قضية الأسبوع: أطفالنا والفضاء الإلكتروني وقوانين الحماية في المملكة

الورقة الرئيسة: أطفالنا والفضاء الإلكتروني وقوانين الحماية في المملكة

 

كاتبة الورقة الرئيسة: د. وفاء محمود طيبة

المعقبان:

د. فهد الرفاعي

د.عبدالعزيز الحرقان

مدير الحوار: د. حسين الحكمي

 

جميعنا يشهد التسارع في تطور التكنولوجيا واستخداماتها، ويشمل هذا التسارع عدد وأعمار الذين يستخدمونها، عالميا واحد من كل ثلاثة يستخدمون الفضاء الإلكتروني تحت سن الثامنة عشرة.  ومن المتوقع أن تنمو هذه النسبة بشكل كبير مستقبلا ( دراسة اليونسيف ومجلس الأسرة، 2019) وخاصة بعد جائحة كورونا، ولأننا دولة فتية فقد تكون النسبة لدينا أكبر من ذلك خاصة أن الإنترنت متاح بشكل كبير، وتشير بعض الدراسات أن 44% من الأطفال  يقضون أكثر من 3 ساعات في استخدام الإنترنت قبل الجائحة، وقد سجلت الدراسات الأولية (2020 – 2021) ارتفاع كبير في عدد ساعات استخدام الإنترنت بين الأطفال بعد جائحة كورونا، بل أن دراسة سعودية حديثة – لم تنشر بعد-  للدكتورة هند خليفة سجلت أن أطفال 6 سنوات يقضون حوالي  10 ساعات على الانترنت، وأطفال 10 – 14 سنة يقضون 14 ساعة. كما تم تسجيل مزيدا من المشكلات النفسية والعاطفية المرتبطة بالإنترنت وبوضع الجائحة، وتناقصت الرقابة الأسرية على استخدام الانترنت لأسباب كثيرة معروفة، بل وتناقصت الرقابة الحكومية عالميا بسبب التركيز على الجائحة وما يرتبط بها من مشكلات، فإذا أضفنا إلى ذلك الفجوة التقنية الكبيرة بين جيل الآباء والمعلمين وجيل الأطفال في تناول هذه الاكترونيات، وأن عمليات الحماية ووضع القوانين تتطور ببطئ، والبون الشاسع بين الأنظمة الموجودة بالفعل عالميا وتطبيقها، فإننا أمام مشكلة حقيقة وحقوقية. والحقيقة التي يجب أن لا نغفل عنها هي أن هذا العالم الجديد – عالم الاكترونيات-  يشكل جزءا كبيرا من جوانب حياة الأطفال الحالية والمستقبلية، بداية من العلاقات مع الأقران والأسرة وحتى التعلم والترفيه ومستقبل  العمل، هو عالم افتراضي يعيش فيه Gen Z ،  ولا سبيل للعودة إلى الوراء.

وقد خرجت إلينا كثيرا من الأبحاث في تخصصات مختلفة ومن ضمنها أبحاث من جهات ومؤسسات عالمية مثل اليونسيف واليونسكوفي أثر الفضاء الإلكتروني ووسائل التواصل الاجتماعي على حياة الأطفال. وتشير الإحصاءات إلى زيادة الأثر السلبي في حق الأطفال في جوانب، منها: إختراق الخصوصية، وسرقة المعلومات،التنمرالالكتروني،والايذاءالجنسي،  عبر الانترنت، إدمان الألعاب الالكترونية، وتراجع بعض القدرات الإنسانيةمثل الصبر وفهم تلميحات الجسد والوجة، والإنعزالية، وتشتت الانتباه، والقلق، والتوتر ، وتدمير السمعة، والعدوانية، والتمييز العنصري، والسمنة وتأثر البصر، بل وفي بعض الجوانب المادية مثل التغرير بالأطفال لسرقة الأموال والقمار عبر الانترنت. ( Maccenaite& Costa 2017; King et al.2018  ).

كما توصلت مثل هذه الدراسات إلى وجود علاقة بين الاستخدام المبالغ فيه للإنترنت والصحة النفسية للأطفال، فقد ذكر تقرير ( The children’s Society – Safety Net- 2018  ) أن  46% من الأطفال الإناث في الدراسة ذكرن أن لمواقع  التواصل الاجتماعي  أثرا سلبيا على تقديرهن لذواتهن،وقد خلص  83% من الأطفال في هذه الدراسة، و59% من الأطفال السعوديين(Dennis et al., 2017) أن مواقع التواصل الاجتماعي لا تقوم بواجبها في حماية الأطفال من التنمر-  ويتعرض  10% – 40% من الأطفال للتنمر الاكتروني حسب عمر الأطفال وتعريف التنمر (Cyberbullying Research Center, 2019 )-   كما تشير الدراسات أن الأطفال الذين يداومون اللعب بالألعاب الإلكترونية ( video games   ) هم أكثر عرضة للقيام بالأعمال العدوانية والخروج على المجتمع والقيام بالأفعال الإجرامية، ولنا أن نتساءل ما أثرها على العمليات الإرهابية؟

وبناء على ذلك أعلنت منظمة الصحة العالمية في مايو 2019 تصنيفها لإدمان الألعاب الإلكترونية ( Gaming Disorder  ) كمرض في التصنيف العالمي للأمراض ( النسخة 11)  The International Classification of Diseases 11th Revision (ICD- 11) . وتبع ذلك إعلان الجمعية الأمريكية لعلم النفس  The American Psychological  Association  (APA ) أنها سوف تعتبر إدمان الألعاب الاكترونية مرضا في كتيبها التشخيصي الإحصائي للأمراض النفسية في النسخة الخامسة  Diagnostic and Statistical Manual of Mental Disorder (DSM -5)  .

