تقرير رقم (122)
اقتصاديات مدينة الرياض في ظل رؤية ٢٠٣٠
(25/12/ 2023 م)
- تمهيد:
يعرض هذا التقرير لقضية مهمة تمَّ طرحها للحوار في ملتقى أسبار خلال شهر ديسمبر 2023م، وناقشها نُخبة متميزة من مفكري المملكة في مختلف المجالات، والذين أثروا الحوار بآرائهم البنَّاءة ومقترحاتهم الهادفة؛ حيث تناولت: اقتصاديات مدينة الرياض في ظل رؤية ٢٠٣٠، وأعد ورقتها الرئيسة أ. فهد القاسم، وعقب عليها كلاً من م. أسامة الكردي، وأ. فائزة العجروش، وأدار الحوار حولها م. محمد المعجل.
المحتويات
- تمهيد
- فهرس المحتويات
- الملخص التنفيذي.
- الورقة الرئيسة: أ. فهد القاسم
- التعقيبات:
- التعقيب الأول: م. أسامة الكردي
- التعقيب الثاني: أ. فائزة العجروش
- إدارة الحوار: م. محمد المعجل
- المداخلات حول القضية
- بعض من تحديات تعظيم اقتصاديات مدينة الرياض.
- استراتيجية مدينة الرياض وعلاقتها بتنمية اقتصادياتها.
- نحو رؤية مستقبلية لتطوير مدينة الرياض.
- التوصيات
- المصادر والمراجع
- المشاركون
- الملخص التنفيذي.
يتناول هذا التقرير قضية اقتصاديات مدينة الرياض في ظل رؤية ٢٠٣٠. وأشار أ. فهد القاسم في الورقة الرئيسة إلى أن الرياض اليوم برغم عراقتها؛ الا أن التحديث المستمر والمشاريع المتوالية تغلب على عوامل الهرم التي تصيب المدن عادة، فهذه المدينة الشابة لازال ٦٠٪ من عدد سكانها تقل أعمارهم عن ٣٥ عاماً. كما أن الرياض ومع أنها استطاعت خلال تاريخها، وبالذات في الخمس سنوات الأخيرة من إثبات وجودها وأثرها في الكثير من الجوانب السياسية والثقافي؛ إلا أنه لازالت البنية التحتية تحت التجربة؛ إذ تئن المدينة تحت وطأة التكتلات والازدحام الذي يشتكي منه سكان المدينة، كما أن المستهدفات الاقتصادية تعتمد بشكل كبير على درجة سير المشاريع وسرعة إنجازها. وتتطلع مدينة الرياض لتكون ضمن أكبر ١٠ اقتصاديات للمدن في العالم، إضافة الى كونها مدينة عصرية تنافسية في جودة الحياة والسياحة والخدمات، مدينة خضراء مستدامة، كمكان مثالي للعيش ومركز أعمال إقليمي، ومن المخطط أن تنافس الرياض كبريات مدن العالم من حيث جاذبيتها المالية والاقتصادية، ومن أهم المقومات التي أعلن عنها سمو ولي العهد -حفظه الله- عدد السكان والمخطط له أن يصل في عام ٢٠٣٠م إلى ما بين ١٥و٢٠ مليون نسمة مما يتوقع معه أن يكون أكثر من ٤٠٪ من سكان المملكة.
بينما أوضح م. أسامة الكردي في التعقيب الأول أن التوجه نحو زيادة عدد سكان الرياض إلى ما بين و15و20 مليون نسمة؛ لابد أن يصاحبه مجموعة من التوجهات والمخططات للخدمات التي يحتاجها هؤلاء السكان مثل خدمات التقنية والاتصالات والمواصلات والوظائف وتوفير المياه والكهرباء والغذاء والأسواق والوقود والجامعات والمدارس والمستشفيات والبنية التحتية بشكل عام. أيضاً وضمن التنمية الاقتصادية لمدينة الرياض لابد أن يكون لها مخططها العمراني الذي يعطي المدينة نموذجاً معمارياً مميزاُ بدون أن يكون متطابقاً لكل المباني ويحفز هذا الجهات البحثية والإنشائية لابتكار مواد ووسائل للبناء تؤدي إلى تسهيل إجراءات البناء وتخفيض تكاليفها بلوحتي تخفيض تكاليف التشغيل وبالذات استهلاك التيار الكهربائي والمحافظة على البيئة وجعل المباني والمنشآت أكثر استدامة. أما المخطط الحضري فقد يشمل تطوير تصميم الحارات والمتجاورات والتجمعات السكنية بطريقة تؤدي إلى توفر الخدمات للسكان بطريقة سلسة بما في ذلك خدمات التعليم والصحة والأسواق وتوفر الوظائف كما تؤدي إلى سهولة الوصول إلى هذه الخدمات وتسهل توسعها المستقبلي بدون التسبب في تعطيل ما هو موجود أساساً.
في حين ذكرت أ. فائزة العجروش في التعقيب الثاني أن التوقعات تشير إلى وصول عدد سكان الرياض والذي يقدر بحوالي سبعة ملايين نسمة حاليًا إلى خمسة عشر مليون نسمة في عام 2030. وذلك قياسًا على معدل النمو الذي يبلغ 4% سنويًا في حال استمرار هذا المعدل بنفس النسبة. وتوقعات بزيادة كبيرة من أعداد الوافدين مع عوائلهم بعد استقطاب العاصمة لمقرات إقليمية للشركات العالمية. إلى جانب أعداد العمالة الكبيرة المتوقع استقدامها لتنفيذ وتشغيل مشاريع الرياض الكبرى. ولا شك أن هذه الزيادة المتوقعة في حجم سكان مدينة الرياض، ستشكل طلبًا متزايدًا على جميع الخدمات الاجتماعية، والاقتصادية بجوانبها التعليمية، والصحية، والسكنية، وتسبب ظهور تحولات جذرية على الصعيد الاجتماعي، وعلى مستوى التوسع في قطاعي الأعمال الإدارية والخدمات وهيكل القوى العاملة وحجمها.
وتضمنت المداخلات حول القضية المحاور التالية:
- بعض من تحديات تعظيم اقتصاديات مدينة الرياض.
- استراتيجية مدينة الرياض وعلاقتها بتنمية اقتصادياتها.
- نحو رؤية مستقبلية لتطوير مدينة الرياض.
ومن أبرز التوصيات التي انتهى إليها المتحاورون في ملتقى أسبار حول القضية ما يلي:
- سرعة إعلان استراتيجية مدينة الرياض.
- سرعة البت في التوجهات التطويرية لمدينة الرياض، مثل إيقافات مخططات الأراضي في شمال المدينة.
- إعادة النظر في هدف زيادة عدد سكان المدينة، أو تأجيله حتى يمكن استيعاب المدينة والبنية التحتية لهذه الزيادات.
- العمل على تأطير هيكل قانوني للمدينة يضمن الحوكمة والقدرة على تطوير هيكلية نظام الخدمات وتحسينها في المدينة بشكل مستمر.
- ضمان شمولية المؤشرات في مدينة الرياض بحيث تستوعب قياس نتائج ما يستجد من قرارات على أرض الواقع والتأكيد على مرونة هذه المؤشرات مع تسارع عجلة التغيير على أرض الواقع.
- الورقة الرئيسة: أ. فهد القاسم
تمهيد:
كان فتح مدينة الرياض في عام ١٩٠٢م، على يد المغفور له الملك عبدالعزيز ورجاله -رحمهم الله- حدثاً تاريخياً في تاريخ الجزيرة العربية وصناعة الشرق الأوسط بأبعاده السياسية والاقتصادية والاجتماعية، ومقدمة لتوحيد المملكة على يد مؤسس الدولة السعودية الثالثة في عام ١٩٣٢م، فتح الرياض ثم توحيد المملكة وتسمية الرياض عاصمة لها نقل هذه الواحة من قلب نجد إلى صدارة العالم وأحد أقطابه.
أول تخطيط حضري للرياض كان في عام ١٩٤٥م، بعدها مُدت السكة الحديدية إلى المنطقة الشرقية، وتم افتتاح مطار الرياض، أما التغيير الأكبر في المدينة فقد بدأ في عام ١٩٥٦م وامتد حتى عام ١٩٦٨م ؛ حيث شُيدت المباني الحكومية في مدينة الرياض، وتم نقل الوزارات لها لتصبح العاصمة السياسية والإدارية للدولة، وفي عام ١٩٦٩م بدأت مرحلة الطفرة الشهيرة التي استمرت حتى عام ١٩٨٠م وتغيرت فيها خارطة الرياض نتيجة التطوير العمراني الذي تم خلالها، حيث قفزت مساحة المدينة من كيلومترات معدودة حتى وصلت في عام ١٩٧٥م إلى ٤٥ كم²، توالت بعدها قفزات المدينة حتى وصلت مساحة النطاق العمراني فيها إلى ٣،١١٥ كم² وحدود التنمية ٥،٩٧٠ كم².
من العلامات الفارقة في مدينة الرياض تولي امارتها من قبل الملك سلمان بن عبدالعزيز -حفظه الله- قبل تنصيبه ولياً للعهد وتتويجه ملكاً بعدها لمدة تزيد عن ٥٥ عاماً، قيادة المدينة من قبل خادم الحرمين الشريفين ساهمت في إضافة الطابع الثقافي والفكري والحضاري للمدينة إضافة إلى الجوانب الاقتصادية والسياسية الأخرى، زاد فيها عدد سكانها من ١٥٠ الف إلى ٧،٥ مليون نسمة.
رؤية ٢٠٣٠ صاغت مستقبل الرياض كمدينة عصرية تنافس كبريات مدن العالم من الناحية السياسية والاقتصادية والاجتماعية وهو مدار ورقة العمل هذه.
واقع مدينة الرياض:
الرياض اليوم برغم عراقتها الا أن التحديث المستمر والمشاريع المتوالية تغلب على عوامل الهرم التي تصيب المدن عادة، فهذه المدينة الشابة لازال ٦٠٪ من عدد سكانها تقل أعمارهم عن ٣٥ عاماً، وفي الأعوام الأخيرة تلاشى مبدأ الاستحقاق الاجتماعي الذي تعاني منه بعض الدول المجاورة وحل مكانه قيم العمل في المجتمع (فكونك مواطناً سعودياً لا يعني أنك لا تعمل في وظائف مثل سائق التاكسي، أو حارس أمن، أو كاشير).
استطاعت الرياض خلال تاريخها، وبالذات في الخمس سنوات الأخيرة من اثبات وجودها وأثرها في الكثير من الجوانب السياسية والثقافية، ولازالت البنية التحتية تحت التجربة إذ تئن المدينة تحت وطأة التكتلات والازدحام الذي يشتكي منه سكان المدينة، كما أن المستهدفات الاقتصادية تعتمد بشكل كبير على درجة سير المشاريع وسرعة إنجازها.
وعلى جانب آخر نجحت الحكومة في تسريع وتيرة وديناميكية الأنظمة والسياسات التي تساعد على تفعيل ممكنات الرياض كمدينة عالمية، والمملكة كدولة ريادية في المنطقة.
وتحولت الرياض إلى نواة مركزية للسيطرة والتحكم والتأثير في جميع القطاعات، على المستوى السياسي والحكومي والثقافي والاقتصادي.
في هذا السياق حولت الحكومة هيئة تطوير الرياض إلى الهيئة الملكية لتطوير مدينة الرياض وإعادة تشكيل مجلس ادارتها ليرأسه سمو ولي العهد، وعضوية أعضاء على مستوى عالي يضم نخبة من الوزراء إضافة إلى أمير الرياض وأمين الرياض ومحافظ صندوق الاستثمارات العامة.
اليوم العاصمة تشكل ما يقارب ٥٠٪ من الاقتصاد غير النفطي في المملكة، و٣٠٪ من سكان المملكة، وتكلفة خلق الوظائف فيها أقل من المدن الأخرى ب ٣٠٪، وتكلفة تطوير البنى التحتية والعقارية فيها أقل من المدن الأخرى ب ٢٩٪.
الرياض هل تكون مدينة عالمية؟
المدينة العالمية هي المدينة التي تكون مركزاً مُهمّاً في النظام الاقتصادي العالميّ، وهذا المصطلح (المدينة العالمية – Global City)، هو مصطلحٌ صاغته عالمة الاجتماع ساسكيا ساسن (Saskia Sassen) كبديلٍ لمصطلح المدن العملاقة (Mega City) حيث قامت هذه العالمة بدراسة أطلقت عليها المدينة العالميّة في سنة ١٩٩١م؛ وهي تشير في ذلك بشكل خاص إلى كلٍّ من طوكيو، ونيويورك، ولندن، حيث تسيطر هذه المدن على جزءٍ كبيرٍ من صفقات التجارة.
ومن أهم المعايير التي تم ذكرها لتصنيف المدن العالميّة ما يلي:
- الخصائص الاقتصادية:
حيث يعتبر الاقتصاد والسمات الاقتصاديّة للمدينة هو المؤشر الأول الذي يضع المدينة في قائمة المدن العالميّة، فأغلب المدن العالميّة فيها مقرات لكثيرٍ من الشركات متعددة الجنسية، وفيها عددٌ كبيرٌ من المؤسسات المالية، والشركات القابضة، والبورصات التي تُؤثّر بشكلٍ مباشرٍ على اقتصاد العالم وليس على اقتصاد المدينة، ومن أهم الخصائص الاقتصادية ما يلي:
- الناتج المحليّ للمدينة، وهو مؤشراً لأهميتها ولإنتاجها.
- القيمة السوقية ومعياره سوق الأسهم ومؤشراته.
- الخدمات الماليّة وتوفّرها في المدينة، ومن ذلك كبريات المصارف والشركات الاستشارية والمحاسبية.
- كلفة العيش في المدينة.
- عدد الأغنياء من أصحاب الملايين في المدينة أو ما يعرف بالثروات الشخصيّة.
- الخصائص السياسيّة:
وهو ما يتعلق بتأثير المدينة في المناسبات العالميّة ومشاركتها في شؤون العالم، ومن أهم هذه الخصائص المشاركة والتأثير في المناسبات الدولية والشؤون العالمية الجارية، واستضافة المقرات الرئيسية للمنظمات الدولية.
- الخصائص الديموغرافية:
وذلك وفقاً لعدة مؤشرات؛ مثل: عدد السكان، وجودة المواصلات، والمستوى الحضاري، مستوى التطور في المدينة وجودة المعيشة فيها، التنوع العرقي والديني واختلاف الجنسيات فيها.
- الخصائص الثقافية:
ومن أهم هذه الخصائص عدد ونوعية المؤسسات الثقافية فيها؛ مثل المتاحف ودور الأوبرا والسينما والمسارح، وإقامة المهرجانات الفنية والثقافية. إضافة إلى تأثير المدينة إعلاميّاً على العالم من خلال القنوات المشهورة. وقدرتها على استضافة المناسبات والأحداث الثقافية والرياضيّة الكبرى ونجاحها فيها، مثل كأس العالم والألعاب الأولمبية. ومن ذلك احتوائها على جامعات ومؤسسات تعليميّة بارزة. أو احتوائها على مواقع دينيّة بارزة، ويعتبر تنوّعها الفنيّ من هذه الخصائص مثل تواجد مراكز للفنون والتدريب المسرحي والسينمائي وقنوات التلفزيون، وكذلك تواجد مواقع مسجلة ضمن التراث العالمي فيها.
- البُنية التحتية:
ومن أبرز هذه الخصائص توفّر نظام مواصلات ونقل سريع وآمن ومتنوّع الوسائل. مدى احتوائها على موانئ جوية وبحرية رئيسيّة تربطها بدول العالم بشكل سريع ومباشر، ووجود طرق مناسبة لمرور شاحنات النقل الضخمة. ومن ضمن هذه الخصائص المهمة تقدّم المدينة في مجال الاتصالات؛ من حيث تُوفّر خدمات النطاقات الطيفية WiFi ووجود شبكة يعتمد عليها من الألياف البصرية. أخيراً من خصائص البنية التحتية الهامة احتواء المدينة على مراكز صحيّة ومستشفيات كبرى توفّر العناية الكاملة للمرضى في كافّة المجالات.
وفي دراسة أخرى قامت بها شركة ريسوناس Resonance Consultancy تبنت معايير مختلفة للمدينة العالمية، وان كانت تتقاطع في كثير منها مع معايير Saskia Sassen المشار اليها سابقاً، ومن أهم هذه المعايير:
أولاً – جودة الحياة في المدينة:
وهو تقييم للمدينة من حيث إمكانية العيش فيها بجودة عالية وإنسانية وجذب للأفراد والشركات، وذلك من حيث الطبيعة والبنية التحتية، ومدى سهولة المشي وركوب الدراجات، والمناطق الخضراء وعدد المتنزهات، والمعالم السياحية والمتاحف والمؤسسات الفنية، والتعليم العالي وتصنيف الجامعات فيها، ومدى اتصال المطار بوجهات مباشرة للسفر والتواصل مع العالم.
ثانيا – حيوية المدينة:
وهو تقييم للمدينة من حيث تنافسيتها مع غيرها من حيث التجربة الثقافية والفنية للمدينة، كما أن أماكن الخروج الليلية للأكل والنزهة لها تقييم في حيوية المدينة وبالتالي فعدد ونوعية المطاعم مهم في هذا المعيار، وبالتأكيد فان أماكن التسوق من حيث العدد والجودة والتنوع لها وزن هام، ولا يغفل هذا المعيار أماكن الجذب الترفيهي والمتنوع للعائلة، الجدير بالذكر أن تقييم المدينة هنا تعود مرجعيته الرئيسية إلى مؤشرات وسائل التواصل الاجتماعي وتوصياتها حول المدينة وفعالياتها وحيويتها، ومن أبرز المرجعيات في هذا التقييم مواقع مثل: التوصيات على Trip Advisor، وتسجيلات الوصول إلى Facebook، ونتائج بحث Google، والوسوم (هاشتاج) على Instagram، وشعبية مؤشرات Google Trends .
ثالثاً – ازدهار المدينة:
وهذا المعيار يركز على العامل البشري، وتحليل سكان المدينة من حيث توليد الثروة والرخاء، ويشمل ذلك مستوى التحصيل العلمي للسكان، ومعدلات البطالة، والناتج المحلي للفرد، ومعدل الفقر كمؤشر إضافي للحد من طغيان معدل الناتج المحلي للفرد لقياس معدل توزيع الثروة بين السكان، ويضاف لها عدد مقرات أكبر ٥٠٠ شركة وفق تصنيف Fortune Global، وعدد الشركات الناشئة المسجلة في المدينة، وعدد مراكز المؤتمرات وحجم أكبرها.
الجدير بالذكر أن الشركة تصدر تقريرها السنوي لأكبر ١٠٠ مدينة عالمية The 100 Global City لتصنيف المدن في السنة التالية، وكانت العشر مدن الأوائل فيه على التوالي في تصنيف ٢٠٢٤م هي:
- لندن
- باريس
- نيويورك
- طوكيو
- سنغافورة
- دبي
- سان فرانسيسكو
- برشلونة
- أمستردام
- سيئول
وقد احتلت مدينة الرياض الترتيب رقم ٢٨ في هذا التقرير.
مدينة الرياض إلى أين:
تتطلع مدينة الرياض لتكون ضمن أكبر ١٠ اقتصاديات للمدن في العالم، إضافة إلى كونها مدينة عصرية تنافسية في جودة الحياة والسياحة والخدمات، مدينة خضراء مستدامة، كمكان مثالي للعيش ومركز أعمال إقليمي، ومن المخطط أن تنافس الرياض كبريات مدن العالم من حيث جاذبيتها المالية والاقتصادية، ومن أهم المقومات التي أعلن عنها سمو ولي العهد -حفظه الله- عدد السكان والمخطط له أن يصل في عام ٢٠٣٠م إلى ما بين ١٥و٢٠ مليون نسمة مما يتوقع معه أن يكون أكثر من ٤٠٪ من سكان المملكة.
ملامح استراتيجية الرياض تعتمد على مقومات رئيسية أهمها: النمو الاقتصادي في شتى القطاعات، وتطوير الكوادر الوطنية، واستقطاب أفضل المواهب العالمية، وتحسين جودة الحياة، والتخطيط الحضري المكاني على مستوى عالمي، والحوكمة الحصيفة لممكنات وموارد المدينة، وتطوير هوية عالمية للمدينة تعزز الدور العالمي للعاصمة من الناحية الاقتصادية والسياسية والثقافية، بالإضافة إلى تعزيز قدرتها التنافسية، وتحويل مدينة الرياض إلى واحة خضراء كواحدة من أكثر المدن استدامة عالمياً.
من المتوقع أن يتم ضخ ٣٤٦ مليار ريال سعودي في مبادرات ومشاريع الاستدامة للمدينة، وتحفيز القطاع الخاص بفرص استثمارية استراتيجية.
أهم مشاريع العاصمة:
العمل جار على قدم وساق لتحقيق رؤية القيادة تجاه الرياض وتنفيذ الاستراتيجية المستهدفة من خلال مجموعة من المشاريع العملاقة، يدعمها مشاريع كبرى تم تدشينها من قبل مثل مشروع النقل العام، وتبلغ التكلفة المتوقعة لهذه المشاريع ما يقارب ٨٦٠ مليار ريال، ومن المتوقع أن تنتج ما يزيد عن ٢٤٠ ألف وحدة سكنية، و٢٠ ألف غرفة فندقية، ومساحات تجارية تزيد عن ٢،٨ مليون م²، ومساحات مكتبية تزيد عن ٣،٦ مليون م، ومن أهم هذه المشاريع ما يلي:
حديقة الملك سلمان:
تشغل الحديقة مساحة ١٧ مليون م²، على أرض قاعدة الملك سلمان الجوية (مطار الرياض القديم) بالإضافة إلى بعض الأراضي على تخومها، لتصبح بعد اكتمالها أكبر حدائق المدن في العالم، التي تنتشر فيها مناطق خضراء وساحات مفتوحة تزيد مساحتها عن ٩,٣ مليون م²، ومسار للمشاة بطول ٧,٢ كيلومتر طولي، وبها ١٢ ألف وحدة سكنية، و٢,٣٠٠ غرفة فندقية، ومساحات تجارية تقارب ٥٠٠ ألف م، بالإضافة إلى ٦٠٠ ألف م² من المساحات المكتبية، ومن المتوقع أن تبلغ تكلفة المشروع ٣٧ مليار ريال، وأن يتم تدشين المشروع في ٢٠٢٧م.
