“كأس العالم .. وصورتنا في الخارج”
الأحد 16 / 2 / 1439
الموافق 5 / 11 / 2017
الورقة الرئيسة
عبدالله الضويحي
في كل 4 سنوات تتنافس حوالي210 منتخبات وطنية (أعضاء الأمم المتحدة 193 دولة) للفوز بشرف الوصول لنهائيات كأس العالم لكرة القدم التي تستضيف فيها إحدى الدول 32 منتخبا من تلك المنتخبات بعد تنافس ماراثوني على مدى سنتين و8 أشهر.
بدأت كأس العالم عام 1930 بـ 13 منتخبا وتنامت كما وكيفا وظلت منتظمة كل4 سنوات عدا 1942و 1946 بسبب الحرب العالمية الثانية.
في عام 2002 بدأ الفيفا بيع حقوق النقل التلفزيوني لكأس العالم حصريا لشركة واحدة فحدث إنقلاب كبيرفي مفهوم كرة القدم من فكرة نشراللعبة وتمتع المشاهدين بفنونها إلى فكرة إدفع من أجل أن تشاهد.
لقد تحولت كرة القدم إلى صناعة ليس في إعداد اللاعب والفرق ولكن أيضا في استثمارها كحدث يدر مداخيل كبيرة ويسهم في تنمية إقتصاديات الدول سواء المشاركة أوالمستضيفة بل تحولت إلى ثقافة في حد ذاتها.
وأصبحت الدول تتسابق على إستضافتها لأهداف دعائية أوإقتصادية في الغالب أولأهداف سياسية كماحصل في الأرجنتين1978 ودور السي آي إي في النتيجة وما أثيرحولها.
سأتوقف عند بعض الأرقام حول كأس العالم:
ـ 1970 (المكسيك) بدأ النقل التلفزيوني عبرالأقمارالصناعية.
ـ 1978 (الإرجنتين) بيع حقوق النقل لأول مرة بـ34 مليون دولار.
ـ 2002 (اليابان وكوريا) بيع الحقوق لشركة واحدة (مشفرة) بملياردولار
ـ 2014 (البرازيل) بيع الحقوق بـ 4 ملياردولار.
ـ بلغت أرباح الفيفا من مونديال (البرازيل2014) حوالي2.6 ملياردولارفيما جاوزت عائدات الدولة المضيفة 10مليار(جنوب أفريقيا 2010 حوالي 5 مليار)
ـ يقدم الفيفا جوائزمالية للمنتخبات المشاركة والفائزة تصل إلى نصف ملياردولارحيث يحصل كل منتخب يشارك في النهائيات على2 مليون لإعداده و10 ملايين مقابل مشاركته ويزداد المبلغ كلما تقدم خطوة في البطولة.
ـ 213 دولة تتابع كأس العالم على الهواء مباشرة.
ـ 3.6 مليارمشاهد يتابعون كأس العالم (أكثرمن نصف سكان الأرض)
هذه الأرقام تضعنا أمام حدث غيرعادي لانستغرب حرص كل الدول على الوصول إليه.
المنتخب السعودي وصل لنهائيات كأس العالم5 مرات وهورقم جيد لم تصل إليه كثيرمن الدول.
لكننا هذه المرة وصلنا والمملكة تحمل هوية واضحة ومحددة بدأت منذ الإعلان عن رؤية 2030 وبرنامج التحول الوطني 2020 مرورا بالعديد من القرارات سواء على الصعيد السياسي أوالإقتصادي أوالاجتماعي التي أعادت تشكيل هويتنا وثقافتنا ومشاريع إستثمارية وضعتها في دائرة الضوء كمشروع البحرالأحمرو(نيوم) واستضافة المملكة لقمة الدول الـ 20 في عام 2020 وغيرها من المشاريع ألتي جعلت من المملكة قبلة إستثمارية ووجهة حضارية لعالم معاصر.
هذه الحالة تتطلب أن نستثمركل فرصة متاحة لنقدم أنفسنا للعالم على حقيقتنا دولة معاصرة تسابق الزمن دون أن تتخلى عن قيمها ومبادئها السامية.
كأس العالم ووفقا للأرقام التي أشرت إليها قبل قليل فرصة لاتتاح لكثيرمن الدول بل تتمناها وعلينا أن نستثمرها لنقدم أنفسنا كما نحن وكما نتطلع أن يرانا الآخر.
إلى جانب الإهتمام بإعداد المنتخب إعدادا فنيا لائقا بحيث يظهربصورة مشرفة لعلي أطرح هنا بعض الأفكارالتي تترجم عنوان قضيتنا لهذا الأسبوع:
1) تكوين فريق عمل على مستوى عالٍ من المتخصصين يرتبط مباشرة بمعالي رئيس مجلس إدارة الهيئة العامة للرياضة لرسم سياسة المشاركة وأبعادها والإهتمام بها عمليا وليس مجرد تقاريرصحفية تشيد بماتم إنجازه.
2) الإهتمام بتعويذة (تميمة) المنتخب باعتبارها تمثل هويته بعيدا عن النمط الكلاسيكي الذي تعودناه (الثوب والغترة) بحيث تكون معبرة عن المرحلة التي تعيشها المملكة وأن تجمع بين الأصالة والمعاصرة.
3) أن تكون رؤية 2030 وشعارها الراعي الرسمي للمنتخب هذه الرعاية ستثيرحولها العديد من التساؤلات ممايفتح الآفاق للتعريف بها وأهدافها وشرح أبعادها.
4) إقامة مركزين إعلاميين متكاملي الخدمات أحدهما مؤقت في المدينة التي سيلعب فيها المنتخب والآخر رئيس ودائم في موسكوحيث الإفتتاح والختام ومباريات المنتخب الروسي.
5) إعداد حقيبة إعلامية تحتوي على كتيبات ومطويات وأشرطة (سي دي) مختصرة جدا باللغة العربية والإنجليزية والروسية عن مظاهرالنهضة والتطورفي المملكة والمشاريع الإستثمارية ورؤية 2030 وبرنامج التحول لتوزيعها وعرضها هناك في المركزالإعلامي تشارك في إعدادها ودعمها جميع الجهات الحكومية والقطاع الخاص كل فيما يخصه.
6) تقديم عروض فنية وفلكلورية وثقافية لتوضيح الوجه الآخرلثقافة المملكة.
7) الإستفادة من الشباب السعوديين المتميزين الدارسين في روسيا وأمريكا القادرين على التحدث والشرح عن صورة المملكة من الداخل ونقلها للخارج.
بقي التأكيد على نقطة مهمة:
أن ندرك أن المشارك في كأس العالم ليس المنتخب السعودي وإنما المملكة العربية السعودية وبالتالي أن تكون مشاركتنا كدولة بحجم ومكانة المملكة أكثرمنها كفريق كرة قدم.
والله من وراء القصد
تعقيب:
د.إبراهيم البعيز
تشير كثير من الكتابات (الأكاديمية والمهنية) في الدبلوماسية العامة إلى المشاركة في المناسبات الرياضية كأحد العناصر الأساسية والمهمة في منظومة الجهود الاتصالية لبناء الصورة الإيجابية للدولة، ولتعزيز فرص التفاهم والتعاون بين الشعوب.
فالمناسبات الرياضية تحظى بمتابعة جماهيرية لم تستطع الأفلام الحديثة ولا الأخبار المثيرة منافستها. حيث تجاوز عدد مشاهدي دورة الألعاب الأولمبية وبطولة كأس العالم 3 مليار مشاهد. هذا الزخم والاهتمام العالمي نابع مما يتمثل في الرياضة من قيم إنسانية مشتركة مثل العزم والجدية والإصرار على التميز والمنافسة والفوز، لذا تحرص الدول على الدخول في هذه المنافسات وتستثمرها كمنفذ اتصالي تقدم به نفسها وإنجازاتها، أو على الأقل لتسجل حضورها على المستويين الإقليمي والدولي، كما تتنافس دول أخرى على استضافة الفعاليات الرياضية لما لها من قيم مضافة في الجوانب الاقتصادية والإعلامية والثقافية.
هذا من الجانب النظري، لكن القراءة المتأنية لكثير من التجارب الإقليمية والعالمية قد تعطي صورة أقرب إلى الواقعية وأقل إشراقا مما يأمله المخططون لهذه المشاركات الدولية. فكل ما قيل من أهمية للرياضة ودورها في التقريب بين الشعوب والثقافات لا يزال يراوح في منطقة التمني والمثالية. فالتجارب من مختلف القارات خلال نصف قرن مضى تشير إلى أن الخلافات لم تقتصر على السياسة والقائمين عليها بل انتقلت المستوى الشعبي بصورة سلبية جدا. (السلفادور وهندورس 1970، الصين واليابان 2004، فرنسا وإيرلندا 2009، مصر والجزائر2009، دوري كاس الخليج منذ بدأ)
التفاؤل والنظرة الإيجابية مطلوبة هنا، خاصة واننا نتأهل لتصفيات كأس العالم 2018، والتي تقام في دولة عظمى، وللتو فتحنا معها بحزمة من الاتفاقيات ومذكرات التفاهم صفحة جديدة في العلاقات السياسية والاقتصادية والثقافية. لكن النظرة الموضوعية تحتم علينا إدراك الاتي:
• لا يمكن رسم صورة جميلة بفرشاة واحدة، بمعنى أن مشاركة في البطولات العالمية، يفترض أن يسبقها و/أو يتزامن معها جملة من المبادرات في الدبلوماسية العامة، لتجاوز كثير من المغذيات للصورة والانطباعات السلبية عن المملكة.
