة يقضي على جزء كبير منها. والأجنبي يقضي في البقالة أو سوق الخضار 16 ساعة ويتغدى ويتعشى وليس لديه أي التزامات اجتماعية وهذه مشكلة تواجه السعودي، فلو تم تحديد ساعات العمل لأقبل الشباب عليها. أما النقطة الثانية فالبعض ليس لديه الدافعية إما كسلا أو بسبب المجتمع أعرف شابا إستغل فرصة ما بعد أزمة غزو الكويت ومغادرة اليمنيين وإشترى محلا في سوق الخضار وكان ملتزما بالعمل فيه واليوم لديه عمالة وفروع في كل الأسواق ويشرف عليها بنفسه. كثيرون إستغلوا الفرصة وإشتروا محلات وبقالات ثم سلموها للأجانب بعد فترة. لكني أعود للتأكيد على أن تحديد ساعات العمل في المحلات الصغيرة وأسواق الخضار وغيرها له دور في ذلك.
من جانبه قال اللواء د. سعد الشهراني: إذا قبلنا أن الفرد الفقير القادر على العمل هو سبب فقره، فهل نترك ظاهرة الفقر تستشري ؟ إن أسباب الفقر متعددة وتختلف من فرد إلى آخر ومن أسرة إلى اسرة أخرى و من منطقة إلى أخرى ولوم بعض الأفراد على تقصيرهم في حق انفسهم بالاتكالية والكسل لا يعني أن نقبل ذلك منهم ولا يلغي مسؤلية الدولة عن وظيفتها السياسية والاقتصادية والاجتماعية عن ظاهرة الفقر. الأهم أن سوق العمل مشوه وسياسات الأجور والحوافز ودور القطاع الخاص ومسؤليته تحتاج إلى وقفة جادة من الدولة في ظل دعم لا يجارى لهذا القطاع للعقود الماضية.
أما د.خالد الرديعان، فقال: الدولة تعمل وتعمل لكن المشكلة اجتماعية وثقافية قبل كل شي، حاولت الدولة إيجاد فرص عمل للمرأة فهل نجحت ؟ وما ردة فعل المجتمع مثلاً على قضية التأنيث للمحلات ؟! المجتمع مكبل بقيود وإرث تاريخي من القيم المناهضة للعمل والكسب.
من جانبه قال أ. خالد الحارثي: الحراك الثقافي بين المناوئين لعمل المرأة وكثير من الإصلاحات وبين المطالبين بتطوير الواقع المأزوم لسوق العمل وتركيبة السوق يتحمله دون ذنب بالعديد من التهم المجتمع المسكين، أعتقد أن تداخل عدة موضوعات قد يشتت الفكرة والوصول لتحليل يصلح أن يكون قاعدة للحل. ومهما قيل عن المواطن السعودي والمجتمع السعودي من تهم وتنميط وتعميم فهذا لم يحسن واقع أن القطاع الخاص يطلب أجير بدون كرامة ولا احتياجات ولا حياة ولا مطالب، صحيح أننا يمكن أن نستعرض الكثير من التشعبات وأطراف الموضوع لكن مجددا هذا لا يصب في جهة مواجهة المشكلة الاجتماعية الناتجة من تهميش العناصر الصانعة لهذا الواقع.
وعن ذلك قال د. حميد المزروع: ولكن يا أستاذ خالد القطاع المصرفي والصناعي البتروكيميائي أنصف السعودي، وأثبت السعودي نجاحة بتميز، حيث بيئة العمل المناسبة والراتب المجزي.
أما د. منصور المطيري، فقال: بالنسبة لي كمهتم بالثقافة بشكل عام أظن ظناً ولست بمستيقن أن التحول الذي طرأ على مجتمع الجزيرة بشكل عام خلال السبعين أو الستين سنة الماضية تحول عميق و ضخم لدرجة أن السلبيات حتمية ولا بد أن تقع فهو تحول لا بد أن يمس القيم فضلاً عن شكل المؤسسات المجتمعية كالأسرة و غيرها. وقد كان بالإمكان التقليل كثيرا من هذه السلبيات لولا تبني سياسة التنمية السريعة التي أحدثت طفرة وقفزة لم يكن المجتمع بشكل عام قادراً على تحملها، فخرجت هذه العلل ولعل من أشهرها الطبقية التي لم يكن يعرفها مجتمع الجزيرة. ومنها البطالة بأنواعها، وتحلل القيم وضعف الضبط الاجتماعي و غيرها كثير. إلا أن المجتمع في نفس الوقت كسب الكثير الكثير ولعل التعليم يأتي في مقدمتها ثم اتجاه الناس إلى الانفتاح على بعضهم وغير ذلك من المكتسبات.
مضيفاً: الطفرة أساس الداء ولم تحظ منا بالتحليل الكافي، قبل طفرة السبعينات كان الناس يعملون بأنفسهم في كل المهن تقريبا، ميكانيكا السيارات والبيع في المتاجر وغيرها، يكفي أنهم هم من قام بحفر آبار النفط ولم يحفرها عمالة خارجية وأذكر أن المزارعين في مدينة الطائف على الأقل كلهم من السعوديين، التنمية السريعة ولدت أرباح سهلة ووظائف مكتبية ومن ثم بطالة مقنعة ثم بعد ذلك نمط من المعيشة يتصف بالرفاهية والمظهرية. المشكلة تعقدت الآن وأصبح هناك منتفعون من الوضع الراهن يقاومون تصحيح الوضع، يذكر لي أحد الأشخاص سبباً غريباً لتأخر مدينة كالرياض في إنشاء شبكة المجاري والصرف الصحي يدور حول الانتفاع من الوضع الحالي.
أما د. الجازي محمد الشبيكي، فقد أضافت، قائلةً: من خلال خبرتي الأكاديمية في دراسة الفقر في مرحلة الدكتوراه وخبرتي العملية في العمل التطوعي في اللجان الاجتماعية في الجمعيات الخيرية، أن الفقر له أسباب وعوامل عديدة متشابكة ومتداخلة ولا يتسع الوقت الآن للخوض في تفاصيلها ولكني أركز هنا على الحل والعلاج لمشكلة الفقر والذي في نظري يجب أن يشترك في التخطيط له بشكل جدي ومدروس ثلاث جهات رئيسية: الدولة والقطاع الخاص والقطاع الثالث (منظمات المجتمع المدني) لأننا نحتاج إلى أنظمة وإلى تمويل ومشاريع ونحتاج إلى دعم إنساني غير ربحي لموازنة مسار التدخل والعلاج بحيث يتم التركيز فيه في البداية وبشكل مكثف على رفع مستوى الوعي لدى المستهدفين، والمستهدفون هنا ليسوا الفقراء فقط ولكن الأغنياء والميسورين أيضاً الذين في أحيانٍ كثيرة يهدون ماتبنيه مساعدات الضمان والجمعيات والمراكز الخيري بعطاءاتهم غير المدروسة فعلى سبيل المثال حينما تساعد جمعية ما شخصاً في الحصول على عمل بمرتب ثلاثة الآف ريال ثم يجد من يعطيه خمسة الآف بمجرد الطلب أو المعروض أو غيره، فلن يهتم بالعمل الجاد، لذا فالأغنياء بحاجة للتوعية أيضاً لترشيد عطاءاتهم.
ثانيا: بعد مرحلة التركيز على رفع مستوى الوعي نأتي لمرحلة المشاريع الصغيرة التي تتعاون فيها أنظمة الدولة وتسهيلاتها مع المستفيدين وتساند فيها منظمات المجتمع المدني في الدعم وضمان حقوق المستفيدين ولابد من التنسيق والدعم والتحفيز والمتابعة المستمرة من قبل الأطراف الثلاث المعنية بالفقر ضمن خطة طويلة المدى للدولة يشترك معهم فيها المؤثر الحيوي الهام في هذا العصر ألا وهو الإعلام بكل أساليبه وتقنياته الحديثة لضمان التأثير الإيجابي المستمر للخطة.
وعن ذلك قالت د. طلحة فدعق: حقيقه طرح مفيد خصوصاً ما يتعلق بمشكله الفقر لكن هناك الكثير من التداخل، الفقر كمشكله تحتاج إلى حل والفقر كقضية تحتاج إلى تحليل وكلاهما مكمل للآخر. قضية المنظومة القيمية ودورها في تشكيل الفقر قضية حسمها منظرين لعل أشهرهم ماكس فيبر عندما تحدث عن القيم البروتستانتيه ودورها في ظهور الرأسماليه (كان البروتستانت أكثر حرصاً والتزاماً وميلاً لقيم العمل بعكس الكاثوليك وقيم للزهد والتقشف والتقوقع على الذات)، إذاً القيم فعلاً لها دور ليس في خلق ثقافة الفقر لكن في كسر حاجز تلك الثقافة لو تم استغلالها بطريقة صحيحه.
مضيفةً: نحن مجتمعات محافظه متدينه (على الأقل في ظاهرها) والإسلام يحث على العمل فالعمل عباده، وإذاً كيف دخلت القيم المعوقة للعمل ؟ هناك نموذجين: نموذج التصوف المغالي في الزهد والتقشف (وهذا نموذج وجد عبر التاريخ الاسلامي وخلق طبقة من الفقراء ربطت بين الزهد والتقشف يعني الفقر والتدين) وهنا وجدت مشكلة !! النموذج الثاني نموذج حديث ربط بين الطبقات الاجتماعية وبين سستم (نظام) العمل ذاته (الطبقات العليا لها عمل والدنيا لها عمل غالبا ارتبط بالعمل اليدوي) وهكذا تضخمت تلك المنظومة واختزنتها الذاكرة الاجتماعية لتؤثر على الشباب وطبعا دعمتها القيم الثقافية السائدة.
عطلة موظفي القطاع الخاص الأسبوعية:
تناول د. فايز الشهري ملف عطلة الأسبوع بالنسبة إلى موظفي القطاع الخاص، حيث أوضح أنّ مجلس الشورى أقر مبدأ العطلة، إلاّ أنّ القطاع الخاص إلتف على الموضوع من أكثر من جهة ونجح في تعطيل إنفاذه لمدة عامين، مضيفاً: أنّ الملف الآن سيعاد عرضه مجدداً على مجلس الشورى.
وعن هذا الموضوع علّق د. علي صديق الحكمي، قائلاً: الحقيقة دوام ستة أيام شيء سيء جداً فهو يؤثر سلبا بدنيا واجتماعيا. أما د. حميد المزروع، فقال: إن تفعيل عطلة اليومين، وأقفال المحلات الساعة التاسعة مساء، هي المدخل الأساسي للسعودة، لسنا بمعزل عن العالم، كفانا تدليلاً للقطاع الخاص بأسباب وهمية منها الخصوصية وعدم كفاءة السعودي، حان الوقت أن يعمل الجميع وفق متطلبات وأليات سوق العمل بأنواعة وليس وفقا لرغبات القطاع الخاص.
وقال أ. عبد الله الضويحي: كثير من الشركات والمؤوسسات نجحت في عطلة اليومين وإنعكس آيجابيا عليها ولنا في تجربة البنوك خير مثال، ويجب أن يكون هناك قراراً لتحديد مواعير العمل في المحلات والأسواق التجارية. عندما كنا طلابا في الجامعة كان هناك برنامج تشغيل الطلبة في الصيف في القطاع العام، أعتقد أن إعادة النظر فيه بما يتناسب وروح العصر والمرحلة الحالية ومن خلال القطاع الخاص أيضا يستحق الدراسة.
وعلّق د. عبد السلام الوايل، حول هذا الموضوع قائلاً: نحن كمجتمع ارتبكنا مع حدوث الطفرة، وأحد أوجه هذا الارتباك القصور التنظيمي (التشريعي) الذي على أساسه تبنى سلوكيات، كالتوظيف وساعات العمل وخلافه. تصوروا لو أن طفرة منتصف السبعينات سبقت بتنظيمات هدفها عدم نشوء بطالة بين السعوديين حين يكثر الخريجين! كانت أنظمة العمل ستتغير في ذلك الوقت، مثل: أوقات الدوام، العطلة الأسبوعية والأهم الاستقدام.
أما د. حميد المزروع، فقال: باعتقادي أن تشريع نظام العمل الجزئي (part time) يجب أن يطور ويطبق لتقديم حلول للطلبة والطالبات، علماً أن هذا النظام يستوعب حوالي 25% من نسبة العمالة بأمريكا، وتحسب الأجور بعدد ساعات العمل مما يوفر مرونة لجميع الأطراف، وخاصة الكلفة التشغيلية لأي مؤسسة أو شركة.
وتسائل د. فايز الشهري، قائلاً: كيف يمكن علاج عقلية القطاع الخاص التي تعودت على أن تأخذ الكثير، هل تعلمون أن السلع الغذائية والاستهلاك انخفضت في معظم دول العالم من 5 إلى 20% في حين استقرت عندنا وبعضها ارتفع حوالي 10%.
من جانبه علّق أ. عبد الله الضويحي، على تساؤل د. فايز، قائلاً: لا أعتقد أن هناك إستقرار بل إرتفاع متنام، فقد ظهر نوع آخر من الغش في المنتجات ذات العبوات مثل الكريمات والمعاجين وحتى بعض أنواع الصابون وغيرها الكثير حيث يتم تقليل الكمية مع الإبقاء على السعر دون أن يشعر المستهلك بذلك، وقد لمست ذلك في الكثير وعندي أمثلة لو أردنا لكن المجال وطبيعة المنتدى لا تسمح. وأحد من أشهر أنواع الزيوت أتابعه منذ عشرين سنة والكمية داخل العبوة تتناقص بين فترة وأخرى بنسبة 10% تقريبا ويكتب ذلك على العبوة وفي فترات أخرى يزيد السعر بهذه النسبة أو أقل على مدى سنوات إنخفضت الكمية من 3 لتر تقريبا إلى 1.8 وزاد السعر من 11 ريال إلى 20 تقريبا بمعادلة بسيطة نلحظ أن سعرها تضاعف أضعافا مضاعفة. مضيفاً: السعودة وإن نجحت في بعض المواقع ولمسنا ذلك لكنها للأسف لازالت لدى كثيرين وهمية، ولكي تكون واضحة الأهداف نحتاج لتفعيلها وتثقيف المجتمع بها. والمشكلة تكمن في أن الناس لا يتقبلون التغيير في البداية، هناك إصرار على التعود وإذا تم التطبيق تأقلموا مع الوضع والأمثلة كثيرة الأمر يحتاج لقرار جريء ومن أعلى المستويات.
وقال د. مساعد المحيا: هناك نظرة يتبناها بعض الاقتصاديين تقوم على فكرة أن السوق الحرة ينبغي أن لا تصمم التشريعات فيها لتناسب موظفي الدولة وإنما ينبغي أن تعمل الدولة على تغيير أنظمتها ليكون موظفوها أكثر انتاجية. هذا المفهوم يطرح فكرة اننا ينبغي أن نجري نقدا لمفهوم البطالة المقنعة في كثير من مؤسسات الدولة وأن هذه البطالة تزداد سوءاً مع ممارسات الموظفين الذين تتطلب ظروفهم الاجتماعية أن يتغيبوا أجزاء من أوقات العمل وهو ما تعيشه عدد من مؤسسات الدولة. والدراسات التي أشارت لحجم انتاجية موظفي القطاع الحكومي تتحدث عن ارقام منخفضة لا تتناسب مع حجم ساعات العمل.
وعلّق أ. حسام بحيري، حول موضوع عطلة اليومين، قائلاً: بخصوص عطلة اليومين وتحديد ٤٠ ساعة عمل اسبوعيا اسمحوا لي بإبداء رأيي كموظف يعمل في القطاع الخاص حيث أن هذا القرار لم يدرس بعناية برأي الشخصي، فتقليل ساعات العمل يعني أنك تحتاج فترة أطول لتنفيذ نفس العمل، وهذا يتطلب تكاليف أكثر مثال. قبل القرار تحتاج ٦ اشهر لبناء مبنى من ٣٠٠ متر وبتكلفه إجماليه ٥٠٠ ألف بعد القرار ستحتاج إلى ٧ أشهر لتبني نفس المبنى وبتكلفة ٥٥٠ ألف. قيمة تنفيذ الأعمال ستزيد وهذه التكلفة ستكون على عاتق المواطن الكادح، هناك الكثير من شركات القطاع الخاص عندهم إجازات يومين في نهاية الأسبوع ولكن يعملون بين ٤٥ و ٤٨ ساعة أسبوعيا. ولكنهم سيتأثرون سلباً لأن ميزان مدفوعاتهم الشهرية للرواتب سيزيد بسبب اضطرارهم دفع قيمة دوام إضافي بسبب القرار. من يتحمل قيمة زيادة التكلفه في ضوء الضغوط الهائلة التي يتعرض لها القطاع الخاص في السنين الماضية وخصوصا استحداث قوانيين جباية مالية إضافية من قبل عدة وزارات.
