قضية الأسبوع: البُعد الاقتصادي للغة العربية والسياسة اللغوية في المملكة

البُعد الاقتصادي  للغة العربية والسياسة اللغوية في المملكة

 

كاتبة الورقة الرئيسة : أ. فائزة العجروش

المعقبون :

د. سعيد الزهراني

د. زياد الدريس

مدير الحوار:

اللواء أ. فاضل القرني

 

قال تعالى: “الرحمن علم القرآنخلق الإنسان*علمه البيان{ وجعل من آياته اختلاف ألسنة البشر لتحقيق التنوع والتعارف، وجلب المنافع والمصالح” واختلاف ألسنتكم وألوانكم إن في ذلك لآيات للعالمِين.

قالوا عن اللغة العربية

“اللغة العربية قضية أمن قومي ولابد من رؤية مستقبلية لواقعها”[1]

‏”العربية، من الناحية الديموغرافية، تنمو أسرع من أي لغة عالمية أخرى. وبحلول عام 2050، ستكون ذات ملامح عمرية شابة [ أي أغلب متحدثيها من صغار السن ]. وسيحدد الجيل الذي ينمو حاليًا من متكلمي  العربية مستقبلها العالمي”[2]

“اللغة العربية لا تزال حية حياة حقيقية وهي واحدة من ثلاث لغات استولت على سكان المعمورة استيلاء لم يحصل عليه غيرها”.[3]

توطئة لابد منها اللغة هي أساس التراث والدين والهوية والمجتمع، وللغة أداور عدة، كرأس مال فكري، ودور سيادي، ودور هام كقطاع اقتصادي، وكأداة اقتصادية في عملية التنمية -محور اهتمام هذه الورقة- ،وكما ذكر د. محمود السيد[4]” أن عملية التنمية لا تجري إلا بالتنمية البشرية المستدامة، وهذه لا تتحقق إلا بالاستثمار الصحيح في الإنسان وخاصة معرفته، وأن اللغة هي وعاء المعرفة ولاسيما معرفته العلمية والتقنية، وأن دور اللغة العلمية والتقنية في تحسين مردود القوى العاملة أي باللغة الأم يتعاظم بدرجة كبيرة مع التوجه نحو الاقتصاد المبني على المعرفة”.

وواقع اللغة العربية سواء في أسواقنا المحلية في المملكة أو في السوق الدولية للغات يفرض على متخذي القرار  والاقتصاديين إدخال البعد الاقتصادي للغتنا الأم في حيز اهتماماتهم، للأسباب التالية:

  • “ما نتعرّض له من هيمنة سياسية وثقافية أجنبية شاملة، من أخطر مظاهرها : لغة غير لغتنا على ألسنتنا ومنطوقنا اللغوي اليومي العام” [5] أدى لانحسار تدريجي للغة العربية أمام اللغة الإنجليزية ، سواءً كان في التواصل اليومي أو في المجال الأكاديمي أو في سوق العمل.
  • اعتبار بعض الغربيين المنشغلين باللغات الحيّة أن اللغة العربيّة لا تعد من طائفة اللغات الميتة أو المحتضرة لكنها مهددة بالإنقراض -لا قدر الله – إزاء ما يتهددها من مخاطر؛ نظراً لكونها لغة غير منطوقة بسبب الفجوة بين العربيّة المنطوقة (المتعدِّدة) والعربيّة المكتوبة (الواحدة).. [6]، ويجدر بنا التأكيد هنا على أننا سنستعرض لاحقًا أهمية التخطيط لسياسة لغوية تتضمن البعد الاقتصادي للإنعاش اللغوي للغتنا العربية  الذي لا نقصد بالتنويه عنها بأي حال من الأحوال تصنيفها أو تشخيصها بلغة تحتضر ؛ لكنها باتت في منافسة شرسة مع لغات أجنبية في عقر دارها، وتحتاج مكانتها في النفوس إلى تدعيم و تمكين لتتوارثها الأجيال كلغة علم ومسايرة لكل العصور.
  • حين نتفاجأ بجهود لغة أخرى رغم صغر حجم جماعتها اللغوية في السوق الدولية ، كاللغة العبرية[7] .
  • إهمال إدخال اللغة في الدراسات الاقتصادية في المملكة وتعزيز اللغة الأم لاعتبار اقتصادي بحت ، مع التأكيد بعدم إغفال دور المملكة الكبير في دعم العربية وتعليمها دوليًا، إلا أن هناك مشكلة جوهرية تكمن في الصرف على العربية بدلًا من الاستثمار فيها.[8]
  • على الرغم من أن مجال الاستثمار في التقنية واللغة مورد اقتصادي مهم إلا أنه معطل أو شبه معطل فيما يتعلق باللغة العربية [9] ، ولنا مثال في الشركات الصينية مثل :(علي بابا ) التي توجهت لتقديم واجهاتها ووصف منتجاتها بالعربية لتشجيع العرب على الشراء.
  • عدم الفهم الكافي لقيمة الأصول غير المادية (( المعرفة ))؛ فالمعرفة لا تتبع مبدأ الندرة الأساسي في الاقتصاد التقليدي (( اقتصاد الندرة) ) – أي ندرة الموارد في مقابل التطور اللامحدود لحاجات الناس ومتطلباتهم – والمعرفة كلما استعملتها (( تداولتها أو استهلكتها )) كلما ازدادت .. إلى ما لا نهاية .. من حيث هي لا تستهلك (( بمعنى أنها لا تستنفد ))، بل تتوالد ذاتيًا بالاستهلاك، أي عند تقاسمها وتشاركها من خلال نقلها إلى الآخرين وخصوصًا في ظل التكنولوجيا الرقمية (اقتصاد الوفرة).

وتزامنًا مع <<اليوم العالمي للغة العربية 18 ديسمبر>> الذي يُحدد له في كل عام موضوع محوري لتسليط الضوء عليه، وتصادف موضوع هذا العام: (( مجامع اللغة العربية، ضرورة أم ترف؟! ))، ومناسبته للنقاش حول الحراك الكبير والإيجابي للغة العربية الذي تعيشه السعودية ، بعد قرار إنشاء مجمع الملك سلمان العالمي للغة العربية-الذي يهدف أن يصبح مرجعية عالمية للغة العربية بنشرها وحمايتها – اقترحت على لجنة القضية تناول البعد المنسي للغة والغير مطروق إلى حد كبير – البعد الاقتصادي – وعن أهمية اللغة كقيمة اقتصادية كقطاع وصناعة من جهة، وعظم الفوائد من مجالات الاستثمار فيها من جهة أخرى خدمة للجانبين ،مع التنويه لعدم تطرق الورقة للبعد السيادي والاجتماعي للغة (( لأنه دور غير مهمل في المملكة وهناك جهود كبيرة وهائلة في هذا الشأن )). والتركيز سيكون بإلقاء الضوء على بعض المفاهيم ذات الصلة الاقتصادية.

اقتصاديات اللغة يقوم التحليل الاقتصادي للغة في النظر إليها على أنها:”أداة في الاقتصاد ،وفي عملية التنمية الاقتصادية والاجتماعية للدول والأمم. إذ يعدّ استعمال اللغة بمردود جيد وكفاية عالية أساسًا لتحقيق الاقتصاد المعرفي، ومن ثم النمو الاقتصادي ككل، كما يعتبر ضروريًا في عملية التنمية”.[10]لذا يلجأ الباحثون في قضايا اقتصاديات اللغة لتناول جوانب من قبيل التنوع اللغوي في المجتمع وانعكاساته الاقتصادية، والسياسات اللغوية وكلفتها ومردودها الاقتصادي، والرخاء الاقتصادي وانعكاساته اللغوية، والعلاقة بين اللغة والهوية الوطنية والاقتصاد، والموارد اللغوية واستثمارها، وأثر معرفات لغات معينة في دخل الفرد.[11]

ومن الناحية الاقتصادية ومن وجهة نظر الاقتصاديين:

  • اللغة توفر ((قيمة مضافة)) للتعاملات الاقتصادية ؛ فالحياة الاقتصادية لا تتم دون تعاملات وتواصلات واتصالات ، واستخدام اللغة الوطنية ((والتي عادة ما تكون اللغة الأم)) سواء في المجتمع أو عالميًا، سيكون الأقل تكلفة والأكثر سهولة ووضوحًا وأمانًا وعائدًا ..
  • اللغة تخلق ((قيمة اقتصادية)) ؛ كونها هي المادة الخام في الصناعات الإبداعية وخاصة الثقافية منها .. وتوفر تكامل وعنقدة هذا القطاع .
  • اللغة يمكن اعتبارها ((سلعة اقتصادية ))؛ كونها مورد من موارد (( الأصول الغير مادية ))، وهي أقرب لأن تكون (( سلعة عامة )) جزئيًا ؛ فالمصروف من المال والوقت والجهد في اكتساب لغة يقابل الاستثمار الاقتصادي في أصل له عائد دائم.

العلاقة بين اللغة والاقتصاد العلاقة بين اللغة والاقتصاد علاقة ليست حديثة، ويمكن القول أنها قديمة قدم اللغة والاقتصاد ..[12] واللغة، لها قابلية للتقويم على نحو اقتصادي، حيث يتم تبادلها في السوق، وتحتاج إلى الإنفاق عليها، كما أن لها دورًا مؤثرًا في العملية الاقتصادية، وفي نفس الوقت تتأثر بها أيضًا، وتتضح العلاقة بينهما كالآتي:

  • للغة خصائص اقتصادية مثل : القيمة، والتكلفة، والعائد، والمنفعة، وتعتبر جزء من رأس المال البشري ورأس المال الاجتماعي .. وأصل من الأصول غير المادية (( مثال:   big data)).
  • عند ربط مؤشر التنافسية العالمية نجد أنه كلما كانت قوة اللغة أعلى كلما زادت تنافسية الدولة.
  • هناك تأثير متبادل بين اللغة والاقتصاد؛ فالكلمات عصب للتفكير، مثلما أن النقد عصب للاستثمار، والنقود تقوم بوظائف اتصالية واللغة تقوم بوظائف اقتصادية.
  • مثلما تخسر شركات وتُفلس في السوق الاقتصادية، تنقرض لغات تكون حية اليوم ثم تموت غداً.

وفي تقرير لمنظمة اليونسكو الدولية (( أن هناك الكثير من اللغات المحلية التي لاتزال حية في أوروبا  مُهدَّدة بالانقراض بسبب زحف اللغة الإنجليزية، مثل اللغة البروتونية فى فرنسا، وبعض اللغات المحلية في إسبانيا وبلجيكا.[13] )) . وهذا يجعلنا نتذكر ما آلت إليه اللغة اللاتينية التي كانت الأكثر تأثيرًا في أحاديث الناس لأكثر من ألف سنة، وكيف اقتصر استخدامها اليوم عند رجال الدين وبعض التخصصات الجامعية.[14]

تقول إحدى النظريات: “إن بقاء اللغة مرهون بما يتداول فيها من إبداع وابتكار علمي وثقافي” وحددت اليونيسكو في وثيقة أصدرتها في موقعها الإلكتروني عددًا من العوامل التي في ضوئها يمكن تشخيص حياة اللغة وحالتها، والعوامل هي : انتقال اللغة بين الأجيال، عددمتحدثي اللغة، نسبة متحدثي اللغة إلى مجموع السكان، مجالات اللغة: ودرجة انتقال هذه المجالات للأجيال (( هل تستعمل اللغة في المجالات الرسمية، أو هي فقط في المنزل، وهل تعاني اللغة من الازدواجية، ومدى انحسار استعمالها في المجتمع مؤشر على قرب موتها ))، واستجابة اللغة للسياقات الجديدة وللإعلام، وتعليم القراءة والكتابة بها، وتعلم مواد اللغة بها(( هل لهذه اللغة قواعد إملائية، وهل اللغة شفهية أو مكتوبة، وهل لها كتب للقراءة والاطلاع للكبار والصغار، وكلما ظلت اللغة متداولة في المجتمع، وكثر الإنتاج العلمي والثقافي بها أمنت من الزوال )).

ومما سبق تتضح أهمية دعم الترجمة العلمية والثقافية إلى العربية، وتعليم العلوم والتقنية باللغة العربية. وزيادة المحتوى العربي على شبكة الإنترنت، وتعزيزه، ورفع قيمته الحضارية. وتطويع لغات الحاسوب للغة العربية وتوفير الترجمة الآلية للعربية، وتعليمها لغير الناطقين بها بكافة الوسائل التعليمية والتكنولوجية.

وهناك خصائص اقتصادية للغة، يعبر عنها بثلاثة علاقات كالآتي:[15]

  1. 1. تأثير اللغة في الاقتصاد ب {L}→{E} يتضح من خلال:
  • وجود لغة وطنية رسمية واحدة معيارية هو ميزة اقتصادية، ويقلل من ما يسمى بالتكلفة التنظيمية. مثال:  الصين رغم تعداد سكانها الذي  يتعدى مليار ونصف ورغم وجود قوميات مختلفة ولغات متعددة إلا أنها وحدت لغتها الرسمية (( المندران ))، فيما نجد عدد من الدول العربية لازالت تجاهد حتى تقر لغة رسمية واحدة، كالمغرب الذي يعترف بثلاث لغات رسمية ( العربية دستوريًا وقانونيًا وفعليًا ،الأمازيغية رسمية دستورية، والفرنسية رسمية فعليًا).
  • الكفاءة في إجراءات المعاملات، وتداول الأصول الغير مادية (( كأبحاث الفكر، المعرفة، والتكنولوجيا )) وكيفية تداولها باعتبارها وسيلة نقل مثل وسائل النقل المعروفة في تبادل السلع .
  • حجم أو تأثير اللغة في زيادة الاستثمار الأجنبي المباشر FD I)) )) والتجارة البينية .[16]
  • تضيف اللغة قيمة اقتصادية إلى حائزيها ؛ فدخل الفرد يتأثر بمدى إتقانه اللغة الأم واللغات الأجنبية الأخرى ، وهذه (قيمة)‏.
  1. تأثير الاقتصاد في اللغة ب { E }→{ L } من حيث: ديناميكية اللغة وتأثير الاقتصاد عليها من حيث نموها وانتشارها وحيويتها؛[17]

أضحت مصائر اللغات (والشعوب)  رهنـًا باقتصادياتها، فكلما نشط اقتصاد لغة زاد انتشارها والإقبال عليها . وتسليمًا بحقيقة دامغة تؤكد على (( أن اللغة الأكثر انتشارًا ترتبط ارتباطًا وثيقًا بدولة تمتلك اقتصادًا أقوى، واللغات الأهم في العالم هي للاقتصادات الأكبر والعكس صحيح ))، وتظل لغة الدول المتخلفة اقتصاديًا حبيسة الداخل ..

  1. 3. عوامل أخرى تؤثر في اللغة من الناحية الاقتصادية ب {X}→{L}E ، مثل:
  • ارتباط متوسط دخل الفرد بتواجده في مجتمع يولد المعرفة (( عندما تتاح المعرفة وتوَطّن وتنشر باللغة الأم، لتكون ملكًا حرًا ومشاعًا لكل أفراد المجتمع )).
  • تعزيز اللغة الوطنية في السوق الدولية يزيد قيمتها السوقية ويجعلها موردًا اقتصاديًا هامًا، كاشتراط الدول المتقدمة على العاملين إجادة قدر معين من لغتها الرسمية، وبعض الجامعات الأمريكية

لقبول الراغبين بالدراسة فيها اجتياز برامج عالمية باللغة إنجليزية  (T0FEEL& IELTS)[18]

  • وجود رابط بين تعلم لغة البلد المضيف وإقامة المهاجرين واللاجئين يؤثر اقتصاديًا على دخلهم؛ بسبب ما تشترطه بعض الدول لتعلم لغتها قبل الحصول على تصريح الإقامة وأي فرصة عمل.
  • العائد الاقتصادي للمهن (( الأثنية )) أو العرقية، والمنعكسات الاقتصادية للعوامل الاجتماعية.
  • من المؤشرات العالمية لقياس القيمة الاقتصادية للغة (( قياس حصة اللغة في الناتج المحلي الإجمالي ))، من خلال تحديد القطاعات والسلع والخدمات التي يكون للغة دور فيها.
  • من مؤشرات قياس القيمة الاقتصادية للغة (( الفائدة الاقتصادية منها )) : عدد متكلميها كلغة أم،

وعدد متكلميها كلغة ثانية أي من غير الناطقين بها.

  • هي لغة سوق العمل،  وتعد المعرفة القاصرة للفرد بلغة سوق العمل مثل: عدم توافر رأس مال نقدي لدى رجل الأعمال الذي يريد إنشاء مشروع معين[19].
  • تقاس القوة الشرائية للأفراد المتكلمين بالعربية كنسبة من مجمل القوة الشرائية العالمية للأفراد.

دور اللغة في الاقتصاد عالميًا هناك تكتلات اقتصادية سياسية ثقافية تقوم على اللغة:            الكومنولث                        الفرانكوفونية                       الجامعة العربية

وتسليمًا بأن للغة جوانب اقتصادية ، هناك :

  • ثمن اقتصادي باهظ للتعدد اللغوي داخل الدولة، والنمو الاقتصادي يتناسب طرديًا مع أحادية اللغة الرسمية، ويرى الاقتصاديون : أن البلاد المجزأة لغويًا بشكل كبير بلاد فقيرة دائمًا ؛ لذلك سعت عدة دول باعتماد لغة رسمية واحدة تدرس العلم والتكنولوجيا فيها وتترجم لها رسميًا، لدواعي اقتصادية بجانب الدواعي الأخرى، منها: سنغافورة ،كوريا، ماليزيا.[20] .
  • دول حرصت على تعليم أبنائها لغة اخرى غير لغتها للمردود الاقتصادي، منها: السعودية عندما قررت إدخال تعلم اللغة الصينية في مناهجها، وتركيا التي أضافت اللغة العربية بشدة مجددًا إلى مناهجها التعليمية كلغة ثانية اختيارية، وتشجيعها على استخدام العربية في المناطق السياحية والمزدحمة بالعرب، وكوريا الجنوبية التي تدرس العربية في ست جامعات بها، وجعلتها مادة رسمية للقبول في الجامعات https://www.youtube.com/watch?v=mJczNhMT6tw، وهذا مؤشر إلى ثقل المردود الاقتصادي للغات في العلاقات الخارجية بين الدول .
  • توافق بين اللغة المكتوبة والمنطوقة يتناسب طرديًا مع النمو الاقتصادي للدولة،[21] حيث ترجع بعض الدراسات قوة اقتصاد ألمانيا مقابل إيطاليا؛ كون الأولى تعتمد وتتحدث الفصحى أكثر من العامية.
  • سهولة في تبادل السلع والخدمات للأصول غير المادية (( تبادل المعلومات المنتجة )) بين الدول عن طريق اللغة (( العلمية والتكنولوجية ))،كسهولة تبادل السلع والخدمات للأصول المادية عن طريق المال أو النقد؛ فاللغة تعد أداة – مثل النقود – تنطوي على تسهيل تلبية خيارات الأفراد وتوسيع مجال الفعل لديهم.
  • بورصة تخضع لها اللغات تمامًا كبورصة العملات، ويمكن إسقاط حالات التنافس بين السلع، أيضًا على اللغات، فهذه الأخيرة تكسب أو تخسر متحدثين عند انتقالها من جيل لآخر، عندما يتوقف استخدامها وسيلة للاتصال .

والتنافسية بين اللغات يعتمد على مدى انتشارها لفائدتها ونجاحها الاقتصادي، الذي يعتمد في الأساس على الظروف الاجتماعية لجماعاتها اللغوية الخاصة. ويعتمد أيضا على صلاحيتها، ومدى تكيفها مع المتطلبات الاتصالية لمتحدثيها. إذ وبالرغم من تواجد نحو سبعة آلاف لغة منطوقة في العالم ، إلا أنها من حيث الأهمية والتأثير في ظل العولمة هناك منها ذات قيمة مرتفعة، وأخرى ذات قيمة منخفضة . وهذا ما حاول إثباته عالم اللغات الفرنسي الكبير (لويس جان كالفي)[22] ، “أن أوزان اللغات تشير إلى (( بورصة )) من نوع مختلف حيث يعتمد على مقياس مركب يشمل عدد المتكلمين باللغة بوصفها لغة أولى أو (( لغة أم ))، وعدد البلدان التي تكون اللغة فيها رسمية، ومعدلات الكتب المترجمة من اللغة وإليها، والموقع الذي تحتله على شبكة الإنترنت، والوزن الاقتصادي للبلدان التي تتكلم اللغة. ووفق هذا المقياس، يشتد التنافس والتفاوت بين اللغات. وينطوي هذا التفاوت على احتكار مثل الذي يحدث في الاقتصاد، بل قد يكون أشد حيث تحتكر 5% من اللغات نحو 94% من (( السوق )) أو سكان العالم، أي أن 6% فقط من البشر يتداولون 95% من اللغات.

وباعتبار اللغة كأي نشاط اقتصادي له قيمة ، وأي سلعة لها قيمة .. سنتعرف من خلال ما يلي على ما هي قيمة اللغة الاقتصادية وكيف نقيسها؟ وما هي المؤشرات التي تعطي قيمة لها وتساعد في قياسها ؟

اقتصاديات اللغة في الدبلوماسية العالمية  والمنظمات الدولية

من الواضح أن وضع اللغة العربية في التعاملات الدبلوماسية العالمية عالي جدًا ، وحاضر بشكل لافت

(( أن يتم اعتمادها لغة العمل الرسمية للمؤتمر العام لليونيسكو منذ دورته الثالثة 1948 م، http://www.unesco.org/new/ar/unesco/resources/history-of-the-arabic-language-at-unesco/ ، وأن تكون العربية  واحدة من بين اللغات الست التي تعترف بها الأمم المتحدة من بين سبعة آلاف لغة حية في العالم ، وأن يحتل ترتيبها من حيث الانتشار العالمي المرتبة الرابعة بنسبة عدد متحدثيها فى العالم 6.6%. ويقاس مؤشر قوة اللغة في البعد الدبلوماسي من خلال معرفة مدى انتشارها في البنك الدولي والمنظمات الإقليمية والعالمية، ومن خلال مدى توفر الترجمة الفورية للعربية في الاجتماعات الدولية، وعدد ممثلي العالم العربي في المنظمات الدولية الذين يتحدثون العربية (ما عدا من لديهم عقدة التحدث بلغة أخرى )[23] .. وعندما نتحدث عن اقتصاديات اللغة في الدبلوماسية العالمية والمنظمات الدولية ، نجد أن لها عائد تطويري على اللغات المعتمدة وذخيرتها، تكلفة التواصل مع الدول الأعضاء في الإتجاهين، تكلفة خدمات الترجمة والنشر، تكلفة الترجمة الفورية، وتكلفة البنى التحتية والموارد البشرية.

تأثير اللغة في التجارة

تُعد اللغة بالنسبة لاقتصاد السوق مسألة محورية؛ لتأثيرها  الكبير في خطوات الإنتاج في خطوط العمل، الأمر الذي يحقِّق إتقان القوى العاملة للغة العلمية والتكنولوجية ولمصطلحات القطاع التي تعمل به ؛ويحقق ذلك  أن تصبح فاعليتهم أكبر وإنتاجيتهم أكثر، وقدرتهم على نقْل التكنولوجيا للمجتمع من منابعها.

للغة تأثير كبير في الصادرات ؛ فالصين تحتاج عند تصدير بضاعتها للعالم العربي إلى ترجمة إرشاداتها للغة العربية، في حين لا تحتاج فرنسا لذات الشئ عند قيامها بتصدير بضاعتها لبلاد المغرب العربي ولبنان.

تنشأ أهمية اللغة الكبيرة في التجارة من كون النشاط الاقتصادي يعتمد على الاتصال بدرجة كبيرة، وأن العناصر الأساسية للاتصال الاقتصادي عناصر لغوية. ولن يستطيع الفرد إنتاج العمل في الأسواق دون تمكنه من أداة لغوية معينة؛ فالمعرفة القاصرة للفرد بلغة سوق العمل مثل عدم توافر رأس مال نقدي.

ورغم تفوق اللغة العربية على جميع لغات العالم في القيمة الثقافية بوصفها لغة القرآن الكريم ولغة الضاد، إلا أن قيمتها الاقتصادية تتأخر كثيراً مقارنة بكثير من هذه اللغات ؛ فالقيمة الاقتصادية للغة الإنجليزية في السوق السعودية أكبر من القيمة الاقتصادية للغة العربية في السوق الأمريكية؛ لأن رجل الأعمال السعودي لا يستطيع أن يتعامل في سوق أمريكية من دون تمكن كاف من الإنجليزية، بينما يستطيع رجل الأعمال الأمريكي القيام بأي أعمال يرغب بها في السعودية دون الحاجة لإتقان العربية.

تأثير اللغة في الصناعات الثقافية معظم الصناعات الثقافية لها علاقة باللغة وفي الناتج المحلي الإجمالي ( GDP)، من خلال قياس القيمة الاقتصادية للصناعات الثقافية ، وأنشطتها المتعاظمة داخل الدولة وخارجها كمتغير ( مؤشر ) في اقتصاديات اللغة، ومن هذه المتغيرات: نشر الكتب، والترجمة من وإلى العربية، وحجم المحتوى العربي في الإنترنت وعدد متصفحيه، والأفلام بالعربية والدبلجة إليها، وما يقدم في القنوات التلفزيونية.. وهذا ما يستوجب صياغة سياسة لغوية ، والتي لاشك سيكون لها منعكسات اقتصادية في تكلفة تعليم اللغة العربية والعائد نتيجة تخصيص ميزانيات للأنشطة اللغوية، وكذلك في التنمية المناطقية والتعامل مع الأقليات واللاجئين والعمالة الأجنبية، وفي الإنسجام الاجتماعي .

الاستثمار اللغوي هو نشاط اقتصادي ، موضوعه اللغة، إذن هو استثمار يثري اللغة ويُمكن مجالات استخدامها، ويزيد عدد مستخدميها ، ويسهم في ترسيخ استعمالها في ميادين ونطاقات مهمة. وذلك بلا شك له انعكاساته اللغوية الكبيرة مثلما أن له انعكاسات اقتصادية كبيرة. وعلى الرغم من أهمية ذلك لم تقّدر اللغة بوصفها عاملًا مهمًا من عوامل التنمية الاقتصادية في المحيط الوطني، في حين نرى دولًا أولت عناية واضحة باقتصاديات اللغة حتى أضحت مؤثرة في دخلها القومي[24]. لكن ينبغي علينا هنا التفريق بين أوجه الاستثمار اللغوي؛فهناك قسمين: الأول استثمارات لغوية تسهم في تحسين الانتفاع اللغوي وهي: استثمارات تحقق عوائد مالية (( كالعمل المعجمي ))، لكنها ليست هي المستهدف في المقام الأول لهذه الورقة، والثاني: استثمارات لغوية تسهم في الانتفاع الاقتصادي ،ويقصد بها الاستثمارات في اللغة بهدف تحقيق العائد المادي ولها أثر في الدخل القومي (( كتعليم اللغة لغير الناطقين بها ))[25].

وبناء على ما سبق ذكره عن مفهوم<<اقتصاديات اللغة>> ،باعتباره دائرة واسعة تتناول العلاقة التبادلية بين اللغة والاقتصاد، ومجالات تقاطع كل منهما مع الآخر وما تتطلبه من تأثير .. فمفهوم <<اقتصاديات اللغة>> أوسع من مفهوم <<الاستثمار اللغوي>>.. ولتحقيق الاستفادة المثلى من الاستثمار اللغوي ، يجب الالتفات لأهمية التخطيط اللغوي، وهو: “الجهود المنظمة من قبل الحكومات والهيئات أو الأفراد للتأثير في وظيفة اللغة وبنيتها واكتسابها في مجتمع ما “، ووضع سياسة لغوية ، وهي: “المنطلقات والموجهات الرئيسة التي يضعها صاحب القرار لتوجيه الشأن اللغوي في مجتمع ما وتنبثق منها أنظمة وقوانين ولوائح ومبادرات لغوية. وأول خطوات التخطيط اللغوي والسياسات اللغوية –التي تتشابه في أهميتها للدولة بالسياسات النقدية -،هي :التعرف على الواقع الذي نعيشه ونسعى إلى تحسينه أو تغييره ..

وحتى نقرب الصورة أكثر سنستعرض فيما يلي مدى التشابه بين السياستين اللغوية والنقدية :

أوجه التشابة بين السياسة اللغوية والسياسة النقدية.

  • اللغة هي أداة تداول الأصول غير المادية ومن أدوات السياسة اللغوية ،في حين النقد يمثل أداة لتداول الأصول المادية وأداة من أدوات السياسة النقدية.
  • الترجمة مقابل تحويل العملة .. واللغة الأجنبية مقابل النقد الأجنبي، حيث يتشابه ترجمة محتوى من لغة إلى أخرى بتبديل سلع بواسطة النقود. فالمترجمون للغة كالصرافين للعملة، يقوم الأولون بلعب الوساطة لتحويل نفس الأفكار المعبر عنها في لغة معينة و إعادة إنتاجها بلغة أخرى.
  • القيمة الاقتصادية للغة يقابلها قيمة العملة ؛ هناك توازي بين تطور اللغة وتطور العملة، وتشابه بين استخدام الكلمات واستخدام النقود، خاصة وأن كليهما يستمد قيمته من التبادل، وأنه لكليهما قيمة وحاجة اجتماعية، وأن لكليهما نظام اجتماعي.
  • هناك حرب اللغات كحرب العملات [26]؛ فالصراعات اللغوية اليوم، تتوازى وتتقابل بشدة مع ترتيبات وصراعات العملات، فالمواجهة بين الدولار، اليورو ، والين: هي الوجه الآخر لصراع لغات، ثقافات وحضارات أمريكا، أوروبا،واليابان .
  • تنتعش الدولة بتوفر الذخيرة اللغوية كما الحال بتوفر السيولة المالية ، فكما للدولة رصيدًا من الثروة النقديّة، لها أيضًا رصيد من الثروة اللغويّة، وكل من العملة واللغة تصك، ويُعتنى بتنظيم صكها،ولا تترك من دون تحكم ومتابعة من الدولة،وتأتي قيمة النقد وكذلك قيمة اللغة من تداولها، فإذا أهملت الدولة التداول بعملتها أو بلغتها (( التعليم بغير اللغة الوطنية ))؛ فإن لهذا آثاراً اقتصادية هائلة.[27]

وفي سياق ماذكرنا أعلاه في اقتصاديات اللغة وعلاقتها بالتخطيط اللغوي والسياسة اللغوية ، يمكن أن نحدد الممارسات العملية الرئيسة التالية :”النظر للغة كمورد استثماري يجدر بالدولة الاستفادة منه بصورة فاعلة لتحقيق عائدات مهمة للدخل القومى، والنظر للاقتصاد كداعم للشأن اللغوي من حيث استغلال مكانة المملكة الاقتصادية لدعم اللغة العربية وتمكينها دوليًا،والاستفادة من المعطيات الاقتصادية-استثمار بعض المفاهيم كالتكلفة ، وآلية توفيرها والعائد الاقتصادي -؛ لاتخاذ قرارات التخطيط اللغوي ووضع سياسة لغوية كالسياسة النقدية. فضلًا عن الإستفادة لاحقًا من المعطيات الاقتصادية لتقييم وتعديل سياسة لغوية قائمة وتخطيط لغوي منجز.

إلا أن تحليل البعد الاقتصادي للغة ليس بهذه السهولة. فقد يصبح ضخ أموال عامة في بعض اللغات خيارًا غير رشيد وفقًا لآلية ” النفقة – العائد “؛ لأن هذا الاستثمار لن يحقق أو يعد بتحقيق عوائد اقتصادية مناسبة في حالة انخفاض القيمة الاقتصادية للغة في السوق الدولية للغات. مما يتطلب مزيد من اهتمام متخذي القرار ، ومن قبل علماء اللغة وعلماء الاقتصاد والمخططين اللغويين لتبني سياسة لغوية تركز فيها على البعد الاقتصادي للغة العربية؛ لقابلية هذه الاستثمارات اللغوية للنمو بسبب تزايد الطلب على برامج المعالجة اللغوية ؛نظرًا لاتساع سوق اللغة العربية في المنطقة العربية والدولية، وإقبال غير العرب على برامج تعلمها.

ومضة

“وما ذلَّت لغة شعب إلا ذلّ، ولا انحطت إلا كان أمره في ذهاب وإدبار”.[28]

خلاصة القول ..

يجب التعامل مع اللغة والمحتوى اللغوي  كثروة اقتصادية ؛ فتراكم المعرفة باللغة ‏العربية ‏يساوي تراكم الأصول غير المادية،وتداولها يوازي تداول السلع في السوق. وعلى متخذي القرار في المملكة جعل اقتصاديات اللغة العربية من الأوليات  ، والتعامل مع ملف اللغة  كملف استثماري ورافد اقتصادي هام، يُدعم بتخطيط لغوي وسياسة لغوية. هذا إلى جانب الاهتمام بالتصدير اللغوي للبرامج والتقنيات التي تعالج منظومتها. وإيجاد لغة برمجية عربية متطورة تستطيع اللحاق بركب اللغات العالمية تتبناها جهة حكومية أو صندوق استثماري تحت مظلة مجمع الملك سلمان العالمي للغة العربية ؛ لأن الاجتهادات الفردية غير مجدية حاليًا في مواجهة الشركات العالمية.والتأكيد على أن نهضتنا الاقتصادية مرهونة  بنجاحنا في إعادة احياء العربية كلغة للعلم والتكنولوجيا بتوفير العلوم بلغتنا الأم ،وتعريب التعليم خاصة الجامعي بجميع تخصصاته.مع ضرورة مواكبة اللغة العربية لكل ما يستجد من تقنيات لغوية حديثة والاستفادة من الذكاء الصناعي في هذا المجال . والحرص على اكتساب أطفالنا للغة العربية الفصحى في سن ‏مبكرة، وتعويدهم على استعمال لغتهم الأم منذ بواكير نشأتهم؛ حتى تكون اللغة ‏الأصلية جز ًءا من مكونهم الفكري . فضلًا عن التغلب على أي عوائق تنظيمية وبيئية تعيق توفر بيئات استثمارية جاذبة للغة ، وتشجيع استخدام الفصحى  في أماكن العمل وداخل أروقة المصالح الحكومية  وفي مؤسسات التعليم العالي .والحث على إجراء المزيد من الدراسات البحثية ومعرفة مكامن الخلل واستقصاء بعض حالات الاستثمار اللغوي الناجحة . مع التنويه على أن عبء النهوض بالبعد الاقتصادي للغتنا العربية لا يلقى على كاهل جهة واحدة، وإنما هو مسؤولية جماعية؛ فلغتنا العربية محتاجة إلى استفادتنا من كنوزها أكثر من حاجتها إلى الندوات والمؤتمرات التي تبقى في دائرة النقاش دون تطبيق.

وما أجل وأعظم أن نجتمع جميعًا على حب لغتنا الجميلة ، والتفاني قولًا وعملًا في خدمتها..


[1] الأمير تركي الفيصل،ملتقى”اقتصاديات تعليم اللغة العربية-لغة ثانية”،نظمه مركز الملك فيصل للبحوث والدراسات الإسلامية2016

[2] اللساني البريطاني ديفيد غرادول

[3] المستشرق مرجليوت الأستاذ بجامعة أوكسفورد‏

[4] محمود السيّد : قضايا راهنة للغة العربيّة، وزارة الثقافة – الهيئة العامّة السوريّة للكتاب، 2016.

[5] الأمير تركي الفيصل،ملتقى”اقتصاديات تعليم اللغة العربية-لغة ثانية”،نظمه مركز الملك فيصل للبحوث والدراسات الإسلامية 2016 م.

[6] فعليًا يعاني المجتمع السعودي من ثنائية اللغة،(العامية)في الحياة العامة،(الفصحى) ‏على مقاعد الدراسة والمؤتمرات العلمية،(الإنجليزية) في سوق العمل،والنتيجة أضعنا لغتنا وأهملنا في تعليمها التعليم الصحيح لأبناءنا وتعلم الوافدين منا لغة عربية مكسرة. ‏

[7] ﺣﺮص اﻟﻴﻬﻮد ﻋﻠﻰ ﻋﻤﻠﻴﺔ الترويج للعبرية دوليًا، وﺗﺪﻋﻴﻢ اﻟﻌﻮاﻣﻞ اﻟﺜﻘﺎﻓﻴﺔ من خلال دعم الطباعة والصحف وتأسيس الجمعيات اللغوية وعبرنة الفنون ، وكما هو معروف،اﻟﻠﻐﺔ واﻟﺪﻳﻦ هما عنصران مركزيان ﻷي ﺛﻘﺎﻓﺔ أو ﺣﻀﺎرة أو لغة يكتب لها اﻟﺒﻘﺎء . وﻳﺒـﺪو ﻫــﺬا ﺟﻠﻴــًا ﰲ رﺑـﻂ العبرية ﺑﺎﻟﺪﻳﺎﻧــﺔ اﻟﻴﻬﻮدﻳـﺔ. وكانت الجدوى الاقتصادية من تكلفة عملية إﺣﻴﺎء العبرية -التي ﺳـﺎﻫﻢ ﻓﻴﻬـﺎ اﻟﻴﻬـﻮد ﻣـﻦ روﺳـﻴﺎ وأﳌﺎﻧﻴـﺎ وﺑﻮﻟﻨـﺪا بخاصةﰒ ﺑﻘﻴـﺔ ﻳﻬـﻮد العالم-أﺿﻌﺎﻓﺎ ﻣﻀﺎﻋﻔﺔ؛ أﻻ وﻫﻰ إﻗﺎﻣﺔ “دوﻟﺔ ﻋﺒﺮﻳﺔ .”د. عبد العظيم أحمد عبد العظيم ، التخطيط اللغوي لتأصيل الهوية العبرية في فلسطين.

[8] لا يفوتنا الإشارة هنا لجهود مركز الملك عبدالله للغة العربية في دعم وتمكين اللغة العربية في الداخل والخارج ، وإلى عشرات الملايين التي صرفتها المملكة لنشر اللغة العربية في الخارج،بإنشاء معاهد للعلوم الإسلامية والعربية في كل من : موريتانيا ، أندونيسيا ، جيبوتي ، واشنطن. وكذلك إلى المبادرة العالمية التي أطلقتها هيئة تقويم التعليم والتدريب للاعتماد الأكاديمي لمراكز وبرامج تعليم اللغة العربية لغير الناطقين بها حول العالم تزامنًا مع اليوم العالمي للعربية 2020، التي تأتي تعزيزًا لمكانة المملكة العربية السعودية ومسؤوليتها التاريخية والإسلامية وريادتها في الحفاظ على اللغة العربية، وسد الفجوة في جودة تعليم برامج اللغة العربية لغير الناطقين بها واعتمادها، وضمان مستوى جودة هذه البرامج  ورفع جودة مخرجاتها.

[9] الاستثمار في اللغة العربية ، مباحث لغوية (3) ، مركز الملك عبدالله بن عبدالعزيز لخدمة اللغة العربية.

[10] Organization for Economic cooperation and development (OECD), The Knowledge Based Economy ;1996.

[11] ظهر مصطلح “اقتصاديات اللغة” لأول مرة في العام ‏1965،د.محمود بن عبدالله المحمود، التخطيط اللغوي الاقتصادي: رؤية نحو العربية

[12] ‏”مما يدل على توسع العرب قديمًا في المسائل الاقتصادية، كثرة ألفاظ اللغة العربية الدالة على المال، ‏لكل منها معنى من المعاني الاقتصادية التي ترجع إلى الاستثمار ‏وغيره، منها «التلاد -المـال الموروث-، والركاز -المال المدفون- والضمار -المال لا يرجى-، والطارف -‏المال المستحدث-، والتالد -المال القديم-“.‏ ‏ كريم ربيع، مقال بعنوان “في يومها العالمي.. هل ‏تراجعت اللغة العربية اقتصاديا؟”‏

[13] Organization des Nations Unis pour l’Education, la Science et la Culture : „VITALITE ET DISPARITION DES LANGUES

[14] ويرجع ذلك لتأثر اللغة اللاتينية بعصر النهضة الأوروبية تأثرًا ملحوظًا باعتبارها اللغة التي كان يستخدمها رجال الدين، وتم نقل العديد من المؤلفات، والمخطوطات، والكتب المؤلفة بها إلى مجموعة من اللغات الأوروبية المحكية، الأمر الذي أدى إلى انخفاض نسبة مستخدمي اللغة اللاتينية.

[15] د. محمد مرياتي، الخبير ببرنامج الأمم المتحدة الإنمائي، برنامج تدريبي عن اللغة والاقتصاد.  

[16] من التجارب المثيرة للانتباه لتأثير اللغة الكبير في الاقتصاد تجربة رواندا الاقتصادية والتعليمية،التي كانت تعيش حربًا أهلية ذهب ضحيتها عشرات الآلاف وأصبحت اليوم من أقوى اقتصاديات افريقيا لاعتماد الانجليزية في النظام التعليمي بدلًا من الفرنسية، والتوجه لاقتصاد قائم على الطاقة البديلة.

[17] من أبرز الأمثلةعلى ذلك، أن تعزيز الاقتصاد في كاتالونيا (إسبانيا) كان عامًلا رئيًسا في تشجيع استخدام اللغة الكاتالونية في الإقليم، مما عزز مكانة اللغة في المناطق الأخرى الناطقة بالكاتالونية أيضًا.

[18] استأذنكم هنا في الإشارة إلى فخرنا ببرنامجين تقدمها الجامعة السعودية الالكترونية لخدمة اللغة العربية: الأول هو العربية على الإنترنت Arabic-online.net ، والثاني هو اختبار العربية المعياري   Standardized Arabic Test،وهو ‏اختبار ناجز ومقنن مقابل لاختبارات التوفل والآيلتس في الإنجليزية.

[19] هناك مقولة شهيرة للمستشار الألماني الأسبق( ويلي براندت)” إذا أردتُ أن أبيعـــك بضاعتي يجب أن أتحدث لغتـك وإذا أردتَ أن تبيعني بضاعتــك فعليك أن تتحدث بالألمانيـة”

[20] يصعب وجود أمثلة واقعية لدول تشهد تعددية لغوية كبيرة نسبيًا، وتتمتع باقتصادات قوية، لكن هذا لا يمنع من وجود بعض الاستثاءات الناجحة ، كدولة سويسرا التي يتحدث شعبها ب 3 لغات ( فرنسية، ألمانية و إيطالية).

[21] ﻟﻠﻐﺔ اﳌﻜﺘﻮﺑﺔ ﻓﺮﺻﺔ ﻧﻔﺎذ أﻛﱪ ﻣﻦ اﻟﻠﻐﺔ اﳌﻨﻄﻮﻗﺔ،واﻟﻜﺘﺎﺑﺔ ﲡﻌﻞ ﳍﺎ أﺻﻮﻻ،ﺣﱴ ﻟﻮ زاﻟﺖ ﻓﻔﺮﺻﺔ زوال ﻟﻐﺔ ﻣﻨﻄﻮﻗﺔ ً أﻛﱪ ﻣﻦ ﻓﺮﺻﺔ زوال اﻟﻠﻐﺔ اﳌﻜﺘﻮﺑﺔ

[22] Louis-Jean Calvet, Il était une fois 7 000 langues, Paris, Fayard, 2011, 267 p.

[23] يحكى أنه في أحدى اجتماعات البرلمان الأوربي ترك الرئيس الفرنسي شيراك القاعة: لأن المندوب الفرنسي تكلم باللغة الإنجليزية احتجاجًا على مواطنه الذي تكلم بلغة غير الفرنسية. 

[24] محمود بن عبدالله المحمود، “التخطيط اللغوي الاقتصادي: رؤية نحو العربية”يوضح أحد التقارير المعني بنشر الفرنسية في العالم الجهود المبذولة للتأكيد على مكانة الفرنسية كلغة عالمية ،وأنها لغة للاقتصاد الدولي-يعتبر الاقتصاد الفرنسي الخامس عالميًا-وتمثل الدول الناطقة بالفرنسية( 12 %) من التجارة الدولية، ويخصص لنشر اللغة الفرنسية أكثر من 700مليون يورو من الميزانية السنوية،أوجدت 30 ألف وظيفة في فرنسا نتيجة للحراك الاقتصادي مع الدول الناطقة بالفرنسية.ويتم تدريب أكثر من  ( 10) آلاف دبلوماسي أجنبي سنويا في فرنسا بدورات لغوية. وهناك دولة أخرى تستحق النظر-كندا-لتي تعيش تعددية لغوية إذ تهيمن عليها الإنجليزية ويتم الاعتراف بالفرنسية لغة ثانية في عموم البلاد،  فمن تقرير اقتصادي لتقييم الصناعة اللغوية في كندا بين لنا حجم إسهام الصناعة اللغوية في الاقتصاد الكندي بحوالي( 2.7) مليار دولار، وتوفير (51700 ) وظيفة، وحظي قطاع الترجمة بالمساهمة الأكبر في الصناعة اللغوية بحوالي( 1.2 ) مليون دولار ، وتوفير (25200)  وظيفة . 

[25] تجدر الإشارة إلى أن العلاقة بين القسمين علاقة تبادلية؛ فالاستثمارات اللغوية التي تسهم في تحسين الانتفاع اللغوي تؤثر إيجابًا في دعم الاستثمارات اللغوية التي تسهم في الانتفاع الاقتصادي. 

[26] من الحروب اللغوية التي نشبت في أواخر الثلاثينيات من القرن التاسع عشر الميلادي ، (حرب المعاجم)، في الولايات المتحدة الأمريكية ، وفيها استعرت حدة المنافسة التجارية في مجال اللغة وأسفرت عن تأكيد استقلال أمريكا والحفاظ على هويتها من التأثر اللامحدود ببريطانيا العظمى. ومن الأمثلة الأخرى للصراع بين الكلمات واللغات ما حدث بين اللغة العربية واللغة القبطية فى مصر، عندما بدأت حروب الفتح العربى لمصر سنة 20هـ / 640م أ،خذت اللغة العربية تحل محل القبطية .وفى عام 87هـ/ 706م أصدر والى مصر أنا ذاك عبد الله بن عبد الملك بن مروان أوامره بإحلال العربية محل القبطية.

[27] د. محمود السيد ،محاضرة «الاستثمار في اللغة العربية ثروة قومية في عالم المعرفة» ،2015 م،مجمع اللغة العربية، سوريا.

[28] أصدق قول عن اللغة للأديب مصطفى صادق الرافعي.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *