تقرير رقم (95) لشهر ديسمبر 2022: الأمراض المزمنة واقعها وأثرها على الحياة في المملكة

للاطلاع على التقرير وتحميله إضغط هنا

ديسمبر – 2022


الأمراض المزمنة واقعها وأثرها على الحياة في المملكة

(12-12-2022)

  • تمهيد:

يعرض هذا التقرير لقضية مهمة تمَّ طرحها للحوار في ملتقى أسبار خلال شهر ديسمبر 2022م، وناقشها نُخبة متميزة من مفكري المملكة في مختلف المجالات، والذين أثروا الحوار بآرائهم البنَّاءة ومقترحاتهم الهادفة؛ حيث تناولت: الأمراض المزمنة: واقعها وأثرها على الحياة في المملكة، وأعد ورقتها الرئيسة د. سكينة الشيخ، وعقب عليها كلاً من د. أماني البريكان، د. تغريد الغيث، د. فهد اليحيا، وأدار الحوار حولها د. ماجد الغريبي.

 

المحتويات

  • تمهيد
  • فهرس المحتويات
  • الملخص التنفيذي.
  • الورقة الرئيسة: د. سكينة الشيخ (ضيفة الملتقى)[1]
  • التعقيبات:
  • التعقيب الأول: د. أماني البريكان (ضيفة الملتقى)[2]
  • التعقيب الثاني: د. تغريد الغيث (ضيفة الملتقى)[3]
  • التعقيب الثالث: د. فهد اليحيا
  • إدارة الحوار: د. ماجد الغريبي
  • المداخلات حول القضية
  • العوامل المرتبطة بتفاقم الأمراض المزمنة.
  • آثار الأمراض المزمنة وعلاقتها بارتفاع تكلفة الرعاية الصحية.
  • تغيير نمط الحياة ودور الأسرة في التحول للغذاء الصحي.
  • ‏ السمنة بوصفها تحدياً مقلقاً للنظام الصحي.
  • الأمراض المزمنة وجوده الحياة.
  • مبادرة مؤسسة “هيفولوشن” الخيرية للارتقاء بصحة الإنسان.
  • آليات مقترحة للتعامل مع الأمراض المزمنة في المملكة.
  • التوصيات
  • المصادر والمراجع
  • المشاركون
  • الملخص التنفيذي.

تناولت هذه القضية الأمراض المزمنة من ناحية واقعها وأثرها على الحياة في المملكة. واستعرضت د. سكينة الشيخ في الورقة الرئيسة جانب مهم جدا يدور حول أثر الأمراض المزمنة على جودة الحياة للأفراد والأسر في المملكة العربية السعودية وما يترتب عليه من أثر على جودة الحياة. وتم التطرق كذلك لتعريف مفصل عن الأمراض المزمنة وتصنيفها وعوامل الخطورة التي تؤدي لانتشار الأمراض المزمنة. أيضا اشتملت الورقة على توضيح جانب مهم جداً وهو وضع الأمراض المزمنة بعد الجائحة. كذلك فقد لخصت كاتبة الورقة أثر الأمراض المزمنة في ثلاث محاور مهمة تضمنت (جودة الحياة، وعمر الفرد وإنتاجيته، وتكاليف الرعاية الصحية).

بينما أكَّدت د. أماني البريكان في التعقيب الأول على أن الأبحاث تشير إلى أن المفتاح لإدارة الأمراض المزمنة يكمن في التخفيف من عوامل الخطر. وفي ضوء الدراسة فان العديد من الأمراض المزمنة تتناول عوامل خطر مشتركة، مثل عدم ممارسة الأنشطة الرياضة، التغذية غير الصحية، وزيادة الوزن، حيث يمكن للتقنية المساهمة في تقليل عوامل الخطورة السلوكية والبيولوجية لانتشار الأمراض المزمنة، والآثار المترتبة عليها.

في حين ذكرت د. تغريد الغيث في التعقيب الثاني أنه ثمة ضرورة لعمل دراسات مسحية بشكل مستمر لتحديد سبل تعزيز تبني نمط حياة حركي في المجتمع، كما يجب التوعية بأهمية إتباع نظام غذائي صحي، وكذلك إثراء المحتوى الإعلامي بالوصفات الصحية. كما أن هناك دور مركزي لوزارة التعليم في رفع الثقافة الغذائية لدى أجيال المستقبل وذلك من خلال إدراج حصص للتثقيف الصحي وتوظيف مثقف/ة صحية بجميع مدارس المملكة يكون من أهم مسؤولياتهم التوعية بأهمية الغذاء الصحي المتوازن. كما يجب عمل دراسات مسحية لبحث أسباب وأثر الحياة الليلية على إنتاجية الفرد والمجتمع بشكل عام.

بينما أوضح د. فهد اليحيا في التعقيب الثالث أنه بصورة عامة يمكن اعتبار كل الاضطرابات النفسية مزمنة خصوصا عند تبني الدليل التشخيصي والإحصائي الخامس (DSM5) الذي يعرف الاضطراب النفسي المزمن بأنه الذي يتجاوز مدة 6 أشهر!

وتضمنت المداخلات حول القضية المحاور التالية:

  • العوامل المرتبطة بتفاقم الأمراض المزمنة.
  • آثار الأمراض المزمنة وعلاقتها بارتفاع تكلفة الرعاية الصحية.
  • تغيير نمط الحياة ودور الأسرة في التحول للغذاء الصحي.
  • ‏ السمنة بوصفها تحدياً مقلقاً للنظام الصحي.
  • الأمراض المزمنة وجوده الحياة.
  • مبادرة مؤسسة هيفولوشن الخيرية للارتقاء بصحة الإنسان.
  • آليات مقترحة للتعامل مع الأمراض المزمنة في المملكة.

ومن أبرز التوصيات التي انتهى إليها المتحاورون في ملتقى أسبار حول القضية ما يلي:

  • رفع الأولوية الممنوحة للوقاية من الأمراض المزمنة ومكافحتها ضمن أهداف التنمية المستدامة الوطنية. وإدراج سبل الوقاية منها في سياسات التنمية من خلال تقوية السياسات وتنمية القدرات وتوسيع نطاقها وضمان دمجها في الرعاية الصحية الأولية والتغطية الصحية الشاملة.
  • الجمع بين الجهات الفاعلة والشركاء الوطنيين والدوليين لتبادل المعرفة والأفكار مع الجهات ذات العلاقة من القطاعين العام والخاص، والأكاديميين وعالم الأعمال، وخبراء الصحة الدوليين حول ما قد يتطلبه الأمر لمساعدة ذوي الدخل المنخفض والمتوسط بشأن تثقيفهم ووقايتهم وعلاجهم من الأمراض المزمنة.
  • الاهتمام بشكل أكبر بخدمات الرعاية الصحية الأولية في المملكة لتوفير رعاية متكاملة وذات تكاليف معقولة بالقرب من التجمعات السكنية. وإنشاء قاعدة بيانات في كل وحدات الرعاية الأولية لتوفير المعلومات المهمة لوضع التدخلات المناسبة قبل فوات الأوان، مع أهمية العمل على تجديد معارف العاملين الصحيين في مؤسسات الرعاية الصحية الأولية في مجال الأمراض المزمنة ومناقشة ما يستجد في هذا المجال.
  • تشجيع وضع برامج إعلامية مكثفه للحث على ممارسه الرياضة بكافة أشكالها ووضع جوائز في النوادي الرياضية في أحياء المدن ووضع هدف صحي للموظفين يكون أحد مؤشرات الترقية.
  • توفير عدد كافي من المدربين الصحيين ودعمهم وتفعيل دورهم كمساندين لتقديم الخدمات الصحية بالمنظومة الصحية إلى جانب إيجاد أدوات قياس أثر تفعيل المبادرة على المستفيدين لضمان وصول الخدمات بالشكل المرجو.

 

  • الورقة الرئيسة: د. سكينة الشيخ

المقدمة

تتناول هذه الورقة جانب مركزي ومهم في جودة حياة الفرد والاقتصاد الصحي بالمملكة ألا وهو الأمراض المزمنة حيث أن الدراسات أثبتت علاقة وثيقة بين صحة الفرد الجسمية والنفسية وجودة حياته بالمجتمع. لذلك ستكون المحاور الرئيسية لهذه الورقة كالتالي:

  1. تعريف وتصنيف الأمراض المزمنة.
  2. عوامل الخطورة التي تؤدي لانتشار الأمراض المزمنة.
  3. آثار الأمراض المزمنة على:

أ. جودة الحياة

ب. عمر الفرد وإنتاجيته

ج. تكاليف الرعاية الصحية

تعريف الأمراض المزمنة:

عرفت منظمة الصحة العالمية الأمراض المزمنة بأنها مجموعة من الأمراض التي لا تنتقل بالعدوى من شخص لآخر، وتأخذ عادة إصابة الشخص بها وتطورها فترة طويلة ضمن عملية بطيئة نسبيا. أيضا الأمراض المزمنة (الغير سارية) ليست ناجمة عن البكتيريا أو الفيروسات، حدوثها في الغالب يكون صامت وغير متوقع ولا تظهر أعراضها إلا بعد بدء حدوث المضاعفات، كارتفاع ضغط الدم.

السلوك الغذائي والنشاط البدني للأفراد والمجتمعات أحد أهم مسببات تطور الأمراض المزمنة وانتشارها، على سبيل المثال لا الحصر السكري النوع الثاني يرتبط بزيادة الوزن والبدانة، كما وترتبط أمراض الجهاز التنفسي بالتدخين والأمراض النفسية ترتبط بضغوط البيئة والمجتمع.

في وقتنا الراهن وبسبب نمط الحياة الحضري أصبحت الأمراض المزمنة مشكلة مقلقة عالميا، وشهدت ارتفاعا ملحوظا منذ العقد الأخير من القرن العشرين. أما في بلداننا العربية فقد أدت التغيرات في أنماط السلوك الغذائي والنشاط البدني إلى حدوث تطورات في معدلاتها وارتفاعها بشكل ملحوظ. حيث أن هذا التسارع في انتشار الأمراض المزمن يلزمه تسارع مشابه في تقديم الخدمات الصحية وهو ما قد يربك صناع القرار وواضعي الإستراتيجيات الصحية والطبية على مستوى العالم.

لا يمكن الوقاية من الأمراض المزمنة بشكل عام عن طريق اللقاحات أو معالجتها بالأدوية، علاجها عادة يمتد طوال عمر الشخص وليس لفترة معينة، فمثلا يحتاج مريض ارتفاع ضغط الدم إلى المواظبة على العلاج الدوائي إلى جانب إتباع حمية منخفضة الصوديوم وممارسة النشاط البدني إلى آخر عمره. وعلى الصعيد الاقتصادي علاج الأمراض المزمنة مكلف ويتضمن مراحل قد تكون مرهقة للمريض، مثل العلاج الكيميائي والإشعاعي بالنسبة للمصابين بالسرطان.

تعتبر الأمراض المزمنة هي المسؤولة عن ٦٠٪ من الوفيات في جميع أنحاء العالم بمعدل ٣٦ مليون وفاة سنويا. تحدث ٨٠٪ من وفيات الأمراض المزمنة في الدول الفقيرة والنامية. تحدث حوالي نصف وفيات الأمراض المزمنة في الأشخاص الذين تقل أعمارهم عن ٧٠ عام بمعدل ٩ ملايين وفاة سنويا. كما وتصيب الرجال والنساء بالتساوي تقريباً على مستوى العالم.. وتتوزع وفيات الأمراض المزمنة على مجموعاتها المختلفة كالآتي:

  • أمراض القلب مسؤولة عن ١٧.٣ مليون وفاة سنويا.
  • السرطانات ٧.٦ مليون وفاة سنويا.
  • أمراض الجهاز التنفسي ٤.٢ مليون وفاة سنويا.
  • السكري ١.٣مليون وفاة سنويا.
  • الأمراض النفسية ٨ مليون حالة وفاة سنويا (١)

تصنيف الأمراض المزمنة

صنفت منظمة الصحة العالمية الأمراض المزمنة (الغير سارية) لأربع مجموعات رئيسية، وهي:

  1. أمراض القلب والأوعية الدموية: كارتفاع ضغط الدم وتصلب الشرايين. حيث بلغت عدد الإصابات في العام٢٠١٩، ١٨٥.٥٠٠ حالة في العام بمعدل ٥٨ ٪ نمو في حدوث الإصابة بأمراض القلب والشرايين في المملكة مقارنه بباقي الأمراض المزمنة (١٩)
  2. السرطانات بأنواعها: حيث بلغ العدد الإجمالي لحالات السرطان في المملكة وفق أحدث إحصاءات السجل السعودي للأورام في عام ٢٠١٦م، ١٦٨٥حالة، منها ١٣١٦١عند السعوديين، بنسية ٧٨.١٪ استحوذ منها الذكور على نسبة ٤٤.١٪، بينما استحوذت النساء على ٥٥.٩٪ منها. واحتل سرطان الثدي المرتبة الأولى ٢٢٨٢ حالة، بنسبة ١٧.٣٪ لدى الجنسين، وبنسبة ٣٠.٤٪ من مجموع السرطانات لدى النساء. ثم تلاه سرطان القولون والمستقيم، ثم سرطان الغدة الدرقية، بمعدل إصابة ٢٧.٢ لكل ١٠٠٠سيدة سعودية (١٢).
  3. أمراض الجهاز التنفسي كالربو والانسداد الرئوي المزمن: وتبلغ نسبة انتشار الانسداد الرئوي المزمن حالياً في المملكة حوالي ٢.٤٪، فضلاً عن العديد من الحالات التي لا يتم اكتشافها نتيجة عدم تشخيصها بشكل صحيح في كثير من الأحيان. ومن الأعراض الأكثر شيوعاً لهذا المرض ضيق التنفس والسعال المزمن. وبالرغم من أنه مرض مزمن، إلا أنه من الممكن الوقاية منه حيث أن العلاجات تساهم في انخفاض ملحوظ في معدل تطور المرض (١٣).
  4. السكري: أشارت منظمة الصحة العالمية في دراسة أجرتها في العام ٢٠١٦ إلى أنه مع حلول العام ٢٠٣٠ المملكة العربية السعودية ودول الخليج سيصبحون من العشر الدول الأوائل في الإصابة بالسكري، كذلك وأفادت بأن المملكة العربية السعودية تحتل المرتبة الثانية في الشرق الأوسط، والسابعة على مستوى العالم من حيث معدل الإصابة بالسكري، وتشير التقديرات إلى أن حوالي ٧ ملايين من السكان مصابون وحوالي ٧ ملايين يعانون من مقدمات السكري (٢٠). الجدير بالذكر أن السكري النوع الأول يحدث لأسباب مناعية وراثية والنوع الثاني يحدث بسبب نمط الحياة الغير صحي.

