قضية الأسبوع: واقع المطورين العقاريين المحليين وتحديات المرحلة

الورقة الرئيسة: واقع المطورين العقاريين المحليين وتحديات المرحلة 

كاتب الورقة الرئسية:

ا. خالد المبيض

المعقبون:

د. مشاري النعيم؛ م. ابراهيم الصحن

م. بندر المعارك

مديرالحوار.

 م. خالد العثمان

 

مقدمة:

بعد حديث صاحب السمو الملكي ولي العهد الأمير محمد بن سلمان عن إستراتيجية التطوير العقاري وعن عدم كفائة المطورين العقاريين المحليين وأن قدراتهم أقل من تحديات المرحلة الادمة سأحاول هنا شرح الأبعاد والأسباب التي جعلتهم على قدمهم في السوق العقاري إلا أنهم ليسوا بالمستوى والطموح منهم .

يعتبر السوق العقاري في المملكة العربية السعودية الأستثمار الأقدم مقارنة بدول الخليج العربي أن لم يكن أحد أهم وأقدم الأسواق لوجود مدينتي مكه المكرمة والمدينة المنورة التي أزدهرت فيها استثمارات إنشاء الأوقاف على مر العقود منذ ظهور الإسلام والمكانة الهامة للمنطقة كما يعد القطاع العقاري أحد أهم وأكبر قنوات الاستثمار العقاري في السعودية ويعد ثاني أكبر مصدر للناتج القومي مع الطفرات الاقتصادية التي مر بها الاقتصادي السعودي خلال العقود الماضية والسيولة الضخمة التي مرت على الاقتصاد والتي لم يكن فيها قنوات إستثمارية كبيرة تستوعب هذه الطفرات سوى الإستثمار في القطاع العقاري كما أن العقار كان ولازال هو الحاضنة الأهم لحفظ الثروات وحمايتها من التقلبات والتحديات الاقتصادية والسياسة والناقل الأمين للثروات على مر التاريخ كما أن الطفرات السعرية التي حققها المستثمرين من خلال المضاربة فالإستثمار في العقارات الغير مسبوقة خلال العقود الماضية مما أكسب الإستثمار العقاري أهمية كبيرة لدى شريحة كبيرة للمستثمرين .

أولا: أنواع الإستثمار في القطاع العقاري:

من الضرورة لفهم أسباب ضعف المشاريع العقارية في السوق العقاري السعودي واتجاه غالبية السيولة للمضاربة وليس للتطوير العقاري فإنه من الضرورة فهم سلوك المستثمرين العقاريين فهم المحرك الأكبر في تحفيز التطوير العقاري واتجاه الإستثمارات نحو التطوير العقاري او لغيرها من قنوات الإستثمار ومعرفة أسباب عزوف أغلبهم عن الإستثمار في التطوير العقاري وكيف يمكن تحفيزهم للإستثمار فيه.

يخطئ من يعتقد أن الإستثمار العقاري عبارة عن قناة واحدة أو بمستوى واحد من المخاطر فالقطاع العقاري ينقسم إلى ثلاث أنواع وكل نوع له مخاطره مختلفة وهي:

  1. الإستثمار في شراء العقارات المدرة للدخل : وهي تعد إستثمارا آمنا ذو مخاطر منخفضه Low Risk Low Income وتنحصر المخاطر فيه بأمرين وهي الأهلاك (انخفاض القيمة السوقية) وانخفاض الدخل ولكنه ذو عائد منخفض ينحصر بين 5% الى 10 % سنويا
  2. الإستثمار في التطوير العقاري بمختلف أنواعها مخططات كبرى أو تطوير تجاري وسكني : وهو يعد ذو مخاطر متوسطة وعوائد متوسطة Med Risk Med Income وتنحصر المخاطر فيه بطول فترة التخارج عن ماهو متوقع منه وبالتالي إنخفاض العائد الداخلي للإستثمار وتنحصر العوائد السنوية من الإستثمار فيه بين 12% الى 20% سنويا
  3. الإستثمار في المضاربة العقارية : وهو باقتناص الفرص بشراء عقارات وإبقائها لمدة معينة وإعادة بيعها بسعر أعلى ويعد هذا النوع من الإستثمار ذو مخاطرة عالية ولكن ذو عائد عالي High Risk High Income وتكون المخاطرة منه في صعوبة التخارج وطول فترة التخارج منها وتكون العوائد السنوية فيها من 25% الى نسب عالية جدا قد تصل الى 100% واكثر

ويتوزع الطلب على قنوات الإستثمار العقاري بين المستثمرين في حالات مختلفة للسوق هي التي تجعل الطلب على أي قناة أكبر من غيرها بين المستثمرين ففي حالة الأزمات الاقتصادية ووجود ضبابية في الأسواق وخاصة لدى القطاعات الوقفية والخيرية فينتعش الطلب على الإستثمار في القطاع العقارت المدرة للدخل رغبة من المستثمرين في حفظ إستثماراتهم بعقارات عوائده مضمونة

وفي حال وجود طلب على الوحدات السكنية أو التجارية وتوفر أدوات التمويل فيتجه غالبية المطورين لقناة التطوير العقاري تلبية لطلب المستثمرين الذين يرغبون بإستثمار ذو عائد أفضل من العقارات المدرة للدخل

واما في حال إنتعاش الأسواق ووجود سيولة ضخمة في القطاع العقاري وتوفر المستثمرين فينتعش سوق المضاربة

بالنظر لما سبق نجد أن القطاع العقاري السعودي مر بجميع تلك الفترات خلال العقود الماضية مما جعله سوق يضم كافة أنواع المستثمرين ومرت جميع القنوات الإستثمارية بمراحل إنتعاش ومن ثم ركود

ثانياً: أدوات الإستثمار العقاري:

من المهم جدا فهم توفر الأدوات الاستثمارية وجودة التشريعات والتنظيمات التي تخص القطاع العقاري التي من دورها تحفيز قناة الإستثمار في التطوير العقاري وجعل المشاريع التي تحتاجها التنمية مشاريع جاذبة لمستثمري القطاع الخاص فأي إستثمار عقاري يحتاج إلى توفر أدوات رئيسية تسهم في شكل نموه وجودته وهي نوعين

  1. التنظيمات والتشريعات
  2. التمويل وأدوات الأستثمار

فجودة التنظيمات والتشريعات وكفائتها تضمن نموا معتدلا ويخدم التنمية واحتياجات الوطن والمواطن حيث أن المستثمرين أن وجدوا صعوبات في التشريعات والتنظيمات في أحد قطاعات الإستثمار العقاري فإنهم يتجهون للإستثمار العقاري الأقل تشددا فعلى سبيل المثال عندما تكون هناك تعقيدات في تطوير المخططات للأراضي البيضاء بسبب الأنظمة والتشريعات التي تطيل أمد الإستثمار وتجعله غير واضح لمدة الإستثمار فيه تجد أن المستثمرين يتجنبونه ويتجهون إلى إستثمار عقاري أقل من ناحية التشريعات والتنظيمات مما ينتج عنه شح في المعروض وبالتالي زيادة في قيمة المعروض كما أن توفر أدوات التمويل وأدوات الإستثمار يكون له أيضا دور هام في زيادة حجم المشاريع وبالتالي زيادة في حجم المعروض وينتج عنه ثبات أو انخفاض في قيمة العقارات والعكس صحيح

حيث كانت جودة التشريعات والتنظيمات واحترافية أدوات التمويل عاملاً أساسياً في صنع سوق عقاري إحترافي وبالتالي خلق مستثمرين عقاريين محترفين في جميع دول العالم وفي أزمنه مختلفة فلو أخذنا أي دولة من دول العالم المتقدمة والتي تملك سوقا عقاريا محترفا وتضم مطورين عقاريين محترفين سنجد أن التنظيمات والتشريعات في تلك الأسواق ذات جودة عالية هي من صنع ذلك القطاع كما سنجد تنوع واحترافية في أدوات التمويل والإستثمار في تلك الأسواق وبالمقابل سنجد العكس في الدول النامية والتي تعد فيها التشريعات والتنظيمات بدائية وسنجد محدودية في الأدوات الإستثمارية وضعف في منتجات التمويل العقاري وصناديق الإستثمار العقاري سنجد أيضا انتشار المشاريع العقارية العشوائية والمتعطلة وذات كفاءة أقل.

ثالثا: التنظيمات والتشريعات وأدوات التمويل في السوق العقاري السعودي:

لعقود طويلة كان مصدر تمويل الإستثمار العقاري الوحيد هو المساهمات العقارية التي كانت توفر أي سيولة لأي شخص أو كيان عقاري بكل سهولة ودون أي حوكمة  ومع بدائية التشريعات والتنظيمات وقتها  أدى طفرة في الإستثمارات العقارية الغير مدروسة وطلب ضخم على الإستثمار العقاري مما أدى إلى تضخم في أسعارها حسب قاعدة العرض والطلب حيث كان الطلب هنا من مستثمرين غير محترفين لديهم سيولة ضخمة وهذا الأمر إستمر حتى عام 2001 مع صدور أمر بمنع تجميع الأموال لأي غرض مما أدى إلى ركود عقاري حيث فقد القطاع العقاري مصدر التمويل الوحيد كما نتج عن تلك المرحلة تعثر وتعطل مساهمات بمبالغ ضخمة ترتب عليها إنشاء لجنة لتصفية المساهمات العقارية.

رابعاً: التطوير العقاري وطفرة النفط عام 2009

ولم تعقب تلك الفترة التي انتعش فيها الاقتصاد السعودي في عام 2009 بسبب الإرتفاع الكبير في إيرادات النفط أي تعديل أو تحسين في التشريعات العقارية التي من دورها جعل سوق الإستثمار العقاري محترفا وجاذبا للمطورين العقاريين الأجانب فمع الأعلان الكبير عن خطط المملكة التوسعية والنمو الاقتصادي الكبير في تلك المرحلة وتشجيع السعودية للمطورين والمستثمرين الأجانب للدخول الى السوق السعودي بغرض رفع مستوى المشاريع العقارية الذي كان يفتقر لتلك الكفاءات جعلت العديد من المطورين الأجانب يدخلوا السوق العقاري السعودي ولكن لم تكن النتائج كما هي مرجوه منهم بل بلعكس فشلت غالبية تلك الشركات في تحقيق أي إنجاز مرجو منها ولم تقد أي مشروع عقاري محترف للسوق العقاري .

وبإعتقادي أن السبب الرئيسي كان عدم وجود التشريعات والتنظيمات والأدوات المحترفة لهم وبالتالي صعب عليهم تحقيق أي إنجاز

خامساً: التشريعات والتنظيمات والأدوات في رؤية المملكة 2030

لم تشهد السوق العقارية السعودية تطورا في التشريعات والتنظيمات العقارية وتوافر أدوات التمويل والإستثمار العقاري إلا خلال 7 سنوات الماضية مع إعلان عن رؤية المملكة 2020 و 2030 والتي جعلت القطاع العقاري أحد أهم مرتكزاتها بهدف زيادة في المشاريع التنموية وزيادة نسبة تملك المواطن فشهدنا إقرار نظام رسوم الأراضي البيضاء و إقرار ضريبة التصرفات العقارية التي من شأنها الحد من المضاربات وتأسيس الهيئة العامة للعقارات والتي تهدف لتنظيم السوق العقاري لجعله أكثر جاذبية كما تم تصحيح نظام البيع على الخارطة الذي كان أداة تمويلية هامة معطلا لسنوات طويلة بسبب تعقيداته كما تم اطلاق أكثر من 13 منتج تمويل عقاري بالشراكة بين صندوق التنمية العقاري والبنوك المحلية والتي وسعت شريحة المتمولين لتشمل عدد أكبر من المواطنين وتشجيع الطلب على الوحدات العقارية  وبالتالي أعتقد أننا سنشهد مشاريع عقارية محترفة وستأسس شركات عقارية محلية محترفة بمستوى الطموح كما سيرتفع مستوى المستثمرين العقاريين خلال الفترة القادمة

\خلاصة : هل يمكن تحفيز المطورين العقاريين المحليين لجعلهم مناسبين للمرحلة القادمة

لا شك أن أي سوق عقاري يعتمد بنسبة كبيرة على المطورين العقاريين المحلين أكثر من غيرهم من المطورين الأجانب وذلك لفهمهم لخصوصية الطلب العقاري من المستفيدين المحليين وكذلك لخبرتهم في احتياجات السوق المحلي واللاعبين الأساسيين فيه أكثر من غيرهم ولكن يشار إليهم اليوم بأنهم غير مؤهلين لمستوى وطموح المرحلة القادمة التي تتطلب تطوير مشاريع نوعية وذات كفاءة عالية كما هو الحال في مشاريع عقارية في أسواق عقارية في دول إقليمية محيطة , وهنا يتبادر السؤال هل هم على قدر تلك الطموح أم أننا بحاجة لإستقطاب شركات أجنبية وهل يمكن لشركات التطوير العقاري أن تصحح من وضعها لتواكب الطموح ؟

للإجابة على هذا السؤال يجب أن نفهم أن شركات التطوير العقاري المحلية تهدف إلى التربح وإقتناص الفرص المتاحة وتستطيع التكييف مع التشريعات والتنظيمات في السوق إن احتاجت لذلك أكثر من المطورين الأجانب الذين يصعب عليهم تقديم نفس الإنجاز الذي حققته في أسواق دولها وهو أمر طبيعي ولكن قد يكون الأمر يحتاج لتحسين في جودة التنظيمات والتشريعات للنهوض بمستوى المطورين العقاريين المحلين بالإضافة إلى دورهم في تطوير أدائهم ليكونوا شركاء في المشاريع الحكومية النوعية.

نخلص إلى وجود فرص كبيرة خلال المرحلة القادمة في مجال التطوير العقاري في السعودية للشركات المحلية ولكن التحدي الكبير الذي ستواجهها تلك الشركات في التأقلم السريع مع الأنظمة والتشريعات الجديدة التي تتطلب تغير كبير على مستوى الإستراتيجيات والشركات وحتى الأدوات لكي تسنطيع تلك الشركات الحصول على فرص في هذا السوق النامي ولكنه يحتاج إلى معرفة وقدرة على التكيف مع تلك التشريعات والتنظيمات وحتى أدوات التمويل التي تتطلب فريق عمل محترف حيث بإعتقادي أن حتى الشركات العقارية الكبيرة التي كانت تعمل سابقا في السوق وكانت لها حصة كبيرة فيه لن تستطيع أن تحصل على ذات الحصة السوقية إن لم تواكب وتتكيف مع تطورات السوق وتشريعاته الجديدة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

وقت البيانات لتقنية المعلومات شركة برمجة في الرياض www.datattime4it.com الحلول الواقعية شركة برمجة في الرياض www.rs4it.sa