اللقاء الثقافي الشهري الخامس لملتقى أسبار
القمة الخليجية، ومشروع خادم الحرمين الشريفين وقضايا تهم الدول الأعضاء
في إطار اللقاءات الثقافية الدورية لملتقى أسبار، استضاف مركز أسبار للدراسات والبحوث والإعلام بمدينة الرياض بتاريخ الاثنين 14 ديسمبر 2015 م معالي الأمين العام لمجلس التعاون لدول الخليج العربية د. عبداللطيف بن راشد الزياني ، وبمشاركة نخبة من أعضاء الملتقى وبعض الشخصيات النخبوية الأخرى. وأدار اللقاء د. عبدالله بن ناصر الحمود.
في البداية رحب د. عبدالله بن ناصر الحمود بمعالي الأمين العام كما أشار إلى أن المتوقع من هذه الجلسة الفكرية الثقافية المعرفية عصفاً ذهنياً رائداً وراشداً وعميقاً بعمق معاليه وتجربته ومعرفته وبعمق النخب المتواجدة بملتقى أسبار.
مداخلة معالي الأمين العام:
أوضح معالي الأمين العام د. عبداللطيف بن راشد الزياني في بداية مداخلته أهمية أن ننظر إلى الجزء المملوء من الكأس خلال نقاشتنا حول قضايا مجلس التعاون، وطالب كذلك بعدم تجاهل التحديات والبيئة والظروف المحيطة التي ولد في ظلها مجلس التعاون وترعرع ونما وارتقى كمشروع نبيل وهام لنا وللأجيال القادمة؛ وأشار إلى أنه عندما طرحت فكرة الاتحاد الخليجي من جانب المغفور له بإذن الله الشيخ جابر الأحمد في مايو عام 1975م، كان ضرورياً أن ننظر للظروف المحيطة آنذاك حيث الثورة الإيرانية والعمل على تصدير الثورة، وكذلك الحرب العراقية الإيرانية وظروفها، وحرب سفن النفط والتي كانت بمثابة تحدي لدول المجلس، وفي نفس الوقت كانت هناك لاحقاً مواجهة القاعدة والإرهاب، وغزو الكويت والعمل على تحريرها، ولا ننسى كذلك موقف الملك فهد طيب الله ثراه في ذاك الموقف والذي يعد درساً يدرس لكل أبناءنا عندما قال: “تعود الكويت أو كلنا نروح”؛ ولعل هذا الموقف عبر عن قوة مجلس التعاون وتلاحمه، أيضاً هناك حرب العراق وولادة داعش، وما عرف مؤخراً بأحداث “الربيع العربي” – رغم التحفظ على استخدام هذا المصطلح – بجانب الظروف الراهنة في كل من العراق وسوريا وليبيا ومصر وتونس، ولا يجب تجاهل قضية فلسطين هي الأخرى.
ورغم كل تلك الظروف حاول مجلس التعاون الخليجي أن ينمو ويرتقي ويحقق الأهداف التي تتطلع لها شعوب المجلس والقادة حفظهم الله؛ كما سعي المجلس إلى تحقيق التنسيق والترابط والتكامل بين الدول الأعضاء في كافة المجالات وصولاً إلى وحدتها، وهذا هو الهدف المحدد في البند الرابع من النظام الأساسي.
وتساءل معالي الأمين العام: هل عرفنا حقاً ما المقصود بهذا الهدف تعريفاً دقيقاً، بمعنى ما المقصود بتحقيق الوحدة؟ ومتى نقول أنه تم التحقيق؟ وهل هناك مستويات للتحقيق؟ وعندما نقول جميع المجالات، هل يمكن تحديد هذه المجالات والميادين؟ وهل هي فقط الميادين المتعارف عليها أم هناك ميادين أخرى غير ملموسة نريد أيضاً أن نحقق فيها التنسيق والتكامل والترابط وهل يمكن حصرها؟ ومتى نقول أننا وصلنا، ما هو المؤشر؟
إنها مفردات دقيقة للغاية تعكس الرؤية الاستراتيجية للآباء المؤسسين، وهو ما انعكس حالياً في رؤية خادم الحرمين الشريفين التي تضمنتها القمة الخليجية الأخيرة؛ حيث طرح نفس الهدف ولكن بدلاً من كلمة تحقيق تم الإشارة إلى رفع مستوى التنسيق والتكامل والترابط في مختلف المجالات بين الدول وصولاً إلى وحدتها. إذا فإن لدينا عملية نمو وارتقاء وإصرار عليها بطرق مدروسة وبنهج علمي واضح لدى القادة ولدى المواطنين ولعل هذا هو سر نجاح مسيرة مجلس التعاون.
وبخصوص التساؤل حول ما هي الرؤية؟ لخص معالى الأمين العام رؤية أصحاب الجلالة والسمو القادة في توفير البيئة الآمنة المستقرة المزدهرة المستدامة لدول المجلس ومواطنيها؛ فيجب أن يشعر المواطن بتحقيق هذه الغاية. ودائماً هناك أهداف استراتيجية للوصول إلى هذه الرؤية ولدى مجلس التعاون خمسة أهداف استراتيجية:
- تحقيق الأمن بمفهومه الشامل، سواء كان ذلك ضد تهديد خارجي أو كان متعلقاً بمكافحة جريمة منظمة أو كان أمن مائي أو غذائي أو بيئي.. الخ.
- المحافظة على النمو الاقتصادي بصورة مستدامة، ومن ذلك توقيع الاتفاقية الاقتصادية بعد ثلاثة أشهر فقط من تأسيس مجلس التعاون كرسالة بأن هذا المجلس يعتمد على التنمية الاقتصادية ويحاول أن يخدم ويهتم برفاه المواطن وازدهاره. والمشاريع في هذا المجال متنوعة وتتعلق سواء بالعمل أو صنع العمل، وريادة الأعمال، والقدرة على الابتكار، وتنمية الموارد البشرية، والتعليم، والصحة.. وغير ذلك.
- المحافظة على مكانة دولية لمجلس التعاون وتحقيق التواصل والترابط والقيام بواجبه الإقليمي وأن يكون مؤثر كوننا أيضا نتأثر بما يدور حولنا. وقد تم عقد حوارات استراتيجية ومد جسور التعاون مع الدول الأخرى والصديقة في هذا الإطار.
- تنمية الموارد البشرية.
- القدرة على التعامل مع الأزمات والقدرة على التعافي منها بسرعة عبر برامج وخطط بشأن المخاطر التي تواجه دول مجلس التعاون وكيفية التعامل معها في شتى المجالات؛ وتشمل القدرة على التعافي وقبول التحدي ليس فقط من جانب الدولة فقط وإنما أيضاً من جانب الأفراد أنفسهم.
ويدار العمل التعاوني بين دول المجلس من خلال نظام اللجان الوزارية؛ فهناك ما يقارب نحو (47) لجنة وزارية على مستوى وزراء في مختلف المجالات، بحيث تعمل كل لجنة على المجال المعنية به بما يتكامل مع جهود اللجان الأخرى. أيضاّ يتم العمل من خلال المشاريع التكاملية وكذلك الأنشطة الجماعية بين دول المجلس والفعاليات. وهذه الدوائر الثلاثة: (اللجان – المشاريع – الأنشطة) كلما تقاطعت أكثر كلما زادت فعالية وكفاءة العمل الخليجي المشترك. ومن ثم فإن هناك حرص على أن تنسق اللجان مع بعضها البعض و أن تكون المشاريع كذلك مكملة لبعضها. مع ملاحظة أن هذا في مجمله يتم في بيئة تشريعية تساعد على تحقيق هذه الأهداف؛ فلذلك هناك اهتمام بالأمور التشريعية حيث يوجد نحو (44) قانون و دليل و نظام موحد لدول المجلس، وهناك نحو (110) قانون أو دليل أو نظام استرشادي؛ وتتعلق الرؤية بتحويل تلك القوانين الاسترشادية إلى قوانين موحدة بحيث تسمح البيئة التشريعية بتحقيق التكامل المنشود. والآن تعمل الأمانة العامة على تحقيق التنسيق بين تلك اللجان ومساعدة اللجان كذلك في صنع القرار، فالقرار في النهاية يصدر من المجلس الأعلى.
أيضاً نحتاج إلى الهيكلة الخاصة بالأمانة كي تخدم بالفعل الأهداف الموضوعة وأن تخدم النظام الموجود؛ حيث يصف الفصل (14) من النظام الأساسي واجب وأدوار ومسئوليات الأمانة العامة بالنسبة لهذه المنظومة. وهناك كذلك أجهزة ومكاتب إقليمية تخدم العمل المشترك، وبعض هذه الأجهزة أنشئ قبل مجلس التعاون، وبعضها الآخر أنشئت بعد تشكيل مجلس التعاون، ومن ثم فإن علينا أن نعمل على إيجاد تناغم بين كل تلك المكاتب والمؤسسات من أجل أن يصبح العمل تكاملي ويخدم النظام الأساسي ويخدم تحقيق الأهداف وفلسفة التعاون التي يعمل المجلس من خلالها. ويعمل مجلس التعاون بنهج علمي وقانوني منظم ، اعتماداً على مؤسسات بنية تحتية تساعد على تحقيق رؤية المجلس.
وتطرق معالي الأمين العام إلى أن المجلس ينظر الآن باهتمام بالغ لرؤية خادم الحرمين الشريفين في القمة الأخيرة الناجحة بالرياض؛ حيث رحب أصحاب الجلالة و السمو القادة بهذه الرؤية ترحيب كامل وأبدوا استعدادهم لدعمها والعمل على تحقيقها خلال عام واحد كما ورد في رؤية خادم الحرمين. وتهدف هذه الرؤية بالأساس إلى رفع مستوى التنسيق والتكامل والترابط فيما بين دول المجلس؛ وهناك في الحقيقية أربع جوانب اشتملت عليها هذه الرؤية:
- الجانب الأول: العمل الخليجي المشترك.
- الجانب الثاني: العمل العسكري.
- الجانب الثالث: التعاون الأمني.
- الجانب الرابع: السياسة الخارجية.
وفيما يخص العمل الخليجي المشترك تطرقت الرؤية إلى ضرورة الوصول إلى الوضع النهائي للاتحاد الجمركي، والعمل على تسهيل الإجراءات بصورة عامة في المنافذ، وأن تحقق السوق المشتركة المواطنة الخليجية بمعنى المساواة التامة بين مواطني دول المجلس؛ وهنا تحديداً يمكن أن ننظر إلى الجزء المملوء من الكأس بالإشارة لبعض الأرقام ذات الدلالة:
- في مجال التنقل: في عام 1995 كان هناك حوالي أربعة ملايين خليجي يتنقلون بين دول المجلس بينما وصل الرقم في عام 2015 إلى نحو 200 مليون، وهو ما يعد نقلة كبيرة تعكس التسهيلات في الإجراءات على الحدود.
- في مجال الاستثمار الخليجي: بلغ حجم الاستثمارات – سواء أفراد أو مؤسسات – في عام 1995حوالي 16 مليار دولار والآن وصل إلى ما يقارب 2300 مليار دولار بسبب السوق المشتركة والقوانين والأنظمة والتسهيلات التي تم إنجازها.
- في مجال البنوك: كان هناك حوالي سبع بنوك لديها أفرع فقط، أما الآن فهناك حوالي 25 أو 27 بنك لديه فروع في دول المجلس.
- في مجال التبادل التجاري: كان حوالي 6 مليار دولار عند تأسيس الاتحاد الجمركي، ارتفعت إلى 25 مليار دولار عندما انشأت السوق المشتركة، ووصلت الآن إلى 1400 مليار دولار بين دول المجلس.
أيضاً تضمنت الرؤية فيما يخص العمل الخليجي المشترك الانتهاء من تأسيس الهيئة الاقتصادية القضائية والتي تأتي ضمن الاتفاقية الاقتصادية؛ والآن يتم العمل على نظامها الأساسي، وتوجيه الرؤية هو الانتهاء من اعتماد نظامها الأساسي خلال هذا العام. وبهذا تكون المؤسسات المطلوبة للاتفاقية الاقتصادية أصبحت موجودة وتعمل.
