تقرير رقم (119)
تأثير الاستبعاد الرقمي على المجتمع: تحديات الوصول للخدمات التقنية لكبار السن
(27 / 11 / 2023م)
- تمهيد:
يعرض هذا التقرير لقضية مهمة تمَّ طرحها للحوار في ملتقى (أسبار) خلال شهر نوفمبر 2023م، وناقشها نُخبة متميزة من مفكري المملكة في مختلف المجالات الذين أثروا الحوار بآرائهم البنَّاءة، ومقترحاتهم الهادفة؛ حيث تناولت: “تأثير الاستبعاد الرقمي على المجتمع: تحديات الوصول للخدمات التقنية لكبار السن”، وأعدت ورقتها الرئيسة د. عفاف الأنسي، وعقب عليها كلٌّ من: د. فوزية أبو خالد، د. فاطمة العثمان، أ. علاء الدين برادة، وأدار الحوار حولها: د. منى أبو سليمان.
المحتويات
- تمهيد
- فهرس المحتويات
- الملخص التنفيذي.
- الورقة الرئيسة: د. عفاف الأنسي
- التعقيبات:
التعقيب الأول – د. فوزية أبو خالد
التعقيب الثاني – د. فاطمة العثمان
التعقيب الثالث – أ. علاء الدين برادة
- إدارة الحوار: د. منى أبو سليمان
- المداخلات حول القضية
- أهمية التناول الموضوعي لقضية الاستبعاد الرقمي.
- جهود المملكة العربية السعودية في التحول الرقمي، وإدماج كبار السن.
- تحديات الوصول للخدمات التقنية لكبار السن.
- آليات الحد من التأثيرات السلبية للاستبعاد الرقمي.
- التوصيات
- المصادر والمراجع
- المشاركون
- الملخص التنفيذي.
يتناول هذا التقرير قضية تأثير الاستبعاد الرقمي على المجتمع، وتحديات الوصول للخدمات التقنية لكبار السن، وأشارت د. عفاف الأنسي في الورقة الرئيسة إلى أن المملكة العربية السعودية لم تقتصر جهودها على دعم التحول الرقمي فقط؛ بل أرست أسسًا تحدد دور الحكومة في ظل التقدم التكنولوجي السريع. واستنادًا إلى رؤية 2030م فقد أطلقت الحكومة إستراتيجية شاملة لتقديم خدماتها رقميًّا وبكفاءة عالية؛ وذلك بهدف تسهيل وصول المواطنين للخدمات الحكومية الرقمية، وعلى الرغم من أهمية هذه الجهود إلا أن التحدي الحقيقي يظل مرتبطًا بمدى توفير التطبيقات والخدمات الحكومية التي تم إتاحتها حلولًا تقنية؛ لتأخذ في الاعتبار احتياجات كبار السن، وتوقعاتهم.
بينما أكَّدت د. فوزية أبو خالد في التعقيب الأول أهمية إشراك كبار السن في تفكيك مشكلة الاستبعاد الرقمي، وفي اقتراح الحلول للتغلب عليها، كما تطرقت إلى أن منصات الخدمات الحكومية بالذات، والمصيري منها واليومي، مثل: “أبشر، وتوكلنا، ونفاذ، إلخ” يجب عليها أن تضع مسارًا مزدوجًا لإنهاء المعاملات لو لزم الأمر؛ سواء أكان إلكترونيًّا، أم ورقيًّا، أم حضوريًّا، أم هاتفيًّا، كما أن هناك مطلبًا اجتماعيًّا سياسيًّا بإعادة الاعتبار للمسنين؛ بوصف هذه الخبرة خبرة مهنية، واحتياطيًّا استشاريًّا، وكذلك عدم تركهم لعزلة العمر، وقسوة حرمانهم من لذة العطاء لوطنهم، وهذه أحد الأسباب الوجيهة فيما قد يحدث لهم من غربة رقمية.
في حين ذكرت د. فاطمة العثمان في التعقيب الثاني أن الاستبعاد الرقمي أصبح أحد التحديات التي تواجهها المجتمعات؛ حيث يتعذر على العديد من كبار السن الوصول إلى الخدمات التقنية بالسهولة نفسها التي يتمتع بها الأفراد الأصغر سِنًّا، واقترحت أن يكون هناك منصة وطنية موحدة لهذه الخدمات الإلكترونية التي يستطيع كبار السن الدخول لها بسهولة، وتحل- أيضًا- مشكلة التفاوت الكبير في التصميم بين المواقع الحكومية.
بينما أوضح أ. علاء الدين برادة في التعقيب الثالث أن التجربة العالمية خلال جائحة (كوفيد-19) أظهرت أهمية الحاجة إلى تيسير الوصول، والاستخدام الرقمي لجميع الفئات؛ بما فيها كبار السن؛ حيث أدى الانتقال السريع نحو الخدمات الرقمية لعزل الفئات الأقل؛ وذلك استعدادًا لاستخدام التكنولوجيا بسلام، وفعالية، وهو ما عُرِفَ بــ (الهوة الرقمية).
وتضمنت المداخلات حول القضية المحاور الآتية:
- أهمية التناول الموضوعي لقضية الاستبعاد الرقمي.
- جهود المملكة العربية السعودية في التحول الرقمي، وإدماج كبار السن.
- تحديات الوصول للخدمات التقنية لكبار السن.
- آليات الحد من التأثيرات السلبية للاستبعاد الرقمي.
ومن أبرز التوصيات التي انتهى إليها المتحاورون في ملتقى (أسبار) حول القضية ما يأتي:
- إدراج عملية الانتقال الزمني ضمن الخطط التطويرية الإلكترونية، وجعل التحول خلال فترة تضمن استيعاب الجميع.
- تصميم تطبيق جانبي لكل تطبيق حكومي أساسي مخصص لكبار السن؛ وذلك بشرط أن يكون سهل الاستخدام قدر الإمكان؛ لمساعدتهم على إنجاز معاملاتهم؛ بحيث يعتمد على الملاحظات الصوتية، وسهولة الخطوات، ووضوح الإجراءات، وهذا ما يضمن لهم الأمان، والخصوصية.
- إقامة دورات تدريبية يقدمها متطوعون من شباب الحي إلى كبار السن؛ وذلك لتعليمهم على استخدام الإنترنت، وكذلك كافة التطبيقات المهمة.
- استمرار استخدام النظامين: التقني، والتقليدي؛ ليصير الأمر متاحًا لمن يشاء من كبار السن عند تقديم الطلبات، هذا مع توفر خدمة مساعد ممن يشهد لهم بالأمانة، والصدق، لكل من يحتاج منهم؛ وذلك في كل الجهات الحكومية؛ لتسريع إنهاء معاملاتهم.
- تخصيص برامج تثقيفية لنشر الوعي السيبراني لدى فئة كبار السن؛ وذلك جنبًا إلى جنب مع تغليظ عقوبات الجرائم المعلوماتية التي ترتكب بحقهم.
- تشجيع الجهات المالكة للتطبيقات على توفير إصدارات موجهة لكبار السن، مع تطبيق معايير جودة للتطبيقات، أهمها: (ISO)؛ ذلك بما يضمن تلبية احتياجات فئة كبار السن، ودعم مشاريع التقنيات الناشئة الموجهة لتسهيل الخدمات المقدمة لهم.
- الورقة الرئيسة: د. عفاف الأنسي
لم تقتصر جهود المملكة العربية السعودية على دعم التحول الرقمي فقط؛ بل أرست أسسًا تحدد دور الحكومة في ظل التقدم التكنولوجي السريع؛ استنادًا إلى رؤية 2030م؛ فقد أطلقت حكومتنا الرشيدة إستراتيجية شاملة لتقديم خدماتها رقميًّا وبكفاءة عالية؛ وذلك بهدف تسهيل وصول المواطنين للخدمات الحكومية الرقمية، ومن هذه البرامج “برنامج الشمول الرقمي”؛ لتعزيز الخدمات الرقمية بالقطاع الحكومي في المملكة، وتشجيع استخدام البنى التحتية، والتطبيقات المشتركة، ورفع مستوى تبادل الخدمات والبيانات بين الجهات الحكومية، وتحقيق التكامل بين الجهات الحكومية؛ وذلك من خلال منصات موحدة.
“وقد حدّد برنامج التحوّل الوطني؛ بوصفه أحدَ برامج تحقيق الرؤية العديد من الأهداف التي تركّز تركيزًا مباشرًا على المشاركة الإلكترونية، وعلى مشاركة المواطنين؛ لا سيما الفئات المستضعفة منهم. وتشتمل الأهداف على ما يأتي: الهدف الثالث عشر – تعزيز قيم المساواة، والشفافية، والهدف الرابع عشر – الارتقاء بجودة الخدمات المقدّمة للمواطنين، وكذلك الهدف الثالث والعشرين – تطوير الحكومة الإلكترونية، وكذا الهدف الرابع والثلاثين – دعم قنوات التواصل مع المواطنين ومجتمع الأعمال. كما تتناول إستراتيجية قطاع تقنية المعلومات والاتصالات أهمية الشمول الرقمي أيضًا؛ إذ يُشير المحور الثاني إلى “تعزيز المحتوى المحلي”؛ وذلك بصورة مباشرة إلى الحاجة إلى تقنيات متقدّمة، ومعارف رقمية، ووعي بين المواطنين والمقيمين، ويسلّط الضوء على مدى الحاجة إلى زيادة مشاركة المرأة في قطاع تقنية المعلومات والاتصالات” (المنصة الوطنية الموحدة: إستراتيجيات الشمول الرقمي).