إلى جانب ما سبق من الأمراض أشارت دراسة أجريت في المملكة إلى ارتفاع مؤشر إصابة الأفراد بالأمراض المناعية بنسبة 25% تشمل التهاب القولون التقرحي، التهابات المفاصل المزمن: كالروماتيزم وصدفية المفاصل والعديد من الأمراض المناعية.

أيضا الأمراض النفسية شهدت انتشارا واسعا خصوصا بعد تطبيق إجراءات الحجر المنزلي أثناء الجائحة حيث أجرى باحثون في جامعة الملك سعود دراسة استقصائية على مواقع التواصل الاجتماعي لرصد أعراض الصحة العقلية أثناء تفشي الوباء. لقد أفادوا أن حوالي ٢١٪ من المشاركين عانوا من اكتئاب متوسط ​​إلى شديد للغاية، و١٧.٥٪ قلق، و١٢.٦٪إجهاد (٢٢). كذلك اضطرابات النوم لدى الأطفال والمراهقين حيث أشارت الدراسات إلى أن ٦٦٪ من المراهقين السعوديين قد يعانون من اضطرابات النوم والنعاس المفرط أثناء النهار كما وأشارت دراسات أخرى متاحة إلى وجود اتجاه عام لقلة النوم بين المراهقين السعوديين (٢٣).

الجدير بالذكر، يقدر البنك الدولي أن ٧٣.٢ في المائة من جميع الوفيات في المملكة العربية السعودية في عام ٢٠١٦ كانت ناجمة عن الأمراض المزمنة، بما في ذلك السرطان، والسكري، وأمراض القلب والأوعية الدموية، وأمراض الجهاز الهضمي، والأمراض الجلدية، وأمراض العضلات والعظام، والتشوهات الخلقية (١٤). كذلك وأنه بين ٢٠٠٩-٢٠١٩ زاد انتشار أمراض القلب والأوعية الدموية والسرطانات وأمراض الجهاز التنفسي المزمنة بين البالغين. وكانت الزيادة الأكبر من نصيب مرض السكري ب ٩٩٪ حيث ارتفعت من ١.٤ مليون إلى ٢.٧ مليون حالة، وزاد انتشار أمراض القلب والأوعية الدموية بنسبة ٥٨٪ والسرطانات بجميع أنواعها زادت بنسبة ٥٢٪، وأمراض الجهاز التنفسي المزمنة انتشرت بنسبة ٥١٪. في عام ٢٠١٩ ولكل ألف من السكان كان لدى المملكة ما يقدر بنحو ٩٣.٧ حالة إصابة بالسرطان، ٧٥.٧ حالة إصابة بالسكري، و٤٤.٧ حالة من أمراض القلب والأوعية الدموية، و٣٥.٩ حالة من أمراض الجهاز التنفسي المزمنة (١٥).

 

عوامل الخطورة التي تؤدي لانتشار الأمراض المزمنة

عوامل الخطورة:

عوامل الخطر السلوكية والبيولوجية ساهمت بشكل كبير في تطور الأمراض المزمنة غير المعدية الرئيسية الأربعة في المملكة العربية السعودية. هناك ثلاثة عوامل سلوكية (التدخين، وإتباع نظام غذائي غير صحي، وقلة النشاط البدني) وأربعة عوامل بيولوجية (السمنة، وارتفاع نسبة الجلوكوز في الدم، وارتفاع ضغط الدم، والدهون الضارة في الدم) (شكل ١) (١٦)

شكل (1): عوامل الخطورة السلوكية والبيولوجية لانتشار الأمراض المزمنة في المملكة (19)

العوامل السلوكية:

التدخين بشتى أنو اعه: كالسجائر بأنواعها والنرجيلة، حيث أثبتت الدراسات أن التدخين هو المسبب الرئيسي لسرطان الرئة وأمراض القلب والشرايين (منظمة الصحة العالمية) وهو المسؤول عن ٩٪ من مجموع الوفيات بسبب الأمراض المزمنة حول العالم. كما وأنه المسبب الرئيسي للانسداد الرؤي حيث بلغت نسبة ارتفاع الإصابة بالانسداد الرؤي في المملكة ل ٤٩٪ في العام ٢٠١٩ مقارنة ب ١٩٩٠ (٢). كذلك هناك أكثر من ٧٠ ألف وفاة في المملكة سنويا بسبب الأمراض الناجمة عن التدخين. وللحد من مخاطر التدخين أولت الدولة حفضها الله اهتماما ملحوظا بتوعية المدخنين ومساعدتهم على الإقلاع عن التدخين فسنت لذلك قوانين التدخين في الأماكن المشتركة إلى جانب رفع ضريبة التبغ وتوفير برنامج التعافي من التدخين في مستشفيات وزارة الصحة عن طريق مبادرة المدرب الصحي. للأسف إلى جانب ذلك هناك تسارع في ازدياد أعداد المدخنين في المملكة على الرغم من جميع الإجراءات المتخذة حيث أشارت منصة الأبحاث الممتازة للمستثمرين على المدى الطويل، ماكروترند بأن في العام ٢٠٢٠ أشارت النتائج لازدياد بمعدل ٠.١٠٪ في المدخنين مقارنة بالعام ٢٠١٩ كذلك لم تشهد الأعوام السابقة ازدياد في عدد المدخنين (يمكن الاطلاع على الجدول ١) هذا ما قد يهدد جودة الحياة لكثير من الأسر والمجتمعات في المملكة ويرهق اقتصاديات الصحة لدينا.

جدول ١: معدل التدخين في المملكة العربية السعودية – بيانات تاريخية (٣)

قلة النشاط الحركي: تشير الدراسات للعلاقة الوثيقة بين الأمراض المزمنة والنشاط البدني حيث أن العلاقة عكسية كلما ارتفع النشاط البدني قلت فرص حصول الأمراض المزمنة. وتبعا لتقارير منظمة الصحة العالمية فإن انخفاض النشاط الحركي مسؤول عن ٦٪ من مجموع الوفيات الناجم عن الأمراض المزمنة. الجدير بالذكر وجدت دراسة الصحة العالمية للعام ٢٠١٩ في المملكة العربية السعودية أن ١٩.٧٪ من السكان (١٨.٤٪ من النساء،٢٠.٨ ٪ من الرجال) لديهم مستويات كافية من النشاط البدني أسبوعيًا. الفئة العمرية من ١٩-٢٩ أظهرت نشاط بدني أعلى من باقي الفئات حيث تشكل ٢١٪ من العينة (١٦). نسب ضئيلة جدا حيث أن ٨٠٪ تقريبا من السكان لا يمارسون النشاط البدني بشكل كافي وهو ما قد يكون أحد أهم مؤشرات تزايد الأمراض المزمنة مستقبلاً.

أود أن أشير بأن الدولة حفظها الله حرصت كل الحرص على التوعية وتثقيف المجتمع بأهمية ممارسة الرياضة وسعت لأنسنة المدن لتشجيع الجميع على ممارسة الرياضة كما وأن وزير الصحة السابق د. توفيق الربيعة صرح في إحدى مقابلاته على منصات التواصل الاجتماعي بأنه يمارس رياضة المشي يوميا يقطع خلالها ٧ كيلومتر. إلى جانب ذلك تشكر وزارة التعليم على إدراج حصص الرياضة البدنية للجنسين في جميع مدارس المملكة هذا بدوره سيعزز من ثقافة النشاط البدني الصحي لدى الأطفال والمراهقين البنات والأولاد على حد سواء. كذلك لا نغفل دور وزارة الرياضة في تشجيع اليافعين على الرياضة بتبني العديد من الرياضات ودعم المشتركين محليا ودوليا ما ساهم بشكل كبير في نشر ثقافة الرياضة وتشجيع الكثير من الأطفال والمراهقين لتحديد ميولهم الرياضية وتنمية قدراتهم الجسمانية.

النظام الغذائي الغير صحي: يعد النظام الغذائي الغير متوازن أحد أهم عوامل الخطورة حيث أن هناك علاقة مباشرة بين جودة الغذاء الذي يتناوله الفرد وصحته ونظام حياته. وجدت الدراسات بأن الأشخاص الذين يتبعون حمية غذائية خالية من الدهون المشبعة والسكريات وغنية بالألياف والبروتينات هم أطول أعمار من أقرانهم ويتمتعون بمستوى عالي من الصحة البدنية والعقلية. في المقابل ترتفع نسبة الإصابة بالسكري وأمراض القلب والشرايين في مقتبل العمر لدى الأشخاص الذين يتبعون أنظمة غذائية غير متوازنة وفقيرة بالفيتامينات والبروتينات والألياف. كذلك وتشير بيانات منظمة الصحة العالمية إلى أن إتباع نظام غذائي فقير بالخضار والفواكه مسؤول عن ٥٪ من الوفيات بالأمراض المزمنة حول العالم.

المؤسف أن الدراسات في هذا الجانب شحيحة في المملكة حيث أن أشمل دراسة أجريت تعود للعام ٢٠١٣ أجريت من خلال (وزارة الصحة بالتعاون مع معهد المقاييس الصحية والتقييم) كانت عبارة عن دراسة مسحية لاستطلاع مقدار استهلاك ١٨ نوعا من الأطعمة والمشروبات في أسبوع نموذجي. كما سئل المشاركون عن نوع الزيوت أو الدهون المستخدمة في أغلب الأحيان لإعداد وجبات الطعام وعن النوع المعتاد من منتجات الألبان والخبز الذي يتم تناوله في المنزل. تم استخدام البيانات التي تم جمعها لتقدير استهلاك الطاقة والاستهلاك اليومي للأغذية والمشروبات المعدلة للطاقة. وجدت الدراسة بأن أكثر من ٨٠٪ من السعوديين يستهلكون أقل من ثلاث حصص من الفاكهة والخضروات في اليوم كذلك جميع الفئات العمرية وكلا الجنسين لديها استهلاك منخفض للفاكهة والخضروات. بسبب المناخ، المملكة العربية السعودية غير منتجة للفواكه والخضروات ولم يكن السكان يستهلكون الكثير من الفاكهة والخضروات، باستثناء التمور. كان انخفاض استهلاك الفاكهة والخضروات واضحًا بين جميع شرائح المجتمع السعودي. أيضا هناك دراسة مسحية من خلال منظمة الصحة العالمية أجريت في العام ٢٠١٩ وجدت بأن هناك انخفاض في عدد السكان الذين يتناولون خمس حصص من الفواكه والخضار يوميا حيث بلغت نسبته ٦.٩٪ فقط.

ولا يمكن إغفال دور الدولة حفظها الله في تعزيز ثقافة النظام الصحي حيث أطلقت وزارة الصحة مبادرة المدرب الصحي أحد مهامهم التثقيف بأهمية الغذاء المتوازن ولكنه من تجربة شخصية غير مفعل بالشكل الكافي وأرجو أن يتم توفير عدد كافي من المدربين الصحيين ودعمهم وتفعيل دورهم كمساندين لتقديم الخدمات الصحية بالمنظومة الصحية إلى جانب إيجاد أدوات قياس أثر تفعيل المبادرة على المستفيدين لضمان وصول الخدمات بالشكل المرجو. كذلك وألزمت وزارة الصحة المطاعم والمقاهي بالإفصاح عن عدد السعرات الحرارية ومكونات المنتجات الغذائية. وأطلقت هيئة الغذاء والدواء السعودية مبادرة وجبتي رشاقتي التي استندت لتوصيات منظمة الصحة العالمية، وتهدف إلى تحسين النمط الغذائي في المملكة، أيضا أركز هنا على أهمية قياس أثر هذه المبادرات للوصول للنتائج المرجوة.

ولارتباطه بالنمط الغذائي أود أن أشير لدور نمط الحياة الليلي على انتشار اضطرابات النوم والسمنة في جيل الشباب والمراهقين حيث في الآونة الأخيرة توسعت ثقافة الحياة الليلية بالمملكة حيث أصبحت بعض المدن الكبيرة لا تنام كالرياض وجدة وذلك لكثرة الأنشطة والفعاليات الليلية. الجدير بالذكر أن الله سبحانه وتعالى فطر الكون على السبات في الليل والنهار للمعاش في قوله تعالى:

“(وَجَعَلْنَا نَوْمَكُمْ سُبَاتًا ٩ وَجَعَلْنَا اللَّيْلَ لِبَاسًا ١٠ وَجَعَلْنَا النَّهَارَ مَعَاشًا١١)” سورة النبأ

وليس من الحكمة مخالفة فطرة الله في الكون لذلك من المهم جدا التوعية بأهمية النوم ليلا والاستيقاظ مبكرا صباحا. هناك شح بالدراسات التي تتناول أثر الحياة الليلية في المجتمع السعودي وأسباب انتشارها. وأنا كباحث أرجح بأن قلة الوعي والبطالة أحد أهم أسبابها.

العوامل البيولوجية

زيادة الوزن والبدانة: زيادة الوزن والبدانة مسؤولة عن ٥٪ من وفيات الأمراض المزمنة حول العالم (منظمة الصحة العالمية). وللأسف فإن السعودية تعتبر من أعلى الدول في نسب البدانة بين الأفراد وحسب إحصاءات وزارة الصحة السعودية لعام ٢٠٢٠، بلغت معدلات السمنة بين السعوديين ٥٩٪، منهم ٢٨.٧٪ تخطوا الوزن وأصبحوا بدناء فعلياً، و٣١٪ يعانون زيادة في الوزن وذلك في الفئة العمرية من ١٥ عاماً فما فوق. أما نسبة السمنة في الأطفال ما قبل الالتحاق بالمدرسة فبلغت ٦٪، بينما وصلت بين الأطفال في سن الدراسة إلى ٩.٣٪.