الرياض الخضراء:
يهدف مشروع الرياض الخضراء إلى زيادة نسبة المساحات الخضراء في ٢٠٣٠م من ١,٥ ٪ حاليًا إلى ٩ ٪ من إجمالي مساحة مدينة الرياض، بما يعادل ٥٤١ كم² بعد اكتمال المشروع. ويشمل المشروع زراعة أكثر من ٧,٥ ملايين شجرة في أنحاء المدينة الرياض، إضافة إلى تشجير العديد من العناصر كالحدائق والمدارس والمساجد والجامعات وغيرها.
المسار الرياضي:
سيكون المسار الرياضي أحد أهم المشاريع الإستراتيجية التي ستجعل الرياض مدينة صديقة لممارسة الرياضة. ويربط مشروع “المسار الرياضي” بين وادي حنيفة ووادي السلي، مع مناطق امتداد للمسار بأطوال تصل إلى ١٣٥ كم طولي، ومساحة قدرها ٦،٧ مليون م²، ويضمن المشروع أنشطة رياضية وفنية وثقافية وترفيهية وبيئية، وسيوفر المشروع ٨ ألاف وحدة سكنية، وألف غرفة فندقية، ومساحات تجارية تقارب ١٢٠ ألف م²، بالإضافة إلى ٤٠ ألف م² من المساحات المكتبية، ومن المتوقع أن تبلغ تكلفة المشروع ٢٤ مليار ريال، وأن يتم تدشينه في ٢٠٣٠م.
الرياض آرت:
ويشمل المشروع تنفيذ أكثر من ألف عملٍ ومعلمٍ فني، في مختلف أرجاء العاصمة الرياض، بالإضافة إلى تنفيذ المعالم والأيقونات الفنية على أيدي مبدعين وفنانين سعوديين وعالميين، ويتضمن المشروع عشرة برامج تغطي حدائق الأحياء السكنية، والمنتزهات، والميادين، والساحات العامة، ومحطات النقل العام، وجسور الطرق، وجسور المشاة، ومداخل المدينة، والوجهات السياحية كافة.
القدية:
من المخطط أن تكون القدية أكبر مدينة ثقافية ورياضية وترفيهية من نوعها على مستوى العالم، والتي ستكون بمنطقة القدية غرب العاصمة الرياض، بمساحة تبلغ حوالي ٣٣٤ مليون م². تضم القدية ٥ قطاعات رئيسة هي الترفيه ورياضة السيارات والرياضة والإسكان والضيافة، ويهدف المشروع إلى إقامة فعاليات جاذبة طوال العام، وسيوفر المشروع ١١ ألف وحدة سكنية، و٣ آلاف غرفة فندقية، ومساحات تجارية تقارب ١٥٠ ألف م²، بالإضافة إلى ٨٠ ألف م² من المساحات المكتبية، ومن المتوقع أن تبلغ تكلفة المشروع ٣٧ مليار ريال، وأن يتم تدشين المشروع في ٢٠٣٠م.
بوابة الدرعية:
من المخطط أن تكون الدرعية أحد أهم الوجهات العصرية في العالم للثقافة، والتراث، والضيافة وتجارة التجزئة والتعليم. من المخطط أن تستقطب بوابة الدرعية ٢٧ مليون زائر محلي ودولي بحلول عام ٢٠٣٠، والذي يعد دعماً للاستراتيجية الوطنية للسياحة التي تهدف إلى استضافة ١٠٠ مليون سائح من أنحاء العالم في المملكة بحلول عام ٢٠٣٠م، ويقع المشروع على مساحة تتجاوز ٧،١ مليون م²، وسيوفر المشروع ما يزيد عن ٢٠ ألف وحدة سكنية، وما يقارب من ٣ آلاف غرفة فندقية، ومساحات تجارية تقارب ٢٥٠ ألف م²، بالإضافة إلى مليون م² من المساحات المكتبية، ومن المتوقع أن تبلغ تكلفة المشروع ٢٦٣ مليار ريال، وأن يتم تدشين المشروع في ٢٠٢٧م.
مطار الملك سلمان:
سيكون مطار الملك سلمان حجر زاوية لرؤية الرياض الاستراتيجية، وبدونه لا يمكن أن تحقق الرياض هدفها لتكون ضمن أكبر عشرة اقتصادات مدن في العالم، وجوده سيكون حيوياً لمواكبة النمو المخطط له لسكان العاصمة. سيمتد المطار على مساحة تقارب ٥٧ كم²، ويخدمه ٦ مدارج طيران، إضافة إلى ١٢ كم² من المرافق المساندة، والأصول السكنية، والترفيهية، والمحلات التجارية، والعديد من المرافق اللوجستية. وسيعمل المطار على رفع الطاقة الاستيعابية لتصل إلى ١٢٠ مليون مسافر بحلول عام ٢٠٣٠م، ومن المتوقع أن تبلغ الاستثمارات فيه ما يزيد عن ٥٥٠ مليار ريال.
المربع الجديد:
هذا المشروع يهدف إلى تطوير أكبر قلب مدينة (Downtown) حديث عالميًا في مدينة الرياض، ويعتمد المشروع في تصاميمه على تطبيق معايير الاستدامة ورفع مستوى جودة الحياة، وسيضم متحفًا مبتكرًا، وجامعة متخصصة في التقنية والتصميم، ومسرحًا متكاملًا، وأكثر من ٨٠ منطقة للعروض الحية والترفيهية. ويقع المشروع على مساحة تتجاوز ١٩ مليون م²، وسيوفر المشروع ما يزيد عن ١٠٤ ألف وحدة سكنية، و٩ آلاف غرفة فندقية، ومساحات تجارية تقارب مليون م²، بالإضافة إلى ١،٤ مليون م² من المساحات المكتبية، ٦٢٠ ألف م² لمرافق الترفيه، وحوالي ١,٨ مليون م² للمرافق المجتمعية، ومن المتوقع أن تبلغ تكلفة المشروع ١٨٧ مليار ريال، وأن يتم تدشين المشروع في ٢٠٣٠م.
مدينة الأمير محمد بن سلمان (مسك) غير الربحية:
تعتبر المدينة حاضرة رقمية متقدمة محورها الإنسان، تقدر مساحتها بحوالي ٣,٤ مليون م²، تم تصميمها لتكون مستدامة وصديقة للمشاة، وتم تخصيص أكثر من ٤٤٪ من المساحة الإجمالية كمساحات خضراء مفتوحة لتسهم في تعزيز التنمية المستدامة.
تقدر المساحات المكتبية في المدينة بأكثر من ٣٠٦ ألف م²، ويتوقع أن يصل عدد العاملين فيها إلى ٢٠ ألف موظف، كما تم تخصيص حوالي ٩٩ ألف م² في المخطط العام للمدينة لتكون وجهة للتسوق والترفيه والمطاعم، لخدمة سكان وزوار المدينة.
وتوفر المدينة ما يزيد عن ٦،٥٠٠ وحدة سكنية، ومن المتوقع أن يصل عدد السكان في المدينة حوالي ١٨ ألف نسمة.
يدعم هذه المشاريع عدد من المبادرات، من أهمها:
- مشروع النقل العام، بشقيه القطارات (المترو) والحافلات.
- المناطق الحرة في الرياض.
- استقطاب الشركات العالمية.
- استضافة اكسبو EXPO 2030.
- استضافة كأس العالم لكرة القدم في ٢٠٣٤م.
- مبادرة نقل المقرات الإقليمية للشركات العالمية إلى مدينة الرياض.
التحديات التي تواجهها مدينة الرياض:
تواجه العاصمة العديد من التحديات، من أبرزها:
- تأثر المدينة بالأحداث الجيوسياسية التي تعيش فيها، حيث لا زالت بعض الدول المجاورة تأن من عدم استقرار الأنظمة والحكومات فيها.
- القدرة على خلق فرص اقتصادية، وتحفيز قطاع الأعمال للتوسع، بالرغم من الصعوبات التي يواجهونها في أعمالهم وأهمها ارتفاع تكاليف ممارسة الأعمال، وانخفاض القوة الشرائية للأفراد.
- اكتمال مشاريع العاصمة والالتزام بالبرنامج الزمني الموضوع لها.
- مواكبة البنية التحتية لرؤية المدينة مع توسعها الجغرافي.
- تجانس العمل في المشاريع والمبادرات بسلاسة وإيجابية وتنسيق عال.
- القدرة على مضاعفة السكان للوصول إلى المستهدف وهو ١٥ مليون في عام ٢٠٣٠م.
- توليد الوظائف بوتيرة متجانسة مع نمو عدد السكان والمشاريع.
- زيادة الناتج المحليّ للمدينة وبشكل يصب في مصلحة الاقتصاد ككل.
- إمكانية اقناع المصارف الدولية والشركات الكبرى بنقل مقراتها الإقليمية للرياض، وتواجدها بشكل فعلي وليس كواجهة وعنوان فقط.
- القدرة على السيطرة على تكلفة المعيشة في العاصمة، وعدم التأثر السلبي برؤية المدينة واستراتيجيتها وتجاوز تكاليف العيش الحد الذي يمكن السيطرة عليه.
- عدم وضوح الرؤية لقطاع الأعمال في بعض التوجهات التطويرية مثل إيقاف مخططات الأراضي في شمال المدينة.
- تأخر إعلان استراتيجية المدينة.
- منافسة بعض الجهات الحكومية للقطاع الخاص خاصة من قبل صندوق الاستثمارات العامة.
أسئلة تبحث عن اجابات:
- كيف يمكن مواجهة التحديات التي تواجه المدينة؟
- ما هي أبرز الفرص المتاحة للقطاع الخاص للمشاركة في نهضة العاصمة المقبلة؟
- هل زيادة عدد سكان المدينة توجه إيجابي يصب لمصلحتها؟ أم معوق لتطورها؟
- هل تحويل الرياض إلى مدينة مركزية سياسية واقتصادية وثقافية هو الخيار الأصح أم أن توزيع هذه المهام بين المدن أصلح؟
- ما هو أثر تأخير إعلان استراتيجية مدينة الرياض على تحقيق مستهدفات المدينة؟
- ما هي الخطط البديلة في حال تحققت المستهدفات بشكل أسرع من المخطط له؟
- هل التكلفة لتحويل الرياض إلى مدينة عالمية توازي المنافع التي ستتحقق منها؟
- ماهي الخطة البديلة لمدينة الرياض في حال تعثر أي من خططها الحالية؟
- التعقيبات:
- التعقيب الأول: م. أسامة الكردي
قد يجد القارئ في تعقيبي أنى أنحو نحو الأمور الهندسية بعض الشيء وذلك بحكم الاختصاص. وقد بوبت تعقيبي على شكل نقاط لتوضيح المقصود.
- البنية التحتية: مما ذكره كاتب الورقة ويلفت انتباه الدارسين باهتماماتهم المختلفة التوجه نحو زيادة عدد سكان الرياض إلى ما بين و15و20 مليون نسمة ولعل إستراتيجية مدينة الرياض عند صدوها تؤكد ذلك وتظهر حيثياته. وبدون الدخول في تفاصيل كثيرة، فلابد أن يصاحب هذا التوجه مجموعة من التوجهات والمخططات للخدمات التي يحتاجها هؤلاء السكان مثل خدمات التقنية والاتصالات والمواصلات والوظائف وتوفير المياه والكهرباء والغذاء والأسواق والوقود والجامعات والمدارس والمستشفيات والبنية التحتية بشكل عام.
- الضواحي: لجأت العديد من المدن العالمية إلى مبدأ توزيع سكانها على عدة ضواح حول المدينة بل وبناء ضواحي جديدة تؤدي إلى خفض الازدحام المروري ورفع مستوى وسائل النقل العام ورفع مستوى الخدمات المقدمة إلى السكان وقد بدأنا نرى شيء من هذا يحدث في مدينة الرياض – وإن كان غير مخطط بدقة تامة – مثل الدرعية والعمارية والمزاحمية وغيرها وهناك أهمية لتلك الضواحي وهي تحتاج لزيادة تنميتها وتطويرها وفتح فرص للأعمال فيها.
- جودة الحياة: تتوفر في الرياض مجموعة من الهيئات والمؤسسات الحكومية وغير الحكومية التي تعمل على تطوير جودة الحياة في كافة مدن المملكة وتقوم بعمل متميز في رفع مستوى جودة الحياة في مدينة الرياض حتى أن أحد برامج رؤية المملكة 2030 يعنى بهذا الأمر وتم إنشاء أكثر من جهة متخصصة لغرض تنمية وتطوير المشاريع والنشاطات التي تتعلق برفع جودة الحياة في مدينة الرياض دعماً لنموها الاقتصادي. وتشمل جودة الحياة نشاطات مثل إنشاء دور السينما ودعم النشاطات الترفيهية والثقافية وإنشاء الجمعيات والأندية وبقى الحاجة إلى زيادة مساهمة القطاع الخاص في هذه المجالات جميعها.
- المخطط العمراني والمخطط الحضري: ضمن التنمية الاقتصادية لمدينة الرياض لابد أن يكون لها مخططها العمراني الذي يعطي المدينة نموذجاً معمارياً مميزاُ بدون أن يكون متطابقاً لكل المباني ويحفز هذا الجهات البحثية والإنشائية لابتكار مواد ووسائل للبناء تؤدي إلى تسهيل إجراءات البناء وتخفيض تكاليفها بلوحتي تخفيض تكاليف التشغيل وبالذات استهلاك التيار الكهربائي والمحافظة على البيئة وجعل المباني والمنشآت أكثر استدامة. أما المخطط الحضري فقد يشمل تطوير تصميم الحارات والمتجاورات والتجمعات السكنية بطريقة تؤدي إلى توفر الخدمات للسكان بطريقة سلسة بما في ذلك خدمات التعليم والصحة والأسواق وتوفر الوظائف كما تؤدي إلى سهولة الوصول إلى هذه الخدمات وتسهل توسعها المستقبلي بدون التسبب في تعطيل ما هو موجود أساساً.
- رؤية المملكة 2030: تشمل رؤية المملكة العديد من البرامج والمبادرات والمشاريع التي تختص بتنمية مدن المملكة المختلفة وتشمل – بطبيعة الحال مدينة الرياض – فمن المخطط له أن تكون مدينة الرياض ضمن أكبر 10 اقتصاديات للمدن في العالم وأن تكون مدينة عصرية سياحية تمتاز بجودة الحياة فيها وتوفر الخدمات المختلفة لساكنيها. ونظرة سريعة للمشاريع التي يجري العمل على تنفيذها حالياً والتي يجري التخطيط لتنفيذها قريباً – كما ورد في الورقة الرئيسة – نجد أن الرياض في طريقها إلى تحقيق هذا الهدف من أهداف رؤية 2030وما يصاحبه من تنمية وتطوير لكافة الخدمات ولرفاهية المواطن والمقيم.
- المنافسة في منطقتنا: مما لا شك فيه أن المملكة ومدينة الرياض بالذات تمتلك من المقومات ما يؤهلها لتكون ضمن أكبر 10 اقتصاديات المدن عالمياً ولكن لابد من التأكد أن الوصول إلى هذا التصنيف يتطلب الكثير من العمل كما هو موضح في مكان آخر من هذا التعقيب كما أن البقاء داخل هذا التصنيف يتطلب الكثير من العمل المتواصل كما يتطلب التفكير خارج الصندوق للوصول إلى مبادرات متجددة لأن المدن في الدول المجاورة وغير المجاورة ستحاول الدخول في المنافسة بل ورفع تصنيفاته بعد دخولها فإذا هذا المجهود يجب أن يكون متواصلاً.
- دعم القطاع الخاص: مما لاشك فيه – وبناء على ماورد في رؤية المملكة 2030 – أن التنمية الاقتصادية في المملكة ستكون مهمة القطاع الخاص بشكل كبير. حيث تتطلب الرؤية أن يساهم القطاع الخاص بنسبة 65% من الناتج القومي للمملكة وهذا يتطلب العديد من الإجراءات لتشجيع القطاع الخاص المحلي والأجنبي على رفع مستوى استثماراتهم في مدينة الرياض وتوفير كل المحفزات الممكنة لهم وليس هنا المجال لاستعراض تفاصيلها. ويضاف إلى ذلك فتح مجالات جديدة للاستثمار تحتاج إلى التفكير خارج الصندوق للتعرف على مميزات تنافسية لمدينة الرياض قد لا تكون مدروسة والوصول اليها متيسر.
- التخصيص: لعل أحد أهم الإستراتيجيات الاقتصادية في المملكة وفي رؤية المملكة 2030 هو التخصيص وذلك لأنه يفتح مجالات جديدة نسبياً للاستثمار المحلي والأجنبي ويأتي أهمية التخصيص لمدينة الرياض من أن مواقع معظم الجهات القابلة للتخصيص تقع في مدينة الرياض كما أن التخصيص – في حال تطبيقه بطريقة صحيحة – يعني ملكية القطاع الخاص كما يعني ارتفاع المنافسة وبالتالي ارتفاع نوعية المنتجات والخدمات وانخفاض أسعارها مما يرفع الطلب عليها ويفتح فرص إضافية للاستثمار.
- الاتصالات والتقنية: لاشك أن الوصول للرياض إلى المركز العالمي المأمول اقتصادياً يتطلب تنمية وتطوير البنية التحتية للاتصالات والتقنية وتوسيع استخداماتها جغرافياً وتوفيرها بتكاليف أفضل عن طريق رفع المنافسة في هذا القطاع.
- التعقيب الثاني: أ. فائزة العجروش
تطرق كاتب الورقة الرئيسة لعدة محاور هامة حول اقتصاديات مدينة الرياض، العاصمة الطموحة، التي تحولت إلى ورشة عمل كبيرة لتطويرها ليس من قبيل التجميل والتلميع الخارجي فقط. وإنما لتحسين البنية التحتية وبناء مشروعات تنموية عملاقة بهدف تلبية احتياجات سكانها الحاليين وسكان المستقبل.
وسأبدأ من حيث انتهى إليه الكاتب من طرح أسئلة حيوية تستحق إجابة كل سؤال منها إلى طرحها كقضية مستقلة، ولكني سأكتفي هنا بالإجابة على السؤال الأول الخاص بسبل مواجهة بعض التحديات المرتبطة بالجانب الاقتصادي لمدينة الرياض من وجهة نظري. وبشيء من التوسع، وقد يكون من بينها إجابات مختصرة على بعض أسئلته الأخرى.
التحدي الأول: القدرة على استيعاب النمو السكاني المستهدف
تشير التوقعات إلى وصول عدد سكان الرياض والذي يقدر بحوالي سبعة ملايين نسمة حاليًا إلى خمسة عشر مليون نسمة في عام 2030. وذلك قياسًا على معدل النمو الذي يبلغ 4% سنويًا في حال استمرار هذا المعدل بنفس النسبة. وتوقعات بزيادة كبيرة من أعداد الوافدين مع عوائلهم بعد استقطاب العاصمة لمقرات إقليمية للشركات العالمية. إلى جانب أعداد العمالة الكبيرة المتوقع استقدامها لتنفيذ وتشغيل مشاريع الرياض الكبرى.
ولا شك أن هذه الزيادة المتوقعة في حجم سكان مدينة الرياض، ستشكل طلبًا متزايدًا على جميع الخدمات الاجتماعية، والاقتصادية بجوانبها التعليمية، والصحية، والسكنية، وتسبب ظهور تحولات جذرية على الصعيد الاجتماعي، وعلى مستوى التوسع في قطاعي الأعمال الإدارية والخدمات وهيكل القوى العاملة وحجمها.
ورغم تلك التوقعات، نجد هناك بعض الآراء المختلفة التي لا ينبغي إغفالها، منهم د. خالد آل رشود: الذي يحذر في مقاله المعنون ب (تناقص معدل المواليد في السعودية.. إنذار مبكر) المنشور عام 2022، من أن تأخـر سـن الـزواج والإنجاب لـدى الفتيـات وانخفــاض معدلات الخصوبـة للمرأة السعودية الناجمـة عـن التغيرات المتسارعة في نمط الحيـاة والتحولات الاجتماعية والاقتصادية والثقافية والحداثــة والتعليــم، لا سيما تلك التي تتعلــق بــدور المرأة وزيادة تمكينها في المجتمع السعودي؛ جعلت معدل المواليد في السعودية يشهد تناقصًا متسارعًا ليصل إلى ما يقارب 17 مولود لكل ألف نسمة من السكان بعد أن كان 44 مولودًا لكل ألف نسمة في عام 1980 م، حسب تصنيف مؤشرات التنمية العالمية. وأن معدلات عدد مرات الولادة وصل اليوم في السعودية إلى 2.3 وهو رقم مخيف يدق ناقوس الخطر. مما يستوجب على السلطات المعنية اتخاذ إجراءات تحفيزية لعودة معدل الإنجاب السابق المرتفع الذي جعل المملكة تمر ولأول مرة بهذه النافذة الديموغرافية المميزة.
والتصور أن معدلات النمو السكاني سلاح ذو حدين؛ فيمكن أن تكون وسيلة لنهوض المدينة ككل في حال تنظيمها بشكل يتناسب مع معدلات النمو الاقتصادي، ويتلاءم مع المحافظة على التركيبة السكانية وكذلك مع معدلات دخل الأفراد. وإذا قارنا النمو السكاني للرياض خلال السنوات الماضية بمعدلات النمو الاقتصادي والاجتماعي والرقمي والثقافي والأمني وغيرها من أوجه التنمية فيها، سنجد أن هذه الزيادة سببت ضغط كبير على بعض القطاعات المهمة، كالصحة والتعليم والمرور. ولا شك في أن أي زيادة سكانية غير مدروسة ولا تتناسب مع التطور في جميع قطاعات التنمية وكفاية وجودة الخدمات في المدينة، ستعمل على استنزاف مواردها المحدودة والنادرة. بالإضافة إلى ارتفاع معدلات البطالة، وانخفاض مستوى المعيشة للأفراد، وارتفاع أسعار السلع والخدمات، وانهيار المرافق العامة، انتشار الفقر وارتفاع نسبة الجريمة، وحرمان عدد كبير من الأفراد من وسائل الرفاهية في الحياة، وتفاقم المشكلات المرورية والازدحام.
وهنا تحضر أهمية الموازنة بين النمو السكاني ووفرة الموارد والخدمات؛ حتى يكون هناك اتزان وتوافق؛ يؤدي إلى الاستدامة التنموية من جهة، والاعتدال التنموي في عدد السكان.
ونفس الرأي ينطبق على مستوى دخل الأسر؛ فالأمر هنا يتوقف على قرار كل شخص في بيته هل يدرك تأثير الزيادة السكانية عليه وعلى أسرته وكذلك على الدولة ككل؟ أم أن هناك عشوائية في إدارة ملف الزيادة السكانية لدى كل أسرة؟ الأمر الذي يستدعي حينها تدخل الجهات المعنية.
ولأن الرياض معرضة لاختلال في التركيبة السكانية في ظل تنامي مشاريع الدولة التنموية. نحتاج للاستمرار في تنفيذ الإجراءات القائمة حاليًا والمذكورة أدناه، بشكل أكثر صرامة وحزمًا:
- اقتصار الاستقدام على ذوي الخبرة والمهارة والمؤهلين للمشاركة فعليًا في مشاريع الدولة المختلفة.
- الاستفادة من أخطاء الماضي بالاستغناء عن العمالة التي تشكل عبئًا على البلاد (ممن يعملون في مهن لم يستقدموا لها أو متخلفة عن المشروعات المنجزة)، والبدء في إجراءات ترحيلهم بالشكل اللائق. واتخاذ ما يلزم من إجراءات تمنع عودتهم مرة أخرى.
- وضع آليات غير تقليدية لمواجهة ظاهرة العمالة السائبة والهاربة داخل المملكة.
التحدي الثاني: تلبية الطلب المتزايد على المساكن
من مستهدفات «استراتيجية الرياض» جعل العاصمة واحدة من أكبر عشر مدن اقتصادية في العالم، باستثمار حكومي يبلغ 220 مليار دولار، وتوقعات باستقطاب استثمارات بنفس الحجم من القطاع الخاص لتحسين جاذبية الأعمال والاستثمار، وفتح مصانع وتأسيس أعمال تجارية وتقديم خدمات لوجستية. الأمر الذي سيعمل على تشجيع هجرة الاستثمارات والشركات إليها، وكبر حجم السوق المؤدي إلى خلق فرص عمل كثيرة في المدينة. ومن شأن كل تلك المسببات زيادة الهجرة السكانية إليها من الوافدين. وزيادة طلبهم على المساكن.
ومن جهة أخرى، النمو السكاني المتوقع للشعب السعودي، سيؤدي لزيادة الطلب على الوحدات السكنية خصوصًا مع الزيادة في شريحة الشباب، ومعدلات تكوين الأسر الجديدة.
ومع ازدياد وتعاظم السكان، يكبر الطلب على المساكن، مسببًّا زيادة في جاذبية السوق مرة أخرى . وهكذا تكتمل حلقة محركات النمو وتعود من نقطة البداية، وتكبر بيئة الأعمال، فتتوفر المزيد من الوظائف وتزداد هجرة السكان إليها مجددًا.
وارتفاع القدرة على المواءمة بين نمو السكان، وزيادة الوحدات السكنية في العاصمة بلا شك هو أحد المطالب الاساسية للمخططين، ويتطلب تطويرًا عقاريًّا مبتكرًا، يتمثل في زيادة عرض وتطوير المساكن العمودية والتوسع بها، مع ابتكار منتجات عقارية ملائمة لهذا النوع من الطلب. وتوسعة للخدمات العامة من كهرباء وماء وغيرها بحيث تتناسب مع الزيادة المتوقعة للسكان.
كما ينبغي أن يكون من أولويات مخططي ومطوّري الوحدات السكنية السعوديين العمل مع شركات التطوير والبناء القادرة على تقديم خدمات بتكاليف معقولة ولا تساوم على الجودة. ويستلزم الوضع أيضًا حلول عاجلة لكبح أسعار العقارات التي سجلت أعلى وتيرة ارتفاع خلال السنوات السابقة، وتشمل: توفير أراضٍ سكنية إضافية وتسهيلات تمويلية لخفض أعباء التمويل، وحل إشكاليات تجميد بعض الأراضي والتراخيص. وتدخل البنك المركزي لتخفيف أثر ارتفاع الفائدة في التمويل العقاري. وتخفيف تكلفة التمويل.
التحدي الثالث: الازدحام المروري الكثيف
أن واقع مدينة الرياض وما تشهده من نمو سكاني وعمراني في جميع مناحي الحياة، ووضعها كعاصمة معاصرة لا تنام.. ويقطنها عدد سكان كبير ومتزايد بشكل متسارع، ويعتمدون بشكل كلي ووحيد في تنقلاتهم على السيارة. هذا عدا عن تحويلات وتعديلات كثيرة تملأ شوارعها بسبب وجود مشاريع كثيرة قيد الإنشاء والتنفيذ. ينذر بلا شك بمعضلة كبيرة ستظهر عاجلًا، هي: الازدحام المروري الخانق في معظم ساعات اليوم. والذي أدى إلى ارتفاع معدلات الرحلات اليومية في المدينة، وتزايد الساعات التي يقضيها السكان والزوار في الطرق.
ولو نظرنا لمساوئ الازدحام المروري من الناحية الاقتصادية، نجده يكبد مستخدم الطريق الكثير من الخسائر، سواء في الوقود الذي يستهلكه، أو الخسائر الاقتصادية بسبب تأخر الموظف عن موعد دوامه الرسمي، أو تلف البضائع على الطريق، وغيرها من الخسائر، فضلًا عن الإجهاد البدني والتوتر النفسي الذي يتعرض له الراكب ويجعله عرضة لبعض الأمراض.
كما أن الازدحام المروري، يعد عاملًا سلبيًا يؤثر على الجوانب الاجتماعية والاقتصادية، لأنه يؤدي في بعض الأحيان إلى حدوث ما يسمى بـ (الهجرة الداخلية)؛ إذ يضطر بعض السكان في المنطقة التي تشهد دائمًا اختناق مروري كثيف قد يصل للشلل التام في حركة السيارات؛ إلى الانتقال إلى منطقة أخرى قد يكون الوضع فيها أفضل. لكن ستتكرر الأزمة وتعود نفس المعاناة عندما يكون الانتقال إلى منطقة غير مستعدة لكثافة سكانية أعلى. وفي هذا الإطار، نجد أن من السلبيات المقلقة، تحويل بعض الشوارع الداخلية في الحارات السكنية لطرق تعج ليل نهار بالسيارات التي تحاول الهروب من ازدحام الشوارع الرئيسية. الأمر الذي يؤثر على راحة وأمن سكان الحي.
ولأن مدينة الرياض مستهدف لها أن تصبح واحدة من المدن العالمية. الأمر الذي يتطلب أن يتم بذل المزيد من الجهود لمواجهة هذا التحدي الكبير بالتخطيط الاستراتيجي على المديين القريب والبعيد؛ لتجنب الأثر السلبي على الراغبين في القدوم للإقامة أو للسياحة أو للاستثمار.
وإن كانت الجهود التي بذلت وتُبذل عن طريق بعض الحلول التي اتخذتها الأمانة في سبيل تخفيف الازدحام المروري، وتقليل زمن التنقل داخل المدينة تظل وقتية التأثير. إلا أنه ومن خلال الوضع الراهن بدأت تزداد آثار هذه المشكلة بشكل لا يمكن تجاهله ما لم يبادر بالسيطرة عليها أو معالجتها فإنها ستتفاقم بصورة أشد.
ومن الحلول التي يمكن اللجوء إليها للحد من الازدحام الذي طال الكثير من طرق العاصمة، الآتي:
- التطوير المؤسسي والتنظيمي المتواصل لجميع الجهات ذات العلاقة بإدارة حركة النقل والمرور داخل المدن.
- العمل على تطوير التقنيات والتطبيقات المستخدمة في تشغيل وإدارة الشبكة بشكل مميز. واستخدام الإشارات المرورية الذكية وربط سيارات الإسعاف والشرطة والمواكب الرسمية بها.
- تنمية قدرات القوى البشرية القائمة على تخطيط وتصميم وتشغيل وإدارة الشبكة، من خلال التدريب المهني المستمر بما يتوافق مع أحدث ما توصل إليه علم التقنية في هذا المجال.
- إعادة تخطيط بعض المناطق السكنية وبعض الطرق الرئيسية، وإضافة حارات مرورية جديدة، أو تحويل مسارات بعض الطرق.
- إنشاء جسور إضافية بدلًا من بعض الدوّارات التي تكتظ بالمركبات ليلًا ونهارًا. ولنا في الجسور المتعددة الأدوار نموذجًا ناجحًا لكيفية تلاشي الاختناقات المرورية في الصين.
- نقل أي مجمعات صناعية وتجارية ومستودعات إلى أماكن أخرى لا ترتبط مساراتها بمسارات الطرق المؤدية للمناطق السكنية.
- إلزام أي مستشفيات أو مراكز تسوق وأي جهات أخرى تستقبل عدد كبير من الزوار والمراجعين، ببناء مبنى متكامل ملاصق لها يوفر عدد كافي للمواقف المخصصة لزوارها.
وتلك الحلول مجتمعة، لابد أن يصاحبها تخطيط عمراني يضع في الحسبان عشرات السنوات المقبلة، حتى تتفادى الأجيال القادمة أزمات الازدحام المروري أو بالأصح الشلل المروري الذي تشهده معظم الطرق في العاصمة.
التحدي الرابع: المؤسسات الصغيرة والمتوسطة
لاستمرار الدور المرتجى من القطاع الخاص، الذي يُعد العمود الأساسي في اقتصادات العاصمة، في ظل تعثر عدد لا يستهان به من الشركات الصغيرة والمتوسطة – التي تمثل جزءًا أصيلًا من القطاع الخاص – بين الإغلاق والإفلاس، متأثرة بالإغلاق العالمي الذي فرضه وباء كورونا الذي تسبب في صعوبة الحصول على مدخلات الإنتاج المستوردة التي تؤججها مشاكل تدفق سلاسل الإمداد على مستوى العالم، ومن ثم انخفاض الدخل وزيادة الباحثين عن عمل والمسرحين من الوظائف وارتفاع الديون على هذه الشركات. هذا بالإضافة إلى تضرر بعض شركات القطاع الخاص من انخفاض معدلات القوة الشرائية وتراجع مؤشرات الاستهلاك بسبب تبعات الحرب الروسية الأوكرانية، التي ظهرت في شكل أزمة غذاء وطاقة أدت إلى معدلات تضخم غير مسبوقة، وارتفاع الأسعار في مختلف أنحاء العالم.
وإحقاقًا للحق، ساهمت التدخلات الحكومية الداعمة والمحفزة لأصحاب المؤسسات الصغيرة والمتوسطة، درجة ما في تخفيف حدة أزمة كورونا عليهما. إلا أن المعطيات الاقتصادية الآن تستدعي أن نبدأ في أسرع وقت بطرح حزمة إجراءات تحفيزية جديدة تسهم في تحقيق الإنعاش الاقتصادي لتلك المؤسسات والقطاعات الواعدة؛ لتساعد وتدعم تنوع أنشطتها في شتى المجالات، وتساهم في تعزيز قدرتها على توظيف المزيد من الشباب الباحث عن عمل ومن ثم تعزيز القوة الشرائية الاستهلاكية في المجتمع، التي بدورها تحقق الأهداف الاقتصادية المنشودة، وهذا الأمر يستلزم التأكيد على الآتي:
- الاستمرار في دعم السياسات الخاصة بمعالجة السلبيات التي ألقت بظلالها على بعض أنشطة القطاع الخاص وبالأخص المشروعات الصغيرة والمتوسطة التي توقفت أو تعثرت بعد أزمة كورونا. وتخصيص محفزات مبتكرة لعودة الانتعاش وانتشال تلك الشركات من عثراتها، والنظر في عودة تأجيل كافة الالتزامات المالية والضرائب والقروض أو زيادة الرسوم بأنواعها إلى حين، لأن ذلك سيؤدي إلى زيادة الأرباح وبالتالي زيادة الاستثمارات، ومساعدتهم في تأمين السيولة والتمويلات الكافية لمشاركتهم الفاعلة.
- حث البنوك على المرونة في التعامل مع المتعثرين، ومواكبة التشريعات التي تعالج حالات الإعسار الناتجة عن أسباب خارجة عن الإرادة وفرضتها الأزمات الطارئة، والتغلب على الاصطدام المتكرر ين القرارات والقوانين ومصالح شركات القطاع الخاص التي تعاني وتئن؛ للمحافظة على مستويات نمو مناسبة من الناتج المحلي لهذا القطاع.
- الاستمرار بكل حزم في تصحيح الأوضاع التي تؤثر على صغار المستثمرين وعلى المشروعات الاستثمارية الكبرى؛ تجنبًا لهروبهم نحو بيئات استثمارية أكثر شفافية، وأكثر سلاسة فيما يخص التشريعات والنظم والتنظيم واستقرار القوانين.
- شمول خريطة الاستثمارات الجديدة كل ما من شأنه دعم ومشاركة ونقل المعرفة للصناعات والقطاعات السعودية الواعدة بما فيها الشركات الصغيرة والمتوسطة للمساهمة في زيادة معدلات نموها.
- تحفيز البنوك لتقديم التمويل للمشروعات والشركات الصغيرة والمتوسطة، المصحوب بأسعار فائدة منخفضة؛ لأنها سياسة نقدية تؤدي إلى زيادة الاستثمارات، والتشجيع على الاستهلاك -المحرك الأساسي في الاقتصاد والمؤثر على زيادة معدلات النمو-، التي يقابلها فتح مجالات وقنوات جديدة لاستيعاب المدخرات المحلية، وجذب الأموال الهاربة والاستثمارات الأجنبية، التي تبحث عن ملاذ آمن في الأسواق الأقل تأثرًا والأكثر ثباتًا وصمودًا أمام موجات الاضطراب السياسية والاقتصادية المتتالية.
والهدف من تلك الإجراءات المقترحة، لا يجب أن يكون فقط حماية الشركات المهددة بالإفلاس أو الغلق، أو عودة تلك التي خرجت من السوق، بل كذلك لتنمية المؤسسات القائمة، وتمكينها من النمو المستدام؛ لتفادي أي تحديات اقتصادية قد تظهر في المستقبل.
وفي قراءة للواقع مصحوبة بتطلعات إيجابية بعد فوز المملكة باستضافة اكسبو 2030، فمن المتوقع أن تحقق استضافة المعرض فوائد اقتصادية ضخمة، خاصة في خلق فرص العمل وتعزيز السياحة. وهذه فرصة نادرة يجب استغلالها الاستغلال الأمثل؛ لدعم الاستثمارات والمشروعات السعودية، وتشجيع المواطنين على شراء منتجاتها والذي سينعكس أثرها دون شك في رفع مستوى الطلب ويحفز زيادة الإنتاج وحجم الإنفاق وزيادة القدرة الشرائية للمستهلكين. وسيكون انعكاس ذلك بشكل صحي على الشركات والإنتاج والأسواق بشكل عام؛ لأنه اعتمادًا على عادات الاستهلاك، سيقرر المستثمرون ما إذا كانوا سيستمرون في توسيع الإنتاج وتنفيذ مشروعات مستقبلية أم لا.
التحدي الخامس: سوق العمل
كون الرياض مقبلة على مشاريع عملاقة تتطلب استقدام عدد كبير جدًا من العمالة الأجنبية لتنفيذها؛ لذا يتوجب التركيز على ما يلي:
- العمل على تطوير التشريعات المنظمة لأسواق العمل بشكل دوري حتى تواكب متطلبات المرحلة الراهنة والمتغيرات الدولية. وذلك لتصحيح العلاقة بين أطراف الإنتاج، وتوفير الحد المقبول من الدخل، الذي يحقق توازن المنافع المتبادلة لكل من العمال وأصحاب الأعمال.
- توفير الاستثمارات والصناعات التي تخلق فرص عمل جديدة للمواطنين، في مواجهة الحد من البطالة المتزايدة المتوقعة والمتراكمة التي أصبحت تمثل عبئًا كبيرًا على كاهل الحكومة.
- الاستمرار في تكريس ثقافة العمل الحر في المجتمع، والحث على تقديم التمويلات السهلة والمرنة التي تناسب إمكانيات الشباب وتشجعهم على توجيه طاقاتهم والأخذ بيدهم ووضعهم على الطريق الصحيح لخدمة مدينتهم وضمان استدامتها.
- الاستمرار في تأهيل وتدريب القوى البشرية السعودية، بما يتناسب مع كافة التخصصات المستجدة والمطلوبة لإشراكهم في مشروعات التنمية تمهيداً لإحلالهم مكان العمالة الوافدة في ذات التخصصات.
- إعادة النظر في مسألة ارتفاع رسوم استقدام العمالة الاجنبية من الخارج، خاصة في القطاعات التي لا تتوافر فيها التخصصات والمهارات المطلوبة لإنجاز مشاريع الرياض العملاقة في وقتها المحدد.
التحدي السادس: قطاع السياحة
باعتبار السياحة جزءًا هامًا من توجهات الرؤية، ورافدًا قويًا من مصادر تنويع الدخل للدولة. وحسب استراتيجية مدينة الرياض التي تستهدف أن تستقبل العاصمة أكثر من 40 مليون زائر بحلول عام 2030. نؤكد في هذا الإطار، أنه إذا ما أردنا النجاح في تطوير صناعة السياحة والاستعداد اللائق لاستضافة معرض عالمي مثل اكسبو، من الضروري محاولة التوافق بين المقومات السياحية التي تزخر بها العاصمة ومتطلباتها. حيث ينبغي الاهتمام بمتطلبات الجذب السياحي وتوفير المقومات السياحية، التي تحقق أعلى منفعة حدية للسائح، من خلال تقديم خدمات إضافية ومنتجات سياحية بجودة عالية وأسعار تنافسية؛ لأنها هي التي تحدد المقاصد أو الوجهات السياحية. والتقصير في تحقيق التوازن في ذلك، يصنع إخفاقات على مستوى التنافسية. ويضع عقبات أمام التدفق السياحي المنشود للرياض، ويجعلنا نخسر بذلك الحصة الكبيرة المتوقعة من سوق السياحة العالمية.
وحتى تكون الرياض من مناطق الجذب السياحية العالمية الناجحة، يجب الحرص على ما يلي:
- تكثيف الجهود لتوظيف كافة المقومات من أجل بناء قطاع سياحي قوي ومستدام يخدم الأهداف الوطنية، وضخ حزم تحفيزية للعاملين في هذا القطاع وبالأخص المؤسسات السياحية الفردية، وإرجاء أي زيادة في رسوم الضريبة السياحية.
- الاهتمام بنظافة كافة المرافق السياحية بمختلف فئاتها، مثل: المطارات والموانئ والفنادق والمطاعم والمقاهي والقرى والمنتجعات السياحية؛ فالعلاقة بين الأماكن السياحية الجاذبة ومستوى النظافة علاقة مترابطة وطردية، وإهمال ربط العلاقتين معًا؛ سيكون من العوامل الطاردة للسياحة في المدينة، على المدى القريب والبعيد، ويؤُثر بشكل مباشر على تغيير الوجهة السياحية والتوجه إلى المقاصد الأنظف والأرخص أيضا، التي تتميز بالخدمات الترفيهية الإضافية المجانية أو بأسعار رمزية.
- دعم أوجه النقص في المرافق الصحية والخدمية الضرورية في المواقع السياحية والأثرية والطبيعية، وتوفير العلامات الإرشادية بمعظم اللغات الرئيسية.
- توفير متطلبات وأساسيات السياحة الجاذبة (إنشاء الجسور وتحسين شبكة الطرق، واستخدام قطارات حديثة وكهربائية)، توفر الوقت والجهد، وتقرب المسافات بين المواقع السياحية والأثرية وتخفف من حدة التكدس المروري.
- تعزيز اقتصاد المؤتمرات (أو سياحة المؤتمرات)، الذي يسهم في تسليط الضوء على الجوانب السياحية. وكذلك يدعم جهود ومؤسسات الدولة للترويج للعاصمة كمركز واعد لاستقطاب الاستثمارات، وتوضيح الصورة الحقيقية للاقتصاد السعودي الواعد بكل ما يزخر به من مقومات وما يقدمه من حلول وتسهيلات للمستثمرين.
- تعزيز الوعي السياحي لدى كافة المتعاملين مع السياح. وتزويد السياح بالأسعار المخفضة في أنحاء المدينة والملصقات والكتيبات والفيديوهات الترويجية التي تعدها الجهات المنوط بها التنشيط السياحي لإبراز المقومات السياحية التي تتمتع بها العاصمة.
- الحرص على تطبيق إجراءات الأمن والسلامة في الأماكن السياحية، والحرص على نظافة وصيانة كافة الأجهزة في مدن الألعاب بشكل مستمر تجنبًا لمخاطر الحوادث والإصابات وربما فقد الأرواح.
- ابتكار عدد من الحلول العاجلة لتخفيف الازدحام المروري، وتقليل زمن التنقل داخل المدينة.
فمن المشاهد المؤرقة عند إقامة المهرجانات والاحتفالات التي تهتم بها الهيئة العامة للترفيه لجذب السياح لمدينة الرياض وتنفق عليها الكثير والكثير. أو المؤتمرات والمعارض المختلفة، الازدحام المروري الكثيف، وعدم كفاية المواقف المخصصة وإهمال نظافة بعض الشوارع المحيطة بهذه المهرجانات وفي بعض المناطق الحيوية في العاصمة، وضعف سرعة الإنترنت. وسوء تصرفات بعض الزوار التي تعطي انطباعات واتجاهات سلبية مباشرة نحو السياحة السعودية، يصعب تصحيحها في المدى القريب.
التحدي السابع: قطاع التموين والإمداد الغذائي
من أسرار استمرار نمو المدن الكبيرة وتعاظم التباين بينها وبين المدن الأصغر نجاح قطاع التموين والإمداد الغذائي في تلبية الطلب المتزايد للسكان. لكن حسب موقع الغرفة التجارية، نجد أن من أهم التحديات التي تواجه هذا القطاع في المملكة، عدم وجود بنية تحتية لوجستية تناسب تجارة الغذاء، وبالأخص مدينة الرياض. وعدم توفر إمكانيات المناولة والنقل المناسبة للمنتجات الغذائية سريعة التلف (المحلي والمستورد). إلى جانب تعدد الجهات الحكومية ذات العلاقة خاصة فيما يخص النقل والتخزين.
ومن بعض التحديات التي تعاني منها مدينة الرياض في قطاع التموين والإمداد الغذائي، ما يلي:
تأثيرات جائحة كوفيد-19: حيث تسببت في توقف سلاسل الإمداد والتوريد لأهم السلع الغذائية في العالم، الأمر الذي أضر جميع الدول ومنها السعودية، وظهرت آثارها السلبية على توفر وسلامة الغذاء، والإنتاج، واللوجستيات، والتسعير، وقدرة بعض الشركات على البقاء في السوق.