وفيما يخص التغير السريع في مدى الإساءة للطفل مع الجائحة، كشفت الدراسات الأولية في  Web – IQ  ومركزها هولندا وهي جهة مدنية تابعة Virtual Global Taskforce   الدولية – والتي تعمل على محاربة الإعتداء الجنسي على الأطفال من خلال الإنترنت- إلى تضاعف المشاركات في المنتديات الخاصة بالاعتداء الجنسي على الأطفال بأكثر من 200% ما بين فبراير – مارس 2020. كما سجل صندوق حماية الطفل الهندي   The Indian Child Protection Fund   ارتفاعا كبيرا في البحث عبر الانترنت عن مواقع الاعتداء الجنسي على الأطفال منذ بداية الحجر في الهند.

إن حماية أطفالنا من هذه المخاطر حق من حقوقهم ،عالميا لدينا اتفاقية حقوق الطفل (1989) والتي انضمت لها المملكة، وكذلك لبروتوكولها الاختياري الخاص ببيع الأطفال واستغلالهم في المواد الإباحية، ولكن هناك حاجة قوية لتحديد وتوضيح القوانين فيما يخص العالم الإلكتروني وحماية الطفل فيه. ولابد أن نلحظ أن هذه الجرائم في حق الطفل هي جرائم عابرة للقارات، ولذا فإن وجود أنظمة وقوانين عالمية ترتبط بها القوانين الداخلية وتحققها يعتبر عامل مهم جدا في حماية الطفل.

وقد تقدمنا ( وفاء طيبة:  كباحث رئيس،  والزميلات أ.د. هند خليفة، ود. الجازي الشبيكي) بسياسة من خلال مركز الفكر أسبار في T20  ، 2020  بفكرة أن تقوم الأمم المتحدة  بمساعدة المنظمات العالمية المعنية ودول العشرين بالعمل على إضافة بروتوكول اختياري ملحق بإتفاقية حقوق الطفل معني بحماية الطفل في العالم الإلكتروني، حيث أننا نجد المواد: 4، 13، 17، 19، 24، 31، 32، 34، 36، 39، تتحدث عن حماية الطفل من المشكلات التي تم استعراضها في هذه الورقة ولكن على أرض الواقع، فلم يكن العالم الافتراضي واضحا بهذا الشكل عند نشأة الاتفاقية منذ أكثر من 30 سنة. ويتم بناء هذا البروتوكول بتعاون دولي ويشارك في وضعه كل التخصصات ذات العلاقة( علم النفس، وأطباء، وعلماء الاجتماع، والقانونيون، والمعلمون، والبرلمانيون، والمنتجون للمحتوى الخاص بالطفل، ومنتجو الألعاب، وأصحاب التخصصات الإلكترونية…..)، وقد شمل المقترح على تصور نظري لمحتويات البروتوكول، ويشمل:

وداخليا لدينا نظام الحمايةمن الإيذاء (1434هـ) ، ونظام مكافحة الجرائم المعلوماتية( 2007)، وقد أدت هذه الأنظمة دورا كبيرا في حماية الطفل ولكن نحتاج أن نعمل على تطويرها لتغطية جميع جوانب حماية الطفل في العالم الالكتروني وربطها بالنظم العالمية في ذلك. ونتوقع من برنامج الأمان الأسري (2005) أن يكون له دور في هذا المجال أيضا.. وحديثا تقدم سمو ولي العهد الأمير محمد بن سلمان بمبادرة تهدف لمواجهة التهديدات السيبرانية المتزايدة التي تستهدف الأطفال، ورفع مستوى التوعية وتقديم التدريب في هذا المجال،  وتطوير السياسات ذات الصلة ودعم استخدام أفضل الممارسات لحماية الأطفال على الانترنت.

نقاط للمناقشة:

  • كيف يمكن المحافظة على عقول أبنائنا من الألعاب الإلكترونية وما هي الإجراءات أو السياسات والقوانين الضرورية لذلك؟ مع ضرورة وضع فكرة أن هذه الجرائم عابرة للقارات؟
  • تصنيف الألعاب وكيف يمكن الالتزام به؟
  • ما هو مستوى تعليم التكنولوجيا في المدارس ومستوى التوعية بالمخاطر؟
  • لمن في حقل التعليم: ما هي المشكلات الحديثة التي تواجهكم في هذا المجال بسبب التعليم عن بعد؟
  • ما هو دور الجهات الحقوقية في المملكة العربية السعودية؟
  • ما هو دور مجلس الشورى لتعديل وتطوير الأنظمة القائمة في المملكة أو اقتراح نظام جديد؟
  • ما هي الجهات التي يمكن أن تشارك في رسم الاستراتيجية وتنفيذها لمبادرة سمو ولي العهد؟

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *