الورقة الرئيسة: فرص الابتكار الإعلامي
كاتب الورقة:
د. سعيد بن عبد الرحمن العمودي
المعقبون:
– د. سعيد قشاش الغامدي معقب
– أ. عبير علي العلي
– د. هاني بن ابراهيم الغفيلي
مدير الحوار
– أ. مها مصطفى عقيل
منذ انتشار شبكة الأنترنت في التسعينات، متبوعة بالتطورات الأخيرة في وسائل الإعلام المحمولة، أدى إلى تغييرٍ كبيرٍ في سرعة صناعة ونقل الخبر ثم تداوله بين الناس. من الصعب اليوم أن نتخيل حدثا -أيًا كان نوعه- عامًا أو خاصا لم يتم توثيقه وبثّه عبر الإنترنت ووسائطه المحمولة، بالإضافة إلى الصحافة والسينما وأشكال الترفيه الأخرى، إذ يتم استخدام الابتكارات الإعلامية على نطاق واسع الآن للتواصل بين الأفراد والجماعات، و أيضا في مجال التربية والتعليم والعمل (Ní Bhroin and Milan 2020). كما أصبح الابتكار أكثر أهمية عندما بدأ شاغلو الوظائف الجدد من أصحاب البرامج الإلكترونية في جني أرباح كبيرة على حساب مجموعات وسائل الإعلام القديمة (Nunes and Canavilhas 2020).
الابتكار في أحد معانيه يعني التغيير، في المنتجات والخدمات الإعلامية، التغيير في عمليات إنتاج وتوزيع وسائل الإعلام، التغيير في ملكية وتمويل وسائل الإعلام، التغيير في أدوار المستخدمين، والتغيير في أفكارنا عن وسائل الإعلام (Storsul and Krumsvik 2013).
واليوم، فإن مزيج المعلومات الإخبارية، والترفيهية، والتعليمية والطبية وغيرها على الإنترنت إلى جانب سهولة الوصول إلى نشر المعلومات عبر مواقع التواصل المختلفة قد أثر على الصحافة الورقية والتي كانت على مدى عقود متربعة على عرش الإعلام المقروء. إضافة إلي أن مواقع التواصل أصبحت ذات مسميات متعددة يطلق عليها الإعلام الجديد أو الإعلام الفوري، أو الإعلام البديل، أو إعلام المواطن (المالك 2020) .
الخاصية المشتركة هي السرعة الفائقة في نقل الخبر الآني، والصورة الحية، والمتابعة المستمرة، لكل ما يجري في العالم مباشرة، مدعوماً بالصوت، والنقل الحي من موقع الحدث. ما يعني أن وسائل الإعلام الجديد تقوم بما تقوم به وسائل الإعلام التقليدية مجتمعة، من إذاعة، وتلفزة، وصحافة ورقية.
هذا الواقع أفرز تحدياً كبير جدا، فخلال السنوات القليلة القادمة سيكون لدينا جيل كامل نشأ على استخدام الأجهزة الذكية، وأتقن استخدام الإنترنت والمنصات المرتبطة بها، وعاش على الثقافة الرقمية وأصبحت جزءاً مهما من حياته، ولا يحمل أي ولاء تاريخي أو عاطفي للصحفية الورقية ولا للتلفاز (نصر 2019).
هذا النمط الجديد من الجمهور يتطلب قدرة فائقة من المؤسسات الإعلامية في الإبداع والابتكار؛ ليواكب التطلعات الاقتصادية لأصحابها، وأيضا يضمن مواكبتها للنمو السريع لوسائل التقنية المختلفة. جوانب الابتكار الإعلامي المنشودة تشمل أيضا الإعلاميين المحترفين، إذ يتطلب منهم إتقان مهارات جديدة سواء في جمع المعلومات والأخبار أو في تحرير وكتابة وتقديم المحتوى الإعلامي كي يتوافق عملهم مع طبيعة وسمات المستخدمين الجدد.
ركزت الكثير من البحوث الإعلامية على التغيير بتغيير الوسائط الإعلامية والتي تعني الإعلام الجديد والأنواع الجديدة والطرق الجديدة لاستخدام الإعلام، أيضا البحث في التطورات الإعلامية الجديدة وسياقاتها السياسية والثقافية والاقتصادية، والأشكال الجديدة لمشاركة المستخدمين هي أيضا قضايا مهمة في البحث الإعلامي. ومع ذلك، فإن هذا القلق من وسائل الإعلام الجديدة لم يتم إلى حد كبير على أساس اعتبارات نظرية واضحة حول الإبداع والابتكار.
هذه الورقة تناقش مفهوم الابتكار الإعلامي وطبيعته وكيفية تنميته في المؤسسات الإعلامية المختلفة.
مفهوم الإبداع والابتكار
هناك خلط كبير بين مصطلحي الإبداع Creativity والابتكارInnovation، وكثير من الأدبيات لا تفرق بينهما في التعريف، لذلك من المهم لهذه الورقة أن نستعرض المفهومين والفرق بينهما. سنبدأ أولا بتعريف مفهوم الإبداع ثم يتبعه تعريف الابتكار وننتهي بتعريف الابتكار الإعلامي.
يؤكد (Pappalepore 2010) ، بأن الإبداع مفهوم حديث نسبيًّا، يعود ظهوره إلى قرن سابقٍ من الزمان. وفي محاولة للتعرّف إليه، يؤكد (Pratt 2011) أن مصطلح (الإبداع) هو واحدٌ من أكثر المصطلحات تعقيدًا في اللغة الإنجليزية، لذلك لا يوجد تعريف واحد متعارف عليه عالميًّا، حيث ذكر (Stenberg 1999) أكثر من ٦٠ تعريفا للإبداع. وعليه فإنه من المفيد -في هذه الورقة- أن نسرد عددًا من التعريفات، يتناول كل واحدٍ منها زاوية مختلِفة، وبالرغم من هذا الاختلاف إلا أنّ هذه التعريفات يجمعها عنصر مشترك، ألا وهو (الإتيان بشيء جديد).
من هذه التعريفات ما ركَّز عليه (28،Csikszentmihalyi 1996) بأنّ الإبداع هو عامل للتغيير أو التحوُّل، إنّه “كلّ فعل أو فكرة أو منتج يغيّر مجالًا موجودًا مُسبقًا، أو يقوم بتحويل ما هو موجود مسبقًا لشيءٍ جديد”.
ويُعدّ (Rhodes 1961) أحد أفضل تعريفات الإبداع وأشهرها، فقد ذكر أنّ الإبداع مُركَّب يتألف من أربعة عناصر مميّزة اختصرها بالإنجليزية إلى of Creativity 4Ps، وهي الأحرف الأولى للكلمات: Person, Process, Product and Press، وبالعربية كالآتي:
الشخص، العمليّة، المنتَج، والبيئة، حيث إنّ الشخص يقوم بعملية التعرّف وإيجاد خصائص الشخص المبدع، أما العمليّة فتشمل مكوّنات الإبداع. والمنتج هو الحصيلة النهائية للعمليّة الإبداعيّة، والبيئة هي المكان المحفز للإبداع بالاستكشاف والتجريب، وتكوين روابط جديدة، تسهم في حل المشكلات.
الإبداع الاقتصادي هو عملية متحرّكة تقود نحو الابتكار التقني والتجاري، والتسويقي وغيرها، وهو مرتبط كثيرا بالسعي لكسب ميّزات تنافسيّة، هذا التعريف من مؤتمر الأمم المتحدة للتجارة والتنمية) الأونكتاد) (UNCTAD 2010, 3) يقدّم لنا فهمًا أشمل للعملية الإبداعيّة، يضم المجالات الفنيّة والعلمية والاقتصادية، وهي أهم مجالات الإسهام في العملية الإبداعيّة وفق التالي:
“الإبداع الفني: ينطوي على الخيال والقدرة على توليد أفكار أصلية وطرق جديدة لتفسير العالم، يتم التعبير عنها في النص والصوت والصورة. الإبداع العلمي: ينطوي على الفضول والاستعداد للتجربة وإجراء اتصالات جديدة في حل المشكلات. الإبداع الاقتصادي: عملية ديناميكية تؤدي إلى الابتكار في التكنولوجيا وممارسات الأعمال والتسويق وما إلى ذلك، وترتبط ارتباطًا وثيقًا باكتساب مزايا تنافسية”.
الابتكار
نفس التحدي الذي واجهنا في تعريف الإبداع هو نفسه في توضيح مفهوم الابتكار، تنوع التعريفات أدى بشكل عام إلى واقع بأنه لا يوجد فيه تعريف واضح وموثوق للابتكار(Amabile 1988) والسبب أن كثيرا من التعريفات للابتكار تتطابق بشكل كبير مع مفهوم الإبداع الذي تطرقنا له سابقا، وتختلف من تخصص إلى تخصص، ولذلك التعريف الذي يسهل الفهم للابتكار بكافة أشكاله ما عرفه (Amabile 1988, 126) بأنه “التنفيذ الناجح للأفكار الإبداعية داخل المنظمة”. بمعنى نقل الفكرة الإبداعية من الورق إلى السوق هي جوهر الفرق بين الإبداع والابتكار. يمكن أيضا أن يفهم الابتكار بأنه الاعتماد على التقنيات الحالية والمنتجات الجاهزة، ونقل المعرفة الموجودة بحيث تُنفذ في سياقات جديدة. كذلك يؤكد (Burkus 2016) هذا الفهم للابتكار بأنه” تطبيق الأفكار الجديدة والمفيدة”. كما حددت الباحثة بوبعة عبد الوهاب بأن معادلة الابتكار هي وفق التالي: الإبداع + التطبيق= الابتكار (عبدالوهاب 2012).
الابتكار الإعلامي:
من خلال المراجعة السابقة لتعريفات الإبداع والابتكار، والتي تراعي أهمية الإبداع والابتكار معا، وعندما نركز على الابتكار في هذه الورقة فهو يعني أيضا الإبداع. حيث الإبداع يركز على تنمية الحماس للأفكار الجديدة والابتكار يركز على التطبيق للأفكار الجديدة والحلول. يمكن أن نعرّف الابتكار الإعلامي بأنه: “القدرة على الاستجابة للمتغيرات في المنتجات والعمليات والخدمات باستخدام المهارات الإبداعية التي تسمح بتحديد المشكلة ، وحلها من خلال حل ينتج عنه إدخال شيء جديد يضيف قيمة للعملاء وللمنظمة الإعلامية”(García-Avilés et al. 2018, 27).
العوامل المؤثرة على الابتكار الإعلامي:
تشير دارسة ما هو الابتكار الإعلامي ل (Storsul and Krumsvik 2013 ) إلى التأثيرات الرئيسية على الابتكارات في وسائل الإعلام، بأن التأثيرات الداخلية والخارجية لهذه الابتكارات عديدة وتشمل: (1) التكنولوجيا ، (2) فرص السوق وسلوك المستخدم ، (3) سلوك المنافسين ، (4) التنظيمات والتشريعات ، (5) معايير الصناعة ، (6) استراتيجية المنظمة ، (7) القيادة والرؤية ، (8) الهيكل التنظيمي ، (9) القدرات والموارد ، (10) الثقافة والإبداع. وسيتم توضيح علاقة هذه العناصر مع الابتكار الإعلامي وفق التالي:
- التكنولوجيا: الابتكار يرتبط بالتكنولوجيا ارتباطًا لا ينفصم. تشير (Küng 2013) إلى أن الابتكار هو محرك التقدم التكنولوجي وتلفت الانتباه إلى ضرورة ابتكار المؤسسات الإعلامية من أجل الاستجابة للتقدم التكنولوجي. على سبيل المثال الابتكار الذي قامت به شركة Apple، بابتكار الأيبود iPod ورافقه إنشاء منصة الايتونز iTunes وكانت أول من بادر تجاريًا للتنزيل الرقمي للموسيقى(Storsul and Krumsvik 2013).
- فرص السوق وسلوك المستخدم: الفهم العميق لفرص السوق وسلوك المستخدم الذي يتيحه التقدم التكنولوجي، التي تمت مقاومتها وتجاهلتها من وسائل الإعلام التقليدية مما أدى إلى ابتكارات مزعجة من قبل مستثمرين خارج سوق الإعلام. على سبيل المثال الذكاء الاصطناعي الذي تستخدمه شركة نتفليكس Netflix والذي يوفر لها مئات الملايين من البيانات عن المستهلكين وسلوكهم واهتماماتهم في مشاهدة الأفلام ساهم في الاستحواذ على شريحة واسعة من سوق الترفيه والأفلام.
- سلوك المنافسين: قد يدفع سلوك المنافسين المؤسسات الإعلامية إلى الابتكار في كل من المنتجات والخدمات، وطريقة إنتاجها وتوزيعها. على سبيل المثال تغيير الصحف من الطبعات الورقية إلى الرقمية هو مثال على الابتكارات المعدية. ومن أشهر الأمثلة على ذلك سلوك شركة قوقول Google حيث تقوم بدراسة سلوك الشركات المنافسة ثم تقوم بابتكارات مشابههة، مثلGmail, google play, google wallet
- التنظيمات والتشريعات: يشكل الإطار القانوني في بعض الدول حاجزًا رئيسيًا أمام الابتكار أو مشجعا له. أحد الأمثلة على التأثير الإيجابي للسياسات على الابتكار الإعلامي ما تقوم به حكومة كوريا الجنوبية بإعفاء مبرمجي الألعاب الإلكترونية من الخدمة العسكرية (Storsul and Krumsvik 2013).
- معايير الصناعة: قد تحدد معايير الصناعة نطاق الابتكارات في الصناعات الإعلامية. مدى الحرية بين الدولة والتجارة والصحافة ذات تأثير مهم في تطوير المنتجات والخدمات الجديدة. أيضًا اختيار الموظفين له دور كبير عمليات الابتكار.
- استراتيجية المنظمة: استراتيجية المنظمة الإعلامية ينعكس بشكل كبير على الابتكار. عندما تكون المنظمة لديها أهداف واضحة تحفز وتشجع الابتكار المؤسسي أو العكس سيوثر كثيرا على قدرتها في الابتكار.
- القيادة والرؤية: تنطوي القيادة والرؤية على قوة المسؤول التنفيذي الأعلى ورؤيته للمنظمة، والتي قد تتجاوز الاستراتيجية الرسمية المعتمدة من قبل مجلس الإدارة.
- الهيكل التنظيمي: يرتبط الهيكل التنظيمي بكيفية تنظيم المنظمة الإعلامية، وما إذا كانت تعمل كشركة متكاملة أو ضمن وحدات أعمال مستقلة منفصلة.
- القدرات والموارد: تؤثر قدرة وموارد عمليات التحرير والإنتاج والتوزيع في المنظمة الإعلامية على قدرتها على الابتكار.
- الثقافة والإبداع: أظهرت دراسات على مؤسسات البث الكبرى، مثل CNN و BBC كيف تلعب ثقافة الشركة دورًا مهمًا، حيث أن منتجاتها الأساسية ونقاط القوة التنافسية لها، كذلك هناك جذور عميقة للإبداع في المعتقدات الداخلية الشائعة لدى العاملين هناك (Krumsvik 2008). وفي المقابل المنظمات التي يغلب عليها الطابع التقليدي يستحيل أن تكون لديها ثقافة الابتكار، بل قد تكون مقاومة له بشكل كبير.
فرص الابتكار الإعلامي:
عند الحديث عن فرص الابتكار في المؤسسات الإعلامية، تجذر الإشارة لنموذج فريد في تحويل صحيفة واشنطن بوست الأمريكية The Washington Post التي كانت على وشك الإفلاس إلى مؤسسة إعلامية ناجحة ماليا وصحفيا. حدث هذا التحول الكبير بعد استحواذ جيف بيزوس مؤسس شركة أمازون على واشنطن بوست في عام .2013 قام بيزوس بتطبيق أسلوبه الخاص بالتحول الرقمي على صحيفة واشنطن بوست من خلال تحليل كيفية جذب القراء باستخدام القيمة والمحتوى. أستعرض (Rosoff 2017) أبرز عناصر نجاح قيادة الابتكار التي طورها بيزوس في صحيفة الواشنطن بوست وفق النقاط التالية:
- التركز على القراء أولا وليس المعلنين: بنفس الأسلوب الذي نجح فيه بيزوس في أمازون أستخدمه في البوست وهو التمحور حول العملاء ومن خلالهم سيأتي المعلنون.
- تطوير الطريق إلى الربحية بدلاً من تقليص الطريق إلى الربحية: بالإضافة للفريق المحترف في الصحيفة من المحررين والتقنيين، أضافت الصحيفة 140 مراسلًا ووسعت فريق التكنولوجيا بشكل كبير. وذلك لإضافة تجارب جديده في المحتوى لزيادة جذب القراء.
- عدم البحث عن رعاة أو صدقات: كان بيزوس مصمماً على أهمية تشغيل البوست كنشاط تجاري يحقق الربحية وعدم الاعتماد على التبرعات والإعانات. وذلك شجع الإبداع وعدم التركيز على القيود.
- استخدم التكنولوجيا، لكن لا تكن عبداً لها: قامت البوست بإنشاء منصة نشر بيانات تسمى Arc ، ومن خلالها تنتج محتوى للصحيفة وأيضا تبيعها لصحف أخري منافسة. إضافة إلى ذلك تستفيد الصحيفة من البيانات لفهم مدى تفاعل القراء مع قصص معينة. يركز بيزوس على أهمية الإبداع وعدم الاعتماد الكلي على البيانات خاصة بعد فقدانها لقيمتها الآنية.
- الإعلان وحده لن يدعم الصحافة الاستقصائية. يعتقد بيزوس أن المشهد الحالي للإعلان عبر الإنترنت غير متوافق مع نوع الصحافة التي يريد من البوست التميز بها. لذلك يؤكد بأن الصحيفة يجب أن تملك نموذجها الخاص للصحافة الاستقصائية والتقارير وإعادة كتابة أعمال الآخرين بذكاء، وبذلك سيدفع الناس بسخاء مقابل ذلك. ويؤكد بأن الصحافة الرقمية أمضت 20 عامًا في تعليم الجميع في العالم بأن الأخبار يجب أن تكون مجانية. الحقيقة هي أن القراء أذكى من ذلك. إنهم يعرفون أن إنتاج صحافة عالية الجودة مكلف، وهم على استعداد لدفع ثمنها.
المنظمات الإعلامية حتى تستطيع الابتكار يجب أن يكون على سدتها قادة مبدعون يستطيعون أن يردموا الفجوة الهائلة بين أهمية الابتكار وقدرة مؤسساتهم على الانخراط فيه. عندما تدعم المنظمات القادة على جميع المستويات وتساعد الموظفين على تطوير المعرفة والخبرة وتمكينهم من الأدوات التي يحتاجونها، فإن ثقافة القيادة التي تدعم الابتكار سوف تترسخ. وسيكون هناك قدرة للمؤسسات الإعلامية باختلاف مجالاتها بأن تكتشف الفرص الجديدة بدلا من التكيف مع الابتكارات التي تأتي من الشركات التقنية.
التوصيات:
الصدمة التي أحدثتها أدوات الإعلام الجديد سببت للكثير من المؤسسات الإعلامية حول العالم الفشل والإفلاس والتلاشي وعدم القدرة على مقاومة التغيير، لذلك يعد الابتكار الآن عنصرًا رئيسيًا لكافة المؤسسات الإعلامية بكافة أشكالها، إذ يجب أن يحتل مكانًا مركزيًا في النظام البيئي والتقني لتلك المؤسسات وقادتها والعاملين عليها.
المؤسسات الإعلامية التقليدية كانت صحفية أو تلفازية أو إذاعية، صودر عدد كبير من جمهورها لصالح شركات تقنية أصبحت لهم هي الصحافة والترفيه ومصدر الأخبار من وإلى الناس، وليس من الصحفيين المحترفين والمتخصصين. ولذلك تدعو هذه الورقة للعودة من جديد لتلك المؤسسات الإعلامية للمستقبل من خلال الابتكار الذي يشمل التقنية والمنتجات والأفراد المبدعين والبيئة الإبداعية المشجعة للابتكار.
هناك وسائل وطرق لتسريع الابتكار في المؤسسات الإعلامية وفق التوصيات التالية:
- الابتكار في تصميم الخدمات والمنتجات الإعلامية بمنهجية التفكير التصميمي، والتي تنطلق من حاجة الجمهور الفعلية، وهي التي تبدأ بالتعاطف ثم الفهم العميق للمشكلة ثم توليد الحلول ثم تنفيذها ثم تجريبها.
- ضرورة أن تقوم كليات وأقسام الإعلام في الجامعات السعودية بمراجعة مناهجها والتي أقرت منذ زمن طويل في وقت الإعلام التقليدي، والتي تُخرّج مجموعات من الطلاب والطالبات بنفس الأدوات التقليدية. فلذلك أقترح إضافة مقررات تشجع على ثقافة الابتكار والريادة التقنية في وسائل الإعلام.
- أن يكون هناك تؤامه بين كليات الإعلام والاتصال مع المؤسسات الإعلامية لتكون المناهج والتطبيق والتطوير والابتكار بالشراكة بين الكليات والمؤسسات الإعلامية بأشكالها المختلفة، وتضمن بذلك زيادة الجودة والتنافسية لمخرجات كليات وأقسام الإعلام وتحقيق التميز في سوق العمل وضمان أن يمارس الإعلامي الريادة في التقنية ويبتكر فيها وفق حاجة الجمهور بشكل مضطرد.
- ضرورة تأسيس معامل للابتكار الإعلامي والتي تتيح استقراء المستقبل وحل المشكلات والتجريب لكل الأفكار والحلول.
- تشجيع البحوث الإعلامية في مجال الإبداع والابتكار ودعمها من المؤسسات الإعلامية.
المراجع
- Amabile, Teresa M. 1988. “A Model of Creativity and Innovation in Organizations.” Research in Organizational Behavior 10(1):123–67.
- Burkus, David. 2016. Under New Management: How Leading Organizations Are Upending Business as Usual. edited by H. M. Harcourt.
- Csikszentmihalyi, M. 1996. Creativity Flow and the Psychology of Discovery and Invention. London: HarperCollins.
- García-Avilés, José A., Miguel Carvajal-Prieto, Alicia De Lara-González, and Félix Arias-Robles. 2018. “Developing an Index of Media Innovation in a National Market.” Journalism Studies 19(1):25–42.
- Krumsvik, A. H. 2008. “The Online News Factory: A Multi-Lens Investigation of the Strategy, Structure, and Process of Online News Production at CNN and NRK.” University of Oslo.
- Küng, Lucy. 2013. Innovation, Technology and Organisational Change. Nordicom.
- Ní Bhroin, Niahmh and Stefania Milan. 2020. “Media Innovation and Social Change: Introduction to the Special Issue.” The Journal of Media Innovations 6(1):1–8.
- Nunes, Ana Cecília B. and João Canavilhas. 2020. “Journalism Innovation and Its Influences in the Future of News: A European Perspective Around Google DNI Fund Initiatives.” Pp. 1–213 in Journalistic Metamorphosis: Media Transformation in the Digital Age. Vol. 70. Springer International Publishing.
- Pappalepore, Ilaria. 2010. “Tourism and the Development of ‘creative’ Urban Areas: Evidence from Four Non-Central Areas in London.” University Westminster.
- Pratt, Andy C. 2011. “The Cultural Contradictions of the Creative City.” City, Culture and Society 2(3):123–30.
- Rhodes, M. 1961. “An Analysis of Creativity.” The Phi Delta Kappan 42:305–10.
- Rosoff, Matt. 2017. “Jeff Bezos Has Advice for the News Business: ‘Ask People to Pay. They Will Pay.’” CNBC. Retrieved July 5, 2020 (https://www.cnbc.com/2017/06/21/jeff-bezos-lessons-from-washington-post-for-news-industry.html).
- Stenberg, R. J. 1999. Handbook of Creativity. New York: Cambridge University Press.
- Storsul, Tanja and Arne H. Krumsvik. 2013. “What Is Media Innovation?” Pp. 13–26 in What is Media Innovation?
- 2010. The Creative Economy Report. Creative Economy, A Feasible Development Option. Geneva-New York.
- المالك, خالد. 2020. “مستقبل الإعلام من الصحافة الورقية إلى الصحافة الرقمية.” Al-Jazirah, February 3.
- عبدالوهاب, بوبعة. 2012. “دور الابتكار في دعم الميزةالتنافسية للمؤسسةالاقتصادية.” جامعة منتوري.
- نصر, حسني. 2019. “تحـــديـات وفـرص إعـلام المستقبل.” Oman Daily, February 10.