الذكاء الاصطناعي وأثره على التنميه

الذكاء الاصطناعي وأثره على التنميه 

 

الأحد 29 / 3 / 1439
الموافق 17 / 12 / 2017

د. زهير محمد رشيد رضوان

من خلال الثورة الصناعية الرابعة
يعيش العالم مرحلة جديدة في تاريخ البشرية تسمى بالثورة الصناعية الرابعة .وهي فترة استخدام تكنولوجيا الذكاء الاصطناعي التي تعرف بأنها قدرة النظم الحاسوبية على استخدام الذكاء لتحسين نوعية وكفاءة النظم والعمليات الحاسوبية في قطاعات الصحة والتعليم و النقل والطاقة. ويعتقد كلاوس شواب مؤسس ومدير المنتدى الاقتصادي العالمي ان العالم يقف على حافة ثورة تكنولوجية من شأنها أن تحدث تغييرا جذريا في انماط الحياة التي نعيشها والعمل الذي نؤديه والطريقة التي نتعامل مع بعضنا البعض. وأجمعت لجنة الخبراء الأكاديميين والتكنولوجيين، الذين شاركوا في دراسة المائة عام لجامعة ستانفورد عن الذكاء الاصطناعي (بحسب تقرير لموقع Computer World.) بقولهم “بحلول عام 2030، سيكون الذكاء الاصطناعي قد غيّر الطريقة التي نذهب بها إلى العمل وإلى الحفلات، وطريقة اعتنائنا بصحتنا وطريقة تعليم أطفالنا”، وتركز هذه الدراسة على محاولة التنبؤ بالتطورات المقبلة للذكاء الاصطناعي، و التحديات الأخلاقية المصاحبه لها، وفي أول دراسة أصدرتها اللجنة، أشارت إلى أنه يجب البدء الآن في معرفة كيفية مساعدة الناس على التكيف مع التطورات الذكية لتأثيرها في الاقتصاد والوظائف الحالية التي سوف تنتهي وتولد بدلاً منها وظائف جديدة. من هنا نجد ان تقنيات “الذكاء الاصطناعي” باتت تؤثر على حياتنا على نحوٍ أكثر أهمية من أي وقت مضى؛ والسبب وراء بروز الذكاء الاصطناعي هو الثورة الصناعية الرابعة.
ويتلخص مفهوم “الثورة الصناعية الرابعة”، الذي انطلق من ألمانيا قبل سنوات قليلة، حول أتمتة الصناعة، والتقليل من عدد الأيدي العاملة فيها، بحيث ينحصر دور الانسان في الصناعة على الاشراف، وهذا يستلزم استخدام قدرات علمية لامتلاك بنية تقنية ورقمية متطورة. وستكون الثورة الجديدة، سلاحا ذا حدين: إيجابيات وسلبيات عديدة ستطال الجميع، بما في ذلك المجتمعات المتقدمة. ومن إيجابيات “الثورة الصناعية الرابعة” أنها ستعين الانسان على تحقيق نسب عالية من التنمية الاقتصادية والاجتماعية والإنسانية عموماً، بتخفيضها كلف الإنتاج، وبالتالي تأمين خدمات ووسائل نقل واتصال تجمع بين الكفاءة العالية وتكلفة أقل. كما انها ستساهم في تقديم رعاية صحية أفضل للإنسان، وستختصر الكثير من الوقت في عملية التطور، وتعميم منجزاتها على العالم . الا أنها ستفرض في الوقت نفسه تحديات غير مسبوقة على المجتمعات البشرية. لإن الثورة الصناعية الرابعة تشترط إعادة هيكلة اقتصادية شاملة، مقرونة بهيكلة اجتماعية وسياسية، سيرافقها تغيّر في القيم الثقافية والاجتماعية مما سيؤدي إلى اضمحلال دور الشركات المتوسطة والصغيرة في العملية الإنتاجية، وهيمنة الشركات الكبرى، حيث يؤدي ذلك إلى اشكاليات اجتماعية وسياسية واسعة، بسبب اتساع حالة الفقر، وتدهور الأوضاع المعيشية اضافة الى خطر عدم كفاية إجراءات المؤسسات الاقتصادية للحد من الهجمات الإلكترونية، مما يتطلب التعاون بين كل دول العالم .!!!!

ومن المعروف ان الثورة الصناعية الأولى استخدمت الماء والبخار من اجل مكننة الإنتاج و استخدمت الثانية الطاقة الكهربائية من اجل الإنتاج الواسع. واستخدمت الثالثة الالكترونيات وتكنولوجيا المعلومات لأتمتة الإنتاج، و تستند الثورة الصناعية الرابعة على الثورة الرقمية التي بدأت منذ منتصف القرن الماضي. حيث تمتاز الثورة الرابعة بمزجها للتقنيات التي تلغي الحدود الفاصلة بين كل ما هو فيزيائي ورقمي وبيولوجي ، مما ساعد على تطورها بسرعة عالية، علاوة على أنها تطال كل صناعة تقريبا في كل بلد. وأن سعة وعمق هذه التغييرات تبشر بتحول لجميع نظم الإنتاج، والإدارة، والحوكمة.كما أن الاحتمالات ستكون غير محدودة امام المليارات من البشر الذين يتواصلون عبر هواتفهم المحمولة التي لم ير مثلها الانسان مثيلا في قوة المعالجة، وسعة التخزين، والوصول إلى المعرفة. وسوف تتضاعف هذه الاحتمالات عن طريق الاختراعات التكنولوجية الجديدة في مجالات الذكاء الاصطناعي والروبوتات، والمركبات ذاتية الحركة والطباعة ثلاثية الابعاد وتكنولوجيا النانو والتكنولوجيا الحيوية وعلوم المواد، وتخزين الطاقة، والحوسبة الكمية، وهذا سوف يؤدي الى رفع مستويات الدخل وتحسين نوعية الحياة للسكان في جميع أنحاء العالم.

فلقد مكنتنا التكنولوجيا من الوصول الى منتجات وخدمات جديدة تزيد من كفاءة وجودة حياتنا الشخصية. وأصبح طلب سيارة أجرة او حجز تذكرة طيران، او شراء سلعة او دفع اشتراك او الاستماع إلى الموسيقى، اومشاهدة الأفلام، أو الاستمتاع بلعبة ممكناً وبسهولة مما سيؤدي في المستقبل الى فوائد عديدة و مكاسب طويلة الأجل في الكفاءة والإنتاجية وتخفيض تكاليف النقل والاتصالات وستصبح الخدمات اللوجستية وطرق التوريد العالمية أكثر فعالية، وسوف تقل تكلفة التجارة، و تفتح أسواق جديدة لدفع عجلة النمو الاقتصادي. و أشار الاقتصاديان (إريك برينيوفلسون / وأندرو مكافي) ، أن الثورة الصناعية الرابعة يمكن أن تؤدي الى اضرار كبيرة في سوق العمل. فعندما تحل أتمتة العمل محل الايدي العاملة البشرية في مختلف قطاعات الاقتصاد، فإن ذلك قد يؤدي إلى تفاقم الفجوة بين العائد على رأس المال والايدي العاملة ، ولا يمكننا التنبؤ في هذه المرحلة بسيناريو المرحلة القادمة إلا أننا نتوقع أن النتيجة قد تكون مزيجا من الاثنين. وذلك بسبب ظهور سوق عمل منقسم الى قسمين عمال بمهارات متدنية يحصلون على اجور متدنية وعمال بمهارات عالية يحصلون على اجور عالية و سيكون أكثرالمستفيدين من الابتكار اصحاب المواهب الفكرية والمادية من المخترعين والمساهمين والمستثمرين مما يفسر اتساع الهوة في الثروة بين أولئك الذين يعتمدون على رأس المال او العمل. لذا ستكون التكنولوجيا واحدة من الأسباب الرئيسية لركود الدخل، أو حتى تراجعه بالنسبة لغالبية السكان في البلدان ذات الدخل المرتفع حيث زاد الطلب على العمال ذوي المهارات العالية وينخفض الطلب على العمال الأقل تعليما ومهارات. هذا يساعدنا على تفسير العدد الكبير من العمال المحبطين التي يمتهن مواطنوها الحرف المهددة بالانقراض من أن مداخيلهم المالية ستستمر في الركود والتدني مستقبلا ، واما بالنسبة للمملكة ودول الخليج من الممكن أن تستفيد جيداً من تعزيز الذكاء الاصطناعي لأنها فرصة ينبغي أن نكون الأكثر حرصاً على تطويرها وتسريع إمكانية تطبيقها، ليس لتحسين أداء المشاريع فحسب، بل لتقليص أعداد العمالة الوافدة وتعديل التركيبة السكانية.

تأثير الثورة الصناعية الرابعة

مما لا شك فيه أن قطاع الطلب سيشهد تحولات رئيسية حيث ان تزايد الشفافية، ومشاركة المستهلكين، وأنماط جديدة من السلوك الاستهلاكي ستجبر الشركات على تبني طرق المستهلكين في تصميم وتسويق وتسليم السلع والخدمات. و ستظهر مواقع تكنولوجية تمزج العرض والطلب للتاثير على الصناعات القائمة، مثل تلك التي نراها في اقتصاد الاستهلاك التعاوني او اقتصاد “عند الطلب” . هذه المواقع التكنولوجية، والتي اصبحت في متناول الهواتف الذكية، تجمع الناس والأصول والبيانات لتخلق بذلك طرقا جديدة تماما لاستهلاك السلع والخدمات . بالإضافة إلى ذلك، فإنها تقلل من الحواجز امام الشركات والأفراد لعمل الثروات وتغيير البيئات الشخصية والمهنية للعمال. هذه الشركات الالكترونية الجديدة تتضاعف بسرعة فائقة وتقدم خدمات متعددة مثل غسيل، وتسوق، ومواقف السيارات، والسفر، والسياحة وغيرها الكثير .

هناك أربعة آثار رئيسية للثورة الصناعية الرابعة على القطاع الخاص، الأول: على توقعات الزبائن، الثاني: على تحسين المنتج، الثالث: على الابتكار التعاوني، الرابع: على الأشكال التنظيمية. وسيكون الزبائن وبشكل متزايد هم بؤرة الاقتصاد الذي يقوم على تحسين الخدمات المقدمة لهم . وعموما، فإن التحول من الثورة الصناعية الثالثة والانتقال إلى الثورة الصناعية الرابعة المعتمدة على مزيج من التقنيات والابتكار القائم المستمر سيدفع الشركات إلى إعادة النظر في طريقة عملها . و على رجال الاعمال وكبار المدراء التنفيذيين لفهم بيئتهم التي تتغير باستمرار وتحدي الافتراضات التي تقدمها فرق العمل لديهم، ان يبتكروا بأستمرار وبلا هوادة .أما تأثير الثورة الصناعية على الحكومات فإن استمرار تداخل العوالم المادية والرقمية والبيولوجية ستتيح التقنيات والمناهج الجديدة للمواطنين وبشكل متزايد التفاعل مع الحكومات والتعبير عن آرائهم وتنسيق جهودهم. في الوقت عينه ستحظى الحكومات بقوة تكنولوجية جديدة من خلال تبني حوكمة فعالة تفرض على المشرعين التكيف بصورة مستمرة مع بيئة دائمة التغيير وان يكونوا دائما قادرين على فهم القوانين التي يتولون تنظيمها. كما يتعين على الحكومات والهيئات التنظيمية التعاون بشكل وثيق مع قطاع الأعمال والمجتمع المدني لتفعيل دور الحكومة في التحول الرقمي. وفي الأمن الوطني والدولي سوف تؤثر الثورة الصناعية الرابعة في شكل الحروب الحديثة وستكون الحرب الالكترونية بفضل التقدم في تكنولوجيا الذكاء الاصطناعي أثر كبير في محاربة الإرهاب أو المجموعات الصغيرة القادرة على إحداث دمار واسع والحد من آثار العنف من خلال تطوير وسائل جديدة للحماية ومزيد من الدقة في إصابة الأهداف. ومن اهم الآثار الإجتماعية للتكنولوجيا المعلومات هي الخصوصية ونحن نفهم وبشكل غريزي أهمية الخصوصية وتأثير تقاسم المعلومات الخاصة بنا على حياتنا الخاصة في السنوات المقبلة مما يدفعنا إلى التمسك بمفاهيمنا المعنوية والأخلاقية.
ويعتقد (شواب) ان التكنولوجيا والتغييرات التي سترافقها مهما بلغت ستبقى تحت سيطرة البشر و ستكون مسؤولية الجميع توجيه تطور التكنولوجيا من خلال القرارات التي نتخذها بشكل يومي سواء كنا مواطنين، اومستهلكين، اومستثمرين. وبالتالي يجب علينا استغلال الفرصة والقوة لدينا لتشكيل الثورة الصناعية الرابعة، وتوجيهها نحو المستقبل الذي يعكس الأهداف والقيم المشتركة. ولذلك يجب علينا أن نضع رؤية شاملة ومشتركة على الصعيد العالمي حول تاثير التكنولوجيا على حياتنا وكيفة إعادة صياغة البيئات الاقتصادية والاجتماعية والثقافية والبشرية. فنحن بحاجة إلى تشكيل مستقبل لنا جميعا من خلال اعطاء الاولوية للناس وتمكينهم لافضل ما يملكه الإنسان :الإبداع والتعاطف، والتنظيم الإشراف، للرقي بالإنسانية إلى وعي جماعي وأخلاقي جديد يستند إلى المصير المشترك. وعلينا ان نعمل جاهدين لتحقيق ذلك.

والتوصيات التي اقترحها في نهاية هذه المقاله لتتلاءم مع متطلبات المستقبل العالمي الجديد للثورة الصناعية الرابعة هي التالي:-
أولاً: تحديث الآلية التنظمية
1. استحداث هيئة حكومية تحت مسمى (تكنولوجيا الذكاء الاصطناعي) تساهم في تطوير القطاعات المختلفة بالدولة وتأهيلها لاستقبال ضرورات الذكاء الاصطناعي وتوكل اليها الاشراف والمتابعة والاستقطاب والمشاركة مع جميع القطاعات العامه و الخاصة، محلية او دولية فيما يتعلق بالذكاء الاصطناعي.
2. تدريب موظفي الحكومة من خلال إشراكهم في دورات متخصصة في علم البيانات data science وذلك لمعرفة كيفية استخدام أدوات الذكاء الاصطناعي.
3. توفر الببنية التحتية التي تؤهل الوطن ليصبح رائدا في هذا المجال.
4. إصدار قوانين بشأن الاستخدام الآمن للذكاء الاصطناعي.

ثانياً: تطوير المنظومة الأكاديمية والاجتماعية :
1. تبني مادة مستقلة للذكاء الاصطناعي في المدارس والجامعات، لتأهيل الطلاب المتفوقين المقبولين للجامعات خلال السنوات العشر المقبلة الذين يملكون الفهم الحسي والمهارات اليدوية.
2. بناء كفاءات علمية متخصصة في هذا المجال والاهتمام بعلوم الحاسب الآلي وتشجيع المواطنين على دراسة هذا التخصص لخلق قاعدة من الكوادر البشرية المتخصصة.
3. توفير البيئة الأكاديمية والبحثية المحفزة لاستدامتها، مع التركيز على تطوير العنصر البشري وخلق منظومة متكاملة لدعم وتطوير وتوظيف الكفاءات الشابة.
4. تنمية وتطوير الكفاءات العلمية المتخصصة، والقدرات المحلية في مجال الذكاء الاصطناعي.
5. إعادة هندسة مستقبل التعليم في الجامعات عبر التكنولوجيا الذكية والابتكار والبحث العلمي.
6. تكاتف وتضافر الجهود بين المؤسسات الحكومية والتعليمية والإعلامية للتوعية المجتمعية بأساسيات هذا المجال لخلق المواطن الرقمي القادر على التعامل مع مثل هذه التقنيات.
7. خلق ثقافة الذكاء الاصطناعي لدى فئات المجتمع لتسهيل انتشار استخدام التطبيقات التي تعتمد على هذه التقنيات.
8. ترسيخ فلسفة التعلم مدى الحياة لمختلف فئات المجتمع وفق أعلى معايير الجودة.

تعقيب:
أ.د.حسنين البرهمتوشي

عند بناء معجم دلالي تقني لتعزيز تطبيقات الذكاء الاصطناعي مع دخول عصر المعلومات وثورة الاتصالات ، كانت هناك حاجة إلى إعادة النظر في محتوى العملية البحثية والتربوية وأهدافها وتطويرها لتواكب التغيرات في مجال تطبيقات الذكاء الاصطناعي ، بما يتيح لمستخدمي التقنيات الحاسوبية اكتساب المعرفة المتصلة بالحاسوب.

ومع دخول عصر تقنية المعلومات وثورة الإتصالات أصبح هناك اهتماما متزايدا بتقنية الحاسوب والإنترنت وخاصة التطبيقات الذكية ، مما أدى إلى تطوير نشاط حركة البحوث العلمية ، فكان له جميل الأثر بمساعدة مؤسسات البحث العلمي إلى تطوير برامجها وتقنياتها لكي تواكب تعزيز وتطوير برامجها ، مما أتاح للطالب الإستفادة من وسائل وأدوات التقنيات في تحصيله الدراسي (الحيلة ،2002).

وانتشرت تقنية الحاسوب التعليمي والمرتبط بعملية حوسبة التعليم ، والتي أتاحت تصميم وعرض المادة العلمية بطريقة تفاعليةمما يساعد الطالب على اكتساب مهارات ومعارف جديدة (عبابدة ، 2004).

واتضح من خلال دراسات قامت بها جامعة ميتشجان في أمريكا على طلابها ، أنّ أساليب التعلم والتعليم المبني والمعزز بتقنيات الحوسبة أدت إلى نتائج أفضل وأنّ هؤلاء الطلاب الذين تعلموا بالاستعانة بهذه التقنية تفوقوا على قرنائهم ممن لم يستخدموا هذه التقنيات بمعدل توفير وقت يصل إلى 88% ، وأنّ استخدام تقنية الحوسبة في التعليم أدى إلى رفع الاستيعاب للطلاب ورفع مستوى الآداء للمعلم وقلت شكوى هؤلاء الطلاب (حسين ،2002).

فالحاسوب التعليمي تتمركز المقررات الدراسية إلى برمجيات ، حيث تعتمد تقنية صناعة هذه البرمجيات على تحليل المقرر إلى مجموعة مترابطة من المكونات البنائية سواءا كانت خاصة بالمعلم (Teach Ware) أم بالمتعلم (Course Ware).

ويرى كثير من العلماء أنّ التطبيقات الحاسوبية المبنية على علم الذكاء الاصطناعي هي الأمل الوحيد لإحداث التغيير المطلوب عن طريق إجراء مراجعة شاملة للسياسة البحثية والتربوية والتعليم والصناعة وطرق ووسائل الإبداع والتفكير في المنهج (حسين ،2002).

ومن ثم التأكيد على دور هيئات التعليم في تقدير مواهب الطلبة واتنمية أفكارهم الإبداعية ، وتشجيعهم بتقديم حوافز مناسبة لهم ، وإعطائهم حرية الإبداع والتفكير ، والتعامل مع المبدعين بعد تزويد هذه المؤسسات بالمهرة من المدربين على استخدام أساليب تعليم تقنية حديثة التي تنمي الذهن ، وتعمل على تنمية قدرات الطالب الإبداعية ، و التأكيد على دور هيئات التعليم والجامعات في تزويد وتوفير التقنيات الداعمة للنواحي البحثية والتربوية لتعزيز قدرة الطلبة على الابتكار والإبداع ، وإعادة النظر في حجم المنهج ، وأن يتم بناءها بحيث تراعي سيكولوجية الفرد وتحرر طاقاته الإبداعية (أبو جادو ،2004 ، العمري 2002).

وهناك دراسات اهتمت بدراسة العلاقة بين الحاسوب واللغة ، وهذه العلاقة أخذت تتأصل بسبب التطور الهائل في اللسانيات الحاسوبية ، وخضوع معظمها للمعالجة اللغوية عن طريق تفعيل المعادلات الرياضية والمقارنات المنطقية والحسابات الإحصائية ، وتتميز بعض اللغات منها اللغة العربية بمواصفات فريدة يمكن برمجتها تقنيا ، حيث إنّها تتمتاز بالتوافق بين ماهو منطوق وما هو مكتوبة، مما يكون لها جميل الأثر على قابليتها لبرمجتها آليا ، ويعزز ذلك ما توصل إليه من بناء تطبيقات لغوية ، كتنمية القراءة اللغوية الشفهية والكتابيـة (عفان ،2005، المطيري 2005).

وفي سبيل تسخير التقنية الحديثة لخدمة هذا الغرض يتم التركيز، حديثا ، على توظيف التقنية في جانبين:

• توظيف التقنية وهندسة اللغة (معالجة اللغات الطبيعية) في بناء وتخطيط المناهج والمقررات والاختبارات.