هذه القرارات ستؤثر على سعودة الوظائف سلباً أيضاً بسبب الانتاجية وزيادة تكاليف التوظيف وتوفير التدريب اللازم في العمل للموظف السعودي والتي باعتقادي أن المشكلة الرئيسية في السعودة هي التعليم والتأهيل والخبرة. في القطاع الخاص كونك سعودي ليس مؤهل ولاخبرة لابد أن تكون متخصص في مجال ما وصندوق الموارد البشرية الذي تم تأسيسه نظام جميل وفعال وأتمنى أن يطبق على مجال أوسع كإضافة بعض الأهداف مثل التدريب المتخصص والتأهيل واستحداث قوانيين فعاله لنظام السعودة وبالذات في أنظمة إرساء العقود الحكومية. الشركات التي توظف مواطنيين تكلفة عمالتها أكثر وبذلك أسعارها ستكون أعلى ولكن العقود الحكومية تنص على السعر الأقل وهذا معناه أني خرجت من مجال المنافسة وبذلك أنا في الطريق للإفلاس.
من جانبه تساءل د.خالد الرديعان، عن نظام ال ٤٠ ساعة عمل في الاسبوع، قائلاً: هل هو نظام عالمي يصعب تغييره ؟ ماذا لو عمل الموطف ٤٥ ساعة وحصل على يومين عطلة ؟ مضيفاً: إن دخول التقنية الحديثة ووسائل الاتصال ساهمت وتساهم بإنجاز العمل في فترات زمنية أقل مما كان عليه في الماضي وبالتالي فإن العالم يتجه نحو وفرة في الوقت، وهذا يعني أن موظف القطاع الخاص الآن ينجز أكثر في خمس أيام عمل أكثر مما كان ينجزه في السابق بست أيام، المشكلة هي في جشع القطاع الخاص ؟!!
وحول هذا الموضوع قال د. عبد الله الحمود: أعتقد أن ثمة (متغير مستقل) مهم جداً في الموضوع، وهو المتحكم الأقوى في ملاءمة ونجاعة أي نشاط أو حدث أو سلوك في المجتمع، هذا المتغير المستقل هو (البيئة)، (The context) بمعنى (The circumstances in which an event or a fact occurs) ويعني ذلك، أن كافة أنشطة المجتمع وسلوكياته (متغيرات تابعة) للبيئة التي تعمل فيها. وعندما تحدد المجتمعات ساعات العمل وأوقات الإجازات مثلاً، يرتبط ذلك بأمور عديدة تحكمها البيئة، أهمها: ثقافة العمل نفسها، بمعنى ماذا يفعل الناس خلال 40 ساعة أسبوعيا، من حيث الأداء والإنتاج والجودة، ومن حيث الانتماء والرضا الوظيفي. وثقافة ما سوى العمل، بمعنى ماذا يفعل الناس خارج ساعات العمل من حيث الأدوار المجتمعية الأخرى للفرد، في الأسر والجماعات وأماكن الترفيه، ومن حيث الخدمة المجتمعية التعاونية. مضيفاً: أعتقد أننا نواجه إشكالات كبيرة في المجالين السابقين، وهما البيئة الحاضنة لكل القرارات التي يمكن أن تطال سوق العمل الحكومي وغيره، وبالتالي لا يمكن تصور مخرجات (تابعة) جيدة، في حال كانت (البيئة) المتغير المستقل، غير جيدة. والتكامل المجتمعي مؤسسيا مهم جدا لاتخاذ قرارات صائبة في موضوعات بحجم ساعات العمل، والإجازات اليومية. والدول المتقدمة، عندما تحدد ساعات عمل دقيقة، وتغلق الأسواق مبكرا مثلا، كانت قد حسمت أمرها في ما بعد إقفال الأسواق أو إقرار الإجازات، وحددت بدائلها بشكل واضح. فهناك شبه إجماع على تلك البدائل التي يختار الناس منها بعد ساعات العمل، أو حتى بعد التقاعد. نحن لم نحسم بيئتنا هذه أبدا وبالتالي أعتقد أن عشوائية السلوك الرسمي تجاه هذا الأمر غير مستغربة ومتوقعة، حتى في مجلس الشورى الموقر لأن (التكامل) المجتمعي، باعتبارها قيمة لإدارة المجتمع المعاصر، أمر غير متوفر حاليا لدينا، وبدون خصلة التكامل المؤسسي في المجتمع ونضوج البيئة العامة فيه، ستضل كل محاولات إقرار السلوك المجتمعي ضربا من ضروب الأماني.