• جمال الصورة مرتبط بمكونات الحائط ، بمعنى أن الصورة التي ستكون عن المملكة في هذه المشاركات سترتبط بالسياق العام لصورة المملكة في الإعلام أو في الذاكرة الشعبية في دول العالم، خاصة فيما يتعلق بالمساحة المتاحة للمرأة السعودية في المجال الرياضي، وعلينا أن نتذكر التناول الإعلامي لمشاركات المملكة
في الألعاب الأولمبية.
تعقيب:
أ.عبدالمحسن القباني
باتت مسابقة كأس العالم لغة اتصال دولية تفهمها شعوب العالم من دون الحاجة إلى التمكن من لغة مشتركة.
يشير باحثون إلى امكانية استخدام البطولة والرياضة عموما في عوامل الدبلوماسية الثقافية Sports as cultural diplomacy خصوصا للدول المستضيفة المنظمة للمسابقة حيث تسلط عليها الآضواء منذ الظفر بفوز التنظيم قبل سنوات وليس فقط حين مشاركة منتخبها الوطني في المباريات.
في الحالة السعودية في روسيا ٢٠١٨ فنحن أمام فرصة جيدة للاتصال الثقافي. السعودية لن تكون قصة لافتة بحد ذاته إلا في حالتين: حقق المنتخب نتائج مبهرة تحظى بإعجاب أو تحقيق نتائج رديئة تجلب التندر (من ينسى من محبي الكرة حول العالم ثمانية ألمانيا في ٢٠٠٢). مع ان الأحداث السيئة هي أحداث جيدة آحيانا حيث ستلفت الأنظار أليك في كلا الحالتين.
النتائج الجيدة تشمل التقدم في مراحل المسابقة، أو تسجيل أهداف خالدة لا تمل شعوب الأرض من مشاهدتها، أو بعض السلوكيات الحسنة من اللاعبين في داخل الملعب أو خارجة. في هذا الصدد وزعت الفيفا قبل أيام جوائز الأفضل في العالم وشملت آفضل لاعب و مدرب و جمهور وهدف ولعب نظيف. حقق لاعب توغولي اسمه فرانشس كونيه Francis Koné جائزة اللعب النظيف لعام ٢٠١٧ حينما أنقذ حياة حارس مرمى الفريق المضاد بعد اصطدام عرضي نتيجة المنافسة على الاستحواذ على الكرة. رصد العالم الحادثة و تناقلتها الوسائل و التواصل على الرغم من ان المباراة كانت مغمورة و لا يلتفت لها أحد.
لمشاهدة الحادثة: https://www.youtube.com/watch?v=_G3g25dIlJs
كيف سيكون الأثر لو حانت فرصة للظهور بسلوك مشرف و العالم يتابع؟
اختم مشاركتي بتوصيات قد تكون ذات نفع:
١- إلزام اللاعبين والطواقم بورش عمل في مجالات العلاقات العامة وزيادة استيعاب أهمية التجمع على صورة المملكة تكون جنبا لجنب لاعداده البدني و الفني و النفسي.
٢- التواصل مع وسائل الإعلام غير السعودية لفتح المجال لها لتسليط الضوء على قصص لافتة ذات ارتباط بالبطولة. مثلا – وليس للحصر – قصة كيف ساهمت الرياضة في فتح باب التجنيس في السعودية وذلك من خلال اللاعب الصومالي الأصل مختار علي الذي ولد في السعودية ويلعب في انكلترا ومثل منتخبها للفئات السنية. بالامكان تسخير اللاعب للتعامل مع الصحافة الانكليزية تحديدا لكتابة بروفايل عنه و عما ان كانت الآمال معقودة عليه. و كذلك التواصل مبكرا مع قناة روسيا اليوم باللغة العربية والتي تحول القصة إلى لغات أخرى تشمل الانكليزية و الروسية.
٣- القيام بزيارات للمستشفيات و للمدارس وللجميعات الخيرية الروسية.
٤- انتاج فيديو تعريفي بقوالب مبهرة عن المملكة و يوزع على الفيفا و وفود المنتخبات المشاركة ووسائل الاعلام و معلقي المباريات وينشر على وسائل التواصل.
٥- الاهتمام بسلوكيات الجمهور الجماعية تحديدا رابطة التشجيع و عدم احتكاكهم السلبي مع جمهور المنتخبات الأخرى، إضافة إلى حسن ظهورهم الجماعي في المدرجات.
٦- لا يسمح الفيفا بتوظيف الشعارات السياسية على القمصان الرياضية و لذلك من المستبعد السماح بوضع الشعار على القمصان ولكن بالامكان توظيف الرؤية ومنجزات المملكة في أعمال اتصالية أخرى. و الزملاء الكرام في الاتحاد السعودي علي اطلاع بالأنظمة الدولية المتبعة.