• التعليم (التعليم / التعلم الإلكتروني) أي توظيف التقنيات الحديثة باعتبارها وسيلة لعملية التعليم والتعلم.

ويركز هذا التعقيب على الجانب الأول، لأنه يكاد يكون مغيبا عن الاهتمام العربي، في حين أن كلا من التعليم التقليدي والتعليم الإلكتروني يعتمد عليه. فنقدم مقترحا لتصميم وتنفيذ وتطوير منظومة حاسوبية تكون بمثابة بنية تحتية Infrastructure أو منصة Platform لتطوير مناهج تعليم اللغة العربيةArabic Language Curriculum Builder.

هندسة اللغة وتعليم اللغة
في هذا القسم نحاول أن نبين بعض جوانب العلاقة بين الهندسة واللغة وتعليم اللغة.

فنبدأ بتجلية بعض جوانب الإفادة الممكنة للغات من استعمال الحاسوب ، ثم توضيح الجوانب التي يمكن للحاسوب واللسانيات الحاسوبية أن يقدمها لتعليم اللغة :

الحاسوب واللغة : اللسانيات الحاسوبية :

ظهر من فترة ليست بالقصيرة ، في مجال مقاربة اللغات الطبيعية ، مجال بحثي جديد يعتمد على معطيات الحواسيب في معالجة اللغات الطبيعية. هذا المجال أطلق عليه هندسة اللغة البشرية HLT( Human Language Technologies( أو معالجة اللغات الطبيعية (NLP) Natural Language Processing )من قبل الباحثين ذوي الخلفية الهندسية الحاسوبية بالأساس(، أو اللسانيات الحاسوبية) من قبل الباحثين ذوي الخلفية اللسانية بالأساس ، وهو مجال يتم فيه توظيف الحاسوب في معالجة اللغة الطبيعية لما يتوفر لدى الحاسوب من قدرة هائلة على تنفيذ الأوامر في دقة وسرعة.
واهتم هذا المجال بكل ظواهر اللغة الإنسانية على مستوى تقديم منهجيات للتحليل الحاسوبي للظواهر اللغوية ، أو تقديم التقنيات والأدوات الحاسوبية لمعالجة اللغة تحليلا وتوليدا وتمثيلا .

كما اتسعت مجالات الدرس الحاسوبي للغة ، فشمل الجوانب التطبيقية المختلفة للغة مثل تعليم اللغة والترجمة الآلية وبناء المصادر اللغوية .

يتضمن هذا التعقيب على تصميم مكون تقني ولغوي (معجمي، صرفي، تركيبي ، دلالي، بلاغي، فونولوجي)
ذو واجهة حاسوبية للتعامل مع مكونات وتطبيقات الذكاء الاصطناعي.

ويستهدف تقنيات لغوية للغة العربية والانجليزية في مرحلتها الأولي، كلغةً أولى أو ثانية، سعيا لتنمية مهارات اللغة الاستماعية، والتحدثية، والقرائية، والكتابية لدي المستفيدين منها ، لتعزيز تطبيقات الذكاء الاصطناعي وتحسين كفائة نظمه في التعامل مع قطاع التعليم، والصحة، والطاقة ، والنقل ، والأمن، والصناعة.

وبالاستعانة بالتقنية اللغوية: المحلل الصرفي، والمعنون الدلالي، يساعد في الوصول إلى تحليل لغوي عميق، يسهم في الارتقاء بمستوى التطبيقات الخاصة بمعالجة اللغة في كل مستوياتها، وبالأخص في الترجمة الآلية وتحليل النصوص، والتنقيب في البيانات، وتحليل الآراء .. إلخ.

يشير الواقع اللغوي إلى تعدد مشكلات تعليم اللغات العربية والانجليزية ، وتتعدد جوانب التأثير السلبي المترتبة على ذلك، ومن أبرزها ضعف المستوى اللغوي للمتعلم، ونفور الطلاب من تعلمها .

لذا قام بعض المتخصصين بفحص عناصر عملية تعليم اللغة، وتفاعلات الطلاب مع فروعها؛ وقد أظهرت ما يلي :

‏ ضعف مستويات التأسيس اللغوي الثقافي ومحدودية توظيف التطبيقات التقنية
لمواجهه ذلك .

‏ سيطرة الذاتية في اختيار المعارف اللغوية (الصوتية والإملائية والصرفية والنحوية والمعجمية والبلاغية

‏ محدودية تمثيل المضمون اللغوى ونصوصه للأبعاد الثقافية اللغوية، وعدم اكتمال التحليل اللساني والتربوي لنصوص المضمون اللغوي
المختارة.
‏ غياب البنية التحتية المنظومية في تناول اللغة ومعالجتها ، التى تكون مصدرا لعمليات تحليل النصوص
اللغوية.

‏ غياب المصادر اللغوية الأساسية أو نقصها. وذلك مثل معاجم المراحل التعليمية
الملائمة.

‏ التركيز على مهارات القراءة والكتابة على حساب الاستماع
والتحدث.

‏ الانفصال بين الماد المسموعة التي تخدم مهارة الاستماع وبين النصوص المقررة.
‏ صعوبة تطوير الواقع اللغوي الثقافي لما يتطلبه ذلك من وقت، وجهد ، وتطويع توظيفى للتقانات الحديثة،
وبناءاً عليه، فقد تزايدت الحاجة إلى توظيف التقنيات للمساهمة في تعزيز تطبيقات الذكاء الاصطناعي. ويتطلب تحقيق ذلك التركيز على توظيف التقنية في:

1- توظيف تقنية هندسة اللغة (معالجة اللغات الطبيعية) في بناء المناهج وتخطيط المقررات.

2- توظيف التقنيات في تطوير أساليب التعلم الرقمي، ومنها أساليب التعلم الإلكتروني والمدمج.

وهذه بعض جوانب التقنيات الحاسوبية اللغوية في إطار هندسة اللغة، وبعض تطبيقاتها في مجال تطبيقات الذكاء الاصطناعي:

• تقنيات استخلاص المعلومات Information Retrieval كما في محركات البحث .

• الترجمة الآلية Machine Translation .

• التعرف على الكلام المنطوق Automatic Speech Recognition .

• تقنية نطق الكلام المكتوب Text to Speech لضعاف البصر والمكفوفين.

• تقنية التعرف على النصوص Optical Character Recognition المطبوعة، أو المكتوبة باليد.

• الإنسان الآلي المتطورRobot المزود بتقنيات لغوية متعددة تمكنه من التواصل مع الإنسان.

الحاسوب وتعليم اللغة باستخدام أساليب الذكاء الاصطناعي .

يُعد بناء المعاجم أحد أهم الجوانب التي تفيد من تطبيقات الذكاء الاصطناعي في معالجة اللغة الطبيعية، فكثير من اللغات أصبحت الآن تعتمد على بناء وتطوير المعجم الحاسوبي. وتظهر هذه العلاقة في:

– إعداد بناء المعجم والتخطيط التصميمي: (هندسة اللغة وتعليم اللغة) ، ويعنى به الإفادة من معطيات الذخائر اللسانية والحاسوبية ومعالجة اللغات الطبيعية مثل بناء المصادر اللغوية، والأدوات التقنية التي تعد رافدا لهذا البناء.

– التعلم الإلكتروني: تقنية التأكد من النطق السليم للحروف والكلمات والجمل ، لمساعدة المتعلمين على النطق السليم للغتهم (نظام Speak Correct )، تقنية تعليم الكتابة والخطوط، تقنية مراجعة الكتابة البشرية، وتصويب أخطائه الإملائية والتركيبية، تقنية تقويم كتابة التعبير Automatic Essay Scoring. ويعد تطورا مهما في دنيا تطبيقات الذكاء الاصطناعي، إذ يقوم الحاسب باكتشاف الأخطاء في المقالة سواء الإملائية أو التركيبية أو المنطقية أو الدلالية والتي لها علاقة بالموضوع.

– نظم القياس والتقويم: وهي نظم حاسوبية تبنى لتقيس وتقوم / تقيم المستوى اللغوي للمتعلم في مهاراته السلبية (الاستماع والقراءة) ومهارته الإيجابية (التحدث والكتابة)، مثل منظومة TOEFL iBT Test .

أ.د. حسنين محمد البرهمتوشي

أستاذ هندسة الحاسبات وتقنية المعلومات
كلية الحاسبات وتقنية المعلومات – جامعة الملك عبدالعزيز

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

وقت البيانات لتقنية المعلومات شركة برمجة في الرياض www.datattime4it.com الحلول الواقعية شركة برمجة في الرياض www.rs4it.sa