الورقة الرئيسة: التهديد التركي للأمن العربي، حجمه وكيفية مقاومته
د. سلطان الأصقة
التهديد التركي لأمن الخليج العربي ومصر أنموذجاً
شكراً للدكتور سلطان فالح آل حثلين على ورقته القيمة عن التهديد التركي للأمن العربي وإن جاءت متأخرة إلى الوقت الذى بدأ العثمانيون الجدد استعمال القوة الصلبة بعد الناعمة تجاه العرب عموماً والمملكة العربية السعودية ومصر ودول الخليج خصوصاً باستثناء قطر . تَمثًلَ الموضوع في المقدمة الموجزة عن التهديدات والمخاطر والأسباب والظروف والمخاطر التي تواجه دول ومجتمعات في شأنها الداخلي أو في أمنها القومي والإقليمي وعلى كافة الأصعدة، مستغلةً تشرذم الحالة العربية وانتشار الفوضى المدمرة التي صنعتها أمريكا لتصل أهدافها.
أتبع ذلك بمسح تاريخي واستقراء موجز لحوادث سابقه عن العلاقات التركية العربيه بين مدٍ وجزر وتدخلات تركيه في الأمن العربي إلى ما نراه اليوم يتهدد أمن الأمة العربيه ومجالها الحيوي .
لقد تتبع الدكتور سلطان الوقائع التاريخية منذ رحيل الحكم العثماني عن البلاد العربية ١٩١٨هـ إلى بروز العثمانيون الجدد المرتبط بصعود حزب العدالة والتنمية بقيادة أردوغان وحكومته وحزبه وتغيير نظام الحكم من نظام برلماني إلى نظام رئاسي يطمح أردوغان من خلاله أن يكون خليفة المسلمين السنه المنتظر وإعادة الخلافة العثمانية على ممالكها القديمة، مستخدمين وسائل القوة الناعمة بأنواعها المختلفة التي آتت أكلها إلى درجة اطمئنانها إلى استخدام القوة الصلبة بعد اندلاع ثورات الربيع العربي 2011م التي أفصحوا عنها بأنها الفرصة التى يجب اغتنامها للتدخل في شؤن العالم العربي وتحقيق حلم السيطرة على العرب،متخذين من مناصرة جماعة الإخوان المسلمين سبيلاً لوصولهم إلى السلطه فى كثير من الدول العربيه وخاصةً مصر،والسعي الحثيث إلى التواجد فى مناطق الصراعات العربية والإفريقيةالموالية للدول العربية الإفريقيه المطلة على البحر الأحمر والمحيط الأطلسي، كل ذلك داخل فى عداد تطويق الخليج العربي ومصر .
هاهي قد مدت نفوذها العسكري والأمني، وزرعت قواعدها واتفاقياتها الأمنية والعسكرية والجيوسياسية والإقتصادية مع كثير من دول الشرق الأوسط ( قطر، الصومال، ليبيا، أثيوبيا، الجزائر،تنزانيا، أوغندا،السودان وغيرها، واحتلت جزء من الشمال والشمال الشرقي لسوريا، وبعض أراضي الشمال العراقي بحجة محاربة الحزب الكردي التركي بتواطؤ أمريكي، وبدأت تشكيل ميلاشيا فى اليمن من خلال القاعده وفلسطين مع حماس وليبيا مع حكومة الوفاق الذين تعود أصول قادتهم إلى تركيا، وكذلك تونس من خلال حزب النهضة، راغبةً وساعيةً إلى تطويق مصر ودول الخليج من جهات متعددة بمرتزقه وميليشيات وأحزاب داعشيه كما فعلت إيران من تكوين حشود شعبيه وأحزاب فى العراق وسوريا واليمن ولبنان، ولا ننسى الخلايا النائمة في دول الخليج ومصر، وتأثر بعض المؤدلجين وثبج العامه بالأنموذج التركي الذى للأسف كانت ولا زالت تبثه بعض القنوات العربيه وبالذات الخليجية.
بعد فشل حكم الإخوان في مصر وتونس، تبنت تركيا الأردوغانيه توظيف جماعات الإرهاب وداعش الإرهابية ودعمها في سوريا والعراق وتوثيق العلاقة بهما واضعةً فى الإعتبار تجنيدهم في النهاية ضد مصر ودول الخليج.
إلى كل ما سبق وما أوضحه الدكتور سلطان من نزعات استعماريه جديده تمارسها تركيا تجاه العالم العربي وبالأخص تجاه مصر ودول الخليج باستثناء ربيبتها قطر التي أصبحت فى حكم المستَعْمَرة سياسياً واقتصادياً وعسكرياً لتركيا، نضيف نقاطاً جوهريه أغرت تركيا وإيران وغيرهما للتدخل في شؤن الأمة العربية لتقسيمها واقتسام السيطرة عليها وهي:-
١- التمزق والضعف العربي السياسي والديني والطائفي والعسكري والإقتصادي الذى أخضعها للقوى العالمية الكبرى ،وقبول تدخل هذه الدول فى شؤنها الداخلية، مما حقق فرصاً جليله لسيطرة أعدائهم الإقليميين .
٢- الفوضى الخلاقة التي أشعلت فتيلتها أمريكا وأفسحت الطريق لإيران وتركيا لتقوم بدور حصان طرواده تمزيقاً وتدميراً واستعماراَ.
٣- إستثمار إيران وتركيا لثورات الربيع العربي لتحريك الإسلام السياسي والطائفي فى الوطن العربي بثوب ثيوقراطي اقتداءً بنموذجيهما: الفكر الإخواني السني والفكر الصفوي الشيعي .
٤ـ الذهاب إلى أبعد من ذلك . التعاون فيما بينهما للتدخل في شؤن العالم العربي وتقاسم النفوذفيه، تُوٍجَ بإنشاء مجلس التعاون التركي الإيراني يترأسه رئيسي الدولتين، وإشراك قطر التعاون معهما رغم العداء التاريخي الديني والخيانات الصفويه والطعن في الظهر للخلافة العثمانيه والإسلام السني العريض، وحتى مساعدة الحزب العمالى التركي ضد تركيا في العصر الحديث.
٥-من الغريب المخجل أن كليهما يُنفذ أجندته وأديولوجيته ونفوذه بأيدٍ عربيه قلما يُقال في حقها أيدٍ عميله وخائنه، حزب الله والحوثي والحشد الشعبي العراقي لإيران، وداعش والقاعدة والنصره والإخوان لتركيا، إضافةً إلى خلاياهما النائمة الخائنة في البلدان العربية.
٦-الدور اللوجستي والمالي والإعلامي القطري لمصلحة تركيا وإيهام الأب الوالد(حمد آل خليفه) بدور في الخلافة المزعومة، ولولا هذا الدعم القطري وبالذات المالي والخلافات العربية لما استطاعت تركيا أن تقوم بما تقوم به الآن سياسياً وعسكرياً وعقائدياً في سوريا وليبيا والعراق والصومال وباقي دول المنطقة وبتواطؤ أمريكي.
٧- الدور الأمريكي المتباين المتناقض الذى يُمارس مع كل الأطراف في المنطقة، سواء أكان مع الحلفاء ( دول الخليج وتركيا ومصر والعراق وغيرها) أو مع ما تدًعي أمريكا أنهم أعداء(إيران روسيا وغيرها ) . أوباما وحزبه مكًنوا إيران من السيطرة على العراق وسوريا ولبنان ودعم الحوثيين في اليمن حتى أصبح من الصعب خروجهم أو إخراجهم منها، وكادوا يمكنون الإخوان في مصر كما ذكرت هيلاري كلنتون وزيرة الخارجية في مذكراتها، وإدارة ترمب وحكومته وحزبه تركت لتركيا لتلعب الدور في شمال وشمال شرق سوريا وشمال العراق مع روسيا وإيران، مما مكنها من التعامل مع الفصائل المتطرفة ودعمها واستخدام مقاتليها كمرتزقه تدفع بهم للقتال في الصراعات العربية كما هو حاصل في ليبيا وشرق المتوسط وغيرها. في رأيي أن السياسة الأمريكية في الشرق الأوسط غير موثوق بها مع الجميع، كل ذلك لمصلحة إسرائيل أولاً ولمصالحها ثانياً .
والسؤال الذى يتبادر للذهن هو : هل أمريكا تدفع أردوغان كما فعلت مع صدام لإقحامه في المشاكل في الداخل التركي كبلد مسلم سني وفى الخارج وبالذات مع الدول العربية لتدمير تركيا والدول العربية التي لم يطالها الربيع العربي لاكتمال هدفها نشر الفوضى التدميرية في البلاد العربية السنية ؟ أسئلة ورؤى كثيره عن ما يدور في الشرق الأوسط من سياسات وصراعات وتحولات آخرها تطبيع بعض الدول العربية مع إسرائيل والبعض الآخر قادم . كل ذلك يحتاج إلى نقاش مستفيض من مفكري أسبار للخروج بتوصيات تستحق الأخذ بها، وبالله التوفيق !