ارتفاع ضغط الدم: تصف الدراسات ارتفاع ضغط الدم بالقاتل الصامت حيث أنه يؤدي لسكتات قلبية ودماغية غير متوقعة. ولأنه مرض صامت لا يشعر به المصاب. فهو المسؤول عن ١٦.٥٪ من مجموع الوفيات الناجمة عن الأمراض المزمنة. و١٢.٨٪ من مجموع الوفيات حول العالم حيث بلغ عدد الوفيات بارتفاع ضغط الدم والأمراض المصاحبة له ل ٧.٥ مليون وفاة سنويا. هذا يمثل ٥٧ مليون سنة حياة مفقودة أو ٣.٧٪ من إجمالي سنوات الحياة الصحية بالمملكة (منظمة الصحة العالمية).

ووفقًا لأحدث بيانات منظمة الصحة العالمية المنشورة في عام ٢٠٢٠، فإن الوفيات الناجمة عن ارتفاع ضغط الدم في المملكة العربية السعودية وصلت إلى ٨٣٤ أو ٠.٦٢٪من إجمالي الوفيات. لذلك شددت وزارة الصحة على أهمية الفحص الدوري وزيارة طبيب الأسرة بانتظام للكشف المبكر عن الأمراض المزمنة أهمها ارتفاع ضغط الدم والسكري لتفادي حصول الجلطات والسكتات.

ارتفاع مستوى السكر في الدم: يعتبر من أهم عوامل الخطورة حيث يعتبر مسؤول عن ٦٪ من مجموع الوفيات الناجمة عن الأمراض المزمنة. في المملكة العربية السعودية بلغت وفيات السكري٣٨٩٠ حالة وفاة بمعدل ٢.٩٠٪من إجمالي الوفيات. ويقدر عدد المرضى السعوديين المصابين بمرض السكري بحوالي ٧ ملايين مريض بينما يعتقد أن ٣ ملايين آخرين يعانون من مقدمات السكر. كذلك وأشارت الدراسات بأن السكر النوع الأول يحدث نتيجة لتوقف عمل جهاز البنكرياس وغالبا يكون حدوثه لأسباب وراثية أو مناعية ولكن النوع الثاني مرتبط بنمط الحياة حيث أن الأشخاص الذين يعيشون نمط حياة خامل غني بالسكريات والنشويات أكثر عرضة من غيرهم للإصابة بالنوع الثاني كذلك وأثبتت التجارب بأن تعديل نمط الحياة النشط والنظام الغذائي الصحي قادر على إعادة مستويات السكر في الدم إلى المعدل الطبيعي. ولارتباطه بالسمنة والنشاط البدني فإنه من غير المستغرب ارتفاع معدل الإصابات بالسكري في المملكة حيث كما ذكرت سابقا بأن ٥٩٪ من المواطنين مصابين بالسمنة وأكثر من ٦٠٪ من المواطنين لا يمارسون النشاط البدني. وجهود الدولة حفظها الله حثيثة لتحسين نمط الحياة لدى المواطنين والمقيمين وماله من دور في تقليل مخاطر حدوث الأمراض المزمنة مستقبلا.

ارتفاع الكوليسترول وما يصاحبه من أمراض القلب والشرايين يعد من عوامل الخطورة المؤدية لحدوث الأمراض المزمنة حيث شدد الأطباء على أهمية إتباع حمية غذائية خالية من الدهون الضارة وغنية بالدهون النافعة إلى جانب أهمية الفحص الدوري للكشف المبكر عن أي أعراض صحية ثانوية قد تؤدي في المستقبل لمشاكل صحية رئيسية قد تودي بحياة الفرد.

هذه العوامل مجتمعه قد تؤدي للاضطرابات النفسية واضطرابات النوم إلى جانب الضغوط الاجتماعية والبيئية التي تشمل: فقد أحد أفراد الأسرة أو الوالدين، المشاكل الأسرية التي قد تؤدي لتعرض الطفل للإهمال في فترة مبكرة من عمره هذا بدوره يولد شعور عدم الكفاءة أو تدني احترام الذات أو القلق والغضب والوحدة. كذلك مشاكل العمل والدراسة كالتنمر والاعتداء وتبعا لذلك سنت الدولة العديد من القوانين التي تضمن للفرد بيئة دراسية وعملية سليمة كما وأرجو العمل على تكثيف الدراسات المسحية والميدانية للكشف عن جميع الممارسات التي قد تؤثر على سلامة الفرد النفسية وسن القوانين والتشريعات للحد من انتشار مظاهر العنف والإيذاء بجميع أنواعه.

كذلك تشير الإحصائيات إلى أنه إذا تم القضاء على عوامل الخطر الرئيسية، فبإمكاننا أن نتجنب ٨٠٪ من حالات أمراض القلب والسكتات الدماغية بالإضافة إلى مرض السكري من النوع الثاني و٤٠ ٪ من حالات مرض السرطان.

أو أن أشير أيضا لخطورة بعض البروتوكولات العلاجية حيث أثبتت الدراسات بأن عدد من البروتوكولات العلاجية المتبعة لعلاج أمراض معينة لها أعراض جانبية قد تسبب أمراض مزمنة على المدى البعيد على سبيل المثال لا الحصر تناول علاج الكوليسترول يضاعف من خطورة الإصابة بالسكري النوع الثاني، حيث أثبتت ذلك دراسة أجريت في جامعة أوهايو على عينة من ألف شخص يتناولون علاج الكوليسترول بشكل منتظم، النتيجة تضاعفت لديهم خطورة الإصابة بالسكري النوع الثاني مقارنه بغيرهم ممن لم يتناولون علاج الكوليسترول (١٧). كذلك الكورتيزون أثبتت الدراسات علاقته الوثيقة بارتفاع السكر في الدم ومقاومة الأنسولين (١٨).

 

الأمراض المزمنة بعد الجائحة

العالم بعد الجائحة ليس كما هو عليه قبلها. حيث أشارت الدراسات إلى أن شريحة كبيرة من المتعافين من كوفيد-١٩ قد أصيبوا لاحقا بأمراض مزمنة متعددة تشمل الأمراض المناعية، التنفسية والعصبية (٤)، مؤخرًا أعطت منظمة الصحة العالمية التعريف السريري الأول لمتلازمة ما بعد فيروس كورونا المستجد (كوفي-١٩) (٥). أيضا متلازمة ما بعد كوفيد هي ليست حالة واحدة، وقد تم تعريفها من قبل المعهد الوطني للتميز في الرعاية الصحية على أنها “علامات وأعراض تظهر أثناء أو بعد الإصابة بكوفيد -١٩ والتي تستمر لأكثر من ١٢ أسبوعًا ولم يتم تفسيرها من خلال تشخيص معين مسبقا (٦).

أحدثت الجائحة تغيير كبير في الصحة السكانية على مستوى العالم. تحديداً في الولايات المتحدة أجرى الباحثون في مراكز السيطرة على الأمراض والوقاية منها تحليلا لقاعدتي بيانات كبيرتين تتعلق بمطالبات التأمين المستحقة لأشخاص تقل أعمارهم عن ١٨ عاماً. ووجدوا أن الأطفال الذين أصيبوا بمرض كوفيد-١٩ من قبل كانوا أكثر تعرضاً للإصابة بالسكري بنسبة تتراوح بين ٣٣٪ إلى ١٦٦٪ مقارنة بالأطفال الذين لم تسبق لهم الإصابة بالمرض. أيضا في المملكة المتحدة رصد الباحثون في لندن ارتفاع بنسبة ٨٠٪ في إصابات الأطفال بالسكري أثناء جائحة كورونا. في المملكة العربية السعودية وفي المدينة الطبية بجامعة الملك سعود ومستشفى الملك خالد الجامعي بالرياض، أظهرت دراسة بأثر رجعي أجريت على ٤٣٩ مريضًا أن معدل انتشار مرض السكري بلغ ٦٨.٣٪، نتيجة مستمدة من السجلات المتاحة والحالات المشخصة حديثًا. أثناء الإغلاق في المملكة في عام ٢٠٢٠ تم تشخيص إصابات جديدة لمرض السكري أعلى بنسبة ٢٠٪ مقارنة بأرقام العام ٢٠١٩ بمعدل خطورة = ١.١٥. لازال هناك شح في الدراسات فيما يتعلق برصد الأمراض المزمنة الأخرى في المملكة بعد الجائحة. لذلك هناك حاجة ملحة للبحث العلمي والدراسات المسحية لدراسة الصحة السكانية بالمملكة بعد الجائحة والاستفادة من النتائج في رسم إستراتيجيات ومستهدفات الصحة العامة في المملكة (٧). كذلك وأشارت الدراسات إلى أن المتعافين من كورونا والذين كانوا يتمتعون بصحة جيدة قبل مرضهم يواجهون الآن أعراضًا غير متوقعة، بينما يجب على الآخرين المصابين بأمراض مصاحبة التعامل مع الأعراض الجديدة أو المتفاقمة لمشاكلهم الصحية (٦).

 

آثار الأمراض المزمنة على:

أ. جودة الحياة

في مايو ٢٠١٨ أعلنت حكومتنا الرشيدة عن إطلاق برنامج جودة الحياة والذي يُعنى بتحسين جودة حياة الفرد والأسرة. حيث يعمل برنامج جودة الحياة على تحسين جودة الحياة في السعودية، من خلال محوري تطوير أنماط الحياة، وتحسين البنية التحتية. فيما يتعلق بأنماط الحياة أشارت الدراسات لوجود علاقة وطيدة بين الصحة العامة وجودة الحياة حيث أظهرت نتائج الدراسات أن المرضى الذين يعانون من الأمراض المزمنة لديهم جودة حياة منخفضة مقارنة بالأصحاء وذلك بسبب تأثير الأمراض على قدراتهم العقلية والجسمانية للتعاطي مع المجتمع من حولهم وأداء مهامهم العملية والشخصية بالشكل المطلوب. ليست جميع الأمراض المزمنة معيقة اجتماعيا وعمليا حيث أن ارتفاع ضغط الدم والسكري يستطيع المريض التعايش معها وممارسة حياته اليومية بالشكل السليم. في المقابل أشارت الدراسات إلى أن المصابين بالأمراض التنفسية المزمنة كالربو ومرض الانسداد الرئوي المزمن لديهم جودة منخفضة بنسبة ٥٠٪ مقارنة بغيرهم من الأمراض. أيضا هناك انخفاض بنسبة ٦٠٪ في جودة الحياة لدى كبار السن المصابين بمشاكل صحية متعددة تشمل مشاكل الإخراج حيث أن الكثير منهم يشعر بالخجل من حضور المناسبات الاجتماعية والتواصل مع الآخرين. كذلك أشارت الدراسات إلى أن اللياقة النفسية عنصر مهم في جودة حياة الفرد وأنها قد تنخفض أحيانا بنسبة ٨٠٪ لدى المصابين بالفصام وثنائي القطب خصوصا عند عدم ملائمة الخطة العلاجية لحالة المريض.

 

ب. عمر الفرد وإنتاجيته

يرتبط عمر الفرد بصحته البدنية والعقلية حيث أن المصابين بالأمراض النفسية المزمنة والحادة هم أقصر عمرا من عامة السكان بمعدل يتراوح بين ١٧- ٣٠ سنة مقارنة بالأصحاء. حيث أن المصاب يخسر ٨.٩ سنة من سنوات حياته بسبب الاضطرابات النفسية التي يعاني منها والآثار الجانبية للعلاجات وحوادث الانتحار في أسوء الحالات (٧). كذلك وأن المصابين بمرض السكري في الدول النامية يواجهون خطورة الموت بعد ١٠ – 15 سنة فقط من الإصابة بالمرض (١٠). وقارن الباحثون، في دراسة نشرتها الدورية البريطانية الطبية، بين عدد وأسباب الوفاة بين مرضى السكري في أحد أفقر مناطق إنجلترا وبقية سكان المنطقة على مدى ستة أعوام. وأثناء الدراسة توفى أكثر من ربع المرضى وهو معدل وفاة يبلغ نحو ٢.٢مرة من عدد الوفيات بالمتوسط القومي. وارتفع معدل الوفيات من ١.٣ في الأحياء الغنية ليبلغ ٢.٣ في المناطق الأكثر فقرا. كذلك لا يمكن إغفال أثر هذه الأمراض على إنتاجية الفرد في المجتمع حيث أنه كلما ارتفعت حدة المرض انخفضت قدرة المريض على أداء مهامه الشخصية والوظيفية وبذلك يصبح الفرد بحاجة للدعم الاجتماعي والمادي من الحكومة والجمعيات الخيرية. حيث أنه في الولايات الأمريكية تبلغ تكلفة العجز عن العمل بسبب الإصابة بأمراض القلب والسكتات القلبية هي ١٤٧ بليون دولار سنويا مما يشكل عبء اقتصادي عالي في الدولة (٩). إضافة لذلك في عام ٢٠١٧ بلغت التكلفة الإجمالية المقدرة لتشخيص مرض السكري ٣٢٧ مليار دولار من التكاليف الطبية وفقدان الإنتاجية (١١). وجد مسح الأسرة لهيئة الإحصاء للعام ٢٠١٧إلى أن تزداد نسبة الإصابة بالأمراض المزمنة بين فئات السكان السعوديين مع تقدم العمر وتزداد تدريجياً قبل سن الأربعين وبشكل ملحوظ عند سن الأربعين وما فوق. كذلك لا نغفل تأثير الأمراض المزمنة على الخصوبة والإنجاب وهو ما قد يهدد وفرة القوى العاملة في المستقبل. لذلك أولت حكومتنا رعاها الله التوعية بالأمراض المزمنة اهتمام واسع للسيطرة على تفاقمها وانتشارها في المجتمع ولضمان مجتمع واعي وصحي يقود عجلة التنمية والازدهار.

ج. تكاليف الرعاية الصحية

تعد تكلفة العلاج والسيطرة على الأمراض المزمنة الأعلى مقارنة بباقي تكاليف الحياة الأخرى. حيث أن ٩٠٪ من ميزانية الصحة بالولايات المتحدة الأمريكية يتم صرفها على علاج الأمراض المزمنة ٤٧٪ لعلاج الأمراض الناجمة عن السمنة حيث أن من كل ١٠ مواطنين هناك ٤ مصابين بأكثر من مرض مزمن ونصيب الفرد من التكلفة الإجمالية هو ١١٢٠١ دولار سنويا (٩). في عام ٢٠١٦ قدر معهد ميلكن التكاليف المرتبطة مباشرة بالأمراض المزمنة بلغ إجماليها ١.١ تريليون دولار في عام ٢٠١٦، حيث شكلت أمراض القلب والأوعية الدموية ٢٦.٧ ٪ من التكاليف، يليها مرض السكري بنسبة ١٧.٢ ٪ من التكاليف، ومرض الزهايمر بنسبة ١٦.٩٪، والتهاب المفاصل وآلام الظهر بنسبة ١٦.٥٪ من التكاليف. السمنة أكبر عامل خطر منفرد للأمراض المزمنة فهي مسؤولة عن ما يقرب من٤٤٪ من تكاليف الرعاية الصحية المباشرة. عند تضمين التكاليف غير المباشرة المرتبطة بالإنتاجية الاقتصادية المفقودة، تصل التكلفة الإجمالية للأمراض المزمنة في الولايات المتحدة إلى ٣.٧ تريليون دولار سنويًا، أي ما يقرب من ١٩.٦٪ من الناتج المحلي الإجمالي للبلاد (١٢)

هذه التكاليف مرهقة جدا للاقتصاد وعدم السيطرة عليها قد يؤدي لحدوث كوارث اقتصادية. لذلك أصبح هناك اهتمام عالي من قبل الحكومات بالاقتصاد الصحي حيث أن كثير من الدول انهارت اقتصاديا جراء تداعيات الجائحة على البلد والمواطنين. وجهود حكومتنا الرشيدة واضحة في التوعية والإرشاد والكشف المبكر عن الأمراض المزمنة للسيطرة على التكلفة الإجمالية للعلاج. كذلك جهودهم حثيثة في تقييم تكلفة العلاج للفرد لترشيد كفاءة الإنفاق الحكومي على الخدمات الصحية.

  • التعقيبات:
  • التعقيب الأول: د. أماني البريكان

الأمراض المزمنة والتقنية

هناك العديد من التقنيات الناشئة التي تستخدم حاليًا على نطاق واسع في الرعاية الصحية على سبيل المثال لا الحصر الذكاء الاصطناعي (AI) حيث يمكن للذكاء الاصطناعي المساهمة في مجموعة واسعة من التطبيقات، من التشخيص إلى العمليات، والتمريض الافتراضي، وتخفيف الأخطاء الطبية وغيرها من الوظائف والقدرات المتقدمة التي يمكن أن تحسن من الرعاية الصحية.

وتشير الأبحاث المتاحة إلى أن المفتاح لإدارة الأمراض المزمنة يكمن في التخفيف من عوامل الخطر. وفي ضوء الدراسة فان العديد من الأمراض المزمنة تتناول عوامل الخطر مشتركة، مثل عدم ممارسة الأنشطة الرياضة، التغذية الغير صحية، وزيادة الوزن، حيث يمكن للتقنية المساهمة في تقليل عوامل الخطورة السلوكية والبيولوجية لانتشار الأمراض المزمنة، والاثار المترتبة عليها من جهتين: تعزيز أسلوب الحياة الصحي من أجل تعزيز السلوكيات الإيجابية والمساهمة من التقليل من أو استبدال العادات السلوكية السلبية. كما يمكنها ايضا من تحسين جودة الحياة المرضي لممارسة حياته اليومية بالشكل السليم.

١- تعزيز أسلوب الحياة صحي

برنامج التدخل السلوكي مثل برامج الإقلاع عن التدخين، إدارة الضغط النفسي وفقدان الوزن. يمكنها أن تحفز التغييرات السلوكية الرئيسية مثل تحسين النشاط البدني من خلال زيادة الخطوات اليومية، وقت النشاط البدني، وتقليل وقت الجلوس كما يمكن ايضا تستخدم الإدارة الذاتية في تحسين السلوك الغذائي مثل زيادة تناول الألياف، وزيادة تناول الخضار، وتحقيق التوازن بين استهلاك السعرات الحرارية والتي تعد من اهم عوامل الخطر للأمراض القلب والسكر، والأمراض النفسية بما في ذلك الاكتئاب والاضطراب ثنائي القطب. فمن خلال برنامج التدخل السلوكي يستطيع كل شخص تقريبًا في العالم يحمل هاتف ذكي، والتي يمكن أن تعد أدوات قوية لمحللي السلوك التطبيقي لاستخدامها. فالهواتف الذكية وأجهزة الاستشعار ساهمت في تقديم ثورة في أساليب التدخلات والتقاط وجمع البيانات الصحية، والإدارة الذاتية في مختلف الظروف بشكل مستمر ومباشر. هذه التدخلات الصحة تُعرَّف على أنها ”استخدام الحوسبة المتنقلة وتقنيات الاتصالات في مجال الرعاية الصحية والصحة العامة ” والتي لديها القدرة على أن تكون فعالة من حيث التكلفة والتقدم تكنولوجيا. توفر تقنيات الأجهزة المحمولة إمكانية إجراء تدخلات فعالة وفاعلة من حيث التكلفة ونمط الحياة. عادةً ما تتضمن تدخلات نمط الحياة أنشطة يومية مختارة ذاتيًا تستمر لمدة 30 دقيقة على الأقل. يمكن أن تكون هذه الأنشطة مخططة أو غير مخططة، كما يمكن أن تكون الأنشطة ترفيهية، مهنية أو منزلية وبحسب الدراسات فإن المشاركين في مجموعات التدخل في نمط الحياة لديهم انخفاض أكبر في السلوكيات السلبية مع تأثيرات كبيرة طويلة المدى تدوم من 2 إلى6 أشهر بعد التدخل. ومن هنا تظهر الحاجة لتفعيل حلول ابتكارية تقنية من أجل تعزيز السلوكيات الإيجابية والمساهمة من التقليل من أو استبدال العادات السلوكية السلبية.

٢- تحسين جودة الحياة المرضي

في الواقع، تقدم تقنيات جودة الحياة مجموعة متنوعة من الفرص في زيادة صحة الإنسان – ليس فقط كم من الوقت نعيش، ولكن إلى أي مدى نحن بصحة جيدة. سيكون العمق المحتمل واتساع نطاق الاستفادة من تقنيات جودة الحياة للبشرية مذهل إذا ما تم تفعيلها بشكل صحيح. فمن خلال استخدام الصحة الرقمية، والوعي بالسياق، والتقنيات الاستشعار التي تعمل على تحسين الفهم والقدرة على تحسين صحتنا البدنية والنفسية اليومية، والتفاعلات الاجتماعية، والظروف البيئية، واتخاذ القرار. وتهدف هذه الاستراتيجيات إلى مساعدة المرضى على التعامل والتعايش مع حالاتهم المزمنة والظروف الصحية بشكل يومي. المراقبة الذاتية هي “الوعي بالأعراض أو الأحاسيس الجسدية التي تتعزز من خلال القياسات الدورية، التسجيلات والملاحظات لتوفير معلومات من خلال تغدية راجعة فورية مثل الرسائل والتنبيهات الفورية. يعد نظام المراقبة الذاتية لمرضى السكر على سبيل المثال، حل تقني معتمد تمت الموافقة عليه من قِبل هيئة الغذاء والدواء الأمريكية (FDA) في مايو ٢٠٢١ ، للأشخاص المصابين بداء السكري من النوع ١ أو النوع ٢ على العلاج الذي يدمج بشكل مباشر بيانات مراقبة الجلوكوز المستمرة (iCGM) لتقديم توصية جرعة الأنسولين. يتم عرض الجرعة، التي تستند إلى تعليمات من مقدم الرعاية الصحية للشخص مباشرة. النظام تم ترخيصه للاستخدام من قبل الأفراد الذين تتراوح أعمارهم بين 12 عامًا وما فوق، والذي يهدف إلى تخفيف عبء مرض السكري عن طريق تقليل التخمين المقلق المتعلق بجرعات الأنسولين بطريقة مريحة وبسيطة. يوفر بشكل ملائم للمرضى تنبيهات نقص السكر في الدم تلقائيًا بالإضافة إلى التقاط وتحميل بيانات الجلوكوز ووقت الجرعات تلقائيًا إلى مقدمي الرعاية الصحية لتوفير رعاية فردية مستمرة عن بُعد.

ولكن وعلى الرغم من تقدم التقنية الا انه مازال هناك حاجة لأبحاث تقنية المستقبلية لتحسين جودة الحياة المرضي وجهودًا متعددة التخصصات لضمان تطبيقات شاملة لزيادة جودة الحياة تتمحور حول المستخدم – بما في ذلك التحسينات في الجوانب الجسدية والنفسية والاجتماعية والبيئية. كما انه من المهم جدا إجراء دراسات مستمرة لفحص أثر البروتوكولات العلاجية التقنية على الصحة العاملة ومعرفة خصائص النظام والتصميم الامثل لأهداف الرعاية الأمراض المزمنة. ودراسة النتائج المترتبة عند المزج بين الاستراتيجيات المختلفة والميزات الإضافية، على سبيل المثال، العرض التفاعلي، والتواصل في الوقت الفعلي مع الأطباء، واستخدام الواقع المعزز وتقنيات الذكاء الاصطناعي. (26)، (27).

  • التعقيب الثاني: د. تغريد الغيث

بالإشارة إلى ما ورد بالورقة الرئيسة من أن الأمراض المزمنة تعتبر هي المسؤولة عن ٦٠٪ من جميع الوفيات في جميع أنحاء العالم بمعدل ٣٦ مليون وفاة سنويا، فحسب ما نشرته منظمة الصحة العالمية في سبتمبر 2022 فإن النسبة ٧٤٪ (28).

وبالنظر إلى ما ورد بالورقة الرئيسة من أن الأمراض النفسية شهدت انتشارا واسعا خصوصا بعد تطبيق إجراءات الحجر المنزلي أثناء الجائحة؛ لذلك يجب دراستها ضمن الأمراض المزمنة للبحث عن الأسباب والمخاطر الناجمة عن انتشارها وإيجاد حلول لتفاقم هذه الظاهرة وتداعياتها على الفرد والمجتمع.

ومن المهم كذلك إجراء دراسات مسحية لمراقبة معدل انتشار التدخين وتحديد الفئات العمرية الأكثر تأثرا وانجذابا للتدخين وسن قوانين وإجراءات تساهم في الحد منه.

وثمة ضرورة لعمل دراسات مسحية بشكل مستمر لتحديد سبل تعزيز تبني نمط حياة حركي في المجتمع من خلال تنظيم العديد من الفعاليات الرياضية بشكل مستمر في المملكة تضمن مشاركة أكبر قدر ممكن من المواطنين والمقيمين. كما يجب التوعية بأهمية إتباع نظام غذائي صحي غني بالفواكه والخضروات في جميع المدارس ومرافق رعاية الأطفال، وتثقيف الأسر بأهمية إضافة الفاكهة والخضروات للنظام الغذائي في المنزل وخارجه، وكذلك إثراء المحتوى الإعلامي بالوصفات الصحية وحث المشاهير بالسوشيال ميديا لتصوير تناولهم لأطباق الفواكه والخضروات أسوة بأكواب القهوة ومشروبات الطاقة والحلويات وذلك للتأثير على الوعي الجمعي الغذائي بالمجتمع. كذلك من المهم جدا عمل دراسات مسحية بشكل مستمر لتحديد مكامن الخلل في النظام الغذائي للمواطنين والمقيمين على أرض المملكة.

وفيما يخص تعزيز ثقافة النظام الصحي وبجانب دور وزارة الصحة فهناك دور مركزي وهو دور وزارة التعليم في رفع الثقافة الغذائية لدى أجيال المستقبل وذلك من خلال إدراج حصص للتثقيف الصحي وتوظيف مثقف/ة صحية بجميع مدارس المملكة أهم مسؤولياتهم التوعوية والإرشاد بأهمية الغذاء الصحي المتوازن وتعليم الطلاب قراءة البطاقة الغذائية على المنتجات الغذائية والتوعية للحصص اليومية المسموح للفرد تناولها من السكريات والأملاح والدهون المشبعة. كما يجب عمل دراسات مسحية لبحث أسباب وأثر الحياة الليلية على إنتاجية الفرد والمجتمع بشكل عام.

ولعل من المجدي أن يتم تدشين مواد دراسية تدرس لطلاب المدارس بنصوص قوانين منع التنمر والإيذاء بكافة أشكاله والعقوبات المترتبة عليها. هذا سيحد بشكل كبير من انتشار هذه الظواهر حيث أنهم يعتبرون السواد الأعظم في الوطن وهم أجيال المستقبل. كذلك من ممكنات الصحة النفسية وجودة الحياة بالوطن أدعو لإطلاق مبادرات تعنى بنشر السعادة بين المواطنين قد يكون من خلال هيئة السعادة التي من أهم مهامها هي ضمان سلامة المجتمع من جميع الممارسات التي قد تسلب السعادة من المواطنين والمقيمين.

وفي ذات السياق من المهم إجراء دراسات مستمرة لفحص أثر البروتوكولات العلاجية على الصحة العاملة والعمل على تطويرها وتحديثها أيضا كذلك من المهم البحث عن سبل ناجحة ومجربة وقليلة المخاطر لعلاج الأمراض المزمنة فمثلا السكري من النوع الثاني يمكن علاجه بالالتزام بحمية غذائية قليلة السكريات إلى جانب ممارسة الرياضة بشكل منتظم. أقترح من خلال هذا التعقيب أن يكون هناك بروتوكول علاجي لمرض السكري النوع الثاني موازي للعلاج الدوائي يعتمد على تحسين نمط الحياة للمريض تحت إشراف طاقم طبي يتكون من طبيب الأسرة، استشاري الغدد الصماء، أخصائي التغذية العلاجية وأخصائي العلاج الطبيعي إلى جانب العلاج السلوكي لتقييم جاهزية المريض وتعزيز التحول لنظام غذائي صحي متوازن بأقل أعراض انسحابية قد تؤدي لفشل الخطة العلاجية.

وتتزايد الحاجة لتطوير الأبحاث المتخصصة بالإصابات بالأمراض المزمنة ما بعد الجائحة لحصر أكبر قدر ممكن من الأعراض والأمراض المتزامنة معه وبعد الإصابة به.

ويجب الأخذ بعين الاعتبار هذه الفئة أثناء التخطيط لتعزيز خدمات الرعاية لتحسين جودة حياتهم. علاوة على ذلك، فيما يتعلق بتأثير الوضع الاقتصادي على جودة الحياة للمرضى، يجب أن تكون خطط الدعم المالي للمرضى ذوي الوضع الاقتصادي المتدني من بين الأولويات الرئيسية لجميع برامج تعزيز جودة الحياة. باختصار، فيما يتعلق بالتأثير السلبي للأمراض المختلفة على جودة الحياة للمرضى، يُقترح على مقدمي خدمات العلاج والرعاية التمريضية إيلاء المزيد من الاهتمام لتقييم جودة الحياة للمرضى المصابين بأمراض مزمنة أثناء تقديم خدماتهم.

