يعد نظام المعاملات المدنية السعودي من أهم التشريعات التي صدرت حديثاً في المملكة، حيث يمثل الإطار القانوني العام لتنظيم جميع التعاملات والمعاملات بين الأفراد، وسيحقق تطبيقه نقلة نوعية في تاريخ القضاء السعودي، حيث سيسهل على القضاة عملية الرجوع إلى الأحكام، بعد أن كانت متفرقة في كتب الفقه المختلفة.
جاء ذلك في تقرير صدر حديثا عن ملتقى أسبار تحت عنوان: “نظام المعاملات المدنية السعودي جوهر القوانين السعودية الحديثة”، قدم تحليلا معمقا لدور نظام المعاملات المدنية الحديث في تحقيق العدالة ودعم عملية الإصلاح القضائي الجارية في المملكة العربية السعودية.
ويؤكد التقرير أن نظام المعاملات يمثل نقلة كبرى منتظرة ضمن منظومة التشريعات المتخصصة وقد رُوعِيَ في إعداده الاستفادة من أحدث الاتجاهات القانونية وأفضل الممارسات القضائية الدولية في ضوء أحكام الشريعة الإسلامية ومقاصدها، وأتى منسجماً مع التزامات المملكة الدولية في ضوء الاتفاقيات التي صدقت عليها، بما يحقق مواكبة مستجدات الحياة المعاصرة.
وأشار التقرير أن النظام تضمن 721 مادة غطت مجمل التعاملات المدنية المتصورة بين الناس، ويشتمل نظام المعاملات المدنية على أحكام تحدد جميع ما يتعلق بالعقود مثل: أركان العقد، وحجيته، وآثاره بين المتعاقدين والأحكام المتعلقة ببطلانه وفسخه وأحكام الفعل الضار وقواعد التعويض عنه، وتطرقت نصوصه النظامية كذلك إلى جميع صور الملكية وأحكامها وكذلك تقرير مبادئ التعويض عن الضرر المادي والمعنوي.
ووفقا للتقرير فقد صدر النظام في إطار تطوير البيئة التشريعية في المملكة، ضمن مجموعة من الأنظمة الهدف منها الإسهام في زيادة التنبؤ بالأحكام القضائية، ورفع مستوى الشفافية، إلى جانب تعزيز استقرار الأحكام القضائية، وزيادة الثقة في البيئة الاستثمارية في المملكة. ويعد النظام حاكما على جميع المعاملات المدنية، ما لم يوجد نظام خاص ينظم معاملات خاصة.
وخلص تقرير ملتقى أسبار إلى مجموعة من التوصيات منها ضرورة تعزيز الثقافة القانونية لدى أطراف العملية القضائية مثل القضاة والمحامين ورفع مستوى الوعي القانوني لدى المجتمع بشكل عام. وضرورة التدريب والتأهيل للقضاة والمحامين وغيرهم لضمان فهم جيد للنظام وتطبيقه بشكل صحيح.
كما تشير التوصيات إلى ضرورة العمل على تفعيل النظام من خلال إصدار اللوائح والقرارات التنفيذية ذات الصلة وتطوير التدريبات والبرامج التعليمية لمختلف العاملين في المجال القانوني.
وتضمنت التوصيات أهمية توجيه مراكز البحوث لعمل دراسات تضمن تفعيل مستهدفات النظام وتحقق الأهداف المخطط لها من سّن وإصدار نظام المعاملات المدنية، وحثّ الجامعات على تحديث خططها الدراسية لتتوافق مع الأنظمة العدليّة الجديدة وتخصيص مقررات لتلك الأنظمة، واختيار موضوعات الرسائل الجامعية المتخصصة في شرح موضوعات النظام ومواده، إضافة إلى ضرورة تأصيل مبادئ للتعويض المادي والمعنوي وتقديره واحتسابه والبحث والتدريب في مجاله.
شارك في التقرير نخبة من الخبراء والمختصين ضمن قضية ملتقى أسبار، أعد فيها د. محمد المقصودي الورقة الرئيسة، وعقب عليها كلاً من أ. إبراهيم المحيميد، د. نجلاء الحقيل، وأدار الحوار حولها د. موضي الزهراني.
للاطلاع على التقرير وتحميله: