جهود مركز أسبار العلمية في مواجهة تداعيات جائحة كورونا

 د. فهد العرابي الحارثي 

ورقة مقدمة الى منتدى دراسات الذي عقد مؤخراً في البحرين بتاريخ 24 نوفمبر 2020

 بصفته أحد المراكز الفكرية والبحثية، فقد أولى مركز أسبار للبحوث والدراسات والمبادرات التابعة له؛ اهتماماً كبيراً لمناقشة القضايا والمستجدات الراهنة؛ المحلية والخليجية والعربية والعالمية؛ ومنها أزمة جائحة كورونا التي عصفت بمختلف دول العالم، وفرضت وجودها على السّاحة البشريّة منذ بداية العام، ولا تزال حتى اليوم تشكّل تحدّيًا كبيرا في كافة مناحي الحياة السياسية والاقتصادية والأمنية والاجتماعية، وبات التخلّص منها هاجسًا يقضّ مضاجع الجميع، لاسيما أنّ سبل الخلاص والنجاة منها لم تتّضح معالمها بعد.

إن من الأهداف التي خطّها مركز أسبار لنفسه منذ إنشائه في العام 1994م؛ تقديم الحلول العلمية والعملية للمشكلات والقضايا القائمة ودعم مجتمع المعرفة، وانطلاقا من ذلك واضطلاعا بمسؤوليته الأخلاقية والأدبية نظم (سواء من خلال ملتقى أسبار، أو من خلال منتدى أسبار الدولي)، العديد من الفعاليات والنشاطات التي تساهم في دعم الجهود الوطنية لمواجهة تداعيات جائحة كورونا، كما أصدر عددا من التقارير والمقالات العلمية التي تستعرض الممارسات المثلى والدروس المستفادة من تلك الجائحة وفق أسس بحثية وعلمية منضبطة، تتضمن رصدا تحليليا نقديا لراهن العالم واستشرافا لمستقبله، من خلال تسليط الضوء على عوامل وآثار وتداعيات هذا الوباء، باعتباره أزمة عالمية لها وقع جذري ومؤثر على  كافة الأنشطة التجارية والاقتصادية والاجتماعية والنفسية التي تمس الأفراد والمؤسسات، سواء في المملكة أو في العالم.

ففيما يتعلق بمنتدى أسبار الدولي، وهو إحدى مبادرات مركز أسبار، فقد قدم جهودا معتبرة في بحث وتحليل عوامل وتبعات فيروس كورونا، إذ نفذ المنتدى عدد 9 ويبنارات (Webinar) حول آثار وتداعيات كوفيد-19، تحدث فيها 44 خبيرا ومختصا مـن داخـل المملكـة وعلى مستوى العالم،كما شاركت فيها جهات علمية معتبرة منها على سبيل المثال: منظمة اليونسكو، وجامعة الملك عبد الله للعلوم والتقنية (كاوست) وغيرهما.

فقد عقد الويبنار الأول بعنوان: “التعليم بعد أزمة كورونا: الفرص والتحديات”، وتم خلاله استعراض تداعيات وتأثيرات تفشي فيروس كورونا على العملية التعليمية، والتدابير والحلول التي اتخذتها الحكومات لضمان استمراريتها. وشاركت في هذا الويبنار  MS. Stefania Giannini مساعدة المدير العام لليونسكو لشؤون التعليم، ود. معز معشوق مساعد المدير العام لليونسكو لشؤون الاتصالات والمعلومات، فيما أداره الدكتور محمد بن عطية الحارثي، أستاذ التعليم الإلكتروني والتعليم عن بُعد بكلية التربية في جامعة الملك سعود.

فيما عقد الويبنار الثاني بعنوان: “المبادرات والإجراءات في مواجهة كورونا لقطاع المنشآت الصغيرة والمتوسطة”، وتم خلاله تسليط الضوء على المبادرات والإجراءات التي اتخذتها المملكة لدعم المنشآت الصغيرة والمتوسطة، لضمان استمرارية الأعمال في هذا القطاع الحيوي. وشارك في هذا الويبنار كل من أ. همام عبد العزيز هاشم المدير العام لبرنامج كفالة تمويل المنشآت الصغيرة والمتوسطة، وأ/ محمد المالكي نائب محافظ الهيئة العامة للمنشآت الصغيرة والمتوسطة (منشآت)، وأ/ محمد أبو النجا نائب الرئيس التنفيذي لمصرفية الشركات، وأ/ بدر السويلم المدير التنفيذي لشركة أوركس، فيما أداره أدار الندوة أ/ نبيل المبارك الرئيس التنفيذي السابق للشركة السعودية للمعلومات الائتمانية.

فيما عقد الويبنار الثالث بعنوان “هكذا يجتاز السعوديون محنتهم في الخارج”، وتم خلاله عرض تجارب عدد من السعوديين والسعوديات في اجتياز محنتهم في الخارج بسبب أزمة كورونا، وشارك في هذا الويبنار كل من د. خالد الرديعان وأ. أسماء العبودي من الولايات المتحدة الأمريكية، ومن كندا الكاتبة والطبيبة د. هناء حجازي، ومن المملكة المتحدة (بريطانيا) الإعلامي أ.عبد العزيز العيد و أ. فواز الحربي، فيما  أداره د.فهد العرابي الحارثي رئيس مجلس إدارة منتدى أسبار الدولي.

بينما عقد الويبنار الرابع بعنوان “الخدمات والمواطنون: التقنية في مواجهة كورونا”، وتم خلاله تسليط الضوء على فاعلية الخدمات الإلكترونية والحلول التقنية في مواجهة كورونا. وشارك في هذا الويبنار كل من م. وليد بن سعود الرشود وكيل وزارة العدل للتخطيط والتطوير، إضافة إلى خبير الأمن السيبراني الدكتور محمد المشيقح، والعقيد ناجي القحطاني مدير الإدارة العامة لتقنية المعلومات بوزارة الداخلية، و م. عبد العزيز الشمسان المشرف العام التنفيذي لتجربة العميل والتحول الرقمي بوزارة الموارد البشرية، ود. هشام بن عباس كبير الاستشاريين في وزارة الاتصالات وتقنية المعلومات، فيما أداره د. حامد بن ضافي الشراري عضو مجلس الشورى السابق ونائب رئيس مجلس إدارة الجمعية التعاونية للتحول الرقمي (رقمن) وأستاذ الهندسة الكهربائية المشارك والمشرف على إدارة الشراكات والتعاون الدولي في الجامعة السعودية الإلكترونية.

في حين عقد الويبنار الخامس بعنوان “كيف سيكون العالم بعد كورونا؟”، وتم خلاله استعراض التأثيرات والانعكاسات طويلة المدى لفيروس كورونا على العالم، وشارك في هذا الويبنار كل من  DR. Mani Sarathy المختص في الهندسة الكيميائية والحيوية والمدير المشارك لمعهد الاحتراق النظيف في جامعة الملك عبد الله للعلوم والتقنية، و DR. Carlos Santamarina الأستاذ في موارد الطاقة وهندسة البترول في جامعة الملك عبد الله للعلوم والتقنية، و DR. David Keys أستاذ الرياضيات التطبيقية وعلوم الحاسب الآلي في جامعة الملك عبد الله للعلوم والتقنية، فيما أدارته د. نادية كريم من مكتب رعاية الأبحاث في جامعة الملك عبد الله للعلوم والتقنية.

بينما جاء الويبنار السادس بعنوان: “الاستعداد والاستجابة: رؤى عالمية بشأن كوفيد-19″، وتم خلاله التطرق إلى السيناريوهات الصحية العالمية المحتملة للفيروس وتاريخه وطبيعته وأبعاده الإنسانية والصحية وسبل تعزيز البحث العلمي، وشارك في هذا الويبنار كل من أ. د. حنان بلخي مساعدة مدير عام الصحة العالمية لشؤون مقاومة الضمادات الحيوية، ود. عدنان نوار خستاوي خبير الأوبئة والفيروسات في منظمة الصحة العالمية، إضافة إلى Neupane DR .Bhanu أخصائي برنامج قطاع الاتصالات والمعلومات في اليونسكو، فيما أداره د. نزيه العثماني- أستاذ مشارك، الهندسة الكهربائية الطبية بجامعة الملك عبدالعزيز، نائب الأمين العام لمؤسسة الملك عبدالعزيز ورجاله للمواهب والإبداع.

أما الويبنار السابع فقد تحت عنوان: “التأثيرات الاجتماعية لجائحة كوفيد-19″، وتم خلاله تسليط الضوء على تأثير كورونا على مستقبل العلاقات داخل العائلة الواحدة وفي المجتمع وكيف ستصبح العلاقات بين الشعوب بعد كورونا، وشارك في هذا الويبنار كل من د. زياد الدريس، متخصص في سوسيولوجيا الثقافة، ود. الجازي الشبيكي، متخصصة في الخدمة الاجتماعية بكلية الآداب بجامعة الملك سعود، ود. حميد الشايجي، نائب رئيس جمعية التوعية والتأهيل الاجتماعي (واعي)، وأ. د. مجيدة الناجم، أستاذ الخدمة الاجتماعية جامعة الملك سعود، فيما أداره د. محمد الملحم رئيس الأبحاث في مركز إثراء بشركة أرامكو.

وجاء الويبنار الثامن تحت عنوان: “النظام العالمي والعلاقات الدولية بعد كوفيد-19″، وتم خلاله التطرق إلى تأثير كورونا على النظام العالمي والعلاقات الدولية، إضافة إلى مؤشرات هذه التحولات الدولية وانعكاساتها على منطقة الخليج والشرق الأوسط، وشارك في هذا الويبنار كل من د. عبد العزيز بن صقر، رئيس مركز الخليج للأبحاث، وAbah Weld DR. Abdullah  أستاذ الفلسفة والدراسات بجامعة نواكشوط الموريتانية، ود. ظافر العجمي، المدير التنفيذي لمجموعة مراقبة الخليج، وباحث في قضايا أمن الخليج العربي، ود. محمد أنيس سالم، منسق مجموعة عمل الأمم المتحدة والمنظمات الإقليمية بالمجلس المصري للشؤون الخارجية، فيما أداره د. فهد العرابي الحارثي، رئيس مجلس إدارة منتدى أسبار الدولي.

في حين جاء الويبنار التاسع بعنوان: “تمكين المدن.. التصميم والتخطيط الحضري في مواجهة الأزمات”، وتم خلاله تسليط الضوء على المشاكل التي برزت في فترة كورونا فيما يخص السكن العام والخاص، وتخطيط المدن ورفاهية العيش، وشارك في هذا الويبنار كل د. علي العزاوي، مستشار تجربة المدينة الذكية دبي الذكية، أستاذ مساعد بجامعة دبي، وم. علي محمد الشهري، الرئيس التنفيذي شركة المزيني العقارية، وم. وائل ملا، المشرف على مراكز الابداع البلدي، استشاري ادارة مشاريع بوزارة الشؤون البلدية والقروية وأ. د. مشاري بن عبد الله النعيم، أستاذ تاريخ ونظريات ونقد العمارة بجامعة الإمام عبد الرحمن بن فيصل، فيما أداره د. سعيد العمودي، دكتوراه في المدن الإبداعية، أستاذ مساعد بقسم الإعلام بالجامعة الإسلامية.

وفي هذا السياق أصدر المنتدى (18) تقريراً باللغتين العربية والإنجليزية، تناولت بالتفصيل نتائج هذه الويبنارات، وقد تم توزيعها مجاناً على أكثر من 1000 مركز بحثي في العالم وعلى جميع الجامعات العربية وعدد كبير من الجامعات الأجنبية.

واستمرارا لجهوده في المساهمة في تقديم وإيجاد حلول علمية وعملية لآثار تلك الجائحة، التي تتسارع في كثير من الاتجاهات، فإن منتدى أسبار الدولي في دورته الخامسة (مستقبل المستقبل)، التي أقيمت خلال الفترة من 2-4 نوفمبر الشهر الجاري، خصص عددا من فعالياته لمناقشة هذه الأزمة واستشراف مستقبل العالم حيالها، وذلك بمشاركة نخبة من أهل الخبرة والاختصاص محليا ودوليا، تعرضوا بالبحث عن الحلول وكيفية التعامل مع الجائحة، سواء على المدى القريب أو المتوسط أو البعيد.

ومن أبرز فعاليات المنتدى التي تعرضت لكورونا بشكل مباشر جلسة بعنوان “الطاولة المستديرة: إدارة الأزمات.. تجارب وممارسات فعّالة”، وتم خلالها استعراض عدد من المحاور منها: “دور غرفة العمليات الإعلامية في مواجهة تحديات أزمة فيروس كورونا”، و”كيف يمكن للمدن أن تواجه تلك الجائحة” و”دور الجامعات والمراكز البحثية في إدارة الأزمات”، إضافة إلى “تكييف هيكل إدارة الأزمات مع الحوادث واسعة النطاق وطويلة الأجل”، وأيضا “إدارة الازمات تجارب ودروس مستفادة في صنع التغيير”.

وشارك في الجلسة كل من: د. عبد الله بن أحمد المغلوث وكيل الوزارة للتواصل والمتحدث الرسمي باسم وزارة الإعلام، ود. عبد القادر أمير عميد كلية الهندسة بجامعة الأعمال والتكنولوجيا، وأ. د. محمد غازي إبراهيم أستاذ ورئيس قسم التأمين وإدارة المخاطر بكلية إدارة الأعمال بجامعة الأعمال والتكنولوجيا، وأ. جاسر بن عبد الكريم الجاسر مدير عام الإدارة العامة للحوكمة والمخاطر والالتزام بوزارة المالية، وMr. Erik Talley مدير الصحة والسلامة والبيئة بجامعة الملك عبد الله للعلوم والتقنية، فيما أدارها معالي د. عبد العزيز الخضيري رئيس مجلس إدارة دار أثان للدراسات الإنسانية والاستشرافية والاستراتيجية.

كما عقدت جلسة بعنوان “مساهمة أسبار في مجموعة T20” التابعة لقمة العشرين التي عقدت في الرياض خلال الفترة من 21 و22 نوفمبر 2020م، وشارك في هذه الجلسة فريق من أسبار في أعمال المجموعة المذكورة بمجموعة من الأوراق أبرزها: تطوير الوثيقة العالمية لحقوق الطفل بإضافة بروتوكول لحماية الطفل في العالم الافتراضي، والتعددية في زمن جائحة عالمية: الدروس المستفادة. فضلا عن ترؤس عضو بملتقى أسبار لفريق العمل الثامن في مجموعة  T20 المعني بالهيكل المالي العالمي.

وشارك في الجلسة كل من: أ. نبيل المبارك الرئيس التنفيذي لوكالة سمة للتصنيف الائتماني ود. هند الخليفة عضو مجلس هيئة حقوق الانسان أستاذ دكتور علم الاجتماع بجامعة الملك سعود وأ. مها عقيل مدير إدارة الشؤون الاجتماعية والأسرة – منظمة التعاون الإسلامي، ود. وفاء طيبة عضو مجلس الشورى (الدورة السادسة) وكيلة الشؤون الأكاديمية للدراسات الإنسانية (سابقا) ود. الجازي الشبيكي عميدة مركز الدراسات الإنسانية للبنات بجامعة الملك سعود سابقاً، فيما أدارها معالي د. رياض كمال نجم رئيس الهيئة العامة للإعلام المرئي والمسموع الأسبق.

كذلك عقدت جلسة بعنوان “إعادة تعريف التعليم”، ناقشت عدة محاور منها: التعليم الرقمي ضرورة وليس ترفيها، والتعليم خلال أزمة كورونا، ودور الجامعة في بناء القرن الحادي والعشرين المزدهر، وعمليات التقييم في نظام التعلم الإلكتروني، والتعليم البيئي، والتعليم عن بعد والنظم فائقة الذكاء. وشارك في تلك الجلسة كل من: أ. محمد بن سهيل المدني الرئيس التنفيذي لكلاسيرا الشرق الأوسط، ود. أمجد ربوعي مدير ادارة التعليم عن بعد بجامعة الأعمال والتكنولوجيا dr brien moor، وأ. مهند عبد الله دحلان المدير التنفيذي والمشرف العام بجامعة الاعمال والتكنولوجيا، فيما أدارها معالي د. حسام زمان رئيس هيئة تقويم التعليم والتدريب.

كما عقدت جلسة بعنوان “الصحة 2050 – صحة محورها الإنسان”، وركزت على تطبيقات المستقبل في الصحة وعصر البيانات الصحية الضخمة والتكنولوجيا الحيوية: الفرص والتحديات في الرعاية الصحية المستقبلية ودور الذكاء الاصطناعي في تحسين جودة الحياة والرعاية الصحية والصحة في المستقبل.

وشارك في الجلسة كل من: د. نزيه العثماني الأستاذ المشارك بقسم الهندسة الكهربائية وهندسة الحاسبات بجامعة الملك عبد العزيز وProf. Stefan Arold (البيانات الضخمة والصحة) (كاوست)، ود. عبد القادر المعين، مستشار الذكاء الاصطناعي ورئيس قطاع الصحة المركز الوطني للذكاء الاصطناعي، ود. عمر العبيد، أكاديمي واستشاري جراحات السمنة والمناظير وجراحة القولون والمستقيم، فيما أدارتها د. مها المنيف المدير التنفيذي لبرنامج الأمان الأسري ورئيس قسم رعاية الطفل في مستشفى الملك عبد الله التخصصي للأطفال.

كذلك عقدت جلسة بعنوان “نحو عالم خال من الأوبئة الأمن الصحي العالمي: التنسيق لاستجابة عالمية لمواجهة كورونا”، استعرضت عددا من المحاور منها: “الأوبئة: لقد تعلمنا دروسنا حتى الآن”، ودور الفرد والمجتمع في تحقيق عالم خال من الأوبئة والعلم هو رسالة عالمية “كوفيد 19 كمثال”.

وشارك في الجلسة كل من: معالي مندوب المملكة الدائم لدى الأمم المتحدة في نيويورك السفير عبدالله المعلمي وProfessor Arnab Pain – KAUST الأستاذ المشارك بجامعة كاوست وأ. د. لبنى الأنصاري عضو مجلس الشورى السابق مساعد المدير العام لمنظمة الصحة العالمية ود. صالح بن زيد المحسن أستاذ طب الأطفال واستشاري الحساسية والمناعة في جامعة الملك سعود، فيما أدارها د. عبد العزيز المالك نائب رئيس مدينة الملك عبد العزيز للعلوم والتقنية لدعم البحث العلمي.

وقد سعى المنتدى خلال هذه الدورة إلى الخروج بحزمة من التوصيات والأفكار والمخرجات التي نتطلع لأن تساعد صناع القرار في الوقوف على التحولات المتسارعة، التي يشهدها العالم جراء هذا الوباء، واستشراف الآفاق المستقبلية للعديد من القطاعات الحيوية الأكثر تأثيراً بحياة الإنسان، ومنها مستقبل التعليم، والعمل، والصحة، والمياه والطاقة، والتقنيات الرقمية، والدراسات المستقبلية ومواجهة الأوبئة، وإدارة الأزمات.

وتتوافر الأوراق العلمية المتعلقة بهذا الموضوع في السجل العلمي للمنتدى، كما أن الجلسات والويبينارات متاحة على الموقع الإلكتروني، ليفيد منها الباحثون والمهتمون في الداخل والخارج، ونحن على يقين بأن النتائج والتوصيات والأفكار التي طرحت في المنتدى هي محل تقدير الجهات ذات العلاقة.

وبموازاة جهود منتدى أسبار الدولي، فقد تصدى ملتقى أسبار، وهو إحدى مبادرات مركز أسبار أيضا، بالمناقشة والتحليل لجائحة كورونا بأبعادها المتنوعة وتداعياتها وتأثيراتها الاقتصادية والاجتماعية والسياسية في المجتمع السعودي وذلك بمشاركة 100 عضو من النخب السعودية الفكرية المثقفة المهتمة بالشأن العام.