  • التعقيب الثالث: د. فهد اليحيا

عام 1983 حيث كنت أعمل سنة الامتياز في المستشفى العسكري بالرياض (مدينة الأمير سلطان الطبية العسكرية حاليا) جاء أستاذ زائر من أستراليا (لا أذكر ما كان تخصصه) وفي محاضرة له قال: وجدت هنا 10 أطباء قلب مقابل طبيب سكري واحد والصحيح والمفترض أن يكون العكس!

أشكر د. سكينة على ورقتها الضافية الوافية المفصلة وشكري خاص بحكم التخصص أنها أشارت إلى أهمية العناية بالاضطرابات النفسية وهو أمر كثيرا ما يغفله قسم كبير من الأطباء في التخصصات المختلفة.

مرض السكري منتشر بكثرة عندنا -وكذلك ارتفاع ضغط الدم- ومع أن لهما أسباب عديدة منها ما هو معروف ومنها ما لم يعرف بعد إلا أن للعامل النفسي دور مؤثر إما في نشوء المرض أو في عدم القدرة على ضبطه أو في النتائج النفسية له! وهبوط نشاط الغدة الدرقية منتشر بكثرة وعلاقته باضطراب الاكتئاب معروفة (فرط نشاط الغدة الدرقية له علاقة باضطراب القلق النفسي العام).

أمر أخر وفي نقص فيتامين “د” السحري العجيب الذي لم تكتشف حدود فعله كلها ولكنه -في تقديري وأخرين- له دور كبير في كثير من الأمراض الجسمية والاضطرابات النفسية ويُقدر انتشار نقص هذا الفيتامين في السعودية 60% بين الذكور و80% بين النساء!
وعودة إلى الاضطرابات النفسية:

انتشار الاضطرابات النفسية في أي مجتمع وفي أي وقت من العام 20%! ومن جانب أخر أجرت منظمة الصحة العالمية منذ عقود دراسة على مصابين بالاكتئاب لم يتلقوا علاجا بعد أصابتهم به بعامين وخلصت إلى أن 40% منهم شفوا بينما تحول الاضطراب إلى مزمن عند 60%! (د. أحمد عكاشة).

بصورة عامة يمكن اعتبار كل الاضطرابات النفسية مزمنة خصوصا عند تبني الدليل التشخيصي والإحصائي الخامس (DSM5) الذي يعرف الاضطراب النفسي المزمن بأنه الذي يتجاوز مدة 6 أشهر!
سأعود إلى هذه النقطة لاحقا بعد استعراض نتائج المسح الوطني السعودي للصحة النفسية

وتفصيل الاضطرابات كالتالي:

لماذا تكون عندنا الاضطرابات النفسية مزمنة؟

الانطباع العام هو بسبب تأخر الكشف والعلاج! فالمريض يتردد كثيرا قبل طلب المساعدة النفسية المختصة. ومن ناحية أخرى ما زال عدد كبير من أخصائي طب الرعاية الأولية (طب الأسرة والمجتمع) لا يلمون بأعراض الاضطرابات النفسية. وأخيرا بعد المواعيد في العيادة النفسية بُعد تحويلهم إليها!

عامل أخر، هو أن الوقاية في الطب النفسي تتمثل في سرعة الكشف! أو بإجراء الاختبارات المسحية وهذا لا يتم كثيرا مراعاة لخصوصية المرء وحرصا على حقوقه. ولكنه يتم بصفته أحد شروط القبول في وظائف معينة!

ويضاف إلى ما ورد بالورقة الرئيسة حول وسائل الوقاية ومنها الرياضة والعادات الصحية للنوم، الاهتمام بالصحة العامة وبالصحة الاجتماعية.

  • المداخلات حول القضية
  • العوامل المرتبطة بتفاقم الأمراض المزمنة.

الحقيقة أن ملف الأمراض المزمنة شائك يتداخل فيها العديد من العوامل البيولوجية والسلوكية ونمط الحياة بالمملكة ومدى وعي الأفراد والتزامهم بالحرص على الحياة الجيدة والمتوازنة. لكن في الواقع فثمة عوامل مجتمعية يجدر التنبه لها منها على سبيل المثال أن بعض الأشخاص البدناء ومن يعانون من مرض السكر النوع الثاني يرون أن نوعية الغذاء الموجود وبكثرة في الأسواق هي أغذية غير صحية والوجبات السريعة كالبرغر والبرست والشاورما هي أقل كلفة من الأغذية الصحية (الجاهزة) ونمط الحياة السريع يجعل من السهل تناولها خاصة لمن يمضي ساعات طويلة في العمل. كما أن معظم المؤسسات والجهات الحكومية لا توفر مطعم يقدم خدمة تجهيز وجبات ساخنة مطبوخة ومتوازنة في مقرات العمل ناهيك عن المدارس. واما النوادي الصحية والرياضية فهي تحتاج إلى ميزانية خاصة فالأسعار مبالغ فيها جدا مقابل خدمات غير متكاملة؛ فنادرا ما تجد مدرب لياقي على علم ودراية بنمط تدريبات يتناسب مع الإصابات البدنية أو نمط الغذاء فلا تخلص إلى النتيجة المرجوة.

وذهبت بعض المداخلات إلى أن تعريف منظمة الصحة العالمية للأمراض المزمنة لم يُبرز الدور الوراثي بشكل أوضح حيث أن مصدر بعض الأمراض المزمنة يكون وراثي وقد يظهر من الصغر أو عند الكبر فجأة ولم يفسر الأطباء السبب حتى الآن… ولكن التصور أن جودة الحياة والقوة النفسية للإنسان لها أثر كبير في ذلك فمرض السلياك الوراثي المزمن يظهر عند الكبار بعد صدمة نفسية قوية.

اما بالنسبة للتقنية والتكنولوجيا فإن بعض التطبيقات مثل عداد الخطوات وحساس قياس السكر هي تطبيقات مفيدة جدا إلا أن من المفارقات أن التقنية والتكنولوجيا وخاصة الألعاب الإليكترونية والتسوق الاليكتروني والدراسة عن بعد كلها تجعل الناس اجباريا يدخلون في متلازمة قلة النشاط البدني وما يترتب عليه من الابتعاد عن مخالطة الناس ما يقود في بعض الأحيان إلى الانعزال والدخول في بعض الأمراض النفسية كالاكتئاب وغيرها. والأمراض النفسية بعد آخر فقلة الأطباء المتخصصين في الطب النفسي ووصمة العار لمن يتعالج نفسيا هي مشكلة مستعصية.

كما أن من الأمور المؤثرة على صحتنا تداول معلومات مغلوطة في وسائل التواصل الاجتماعي من مصادر مختلفة تؤثر على صحة المجتمع بشكل سلبي، ففي موضوع التغذية نشرت اللجنة الوطنية للتغذية دراسة اوضحت أن اقل من ٤% ممن يتحدثون في التغذية مختصون في الغذاء والتغذية والغالبية من تخصصات اخرى ومدربي اندية رياضية خاصة ومهتمون، ووضعت هيئة الغذاء والدواء منصة لاستقبال الشكاوى بهذا الخصوص واوقف عدد من حسابات التواصل الاجتماعي.

وفي سياق متصل، فإنه وإذا كان ثمة اتفاق على أن المراضة morbidity  بصفة عامة تؤثر على إنتاجيه الفرد وبالتالي على الاقتصاد الوطني، فمن المؤكد كذلك أن من اهم أسباب المراضة هو انتشار الأمراض المزمنة كالسكري وأمراض القلب والشرايين وغيرها التي تم ربطها بأسلوب الحياة life style والممارسات المضرة بالصحة مثل التدخين والاكل الغير صحي وعدم ممارسه الرياضة وغيرها. السؤال الذي دوما يجدر طرحه: هو ما الذي يجعلنا نمارس هذا النمط من الحياة مع المعرفة التامة بالأضرار؟ ثمة الكثير من الأسباب الأسرية الاجتماعية والثقافية والجينية وغيرها التي تؤثر في بناء شخصياتنا وتصرفاتنا وقراراتنا كبالغين وهي مهمه جدا وتمت عليها دراسات كثيرة، ولكن هناك سبب دوما أطباء البالغين يغفلون عنه وتمت دراسته في نهاية التسعينات والألفية الجديدة وهو تأثير عيش الطفل في بيئة سيئة على شخصيته وخياراته عندما يكبر ويصبح بالغ وبالتالي هذه التجارب السيئة في الطفولة تُعرِّض البالغ إلى الإصابة بالأمراض المزمنة بسبب ممارسة أساليب حياتية مضرة بالصحة عندما يكبر وسببها social , emotional , and cognitive impairment .   كيف؟  ثبت علميا أن الضغوط النفسية بسبب العيش في بيئة سيئة مثل العنف والايذاء على دماغ الاطفال واليافعين انه يؤثر مستقبلا على طريقه التفكير والعواطف وتحليل الامور كبالغين.

ان هذه الضغوط النفسية تنشط الجهاز الذي يربط الغدة النخامية بالكظرية Hpothalamus- Pituitary- Adrenal (HPA system) وينتج عن نشاط هذا النظام افراز كميات كبيرة من الكورتيزون والادرينالين وغيرها من الارسالات العصبية neurotransmitters التي تؤثر على الاعضاء وعلى الخلية وحتى على البصمة الجينية DNA . كلنا نتعرض إلى ضغوط نفسيه تفرز هذه المواد لكن تكون وقتية وقصيرة المدى وتأثيرها محدود اما الضغوط المستمرة والمزمنة وعلى دماغ في طور النمو يؤثر سلبا على وظائف الخلايا العصبية وبالتالي تغيير نمط تفكيرنا ومشاعرنا وحياتنا وبالتالي ممارستنا لأساليب مضرة بالصحة واصابتنا بالأمراض المزمنة.

ومن ناحية اخرى وبعد أزمة كورونا ظهرت مشاكل صحية وخصوصا لدى كبار السن نتيجة قلة الحركة وانعدام الحياة الاجتماعية منها الاكتئاب ومشاكل المفاصل وأحيانا ضعف الذاكرة مما يشكل كرة ثلج في حياة المسن تتطلب تحسين جودة الحياة من خلال ممارسة الرياضة وجودة الغذاء ومراعاة محيط الإنسان للجوانب النفسية بدون ترسيخها لدى المسن. وما ينطبق على المسن ينطبق على الفئات السنية الأخرى بدرجة تأثير اقل.

وإذا كان المفتاح السحري ربما لحل مشكلة الأمراض المزمنة هو (الوعي والتثقيف لدى الأفراد والمجتمع) إلا أن هذا الوعي يحتاج لتضافر الجهود من جميع الجهات والسؤال الذي يطرح نفسه من الذي يجب أن يبادر ويعلق الجرس وكيف يتم تسريع عملية الوعي والتثقيف المجتمعي وتطبيقه؟

  • آثار الأمراض المزمنة وعلاقتها بارتفاع تكلفة الرعاية الصحية.

تعد مشكلة الأمراض المزمنة مصدر قلق في جميع انحاء العالم، لما تسببه من اعتلال في الصحة العامة (29). ويؤثر المرض بطرق مختلفة ومتنوعة على الفرد والمجتمع (30).

وقد تحسَّنت الصحة العامة على مستوى العالم بفضل التقدم المذهل في مكافحة جميع أنواع الأمراض بما فيها الأمراض المزمنة. وبفضل من الله ثم للتقدم الطبي أصبح الناس يعيشون عمرًا أطول في شتى أرجاء العالم.

لكن تشير دراسات تناولت التغيرات في متوسط العمر المتوقع مع استمرار التمتع بالصحة، أن متوسط العمر المتوقع مع تمتع الشخص بالصحة لم يزد بنفس القدر، ومن المتوقع أن الناس سيعيشون عمرًا أطول، لكنهم سيعانون من الأمراض المزمنة وأنواع من العجز.

والأمراض المزمنة بلا شك تشكل عبئاً كبيرًا على الدولة وعلى المرضى وعائلاتهم في نفس الوقت، بسبب عدم وجود علاج شاف، ويقتصر ذلك على التحكم بالمرض لمنع المضاعفات.

وفيما يتعلق بآثار الأمراض المزمنة على ارتفاع تكاليف الرعاية الصحية؛ فقد صدرت دراسة بحثية مستفيضة حديثة قبل بضعة أشهر حول الاثر الاقتصادي للأمراض المزمنة مع التركيز على التقييم الاقتصادي لبرامج التدخل والوقاية من الأمراض غير المعدية ومكافحتها في دول مجلس التعاون الخليجي في ذات سياق الاثر الثالث لآثار الأمراض المزمنة وهو الاثر الاقتصادي الذي اشارت له الورقة الرئيسة والمتمثل في ارتفاع التكاليف على النظام الصحي والسكان. ومن أبرز النتائج التي كشفت عنها: (31).