وتذكر صفحة السياسات الأساسية للمملكة “أن هناك تدابير خاصة؛ لتضمن الاتصال الفعّال، وإمكانية الوصول إلى خدمات الحكومة الإلكترونية؛ بما يشمل تكوين المعارف، والمهارات الرقمية للفئات المستضعفة، مثل: النساء، والشباب، والمسنين، وأصحاب الإعاقات، وذوي الدخل المنخفض، والمغتربين، وغيرهم”.
ومن البرامج والمبادرات المذكورة مشروع الملك عبدالله لتطوير التعليم العام (مشروع تطوير 2007م- 2023م)؛ وذلك في إطار المهارات الرقمية، وبرنامج تمكين المرأة في التقنية، ومبادرة العطاء الرقمي، ودورات التعلّم الإلكتروني في مجال التنمر الإلكتروني للأطفال، وأولياء الأمور، ومؤسسة (مسك)، ومبادرة ( Think Tech)،
هذا بالإضافة إلى هذه المبادرات تظهر حملات بين وقت وآخر موجهة لمحو الأمية الرقمية لدى كبار السن، مثل: “هاكثون مجلس شؤون الأسرة” في 2022م؛ وذلك لتعزيز فكرة “التقنية للجميع”، وهذه المبادرة كانت موجهة للمبتكرين للمشاركة في توجيه التقنية نحو خدمة كبار السن، وأيضًا حملة التقنية لكبار السن التي أطلقتها وزارة الاتصالات، وتقنية المعلومات؛ وذلك بهدف تشجيع كبار السن على استخدام التقنية، وتعريفهم بأهم التطبيقات، والبرامج المناسبة لهم.
وتُحَدَّدُ فئةُ كبار السن؛ وفقًا لموقع وزارة الصحة ممن بلغ عمر 65 فأكثر، ووفقًا لإحصائيات الهيئة العامة للإحصاء لعام 2021م تشكل فئة كبار السن (من عمر 65 سنة فأكثر) نسبة 4. 39 من السكان في المملكة العربية السعودية، وتعد هذه الفئة من بين الفئات المستهدفة في المبادرات التقنية، والخدمات الرقمية التي تقدمها الحكومة.
ومع أن هذه الجهود مشهود لها؛ فإن التحدي الحقيقي يظل: هل هي كافية؟ في عصر التحول الرقمي المتسارع؛ إذ أصبحت معظم الخدمات متاحة إلكترونيًّا؛ مما يفرض على الجميع استخدام التطبيقات الرقمية، مثل: “توكلنا”، و”اعتمرنا”، و”أبشر”، بالإضافة إلى الخدمات البنكية الإلكترونية؛ لذا يُطرح السؤال: هل قدمت هذه التطبيقات، والخدمات الحكومية حلولًا تقنية تأخذ في الاعتبار احتياجات كبار السن، وتوقعاتهم؟
وبالاستناد إلى إحصائيات الهيئة العامة للإحصاء 2021م يَظْهَرُ أن أحد أسباب عدم تنفيذ المعاملات الحكومية عبر الإنترنت هو “تنفيذ شخص آخر للمعاملة نيابةً عن الشخص الأصلي”؛ حيث أشار 82% من المشاركين في الفئة العمرية 65 سنة، وما فوق إلى هذا الخيار، بينما اختاره 74% من الفئة العمرية بين 60-64 سنة، واختار 70% من الفئة العمرية بين 55-59 سنة هذا الخيار.
وعندما نستعرض هذه المواقع نلاحظ أن الكثير منها لا يلبي احتياجات فئة كبار السن بالتحديد؛ حيث إن العديد من هذه المنصات تعتبر مفهوم التقنية مفروغًا منه؛ مما يجعلها تناسب فئات ذات خلفية تقنية أساسية؛ فالصعوبة تتجلي أكثر عندما نجد المواقع الحكومية التي تظهر خيار دعم كبار السن في مواقعها، مثل: قارئ الشاشات الصوتي، ومع ذلك تبقى تلك الواجهات غير واضحة حتى للأشخاص ذوي الخبرة التقنية المتوسطة. هذه الملاحظات تبرز التحديات التي تواجه كبار السن في التعامل مع التقنية؛ فما تلك التحديات بالضبط؟
من خلال مراجعة ما كتب عن هذه التحديات في الأدبيات التي تناولت هذا الموضوع نستطيع تقسيم التحديات التي تعاني منها فئة كبار السن إلى كُلٍّ من: تحديات مرتبطة بالتقنية نفسها، وتحديات مرتبطة بالخصائص العمرية لفئة كبار السن التي يمكن حصرها فيما يأتي:
- الحالة الصحية العامة: مع تقدم العمر قد يفقد الإنسان قدراته تدريجيًّا؛ فتصبح حركة اليدين أقل دقة؛ مما يجعل اللمس، والكتابة على الأجهزة الرقمية تحديًّا، وكذلك قدرات السمع والرؤية التي تَضْعُفُ؛ مما يجعل استخدام التقنية أكثر تحديًّا، خصوصًا إذا لم يتم توفير واجهات مستخدم قابلة للتعديل؛ وفقًا لهذه الاحتياجات، كذلك قد تشكل القدرات العقلية تحديًّا لكبير السن في استخدام التقنية؛ سواء أكان هذا في قدرتهم على تعلم الأمور الدقيقة، والمعقدة، أم تذكرهم للبيانات الهامة، واسترجاعهم لها، مثل: كلمات السر للتطبيقات، والحسابات الخاصة بالخدمات، أو حتى تذكر مكان تدوينهم لها.
- مقاومة التغيير للأساليب التقليدية، والتمسك بها: يميل كبار السن إلى التمسك بالأساليب القديمة التي تعتبر ناجحة؛ وذلك من وجهة نظرهم؛ لذا فإن محاولة إقناعهم بجدوى الحديث، وتفضيله على القديم قد يكون صعبًا للغاية ما لم يظهر- بشكل جلي- فائدته لهم، خاصة؛ فيما يتعلق بنظرتهم حول الأمان والخصوصية التي تثير عندهم الشك، والريبة في استخدام التقنية.
- الصحة النفسية: قد يعاني كبير السن، خاصة بعد التقاعد من مشاعر عزلة، وإحباط، وشعور بعد أهميته قد تحول دون رغبتهم في تعلم، أو استخدام التقنية.
أما بالنسبة للتحديات المرتبطة بالتقنية؛ فهي معنية- بشكل أساسي- حول كبير السن؛ بوصفه مستخدمًا للتقنية، ومدى تلبية متطلباته، واحتياجاته؛ فمن ناحية تصميم الواجهات للمواقع يواجه فئة كبار السن العديد من التحديات في استخدامها، من هذه التحديات:
- حجم الخط: تهمل بعض المواقع احتياجات كبار السن؛ حيث تُعتبر الخطوط الصغيرة، وعدم وجود خاصية للتعديل في حجم الخط داخل النص حسب الرغبة يمثل صعوبة تواجه كبار السن.
- واجهة المستخدم: قد تكون الأيقونات، والأزرار صغيرة جدًا، أو غير واضحة، والقوائم المنسدلة كثيرة ومربكة، والروابط الضيقة؛ مما يجعل التفاعل صعبًا لكبار السن، خاصة من يعاني من مشاكل في الرؤية منهم، كما تشكل القوائم، والخيارات المتعددة تحديًّا لكبار السن؛ حيث يصعب عليهم النقر بدقة عليها.
- القراءة على الأجهزة المحمولة: بما في ذلك التطبيقات الهاتفية المقدمة للخدمات، مثل: (توكلنا)، و(صحتي)التي يصعب على كبار السن قراءة محتواها من الأجهزة المحولة؛ وذلك بسبب حجم الخط داخل النص، وألوانه غالبًا.
- الرسائل التي تظهر الأخطاء أو تعيد التوجيه: أغلب الرسائل التي تظهر على المواقع، والتطبيقات التي تشير إلى استخدام خاطئ، أو تعيد التوجيه غامضة غير واضحة لكبار السن؛ مما يجعل إصلاح الأخطاء أكثر تعقيدًا، أو يحول دون إكمال رحلة المستفيد من خدمة معينة.
- هذا بالإضافة إلى ما سبق مستوى الأمان العالي الذي تتطلبه المواقع الإلكترونية التي تفرض نوعًا من التعقيد في رموز الدخول، أو التحقق من الدخول، وبالإضافة إلى الاحتيال الإلكتروني الذي يقع فيه كبار السن بشكل أكبر؛ وذلك بسبب قدرتهم المحدودة على التمييز بين المحتوى الحقيقي والمزيف، وهذه كلها تشكل تجارب سلبية قد تنفر كبير السن من استخدام التقنية.
لذلك نجد أنه على الرغم من الجهود المبذولة؛ فما زالت الأمية الرقمية تحقق تقدمًا ملحوظًا؛ فكلما ازداد التوجه نحو الخدمات الرقمية شهدنا المزيد من الصعوبات التي يواجهها كبار السن في مواكبة هذا التحول، خصوصًا في التعاملات الحكومية والبنكية والصحية؛ لذا من الضروري التفكير بحلول تقليدية، وغير تقليدية؛ وذلك لردم هذه الفجوة الرقمية بين فئة كبار السن وفئات المجتمع الأخرى، وأعني- هنا- بالحلول التقليدية التي تميل إلى تقليل التعقيد، وجعل التكنولوجيا أكثر واقعية، وتوفر سهولة في الاستخدام لكبار السن التي قد تبدأ بأسلوب قديم يرتاح لاستخدامه كبير السن، وتدخل تعليم التقنية بشكل أيسر في حياة كبار السن؛ فأما الحلول غير التقليدية؛ فقد تناسب أكثر من يميل إلى التقنيات الحديثة من كبار السن، لكن الأسلوب الحالي في تقديمها لا يناسبه؛ لذا فاللجوء إلى الحلول المبتكرة كليًّا قد تناسبه أكثر.
ومن الحلول التقليدية التي قد تفيد كبار السن في هذا الشأن استخدام الدورات التدريبية الشخصية التي قد تكون متبادلة بين الصغار والكبار، مثل: أن يعلم الصغار فئة كبار السن التقنية، على أن يعلم كبار السن الصغار جزءًا من تراث المجتمع، مثل: الأكلات الشعبية، أو الأهازيج، والحقيقة أن هذه المبادرة مطبقة في بعض المجتمعات؛ ففي سنغافورة تعد من الأنشطة التعليمية اللاصفية في المدارس.
كما يمكن الاعتماد على المطويات، أو الأوراق، أو الكتيبات؛ بوصفها وسائل لتعليم أساسيات الاستخدام الرقمي؛ وذلك لأن أغلب كبار السن (غير الأميين) يفضلون القراءة الورقية عن الإلكترونية؛ لذلك قد يكون هذا الأسلوب أنجع، وأكثر فائدة معهم، كذلك إعداد مقاطع فيديو توضيحية تُظهر كيفية استخدام التقنيات المختلفة، وأيضًا توفير خدمات دعم هاتفية يمكن من خلالها مساعدة كبار السن في حل المشكلات التقنية.
وبالنسبة لتحديات التصميم قد يكون الحل التقليدي زيادة حجم الأيقونات، والخطوط على الأجهزة؛ وذلك لتسهيل قراءتها، واستخدامها، كما يجب تصميم واجهات بسيطة ومباشرة للأجهزة، والتطبيقات، هذا مع وجود عدد محدود من الخيارات لتقليل التعقيد.
كذلك تفعيل خاصية القارئ الصوتي في المواقع الحكومية التي تقدم الخدمات، خاصة في تقديم التعليمات الصوتية التي توجه كبار السن خلال الخطوات المطلوبة لإكمال مهمة معينة، أما الحلول غير التقليدية؛ فالخيال مفتوح للمبتكرين التقنيين في هذا المجال لتقديم حلول مبتكرة معتمدة على الذكاء الاصطناعي، مثل: الشاشات الذكية، أو الروبوتات التي قد تحل محل الأشخاص في تعليم كبار السن استخدام التقنية، أو اللجوء للواقع الافتراضي في تقديم تجارب علمية ثرية؛ وذلك من الممكن أن تمزج القديم والحديث.
وأخيرًا لابد أن أشير إلى نقطة مهمة، وهي: ألا نقع في فخ التعميم عند التفكير في كبار السن وقدراتهم؛ فكل فرد فريد من نوعه- مع تقدم العمر- يظل لديه القدرة على التعلم؛ فليس بالضرورة أن يعاني جميع كبار السن من هذه التحديات.
العمر لوحده لا يحدد القدرات، وعلى الرغم من أن الإحصائيات، والأبحاث تشير إلى وجود تحديات معينة مرتبطة بتقدم العمر إلا أن الواقع يشير إلى أن الأفراد يختلفون كثيرًا في تجاربهم وقدراتهم؛ فلو نظرنا حولنا نجد العديد من الأمثلة؛ سواء أكان هذا على المستوى الشخصي، أم العالمي لمن تجاوز هذه التحديات بسهولة، ولكن قد تؤثر كثير من العوامل في حياة المسن على قدرته على استخدام التقنية، من هذه العوامل:
- وجود تجربة سابقة: فقد يكون المسن قد تعامل مع التقنية لفترات طويلة في حياته المهنية والشخصية؛ لذا يصبح مرتاحًا في استخدامها حتى في سن متقدم.
- الرغبة في التعلم: بعض كبار السن لديهم شغف بتعلم الأشياء الجديدة، والبقاء على اطلاع بالتقنيات الحديثة؛ ووفقًا لإحصائيات الهيئة العامة للإحصاء 2021م؛ وذلك بشأن أسباب عدم استخدام الإنترنت؛ فإن السبب الأبرز الذي تم التعبير عنه هو “عدم معرفة كيفية استخدام الإنترنت”؛ على الرغم من رغبة الأشخاص في تجربته، وقد تراوحت نسب الإجابة على هذا الخيار 53% للفئات العمرية البالغة من 65 سنة؛ فأكثر، وجاء السبب الثاني الأكثر شيوعًا، وهو “عدم وجود حاجة للإنترنت، أو عدم اعتقادهم في فائدتها أو عدم اهتمامهم بها”؛ حيث بلغت نسبة هذا الاختيار لهذه الفئة العمرية 37%.
- الصحة العامة: ليس كل كبار السن يعانون من مشكلات في الرؤية، أو السمع، أو المهارات الحركية.
- البيئة الاجتماعية: من يعيش في بيئة داعمة ومحفزة قد يجد تحفيزًا لتبني التقنية، واستخدامها.
- الثقافة والتعليم: في بعض الثقافات، والمجتمعات قد يكون لكبار السن تعليمٌ قويٌّ وخلفية في استخدام التقنية، بينما في أماكن أخرى قد يكون هناك نقص في الوصول إلى التعليم، والتقنية.
- التعقيبات:
التعقيب الأول – د. فوزية أبو خالد
اشركوهم في تفكيك المشكلة، وفي اقتراح الحلول.
أولًا – ورقة عمل تثير المخيلة، وتشعل شجن الأسئلة:
أقبلتُ على قراءة الورقة الرئيسة بفضول اجتماعي، وتوق معرفي، وقد أثار عنوانها شجن الكثير من الأسئلة العامة التي كنتُ أحملها عن موضوع التحول الرقمي، ومنها: التساؤل عن عمق التحول الرقمي الذي نعيشه كمجتمع سعودي، وهل هو ضارب إلى الجذور؟ منتشر على الذرى؟ مستتب ومنساب كما تؤكد الدعاية، والإعلان، والإعلام؟ أو أنه تحول متراوح له قلقه، وتعثراته، وصراعاته، وتحدياته، مثله مثل: أية أدوات جديدة تحل محل الأدوات المستقرة القديمة، هل هو تحول متكافئ بين الحكومة والمجتمع، أو أن أحدهما يلهث خلف الآخر في المجال الرقمي؛ ليلحق به، وهذا (على ما هو ملموس- بالطبع- من جاهزية أجهزة الدولة؛ وذلك بدليل التوسع في المنصات الإلكترونية المعنية بالخدمات الحكومية المقدمة للمواطن من أبشر إلى توكلنا)؛ فهل فعلًا من المصلحة العامة أن نتخلى دفعة واحدة عن أساليب العمل والتواصل المعهودة، وننتقل انتقالًا كليًّا إلى عالم “الديجيتال”، أو يمكن- في بعض المرافق والمصالح- المزاوجة بين الأسلوبين: القائم، والقادم.
ومع أن الورقة حددت موضوعها كما ورد في عنوانها بالتساؤل على وجه الخصوص عن تحديات فئة كبار السن؛ وذلك أمام التحول الرقمي إلا أن ذلك الاختيار بالذات كان مغريًا؛ بما يكفي لإثارة مخيلتي الاجتماعية للتفكير في أسئلة مقاربة أخرى؛ فعنوان الورقة- بحد ذاته- أثار قلقي، وريبتي، مثل: كل عمل جيد معني بالبحث والتقصي؛ لأتساءل: ما إذا كان هذا التحول الرقمي المشهود، أو المنشود يحقق عدالة اجتماعية؛ وذلك في الاستفادة من نفعيته؛ لتطال كل فئات النسيج الاجتماعي على اختلافاتها: المناطقية، والطبقية، والعمرية، والثقافية، والتعليمية، وعلى الرغم من فروقات النوع الاجتماعي، أو أنه يكاد يكون انتشارًا محصورًا على المدن الرئيسة داخل الطبقة الميسورة، وفي فئات الشباب؛ وذلك في الأغلب الأعم.
ثانيًا – ملاحظة منهجية عامة:
وعلى الرغم من خصوبة عنوان الورقة الرئيسة، وموضوعها، وقدرتها على شحذ الأسئلة أتساءل عن (تأثير الاستبعاد الرقمي على المجتمع: تحديات الوصول للخدمات التقنية لكبار السن)، وعلى الرغم مما بذلته كاتبة الورقة من جهد في عمل تغطية إحصائية للموضوع إلى جانب عملها الاستقرائي لمختلف مفاصله؛ فإنني أتساءل هل هناك لدينا في الجامعات، ومراكز البحوث، والجهات المختصة بالتخطيط التنموي، وبمعرفة خصائص المجتمع السعودي؛ بوصفها جهة إحصاء النفوس، مثل: مجلس الأسرة، وسواه قاعدة بيانات إحصائية، وأُخرى “إثنوغرافية”؛ بمعنى: “بيانات محكية موثقة” عن طبيعة التشكيل السكاني؛ وذلك لمختلف الفئات العمرية، واختلافاتها التعليمية، والطبقية؛ بما يساعد في تعريف كل فئة من الفئات العمرية كما في مثالنا عن كبار السن هنا؛ مما يساعد في معرفة مالها من الحقوق، والاحتياجات، والمطالب، ومعرفة ما عليها من الواجبات … إلخ.
وسبب طرحي لهذا السؤال أنه قد يترتب على عدم وجود مثل هذه القاعدة البيانية بالمجتمع السعودي المكونة من المزدوج “الإحصائي، والإثنوجرافي” هو نوع من الفراغ الكمي، والكيفي؛ مما يؤدي إلى خلل منهجي، أو نقص منهجي في القراءة البحثية لواقعنا.
ثالثًا – في قراءتي عن الموضوع وجدت معظم ما كُتب عن الموضوع؛ سواء أكان في استخدام كبار السن للهواتف الذكية، أم في استخدامهم أوعية القراءة والكتابة الأخرى، مثل: لاب توب، كمبيوتر شخصي، آيباد، كندل، وكل أنواع التطبيقات والنوافذ المخصصة لمختلف خدمات التواصل الأسري، والاجتماعي، هذا إلى جانب خدمات الصحة، والغذاء، والمرور، والسفر، وتجديد استعارة الكتب … إلخ كان يعتمد على علاقة بحثية تفاعلية مع أصحاب الشأن، إن صح التعبير؛ فلم يقم بذلك الباحثون، والدارسون لجهات أكاديمية، أو بحثية صرفة؛ بل قامت به الكثير من مصانع هذه الأدوات التقنية الحديثة، وشركات التطبيقات، والعديد من منصات العمل الحكومي، والمدني.
وكثيرًا ما كان يتم إشراك أصحاب المشكلة في إيجاد الحلول بعمل مجموعات بحث مركزة من خلال “فوكس جروب”، أو عبر استطلاعات رأي شفهية، ومكتوبة؛ وذلك بالاعتماد على أدوات الاستبيان، المقابلة، والملاحظة بالمعايشة، وهذا ما أرى أنه قد ينقص مجتمعنا؛ فنادرًا ما يُسأل المستفيد، أو صاحب الشأن عن رأيه فيما يقدم له من خدمات، والأندر أن يطلب منه حَلًّا لمشكلة، هو، أو هي مَنْ تعاني منها شخصيًّا.
وربما هذا- والله أعلم- يعود لما نعانيه من ترددٍ عَامٍّ في توسيع ثقافة المشاركة المجتمعية لكل الفئات على قدم المساواة؛ فنحن على ما يبدو لا نزال لم نَشِبَّ عن طوق إيكال الأمر لمن هم ” أبخص”؛ بما قد يغذي النخبوية على حساب المشاركة العامة، والواسعة رأسيًّا، وأفقيًّا.
هذا إلى جانب ما يبدو من تحكم الموقف الاجتماعي العام في التوجهات البحثية، (وهي ملاحظة انطباعية ليس إلا)، وهو موقف لا يَخْلُو من نوع من “عنصرية العمر”، لو جازت التسمية تجاه الرجال والنساء معًا، وإن كان نصيب النساء منها قد يكون مثل حظ الذكرين.
تبقى نقطة أوردتها كاتبة الورقة الرئيسة، وهي تجربة سنغافورة في الدمج التعليمي، والتبادل المعرفي والثقافي بين صغار السن والكبار في العمر؛ وذلك بما يساعد على محو الأمية الرقمية، والتقنية عند المعمرين، ويمحو الأمية التراثية عند اليُفَّعِ والشباب، وهذا مما يمكن عمله بأشكال تناسب تركيبتنا الاجتماعية.
والحمد لله أن غالبية أُسرنا لازالت تنعم بعلاقات حيوية؛ وذلك في إطار العائلة الممتدة، وإن لم يكونوا في حيز سكني واحد؛ حيث يكون باستطاعة الكبار الاستعانة بأفراد العائلة بعضهم البعض في المسألة الرقمية، والتقنية
وليس أخيرًا هناك مسؤولية واسعة على قطاع العمل الخاص، وخاصة في المجال الإلكتروني؛ ليقدم ضريبة وطنية صغيرة لأرباحه الكبيرة؛ وذلك في مجال التيسير التقني على المسنين بإقامة دورات مجانية.
أما منصات الخدمات الحكومية بالذات، والمصيري منها، واليومي، مثل: “أبشر، وتوكلنا، ونفاذ … إلخ”؛ فعليها أن تتواضع قليلًا، وتضع مسارًا مزدوجًا لتخليص المعاملات، لو لزم الأمر إلكترونيًّا وورقيًّا، حضوريًّا وهاتفيًّا، ولكن (للأسف بعضٌ من جهات المصالح العامة ألغت تمامًا الرد على الهاتف).
وبَعْدُ فهناك مطلب اجتماعي سياسي بإعادة الاعتبار للمسنين؛ بوصفهم خبرة مهنية، واحتياطيًّا استشاريًّا، وعدم تركهم لعزلة العمر، وقسوة حرمانهم من لذة العطاء لوطنهم، وهذه أحد الأسباب الوجيهة فيما قد يحدث لهم من غربة رقمية، وقد أشارت الورقة للعلاقة بين العزلة، والغربة التقنية، والرقمية.
التعقيب الثاني – د. فاطمة العثمان
في العصر الحديث أصبح الاستبعاد الرقمي أحد التحديات التي تواجهها المجتمعات؛ حيث يتعذر على العديد من كبار السن الوصول إلى الخدمات التقنية بالسهولة نفسها التي يتمتع بها الأفراد الأصغر سِنًّا؛ إذ يُعرف الاستبعاد الرقمي أنه هو الفجوة التقنية والمعرفية بين الأجيال؛ حيث يفتقد كبار السن المهارات اللازمة، والمعرفة للتحكم في عالم التكنولوجيا الحديثة.
وتجدر الإشارة إلى أن تلك الفجوة تؤثر بشكل كبير على حياة كبار السن؛ فهم- غالبًا- ما يعانون من صعوبات في الوصول إلى الخدمات التقنية الحديثة، مثل: الحجز الإلكتروني للمواعيد الطبية، أو التسوق عبر الإنترنت، كما يُعزى ذلك إلى عدة عوامل؛ بما في ذلك تحديات التقنية، وضيق نطاق الرؤية والسمع، وصعوبة التعامل مع الأجهزة الذكية.
وعلى المستوى الشخصي؛ فأنا أرى أهمية إجراء المزيد من البحوث لتغطية الجوانب الاقتصادية، والاجتماعية لهذه المسألة لدراسة شتى جوانبها؛ إذ يمكن أن تساهم الدراسات الأكثر شمولية في رؤية أفضل للتحديات، والحلول المتاحة، وكيفية تخصيص الموارد- بشكل فعّال- لدعم كبار السن، وقد لاحظت أن الورقة تطرقت إلى بعض الحلول البسيطة التي يمكن تنفيذها، وهي التي ستساعد في تخفيف بعض التحديات المذكورة.
بالطبع تكلفة الخدمات هي عامل آخر يجب مراعاته؛ حيث يُعد تحليل تكاليف الخدمات، وتقديم حلول مستدامة، وملائمة من أكثر النقاط الرئيسية؛ وذلك لتعزيز التكامل التكنولوجي لدى كبار السن، وبالنسبة لتسمية (الفئات المستضعفة) أنا أعترض على هذه التسمية، وقد تكون هذه التسمية هي المتعارف عليها، ولكن يجب إعادة النظر فيها.
على صعيد الحلول الاجتماعية يمكن تعزيز التفاعل، والتواصل المباشر مع كبار السن؛ وذلك من قِبَلِ المجتمع، والمؤسسات، والمنظمات غير الحكومية؛ إذ يجب تشجيع العائلة، والأصدقاء على مساعدة كبار السن في التعامل مع التكنولوجيا، وتلبية احتياجاتهم الرقمية.
كما يُنصح بتنظيم دورات توعية، وندوات مجتمعية؛ لتسليط الضوء على أهمية ضمان إشراك كافة فئات المجتمع في العصر الرقمي، وباختصار لتحقيق الوصول المناسب للخدمات التقنية لكبار السن، وتجاوز تأثير الاستبعاد الرقمي؛ فيجب اتخاذ حلول تقنية مُبسطة، وسهلة الاستخدام، وإرساء نهج اجتماعي يعزز التواصل، والتفاعل المباشر مع هذه الفئة العمرية، وأقترح أن يكون هناك منصة وطنية موحدة لهذه الخدمات الإلكترونية التي يستطيع كبار السن الدخول لها بسهولة، وتحل- أيضًا- مشكلة التفاوت الكبير في التصميم بين المواقع الحكومية.
التعقيب الثالث – أ. علاء الدين براده
تبين التجربة العالمية خلال جائحة (كوفيد-19) أهمية الحاجة إلى تيسير الوصول، والاستخدام الرقمي لجميع الفئات؛ بما فيها كبار السن؛ حيث أدى الانتقال السريع نحو الخدمات الرقمية؛ لعزل الفئات الأقل استعدادًا لاستخدام التكنولوجيا بسلام وفعالية، وهو ما عرف بـ “الهوة الرقمية”.
فعلى سبيل المثال كبار السن الذين يواجهون تحديات فريدة؛ وذلك فيما يتعلق باستخدام التكنولوجيا، وهذا أمر من فهم الأمان الرقمي، ومن أهمية الاحتفاظ بالخصوصية، إلى جانب نقاط تتعلق بالقدرات البدنية، والذهنية.
وقد لعبت إدارة التغيير دورًا رئيسيًّا في تحسين التجربة الرقمية لكبار السن خلال الجائحة؛ وذلك عندما حدث التحول السريع للخدمات الرقمية؛ فاستخدمت العديد من الشركات، والمؤسسات الإدارة الفعالة للتغيير؛ لتجنب عزل كبار السن، وغيرهم من الذين يجدون صعوبة في التكيف مع التكنولوجيا.
