ملتقى أسبار يعقد ندوة بعنوان “تحديات سوق العمل وخطة الوزارة لمواجهة تلك التحديات” بحضور وزير العمل خطة وزارة
في إطار اللقاءات الثقافية الدورية لملتقى أسبار، عُقدت بتاريخ الثلاثاء 15/9/2015م بمقر مركز أسبار ندوة بعنوان: تحديات سوق العمل وخطة الوزارة لمواجهة تلك التحديات بحضور معالي د. مفرج الحقباني وزير العمل وبمشاركة نخبة من أعضاء الملتقى. وأدار اللقاء د. فايز الشهري.
في البداية رحب د. عبدالله الحمود رئيس ملتقى أسبار بمعالي وزير العمل كما ألقى الضوء على ملتقى أسبار بوصفه إحدى المنصات الفكرية الناشئة ، والذي استطاع في فترة تجاوزت أربعة أشهر فقط أن يضم كوكبة تربو على ما يزيد عن 70 مثقف ومفكر من مختلف التخصصات ومن مختلف مناطق المملكة، المعنيين بالشأن العام وقضايا المجتمع على تنوعها: اجتماعية، اقتصادية، سياسية، ثقافية، صحية.. الخ، فضلاً عن علاقة المملكة العربية السعودية: مؤسسات وأفراد وجماعات بكثير من التقاطعات في المنطقة ومع دول العالم العربي ومع العالم ككل.
وأشار د. عبدالله الحمود إلى أن ملتقى أسبار استطاع أن يوثق نقاشات أعضاءه حول كافة القضايا عبر إصدار تقارير دورية شهرية، وربع سنوية تمثل خلاصة للطرح الفكري الذي يتم تداوله في الملتقى، أيضاً هناك توجه لإصدار كتاب سنوي لذات الغرض. وهذه الاصدارات يتم توزيعها على عدد من مراكز صناعة القرار بالمملكة والدوائر المهتمة كونها خلاصات مهمة وموضوعية تهدف في النهاية إلى تقديم رؤى بشكل مركز ومحدد لأصحاب الاختصاص في المجالات كافة.
وأوضح د. عبدالله الحمود أن هدف اللقاء يتحدد بالأساس في مناقشة خطط وزارة العمل فيما يتعلق بسوق العمل بكل همومه وتطلعاته. فبدون شك فإن معالي وزير العمل من المخضرمين في الإدارة تحديداً وفي الاهتمام بقضايا العمل منذ أن كان نائباً لمعالي وزير العمل حتى تقلد مهام الوزارة، ومن ثم فهو خبير في مجاله، إضافة إلى كونه مفكر ومثقف ومهتم بقضايا الشأن العام في الكثير من تقاطعاتها.
تعريف بالمتحدث الرئيس معالي وزير العمل:
أشار د. فايز الشهري إلى جانب من السيرة الذاتية لمعالي د. مفرج الحقباني وزير العمل، باعتباره أستاذ جامعي سابق كما يمتلك معاليه خبرات إدارية متميزة، حيث شغل منصب معالي نائب وزير العمل ، وتولى قبل ذلك وكالة وزارة العمل للتخطيط والتطوير، كما عمل وكيلاً لإمارة منطقة جازان ، وعضواً بمجلس منطقة جازان، ورئيس لجنة التخطيط والمتابعة بالمجلس، بجانب كونه كاتب ومفكر بجريدة الجزيرة في السابق.
وأوضح د. فايز الشهري أن محاور النقاش تتعلق تحديداً بتحديات سوق العمل، وقضايا البطالة، والاستقدام وآليات إعادة التوازن لسوق العمل.
مداخلة معالي وزير العمل حول القضايا الرئيسة:
أولاً: الاستقدام:
أشار معالي د. مفرج الحقباني وزير العمل إلى أن وزارة العمل ليست بالأساس وزارة استقدام وإن كان موضوع الاستقدام يشكل هاجس مهم جداً لوزارة العمل، والكل قد يعتقد بأن وزارة العمل ضده: صاحب العمل وطالب العمل وربة المنزل…الخ، لكن الواقع أن وزارة العمل تحاول تحقيق التوازان المطلوب، كما أن الوزارة تجد نفسها أمام عدة تحديات منها ما يتعلق بالتحدي الثقافي كون استقدام العمالة المنزلية صارت جزء من ثقافة المجتمع، والبعض يعتقد بأن وزارة العمل فشلت في حل مشكلة الاستقدام تلك ومن ثم قد يطالب بنقل ملف استقدام العمالة المنزلية إلى وزارة الداخلية ليكون هو الحل.. والحقيقة أن هناك جهود تكاملية كبيرة جداً بين وزارتي العمل والداخلية. أيضاً هناك بعض الممارسات الخاطئة التي أدت لتشويه صورة سوق العمل السعودي؛ ومن أمثلة ذلك بعض قضايا الإساءة للعمالة المنزلية التي تم تداولها إعلامياً، إن مثل هذه الصور للإساءة والممارسات غير المناسبة تجاه العمالة المنزلية من شأنها تقديم صورة غير حقيقية عن المجتمع السعودي وهو ما دفع ببعض الدول للتشدد بعض الشيء تجاه إرسال العمالة المنزلية للمملكة، وتبذل وزارة العمل جهوداً تفاوضية مع الدول المرسلة للعمالة كإندونيسيا والفلبين وسريلانكا وبنجلاديش والتي وضعت بعض الشروط في هذا الشأن، ولعل هذا ما يجعل هناك شح في المعروض من العمالة، يضاف إلى ذلك ما يتعلق بمكاتب الاستقدام والتي قد تلجأ إلى بعض الأساليب غير المناسبة وهو ما تعمل وزارة العمل على مواجهته، كما تبذل الوزارة جهوداً كبيرة فيما يخص تيسير إجراءات استقدام العمالة المنزلية وتنظيم عملية الاستقدام، كما أن هناك بعض الترتيبات التي قد تساهم في حل المشكلة لكنها تحتاج إلى إجراءات تشريعية. وأوضح معالي د. مفرج الحقباني وزير العمل أنه يؤمن إيمان تام بأن الحل الأمثل قد يكون في تأجير الخدمة وليس استقدامها، بمعنى أن يكون هناك شركة تتولى توفير الخدمة والتأمين وتبقي المسؤولية على الشركة في الحفاظ على حقوق المواطنين كذلك.
ثانياً: برنامج نطاقات:
في السياق ذاته وفيما يخص برنامج “نطاقات” أشار معالي د. مفرج الحقباني وزير العمل؛ إلى أن البعض يرى أن الرفض بالأساس يأتي من جانب القطاع الخاص، بينما يرى البعض الآخر أن “نطاقات” قد أدى لزيادة التوطين الوهمي. لكن أرقام وزارة العمل تشير إلى أن نطاقات زاد من أرقام العمالة الحقيقية بنسبة كبيرة، ويرى د. مفرج أن هناك خلاف قانوني حول مفهوم التوطين الوهمي ولذلك فإن وزارة العمل قد تعاقدت مع أحد المكاتب الاستشارية لدراسة ذلك بمعنى تحديد هل التوطين الوهمي يشير إلى من ليس لديه عمل أصلا؟ أم أن التوطين الوهمي يتعلق بالتوطين المبني على عقود غير سليمة؟ أم أن هناك جوانب أخرى يمكن أن يطلق عليها توطين غير منتج؟ أيضاً فإن هناك تفكير في إعادة صياغة معادلة نطاقات؛ فنطاقات الآن يقوم على توزيع المنشآت وفقاً لعدد السعوديين الموظفين المسجلين في التأمينات وهذا جزء أساسي، لكن هناك متغيرات أخرى تم إدخالها وتشمل أربعة متغيرات:
- عدد السعوديين.
- حصة السعوديين من الرواتب الشهرية، فكلما كانت الحصة زائدة كلما كانت دليلاً على مشاركة السعوديين بشكل مؤثر.
- عدد السعوديين الذين يتسلمون رواتب تزيد عن عشرة آلاف مقارنة بالوافدين ضمن ذات الفئة، وهذه تعكس مدى تمكين السعوديين في إدارة المنشآت.
- مدى إشراك السيدات في المنشأة.
وأوضح معالي وزير العمل كذلك أن نطاقات لم يأخذ في الاعتبار الفروقات الجوهرية بين مناطق المملكة فعلي سبيل المثال فإن الحدود الشمالية تختلف عن الرياض كما أنها قد تواجه صعوبات في توظيف العنصر النسائي لاعتبارات اجتماعية ومالية، وعليه فإن وزارة العمل تعمل حالياً على تفعيل مسألة التدخل المناطقي؛ بمعنى أن يحدد مجلس المنطقة احتياجات المنطقة على أن تقوم وزارة العمل بتزويدهم بالبيانات الأساسية وتحليلها.
ثالثاً: التدريب:
أشار معالي د. مفرج الحقباني وزير العمل إلى أن الوزارة تولى اهتمام بالغ بالتدريب، وأوضح معالي الوزير أن جزء من الأخطاء في منظومة سوق العمل للأسف يتعلق بعدم القدرة على تحديد القيمة المهنية لسوق العمل السعودي، أو بقول آخر الرصيد المهني للوطن. أيضاً فإن كل المناهج تقول بأن التدريب للوظيفة والتعليم للمعرفة، والأهم في هذا الجانب أن لا يترك مجال التدريب مفتوح كما كان، فمثلاً يتم التدريب في قطاع محدد لتولى وظيفة محددة كمثال ما يتم في القطاع الصحي كبداية حيث إن هناك عجز في هذا القطاع يقدر بنحو 190 ألف، وتعمل وزارة العمل على المساهمة في القضاء على هذا العجز من خلال التدريب. وأشار معالي وزير العمل إلى نموذج جيد في هذا الصدد وهو التخطيط القطاعي للتدريب حيث يتم في إطاره في تحديد الفجوة في القطاعات بالتعاون مع شركاءنا كحل نهائي لمشكلة التدريب.
رابعاً: عمل المرأة:
يرى معالي د. مفرج الحقباني وزير العمل في هذا الشأن أن هناك تشريعات جيدة لكن المشكلة ربما تكمن في الرقابة وعدم المتابعة بما من شأنه القضاء على المشكلات في بيئة العمل، وهو ما أثر على مشاركة المرأة السعودية في بيئة العمل، كذلك فقد كان التركيز خلال الفترة الماضية على الفتاة السعودية كبائعة في حين كان الأولى التركيز على الفتاة السعودية كموظفة ومنتجة وناجحة ومؤثرة في بيئة العمل. وأشار معالي الوزير إلى أن العمل عن بعد قد يكون حلاً في بعض الأحيان للتغلب على الإشكالات الشرعية أو الاجتماعية أو الإدارية المتعلقة بعمل المرأة من خلال عملها من منزلها وبما لا يتعارض ورعاية أسرتها وكذلك للتغلب على مشكلة المواصلات التي قد تواجهها وتؤدى لإحجامها عن العمل.
التعقيبات والمناقشات:
عقب د. على الحكمي بأنه يلاحظ بالفعل وجود حراك مهم وجهود حثيثة تبذلها وزارة العمل والتي ربما تتحاج إلى بعض الوقت ليظهر أثرها على أرض الواقع ، إلا أنه أشار إلى ثلاثة ملاحظات أساسية يراها مهمة من وجهة نظره كما يلي:
- الملاحظة الأولى: وتتعلق بذوي الاحتياجات الخاصة حيث يبدو ضروريا برأي د. على إضافة معيار ذوي الاحتياجات الخاصة إلى المعايير الأربعة المشار إليها لتوزيع المنشآت ضمن برنامج نطاقات. خاصة أن مفهوم ذوي الاحتياجات الخاصة قد تغير حاليا ليشمل أصحاب الأمراض المزمنة وغيرهم.
- الملاحظة الثانية: وتتعلق بالتنمية المناطقية حيث أن بعض المناطق لا تزال تفتقر إلى مشاريع تنموية كبيرة وتعد جهود التنمية بها محدودة.
- الملاحظة الثالثة: وتتعلق بعمل المرأة، حيث أن هناك مجالات كبيرة يمكن تفعيل دور المرأة بها كالعمل في مجال البرمجة والتطبيقات الالكترونية وغيرها وهو ما يمكن التركيز عليه مستقبلاً لاسيما في المناطق البعيدة.
وعلقت أ. ندى المنيهب على ما ذكره معالي الوزير بالنسبة لبرنامج نطاقات، بأنه برنامج جيد وسوف نجني ثماره في المستقبل لكنها ترى أن من المهم إضافة معيار التدريب إلى معايير برنامج نطاقات، وتؤكد أ. ندى على أهمية ذلك من خلال تجربتها في قطاع التجزئة؛ نظر لأن الكيان أو رب العمل في كثير من الأحيان لا يهتم بمسألة تدريب الموظف السعودي. وأشارت إلى تجربة رائدة في هذا الصدد من خلال التعاون المثمر بين قطاع التجزئة والبنوك في مجال التدريب، باعتبار أن مثل هذه التجارب الناجحة يمكن البناء عليها. ومن ناحية أخرى ذكرت أ. ندى ملاحظة تتعلق بالوظائف العليا حيث ترى أهمية التأكيد على التوسع في إتاحة الفرصة للسعوديين لتولى هذه الوظائف. وأكدت كذلك على ضرورة أن يكون التطوير الوظيفي ملزما للكيان والموظف على حد السواء.
أما د. فاطمة القرني فأشارت إلى ملاحظة تتعلق بأنه و تحديداً في الاتفاقات وقضايا الهروب عادة ما ترضخ وزارة العمل للطرف الآخر، ومن وجهة نظر د. فاطمة فإنه من المهم إلزام سفارات الدول المستقدم منها العمالة المنزلية – وليس المكاتب – بضمانات تحمي حقوق المواطنين. أيضاً فقد أشارت د. فاطمة إلى مسؤولية وزارة العمل في إيجاد دليل اقتصادي موحد للأنشطة.
كذلك فقد أشارت بعض المداخلات إلى قضية القضاء العمالي وضرورة سرعة الفصل في القضايا وكذلك الاهتمام بالتوزيع الجغرافي في كافة مناطق المملكة.
ومن جانبه علق معالي د. مفرج الحقباني وزير العمل على مجمل المداخلات من جانب أعضاء ملتقى أسبار، بأن الوزارة تولى بالفعل اهتماما بما تم الإشارة إليه، كما أن هناك اهتمام بالتدريب وتنمية المهارات وتعد هذه مسألة مهمة.
أيضا علق معالي الوزير فيما يخص الجانب الإعلامي بأن هناك مشكلة حقيقية في قدرات وزارة العمل والمؤسسات الشقيقة في صياغة الرسائل الإعلامية كما يجب وهو ما يتم العمل على علاجه ، فقد يكون هناك خدمات ممتازة لكن لا يتم الإعلام عنها بالصورة المناسبة. كذلك فإن وزارة العمل تبذل جهدا كبيرا في التدريب المهني للشباب السعودي وبما يرفع من كفاءتهم ومستوى أداءهم ويعمل على تعوديهم على العمل المهني. ونوه معالى الوزير إلى أن بعض الصعوبات التي تعترض جهود وزارة العمل يتعلق بالممارسات الخاطئة من جانب بعض المنشآت بالقطاع الخاص ما يحتاج إلى رقابة ومتابعة مستمرة.
كذلك أشار معالي الوزير فيما يخص الملاحظة المتعلقة بإتاحة مزيد من الفرص للسعوديين لتولى وظائف الإدارة العليا إلى أنه بالفعل تم وضع هذا المعيار ضمن المعايير المستحدثة ببرنامج نطاقات كونه يعد من عناصر تميز المنشأة.
وأوضح معالي الوزير كذلك إلى أن وزارة العمل تهتم بوضع الخطط والإطار العام أما التفاصيل فتترك للمنشأة بحيث لا يتم التدخل في كل صغيرة وكبيرة نظراً للتفاوت في طبيعة الأنشطة التي قد تمارسها كل منشأة على حده فمثلاً بيئة العمل بمصنع تختلف عن بيئة العمل بالبنك أو المؤسسة المالية.
وأكد معالي الوزير فيما يتعلق بالملاحظة الخاصة بالاتفاقات المتعلقة بالعمالة أنه لا يوجد رضوخ وإنما هو إقرار بحقوق أساسية تتفق بالأساس والشرع كحق العاملة في إجازة يوم أسبوعي أو حقها في الاتصال بأهلها وغيرها من الحقوق ..إلخ.
وفيما يخص القضاء العمالي فقد أصبح متواجد في كافة المناطق الجغرافية كما أصبح هناك سرعة في الفصل في القضايا مقارنة بالسابق مع التوضيح بأنه لا توجد لوزارة العمل أية سلطة على القضاء بمجرد إحالة المعاملات إليه ليتم الفصل فيها بما يراه مناسباً.
وفيما يخص دليل الأنشطة الاقتصادية الموحد فأشار معالي وزير العمل إلى أن هناك أنشطة متنوعة وعديدة بعضها يتبع الغرف التجارية وبعضها غير مصنف وغيرها ما يجعل هناك بعض الصعوبة في هذا الإطار لكن وزارة العمل تسعى بالفعل ضمن خططها لإنجاز ذلك.