اللقاء الثقافي الشهري السادس لملتقى أسبار
الأمير عبدالله بن مساعد
الرئيس العام لرعاية الشباب
في إطار اللقاءات الدورية لملتقى أسبار، استضاف مركز أسبار للدراسات والبحوث والإعلام بمدينة الرياض بتاريخ الاثنين 7 مارس 2016 م صاحب السمو الملكي الأمير عبدالله بن مساعد بن عبدالعزيز آل سعود، الرئيس العام لرعاية الشباب، وبمشاركة نخبة من أعضاء الملتقى وبعض الشخصيات الثقافية والإعلامية. وأدار اللقاء أ.د. عبدالرحمن العناد.
مداخلة الضيف:
أشار سمو الأمير عبدالله بن مساعد بن عبدالعزيز ، الرئيس العام لرعاية الشباب إلى أن تصوره عند بداية تكليفه بالرئاسة العامة لرعاية الشباب كان يتعلق بالحاجة إلى أن يكون دور الرئاسة هو دور المراقب مع العمل على إصلاح اللجنة الأوليمبية؛ فعلى سبيل المثال كان ترتيب المملكة في دورة الألعاب الآسيوية المركز التاسع عشر، وهو ترتيب غير مرض خاصة وأن هناك دول أخرى تنفق بمعدلات أقل من المملكة ومع هذا فترتيبها كان أفضل، فكان أول موضوع تم التركيز عليه هو العمل على أن تحتل المملكة المرتبة الثالثة في دورة الألعاب الآسيوية خلال ثمان سنوات، وهو مشروع طموح وتحدي صعب لاسيما في ظل وجود دول قوية أخرى كالصين وكوريا واليابان، ومع هذا يتم العمل بكل جد واجتهاد من أجل تحقيق هذا الهدف.
وبالنسبة لكرة القدم أوضح الأمير أنه كان من الضروري التعرف على المشكلات الموجودة، والقضاء على كثير من الهدر القائم، مع وضع برامج واضحة، وإتاحة الفرصة لمشاركة شباب سعودي متميز ومتحمس وذي كفاءة عالية. أيضاً فإن المشروع الرئيس في هذا المجال يتعلق بالتخصيص ويتم العمل عليه حاليا، بجانب بعض الأمور الأخرى الضرورية لاسيما ما يتعلق بإصلاح نظام اتحاد كرة القدم، والاهتمام بالشباب والناشئين.
وفيما يخص المنشآت، أشار سمو الرئيس إلى صدور القرار بإنشاء عدد (11) استاداً رياضياً تطلب دراسة مستفيضة ووجدنا أنه ربما لا تكون هناك حاجة لإنشاء هذا العدد، و أن يكون البديل هو إصلاح بعض المنشآت الموجودة، كما أن المنشآت الرياضية في المملكة ربما لا تستغل على مدار العام سوى بنسبة لا تتعدى 7%، وبالتالي فقد وجد أنه من الأفضل دراسة وضع المنشآت الموجودة بالفعل لدى الرئاسة العامة لرعاية الشباب وغيرها من منشآت أخرى بالدولة لدى جهات متعددة. وبالتالي تم تقديم مشروع بديل لإصلاح كافة المنشآت الموجودة في المملكة بتكلفة في حدود (4) مليار ريال تضاف على الميزانية الفعلية للرئاسة في حين كانت تكلفة إنشاء عدد (11) استاداً رياضياً جديداً هي حوالي (23) مليار ريال وهذا مبلغ كبير في ظل انخفاض أسعار البترول؛ وسنعمل على أن تكون هذه المنشآت الرياضية جاذبة ومهيأة لأن يقضى الجمهور فيها أوقاتاً ممتعة ومفيدة.
وفي الإطار ذاته الأمير عبدالله ، أن رعاية الشباب تحظى باهتمام ورعاية الملك سلمان حفظه الله ومن قبله الملك عبدالله رحمه الله وكذلك من جانب الأمير محمد بن نايف والأمير محمد بن سلمان، ومن ثم فقد كانت الخطوة الأولى التي وجدها مهمة هي التعرف على الإمكانيات الموجودة بالرئاسة العامة لرعاية الشباب، من ناحية الموظفين الموجودين، وكذلك الموارد المتاحة لتنفيذ الأهداف المطلوبة لاسيما مع تزايد أعداد الشباب السعودي المطلوب رعايتهم والاهتمام بهم، وكذلك بلورة دور الرئاسة العامة تجاه الشباب؛ وقد تم تحديدا في هذا الصدد عقد مجموعة من ورش العمل والدراسات واعتمادا على استطلاع آراء عينات ممثلة، من أجل الوقوف على طبيعة الدور المفترض المتناعم واحتياجات الشباب الواقعية.