وفي هذا السياق، أصدر “ملتقى أسبار” تقريرا مطولا باللغتين العربية والإنجليزية بعنوان (السعودية وتداعيات جائحة كورونا)، استعرض خلاله خلاصة نقاشات الملتقى حول فيروس كورونا، والتي عقدت بمشاركة عدد من الخبراء والمختصين والأكاديميين، سلطوا الضوء على انعكاسات الجائحة على المجتمع السعودي، ورصدوا تأثيراتها وتداعياتها، وما اتخذ من إجراءات وتدابير للتكيف معها، وخرجوا بتوصيات عملية يمكن أن تسهم في المعالجة الفعالة لأي أزمات طارئة حال حدوثها في المستقبل.

واشتمل التقرير على ملخص تنفيذي وتسعة محاور، استعرض المحور الأول “فيروس كورونا كمهدد صحي وكل ما يتعلق به من حقائق علمية”، جنباً إلى جنب مع جهود القطاع الصحي السعودي والإجراءات الاحترازية في مواجهة تحديات الجائحة. أما المحور الثاني فركز على الأثر الاقتصادي للجائحة الذي امتد ليشمل الشركات الكبيرة، والمنشآت الصغيرة والمتوسطة.

فيما تناول المحور الثالث التعليم عن بعد في ظل الجائحة، ودور الحلول التقنية وشبكة الاتصالات القوية في تجاوز الأزمة، في حين تناول المحور الرابع العمل عن بعد في ظل الجائحة وفيه تم تسليط الضوء على واقع وتحديات تحول المملكة للعمل عن بعد، وتأثيراته المتوقعة على الدولة والمجتمع.

بينما سلط المحور الخامس الضوء على المسؤولية الوطنية أثناء الأزمة، في حين تناول المحور السادس الأسرة والتحديات التي تواجهها في ظل جائحة كورونا والدور المتوقع من الدولة والمؤسسات المجتمعية لدعمها وحمايتها من تداعياتها. أما المحور السابع فتناول الصحة النفسية في ظل أزمة كورونا وفيه تم التطرق إلى آثار الجائحة على الصحة النفسية.

فيما اهتم المحور الثامن بقضية البيروقراطية؛ باعتبارها قد تقف في بعض الأجهزة الحكومية عائقاً أمام السرعة والمرونة المطلوبة لتنفيذ المبادرات والقرارات، في حين عرض المحور التاسع لقضية حقوق الإنسان ومواقف وجهود السعودية خلال أزمة كورونا.

كما خصص ملتقى أسبار قسما ضمن تقريره الشهري الـ 68 لشهر أكتوبر 2020م للحديث عن أزمة كورونا جاء تحت عنوان (ماذا لو استمرت كورونا عاما آخر؟) بمشاركة نُخبة متميزة من مفكري المملكة في مختلف المجالات الذين طرحوا العديد من التساؤلات حول ماذا لو استمرت جائحة كورونا عامًا آخر؟ ما الاستعدادات لمواجهة الوباء طبيًّا، والتبعات الاقتصادية إذا ما اضطررنا لتفعيل سياسة الحجر أو الحد من الحركة مثل موضوع الحد من التنقل بين المدن والدول، كما هو حاصل في حالة النقل الدولي؟ هل ممكن أن ينغلق العالم على نفسه مُجدَّدًا؟ وقد بدأت بعض الدول مثل بريطانيا وأستراليا وويلز وأيرلندا فعلًا في حجر كامل أو جزئي.

وفي الأخير تبقى الحاجةُ ملحة لتنسيقِ الجهودِ الرسميةِ مع مثيلتها الشعبية والتعاون فيما بينها وتبادلِ الرؤى لمواجهةِ تداعياتِ تلك الجائحةِ سواءً من خلالِ دعمِ عمليةِ صناعةِ القرارِ أو نشرِ الوعيِ بالمُستجداتِ الجارية، سعياً إلى تعزيزِ التبادلِ المعرفي، وبناءِ القُدرات، فضلاً عن التنبؤ واستشراف ملامحِ المرحلةِ المُقبلة باقتراحِ وتقديم العديد من الأفكار العلمية المثلى التي نأمل أن تؤخذ في عين الاعتبار مستقبلا، تمهيدا لترجمتها وتطبيقها قريبا على أرض الواقع.