الدولة العربية المعاصرة و قنبلة الجماعات و الطوائف
الأحد 11 / 1 / 1439
الموافق 2 / 10 / 2017
الورقة الرئيسة:
أ.جمال ملائكة
أولآ أود أن أشير إلي أمرٍ هامٍ و مَفصَلي في موضوعنا هذا، ألا وهو كيفية تعامل دول أخرى نجحت في تفكيك أوتجنب قنبلة الجماعات والطوائف. بكل وضوح إستطاعت الدول “الغربية” تحديدآ حل هذه المشكلة وذلك بتَضَمُنِ دساتيرها وبالتالي قوانينها الحاكمة ما يضمنُ أن يكون الجميع مواطنين ووافدين سواسيةٌ أمام القانون دون تفريقٍ لدينٍ أولونٍ أوعرقٍ أوجنس .
وبالمقارنة توجد دول أخرى لا تزال ترزحُ تحت وطأة هذه القنبلة الفتاكة وذلك أمر واضحٌ وجلي في العديد من دول العالم الإسلامي والعربي.
و إذا تفحصنا “جذور” المشكلة سنجد أن أساسها هو “الخطاب والتفسير الديني” في الأغلب الأعم و ” ليس” الدين . ذلك أنني أرى أن هناك لبسآ شديدآ لدى معظم فقهاء العالم الإسلامي ودُعَاتِه في “نظرته” إلى “الآخر” فكلنا يسمعُ ليل نهار هذه التوصيفات والأحكام مثل : سني بكري/شيعي رافضي/صوفي شركي/علماني الخ ومن نافلة القول أن المسيحي واليهودي وغيرهم في النار ليس في ذلك أدني شك كما يعتقدون . هذا عدا عن تكرار اقوال الفقهاء الاقدمين بأن أتباع المذهب الفلاني كفار ويُشكُ في عقيدة من لم يكفرهم ( هكذا)، أضف إلى ذلك التفسير الخاطيء لـ “الفرقة الناجية” فكل مذهب يكفر الأخر بل ويحكم بأن مآله النار وطبعآ كل فرقة ومذهب تفعل ذلك وتعتقد أنها هي الفرقة الناجية !!!!!
كما أضيفُ أن إطلاق التوصيفات يأتي “مُحَمَّلاً” بفهمٍ بأن الطرف الأخر إمَّا كافرآ أو مشركآ أو زنديقآ أو فاسقآ أو مبتدعآ !!!
ولذلك فإنه حال حدوثِ شروخٍ في مجتمعٍ ما أو ثورةٍ أو تدخل خارجي يهمه تفتيت وتدمير هذه الدول فتكون النتيجة الإنفجار الطائفي المُحَمَّل بتاريخٍ ملتبسٍ لا ناقةٓ للناس في حاضِرِهم ولا جمل فهو تاريخ مضى ومضى اشخاصُهُ و لكن الفهم المُتَأصِل في النفوس أن الآخر كافر أو زنديق أو أو لا يحتاج إلا إلى شرارة تستدعي هذا التاريخ وهذا الفهم.
الحلُ كما نرى هو إعادة فهم النص و فهم أن بعض النصوص نزلت في أُناسٍ بعينهم وفي تاريخٍ مضى لا شأن لأحفادهم به وأن يُعاد صياغة الخطاب الديني في المدارس والمعاهد و الجامعات والمناهج والإعلام وسن القوانين التي تُجَرِّم الخطاب التكفيري المُزْندِق المُفَسِق الخ ولدى إقتراحٌ بأن يستبدل المسلمون وفقهاؤهم توصيفات التكفير والتفسيق الخ بجملةٍٍ تؤلفُ القلوب وتترك الناس وما يعتقدون بنصوص القرآن الواضحة التي تنص بحرية المعتقد وهذه الجملة هي :
“أنت ( الآخر) على فهمٍ للدين غير الذي أفهمه” ونترك الحساب علي المُعتَقَد لخالق الناس وليس لبشرٍ أن يتدخل في هذا الأمر لا من قريبٍ أو من بعيد.
“إن عقيدة الآخر لا تخُصُ إلا صاحبها و هي لا تُمَثِلُ في هذه الدنيا ربحآ أو خسارةً للطرف المُخالِف “. ومن المفتَرض إفهامُ هذا للجميع وخاصةً النشء و تعليمه أن الأساس في هذه الدنيا هو “المُعَامَلة” فقط لا غير وأنه يُمكن النقاش في المعتقدات والأفكار دون اطلاقٍ لأحكامٍ أو توصيفات.