وفي ضوء الدراسات وورش العمل، تم تقسيم قضايا الشباب السعودي إلى أربعة أقسام رئيسة:
- القسم الأول: ويشمل كل ما يتعلق بالرياضة بشقيها: الرياضة التنافسية والتي لها تأثير كبير على المجتمع، وكذلك ما يتعلق بممارسة الرياضة من قبل المجتمع نفسه، وهو دور أصيل لرعاية الشباب.
- القسم الثاني: ويشمل كل ما يتعلق بالهوايات، حيث تهتم الرئاسة العامة بهوايات الشباب وكيفية ممارستهم لها والطرق المثلى لذلك.
- القسم الثالث: ويضم القضايا المتعلقة بالمخدرات والتطرف.. الخ، وتحتاج هذه القضايا إلى تعاون الرئاسة العامة لرعاية الشباب مع جهات حكومية أخرى.
- القسم الرابع: قضايا السكن والوظيفية، وهي قضايا لا يوجد للرئاسة العامة لرعاية الشباب دور فيها فهي مسؤولية جهات أخرى.
وبصفة عامة، تهتم الرئاسة العامة لرعاية الشباب بمسألة استغلال التأثير المجتمعي للرياضة والدور الذي يمكن أن تلعبه النماذج الناجحة في المجال الرياضي لصالح المجتمع، كما أن من المهم التوعية بأهمية ممارسة المجتمع ذاته للرياضة، فوفقا لما كشفته إحدى الدراسات فإن ما نسبته 13% فقط من الشعب السعودي هم من يمارسون الرياضة لمدة 20 دقيقة أو أكثر في الأسبوع بينما متوسط ممارسة الرياضة في دولة كتركيا 35%، وفي إيران 32%، بينما تبلغ في أستراليا نحو 80%، وفي إنجلتراً تشير الدراسات أن كل 1% ممارسة للنشاط البدني من جانب الشعب البريطاني يوفر ما يوازي ألف مليون باوند تقريباً من فاتورة الصحة ، لاسيما فيما يخص أمراض السكر والضغط، إضافة للإيجابيات المتعلقة باستغلال وقت الفراغ، والابتعاد بالشباب عن الجريمة والتطرف، ومن ثم فإن ممارسة المجتمع للرياضة يبقى قضية مهمة جدا يتم وضعها في الاعتبار.
وأشار الأمير عبدالله بن مساعد، إلى أن الرئاسة العامة لرعاية الشباب وقعت عقدا مع واحدة من الدور الإستشارية الكبرى في العالم لاستعراض تطوير رعاية الشباب وستشرك في إعداد الإستشارة (الخطة) خبراء محليين على دراية بخصوصية أوضاع الشباب في المجتمع السعودي.
المداخلات والنقاشات:
أشار أ. عقل الباهلي إلى أهمية عامل الوقت في الاهتمام بقضايا الشباب في الوقت الراهن، خاصة في ظل تنامي الوعي وتزايد تأثير وسائل التواصل الاجتماعي. أما د. عبد الله بن صالح الحمود فأوضح أن جانباً كبيراً من اهتمام الرئاسة العامة لرعاية الشباب يتعلق بالرياضة وربما رياضة وحيدة وهي كرة القدم بالدرجة الأولى، أما الأمور الأخرى المتعلقة بالشباب فلا تزال تحتاج إلى بذل مجهودات إضافية. وتساءل كذلك: ما هي أوجه الشراكة الاقتصادية للرئاسة مع القطاع الخاص.
وأكدت د. الجازي الشبيكي على ضرورة إهتمام الرئاسة العامة لرعاية الشباب بالمرأة السعودية، وربما تكون هناك حاجة إلى قرار سياسي متدرج وبما يتزامن وتقديم توضيح كامل للمجتمع حول أهمية ممارسة المرأة للرياضة بوصفها عنصراً أساسياً في بناء الوطن، وبما لا يتعارض والشريعة الإسلامية أو يتعارض وخصوصية المجتمع السعودي.
في حين أوضح أ. عبدالله الضويحي أن هناك تحديين أساسيين أمام الرئاسة العامة لرعاية الشباب يتمثل الأول في أنه ورغم ابتعاد الرئاسة عن اتحاد كرة القدم منذ أربع سنوات من ناحية مسؤوليتها المادية أو الإدارية؛ إلا أن البعض لايزال يلقي باللائمة على رعاية الشباب من ناحية كونها تقدم مخصصات كبيرة لاتحاد كرة القدم، ولم تستطع الرئاسة أن تنفي هذه التهمة عنها. أما التحدي الثاني فيتمثل في أن الرئاسة العامة لرعاية الشباب تحتاج إلى خطاب إعلامي جديد نحو الشباب ونحو المجتمع ككل.
وتساءل م. خالد العثمان عن جهود الرئاسة العامة لرعاية الشباب فيما يتصل بمعالجة قضية التعصب الرياضي لدى الشباب، كما تساءل عن مدى إمكانية استغلال المنشآت الرياضية في أوجه النشاط المجتمعي المختلفة، كذلك وفيما يخص الهوايات والمواهب: لماذا لا يكون هناك برنامج لاستكشاف الموهوبين في كل المجالات: الرسم والشعر والأدب وغيرها، تحت إشراف الرئاسة وبالتعاون مع مؤسسة الملك عبدالله لتوسيع دائرة البحث عن الموهوبين في مجالات مختلفة.
بينما أشار أ. خالد الربيعان إلى أهمية إعطاء الشباب المتخصصين في مجال الاستثمار والتسويق الرياضي مساحة كافية ليبرزوا إبداعاتهم في مجال التخصيص الرياضي، كما أن هناك أهمية لإنشاء لجنة بمسمى لجنة الأفكار والتطوير وتضم العناصر الشابة؛ لإنتاج أفكار إبداعية خاصة بما يزيد من مداخيل الكرة السعودية وفي نفس الوقت تساعد على ذيوع اسم الكرة السعودية في العالم بجانب ما تتيحه من فرص لتوظيف الشباب.
ومن جانبه أوضح د. مساعد المحيا أنه لفت نظره الحديث حول توجه الرئاسة العامة لرعاية الشباب للتفريق بين بعض الألعاب المنافسة والألعاب الممارسة وكأن هناك توجه لإيقاف الدعم لمجموعة من هذه الألعاب المنافسة، وهو ما يخشى معه أن تصبح الأندية غير جاذبة للشباب باستثناء كرة القدم. والأمر الآخر ما دور الرئاسة فيما يخص الملاعب الرياضية التي أنشأتها البلديات وما يتعلق باستثمار هذه الأماكن وتفعيل الأنشطة الممارسة فيها. كذلك هل هناك توجه لتطوير الاهتمام بالرياضة المدرسية؟
وأكدت د. فوزية البكر على ضرورة وجود شراكة حقيقية بين الرئاسة العامة لرعاية الشباب ومؤسسات المجتمع لتغيير المفهوم التعليمي والاجتماعي لقضية الرياضة وكونها خاصة بكل فئات المجتمع وليست قاصرة على قطاعات بعينها.
وتطرق د. علي الحكمي إلى أن التخصيص يحتاج إلى تأهيل الإدارات الرياضية في كل المجالات، خاصة وأن قطاع الرياضة يستطيع أن يستوعب نسبة كبيرة من القوى العاملة في المملكة. ومن ناحية أخرى فإن من المهم الإشادة بتوجه الرئاسة العامة لرعاية الشباب فيما يخص غرس القيم الإيجابية وتعديل الاتجاهات السلبية لدى فئة الشباب، كذلك فمن المهم الاهتمام بالبناء الثقافي والجانب النفسي لدى اللاعب السعودي.
وتساءلت أ. حورية السبيعي حول إمكانية وجود مستشارة في الرئاسة العامة لرعاية الشباب تتولى قضية ممارسة المرأة للرياضة. وتساءلت أ. كوثر الأربش ما دور الرئاسة العامة لرعاية الشباب في فتح مراكز حكومية ترعي الفتيات وتشجعهن على ممارسة الرياضات المختلفة؟ بينما تساءل أ. عبدالله بن كدسة: لماذا لا تركز رعاية الشباب على كل ما به ترفيه من أجل الشاب والمواطن بصفة عامة؟
في حين أشار أ. مسفر الموسى إلى قضية رعاية الإبداع، وتساءل هل هناك إمكانية لإيجاد مشروع متكامل لرعاية الإبداع في المملكة. وأوضحت د. سلوى الخطيب أن موضوع الشباب سلاح ذو حدين فقد يكون وسيلة للبناء أو أداة للهدم، ومن ثم فمن المهم التركيز على تنمية وبناء الفكر والجانب الروحي جنباً إلى جنب مع الاهتمام بالرياضة البدنية، وكذلك العمل على تنمية قدرات الشباب بشكل مثمر.
التعقيبات حول المداخلات:
وفيما يتعلق بالاهتمام بالمرأة هناك تطور كبير للأفضل مع مرور الوقت، كما أن الرئاسة العامة لرعاية الشباب تهتم بهذه القضية بما يراعي خصوصية المملكة الدينية والاجتماعية. وأوضح أنه سيتم إنشاء قسم نسائي في الرئاسة العامة لرعاية الشباب وسوف تتولاه بالطبع امرأة.
وبالنسبة لقضية الشراكة مع القطاع الخاص، فتوجد بالفعل في إطار برنامج التحول الاقتصادي، مبادرة تتعلق بزيادة نسبة مشاركة المجتمع السعودي من 13% إلى 20%، ما يعني زيادة أعداد الممارسين الفعليين للرياضة نحو مليون مواطن ومواطنة سعوديين يمارسون الرياضة أكثر من 20 دقيقة بالأسبوع. أيضا هناك اتجاه لتخصص نحو 14 نادي في نشاط كرة القدم بالتعاون مع القطاع الخاص.
وفيما يخص تمويل الاتحادات فإن ميزانية اتحاد كرة القدم الحقيقية تقدر بنحو 180 مليون، موزعة بواقع 80 مليون في صورة إعانات مباشرة وغير مباشرة من الدولة و100 مليون من مصادر الاتحاد الخاص، بينما تتولى الدولة الإنفاق الكامل على اللجنة الأوليمبية.
وبالنسبة لقضية الإفادة من المنشآت الرياضية في أوجه النشاط المجتمعي المختلفة، فإن من المهم جعل هذه المنشآت جاذبة مع تجهيزها بالتجهيزات اللازمة على نحو ما يتم في الدول المتقدمة، وقد تقدمت الرئاسة العامة لرعاية الشباب للدولة بمشروع لإنشاء عدد (2) استاد رياضي جديد بدلا من (11) استاد مع رفع كفاءة المنشآت الموجودة وتعديل الاستادات الحالية، ومن ثم يمكن فتح هذه المنشآت للجميع.
وبشأن قضية التعصب الرياضي، أوضح صاحب السمو الملكي ضرورة الاتفاق على ماهية مفهوم التعصب، مع ملاحظة أن التعصب موجود في كل مكان بالعالم لكن المطلوب تجنب الآثار الضارة للتعصب.
وفيما يخص موضوع المنافسة والممارسة في مجال الرياضة، فإن أندية المنافسة يجب أن يكون عددها أقل بكثير مما هو قائم حالياً، مع وجود معايير تحدد على أي أساس سيتم إلغاء نادي معين، مع مراعاة التوزيع الجغرافي المناسب للأندية على كافة مناطق المملكة وأن يكون ذلك بشكل تدريجي. ومن ثم يتم توجيه الجانب الأكبر من الدعم لأندية الممارسة؛ حتى تتاح فرصة أوسع لمشاركة مزيد من المواطنين لممارسة الرياضة، مع إمكانية تحفيز هذه الأندية على جذب أعضاء جدد من خلال زيادة الدعم المقدم لها كلما زاد عدد الممارسين في إطارها.
أما وبالنسبة لقضية لتطوير الاهتمام بالرياضة المدرسية، فإن هناك إدراك كبير لأهمية هذه القضية بالتعاون مع وزارة التعليم كجهة معنية.
وفيما يتعلق بالرياضة في الأحياء، أشار صاحب السمو الملكي إلى أنه توجد في المملكة ثلاث نماذج مختلفة:
- النموذج الأول: ويعتمد على القطاع الخاص، حيث توفر الدولة الأرض ويتكفل الحي بتقديم متطوعين لتنظيم دورات رياضية في مختلف الألعاب بل وفي الحاسب الآلي لأبناء الحي.
- النموذج الثاني: وهو الموجود الآن في رعاية الشباب، حيث يوجد نحو 11 ساحة شعبية تعمل الرئاسة العامة لرعاية الشباب على تطويرها برؤية خاصة لتكون ساحات ناجحة وجاذبة في الوقت نفسه.
- النموذج الثالث: وهو موجود في الشؤون القروية والبلدية، وتوفر الرئاسة العامة لرعاية الشباب في هذا النموذج المدربين والدعم الفني بينما تتولى الشؤون القروية والبلدية المساهمة بالمباني ذاتها.
وأخيراً أكد صاحب السمو الملكي على أهمية العمل الجاد والمتواصل من أجل تحقيق كافة الأهداف المرجوة في مجال رعاية الشباب.
ختام اللقاء:
في ختام اللقاء شكر د. فهد الحارثي سمو الأمير على تشريفه لقاء الملتقى وأكد على أهمية ما طرحه صاحب السمو الملكي الأمير عبدالله بن مساعد ، فيما يخص توجهات وجهود الرئاسة العامة لرعاية الشباب، والمناط بها الاهتمام بقطاع الشباب. مع التأكيد على أهمية تعاون الرئاسة العامة لرعاية الشباب مع الجهات الأخرى فيما يتعلق بتنمية جانب التطوع لدى الشباب السعودي بحيث يتحول التطوع إلى جزء من ثقافة الشباب اليومية. كذلك لابد من الإشارة إلى أن هناك إشكالية تواجه الرئاسة العامة لرعاية الشباب وتتمثل في كيفية جعل الرياضة جزء من ثقافة المجتمع السعودي، وهي قضية ذات شجون وتحتاج بذل جهود حثيثة.