  • الوقاية من الأمراض غير المعدية ومكافحتها من أكبر التحديات للصحة العامة لمعظم البلدان في العالم، بما في ذلك دول مجلس التعاون الخليجي.
  • تشكل الأمراض غير المعدية تحدياً صحياً خطيراً وعبئًا اقتصاديًا كبيرًا على النظام الصحي والاقتصاد.
  • تهدف الدراسة إلى تقدير العبء الاقتصادي الإجمالي للأمراض المزمنة غير المعدية في دول مجلس التعاون الخليجي، ولتحديد تكلفة توسيع نطاق مجموعة التدخلات التي أوصت بها منظمة الصحة العالمية للوقاية من الأمراض غير المعدية ومكافحتها في كل بلد وتحديد العائد على الاستثمار RCOI من هذه التدخلات على مدى 15 عاماً.
  • تم تضمين أربع حزم من السياسات والتدخلات السريرية في التحليل: حزمة مكافحة التدخين والتوعية بالنشاط البدني وتخفيض الملح ومكافحة التدخين والتدخلات السريرية على مستوى الرعاية الأولية لفحص الأمراض القلبية الوعائية والسكري وعلاجها.
  • حددت الدراسة الإطار الزمني لتنفيذ هذه التدخلات بخمسة عشر عاماً
  • تم استخدام أداة منظمة الصحة العالمية OneHealth لتقييم الفوائد الصحية لتنفيذ السياسات والتدخلات السريرية وتوسيع نطاقها من خلال نمذجة عدد حالات المرض التي تم تجنبها والأرواح التي تم إنقاذها، وسنوات الحياة الصحية المكتسبة على مدى 15 عامًا قيد الدراسة. تم احتساب التكاليف المباشرة وغير المباشرة والعوائد على الاستثمار من هذه التدخلات والفاقد وفق منهجية علمية ومقاربة حددتها منظمة الصحة العالمية.
  • من شأن تنفيذ حزم التدخل على المستوى الموصى به أن يتم تجنب أكثر من مائتين وتسعين ألف حالة وفاة مبكرة ويضيف ما يقرب من مليوني سنة حياة صحية إلى السكان في دول مجلس التعاون الخليجي على مدى السنوات الخمس عشرة القادمة.
  • سيؤدي تنفيذ هذه السياسات والتدخلات أيضًا إلى منع أكثر من 266000 حالة سكتة دماغية وأكثر من 207000 حالة من حالات الإصابة بأمراض القلب الإقفارية على مدار الخمسة عشر عامًا القادمة.
  • يتراوح عدد الأرواح التي تم إنقاذها بين 13479 في البحرين و191713 في المملكة العربية السعودية [بفضل الله: المترجم].
  • توفي ما يقرب من 43000 شخص بسبب الأمراض غير المعدية الرئيسية الأربعة (السرطان والسكري والأمراض القلبية الوعائية والأمراض التنفسية المزمنة) في دول مجلس التعاون الخليجي الست عام 2019، وهو ما يمثل حوالي 46 ٪ من جميع الوفيات في المنطقة.
  • بلغت تكلفة هذه الأمراض غير المعدية الأربعة على اقتصاد دول مجلس التعاون الخليجي ما يقرب من 50 مليار دولار أمريكي، أي ما يعادل 3٪ من الناتج المحلي الإجمالي لدول مجلس التعاون الخليجي لعام 2019.
  • تم تقدير الفوائد الاجتماعية الناتجة عن سنوات الحياة الصحية المكتسبة على مدى 15 عامًا بمبلغ 19.5 مليار دولار أمريكي. تؤدي إضافة القيمة الاجتماعية إلى الناتج الاقتصادي المسترد إلى فوائد اقتصادية قدرها 68.5 مليار دولار أمريكي على مدى 15 عامًا (ما يعادل 1200 دولار أمريكي للفرد على مدى 15 عامًا، أو 80 دولارًا أمريكيًا للفرد سنويًا).
  • أظهرت مقارنة التكاليف والفوائد أنه، في المتوسط ​​، كان للتدخلات عائد استثمار على مدى 15 عامًا كان أكبر من 4.9 دولارًا أمريكيًا لكل دولار أمريكي يتم استثماره الآن (عائد الاستثمار = 493٪).
  • يبلغ متوسط ​​العبء الاقتصادي الناجم عن التكاليف المباشرة في كل دولة كحصة من الناتج المحلي الإجمالي نحو 1.8٪ وفق أرقام عام 2019.
  • يؤكد العبء الكبير للأمراض غير المعدية الحاجة إلى معالجة شاملة لعوامل الخطر الرئيسية التي تسهم في الإصابة بالأمراض غير المعدية.
  • تؤكد الدراسة أهمية التدخلات التي أوصت بها منظمة الصحة العالمية وأنها فعالة للغاية من حيث التكلفة في تقليل عبء الأمراض غير المعدية.
  • أوصت الدراسة باتخاذ إجراءات لتوسيع نطاق التدخلات الفعالة وتعزيز الإجراءات الحكومية الداعمة، ودفع أجندة المسارات التنظيمية والتشريعية للأمراض غير المعدية قُدماً، وبناء قاعدة الأدلة، وتطوير مساعي حشد التأييد لدى المعنيين بالأمراض المعدية، وزيادة التعاون الإقليمي وتبادل البيانات لإنشاء أفضل الممارسات ورصد التأثير.
  • تغيير نمط الحياة ودور الأسرة في التحول للغذاء الصحي.

يعد أسلوب الحياة والعادات الصحية التي يمارسها الأفراد، كالعادات الغذائية والنشاط الرياضي والنوم من أقوى المتغيرات التي تؤثر في صحتهم (32). وتأتي أهمية الممارسات الصحية بوصفها أمر ذو أهمية كبيرة لصحة الإنسان وخلو جسمه من الأمراض والضعف البدني الذي يعوقه عن الإنجاز بكفاءة وفاعلية (33).

وقبل الحديث عن المرض والصحة يفترض أن نتحدث عن نظامنا الغذائي وعاداتنا في الأكل. مثلا نحن نتناول كميات كبيرة من الارز والخبز الابيض واللحوم الحمراء مع ما في ذلك من ضرر، يضاف إلى ذلك اننا نتناول الاطعمة السريعة كما يلاحظ إقبال الاطفال والشبان عليها بشراهة مع صعوبة تغيير هذه العادة عندهم مهما توفر الطعام الصحي من إعداد المنزل. الاعلانات عن الاطعمة السريعة قوية ومتعاقبة وفي جميع وسائل الإعلام والتواصل الاجتماعي ويصعب الحد منها لكون المسألة تجارية.

كما أن الاوقات التي نتناول فيها الوجبات غير صحيحة في الغالب؛ فالبعض يهملون وجبة الافطار أو يكتفون بوجبة خفيفة رغم أهمية هذه الوجبة خاصة لمن يعملون. يترتب على اهمال وجبة الافطار تناول وجبة غداء كبيرة للتعويض مما يدفع للنوم بعد الغداء عدة ساعات أحياناً وذلك على حساب ساعات الليل ما يدفع للسهر ليلاً إلى ساعات متأخرة. ايضاً فالكثير منا يتناولون وجبة العشاء في وقت متأخر (بعد التاسعة) وهذا شائع في حين يفترض تناول هذه الوجبة قبل ذلك بكثير ليتسنى هضمها قبل الخلود للنوم.

يلاحظ مثلاً أن العمالة الوافدة الذين يبدأون العمل بعد صلاة الفجر يتناولون وجباتهم في اوقات مناسبة؛ فالإفطار يكون في السابعة أو الثامنة صباحاً، وفي الواحدة ظهراً يتناولون الغداء، وقبل الثامنة مساء يتناولون العشاء ثم نجدهم أصحاء ولا يشتكون من الأمراض، بسبب انتظام وقت الوجبات، وبسبب عملهم البدني الشاق.

وقد نلاحظ ما يشبه ذلك في بيوتنا مع الخدم والسائقين ولاسيما انهم ينامون مبكراً ويأخذون كفايتهم من النوم وهذه مسألة مهمة ترتبط بالصحة الجيدة.

والخلاصة أن المرض قد يرتبط بالعادات الاجتماعية والغذائية قبل أن يكون مسألة بيولوجية أو فسيولوجية وبالتالي يلزمنا تغيير الكثير من عاداتنا، ومن ذلك تقاعسنا عن ممارسة الرياضة إما لعدم تخصيص وقت لذلك، أو لغياب المرافق الرياضية وانتشارها الذي يجعل البعض يحجمون عن ممارستها. لا يوجد على سبيل المثال مسابح حكومية وحتى تجارية لمن لديهم هواية السباحة والمتاح هو فقط مسابح الفنادق التي تتقاضى مبالغ كبيرة لاستخدام مسابحهم أو مسابح الاستراحات التي تفتقر للنظافة والشروط الصحية.

ولابد أن نعترف إننا كعائلات بحاجة إلى تغيير نمط الحياة والغذاء الصحي والتعامل مع صحتنا بطرق حديثة يتحمل فيها كل فرد مسؤولية صحته وصحة عائلته، ورفع مستوى الوعي بالمشكلة، لمكافحة أزمة السمنة المتصاعدة في مجتمعاتنا.

والاستجابة المنسقة أمرٌ بالغ الأهمية، ويجب أن تتجاوز قطاع الصحة، من خلال المشاركة في الحوارات متعددة القطاعات، والالتزام الدؤوب بالعمل معًا لتقليل عبء السمنة، بتعزيز التثقيف الصحي بالوقاية من الأمراض الناتجة من السمنة، ونشر المبادئ التوجيهية الغذائية، والسياسات التي تركز على تحسين البيئات مثل المدارس وأماكن العمل، بالتركيز على إحلال المطاعم الصحية بدلًا من مطاعم الوجبات السريعة، والتشجيع على مزاولة بعض التمارين خلال وقت الدوام الرسمي.

ووفق بعض الآراء، فإنه بدلًا من المبالغ الطائلة التي يتم صرفها لعمليات التكميم وغيرها لإنقاص الوزن وتخفيف حالات السمنة لدينا (والتي مع الأسف من الممكن أن يعود الشخص لوزنه السابق في حال عدم المحافظة، لذا من المهم أن تتم معالجته سلوكيًا وليس جراحيًا فقط) وعلاج الأمراض المصاحبة لها، يمكن توجيه مسارها لمجال الاستثمار في توفير وجبات الغذاء الصحي وإنشاء نوادي رياضية (حتى لو مبسطة كتوفير بعض الأجهزة الحارقة للدهون في المكاتب وأفنية المدارس)، في كل جهات العمل والمدارس والجامعات  والأحياء السكنية بشرط أن تكون أسعارها في متناول الجميع.

ومن جانب الأسرة، على الأم المساهمة في توفير طبخات صحية يومية قليلة السعرات الحرارية، وعلى الأب أن يحرص على متابعة صحة الأبناء وتقنين استخدم تطبيقات التوصيل وتوجيههم للغذاء الصحي. مع عدم إغفال أهمية أن يقوم كلا الوالدين بتثقيف أبناءهم بأهمية مزاولة التمارين الصحية وممارستها سويًا كعائلة ..وهذه كلها ليست سوى بعض من العديد من التدخلات التي ينبغي أن توقف الانتشار الواسع للسمنة.

فالمؤكد أن أنماط الحياة الحديثة لمجتمعنا وأنماط التغذية غير الصحية وأنماط الحركة هي اهم مسببات أكثر الأمراض المزمنة شيوعاً في مجتمعنا ولا يمكن أن تنفع الحلول العلاجية بدون توفيق الله أولاً ثم تحسين أنماط الحياة تلك.

  • ‏ السمنة بوصفها تحدياً مقلقاً للنظام الصحي.

السمنة هي أحد التحديات المقلقة في نظامنا الصحي والغذائي لاسيما سمنة الاطفال اذ تشكل سمنة الاطفال في المملكة أحد اعلى المستويات العالمية ولا تزال التغذية ونمط الحياة الرتيبة والتعلق بألعاب الفيديو والجوال. وتساهم في زيادة معدلات السمنة، لا سيما سمنة الاطفال اضحت أحد الجوانب الصحية التي تأثرت بجائحة كورونا.

ووفق مقال مترجم عن الايكونومست قبل نحو سنة فان الأطفال الذين يعانون من السمنة المفرطة سوف يتجاوز عدد الأطفال الذين يعانون من نقص الوزن لأول مرة، ويعيش العديد من الأطفال الذين يعانون من زيادة الوزن في آسيا وأفريقيا. لذلك فان أحد أكثر آثار الاغلاق وتقييد حركة السكان بسبب جائحة كورونا هو ارتفاع معدلات السمنة لدى الأطفال التي تسارعت في العديد من البلدان أثناء الوباء حيث جلس الأطفال في المنزل لفترة أطول أمام شاشات التلفزيون والاجهزة اللوحية والالعاب الالكترونية. وبالرغم من دراسة عالمية نُشرت في لانسيت عام 2017 كانت قد توقعت أنه إذا استمرت الاتجاهات التي شوهدت في ذلك الوقت فإن السمنة لدى الأطفال والمراهقين الذين تتراوح أعمارهم بين 5 و19 عامًا نسبة الذين يعانون من نقص الوزن ستتجاوز بحلول عام 2022 لأول مرة.  ومع الأثر الذي تركته الاغلاقات وقيود الحركة بسبب جائحة كورونا يبدو الآن أن هذا التوقع يتحقق. وتتوقع الدراسة رؤية المزيد من البلدان تحاول جاهدة تغيير البيئات “المسببة للسمنة” التي يعيش فيها الأطفال. ترى الدراسة أن صانعي السياسات سوف يفرضون المزيد من الضرائب على المشروبات المحلاة والوجبات الخفيفة، ويجددون برامج التمارين والتغذية المدرسية، ويبدأون في علاج السمنة على أنها مرض (وهي كذلك وفقًا لمنظمة الصحة العالمية) وليس فشلًا شخصيًا (34).

وبالنظر لخطورة السمنة وعلاقتها بالعديد من الأمراض الفتاكة التي انتشرت في عصرنا الحالي؛ لذا قد يكون لرياض الأطفال ومدارس الطفولة المبكرة الدور الأكبر في تحسين صحة الاطفال ومعالجة السمنة ومكافحتها، إن تم استغلال الفترة التي يقضيها الأطفال فيها بالشكل السليم من حيث التغذية الصحية وممارسة النشاط البدني إضافة إلى التوعية الصحية التي تشمل الطفل والأسرة.

ويستمر هذا الدور في المدارس الابتدائية من خلال تعليم الطلبة وتثقيفهم صحياً. اذ يمكن دمج التغذية السليمة والنشاط البدني في مختلف الموضوعات والمناهج الدراسية المقدمة خلال الفصل الدراسي، مع التركيز على تدريس المهارات التي تساعد في اكتساب عادات صحية، والمحافظة على نمط حياة صحي. ووضع برامج خاصة لحصص التربية الرياضية، والتي يراعى فيها احتياجات الطلاب وملائمتها لقدراتهم واهتماماتهم.

ويأتي دور المدرسة المتوسطة والثانوية بتركيز أكبر على توعية الطلاب بأخطار التدخين وتوفير الأخصائيين الاجتماعيين.

كما يجب أن توفر الصحة المدرسية العلاج الكامل لمن أدمن التدخين من الطلاب في المراحل الثانوية والجامعية، من خلال برنامج علاجي متكامل لهذا الطالب حتى يتخلص تمامًا من إدمان هذه الآفة.

ويجب التركيز في كل مرحلة دراسية على الظاهرة الأكثر انتشارا فيها أو التي تتلاءم معها.

ومن المجدي كذلك تفعيل المدارس والجامعات تطبيقات مراقبة الوزن والسعرات الحرارية والسوائل المستهلكة وربطها بإنجاز الطلاب على الصعيد الشخصي فمثلا هناك درجات مخصصه للتطوع والخدمة المجتمعية ويمكن إدراج ١٠ درجات مثلا أو أكثر للصحة ويتم استخدام التطبيق لتتبع الوزن ومعدل استهلاك السعرات الحرارية ومن خلاله تحديد استحقاق الطالب لدرجات اضافية تحفزه للاستمرار بنظام صحي متوازن.

  • الأمراض المزمنة وجوده الحياة.

ان موضوع الأمراض المزمنة وجوده الحياة عملة ذو وجهين: الوجه الاول من منظور طبي والوجه الاخر من منظور تقني وكلاهم يصبان في هدف خدمة الفرد وتخفيف اضرار الأمراض، بالنظر للوجه التقني المتعلق بهذا الموضوع فإننا نحتاج لتفعيل الآتي:

  • شراكات محثيه مع اطباء ممارسين.
  • تعاون بحثي multidisciplinary لرفع كفاءة وجوده اداء هذه البرمجيات والتطبيقات.
  • تسهيل التجارب السريرية للتطبيقات بما فيها الموافقات ethical approval
  • تصنيف هذه التطبيقات إلى مجالها الرئيسي مثل تشخيص، جودة حياة، متابعة شخصية وهكذا.
  • عمل قواعد بيانات للمتخصصين طبيا وتقنيا لتسهيل التعاون البحثي المشترك.
  • حصر المخرجات العلمية من ابحاث وبرمجيات واختراعات.
  • تفعيل شراكات مع جهات داعمة للأبحاث.
  • مبادرة مؤسسة “هيفولوشن” الخيرية للارتقاء بصحة الإنسان.

تبرز هذه المبادرة بوصفها أحد المبادرات الخيرية التي انشاتها المملكة العربية السعودية مؤخرا والتي تهدف للارتقاء بصحة الإنسان والوقاية من الأمراض وعلاجها بهدف محدد وواضح وهو: إطالة متوسط العمر الصحي، واطلق على هذه المؤسسة اسم: (مؤسسة هيفولوشن الخيرية) برئاسة صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان، وتسعى هذه المؤسسة إلى تحقيق انجازات بحثية وطبية في عدة مجالات لدراسة صحة الإنسان وخاصة المرتبطة بالعمر والشيخوخة وتوجيه جهود الابحاث والانجازات الطبية في الفترة القادمة لرفع جودة الحياة من خلال فهم العوامل الحيوية خلال مراحل العمل المختلفة وخاصة لكبار السن. ومن أبرز أهداف مؤسسة هيفولوشن: (35)

  • زيادة عدد العلاجات الآمنة والفعالة التي تدخل السوق.
  • ضغط الجدول الزمني لتطوير الأدوية، باستخدام أحدث الأدوات والتقنيات.
  • زيادة إمكانية الوصول إلى العلاجات التي تطيل العمر الصحي.

ولا شك بأن تأسيس قيادتنا الرشيدة لهذه المنظومة له جميل الأثر على الصحة والاقتصاد في العالم وليس في الوطن فقط خصوصا بأن فئة الشباب في مجتمعنا في المرحلة الحالية تمثل تقريباً ٦٧٪؜ وخلال العشرين سنه القادمة سيصبحون هؤلاء من الكبار لذلك العناية بهم من جميع النواحي وبالخصوص في ما يتعلق بالتقنيات العلاجية والدوائية له الأثر البالغ في صحة الفرد وعمره الافتراضي وبالتالي ينعكس إيجابًا على الكثافة السكانية وتكاليف الرعاية الصحية ومعدلات الإعالة المقدمة لكبار السن.

  • آليات مقترحة للتعامل مع الأمراض المزمنة في المملكة.

لأن المستقبلُ يتنبأ لنا بمتغيرات تكنولوجية هائلة تطال جميع المجالات وخاصة الطبية منها. ويشجعنا ذلك على أن أهمية أن نعيد تغيير مفاهيمنا في كثيرٍ من الأمور، ومن ذلك؛ أن نعالج الأمراض لا أن نعالج الأعراض. لذا فمن الممكن النظر في إنشاء مرصد وطني للوقاية من هذه الأمراض، يعمل على التصدي للأمراض الأربعة الرئيسية: أمراض القلب والشرايين والسرطان وأمراض الجهاز التنفسي والسكري، ومراقبة تطوراتها ومكافحتها قبل الإصابة بها. ويفسح حيزًا كبيرا لمجابهة عوامل الخطورة الأساسية، وهي: قلة النشاط البدني والغذاء غير الصحي والتدخين، والسمنة. ويركز على إجراء الدراسات التي تبين في أي مناطق المملكة قد تزيد كثافة المصابين بمرض منها أكثر من البقية، مع دراسة المسببات والعمل على إيجاد سبل الوقاية والحلول الناجعة لذلك. ويركز على التواصل مع الجهات ذات العلاقة للتوعية المجتمعية، وإيجاد آلية من أجل إشراك المريض نفسه ليتحكم بمرضه المزمن بدلًا من ما جرت عليه العادة في أن يقتصر علاج المريض على مقدم الخدمة الصحية فقط.

وفي نفس الوقت أيضًا يعمل على إشراك جميع القطاعات ذات الصلة في نجاح هذه الخطة؛ لما لها من أهمية في مجابهة مثل هذه الأمراض.

ومن جهة أخرى ومع أن جهود وزارة الصحة الكبيرة ظاهرة للجميع وفي كافة المجالات ذات الاختصاص، وترمي نحو الدفع إلى تجويد الخدمات الصحية المُقدمة للمرضى، إلا أن مسألة تأخر المواعيد الطبية الممنوحة للمرضى – سواء مواعيد مقابلة الأطباء لأجل تشخيص حالة مرضية أو مواعيد الأشعة بأنواعها أو غيرها من الخدمات -، تتطلب التوقف عندها حيث تعتبر معالجتها أولوية.

فحسب معظم الدراسات، الأمراض المزمنة في ازدياد، وتمركز الخدمات الصحية المتقدمة في المدن الكبيرة خاصة الرياض قد يعظم من كثافة تحويل أصحاب هذه الحالات من كل المدن والمحافظات. وهو الأمر الذي قد يوصلنا للمفاضلة بين من له الأولوية في حق العلاج لهذه الأمراض: الصغار أم كبار السن؟

ومن ناحية أخرى وإشارة إلى قرار وزارة الشئون البلدية بالسماح بتقديم منتجات التبغ كالدخان والشيشة في المقاهي (الكفيهات) والمطاعم والفنادق، ودون الحديث عن التدخين وأضراره فكل مدخن يعلم حجم الأضرار والأمراض التي قد يسببها التدخين للصحة والجيب. ولكن بالتطرق إلى حق الأغلبية الصامتة التي كانت لديها إرادة قوية واتخذت قرار عدم التدخين، وحرصت على المحافظة على صحتها. فحسب الدراسات والبحوث التي أجريت في مجال أضرار التدخين هناك ما يعرف بالتدخين السلبي، فكل سيجارتين يدخنهما المدخن، يدخن الشخص غير المدخن الذي يجلس بقربه سيجارة واحدة من خلال استنشاق الدخان الصادر منه. لذا يجب حماية الأطفال والأشخاص غير المدخنين الذين يرتادون الأماكن العامة من استنشاق دخان الشيشة والسجائر المتطاير في الهواء، وهذا حق من حقوقهم الصحية. ومن ثم فالمقترح أن تخصص وزارة الشؤون البلدية والقروية والإسكان غرفة أو صالة خاصة بالمدخنين في المطاعم والمقاهي ويكون فيها مراوح شفط على غرار الغرف المخصصة للتدخين في المطارات، ويكون تجهيز هذه الغرف إما على صاحب المطعم أو المقهى وتخصم التكلفة من الرسوم أو توفرها البلديات من مبدأ المسئولية المجتمعية وذلك حرصا على حقوق غير المدخنين وحمايتهم، وتوفيراً على وزارة الصحة في علاج أعداد المدخنين المتوقع زيادتها بسبب التدخين السلبي.

واستناداً إلى ما ورد بالورقة الرئيسة من أن نسبة عدد الوفيات سنويًا في العالم بسبب الأمراض النفسية تفوق نسبة المتوفين جراء إصابتهم بالسرطان؛ فإن هذا يجعلنا ننظر لارتفاع نسبة التوعية المجتمعية لمرض السرطان لدينا مقارنة بالمرض النفسي رغم احتياجنا الكبير لذلك.

ويقودنا ذلك للتصدي لأهم التحديات وأبرزها، هي: النظرة المجتمعية للشخص الذي يُراجع طبيبًا نفسيًا، حتى تحول الأمر تدريجيًا إلى ((وصمة)) تعرقل طريق الباحثين عن العلاج. الأمر الذي يتسبب في تأخر نصف المصابين بمرض نفسي عن العلاج بسبب مخاوفهم من نظرة من حولهم وتغير معاملاتهم أو خسارة وظائفهم.

ولن يمكن مواجهة هذه الوصمة إلا بعدة أمور، منها: زيادة وعي المجتمع بالمرض النفسي ومسبباته وكيفية الوقاية منه، وزيادة وعي المريض وأسرته بطبيعة المرض النفسي والأعراض النفسية وتقبل المرض النفسي، بالإضافة إلى تقديم كل ما يحتاجه المريض النفسي من الدعم كمراكز التأهيل وأولوية الحصول على الخدمات العامة.

ونحتاج كذلك لزيادة أعداد الأطباء المتخصصين في الطب النفسي، وإيجاد عدد كافي من أسرة المستشفيات المخصصة للرعاية العلاجية في كافة المدن والمناطق الحضرية. ولا يفوتنا هنا التأكيد على أن المريض النفسي ليس كغيره من المرضى، وانتظار إيجاد سرير لعلاجه في أحد المستشفيات قد يكون خطيرًا جدًا ويعرض حياة المريض للخطر أو أفراد أسرته.

هذا إلى جانب أهمية مكافحة انتشار بعض العادات والممارسات المتوارثة التي تضر بصحة الإنسان النفسية. مما يؤكد ضرورة وضع آليات تعمل على تحقيق أفضل وضع للخدمات الصحية النفسية في المجتمع السعودي.

وسلطت بعض المداخلات الضوء على أحد جوانب التعامل مع الأمراض المزمنة، وهي ادوية العلاج الرئيسة للأمراض المزمنة، وضرورة توفرها بشكل مستمر. الامر الذي يحتم أن تكون هذه الادوية ضمن المواد التي تخزن، تخزينا استراتيجيا، مثلها مثل المواد الغذائية الرئيسة، ومياه الشرب، والوقود. وذلك لضمان توفر هذه الادوية للمحتاجين لها، حتى في حالات الحروب والطوارئ.

ومن المهم أن يتم الاستفادة من المثقفين الصحيين التابعين لوزارة الصحة؛ حيث أن الملاحظ أن الاستفادة من دورهم المجتمعي أقل من المتوقع ويجب دعمهم من قبل الوزارة وكذلك دور وزارة التعليم في تخريج كوادر متخصصة في التثقيف الصحي تواكب الاحتياج الغذائي والنشاط البدني لجميع فئات المجتمع.

ومن المهم كذلك فيما يخص مسألة الوقاية من الأمراض المزمنة وأساليب الحياة المضرة بالصحة أن نرجع ونستثمر في مرحلة الطفولة وعيش الطفل في بيئة محفزه خالية من التجارب السيئة لإنشاء جيل جديد متزن وواعي في عواطفه وخياراته واسلوب حياته وبذلك نقضي على أسباب الأمراض المزمنة وأساليب الحياة المضرة.

وتجدر الإشارة في هذا الإطار إلى أن الدولة حفظها الله سنت الكثير من القوانين التي تكفل حماية الطفل من الإيذاء ولكن إلى جانب ذلك لازالت هناك حاجة لتوعية المجتمع بالاحتياجات النفسية للطفل وعلاقتها بنمط حياته المستقبلي وفرص الإصابة بالأمراض المزمنة.

وبالنظر إلى أن الأمراض المزمنة موضوع مهم وحساس جدا موجود في كل بيت في مجتمعنا تقريبا ولا يقتصر أثرة على المريض فقط حيث انه بالغالب مرتبط بمحيط المريض واسرته ولضمان جودة حياه الفرد والأسرة وبالنظر إلى الأمراض النفسية على سبيل المثال، فمن الممكن تصنيف الاحتياج حسب المرحلة الزمنية للمرض وتطوره:

  • أولًا قبل الإصابة: من خلال الوقاية من الأمراض المزمنة المتعلقة بسلوكيات الفرد السيئة، واهمها ملاحظة مؤشرات الخطر مثل الضغوط النفسية والحرق الوظيفي والتوعية للمجتمع بها.
  • ثانيا بداية المرض: التصدي المبكر للأمراض ومحاولة التخفيف من اضرارها لعدم تفاقمها والوصول إلى مرحلة الانتحار على سبيل المثال.
  • ثالثا: المراحل المتقدمة للمرض: وتتضمن المتابعة المستمرة للمرضى وهذه المتابعة قد لا تحتاج أن تتم داخلة أروقة المستشفيات لأسباب عدة، منها التكلفة والسعة الاستيعابية والجهد المترتب على الطرفين سواء طبيب أو مريض.
  • أخيراً: بعد الوفاة حال حدوثها: توجد حاجة لمتابعة الأسرة وملاحظة بوادر وإمكانية حصولها وراثيا للأسرة ومن هنا تحدث الدائرة الزمنية من جديد.

ومن ناحية أخرى فإن الاكتشاف المبكر للأمراض المزمنة يساعد على تفادي وتأخير حدوث المرض، كما يسهم اكتشاف المرض في البدء بالعلاج، وبالتالي تأخير أو حدوث المضاعفات؛ ونظرًا لكون معظم المواطنين ليس لديهم تأمين صحي باستثناء الجهات العسكرية ومنسوبي القطاع الخاص. لذا معظمهم يلجأ لوحدات الرعاية الصحية الأولية وهنا قد تكمن بعض المشاكل.

لأنه علينا الاعتراف بأننا بحاجة كبيرة للاهتمام بشكل أكبر بخدمات الرعاية الصحية الأولية  (سواء من ناحية المباني أو الخدمات المقدمة والكادر الطبي) ؛ فما لازال من المتعارف عليه ، أن أي طبيب يعمل في مجال الصحة الأولية هذا يعني أنه ليس لديه واسطة ليعمل في المستشفيات الكبرى ، أو سيصبح كالمدفون وظيفيًا ؛ لذلك نرى معظم من يعمل بهذه المراكز (إما طبيب مواطن أو طبيب وافد) ، فاقد للشغف ويقوم بعمله بطريقة روتينية، قد تجعله غافلًا عن اكتشاف بعض الأمراض في مرحلة مبكرة أو لا يقوم بدوره في تثقيف المراجعين بنوعية هذه الأمراض وكيفية الوقاية منها ، أو القيام على سبيل المثال ، بإبلاغ الوزارة بأمراض تكررت بشكل مثير للتساؤل وفي أعمار صغيرة في منطقة معينة ..!

لذا من المهم كخطوة أولى للسيطرة على الأمراض غير المعدية والحد من عبئها، هي: إدراج سبل الوقاية منها في سياسات التنمية من خلال تقوية السياسات وتنمية القدرات، ودعم الجهود لوضع آليات فعالة للوقاية تشمل تقوية أنظمة الرصد في وحدات الرعاية الأولية لتوفير المعلومات المهمة لوضع التدخلات المناسبة قبل فوات الأوان، وتجديد معارف العاملين الصحيين في مؤسسات الرعاية الصحية الأولية في مجال الأمراض المزمنة ومناقشة ما يستجد في هذا المجال.

  • التوصيات
  • رفع الأولوية الممنوحة للوقاية من الأمراض المزمنة ومكافحتها ضمن أهداف التنمية المستدامة الوطنية. وإدراج سبل الوقاية منها في سياسات التنمية من خلال تقوية السياسات وتنمية القدرات وتوسيع نطاقها وضمان دمجها في الرعاية الصحية الأولية والتغطية الصحية الشاملة.
  • الجمع بين الجهات الفاعلة والشركاء الوطنيين والدوليين لتبادل المعرفة والأفكار مع الجهات ذات العلاقة من القطاعين العام والخاص، والأكاديميين وعالم الأعمال، وخبراء الصحة الدوليين حول ما قد يتطلبه الأمر لمساعدة ذوي الدخل المنخفض والمتوسط بشأن تثقيفهم ووقايتهم وعلاجهم من الأمراض المزمنة.
  • الاهتمام بشكل أكبر بخدمات الرعاية الصحية الأولية في المملكة لتوفير رعاية متكاملة وذات تكاليف معقولة بالقرب من التجمعات السكنية. وإنشاء قاعدة بيانات في كل وحدات الرعاية الأولية لتوفير المعلومات المهمة لوضع التدخلات المناسبة قبل فوات الأوان، مع أهمية العمل على تجديد معارف العاملين الصحيين في مؤسسات الرعاية الصحية الأولية في مجال الأمراض المزمنة ومناقشة ما يستجد في هذا المجال.
  • تشجيع وضع برامج إعلامية مكثفه للحث على ممارسه الرياضة بكافة أشكالها ووضع جوائز في النوادي الرياضية في أحياء المدن ووضع هدف صحي للموظفين يكون أحد مؤشرات الترقية.
  • توفير عدد كافي من المدربين الصحيين ودعمهم وتفعيل دورهم كمساندين لتقديم الخدمات الصحية بالمنظومة الصحية إلى جانب إيجاد أدوات قياس أثر تفعيل المبادرة على المستفيدين لضمان وصول الخدمات بالشكل المرجو.
  • من المهم كذلك إجراء دراسات مسحية لمراقبة معدل انتشار التدخين وتحديد الفئات العمرية الأكثر تأثرا وانجذابا للتدخين وسن قوانين وإجراءات تساهم في الحد منه.
  • ضرورة نشر الوعي الغذائي السليم المتوازن، وكذلك تغيير أنماط الحياة اليومية الداعية إلى الخمول والكسل.
  • بذل أكبر قدر ممكن من الاهتمام بشريحة كبار السن سواء في مجال التغذية أو الكشف الدوري على سلامة القلب أو الأوعية الدموية، والتوعية بأهمية ممارسة قدر جيد من الرياضة الخفيفة، مع الابتعاد عن مسببات التوتر والضغط النفسي.
  • الحرص على استخدام تقنيات حديثة مثل الساعة الإلكترونية التي تقيس المؤشرات الحيوية وربطها بالجهة الطبية التي يتبع لها المريض.
  • على وزاره الصحة بذل جهود تثقيفية مضاعفة بالتعاون مع الإعلام من أجل العمل على تغيير العادات غير السليمة للوصول لهدف مجتمع صحي؛ ما يقلل من التكلفة العلاجية بشكل كبير.
  • تعزيز نظام الصحة السكانية ليشمل إدماج السكان وإثراء تجربتهم لتطوير أنماط الحياة الصحية المعززة للصحة العامة والنفسية والرياضة والتغذية السليمة ومقاومة مسببات الأمراض المزمنة.
  • تكثيف توعية الناشئة بالغذاء الصحي، وضرورة ابتعادهم بقدر المستطاع عن الأطعمة السريعة التي تسبب السمنة وأمراض أخرى.
  • العناية بالمرافق الرياضية في الأحياء، وزيادة عددها لتشجيع الجميع على ممارسة الرياضة كالمشي وقيادة الدراجات والسباحة.
  • البدء بتطبيق مبادرة المطبخ المدرسي.
  • استحداث الجامعات تخصصات مثقف أو مدرب صحي ملم بجوانب صحة الفرد الغذائية والنشاط البدني المناسب لجميع فئات المجتمع بمختلف الأعمار والمشاكل الصحية ودعمهم وتمكينهم للعمل بشكل فعال ضمن هذا النطاق.
  • المصادر والمراجع
  • Walker, E. R., McGee, R. E., & Druss, B. G. (2015). Mortality in mental disorders and global disease burden implications: a systematic review and meta-analysis. JAMA psychiatry, 72(4), 334-341
  • Alqahtani, J. S. (2022). Prevalence, incidence, morbidity and mortality rates of COPD in Saudi Arabia: Trends in burden of COPD from 1990 to 2019. Plos one, 17(5), e0268772.‏
  • MACROTREND https://www.macrotrends.net/countries/SAU/saudi-arabia/smoking-rate-statistics
  • Scordo, K. A., Richmond, M. M., & Munro, N. (2021). Post–COVID-19 syndrome: theoretical basis, identification, and management. AACN Advanced Critical Care, 32(2), 188-194.
  • Pierce, J. D., Shen, Q., Cintron, S. A., & Hiebert, J. B. (2022). Post-COVID-19 syndrome. Nursing Research, 71(2), 164-174.
  • National Institute for Health Research. Themed review: living with covid19. 2020. https://evidence.nihr.ac.uk/themedreview/living-with-covid19
  • Nkporbu, A. K. (2020). Impact of Chronic Medical and Neuropsychiatric Illnesses on Quality of Life and Life Expectancy among Patients at the University of Port Harcourt Teaching Hospital (UPTH). In Aging-Life Span and Life Expectancy. IntechOpen.
  • Mariotto AB, Enewold L, Zhao J, Zeruto CA, Yabroff KR. Medical care costs associated with cancer survivorship in the United States. Cancer Epidemiol Biomarkers Prev. 2020;29:1304–1312.
  • American Diabetes Association. Economic Costs of Diabetes in the U.S. in 2017. Diabetes Care2018;41(5):917-928. PubMed abstract.
  • Tara o’neill hayes, serena gillian (2020) chronic disease in the united states: a worsening health and economic crisis https://www.americanactionforum.org/research/chronic-disease-in-the-united-states-a-worsening-health-and-economic-crisis/#ixzz7gwCZ1hNs

 

  • Robert, A. A., Al Saeed, A., & Al Dawish, M. A. (2021). COVID-19 among people with diabetes mellitus in Saudi Arabia: Current situation and new perspectives. Diabetes & Metabolic Syndrome: Clinical Research & Reviews, 15(5), 102231.
  • https://www.moh.gov.sa/HealthAwareness/EducationalContent/wh/Breast-Cancer/Pages/default.aspx
  • https://saudigazette.com.sa/article/532152/Life/Health/Preventing-flare-up-incidence-in-people-with-COPD-is-critical-to-survival
  • World Bank. 2020. DataBank—Health Nutrition and Population Statistics (database). Washington, DC: World Bank. https://databank.worldbank.org/source/health -nutrition-and-population-statistics.
  • iHme (institute for Health metrics and evaluation). 2020. GBD Compare/Viz Hub (database). Seattle, WA: university of Washington. https://vizhub.healthdata.org/gbd-compare.
  • Rakic, S., Albalawi, S., Alsukait, R., & Alqunaibet, A. (2021). Prevalence and Risk Factors of NCDs in Saudi Arabia.
  • ScienceDaily 2019: https://www.sciencedaily.com/releases/2019/06/190625102434.htm
  • Kapadia, C. R., Nebesio, T. D., Myers, S. E., Willi, S., Miller, B. S., Allen, D. B., & Jacobson-Dickman, E. (2016). Endocrine effects of inhaled corticosteroids in children. JAMA pediatrics, 170(2), 163-170.
  • Alqunaibet, A., Herbst, C. H., El-Saharty, S., & Algwizani, A. (Eds.). (2021). Noncommunicable Diseases in Saudi Arabia: Toward Effective Interventions for Prevention. World Bank Publications.
  • Abdulaziz Al Dawish, M., Alwin Robert, A., Braham, R., Abdallah Al Hayek, A., Al Saeed, A., Ahmed Ahmed, R., & Sulaiman Al Sabaan, F. (2016). Diabetes mellitus in Saudi Arabia: a review of the recent literature. Current diabetes reviews, 12(4), 359-368.
  • Balbaid, E. A., Alarnaouti, M. M., Abousada, H. J., Albloshi, S. A., AlAhmar, S. A., Almohammadi, S. S., Alzahrani, H. M., AlAbdali, A. Z., AlHarbi, A. A., Asiri, A. A., Bukhari, M. A., Aljohani, Z. S., Sabrah, G. A., Alshaalan, M. M. and Yousef, M. K. (2021) “Autoimmune Disease and Chronic Illness in KSA (Cross Sectional Study)”, Journal of Pharmaceutical Research International, 33(60A), pp. 527-532.
  • https://innovations.kaimrc.med.sa/en/feature/646/the-mental-health-landscape-in-saudi-arabia
  • Rajab, A. M., Rajab, T. M., Basha, A. C., Al-Khani, A. M., Ali, M. A., Enabi, S., … & Saquib, N. (2021). Gender Differences in Sleep and Mental Health among Saudi Adolescents. Sleep disorders, 2021.‏
  • General Authority Statistics https://www.stats.gov.sa/sites/default/files/household_health_survey_2017_1.pdf
  • https://www.bcbsprogresshealth.com/data/the-cost-of-chronic-conditions
  • Qin, Y., Wang, X., & Namkoong, K. (2022). A meta-analysis of the overall effect of mHealth physical activity interventions for weight loss and the moderating effect of behavioral change theories, techniques, and mobile technologies. Mobile Media & Communication, 10(2), 337-359.
  • Jiang, J., & Cameron, A. F. (2020). IT-Enabled Self-Monitoring for Chronic Disease Self-Management: An Interdisciplinary Review. MIS quarterly, 44(1).
  • https://www.who.int/news-room/fact-sheets/detail/noncommunicable-diseases
  • محمد، ياسين أحمد حسن. (2022). برنامج تدريبي للطالبة المعلمة لتوظيف وسائط التثقيف للحد من مخاطر الأمراض المزمنة. مجلة الطفولة والتربية، مج 14، ع 49، 95-190.
  • قاسمى، وفاء، وبلخيري، سليمة محمد. (2019). الشيخوخة وعلاقتها بالأمراض المزمنة في الجزائر. مجلة العلوم الإنسانية، مج 6، ع 1، 294 – 311 .
  • خليفة المشرف وآخرون: الاستثمار في الوقاية من الأمراض غير المعدية ومكافحتها في دول مجلس التعاون الخليجي الست: التقييم الاقتصادي. ترجمة بتصرف محدود لمقدمة وخلاصة دراسة نُشرت في مجلة بي ام جي جلوبال هيلث في 11 يونيو 2022م https://undefined/pages/homepage، ترجمة وإعادة صياغة للمقدمة والخلاصة مع تصرف محدود: م عبدالله بن إبراهيم الرخيص.
  • الرياحنة، غاندي محمود محمد، والرياحنة، صلاح الدين محمود. (2019). فاعلية برنامج إرشادي جمعي لتنمية السلوك الصحي لدى الطلبة المصابين بالأمراض المزمنة. مجلة المنارة للبحوث والدراسات، مج 25، ع 3، 561-605.
  • شيباني، ليلى، والزروق، فاطمة الزهراء. (2021). الوعي الصحي ودوره في إدراك خطورة السمنة لدى الراشد. مجلة العلوم الإنسانية، مج 8، ع 2، 634-647.
  • سلافيا تشانكوفا: سمنة الأطفال: بعد آخر للأثر الصحي للجائحة، مقال ضمن تقرير الإيكونوميست العالم 2022، ترجمة مع تصرف محدود: م عبدالله بن إبراهيم الرخيص.
  • الموقع الرسمي لمؤسسة هيفولوشن الخيرية: https://hevolution.com/about
  • المشاركون.
  • الورقة الرئيسة: د. سكينة الشيخ
  • التعقيب الأول: د. أماني البريكان
  • التعقيب الثاني: د. تغريد الغيث
  • التعقيب الثالث: د. فهد اليحيا
  • إدارة الحوار: د. ماجد الغريبي
  • المشاركون بالحوار والمناقشة:
  • د. عبير برهمين
  • أ. ماهر الشويعر
  • أ. فائزة العجروش
  • د. خالد المنصور
  • م. عبدالله الرخيص
  • د. خالد الرديعان
  • د. صدقة فاضل
  • د. عبدالرحمن العريني
  • د. فوزية البكر
  • د. مساعد المحيا
  • د. حميد الشايجي
  • معالي د. عبدالإله الصالح
  • أ. عبدالرحمن باسلم
  • أ.د عبدالعزيز العثمان
  • د. صالحة آل شويل
  • أ. علاء براده
  • أ. مها عقيل
  • أ.د. مها المنيف