وبإختصار على الدول الإسلامية غربلة دساتيرها وقوانينها ومناهجها وخطابها الديني و توعية وتثقيف طلبة العلم وتضمين المناهج الدراسية منذ نعومة الأظفارإحترام الآخر ومعتقداته أيآ كانت .
سيأخذُ هذا وقتآ وجهدآ ولكنني أعتقد أنه ليس أمامنا بديلٌ أخر وأمام أعيننا دول نجحت نجاحآ باهراً وتقدمت إلى الامام في تجانسٍ وسلامٍ و أُلفة.
تعقيب:
د.إحسان ابو حليقة
إما أن تكون الدولة دينية أو مدنية، فأي محاولة للخلط بين الحالتين تحدث إرباكاً، يكون بمثابة آلة لتوليد الأزمات عند كل نقطة قرار. والحالة الأقرب لها الارتباك الناتج عن الخلط هي لبنان؛ دولة الطوائف.
وليس من شك أن للدول العربية إرثاً دينياً وحضارياً خصباً، لكن السكان يضيقون ببعضهم البعض، فكل طائفة أو عشيرة أو أقلية تريد أن تنفرد أو على الأقل أن تتصدر وتنحي الأخريات! خذ مثلاً في بلاد الشام حيث فسيفساء حضارات الدنيا والأديان السماوية الطوائف المتفرعة عن تلك الأديان توجد هناك، وحالياً تتعارك ! من يقول ان المسيحيين طرأوا على الأرض السورية والروايات تقول أن المسيح عليه السلام ولد في بيت لحم ؟ وأن السريانية -لغته – لاتزال تحكى هناك ؟
يبدو أن هناك حاجة، بعد انقضاء قرن على عبث ( سايس- بيكو ) بمنطقتنا العربية أن تتولد صيغة للدولة المدنية الجامعة لكل أبنائها، ليس بسبب حسبهم ونسبهم وعقيدتهم، بل لمواطنتهم. وبالتأكيد ما يجمع المواطنين للانتماء لوطنٍ بعينه هو انتماؤهم – التليد أو المُحدث – لأرضه وحضارته وإرثه، وفق صيغة تستوعب الجميع ولا تفرقهم، باعتبار أن التنوع قوة وليس ضعفاً.
ومن ناحية أخرى فإن التوجهات ذات الصلة بالحراك المجتمعي تحتمل التفاوت والتوجهات المتعددة، ضمن إطار الأسس الجامعة للوطن ودون الخروج عنها أو التعدي عليها. وذلك يتجسد في دول عديدة متقدمة اقتصادياً ومستقرة اجتماعياُ، من خلال جمعيات النفع العام والأحزاب السياسية. بل أن تلك التجربة نجد لها ممارسة في بعض البلدان العربية المغاربية، في تونس والمغرب على سبيل الحصر.
إذاً، يمكن الجدل أن إبطال مفعول “القنبلة” لن يحدث بالتعارك حول ميراث الوطن وكأنه تركة لجثمان مُسجى، بل بالتوافق حول إطار جمعي يستوعب جميع مواطنيه وبالتالي يتحصن من إفتئاتهم عليه بدعاوي جوهرها الاستئثار به دون الأخرين. هذه خطوة تتطلب مبادرة وجراءة، فالوقت العربي الراهن يتطلب مبادرة وجراءة، حتى لا يمكث العرب في وحل تضييع الوقت والثروات والاجيال، وإذاء الإرث الديني والحضاري والثقافي، وإنقاذاً لقرن بعد أن عانى من التيه قروناً.
تعقيب:
أ.خالد الوابل
في تعقيبي على هذه القضية أود أن أضيف لماقاله أ.جمال ( معد الورقة ) غياب مفهوم المواطنة لدى الدولة العربية الحديثة والسبب غياب العدالة ومطاطية القوانين.
ويبقى الولاء السياسي هو المرتكز سواءً كان النظام طائفياً او عسكرياً او حزبياً، ولهذا يلجأ المواطن الى القبيلة أو الطائفة بحثاً عن الحماية ومع الزمن تتحول إلى هوية اكثر منها انتماءً.
والطائفة والقبيلة موجودة في كل بلد عربي وهي في حالة كمون تترقب الساعة لانفجارها ورأينا ذلك في العراق وسوريا وليبيا والسودان.
لذا نحن العرب لدينا قوة تدمير ذاتية “طائفية،قبلية… الخ” لانحتاج الى عدو !