أولاً – مع التعرف على أن الهوة الرقمية تمثل تحديًّا كبيرًا تم تركيز الجهود على وضع إستراتيجيات تغيير محددة؛ وذلك لتسهيل انتقال كبار السن، وغيرهم من الذين يواجهون تحديات تقنية للعبور إلى العالم الرقمي، هذا- غالبًا- ما يتضمن تقديم دروس تعليمية، ودورات تدريبية، أو دعم فني لتقديم المساعدة في تعلم الأدوات، والتطبيقات الرقمية الجديدة.
ثانيًا – تم استخدام الإدارة الفعالة للتغيير؛ لتسهيل التواصل الفعال بين مزودي الخدمات والفئات الأقل استعدادًا للتكنولوجيا؛ وذلك من خلال التواصل المستمر، والشفاف مع هؤلاء الأفراد؛ حتى يتم توعيتهم بالخدمات الجديدة، وتعريفهم كيف يمكنهم الاستفادة منها بالكامل. أخيرًا – المرونة هي أساس الإدارة الفعالة للتغيير.
المنظمات لم تكن فقط مرنة في مواجهة ما طرأ من التغييرات السريعة الناتجة عن الجائحة، ولكنها- أيضًا- تظهر قدرًا عاليًا من التحلي بالصبر والتفهم؛ وذلك أثناء تعليم شرائح جديدة من المجتمع كيفية استخدام الأدوات، والمنصات الرقمية؛ فعلى الرغم من التحديات أدى النهج المبتكر المبني على الإدارة الفعالة للتغيير إلى تعزيز التجربة الرقمية لكبار السن، وغيرهم من الذين يجدون صعوبة في التكيف مع العالم الرقمي، كما أن هذه التجربة تظهر أن الإدارة الفعالة للتغيير يمكن أن تكون أداة قوية لتحقيق الاندماج الرقمي.
- المداخلات حول القضية:
- أهمية التناول الموضوعي لقضية الاستبعاد الرقمي:
مصطلح (الشمول الرقمي) هو المصطلح المضاد لمصطلح الاستبعاد؛ حيث يشير إلى الدعوة إلى تمكين الفئات الأقل حظًّا من النواحي: التعليمية، والمهارية، والاقتصادية في استخدام الأدوات الرقمية؛ وذلك لتحقيق اندماجهم في المجتمع من خلال عدة آليات، منها: تشجيع الالتحاق بدورات محو الأمية الرقمية، وتوفير الدعم، والمساندة المطلوبة في هذا المجال؛ إذ تؤثر “الشمولية الرقمية على حياة الفئات الأكثر حاجة؛ من خلال ضمان وصولهم للخدمات الرقمية بشكل مستقل، والاستفادة الكبرى من الخدمات الحكومية المتاحة”.
بينما يشير مصطلح (حوكمة التحول الرقمي) إلى “تطبيق المؤسسات لمجموعة من المعايير، والعمليات، والموارد لتكنولوجيا المعلومات؛ بحيث يمثل وسيلة لتقديم المساعدة لمستخدمي التكنولوجيا، والقائمين على إدارتها؛ لفهم النظم التكنولوجية الرقمية في مؤسساتهم، وإدارة المخاطر المتعلقة بها”.
والواقع أن التحول الرقمي “يؤثر على جميع طبقات المجتمع؛ فهو لا يؤثر فقط على سلوك المستخدمين للتقنيات؛ بل يؤثر- كذلك- على عمليات الإدماج، والاستبعاد الاجتماعيين التي يعاد تعريفها في مجال تكنولوجي معين”.
وفي ضوء ما تقدم؛ فإن قضية الاستبعاد الرقمي تمس معظم العائلات لفئة يصعب عليها التأقلم مع التكنولوجيا؛ لتيسير أمور حياتهم، وهي فئة كبار السن، كما أنها ذات أهمية للأمن، والاقتصاد؛ وذلك بسبب سهولة الاستيلاء على معلوماتهم الشخصية، والمالية، و(الهوة الرقمية) تزداد اتساعًا، وتأخذ في التفاقم، والتضخم عند تزايد العمر، هذا مع الوضع في الاعتبار أن مشكلة (الهوة الرقمية) تختلف عن أنواع التكنولوجيا؛ وذلك بالنظر إلى واجهة المستخدم ( ux ) إلى متطلبات التوثيق … إلخ.
ولا شك أن أهمية قضية (الاستبعاد الرقمي) تأتي؛ بوصفها نتيجةً للنِّسَبِ المرتفعةِ لاعتماد كبار السن على الغير؛ وذلك لإنهاء معاملاتهم الإلكترونية؛ مما يعرضهم للاحتيال، والتهميش، والعزلة؛ فضلاً عن ضرورة حَثِّ كبار السن، وتشجيعهم على استخدام التقنية، والاستفادة منها في تسهيل أمور حياتهم المهمة، وفي مقدمتها: الصحة، والأمور المالية، والاتصال، والتواصل، والتنقل؛ بغض النظر عن أعمارهم، أو خبراتهم؛ وذلك من خلال مساعدتهم على التعلم البسيط، والمباشر لتلك التقنية، وتحفيزهم على التعامل مع الحلول الرقمية، وتعريفهم بأهم التطبيقات، والبرامج الضرورية لهم، وطريقة تشغيلها دون الحاجة للمساعدة، ومساعدتهم في حل كافة القضايا التي تتعلق بهم، وتكافح انعزالهم السلبي.
كما أن من المهم تأكيد أن مساعدة كبار السن لاستخدام التقنيات الحديثة، وتوظيفها في حياتهم؛ وذلك من خلال نقل المعرفة لهم؛ سواء أكان هذا من داخل المنزل، أم من خارجه؛ إذ لا يُعَدُّ أمرًا ضروريًّا لقضاء معاملاتهم الحكومية، أو البنكية، أو للتواصل مع عائلاتهم فقط، وإنما قد يفيد صحتهم النفسية، والعقلية، والجسمية أيضًا؛ حيث أثبتت الدراسات التأثير الإيجابي لتدريب كبار السن على استخدام التكنولوجيا بشكل عام، والاهتمام بالتطبيقات الالكترونية بشكل خاص؛ وذلك على نحو يحسن من قدراتهم المعرفية، ويعزز شعورهم بالثقة الذاتية، والاطمئنان على أمورهم المالية، كما قد يكون له أثره النافع عمومًا في صحتهم النفسية؛ من حيث تقليل شعورهم بالعزلة؛ بفضل المعاملات التي تمكنوا من إجرائها بأنفسهم دون مساعدة الغير.
الجدير بالذكر أن التقنية- بطبيعتها- تحقق المنفعة، والانسجام، وتقوم بتسريع الأعمال، بدرجة فائقة يصعب تصورها قبيل وبعد توفرها، وهو ما تستفيد منه شريحة كبيرة في المجتمع، غير أن شريحة كبار السن ليسوا وحدهم من يعاني من ظاهرة الاستبعاد الرقمي، وهذه الظاهرة التي أفرزت من وقت مبكر ما يسمى بالتنشئة الراجعة، وجعلت من الأجيال الجديدة تضطلع بدور كبير، وبارز؛ وذلك في تعليم الجيل الأكبر غير المتقن لاستخدامات التقنية، وهو الذي لا يعد مدركًا لعناصر المواطنة الرقمية، ولديهم تخلفٌ واضحٌ في الحس الأمني المرتبط بالتقنية؛ على الرغم من وضوح المشكلة مبكرًا؛ سواء أكان هذا على مستوى المملكة، أم عالميًّا.
وتبقى المعاناة مع ثورة تقنيات الرقمنة، والتحول الرقمي ليس فقط مع كبار السن، وإنما مع غالبية الأجيال التي لم تعاصر بداية تلك الثورة في عام 2000م؛ وذلك عندما بدأ استخدام الرقمنة على نطاق أوسع؛ بوصفها مبدأ، ووسيلة للتقديم الحكومي الكامل لتكنولوجيا المعلومات (IT)؛ مما زاد من استخدام الإنترنت، وتكنولوجيا المعلومات على جميع المستويات في الإدارة، والأتمتة، وبدأ تطور مشابه في مجال الأعمال العام.
ومن ثَمَّ فعلى الرغم من أن وتيرة التغيير جارية بالفعل منذ عقود إلا أنها تسارعت مع زيادة نشر البنية التحية الرقمية، وانتشار الهواتف الذكية التي تسمح بالحوسبة في كل مكان؛ مما أدى إلى مضاعفة التقنيات الرقمية المتقدمة.
- جهود المملكة العربية السعودية في التحول الرقمي، وإدماج كبار السن:
تعد المملكة في مقدمة الدول التي قطعت أشواطًا كبيرة في توظيف المنصات، والمواقع؛ وذلك لتسهيل الخدمات للمواطن، والمقيم، وبمراجعة تحليلية عن الآثار الكبيرة للتحول الرقمي؛ بل الوصول الرقمي في كثير من الخدمات الحكومية، والخاصة، وغير الربحية التي حققت فيه المملكة تقدمًا دوليًّا كبيرًا؛ وذلك بتقدمها في بيانات مؤشر نضج الحكومة الرقمية لعام 2022م الصادرة عن مجموعة البنك الدولي إلى المرتبة (الثالثة) عالمياً، من بين (198) دولة، و(الأولى) إقليميًّا، وهذا مما يعطي دليلًا على تحقيق مستهدفات الرؤية، وبشكل مباشر الهدف الخامس المرتبط بتعزيز فاعلية الحكومة، ومن أبرز أمثلته: تطبيق (توكلنا) الذي بَرَزَ نتيجة لــــ (جائحة كورونا)، وقبلها برنامج (أبشر)؛ حيث فرضت الجائحة الاعتماد على الرقمنة؛ بوصفها إحدى أهم الأدوات لإدارة الأزمة، وأهم توجهاتها.
وقد بادرت المملكة بإطلاق برنامج (التحول الرقمي)؛ بوصفه أحد البرامج الأساسية لتحقيق رؤية المملكة 2030م، كما أُنشئت اللجنة الوطنية للتحول الرقمي بالمملكة العربية السعودية؛ وذلك للمساهمة في تنمية التحول الرقمي بالقطاعين العام، والخاص، وبغض النظر عن انعزال بعض كبار السن من التمتع بهذه الطفرة من عدمها؛ فيكفينا فخرًا أن الإنجازات الرقمية التي حققتها المملكة، وهذا التطور التكنولوجي الذي وصلنا له أصبح أنموذجًا عالميًّا يُحتذى به؛ عدا أنه يكفل المساواة في إنهاء المعاملات للمواطن أيًّا كان مستواه المالي، والاجتماعي، وهو جالس في مكانه، وخلال دقائق معدودة فقط.
والسبيل الوحيد لتجنب التخلف عن الآخرين يتمثل في اقتناص هذه “الطفرة التكنولوجية”؛ فالحكومة في المملكة وفرت كل متطلبات الحياة السهلة الميسرة إلكترونيًّا؛ لتبقى جدلية تحقيق الحدود القصوى تقع على عاتق الفرد نفسه، أو من يهتم به؛ وذلك من خلال التعلم، والتدريب، واقتناص الفرصة، وليس بالانعزال.
وقد أدت السرعة، والقفزة النوعية الهائلة في استخدام تكنولوجيا الرقمنة، والتحول الرقمي خلال السنوات القليلة بشكل عام إلي الهوة الرقمية بين الكثيرين من فئات المجتمع السعودي، ولكنها كانت واضحة لدى كبار السن أكثر من غيرهم؛ إذ تجاهلت كثير من المنصات الحكومية التي تقدم خدماتها من خلال تلك المنصات وضع خطة زمنية للتحول؛ بحيث تقدم الخدمة من خلال المنصة الالكترونية، أو بالطريقة الورقية (التقليدية)؛ حتى تتنسى لكبار السن إجادة التقديم من خلال المنصة الإلكترونية؛ بل أن بعض الجهات الحكومية استعجلت، وحصرت التقديم من خلال منصتها الإلكترونية حتى قبل أن تتأكد أنها جاهزة، وصالحة للاستخدام، مثل: بداية منصة (تعدين)، ومنصة (البيئة)، وغيرها من منصات الخدمات الإلكترونية الحكومية.
ومما زاد في المشكلة عدم وضع منصات الخدمات الإلكترونية في الحسبان فئة كبار السن، وأهميتهم؛ بوصفهم مستخدمين لتلك المنصات، والتطبيقات؛ فلم تدرج أية مَيْزَات خاصة في تصاميمها لتلك الفئة تمكنهم من الاستخدام السهل؛ من حيث الوجهات (UI)، والتوضيح، والوصف لكيفية الاستخدام؛ بحيث تلبي احتياجات كبار السن من المستخدمين، بشكل أوسع، وأشمل؛ حتى يجدوا فيها ضالتهم.
ولمواجهة إشكالات (الاستبعاد الرقمي) لكبار السن في المملكة أطلقت وزارة الاتصالات وتقنية المعلومات حملة “التقنية لكبار السن”، قبل فترة من الزمن تشمل البرامج التي يتعلمها كبار السن في إطار حملة “التقنية لكبار السن” مجموعة متنوعة من التطبيقات، والبرامج المفيدة، وهذه البرامج تهدف إلى تسهيل حياتهم، وتعزيز قدرتهم على التفاعل مع التقنية، ومن أمثلتها:
1- تطبيقات الاتصال، والتواصل الاجتماعي: مثل WhatsApp وFacebook Messenger؛ حيث يمكنهم التواصل مع أفراد العائلة، والأصدقاء بسهولة.
2 – تطبيقات الصحة، واللياقة البدنية: مثل Fitbit أو MyFitnessPal؛ وذلك لمراقبة النشاط البدني والصحة العامة.
3 – تطبيقات الخرائط، والتوجيه: مثل Google Maps أو Waze؛ وذلك للمساعدة في الوصول إلى الأماكن المختلفة.
4 – تطبيقات البنوك، والمالية: وذلك لإدارة الحسابات المصرفية، والمعاملات المالية.
5 – تطبيقات القراءة، والتعلم: مثل Kindle أو Duolingo؛ وذلك لقراءة الكتب الإلكترونية، أو تعلم لغة جديدة.
6 – تطبيقات الصحة النفسية، والاسترخاء: مثل Headspace أو Calm؛ وذلك للتأمل، والاسترخاء.
وهذه البرامج تساعد كبار السن على الاستفادة القصوى من التقنية، وتحسين نوعية حياتهم.
- تحديات الوصول للخدمات التقنية لكبار السن:
مع الإقبال على الخدمات الرقمية، وما يُصاحب ذلك من: تسريع، وتسهيل إنجاز الأعمال، وتحقيق إيجابيات أخرى إلا أننا نقع أمام نوعين من التحديات، هما:
- التحدي الأول – تحدي سد الفجوة الرقمية التي تنشأ لدى كبار السن، وذوي الإعاقة التي قد تمنعهم من الاستفادة من تلك الخدمات، وثمة إمكانية لتخصيص واجهات أغلب المنصات الحكومية، وغير الحكومية؛ وذلك لتناسب من تزيد أعمارهم عن سن معين؛ حيث يمكن معرفة العمر عند التسجيل بالنفاذ الوطني؛ وذلك باستخدام رقم الهوية، ويمكن كذلك توفير فرق لخدمة العملاء، وهذا يتحقق بالاتصال الهاتفي المباشر بكبير السن عند محاولته تسجيل الدخول، وعرض توفير الخدمة له، ومساعدته لإتمامها.
- التحدي الثاني – تحدي يكمن بالمشاكل السيبرانية التي تجعل كبار السن عرضة للاستغلال، والاحتيال، وهنا يجب تخصيص برامج تثقيفية؛ وذلك لنشر الوعي السيبراني لدى تلك الفئة العمرية، هذا إضافة إلى تغليظ عقوبات الجرائم المعلوماتية التي يكون ضحيتها كبير السن.
ولا يختلف اثنان على أن الطفرة التكنولوجية التي نعيشها الآن لم يشهدها أيٌّ من الأجيال السابقة، ولم تحدث من قبل- قَطُّ- لا بالسرعة، ولا بالنطاق الواسع الذي تحدث به اليوم، وعلى الرغم من كل ما جاءت به هذه التكنولوجيا من تقنيات، وابتكارات، واختراعات مست كل أمور حياتنا اليومية بشكل مباشر إلا أن القليل من هذه التقنيات جاء؛ ليلبي حاجات كبار السن، ومتطلباتهم، ورغباتهم.
ويبدو أن أثر التوجه الحاصل نحو (الأتمتة) على كافة الأصعدة في الدولة، وقيام العديد من الجهات بأتمتة خدماتها؛ وذلك بشكل سريع كان سببًا في أن هناك فئة من فئات المجتمع من كبار المواطنين لم يستطيعوا اللحاق بالقطار؛ فليس لديهم الخبرة، والعلم الكافيان للتعامل مع هذه التقنيات الحديثة، ووقعوا في ورطة؛ وذلك بسبب جهلهم بعمليات تقديم الطلبات عبر التطبيقات، والدفع، واستلام رسائل إكمال العمل… إلخ.
ولعلنا نتذكر أن أول مشكلة واجهت كبار السن كانت فواتير الكهرباء التي كانت تسدد عن طريق البنك، ثم أُلْغِيَتْ هذه الخدمة؛ لتكون عن طريق أجهزة الصرف الآلي؛ فتعثر الكثير..! الأمر الذي اضطرهم للاستعانة بشخص آخر، وكما أظهرت البيانات المذكورة بالورقة الرئيسة؛ فإن (نسبة هؤلاء مرتفعة، ولا يستهان بها)؛ حيث تراوحت بين 70% للفئة العمرية 55-59، وبين 82% للأعمار 65 وما فوق؛ مما أدى إلى انعزال نسبة كبيرة منهم عن التحول الرقمي الذي يمضي دون توقف.
ولعل بعض الجهات عن غير قصد لا تأخذ واجهة المستخدم بعين الاعتبار، أو يكون لها أكثر من منصة لخدماتها؛ مما يشتت المستخدم، وأسوق مثالًا في هذا السياق بوزارة العدل؛ إذ إن الدخول على منصة (ناجز) لحضور الجلسات، أو الوكالات، وهو يتم عن طريق الموقع على الإنترنت، بينما الاطلاع على سير القضايا، والمعاملات، وغيرها يتم عن طريق التطبيق، وهذا في الحقيقة قصور تقني يؤدي للمزيد من التحديات، خصوصًا أن عدد من كبار السن يتابعون قضايا مختلفة، أهمها: له علاقة بالمواريث، أو توثيق الممتلكات مثلًا، وغيرها، كما أنه يحتاج للدخول عبر (نفاذ)؛ مما يزيد التحدي صعوبة، والتوصية في هذه الحالة هي قياس تجربة المستخدم، وبناء نموذج أسهل، وعملي أكثر؛ وذلك باستخدام هذا القياس، مع توحيد الواجهة التقنية للخدمات على أقل تقدير.