هدر الغذاء: الذي يمثل تحديًا كبيرًا وهدر للنعمة، فقد أظهرت نتائج سابقة أصدرتها مصلحة الإحصاءات العامة والمعلومات؛ أن السعودية تحتل المرتبة الأولى عالميًا في الهدر الغذائي بنحو 250 كيلوجرامًا للفرد الواحد سنويًا، في حين تبلغ كمية المهدر “115” كيلوجراماً للفرد. بينما في الدول الفقيرة 11 كيلوجراماً للفرد الواحد. وكشف مدير البرنامج السعودي للحد من الفقد والهدر الغذائي زيد الشبانات، في مقابلة له في قناة الإخبارية، أن الرياض من المناطق “الأكثر إهدارا” في المملكة.
التحديات البيئية: تواجه الرياض تحديات بيئية كبيرة، مثل الجفاف والتصحر، والتلوث، والتغير المناخي، والتي يمكن أن تؤثر على إنتاج الغذاء وتخزينه وتوزيعه. وهذا عدد من الإجراءات المناسبة للتعامل مع التحديات المرتبطة بقطاع التموين والإمداد الغذائي في العاصمة:
- الاستمرار بدعم وتحسين الإنتاج المحلي وتشجيع السكان على دعمه وشرائه.
- إيلاء المزيد من الاهتمام بالمزارعين السعوديين ومساعدتهم للحصول على كل ما يلزمهم؛ لإنجاح مشروعهم الزراعي والغذائي، عبر توفير الأسمدة المطلوبة وإمدادهم بمصادر الماء بتكلفة مناسبة. وكذلك العمل على مساعدتهم في نقل وتخزين وبيع المحاصيل بأفضل سعر؛ حتى يتمكنوا من إعادة الدورة الزراعية موسمًا تلو الآخر.
- التوسع في الزراعات المحمية لمواجهة طقس الرياض الحار والجاف، واستخدام التقنيات الحديثة التي لا تحتاج لمياه كثيرة، كالري بالتنقيط.
- الحرص على التحكم في الأسعار، واتخاذ إجراءات صارمة للحد من ارتفاعها، مثل تخصيص ميزانية لدعم الأسعار وتحديد الحد الأقصى للأسعار. فارتفاع الأسعار يؤدي لانخفاض القوة الشرائية؛ فينخفض الاستهلاك (الانفاق الكلي)، ويتحرك خط الإنفاق الكلي للأسفل فينخفض الناتج المحلي الإجمالي.
- تكثيف المراقبة الدورية لتنظيم الأسواق لمواجهة أي تلاعب بالأسعار ومنع الاحتكار؛ فالاستهلاك يتأثر بشكل الإنتاج هل هو احتكاري أم شبه احتكاري؛ فإذا سيطر الاحتكار ترتفع الأسعار وينخفض الاستهلاك من السلع الاحتكارية.
- حث المستوردين على تقليل هامش الربح حتى لا يزيد سعر السلع في الأسواق؛ رأفة بالمستهلكين.
- توعية المستهلكين، بوجوب عدم هدر الطعام وتشجيعهم على الاستهلاك الرشيد، وفرض غرامات مالية كبيرة لمن يهدرون الطعام؛ حفاظًا على النعمة وخوفًا من زوالها.
التحدي السابع: مشروع النقل العام
التحديات أمام مشروع النقل العام في مدينة الرياض كبيرة، لكنها ليست بمستحيلة. فالتحدي الأول، يتمثل في الاستدامة المالية والاستقرار المالي للمشروع، سواء أكان داخليًا أو خارجيًا مرتبطًا بالقطاع الخاص. بحيث يكون له نمط تمويلي ثابت، يتميز بالاستدامة؛ حتى يظل ويحافظ المشروع على مستوى عال من الجودة في الخدمات. أما التحدي الآخر، ينقسم لشقين، الأول يكمن في ندرة الكفاءات السعودية في قيادة النقل الثقيل، ويمكن تجاوز ذلك عبر إنشاء معهد للتدريب لإكساب الخبرة للسائقين السعوديين وفق معايير عالية. والثاني، يكمن في إيجاد بيئة جاذبة للأفراد (مواطنين ومقيمين) لاستخدام النقل العام بشكل يومي بدلًا من استخدام السيارات. فالاستثمار الهائل الذي قامت به الدولة في هذا القطاع، إنما كان يهدف بشكل أساسي لضمان تنقل الأفراد بشكل سلس وسريع وموثوق وبأسعار في متناول الجميع. وكذلك من أجل تغيير اتجاهات وأشكال نمو العاصمة؛ ليتمكن سكان المدينة من قضاء حاجاتهم اليومية والذهاب للعمل والتسوق والدراسة باستخدام وسائل النقل العام في المدينة بكل أريحية.
وهذا التحدي يسهل تطبيقه، عبر تهيئة مناطق وأحياء جديدة حول محطاتها المنتشرة عبر المدينة، تكون آمنة وجذابة تتوفر بها مسطحات خضراء وممرات مخصصة للمشاة تربط مستخدمي وسائل النقل بجميع الأنشطة والفعاليات التي تحدث حولها. والحرص على صيانة ونظافة تلك الوسائل المختلفة من حافلات وعربات المترو والقطارات بشكل دوري ومستمر، وفرض غرامات على أي عبث يطالها. وترغيب الطلبة والموظفين بإعطائهم تذاكر مخفضة للاشتراكات الشهرية والسنوية. والحث على استخدامها بالتعاون مع المدارس لعمل الرحلات المدرسية.
وفي الختام، نؤكد أن الرياض كعاصمة كبرى تواجه نفس التحديات التي تواجهها أي مدينة رئيسة حول العالم، وتتمحور تحدياتها في كيفية الاستمرار في النمو بطريقة منظمة تضمن جودة الحياة لإنجاز التطور التنموي والحضري المستهدف لها، في ظل تحديات أخرى في غاية الاهمية، منها: توفير التمويل الكافي لتنفيذ المشاريع الوطنية العملاقة (تحتاج المملكة إلى أن تتجاوز أسعار النفط حاجز 100 دولار). وآخر مناخي (بسبب توقعات بارتفاع درجة حرارة الرياض ومن ثم ارتفاع نسبة الجفاف). وثالث ثقافي. ورابع على مستوى الموارد والمصادر وندرتها (جغرافية المدينة وتأمين مصادر المياه)، وخامس بيئي. وهي تحديات تحتاج لكثير من الاستعدادات والحلول الإبداعية والسباق مع الزمن. والتصور أن فوز المملكة باستضافة معرض اكسبو العالمي عام 2030. سيكون بمشيئة الله عاملاً حاسمًا ونبراسًا ساطعًا وقدوة يحتذى بها عالميًا تظهر قدرات قادتنا وأبناءنا في تطويع التحديات والنهوض بالإمكانيات إلى ما نتطلع له في ماراثون المنافسة العالمية من خلال سرعة الاستجابة والإنجاز وجودة التنفيذ على كافة الأصعدة… وعلى قدر أهل العزم تأتي العزائم.
- المداخلات حول القضية
- بعض من تحديات تعظيم اقتصاديات مدينة الرياض.
تواجه مدينة الرياض التحدي المزعج المتمثل في ازدحام الطرق وقلة المواقف كأحد اهم التحديات التي تواجه المدن المليونية عموماً. ومع هذا فثمة قناعة لدى البعض بأن فلسفة تخطيط مدينة الرياض (وجود مجموعة من الطرق الرئيسية المتوازية سواء باتجاه شمال جنوب مثل (طريق الملك خالد، طريق تركي الأول، وطريق التخصصي، وطريق الملك فهد، وشارع العليا، وطريق الملك عبدالعزيز، وطريق بو بكر، وطريق عثمان بن عفان، وطريق الدائري الشرقي، وطريق خالد بن الوليد، حتى طريق الجنادرية)، وكذلك الطرق باتجاه شرق غرب مثل (طريق الدائري الجنوبي، وطريق المدينة المنورة، وطريق خريص “مكة”، وطريق العروبة، وطريق الملك عبدالله، وطريق الامام عبدالعزيز، وطريق الدائري الشمالي، وطريق الامير محمد بن سلمان، وطريق الثمامة، وطريق أنس، وطريق الملك سلمان، حتى طريق القوات الخاصة (؛ هذا التخطيط سيساعد كثيرا في تخفيف ازدحام المدينة، خاصة اذا تخلصنا من عقد التقاطعات مع زيادة الكباري والأنفاق. ولا شك أن تحدي الازدحام المروري من أبرز التحديات التي تواجهها العاصمة الرياض، ويعول كثيراً على التشغيل الكامل لمنظومة النقل العام لتخفيف هذه الظاهرة التي بدأت تؤرق سكان العاصمة ومرتاديها.
ومن ناحية أخرى فإن التوسع الكبير الذي تشهده الرياض يحتاج لوقفه تأمل شيء عظيم ومبهر الجهود العظيمة المبذولة، والتي تحتاج الي لمسات ابتكارية لإدارة الحركة والزحام والنقل بطريقة نوعية جديدة “smart city”، وأحد التحديات متعلقة بتوسع الرياض وارتباطها بالقرى او المحافظات المقاربة؛ مما قد يؤدي إلى تداخل الصلاحيات ما بين الرياض مثلا والدرعية.
كذلك فإن مشاريع أنسنة المدن جميلة ومطلوبة والكل معجب بها؛ لكن ما انتقص من جمالها وتعظيم فائدتها؛ أنها جاءت على حساب الشوارع الرئيسية وسببت تزاحم كبير للمركبات حسب آراء سكان المدينة. لذلك من المهم ألا يكون تنفيذ تلك المشاريع على حساب عمل مسارات كافية للشوارع الأكثر ازدحامًا؛ فالسيارة لازالت هي الوسيلة الوحيدة للتنقل حتى الآن. والأهم، أن يكون هناك تقصي مستمر من الجهة المختصة لسماع آراء سكان كل منطقة لعمل التطويرات اللازمة.
- استراتيجية مدينة الرياض وعلاقتها بتنمية اقتصادياتها.
لا شك أن الحراك فيما يخص تحول الرياض إلى مدينة عالمية لم يتوقف، على أكثر من مسار، فهناك الكثير من السياسات التي تم اقرارها تصب في هذا الاتجاه، ومسار التنفيذ الحازم للكثير من القرارات والمبادرات والمشاريع والاستضافات، اضافة إلى مسار الترويج والتسويق عن طريق الهيئات الرسمية والمسؤولين وغيرهم.
وتتضمن استراتيجية الرياض ست ركائز أساسية، وهي: النمو الاقتصادي في شتى القطاعات، وتطوير الكوادر الوطنية واستقطاب أفضل المواهب العالمية، وتحسين جودة الحياة، والتخطيط الحضري المكاني على مستوى عالمي، والحوكمة الحصيفة لممكنات وموارد المدينة، بجانب تطوير هوية عالمية للمدينة تعزز الدور العالمي للعاصمة من الناحية الاقتصادية والسياسية والثقافية، بالإضافة إلى تعزيز قدرتها التنافسية.
وهذه الاستراتيجية تقوم على 26 برنامجًا وتتضمن أكثر من 100 مبادرة وأكثر من 700 مشروع في مختلف الجوانب والقطاعات، لتصبح العاصمة الرياض من أفضل المدن.