أما أ. خالد الحارثي، فقال: إن مبادرة ٤٠ ساعة / خمس أيام أسبوعيا في القطاع الخاص هامة جداً في المسعى نحو تحسين بيئات العمل في المملكة، أعتقد أن عدد من النقاط الأساسية جديرة بالذكر، منها: تحفيز القطاع الخاص لتقديم مزايا تتفوق على مايقدمه القطاع العام لاستيعاب الزيادة السنوية في الطلب على الوظائف. الاحتساب الفعلي لما يولده الاقتصاد من “خلق الوظائف”، وازاحة العبء عن الاقتصاد الذي يشمل الأجور والمنافع. توفير بيئة مقبولة عمالياً ونظامياً في الوظائف الدنيا لتعزيز فرص امتلاك قاعدة المهارات الأساسية في أغلب قطاعات العمل لصالح المواطن، والأثر الكبير الذي يتركه ذلك في تحسين مستوى الخدمات وتنمية معايير الجودة. ارتباط توطين الوظايف بتوطين شروط العمل، وارتباط ذلك كله بتنمية المهارات والتقنيات والمعارف ونقلها وتبادلها كمسار مهم في التحول نحو مجتمع المعرفة.
محتويات التقرير
- ظاهرة التطرف والإرهاب
- داعش واستقطاب النساء الأجنبيات
- مجلس الشورى ونظام الوحدة الوطنية
- التحايل على الضمان الاجتماعي
- مشاركة المرأة في المحافل الرسمية
- الانتخابات التركية والإقليم
- الإخوان المسلمون والديمقراطية
- المناهج الدراسية وتطويرها
- المؤسسات الأكاديمية ورسائل الدراسات العليا (الهدر المعرفي)
- المخدرات والشباب
- مسلسل سيلفي الرمضاني
- الفقر والبطالة وظاهرة التستر الوظيفي
- عطلة موظفي القطاع الخاص الأسبوعية
المشاركون في مناقشات هذا التقرير:
( حسب الحروف الأبجدية )
- أ. بدر العامر
- د. الجازي محمد الشبيكي
- د. حميد المزروع
- أ. خالد الحارثي
- د. خالد الرديعان
- د. زياد الدريس
- اللواء د. سعد الشهراني
- أ. سعيد الدحية الزهراني
- د. طلحة فدعق
- د. عائشة حجازي
- أ. د. عبد الرحمن العناد
- د. عبد الرحمن الهدلق
- د. عبد السلام الوايل
- أ. عبد الله آل حامد
- د. عبد الله الحمود
- أ. عبد الله الضويحي
- أ. عبد الله بن كدسه
- د. عبد الله ولد أباه
- د. علي صديق الحكمي
- أ. فاطمة الشريف
- د. فاطمة القرني
- د. فايز الشهري
- د. فهد الحسين
- د. فهد العرابي الحارثي
- أ. ليلى الشهراني
- د. مساعد المحيا
- أ. مسفر الموسى
- أ. معاذ آل منديل
- د. منصور المطيري
- د. م. نصر الصحاف
- أ. هداية درويش
- أ. يحيى الأمير
تحميل المرفقات : pdf3