أشار تقرير حديث صادر عن ملتقى أسبار إلى أن النمو السكاني المتزايد في المدن الكبرى بالمملكة العربية السعودية يخلق تحديات بيئية واقتصادية كبيرة إذا لم يتم معالجتها.
ويرصد التقرير الذي جاء تحت عنوان “النمو السكاني في المدن الكبرى بين الإشكالات الحضرية والفرص التنموية” الإشكالات التي تحدث في ظل طفرة التنمية الهائلة التي شهدتها المملكة في العقود الأخيرة على مستوى جميع مناطقها الإدارية، مما أحدث تحولات جذرية في البنية الاقتصادية والاجتماعية والسكانية.
ومن أبرز ملامح هذه التحولات الديموغرافية، النمو السكاني السريع والهجرة الداخلية المكثفة نحو المدن الرئيسية التي تركزت فيها معظم مشاريع التنمية والاستثمار، مما أدى إلى نزوح واسع النطاق من الريف إلى الحضر.
وفقا للتقرير، فإن 68% من السكان السعوديين يقيمون في ثلاث مناطق رئيسية هي الرياض ومكة المكرمة والمنطقة الشرقية، حيث تشكل المدن الكبرى في هذه المناطق مراكز جذب سكاني كبيرة.
ويرجع هذا التراكم السكاني في المدن الكبرى بشكل رئيسي إلى تركز الأنشطة والاستثمارات الاقتصادية فيها خلال العقدين الماضيين، ما دفع بآلاف السكان للهجرة من المناطق الريفية والداخلية.
وبيّن التقرير أن هذا التركز السكاني غير المتوازن قد يؤدي إلى ضغوطات حضرية كبيرة مثل ارتفاع أسعار الإسكان والخدمات وزيادة الضغط على البنى التحتية.
وأشار التقرير إلى ضرورة خلق تكامل بين المدن الكبرى والصغرى في إطار تخطيط إقليمي يراعي الاستغلال الأمثل للموارد المتاحة، بحيث يتحقق الاستقرار السكاني ويقلل من الهجرة إلى المدن الجاذبة.
كما تناول التقرير بالتفصيل العوامل الرئيسية وراء الانتقال السكني إلى المدن الكبرى، والمتمثلة في تركز الوظائف والاستثمارات والخدمات بها، فضلا عن البحث عن مستوى معيشي أفضل.
لكنه أكد في الوقت ذاته على ضرورة التخطيط الإقليمي الشامل بهدف استغلال الموارد المتاحة في المدن الأصغر وتحقيق توزيع سكاني متوازن.
وتطرق التقرير إلى التكاليف والعوائد المترتبة على النمو السكاني في المدن الكبرى، مشيرا إلى أن الحياة فيها توفر فرص عمل واستثمار، لكنها في الوقت ذاته تعاني من ارتفاع تكاليف المعيشة ونقص الخدمات.
لذا أكد التقرير الاهتمام بالمدن الصغرى والمتوسطة من خلال استثمار مواردها الذاتية وميزاتها التنافسية، لتشجيع الاستقرار السكاني والحد من الهجرة الداخلية.
كما ناقش التقرير الفجوة بين التخطيط المحلي والإقليمي في سياق تنمية المدن، مؤكدا على أهمية دور التخطيط الإقليمي في تحقيق التوازن التنموي وانتشار الخدمات والاستثمارات.
وخلص التقرير إلى مجموعة من التوصيات المهمة، من بينها: تعزيز التخطيط الإقليمي وتطوير التشريعات العمرانية، وتشجيع التنوع الاقتصادي في المدن الصغرى، واستثمار مواردها الذاتية، إلى جانب توجيه الدعم الإسكاني نحو هذه المدن لتحفيز الهجرة العكسية إليها.
ويستند التقرير إلى ندوة عقدها ملتقى أسبار عبر الإنترنت (Webinar)؛ وذلك بتاريخ 8 أكتوبر 2023، بمشاركة نخبة من الخبراء والمختصين.
للاطلاع على التقرير: https://tinyurl.com/4c9u338w