ويعد من أبرز مستهدفات استراتيجية الرياض تحويل عاصمة المملكة إلى واحدة من أكبر عشر اقتصادات مدن في العالم، ومضاعفة عدد سكانها إلى 15 – 20 مليون نسمة، واستقبال أكثر من أربعين مليون زائر بحلول عام 2030؛ ولذا فإن هذا الامر يتطلب تفعيل المتطلبات والمشروعات الكبرى ذات العلاقة بالكثير من المميزات التنافسية في العاصمة بوصفها تعد القوة الشرائية الأكبر في الشرق الأوسط، ومن أبرز ذلك الاسراع في تشغيل قطار الرياض لقياس مدى قدرته في تخفيف الاختناقات المرورية ومن ثم تطويره ليشمل أحياء كثيرة في المدينة ..حيث يعول عليه الكثيرون بعد استكماله وتطويره في جعل الحركة أكثر سهولة وانسيابية.
- نحو رؤية مستقبلية لتطوير مدينة الرياض.
تعتبر مدينة الرياض، كعاصمة المملكة العربية السعودية، محورًا حيويًا يشهد تحولات اقتصادية هامة، وذلك في إطار رؤية المملكة 2030؛ كما يتسم الاقتصاد بالتنوع والتطور المستدام، مع التركيز على قطاعات متعددة تشمل الطاقة، والتكنولوجيا، والسياحة. كما يتزايد الاهتمام بتحويل الرياض إلى مركز عالمي للأعمال والابتكار. ولعل مما يسهم في بناء اقتصاد مستدام ومتقدم لمدينة الرياض العمل على:
- تعزيز التعاون بين القطاعين العام والخاص لتعزيز بيئة الأعمال وجذب المستثمرين.
- تطوير القدرات البشرية من خلال التدريب وتطوير المهارات لضمان تلبية احتياجات سوق العمل المتغير.
- تعزيز الاستدامة البيئية في جميع القطاعات الاقتصادية لضمان حياة صحية ومستدامة للمواطنين.
- دعم الابتكار وريادة الأعمال من خلال إنشاء مراكز ومساحات للابتكار والاستفادة من الابتكارات التكنولوجية.
- تعزيز القطاع السياحي من خلال تطوير المعالم السياحية وتقديم خدمات متميزة للزوار.
وفي ظل التسارع والنمو الاقتصادي لجميع مدن ومناطق المملكة تماشياً مع رؤية المملكة ٢٠٣٠ في مختلف المجالات فإن العاصمة الرياض تحمل أهمية كبرى ويعول على مخرجاتها اقتصادياً بمستوى يوازي عواصم الدول المتقدمة. لذلك نحن بحاجة لدراسة اقتصادية شاملة لمدينة الرياض تضع بعين الاعتبار عدد من العوامل أهمها؛ واقع ومستقبل مدينة الرياض، مشاريع العاصمة والتحديات التي تواجهها.
كما أنه ثمة ضرورة لتنويع الانتاج الاقتصادي، بل والنشاط الاقتصادي للبلد ككل، في مناطق المملكة المختلفة، واستغلال “الميزة النسبية” لكل منطقة. بمعنى: لابد من نظرة شمولية، حتى مع الرغبة في تهيئة منطقة ما للعب دور محوري في النشاط الاقتصادي.
وفي سياق متصل يمكن التأكيد على دور القانون والانظمة في دعم الاقتصاد الوطني عبر سن الانظمة والقوانين الاقتصادية المتخصصة بجانب تفعيل الحوكمة وتسهيل وتبسيط الاجراءات عبر التقنيات الحديثة والدعم الحكومي. ولعله ثمة أهمية لإيجاد هيكل قانوني لمدينة الرياض وغيرها من المدن الكبرى بالمملكة، في سياق كامل يشبه نظام الشركات ولكنه خاص بالمدن أو ما يشابهها ليعطيها المجال الصحيح الواضح للعمل والتطور والحوكمة؛ بمعنى أن الحوكمة الحالية تترجم لنظام هيكلي واضح يستدعي الاستدامة، وتتأهل للدخول فيه المدن والبلدات بحسب كفاءتها وتكون الدولة ضامنة ومقابل الضمان تكون لها سلطة الرقابة وغيرها من السلطات السيادية المطلقة.. كل هذه الامور تتعلق فقط بالناحية التخطيطية والاقتصادية والامور الخدمية وليس الأمنية. ولعل هذا من شأنه أن يفتح المجال للاستدامة بأوسع أبوابها؛ وكمثال فإن الشوارع في اي مدينة يفترض أن تكون ملكية لجهة ما، واذا كان هناك هيكل قانوني للرياض صار هذا الهيكل مالكا ً للشوارع والمناطق العامة وغير ذلك من اسباب الملكية وأنواعها (حقوق الارتفاع وغيرها)، والشوارع عقار هائل القيمة معنويا وماديا، ويستخدم هذا الشارع وما فوقه وتحته خدمات عدة وتستفيد منه كالكهرباء والمياه والهاتف وشركات التوصيل وغيرها، والمدينة شريك لهم فيها، غير أن المرور خدمة تملكها المدينة ولها أن تستفيد منها، والافاق واسعة في هذا الاتجاه بل بدون حدود .
ومما لا شك فيه أن المملكة بالتعاون مع مختلف الجهات الحكومية كانت ومازالت منذ إعلان الرؤية الوطنية، تقوم بمراجعة مستمرة لواقعها الحالي، وتبني سياسات تخطيطية ذات رؤى مستقبلية، للوصول بها إلى مراتب الدول المتقدمة، وأن تصبح الرياض مدينة عالمية وفق مؤشرات وطنية وعالميّة؛ للتقدم في أدائها الحكوميّ والمؤسسيّ. وكانت تحرص على انتهاج سياسات تطويرية أو علاجية، وتبحث عن منهجيات وإستراتيجيات؛ لسدّ الفجوة بين القدرة والإمكانيات، وفي المهارات المطلوبة على اختلاف المجالات؛ وصولًا للتنويع الاقتصادي وضمان الاستدامة، وتعزيز القدرة التنافسيّة بين القطاعات المختلفة في ظل التغيّرات الاقتصاديّة والاجتماعيّة، والتقنيّة.
و ما رأيناه من تغييرات واضحة في السعودية ، والتي وصل صداها للعالم بعد إنجازات حقيقية صارت بعد إعلان رؤية 2030 ؛ نقلتنا من مكان ما في الكرة الأرضية، إلى مكان آخر في مقدمة الدول المتقدمة. والإنجازات والمؤشرات العالمية التي تحققت في المملكة وبالأخص الرياض سواء كانت داخلية أو خارجية على كافة الأصعدة ما كانت تتم لولا إيمان الأمير محمد بن سلمان – حفظه الله – وثقته الكبيرة، بأن الرياض تتمتع بكافة المواصفات التي تؤهلها أن تكون مدينة عالمية؛ لذلك خرجت معظم تلك الدراسات التي كانت حبيسة الأدراج وتنادي بتطوير العاصمة، إلى حيز التنفيذ والمتابعة المستمرة. وهذا يستدعي ضرورة توافق المسار التشريعي أولاً بأول مع تلك المستهدفات المطلوبة، وأهمية إجراء التعديلات والتطويرات اللازمة بشكل مستمر حسب المستجدات والمتغيرات المحلية والعالمية.
- التوصيات
- سرعة إعلان استراتيجية مدينة الرياض.
- سرعة البت في التوجهات التطويرية لمدينة الرياض، مثل إيقافات مخططات الأراضي في شمال المدينة.
- إعادة النظر في هدف زيادة عدد سكان المدينة، أو تأجيله حتى يمكن استيعاب المدينة والبنية التحتية لهذه الزيادات.
- العمل على تأطير هيكل قانوني للمدينة يضمن الحوكمة والقدرة على تطوير هيكلية نظام الخدمات وتحسينها في المدينة بشكل مستمر.
- ضمان شمولية المؤشرات في مدينة الرياض بحيث تستوعب قياس نتائج ما يستجد من قرارات على أرض الواقع والتأكيد على مرونة هذه المؤشرات مع تسارع عجلة التغيير على أرض الواقع.
- السعي المستمر لتوافق المسار التشريعي أولاً بأول مع تلك المستهدفات المطلوبة، وأهمية إجراء التعديلات والتطويرات اللازمة بشكل مستمر حسب المستجدات والمتغيرات المحلية والعالمية.
- دراسة جدوى إنشاء بلديات فرعية لبعض الأحياء المختارة في المدينة ويكون لها جمعية تدار من ملاك مختارين يسكنون الحي.
- تعزيز التواصل المستمر مع المجتمع المحلي، من خلال إطلاق حملات توعية واستطلاعات لجميع آراء السكان حول احتياجاتهم وملاحظاتهم حول الخدمات المقدمة.
- تعزيز التكنولوجيا في إدارة المدينة، من خلال تطبيق حلول ذكية لتحسين كفاءة الخدمات البلدية وتحقيق أهداف التنمية المستدامة.
- تعزيز الاستدامة البيئية والتحول نحو استخدام مصادر الطاقة المتجددة، ووضع خطط للتخلص من النفايات بشكل صديق للبيئة.
- إنشاء فضاءات عامة ومناطق ترفيه لتعزيز الحياة الاجتماعية والصحية للمواطنين.
- تعزيز التعليم والتدريب المستمر للموظفين البلديين لتطوير مهاراتهم وتحسين أدائهم.
- تعزيز الشفافية في إدارة الموارد المالية والميزانيات البلدية من خلال نشر تقارير دورية ومتابعة مفتوحة مع المجتمع.
- المصادر والمراجع
- موقع الهيئة الملكية لتطوير مدينة الرياض https://www.rcrc.gov.sa
- موقع أمانة منطقة الرياض https://www.alriyadh.gov.sa/ar
- موقع مؤسسة الأمير محمد بن سلمان (مسك) https://misk.org.sa
- تقرير شركة Knight Frank بعنوان The Saudi Giga Projects Report في 2023
- تقرير شركة Resonance بعنوان World’s Best Cities Report في 2024
- تقرير مركز الملك عبدالله للدراسات والبحوث البترولية، بعنوان The Surge in Riyadh’s Population في سبتمبر ٢٠٢٣
- تقرير شركة Knight Frank بعنوان Saudi Arabia Industrial Market Rieview في النصف الأول 2023
- العلوان، أمير بن محمد. (2013). دراسة تحليلية لعوامل التخطيط العمراني المسببة للإزدحامات المرورية داخل مدينة الرياض كنموذج للمدن الكبرى في المملكة العربية السعودية. الإدارة العامة، س 53، ع 3، 639-700.
- تقرير الرؤية العمرانية الشاملة لمدينة الرياض (1440هـ). وزارة الشؤون البلدية والقروية. الرياض.
- تقرير حالة ازدهار المدن. (1440هـ). برنامج مستقبل المدن السعودية، وزارة الشؤون البلدية والقروية. الرياض.
- The Global City: New York, London, Tokyo – Saskia Sassen, 2001.
- المشاركون.
- الورقة الرئيسة: أ. فهد القاسم
- التعقيب الأول: م. أسامة الكردي
- التعقيب الثاني: أ. فائزة العجروش
- إدارة الحوار: م. محمد المعجل
- المشاركون بالحوار والمناقشة:
- د. خالد المنصور
- د. صالحة آل شويل
- أ.د. فيصل المبارك
- د. صدقة فاضل
- د. مساعد اليحيا
- د. عبدالرحمن الهدلق
- د. أماني البريكان
- د. عبدالإله الصالح
- أ. أحمد المحيميد
- د. نجاح القرعاوي
- م. عبدالله الرخيص
- د. رياض نجم