وعليه فلابد من الاعتراف أن هناك صعوبات عديدة لدى شريحة من كبار السن في الاستعانة بوسائل التقنية الإلكترونية؛ لقضاء بعض حاجاتهم الضرورية. كما يجب الأخذ بالاعتبار أن كثيرًا من كبار السن يتعرضون لظروف صحية تؤثر على قدرتهم الجسدية والعقلي؛ وبالتالي ينسحب هذا التأثير على مجاراة التقدم الرقمي؛ وذلك فيما يتعلق بالخدمات الحكومية، ويحتاجون- غالبًا- للمساعدة.
ومع هذا تجدر الإشارة إلى أن إشكالية (الاستبعاد الرقمي) لا توجد فقط لدى المجتمعات غير المتقدمة تقنيًّا فقط؛ فمن الملفت للنظر انتقاد مجلس اللوردات البريطاني لاستجابة حكومتهم غير المقنعة لقضية الاستبعاد الرقمي في المملكة المتحدة، والمطالبة بضرورة تطوير المهارات الرقمية، والثقة لدى أولئك الذين لديهم أقل مستوى من القدرة الرقمية.
إن التحايل الذي تتعرض له فئة كبار السن يعزز من الاستبعاد الرقمي لهم؛ وذلك بسبب التشكيك في استخدام التقنية، وفقدان الثقة بها من قبل هذه الفئة، وإن كان من يعرفون التقنية الرقمية مَنْ يقعون ضحايا للاحتيال الإلكتروني؛ فما بالنا بمن يجهلون التقنية الرقمية من كبار السن، حتما سيكون حجم الاحتيال الإلكتروني الذي يتعرضون له أكبر؛ لذا فإن مكافحة الأمية الرقمية تصبح أمرًا ضروريًّا.
ولكن مع أن التعرض للاحتيال الإلكتروني لكبار السن مرتبطٌ- أيضًا- بمستوى الأمية الرقمية؛ فمن هم على دراية بالتكنولوجيا ولديهم مستوى معين من المعرفة الرقمية أكثر مرونة في مواجهة الاحتيال، ولا يسبب لهم الصدمة نفسها، أو مشاعر الخوف، والإحراج، والشعور بالضعف الذي قد يتعرض لها كبير السن في مسألة الاحتيال الإلكتروني.
- آليات الحد من التأثيرات السلبية للاستبعاد الرقمي:
إن الحديث عن تأثير (الاستبعاد الرقمي) على المجتمع لا يعني بالضرورة أن هناك استبعادًا مقصودًا من مجتمعنا السعودي، إنما للإشارة إلى هذا التحدي العالمي الذي يواجه حتى المجتمعات المتقدمة (خاصة المجتمعات الأوروبية التي تتصف بنسبة عالية من كبار السن). ولعل من أولى الخطوات لمواجهة تحديات الوصول للخدمات التقنية محليًّا، ومناقشة مدى كفاية برامج الشمول الرقمي الحالية؛ وذلك بدءًا من احتياج الفرد فهم احتياجات، وتحديات أصحاب المشكلة (كبار السن)، وانتهاءً بتوجيه الجهود نحو تطوير حلول مبتكرة تلبي تلك الاحتياجات بشكل فعال (التفكير التصميمي).
ولعل أحد الأساليب المقترحة للتعامل مع مشكلة الاستبعاد الرقمي، هو دعوة أفراد العائلة لتشجيع الآباء والأجداد؛ وذلك للمشاركة في تعلم الضروريات من التقنية الرقمية التي تمكنهم فقط من إنجاز معاملاتهم الحكومية المطلوبة، وهذا التشجيع سيحقق- أيضًا- استدامة التواصل الأسري بين الأجيال، ويخلق سببًا جميلاً للتقارب، ولعل من المناسب مراعاة عملية الانتقال الزمني على مراحل تدريجية؛ وذلك ضمن الخطط التطويرية الالكترونية، وجعل التحول خلال فترة تضمن استيعاب الجميع؛ بمن فيهم كبار السن.
وبما أن عددًا من الأفراد في المجتمع لا يزال يصعب عليهم استخدام التقنيات الرقمية؛ فمن الضروري أن يتاح لهذه الفئة تقديم الخدمات بطرق أخرى تناسب إمكاناتهم، كما أن من الضروري أن تعمل هذه المنصات على مدار الساعة على أن يكون هناك جهاز فني متخصص طوال اليوم؛ وذلك لإصلاح أي عطل يتعرض له التطبيق، أو المنصة.
وكما يحتاج كبير السن لمساعدة الغير في قضاء بعض أمور الحياة التي لا يستطيع القيام بها؛ وذلك إما لجهله، وإما بسبب ضعف قدراته الجسمية والعقلية؛ فليس هناك حَرَجٌ في أن يشمل ذلك الاحتياج الأمور التقنية أيضًا؛ فلو نظرنا لواقع حياتهم اليومية لوجدنا الآن أن معظم هواتفهم المحمولة، وسياراتهم الحديثة تتمتع بنظام الكتروني حساس، وعالي الدقة؛ مما يستوجب التدرب عليه، وكذلك عند قدوم كبير السن لموعد في المستشفى يتطلب منه أن يقوم بالتبليغ عن حضوره من خلال أجهزة الكترونية؛ وذلك بدلًا من الذهاب لمسؤول الاستقبال، وعند الحاجة لإعادة صرف الدواء يستلزم طلب ذلك من التطبيق الخاص بالمستشفى، وغيرها الكثير من الإجراءات اليومية التي تستلزم التعامل بشكل مستمر مع التكنولوجيا؛ سواء أكان من الشخص نفسه، أم من شخص مساند له، ونظرًا لأننا ندرك جيدًا أن معظم كبار السن ليسوا مهتمين بالتقنيات الجديدة؛ فلعل من الضروري مراعاة ما يأتي:
1 – تصميم تطبيق جانبي لكل تطبيق حكومي أساسي مخصص لكبار السن؛ وذلك بشرط أن يكون سهل الاستخدام- قدر الإمكان- لمساعدتهم على إنجاز معاملاتهم بكل يسر، وسهولة؛ بحيث يعتمد على الملاحظات الصوتية، وسهولة الخطوات، ووضوح الإجراءات، كما يضمن لهم الأمان، والخصوصية.
2 – إقامة دورات تدريبية يقدمها متطوعون من شباب الحي إلى كبار السن؛ لتعليمهم على استخدام الإنترنت، وكافة التطبيقات المهمة.
3 – من الضروري استمرار استخدام النظامين: التقني، والتقليدي؛ حتى يصير متاحًا لمن يشاء من هذه الفئة العمرية عند تقديم الطلبات، هذا مع توفر خدمة (مساعد) لكبار السن؛ ممن يشهد لهم بالأمانة، والصدق في كل الجهات الحكومية؛ وذلك لتسريع إنهاء معاملاتهم.
وتتطلب مواجهة الاستبعاد الرقمي لكبار السن تشخيص واقع الفجوة الرقمية التي يعاني منها كبار السن بالمملكة في ظل التغيرات التكنولوجية المتسارعة، وأثرها عليهم من خلال أبحاث ميدانية تستعرض واقع السياسات والتشريعات المحلية؛ وذلك في مجال رعايتهم، وحمايتهم إلكترونيًّا، والتأكد من كفاية الجهود، والبرامج، والخدمات المقدمة لرعايتهم التي تبذلها الجهات المعنية بالدولة؛ وذلك في مجال محو الأمية الرقمية لدى هذه الفئة العمرية.
هذا إلى جانب دراسة مدى ملاءمة التشريعات، والسياسات الوطنية الحالية، وكفايتها لتلبية احتياجات كبار السن في كافة مناطق المملكة، ووضع المقترحات والآليات المناسبة لسد الفجوات التشريعية، والقانونية في مجال رعاية هذه الفئة تقنيًّا، والحرص على رفع مستوى مشاركة كبار السن عند تخطيط البرامج الإلكترونية المقدمة لهم.
وفي تصور البعض فإن أحد الحلول الفعالة؛ لتقليل الفجوة المتعلقة بالاستبعاد الرقمي لكبار السن يرتبط بالتقنية ذاتها؛ وذلك من خلال تبسيط الإجراءات الرقمية وخطواتها مع مراعاة تجربة العميل، والخدمات الأكثر طلبًا ونحوها، والأمر الآخر هو إضافة خيارات، وإعدادات ملائمة لهذه الفئة، مثل: تغيير حجم الخط، أو تفضيل بعض الخدمات التي يمكن إجراؤها مرة واحدة من قِبَلِ أحد الأبناء؛ لتسهيل الوصول السريع، وهذا يعد أحد المواضيع المهمة لدى تصميم التطبيقات، أو ما يُعرف بـــــ (personalization)، وهناك معايير جودة للتطبيقات، أهمها: (ISO)؛ لتلبية احتياجات كبار السن، وهناك طرق خاصة في تصميم تلك التطبيقات؛ لتتلاءم مع كل مستخدم، واحتياجاته.
ويمكن للأسرة، والأصدقاء المشاركة في المبادرات الرامية لتعزيز التوجه التقني لدى لكبار السن؛ وذلك بالعديد من الطرق الآتية:
1 – التوعية، والتشجيع: يمكنهم تشجيع كبار السن على المشاركة في الحملة، وتوجيههم نحو المصادر المفيدة، كما يمكنهم- أيضًا- مشاركة الفوائد المحتملة؛ لاستخدام التقنية في حياة كبار السن.
2 – التدريب، والمساعدة الفعلية: يمكن للأسرة، والأصدقاء تقديم التدريب العملي لكبار السن على استخدام التطبيقات، والبرامج، كما يمكن مساعدتهم في إعداد الحسابات، وتحميل التطبيقات، وشرح كيفية استخدامها.
3 – المشاركة في الأنشطة التقنية معًا: يمكن للأسرة، والأصدقاء قضاء وقت ممتع مع كبار السن؛ وذلك من خلال استخدام التقنية معًا؛ فمثلاً: يمكنهم مشاهدة فيلم معًا عبر تطبيقات البث المباشر، أو يلعبون ألعابًا عبر الإنترنت.
4 – المساعدة في حماية البيانات الشخصية: يمكن للأسرة، والأصدقاء توجيه كبار السن حول كيفية حماية بياناتهم الشخصية على الإنترنت، ومشاركتهم؛ وذلك بإسداء النصائح حول كلمات المرور القوية، والتحقق من الهوية.
5 – التشجيع على التعلم المستمر: يمكن للأسرة، والأصدقاء تشجيع كبار السن على استمرار التعلم، واكتشاف مزيد من التطبيقات، والمزايا التقنية.
وإجمالاً يمكن للأسرة، والأصدقاء أن يكونوا داعمين قويين لكبار السن في رحلتهم لاستخدام التقنية بثقة وسهولة؛ إذ إن دعم الأسرة قد يكون حلًّا فعالًّا للغاية خاصة في تعليم التكنولوجيا؛ لأنه يتضمن توجيهًا شخصيًّا من شخص مريح بالنسبة لكبير السن؛ وذلك بعيدًا عن القلق، والخجل من الخطأ.
ولابد أن يكون هذا الدعم مستمرًا للحفاظ على المهارات المكتسبة ومراجعتها؛ لذا يجب على العائلة المحيطة تكريس الوقت، والصبر، ولعل هذا الحل أفضل من الاعتماد على أفراد الأسرة؛ لأن الاعتمادية تزيد من الهوة، ولا تعالجها، هذا بجانب مخاوف التعرض للاحتيال من الأسرة نفسها، وربما يمكن تفادي ذلك من خلال تفعيل الأدوات القانونية، مثل: التوكيل، والوصاية المشروطة، وغيرها لحماية المصالح المالية للمسنين، هذا بجانب اعتماد قوانين خاصة؛ وذلك لحماية المسنين من الاحتيال الإلكتروني.
- التوصيات:
- إدراج عملية الانتقال الزمني؛ وذلك ضمن الخطط التطويرية الإلكترونية، وجعل التحول خلال فترة تضمن استيعاب الجميع.
- تصميم تطبيق جانبي؛ لكل تطبيق حكومي أساسي مخصص لكبار السن؛ وذلك بشرط أن يكون سهل الاستخدام- قدر الإمكان- لمساعدتهم على إنجاز معاملاتهم؛ بحيث يعتمد على الملاحظات الصوتية، وسهولة الخطوات، ووضوح الإجراءات، ويجب أن يضمن لهم الأمان، والخصوصية.
- إقامة دورات تدريبية يقدمها المتطوعون من شباب الحي إلى كبار السن؛ لتعليمهم على استخدام الإنترنت، وكافة التطبيقات المهمة.
- استمرار استخدام النظامين: التقني، والتقليدي؛ ليصير متاحًا لمن يشاء من كبار السن؛ وذلك عند تقديم الطلبات، مع توفر خدمة (مساعد)؛ ممن يشهد لهم بالأمانة، والصدق؛ لمن يحتاج منه في كل الجهات الحكومية؛ وذلك لتسريع إنهاء معاملاتهم.
- تخصيص برامج تثقيفية؛ لنشر الوعي السيبراني لدى فئة كبار السن؛ وذلك جنبًا إلى جنب مع تغليظ عقوبات الجرائم المعلوماتية التي ترتكب بحقهم.
- تشجيع الجهات المالكة للتطبيقات على توفير إصدارات تكون موجهة لكبار السن؛ وذلك مع تطبيق معايير جودة للتطبيقات، أهمها: (ISO)؛ وبما يضمن تلبية احتياجات فئة كبار السن، ودعم مشاريع التقنيات الناشئة الموجهة لتسهيل الخدمات المقدمة لهم.
- قياس أثر مشاريع التحول الرقمي، ومراجعة طريقة التطوير؛ من أجل الشمولية، والاستدامة، وإجراء دراسات ميدانية لمعرفة تأثير خدمات التحول الرقمي، وبرامجه على جودة الحياة للمسنين في المجتمع السعودي بصفة خاصة.
- عمل اجتماعات لمجموعات تفكير مركزة (Focus Group Discussion) تشارك بها الجهات الأهلية، والهيئات، والشركات الحكومية؛ والخاصة؛ وذلك لتدارس الصعوبات التي تواجه استخدام كبار السن للتقنية، ومقترحات حلها.
- استحداث صلاحيات هيئة رقابية، أو تفعيلها؛ وذلك على غرار هيئة الحكومة الرقمية، ويكون من مَهَامِّهَا ما يأتي:
- وضع الضوابط الأساسية للتطبيقات الإلكترونية.
- رصد المخالفات.
- إعطاء وسام جودة للتطبيق.
- إيقاف استخدام التطبيقات.
- مسابقات تحفيزية لقطاعات الدولة التي تخدم جزءًا من معايير الجودة؛ فمثلًا أفضل تطبيق لخدمة العميل.
- مخالفة الجهات غير الملتزمة؛ وذلك بمواصفات العالمية، والمحلية للجودة.
- إتاحة إمكانية تقديم شكوى؛ وذلك من قبل المواطنين للجهة الرقابية المعنية حال مواجهة عطل، أو خلل تقني في تطبيقات الجهات المختلفة لعمل اللازم.
- تفعيل دور الجمعيات الأهلية المتخصصة؛ وذلك في معالجة قضية الاستبعاد الرقمي.
- المصادر والمراجع:
- هيئة الحكومة الرقمية. (2023م). الدليل التعريفي لبرنامج الشمولية الرقمية.
- الشمري، ذهب نايف مظهور. (2022م). متطلبات تحقيق التحول الرقمي بالجامعات السعودية: جامعة حائل دراسة حالة. المجلة التربوية، ج 95، 1665 – 1720.
- علي، محمد السيد أبو الفتوح. (2022م). متطلبات تطبيق إستراتيجيات التحول الرقمي بالجامعات السعودية في مدينة الرياض، وأثرها على فاعلية الأداء التنظيمي، من وجهة نظر أعضاء هيئة التدريس. الإدارة العامة، س 63، ع 2، 365 – 445.
- بسيوني، آمال ضيف. (2022م). دور التحول الرقمي في مواجهة جائحة كورونا: الأبعاد – التحديات – رؤية مستقبلية وتجارب ناجحة. مجلة التجارة والتمويل، عدد خاص، 237 – 310.
- الرابغى، ريم علي محمد، وفلمبان، إسراء إسماعيل. (2021م). واقع تطبيق الهوية الرقمية ضمن متطلبات التحول الرقمي في ظل “رؤية 2030م” في المملكة العربية السعودية: دراسة حالة. مجلة الآداب، مج 33 , ع 2، 115-135.
- المهيدلي، سامية تراحيب بين، والمفيز، خولة بنت عبدالله بن محمد. (2021م). حوكمة التحول الرقمي في الإدارات التعليمية بالمملكة العربية السعودية في ضوء الممارسات العالمية. مجلة الفنون والأدب وعلوم الإنسانيات والاجتماع، ع 66، 192 – 216.
- محمد، عبدالرحمن حسن حسن، والغبيري، محمد أحمد. (2020م). واقع التحول الرقمي للمملكة العربية السعودية: دراسة تحليلية. مجلة العلوم الإدارية والمالية، مج 4، ع 3، 8 – 31.
- عبيد، حنان صبحي عبدالله وآخرون (2023م). التحديات الداخلية التي تهدد الأمن القومي العربي في ظل التحول الرقمي. مجلة العلوم الإنسانية، مج 7، الإصدار 11، 41-57.
- الرابغى، ريم علي محمد. (2022م). الحكومة الرقمية في ضوء برامج التحول الرقمي وتحقيق مستهدفات رؤية المملكة العربية السعودية 2030م: هيئة الحكومة الرقمية أنموذجًا. المجلة العربية الدولية لتكنولوجيا المعلومات والبيانات، مج 2، ع 2، 15 – 62.
- عبدالحميد، يوسف محمد. (2021م). الخدمة الاجتماعية الإلكترونية والمجتمع الرقمي: رؤية واقعية لإعادة صياغة المفاهيم والأساليب والممارسات. مجلة بحوث في الخدمة الاجتماعية التنموية، مج 1، ع 1، 35 – 64.
- المشاركون:
- الورقة الرئيسة: د. عفاف الأنسي
التعقيب الأول – د. فوزية أبو خالد
التعقيب الثاني – د. فاطمة العثمان
التعقيب الثالث – أ. علاء الدين براده
- إدارة الحوار: د. منى أبو سليمان
- المشاركون بالحوار، والمناقشة:
- د. الجازي الشبيكي
- د. زياد الحقيل
- د. عبدالإله الصالح
- د. حمد البريثن
- د. حميد الشايجي
- أ. فائزة العجروش
- د. علي الوهيبي
- د. أماني البريكان
- د. عبدالرحمن باسلم
- م. إبراهيم ناظر
- د. محمد الثقفي
- د. خالد المنصور
- د. نادية الشهراني
- د. موضي الزهراني
- د. مساعد المحيا
- أ. سمها الغامدي