كذلك من ضمن ما تضمنته الرؤية الطرح المبني على تجربة والمتعلق بإمكانية اتفاق عدد من الدول على الاجراءات التكاملية في إطار مجلس التعاون، وقد تم تجريب ذلك في مسألة الربط الكهربائي حيث انضمت أربع دول للمشروع ثم أصبحت خمس وخلال هذا العام انتهت إلى ست دول. وساهم ذلك في توفير نحو 215 مليون دولار خلال هذه السنة في البنية التحتية والاستثمارات، كما أصبحت هيئة الكهرباء الخليجية من ضمن أكبر 18 شركة في العالم. ومثل هذه التجربة تعد بمثابة نموذج ناجح وتشجع على الاستثمار وتعطي الطمأنينة لدى المواطن الخليجي؛ ما يعني إمكانية تكرار التجربة في مشاريع أخرى.
كذلك فقد تضمنت رؤية خادم الحرمين الشريفين المحافظة على البيئة ومكافحة التصحر واستراتيجية للمياه والتغير المناخي، فضلاً عن اللفتة الكريمة بتدريس مادة عن التكامل الخليجي في الجامعات، وأن تكون هناك برامج أكاديمية يتم العمل على تطويرها، وأن تكون هناك أبحاث في هذا المجال. يضاف إلى هذا مشروع السكة الحديد وإصرار أصحاب الجلالة والسمو القادة على إنجاز المشروع في موعده المحدد كونه مشروع ترابطي واستراتيجي مهم. بجانب الانتهاء من تشريعات اقتصادية تم تحديدها في الرؤية وهي: القانون التجاري الموحد، وقانون المنافسة، وقانون مكافحة الغش التجاري، وتحويل الهيئة الاسترشادية إلى ملزمة في بعض تلك القوانين.
وتضمنت الرؤية كذلك في هذا الإطار ما يلي:
- تحويل القوانين الاسترشادية التي تقارب نحو (110) قانون كما تم الإشارة سابقاً إلى قوانين موحدة بين دول المجلس والعمل عليها خلال العام القادم.
- إصدار قانون لحماية المستهلك والعمل على التنسيق بين جمعيات حماية المستهلك.
- تشجيع العمل التطوعي وإعداد برامج منظمة للعمل التطوعي للشباب.
- إصدار قانون لحماية المعاقين.
- تشريع إجراءات التصديق على القوانين والاتفاقيات التي يعتمدها المجلس.
- تحديد تاريخ نفاذ القرارات التي تصدر من المجلس الأعلى.
- وضع كافة المؤسسات والمنظمات سواء قبل إنشاء المجلس أو بعده تحت مظلة الأمانة العامة حتى يكون العمل تكاملي بين تلك المؤسسات.
أما في الجانب الأمني فتضمنت رؤية خادم الحرمين الشريفين ما يلي:
- دعم الشرطة الخليجية والإسراع بإنشائها والتأكيد على مجالات عدة في الشرطة الخليجية مثل مكافحة الإرهاب والتجسس والتهريب والجريمة المنظمة.
- التعاون في مختلف المجالات الأمنية بما فيها التدريب والتجهيز و تبادل المعلومات.
- استكمال منظومة التشريعات الأمنية الموحدة.
وفي المجال العسكري تضمنت الرؤية الانتهاء من منظومة القيادة والسيطرة للأجهزة والقوات العسكرية الدفاعية في ظل اتفاقية الدفاع المشترك بين دول المجلس.
وفيما يخص العلاقات الخارجية فقد دعت رؤية خادم الحرمين الشريفين إلى:
- عقد مؤتمر دولي لإعادة إعمار اليمن، والتأكيد على الحل السياسي وأهميته في الأزمة اليمينة.
- نقل بعض الحوارات الاستراتيجية إلى مستوى متقدم من الشراكات الاقتصادية مع دول يتم تحديدها ولها تأثير في العالم.
- تفعيل كل الاتفاقيات الاقتصادية في التعاون الاقتصادي وأهمية والشراكة مع القطاع الخاص لتحقيق المواطنة الاقتصادية الكاملة.
- والعمل على مواجهة الهجمات الإعلامية ضد بعض الدول العربية والخليجية والإسلامية وإظهار صورة الإسلام المعتدل بما يشتمل عليه من قيم إنسانية تعمل على تحقيق السلم الدولي.
المداخلات والنقاشات:
أشار د. عبدالله بن ناصر الحمود إلى أهمية مراعاة ظروف نشأة مجلس التعاون ووضعها في الاعتبار كما أكد معالي الأمين العام؛ فمن العدل أن يُنظر إلى مثل هذه المؤسسات الإقليمية الضخمة بهذه المعيارية المهمة ؛ فهذه المجالس تُنشأ لمواجهة تحديات حقيقية، وهذه التحديات لا يمكن تصور أن تنتهي بمجرد انشاء المجالس وانعقاد القمم فهي تحديات إنسانية وحضارية مستمرة وكلما انتهت أزمة ظهرت أخرى. ومع هذا فمن المهم النظر كذلك إلى الجانب الفارغ من الكأس مع الإقرار بالجهود الكبيرة المبذولة من جانب الأمانة العامة لمجلس التعاون.
وتساءل د. عبدالله العساف: لماذا لا نرى وجود للسياسة الإعلامية التي تمثل القوة الناعمة أو ما يمكن تسميته ب”درع الجزيرة الإعلامي لدول مجلس التعاون” من أجل مواجهة ما قد تتعرض له دول مجلس التعاون من هجمات إعلامية منظمة وممنهجة؟
وذكر م. سالم المري أن المتحقق منذ إنشاء مجلس التعاون لا يزال دون المستوى المأمول خاصة فيما يتعلق بالوحدة الخليجية والحياة المعيشية للمواطن الخليجي، وما يتعلق بالعملة الخليجية الموحدة، وكذلك فلا تزال معاملة الخليجيين في العمل في بعض دول المجلس ليست على المستوى المطلوب؛ حيث يتوقع المواطن الخليجي أن يكون له معاملة خاصة، وكذلك مسألة المساواة بين المواطنين ورجال الأعمال في المجلس في ممارسة الأنشطة الاقتصادية دون تفرقة تبقى محل نظر، أيضاً فيما يتصل بتسهيل إجراءات المنافذ فيمكن أن يتم الإفادة من التقنية الحديثة في ذلك، وبالنسبة لليمن الشقيق فمن المهم أن يكون له دور في مجلس التعاون مستقبلاً.
وتساءل أ. عبدالله بن كدسه: ما جدوى عمل برلمان خليجي يكون أعضاؤه ممثلين في البرلمانات الأساسية ليصبح هذا البرلمان ممثلاً لجميع البرلمانات الخليجية وبالتالي يفصل ويدرس القضايا ويتخذ القرارات المناسبة من أجل سرعة البت وتحقيق التنسيق اللازم؟ ومن ناحية أخرى: ماذا تقدم الأمانة العامة لمجلس التعاون للشباب وكيف يمكن أن يكون للشباب دور لتحقيق رؤية الملك سلمان؟
وفي ذات الإطار تساءلت أ. لما الحمود: ماذا يعني الشباب الخليجي لمجلس التعاون وماذا يمكن أن يفعله الشباب الخليجي غير ما يفعلونه كمواطنين في دولهم؟
وطرح أ. عقل الباهل تساؤل حول إمكانية إنجاز مشروع بمسمى المجلس الاستشاري للشباب من أجل إنجاز مشاريع ثقافية وتنموية للمجلس لاسيما إذا ما أعطي هؤلاء الشباب الفرص والإمكانات والدعم المطلوب. وأشار إلى أنه في مقابل المشاريع الناجحة كمشروع الربط الكهربائي لدول المجلس، هناك بعض المشاريع غير المكتملة أو التي توقفت مثل صندوق النقد الخليجي، كما أن هناك آليات كثيرة لإنجاز المشاريع الخليجية يمكن انتهاجها حتى دون اتحاد كامل لدول الخليج.
وتساءل أ. إدريس: هل تغريد عمان خارج السرب من الأمور المتفق عليها أو أنه يتم اختيارها أصلاً لتقوم بهذا الدور كوسيط توفيقي إذا حدثت خلافات بين دول المجلس وجيرانها كإيران مثلا؟
ومن جهته تساءل أ. خالد الحارثي: هل هناك رؤية لتكوين مشاريع تنموية اتحادية مشتركة تمثل مجلس التعاون كمشاريع إسكانية أو بحرية ..الخ، بما يعود بالنفع المباشر على المواطن الخليجي.
وبدورها تساءلت أ. ثريا أحمد العبيد عضو مجلس الشورى: ماذا يمكن أن يقوم به مجلس التعاون لتعريف المواطن الخليجي بالإنجازات المتحققة؟ وكذلك ما أهم التحديات التي يجب مواجهتها من أجل تحقيق أهداف مجلس التعاون؟
وأضافت أ. فردوس الصالح عضو مجلس الشورى: ما هي استراتيجية مجلس التعاون لمواجهة التحديات المتعلقة بالتهديدات النووية والتي يمكن أن تؤثر على مياه الخليج المصدر الرئيس لمياه الشرب؛ كون الأماكن التي أقيمت فيها المفاعلات في الدول المجاورة للخليج هي أماكن غير مستقرة؟
وتساءلت ثريا العريض حول مدى وجود خطه باتجاه اعتماد توطين التدريب والتوظيف بدلا من الاعتماد المتزايد على العمالة الوافدة بما لها من سلبيات كثيرة، وبما يساعد في محاربة الجريمة والفقر وفي نفس الوقت يضمن مستقبل الشباب الخليجي.
بينما أشار د. مساعد المحيا إلى أن هناك حاجة لوجود رؤية أكثر وضوحاً وفي ضوء ذلك: كيف نستطيع أن نفهم عدم وجود تباينات بين دول الخليج العربي بينما الواقع أحيانا خلاف هذا؟ وكذلك هل لا يزال مشروع دخول الأردن والمغرب لمجلس التعاون قائماً؟
ومن جانبه تساءل د. أحمد التويجري: ما دور مجلس التعاون خلال السنوات الماضية في تطوير الأنظمة السياسية في دول المجلس وفي ترسيخ قيم الشورى والديموقراطية في هذه المجتمعات وتكوين المؤسسات الدستورية التي تحفظ لكل مجتمع استقراره وأمنه؟ وماذا فعل المجلس لتوحيد النظم التعليمية ولتوحيد مناهج الدراسة في دول الخليج؟ وما الذي حال دون تولي امرأه أمانة المجلس أو منصب قيادي في أمانة المجلس وما نسبة النساء اللاتي يعملن الآن في أمانة المجلس؟
وتساءل د. صلاح نجيب مساعد: هل هناك استراتيجية واضحة حول تحقيق الأمن الخليجي لاسيما الأمن الخارجي من خلال تحالف مع دول عظمى أو بناء جيش قوى؟
وأضاف عبدالعزيز الخريجي: ما الذي قدمه مجلس التعاون لتنمية العنصر البشري من أجل الاستدامة في دول المجلس؟ ما الحلول المطروحة لتسهيل التنقل وتجاوز الحدود بين دول الخليج؟
وأكدت أ. فايزة الحربي على أهمية نقل التجارب والخبرات الناجحة في بعض دول المجلس للدول الأخرى مثل: تجربة مؤسسة الملك عبدالعزيز لرعاية الموهوبين بالمملكة، و تجربة ضبط العمالة وانضباط المرور في دبي، وحقوق المرأة في الكويت وهكذا.
أيضاً تساءل د. فيصل العوضي: هل هناك على المدى المنظور تفعيل لعضوية اليمن في مجلس وزراء العمل الخليجي قبل أن تؤهل للدخول الكامل في عضوية مجلس التعاون؟
تعقيبات معالي الأمين العام حول المداخلات المطروحة:
من جانبه عقب معالي الأمين العام د. عبداللطيف بن راشد الزياني على المداخلات المشار إليها، بأن معظم القضايا والأمور التي تطرقت إليها المداخلات وأثيرت بشأنها التساؤلات قد تطرقت لها الرؤية بالفعل.
وفيما يخص الطرح المتعلق بإحدى دول المجلس وهي دولة عمان تجدر الإشارة إلى أن عمان هي عضو ودولة مؤسسة ولها دور رئيس في نمو وارتقاء المجلس، وكلنا كشعوب خليجية نكمل بعضنا البعض، ومن ثم فإن دورها واضح ومقدر من أصحاب الجلالة والسمو، وسنظل جميعاً فريق وكيان واحد، ولا يجب أن ننسى أن طرح المبادرة للانتقال من التعاون إلى الاتحاد كان بهدف المحافظة على هذا الكيان الواحد؛ وعليه فالعمل يتم بتنسيق وتعاون كامل وفي ضوء توجيهات من القادة.
وأوضح معالي الأمين العام أنه يجب التفريق بين المجلس وبين الأمانة، فالمجلس عبارة عن عدد ست دول في إطار النظام الأساسي ويعملون في مراحل نمو وارتقاء مستمرة، كما أن التحديات في المقابل مستمرة من أجل تحقيق توجيهات القادة وتطلعات شعوب الخليج. وفيما يتعلق بالمقارنة بين المجلس والاتحاد الأوروبي يجب الوضع في الاعتبار أن الاتحاد الأوروبي عمره أكثر من خمس وخمسون سنة وليس أربع وثلاثون سنة فقط.
وذكر معالي الأمين العام أن المجلس قد حقق الكثير من الانجازات، كما يحرص أصحاب الجلالة والسمو القادة في العمل الخليجي المشترك على الاقتراب من الشباب وأن يكون للمجلس دور فاعل في هذا الشأن، وقد عقدت مؤتمرات لهذا الغرض منها المؤتمر الذي عقد بالرياض كتلبية لتوجيه أصحاب الجلالة والسمو القادة، بحيث يكون هناك تمثيل بواقع ثلاثون شاب وشابة من الجنسين من كل دولة عضو بالمجلس، لكن الواقع أنه عندما أتيحت الفرصة للجميع للحضور بشرط أن يكونوا شباب تجاوز العدد نحو ألف ومائتين شاب وشابة كانوا حرصين على الاستماع لصوت مجلس التعاون ومعرفة دوره، إضافة لعدد آخر كببر كان يرغب بالحضور، وتم التواصل كذلك مع الشباب عبر الإنترنت لاستقصاء آراؤهم وتبين أن أكثر أولوية لدى الشباب هي الحصول على تعليم عالي يواكب التعليم المتطور في الدول المتقدمة، كما أهتموا بأن يمكنهم التعليم من القبول في أفضل الجامعات الدولية المرموقة. ويتم العمل من خلال اجتماعات وزراء الشباب على الاقتراب من هؤلاء الشباب بما يخدم دعم العمل الخليجي المشترك. كذلك فقد تطرقت رؤية خادم الحرمين الشريفين لتفعيل دور الشباب ومساهمتهم في العمل التطوعي، وعليه فالاهتمام بالشباب موجود وقائم.
وفيما يخص الإعلام، فإننا نحتاج فعلاً لإعلام قوي لإبراز انجازات مجلس التعاون ولمواجهة الحملات المغرضة، وقد اتخذت القمة الخليجية الأخيرة بالرياض قرار بتوجيه المجلس الوزاري للعمل على إعداد برامج في هذا الإطار.
وبالنسبة للهيئة الاستشارية فإنها تقوم بدراسات مهمة ، ويتم تحديد عناوين تلك الدراسات بناء على احتياجات العمل الخليجي المشترك، ونتائج تلك الدراسات يتم تحويلها إلى اللجان الوزارية المعنية لتطويرها في صورة برامج وسياسات وقرارات، ولعل نسبة كبيرة من الدراسات تجاوزت التسعون بالمائة من توصيات ومرئيات الهيئة الاستشارية قد تم تحويلها إلى قرارات.
أيضاً وفيما يخص التلوث النووي، فهناك قلق بشأن أي تلوث بيئي بما في ذلك التلوث الإشعاعي، وهناك خطة يتم إدامتها وصيانتها، كما تم تدريب أعداد حول كيفية التطهير في حالة حدوث أي تلوث، وبالرجوع للقرارات الوزارية وما صدر عن القمة نجد أن هناك دعوة للجميع وبالذات إيران للانضمام لاتفاقية السلام النووية، وهناك كذلك قرار لإنشاء مرصد لمراقبة التلوث الإشعاعي وقد رحبت دولة الإمارات العربية المتحدة باستضافة هذا المركز في حال إنشاءه.
وفيما يتصل بالأردن والمغرب واليمن فسيظلون دائماً قريبين من دول المجلس، ومرتبطين بعلاقات استراتيجية متميزة معهم. وبالنسبة لليمن تحديداً فهي عضو في عدد من اللجان قبل عام 2011، أما حاليا فيتم العمل على تأهيل الاقتصاد اليمني للاندماج في الاقتصاد الخليجي وهو قرار قديم لأصحاب الجلالة والسمو القادة بالمجلس الأعلى وقد تم التأكيد عليه في الرؤية من خلال إعادة إعمار اليمن ومواصلة تأهيل الاقتصاد اليمني.
ختام اللقاء:
في ختام اللقاء أشار د. فهد الحارثي إلى أننا اليوم نرفع كمثقفون بملتقى أسبار شعار “سبعون مثقفاً يلتفون حول محبة خليج واحد”.
وإذا كان المثقفون يعتقدون أن من شروط أن يكونوا مثقفين أن يكونوا مشاكسين، وبالتالي فإنه وإذا كانت هناك بعض الملاحظات التي تم طرحها على أداء المجلس؛ فإنها تنبع من هذه العقيدة التي يعاني منها المثقفون، كما تنبع من غيرتهم ومحبتهم لبلدان الخليج ومن رغبتهم في أن يضعوا ويصونوا هذا الصرح الشامخ الذي هو مجلس التعاون الخليجي، والذي نشأ في ظروف صعبة ومعقدة تم الإشارة لها.
والحقيقة أن مجلس التعاون الخليجي ظل بالنسبة لأي مواطن و شاب خليجي رمز أمن واستقرار وتفاهم في عصر عربي لم يعرف سوى الانهيارات والاخفاقات المستمرة في كل مناطق العالم العربي؛ فظل هذا الحلم الجميل يتطلب من أي خليجي أن يكافح ويدافع من أجل بقاءه واستمراره؛ هي تجربة تعاونية تكاملية وحدوية وينبغي على كل مثقف وعلى كل غيور على مستقبل الخليج أن يعمل على حماية هذا الكيان وتفهم التحديات التي تحيط به: داخليا وخارجيا. ونحمد لمجلس التعاون أنه وبرغم ما قد يوجد من تقصير أو تباطؤ في بعض المشروعات، لكن الجانب الأمني لدول الخليج يظل هو الهاجس الكبير لأصحاب الجلالة والسمو ويتم التأكيد عليها وهي مسألة غاية في الأهمية.
أيضاً فإن رؤية الملك سلمان حفظه الله هي رؤية ارتبط بها كل الخليجيين حينما قرأوها لسبب بسيط وهي أنها واقعية جداً وتتطلع إلى أن تحقق “القابل للتحقيق”، ما يمثل الطريق للوحدة والاتحاد الذي يصبو إليه كل خليجي في ضوء ما نص عليه نظام مجلس التعاون، ونحن متمسكون جدا بهذا الهدف، ونتطلع لأن تصبح دول الخليج يوماً من الأيام كتلة واحدة وأن تكون اليمن معنا ؛ فاليمن جزء من الجزيرة العربية و جزء من منطقتنا وأمنه أمننا والمخاطر التي تهدده هي مخاطر مشتركة.
وأخيرا فإننا نحتاج إلى تفعيل الاستراتيجية الإعلامية لدول مجلس التعاون الخليجي حتى لا تتحول إلى مجرد وثيقة غير مفعلة فقد آن الأوان لوضعها موضع التنفيذ في كل دول الخليج.