للاطلاع على التقرير وتحميله إضغط هنا
يوليو – 2022
تمهيد:
يعرض هذا التقرير لقضيتين مهمتين تمَّ طرحهما للحوار في ملتقى أسبار خلال شهر يوليو2022م، وناقشهما نُخبة متميزة من مفكري المملكة في مختلف المجالات، والذين أثروا الحوار بآرائهم البنَّاءة ومقترحاتهم الهادفة؛ حيث تناولت القضية الأولى: المدن السعودية والتصنيف الصحي، وأعد ورقتها الرئيسة أ. علاء الدين برادة، وعقب عليها كل من أ. غسان عبد الجواد، د. سكينة الشيخ، وأدار الحوار حولها د. سعيد العمودي. بينما جاءت القضية الثانية بعنوان: كيف تصبح السياحة الرافعة الأولى للثقافة المحلية، وأعد ورقتها الرئيسة أ. خالد آل دغيم، وعقب عليها كل من أ. عبدالرحمن الطريري، أ. علاء الدين براده، وأدار الحوار حولها أ. فهد الأحمري.
القضية الأولى
المدن السعودية والتصنيف الصحي
(18/7/2022م)
- الملخص التنفيذي:
تناولت هذه القضية المدن السعودية والتصنيف الصحي، وأشار أ. علاء الدين برادة في الورقة الرئيسة إلى أن تعريف منظمة الصحة العالمية ينص على أن المدينة الصحية هي المدينة التي تضع الصحة والرفاهية الاجتماعية والإنصاف والتنمية المستدامة في قلب السياسات والاستراتيجيات والبرامج المحلية. والقيم الأساسية الرئيسية للمدينة الصحية هي الحق في الصحة والرفاهية والسلام الاجتماعي والعدل والمساواة بين الجنسين والتضامن والإدماج الاجتماعي والتنمية المستدامة. وقد منحت منظمة الصحة العالمية، المدينة المنورة شهادة اعتراف بأنها مدينة صحية بعد أن أكملت جميع المعايير العالمية التي تطلبها المنظمة لتكون مدينة صحية بمفهومها المتكامل، حيث تعد المدينة المنورة أول مدينة كبيرة يتجاوز عدد سكانها 2 مليون نسمة يتم الاعتراف بها من منظمة الصحة العالمية. كما تعد مدينة الطائف الصحية واحدة من أولى مدن المملكة التي انضمت إلى برنامج المدن الصحية بوزارة الصحة؛ حيث تضافرت جهود جميع القطاعات الحكومية والأهلية والخاصة بمدينة الطائف، وبمشاركة فاعلة من أفراد المجتمع؛ لتحقيق معايير المنظمة، والتي تتوافق مع أهداف رؤية المملكة 2030.
بينما أكَّد أ. غسان عبد الجواد في التعقيب الأول على أنه يجب أن ندرك أن استراتيجية المدن الذكية وجميع القطاعات الأخرى كالطاقة والنقل، بالإضافة إلى الاستراتيجية العمرانية وغيرها من استراتيجيات القطاعات المختلفة بالمملكة العربية السعودية كلها اعتمدت أسس صحية؛ لذلك فإن تكامل هذه الاستراتيجيات يعتبر عنصر مهم؛ فالبيئة الصحية ينظر إليها دائماً بمفهومها الشمولي.
في حين ذكرت د. سكينة الشيخ في التعقيب الثاني أنه عند المراجعة ورسم استراتيجية المدن الصحية أو التصنيف الصحي بالمدن لا بد من دراسة نقاط أهمها السياسات والتدابير التي تضمن استدامة وتطوير المدن الصحية بالمملكة. كما أن هناك حاجة ملحة للبحث العلمي والدراسات المسحية لدراسة الصحة السكانية بالمملكة بعد الجائحة والاستفادة من النتائج في رسم استراتيجيات ومستهدفات المدن الصحية بالمملكة.
وتضمنت المداخلات حول القضية المحاور التالية:
- التعريف بمفهوم المدن الصحية.
- الأهداف الأساسية لبرنامج المدن الصحية.
- أبرز التحديات التي تواجه تصنيف المدن السعودية كمدن صحية.
ومن أبرز التوصيات التي انتهى إليها المتحاورون في ملتقى أسبار حول القضية ما يلي:
- تهيئة أفراد المجتمع لنمط حياة صحي من خلال التوعية المستمرة.
- تعزيز دور الابتكار في القطاع الصحي وتنمية المدن، حيث أثبت نجاحه خلال جائحة كورونا.
- تضمين الصحة النفسية ضمن برامج التأمين الطبي لما لها من تأثير في نمط حياة السكان وجودة الحياة في المدن، حيث ينعكس أثرها الإيجابي على سلوك السكان في المدينة.
- إدراج التوعية الصحية الشاملة في مناهج التعليم العام والعالي، وربطها بمنظومة المدينة الصحية بشكل متكامل.
- إدراج تخصصات علمية في الجامعة متخصصة ببناء مدن صحية شاملة جميع النواحي الحياتية ومستوفية لجميع المقاييس العالمية لضمان بناء واستدامة المدن الصحية بأساليب ومنهجيات علمية مبنية على البراهين.
- الورقة الرئيسة: أ. علاء الدين برادة
جهود كبيرة لاحظها الجميع مؤخراً في استفادة مدن المملكة العربية السعودية من التقنية. ففي فترة كورونا كانت التطبيقات التقنية خير دليل على الأسبقية العالمية، حيث استفادت المدن السعودية من هذه التقنية بالمجال الصحي.
نعمل من خلال هذا الجهد على استعراض التحديات القائمة بالقطاع، والإنجازات المتحققة خلال السنوات القليلة الماضية أملاً في تحقيق تقدم ملحوظ لترتيب مدننا على التصنيف الصحي تحديداً.
مدننا على خارطة التصنيف
من منا لا يذكر هذا الرسم البياني الذي ظل مفخرة لنا جميعا كسعوديين حين ارتفع تصنيف مدينة الرياض على المؤشر العالمي للمدن الذكية قبل عدة أشهر؟
لم يكن الارتفاع يومها عادياً، فقد ارتفع تقييم مدينة الرياض على التصنيف بمقدار 23 مرتبة. وبالتأكيد لم يكن ذلك بمحض الصدفة، بل هو ثمرة جهود بُذِلت على كافة الأصعدة في سبيل تطوير البنية التقنية في مدن المملكة.
ما يهمنا أن نشير إليه هنا في هذه الورقة هو أن هذا الترتيب كان له كبير الأثر في تهيئة السبل الملائمة لتطور القطاع الصحي.
لقد عملت التقنية جنباً إلى جنب في فترة الجائحة مع تطور الأنظمة التقنية حتى أصبحت رمزاً لريادة المملكة في المجال من حيث القدرة على التعامل مع المخاطر والأزمات الصحية؛ لكن الجائحة بينت لنا في ذات الوقت أن العمل الاستباقي مهم دائماً في المدن، ولا يجب أن ننتظر حتى نواجه الأوبئة لنتعامل مع المخاطر، بل يتحتم أن يكون تفكيرنا دوماً بشكل استباقي.
مؤشر ازدهار المدن
كان مؤشر ازدهار المدن نتيجة لمشروع تعاون مشترك تحت إشراف وإدارة وكالة تخطيط المدن بوزارة الشؤون البلدية والقروية في المملكة العربية السعودية وبرنامج الأمم المتحدة للمستوطنات البشرية (موئل الأمم المتحدة).
يوضح المؤشر حالة المدن من خلال ستة مؤشرات تقيس الإنتاجية والاستدامة البيئية والبنية التحتية والمساواة والتشريعات العمرانية والحوكمة وجودة الحياة.
تم تقسيم المدن على الرسم إلى أربع شرائح هي المدن المقدسة، والمدن الكبيرة، والمدن المتوسطة، والمدن الصغيرة. وتُبرٍز الألوان درجة قياس كل فئة في هذه المؤشرات الست. نلاحظ أن مؤشر البيئة والاستدامة يُبرِز بشكل واضح الفروق لصالح المدن الصغيرة، حيث تتوفر مصادر الحياة الطبيعية التي تعتبر الدافع الأكبر لصحة الإنسان في المدينة. في مقابل ذلك سنجد أن درجة تطور البنية التحية متقدمة بشكل كبير في المدن الكبرى عنها في المدن الصغرى، وهذه البنية تشمل بلا شك المستشفيات والقطاع الصحي الذي يهتم بصحة المواطن قبل كل شيء.
منظمة الصحة العالمية
وفي معرض الحديث عن العلاقة الوطيدة بين المدن والصحة، والتطرق للجهود المبذولة في سبيل الارتقاء بالتصنيف الصحي للمدن في المملكة العربية السعودية، نجد أنه من المهم هنا أن نشير إلى تعريف المدينة الصحية وماهيتها؟ والسؤال المباشر هنا هو: ما الذي يصنع المدينة الصحية؟
ينص تعريف منظمة الصحة العالمية على أن المدينة الصحية هي المدينة التي تضع الصحة والرفاهية الاجتماعية والإنصاف والتنمية المستدامة في قلب السياسات والاستراتيجيات والبرامج المحلية.
القيم الأساسية الرئيسية للمدينة الصحية هي: الحق في الصحة والرفاهية والسلام الاجتماعي والعدل والمساواة بين الجنسين والتضامن والإدماج الاجتماعي والتنمية المستدامة.
وتسترشد بمبادئ الصحة للجميع، والتغطية الصحية الشاملة. كما أنه من المهم تضمين الصحة في جميع السياسات، والمشاركة المجتمعية، والعمل بشكل مستمر على الابتكار في هذا القطاع.
تصنيف المدينة الصحية عالمياً
وبحسب منظمة الصحة العالمية أيضاً فإن هذه المدينة الصحية التي نتحدث عنها تنال تعريفات مناطقية مختلفة، لكن الأطر العريضة متفق عليها بحيث تشمل الغذاء الجيد والمسكن المناسب والبيئة الجاذبة للحياة والمدارس المناسبة ومكان العمل الآمن. ولا يمكن أن نغفل البنية الصحية التي تقوم عليها المجتمعات السكانية. وتسعى هذه البنية إلى توفير العلاج المناسب للمرضى في المدينة، وتراعي طبيعة الأمراض المزمنة، كما تعمل على الابتكار للتنبؤ بالأوبئة في المستقبل.
يجب أن ندرك أن المستويات المختلفة من التطبيق العملي لهذه الرعاية في مدن العالم هي بالأساس نتيجة لاختلاف الحاجة من منطقة لأخرى. كلما ارتفعت القدرات الاقتصادية في المدينة، كانت الحاجة أعلى لنظام الجودة، ودرجة أكثر تطوراً من الابتكار في مواجهة مخاطر الأمراض المعدية والأوبئة والتنبؤ بالمخاطر البيئية المحتملة، والتي يمكن أن تكون نتيجة لأسباب مختلفة. وفي المدن المتطورة هناك مخاطر صحية ناتجة عن المصانع والانبعاثات الكربونية التي تضر بالبيئة، لذلك فإن العمل على خلق هذا التوازن بين البيئة والابتكار في المدينة مهم جداً.
استراتيجيات المدن الذكية
لم تتوقف نتائج الجهود المبذولة في المدن السعودية على التقنية التي ساهم الاهتمام بها في رفع تصنيف مدينة الرياض بين المدن الذكية، لكن المدينة ذاتها احتلت المرتبة الأولى بين مدن مجلس التعاون الخليجي بحسب تقرير “كيرني” في تصنيف رأس المال البشري. العمل على جذب المواهب والكفاءات الدولية، واستقطاب المميزين في كل المجالات جاء مع تسهيل إجراءات انتقال المكاتب العالمية الراغبة في الاستثمار لتكون مدن المملكة مقراً لها، بالتأكيد فإن من بين هذه الكفاءات التي نسعى لتواجدها بيننا، الكثير من أصحاب الاختصاص بالمجالات الطبية والشركات المتقدمة في المجال الطبي. هذا الأمر وبكل تأكيد سينعكس أثره على بيئة المدينة الصحية، ونمط الحياة المبتكر الذي نطمح أن يسهم في جودة الحياة وأن ينتشر في باقي المدن، وتعمل الاستراتيجيات الحالية على تهيئة المدن التقنية الحديثة مثل مدينة نيوم لتكون مقراً تقنياً لإنتاج أحدث العقاقير على مستوى العالم، ودعم القطاع الصحي العالمي بكل السبل، وهذا الأمر يجب أن ينعكس أثره على بيئات المدن المحيطة، وسكان المملكة من كافة الأطياف.
وقد ارتبطت قوة الرياض في بُعد رأس المال البشري مؤخرًا بإطلاقها لبرنامج تنمية القدرات البشرية -مُركِّزة على تعزيز قدرات مواطنيها للازدهار وطنياً وإقليمياً وعالمياً. وهو ما سيتم من خلال النهوض بالتعليم، وإعداد الشباب لسوق العمل المستقبلي، ودعم الابتكار وريادة الأعمال لاغتنام الفرص الناشئة. وذلك نقلاً عن المصادر التي أشارت إلى ذات التقرير.
المدن الذكية والصحة
شهدت المدن السعودية زيادة كبيرة في أعداد المركبات، وفي ذات الوقت فإن النقص في البيانات يؤثر سلباً في فعالية السياسات والتدابير الخاصة بمراقبة جودة هواء المدن، حيث سجل مؤشر الوفيات الناجمة عن إصابات حوادث المرور قيمة متدنية بلغت 53.7 في مؤشرات ازدهار المدن، وللحد من ارتفاع معدلات الوفيات الناجمة عن الحوادث المرورية على الطرق، اعتمدت المملكة مجموعة من الاستراتيجيات الوطنية للسلامة على الطرق والتدابير والإجراءات شملت تشريعات صارمة على سرعة المركبات واستخدام أحزمة الأمان.
ويجب التأكد من أن مرونة المدن في مواجهة تحديات التغير المناخي ركيزة أساسية للتخطيط وإنشاء بنية تحتية جديدة للنقل، وكذلك تطوير شبكات النقل.
البيئة المحيطة والتأثير على الصحة
يبرز الاهتمام بضرورة تحقيق نمو صديق للبيئة ومستدام، وهذا واضح في العديد من المبادرات الاستثمارية في مجال تنمية المدن الخضراء، حيث تسعى المملكة العربية السعودية من خلال العديد من توجهاتها إلى تشكيل المفهوم عبر تقليل الاعتماد على مصادر الطاقة غير المتجددة، وتطوير نظم نقل مستدامة ومنخفضة الكربون، وإقامة بنية تحتية خضراء ومرنة، وتقليل النفايات وإدارتها، وزيادة الرقعة الخضراء، وتدوير المياه العادمة) الرمادية)، وتحسين مناهج التخطيط وإدارة التنمية الحضرية المستدامة لتكون شاملة.
كورونا والصحة والمدن حول العالم
بالنظر إلى المستويات العالية من حالات العدوى والوفيات الناجمة عن مرض كوفيد -19، نفذت الدول في جميع أنحاء العالم عمليات الإغلاق، مما أدى إلى تباطؤ في الاقتصاد.
بينما كان لـ COVID-19 تأثيرات دراماتيكية على المدن حول العالم، كانت النتائج مختلفة بحسب المدينة.
وتشير الدروس المستفادة إلى الحاجة لتطوير خطط استجابة محلية للطوارئ والإنذار المبكر في البنى التحتية، حيث يجب أن تكون جميع المدن العالمية أكثر مرونةً وتكيفًا واستجابة أسرع في الاستجابة لحالات الطوارئ مقارنة بالحكومات الوطنية.
وإن تحديد السكان المعرضين للخطر يمكن أن يساعد في منع التأثير الكلي وتقليل التفاوتات في تأثير المرض. حالياً وفي المستقبل، ستكون المدن العالمية ذات فرصة لتطوير استراتيجيات جديدة وعادلة للحد من المخاطر.
التنمية والصحة
تمثل رؤية المملكة 2030 بديلاً لمبدأ اعتماد خطط التنمية الوطنية الذي بدأ عام 1970، وترتكز على أن مكامن قوة للمملكة تتمثل في عمقها العربي والإسلامي، وقوتها الاستثمارية الرائدة، وموقعها الاستراتيجي كمحور رابط بين ثلاث قارات عالمية. وتهدف الرؤية استراتيجياً إلى تحقيق مجتمع حيوي، واقتصاد مزدهر ووطن طموح.
وتنطوي الرؤية على تغييرات واسعة من منظور الحوكمة والإدارة التنفيذية للتنمية الحضرية على النحو المتوقع التالي:
- الالتزام بضمان مستوى عالٍ من الأمن والتنمية في المدن.
- ضمان توفير خدمات عالية الجودة.
- الحد من التلوث ومكافحة التصحر وتحقيق الاستخدام الأمثل لموارد المياه.
- توفير فرص عمل متساوية للجميع.
- زيادة إسهامات الشركات الصغيرة والمتوسطة في التنمية.
- زيادة إسهامات القطاع الخاص على المدى الطويل ورفع إنتاجيته الاقتصادية.
- تعديل الأنظمة المتعلقة بتسهيل بيئة العمل لجذب استثمارات القطاع والارتقاء بمستوى جودة الخدمات المقدمة.
- تحويل دور الحكومة من مُقدّم للخدمات إلى مُنظّم وراصد لها.
مؤشرات إيجابية
منحت منظمة الصحة العالمية، المدينة المنورة شهادة اعتراف بأنها مدينة صحية بعد أن أكملت جميع المعايير العالمية التي تطلبها المنظمة لتكون مدينة صحية بمفهومها المتكامل، حيث تعد المدينة المنورة أول مدينة كبيرة يتجاوز عدد سكانها 2 مليون نسمة يتم الاعتراف بها من منظمة الصحة العالمية.
وتميز برنامج المدن الصحية بالمدينة المنورة ببرامجها المتنوعة التي من أبرزها تحقيق شراكة إستراتيجية مع جامعة طيبة لتدوين جميع المتطلبات والإجراءات الحكومية بما يتوافق مع الأنظمة العالمية والشواهد والإجراءات وتسجيلها في منصة إلكترونية لاطلاع المنظمة عليها.
وجدير بالذكر أن مدينة الطائف الصحية تعد واحدة من أولى مدن المملكة التي انضمت إلى برنامج المدن الصحية بوزارة الصحة؛ حيث تضافرت جهود جميع القطاعات الحكومية والأهلية والخاصة بمدينة الطائف، وبمشاركة فاعلة من أفراد المجتمع؛ لتحقيق معايير المنظمة، والتي تتوافق مع أهداف رؤية المملكة 2030.
وينطلق مفهوم المدن الصحية من أن تكون بيئة المدينة أو القرية في المستوى الذي يخدم الصحة ويعززه؛ مما يستدعي التنسيق والعمل المشترك بين مختلف القطاعات ذات العلاقة بالصحة والبيئة، بالإضافة إلى تضافر جهود جميع أفراد المجتمع لخدمة مدينتهم، ولتنمية الحياة فيها.
نمط الحياة
أدت جائحة كورونا إلى اضطرابات سلاسل التوريد، حيث ساهم التضخم أيضاً والأزمة الروسية في إبراز أهمية العمل الاستباقي في مجال صحة المدن.
ومن المهم التركيز في السنوات القادمة في المدن والمجتمعات الحضرية على أنماط الغذاء الصحية، بما فيها الأطعمة المعالَجة. وكذلك تضمين الصحة النفسية ضمن برامج التأمين الطبي خصوصاً للممارسين الطبيين الذين يواجهون كثيراً من الصعوبات مؤخراً في المدن.
تلتزم المملكة بنهج الصحة في جميع السياسات بما يحقق تقدماً في أهداف التنمية المستدامة، كما يجب الاستفادة من تقنيات الذكاء الاصطناعي والجمع المستمر للبيانات وعن طريق طائرات درونز في توقع الأوبئة في المستقبل. وبالنظر للجانب البيئي تؤكد مبادرة الشرق الأوسط الأخضر على التزام المملكة العربية السعودية بجهود الاستدامة الدولية، وتسهم في زيادة قدرات المنطقة على حماية كوكب الأرض من خلال وضع خارطة طريق طموحة ذات معالم واضحة، تعمل على تحقيق جميع المستهدفات العالمية.
وتدعم هذه المبادرة عمليات تنسيق الجهود بين المملكة وشركائها الإقليميين والدوليين من أجل نقل المعرفة وتبادل الخبرات، مما يسهم في تحقيق انخفاض كبير في الانبعاثات الكربونية العالمية، بالإضافة إلى تنفيذ أكبر برنامج إعادة تشجير في العالم.
أرصفة المشاة في المدن
في شهر فبراير من عام 2021 كتب الدكتور صالح السلطان ورقة عمل حول فوائد أرصفة المشاة في المدينة. شملت الورقة نقاطاً جوهرية مرتبطة بالجانب الصحي، ولعلها تكون فرصة جيدة لنشير إلى بعض النقاط المهمة. وقبل ذلك لعلنا نتفق على أن سلوك السكان في التعامل مع الأرصفة في المدن السعودية هو أمر ملفت للانتباه. فالكثير من السكان يتحاشى السير على الأرصفة إما لعدم انتظامها وتدرجها في الطرق، أو لعدم الاعتياد على هذا السلوك. في كلتا الحالتين فإن النتيجة النهائية المتعلقة بالصحة ستنعكس على عدد الحوادث المرورية، وعلى الصحة العامة.
وتعتمد الاستفادة القصوى من الأرصفة على التوازن بين الاهتمام بالصحة والسلامة المرورية، وبين التنظيم الجيد حتى لا تعيق حركة سير المركبات في الطرقات، فتصبح سبباً في التأثير السلبي على جودة الحياة في المدن.
لا يمكن أن نقول بأن المشي هو العلاج الوحيد لكثير من الأمراض المنتشرة، لكنه يساعد في التخفيف من عدد الحالات التي تتزايد باستمرار في المملكة لكثير من الأمراض -كما تشير الدراسات- فالأجواء والطقس متباين في المدن السعودية، وقد يكون مشجعاً في بعض فصول السنة على المشي وممارسة الرياضة. بالإضافة لذلك فإن الشكل الجمالي يساهم في تحسين صورة المدينة، كما أنه يسهم في التقارب الاجتماعي بين السكان داخل الأحياء.
ومع كل ذلك تبقى لكل مدينة طبيعتها الخاصة بها، والتي تتماشى مع تضاريس المكان، واتساع رقعة المدينة، وطبيعة وسائل النقل، لكننا في كل الأحوال نهتم بالصحة العامة وإن اختلفت التفاصيل في مجملها.
التحديات:
- يلعب نمط الحياة والسلوك دوراً مهماً في خلق عادات غير صحية في المدينة.
- اختلاف المتطلبات بين المدن السعودية للارتقاء بتصنيفها الصحي، وذلك باختلاف درجة تحضرها.
- تعدد الجهات التي ينعكس عملها على القطاع الصحي وجودة الحياة في المدن.
التوصيات:
- تهيئة أفراد المجتمع لنمط حياة صحي من خلال التوعية المستمرة.
- تعزيز دور الابتكار في القطاع الصحي وتنمية المدن؛ حيث أثبت نجاحه خلال جائحة كورونا.
- تضمين الصحة النفسية ضمن برامج التأمين الطبي لما لها من تأثير في نمط حياة السكان وجودة الحياة في المدن، حيث ينعكس أثرها الإيجابي على سلوك السكان في المدينة.
المصادر
- تقرير حالة المدن السعودية 2019.
- مؤشر المدن الذكية 2021.
- د. صالح السلطان: أرصفة المشاة لفوائد شتى للسلامة والوعي والصحة والنقل العام والسعودة.
- مستقبل المدن والمناطق، تقرير تمت ترجمته إلى العربية من قبل المهندس عبدالله بن إبراهيم الرخيص
- WHAT MAKES A HEALTHY CITY?
- COVID-19 in Three Global Cities: Comparing Impacts and Outcomes.
- Envisaging the Future of Cities
- https://www.alriyadh.com/1914962
التعقيبات:
- التعقيب الأول: أ. غسان عبد الجواد
- يجب أن ندرك أن استراتيجية المدن الذكية وجميع القطاعات الأخرى كالطاقة والنقل، بالإضافة إلى الاستراتيجية العمرانية وغيرها من استراتيجيات القطاعات المختلفة بالمملكة العربية السعودية كلها اعتمدت أسس صحية. لذلك فإن تكامل هذه الاستراتيجيات يعتبر عنصراً مهماً. وغيرها كلها لها أسس صحية وأثرها على البيئة والصحة وليس فقط المدن الذكية، فتكامل الاستراتيجيات للبيئة الصحية يُنظر إليها دائما بمفهومها الشمولي.
- اهتمت رؤية المملكة بمبادرات ترتقي بجودة الحياة ورفع معدل عمر الفرد السعودي، لذلك فإننا نجد هذا المحور مرتبطاً بعدة مبادرات مثل سلامة النقل وتقليل عدد الوفيات.
- قطاع النقل هو قطاع يعمل بشكل مستمر ليكون قطاعاً صديقاً للبيئة، وهذا هو السبب الأساسي في الاهتمام بتحسين استهلاك الطاقة في المركبات ووسائل النقل، والاستفادة من الابتكارات في مجال تطوير الوقود لهذه المركبات بشكل مستمر. ومن ذلك العمل على تفعيل استخدام الهيدروجين والمركبات الكهربائية كطاقة بديلة بأسرع وقت ممكن.
- لا ينبغي أن نتجاهل مسألة تأثير تقليل الازدحام في الطرقات على سلوك السكان، وبالتالي رفع درجة جودة الحياة في المدن وتقليل الأمراض النفسية التي باتت تعيق حياة الفرد الطبيعية في المدينة.
كل هذه الاستراتيجيات أسهمت بشكل فاعل وإيجابي، وانعكس ذلك على النتائج حيث انخفض معدل الوفيات في المدن بنسبة تقارب 35 بالمائة خلال الثلاث سنوات الماضية فقط، فالتطوير المستمر من قبل وزارة الصحة والمنظومة الصحية بشكل عام أصبح يضع التقنية كأولوية قصوى بالمجال. وقد شاهدنا القطاع يطلق شركات جديدة معنية بالابتكار بالصحة خلال الفترة الماضية، وهو ما يسهم في رفع معدلات الصحة في المدن.
- التعقيب الثاني: د. سكينة الشيخ
عند المراجعة ورسم استراتيجية المدن الصحية أو التصنيف الصحي بالمدن لا بد من دراسة نقاط أهمها:
- السياسات والتدابير التي تضمن استدامة وتطوير المدن الصحية بالمملكة. على سبيل المثال: أشار كاتب الورقة الرئيسة لمعدل انتشار الأمراض المزمنة في المملكة كالسمنة، السكري، الكوليسترول، ارتفاع ضغط الدم، أمراض القلب والشرايين إلى جانب الأمراض السرطانية وعلاقتها بالبنية التحتية الصحية. وللوقوف على مكامن الخلل لم يشر الكاتب لأهمية الاستفادة من تحليل البيانات السكانية المتوفرة، للوقوف على أسباب نشوء هذه الأمراض وتزايد انتشارها بالمجتمع. كذلك لم يتطرق الكاتب لتداعيات جائحة كورونا على الصحة السكانية بشكل عام. حيث إن جائحة كورونا أحدثت تغييراً كبيراً في الصحة السكانية على مستوى العالم. تحديداً في الولايات المتحدة أجرى الباحثون في مراكز السيطرة على الأمراض والوقاية منها تحليلاً لقاعدتي بيانات كبيرتين تتعلق بمطالبات التأمين المستحقة لأشخاص تقل أعمارهم عن 18 عاماً. ووجدوا أن الأطفال الذين أصيبوا بمرض كوفيد-19 من قبل كانوا أكثر تعرضاً للإصابة بداء السكري بنسبة تتراوح بين 33٪ إلى 166٪ مقارنة بالأطفال الذين لم تسبق لهم الإصابة بالمرض. أيضاً في المملكة المتحدة رصد الباحثون في لندن ارتفاعاً بنسبة 80٪ في إصابات الأطفال بداء السكري أثناء جائحة كورونا. والجدير بالذكر أن المملكة ليست بمنأى عن العالم وقد تكون نسبة الإصابة لدى أطفالنا بداء السكري أعلى، لذلك هناك حاجة ملحة للبحث العلمي والدراسات المسحية لدراسة الصحة السكانية بالمملكة بعد الجائحة والاستفادة من النتائج في رسم استراتيجيات ومستهدفات المدن الصحية بالمملكة.
- إلى جانب ذلك لم يشر الكاتب لمعدل نمو وانتشار الأمراض الوراثية غير المشمولة بفحص الزواج في مدن المملكة وعلاقتها بالوعي العام في المجتمع، مما لها تأثير مباشر في رفع تكلفة العلاج للفرد بالمجتمع السعودي والتأثير على استدامة المدن الصحية بالمملكة.
- لم يشر الكاتب لدور المنظومة التعليمية تشمل المدارس والجامعات وكراسي البحث العلمي في بناء جيل واعٍ، صحي قادر على بناء مدن ومجتمعات صحية مستدامة.
- لم يسهب الكاتب في دور الوعي المجتمعي تجاه نمط الحياة الصحي والكشف المبكر عن الأمراض المزمنة وماله من دور في استدامة المدن الصحية.
- المداخلات حول القضية
- التعريف بمفهوم المدن الصحية.
إن مصطلح المدن الصحية يُستخدم في الصحة العامة والتصميم العمراني ليؤدي إلى انطباع عن السياسة في الصحة، وقد تم بروز الشكل الحديث لمصطلح المدينة الصحية من مبادرة منظمة الصحة العالمية للمدن والقرى الصحية التي انطلقت عام 1986م، “وقد تم تطوير المصطلح بالاشتراك مع الاتحاد الأوروبي، ولكنه أصبح مصطلحًا دوليًا كطريقة لإنشاء سياسة صحية عامة على المستوى المحلي من خلال ما يُعرف بالتعزيزات الصحية”. وبدأ تطبيق هذا البرنامج بأسلوب يتلاءم مع مفاهيم المجتمع، وذلك لكي يتم قبول هذا البرنامج وتطبيقه بشكل مستمر، لتحقيق الهدف المنشود من هذا البرنامج، وكانت مدينتا البكيرية والمندق التجربة الأولى في تطبيق هذا البرنامج، حيث تم التنسيق مع المكتب الإقليمي للشرق المتوسط لمنظمة الصحة العالمية بالقاهرة وتم إقرار هذا البرنامج.
“وتعتمد صحة سكان المدينة إلى حد كبير على ظروف معيشتهم وأنماط حياتهم، وتُعرف العوامل التي تؤثر بشكل كبير على وضعهم الصحي في حياتهم اليومية بأنها المحددات الصحية، وتشمل تلك المحددات: إمدادات المياه، والصرف الصحي، والتغذية، وسلامة الأغذية، والخدمات الصحية، وظروف السكن، وظروف العمل، والتعليم، وأنماط الحياة، والتغيرات السكانية، وما إلى ذلك من بيئات مادية واجتماعية واقتصادية تحيط بسكان المدينة”.
وتعد مدينة الدرعية أول مدينة صحية معتمدة من قبل منظمة الصحة العالمية، حيث اعتُمدت مدينة الدرعية في الأول من أبريل من عام 2018م وذلك لتحقيق ثمانين معياراً من معايير المنظمة، تلا ذلك اعتماد عدد من المدن الأخرى، وقد منحت منظمة الصحة العالمية المدينة المنورة ومعها مدينة الطائف شهادة اعتراف بأنها مدينة صحية بعد أن أكملت جميع المعايير العالمية التي تطلبها المنظمة، لتكون مدينة صحية بمفهومها المتكامل، وبذلك تعد أول مدينة كبيرة يتجاوز عدد سكانها مليوني نسمة يتم الاعتراف بها مدينة صحية من منظمة الصحة العالمية. ويأتي الاهتمام ببرنامج المدن الصحية ضمن تحقيق أهداف رؤية المملكة 2030.
- الأهداف الأساسية لبرنامج المدن الصحية.
يعد هذا المصطلح الدولي “المدن الصحية” طريقة لإنشاء سياسة صحية عامة على المستوى المحلي من خلال ما يُعرف بالتعزيزات الصحية، ويؤكد ذلك على الأبعاد المتعددة للصحة، كما تم وضع دستور منظمة الصحة العالمية وميثاق أوتاوا لتعزيز الصحة، وجاءت فكرة برنامج المدن الصحية عندما رفعت منظمة الصحة العالمية شعار: «الصحة للجميع» بحلول عام 2000م، حيث يعتبر مفهوم المدن الصحية جزءاً من تحقيق الرعاية الصحية الأولية، وتقوم فكرة المدن الصحية على أن مبدأ تحسين الصحة يمكن أن يتحقق إذا تم تحسين الجوانب البيئية والاجتماعية والاقتصادية المؤثرة على الصحة، ذلك أن صحة المرء هي نتيجة للظروف السائدة في المنزل أو في المدرسة أو في مكان العمل، مثلما هي نتيجة لمستوى الجودة في مرافق تقديم الرعاية الصحية، ومواصفات المدينة الصحية أنها تلبي الاحتياجات الأساسية لسكانها، وتعتز بتراثها التاريخي والثقافي وتحتفي به، وتضم مجتمعاً قوياً يتكاتف أبناؤه ويؤازر بعضهم، يكون لها اقتصاد متنوع الجوانب ومتجدد، كما تقوم في منظومة بيئية مضمونة الاستمرار، وتتلخص أهداف البرنامج بالنهوض بصحة السكان بحيث يسهم في رفع مستوى الخدمات والظروف الصحية والبيئية في المدن عن طريق: زيادة الوعي بالقضايا الصحية والبيئية في إطار التطور والتنمية الصحية والبيئية، ومشاركة المجتمع -أفراداً ومنظمات- في معالجة مشكلاته الصحية البيئية عن طريق إعداد الأنشطة والمشروعات الصحية والبيئية وإعطاؤهم الدعم اللازم.
ويعد برنامج المدن الصحية أحد البرامج التي تسعى إلى الارتقاء بصحة وحياة السكان، ويعتمد البرنامج على العمل الجماعي والبحث الدائم عن التجديد والابتكار لجميع سكان المدينة مواطناً ومسؤولاً في القطاع الحكومي أو القطاع الخاص، وذلك يعود إلى أن أي مؤثر صحي أو بيئي في المدينة يؤثر على الجميع، وقد أوضحت التجارب أنه لكي تتم الاستفادة المثالية من برنامج المدن الصحية يجب أن يتم إشراك أفراد المجتمع في وضع خطة البرنامج وتنفيذها ثم الاستمرار فيها، وقد تم تطبيق البرنامج في المملكة في 22 مدينة صحية من خلال تفعيل مشاركة المجتمع والتعاون بين القطاعات ذات العلاقة للوصول إلى الصحة بمفهومها الشامل، وتم اعتماد برنامج المدن الصحية وتشرف عليه وزارة الصحة التي بادرت بالانضمام إلى الحملة العالمية المسماة (1000 مدينة – 1000 سيرة حياة)، ويهدف برنامج المدن الصحية إلى النهوض بصحة السكان، بحيث يسهم في رفع مستوى الخدمات والظروف الصحية والبيئية في المدن عن طريق: زيادة الوعي بالقضايا الصحية والبيئية في إطار التطور والتنمية الصحية والبيئية، ومشاركة المجتمع -أفراداً ومنظمات- في معالجة مشكلاته الصحية البيئية عن طريق إعداد الأنشطة والمشروعات الصحية والبيئية وإعطائهم الدعم اللازم، ومما لا شك فيه أن مملكتنا تعيش نهضة كبيرة على جميع المستويات وفي كل المجالات، وهناك حرص كامل من الحكومة الرشيدة بقيادة خادم الحرمين الشريفين وولي عهده الأمين -حفظهما الله- على النهوض بمستوى مدننا وجعلها من أفضل مدن العالم، حيث توفر فيها مقومات المدن الصحية، وقد تم تطبيق هذا البرنامج بأسلوب يتلاءم مع مفاهيم المجتمع، وذلك لكي يتم قبول هذا البرنامج وتطبيقه بشكل مستمر لتحقيق الهدف المنشود من هذا البرنامج .
ويشهد الواقع حاليًا تسابق الدول عالمياً حتى تصبح مدنها صحية، سعياً منها إلى الارتقاء بصحة حياة سكانها وساكنيها، وهذا ما أدى بمنظمة الصحة العالمية لأن ترفع “شعار الصحة للجميع” عبر تبني فكرة برنامج المدن الصحية، التي تقوم على مبدأ تحسين الصحة، وقد بدأ تنفيذ برنامج المدن الصحية بإحدى عشرة مدينة أوروبية، وبلغ عدد المدن الصحية حول العالم حتى عام 1996م أكثر من ألف مدينة، وهو العام الذي اختير فيه «المدن الصحية.. تعني حياة أفضل» كشعار لليوم العالمي للصحة، الذي يصادف السابع من أبريل -نيسان- من كل عام. وحسب إعلان منظمة الصحة العالمية فإن 70% من سكان العالم سيعيشون في المناطق الحضرية بحلول عام 2025، الأمر الذي يشير إلى نمو مُطَّرد في المجتمعات الحضرية ويحقق الكثير من المزايا للمدن؛ إلا أنه سيشكل تحدياً مهدداً للصحة بحد ذاته.
ولقد طرحت شبكة المدن الصحية الأوروبية التابعة لمنظمة الصحة العالمية مجموعة من 53 مؤشرًا للمدن الصحية (HCIs) ، لوصف صحة مواطنيها والتقاط مجموعة من المبادرات المحلية التي تتناول الأبعاد الأوسع للصحة.
وتشمل مؤشرين صحيين وثلاثة مؤشرات بيئية ومؤشراً اجتماعياً واقتصادياً واحداً: (الوفيات – سبب الوفاة، تلوث الغلاف الجوي، ركوب الدراجات في المدينة، النقل العام، معدل البطالة).
وأنسنة المدن تعني فيما تعنيه التمركز حول الإنسان، وخلق فرص التواصل الاجتماعي الفعال الذي من شأنه بناء ثقافة مشتركة قائمة على القيم الإنسانية والترابط بين أفراد المجتمع من الفئات العمرية المختلفة، وتقليص السلوك الاستهلاكي كعنصر أساسي للتجمعات والترفيه.
- أبرز التحديات التي تواجه تصنيف المدن السعودية كمدن صحية.
على الرغم من أن مدننا تنمو عمرانياً وحضرياً بصورة سريعة، إلا أنها كبيئة صحية ينقصها الكثير وخاصة في فصل الصيف الخانق وشديد الحرارة. فمدينة الرياض -على سبيل المثال- تعاني من موجات الغبار من فترة لأخرى وتعاني من نقص التشجير الذي يعد أساسياً في التخفيف من آثار الغبار وحرارة الطقس. والاعتقاد أن للغبار مصدرين: الرياح المعتادة ونقلها للأتربة وهذا عامل طبيعي يصعب التحكم به، وعامل بشري بسبب العمران وتسوية الأراضي وتجريفها لتكون مناسبة للبناء، وبالتالي زيادة موجات الأتربة والغبار، وهو ما يمكن ملاحظته في المنازل عند هجرها لفترات قصيرة. فبعض مدننا وبسبب الغبار والطقس شديد الحرارة تبدو غير مناسبة للعيش الآدمي، ويضاعف من ذلك النشاط البشري غير الواعي في التعامل مع البيئة بعناصرها المختلفة من ماء وهواء وتربة ومخلوقات.
عامل آخر له علاقة بالجانب الصحي يتمثل في تدني مستوى نظافة بعض الأحياء، وكثرة نفايات البيوت بصورة غير معقولة، وتبدو المشكلة في طريقة التخلص من النفايات من قبل أمانات المدن؛ إذ لا تزال تستعمل طرقاً تقليدية، ولا يوجد ميكنة نظافة عالية في الأحياء، وذلك للتخلص من الحاويات الصفراء المكشوفة التي تنشر الذباب والحشرات.
يضاف إلى ذلك نقص الوعي الاجتماعي بضرورة المحافظة على البيئة؛ إذ لا يزال البعض يلقون بمخلفاتهم في الشوارع، والمتنزهات والأماكن العامة.
ظاهرة أخرى لها علاقة بالجانب الصحي في المدينة تتمثل بانتشار مطاعم الوجبات السريعة وكثرتها والإقبال عليها، رغم أن بعضها تقدم أطعمة غير صحية إطلاقاً. يلاحظ مثلاً أن أطفالنا لا يميلون لتناول الفواكه المفيدة ويفضلون الحلوى والشوكولاتة، وإذا ما تناولوا الفواكه فبصورة عصائر قد تخلو من الألياف المفيدة.
نحن نتقدم عمرانياً فنبني بيوتاً جميلة وصحية ومطابقة للشروط البلدية، لكننا نتخلف غذائياً مما يعني زيادة معدلات بعض الأمراض التي ترتبط بنمط الغذاء الذي نتناوله؛ ما يعني كذلك ضغطاً على الخدمات الصحية في المدن، فنحو 30٪ ممن أعمارهم تزيد عن 15 سنة يعانون من زيادة في الوزن، ونحو 29٪ يعانون من السمنة كمرض، وهي مؤشرات سلبية ترتبط بالأطعمة التي نتناولها، يصاحب ذلك عدم ممارسة الرياضة ونقص الوعي بأهميتها.
ورغم مرور 30 عاماً على إطلاق منظمة الصحة العالمية برنامج المدن الصحية كبرنامج دولي طويل المدى للارتقاء بمستوى الخدمات البيئية والصحية والاجتماعية، إلا أنه لم يشفع لـ27 مدينة سعودية تُطبِّق البرنامج في الحصول على الاعتماد الدولي بسبب التغيير المستمر لبعض اللجان العاملة، وعدم تحقيق 80% من المعايير العالمية؛ لكن مع هذا من المهم الإشارة إلى أنه قد تسارعت خلال السنتين الماضية وتيرة تصنيف المدن كمدن صحية في المملكة.
كما يعد التلوث الضوضائي أحد أهم مؤشرات المدن الصحية والتي تساهم بشكل كبير في رفع جودة حياة الناس ولها تأثير كبير في راحتهم ورضاهم، ويعد ثاني أكبر مسبب للمشاكل الصحية في العالم وذلك وفقًا لمنظمة الصحة العالمية.
وعند الرجوع إلى مواد اللائحة التنظيمية للضوضاء، نجد أنها تسمح للمطاعم والمقاهي بتشغيل الموسيقى وفق مقاييس محددة لمستويات الصوت، وبعد أخذ تصريح من المركز الوطني للرقابة على الالتزام البيئي؛ لكن من المشاهدات الحاصلة، قد تكون هناك تجاوزات وعدم التزام بمستويات الصوت ومدة تشغيله؛ لذا الأمر يتطلب مراقبة مستمرة لمدى التزام هذه المقاهي بشروط اللائحة، ومعالجة شكاوى السكان المتضررين بالقدر الممكن؛ لأن تغيير المنزل ليس بالأمر الهين.
ومن الموضوعات ذات الصلة كذلك بالتصنيف الصحي للمدن موضوع عدم وصول خدمات الصرف الصحي لكل حي من أحياء مدننا الكبيرة والمتوسطة والصغيرة؛ حيث يلاحظ أنه في معظم أحياء كل مدينة وقرية تنتشر السبخات وطفح المياه القريبة من سطح الأرض، وهذه تساهم في انتشار الروائح الكريهة والحشرات وغيرها. كذلك يلاحظ أن المنازل في هذه الأحياء جدرانها تتصدع وأرضياتها تهبط مع الزمن القصير وإصلاحها مكلف اقتصادياً ونفسياً، قد يقول قائل: إن الأسباب تعود إلى سوء عمليات العزل ونحو ذلك؛ لكن الأهم معالجة أصل المشكلة.
وفي تصور البعض فإن مسألة قيادة السيارة وأنظمة المرور وما يلحق ذلك من حوادث للسيارات ذا علاقة قوية بالمدن الصحية، من حيث الأمن النفسي ساعة القيادة، وما يترتب على هذه الحوادث من وفيات وإصابات، قد تكون دائمة وإعاقات، والتصور أن نسب هذه الثلاث السابقة يمكن أن يكون من ضمن ما يتم تقييمه لتحديد مستوى المدينة الصحي. على الأقل في بلاد العالم الثالث حيث كنا نفقد 9000 شخص سنوياً، هذا غير الإصابات والإعاقات، وربما أصبح الوضع الآن أفضل من ذي قبل.
وهناك جانب آخر يتشكل في السلوك السلبي في المرور بأشكاله المتعددة، ومنها الخروج من الشارع الفرعي للرئيسي دون التوقف، مما قد يسبب الحوادث -وإن لم يكن حادثاً- فيربك السائق الآخر وفيه ما فيه من التبعات الصحية السلبية على السائقين الآخرين وكذلك الركاب، نتيجة الذعر من الحوادث. وغير هذا من أنماط السلوك المروري السلبي، ومن ذلك إهمال حقوق المشاة في الأحياء والأماكن العامة، فالسائق غالباً لا يلقي بالاً بالمشاة حتى أولئك الذاهبين للمسجد والخارجين منه رغم قدسية المكان والخطوات!
أيضاً تكثر في المدن تقزيم الأشجار وقصها بشكل دوري وهذا أمر جمالي؛ ولكنه على المدى الطويل مضر بالبيئة ويمنع من الاستفادة من التشجير، كما أن هناك أشجاراً مكلفة ولا يستفاد منها في الشوارع.
كما تعد الحدائق العامة باعثة للبهجة وصفاء النفس وأداة تواصل بين السكان، غير أن الموارد المائية حدية تعيق ذلك، إذا ما أضيف لها ثقافة التنزه من السكان، وقد كانت الحدائق في الشوارع العامة بمنتصف الشارع طولاً؛ لكن التمدد العمراني أزاحها.
وثمة موضوع آخر يهم المدن السعودية والتصنيف الصحي لها، يدور حول: النفايات الطبية في السعودية، فتدوير النفايات بكل أنواعها سواء كانت منزلية أو صناعية أو مياه الصرف الصحي المنزلي والصناعي أصبحت تمثل تحديًا خطيرًا ليس فقط على النظام البيئي، بل على صحة الإنسان نفسه. وقد تبرز عدد من الممارسات الخاطئة عند التخلص من النفايات الطبية الملوثة نتيجة عملية التخلص التقليدي من النفايات، وشيوع بعض المعلومات المغلوطة بسبب قلة الوعي بخطورتها لدى عدد من شرائح المجتمع، والتي تفاقم الأثر البيئي داخل المجتمعات المحلية والتي بلا شك لها تأثير كبير على صحة الإنسان، أبرزها:
- عدم فرز النفايات الطبية وخلطها مع النفايات الصلبة عند التخلص منها.
- الطمر غير الصحي للنفايات الطبية في المكبات المكشوفة في المدن.
- عدم معالجة النفايات الطبية، وحرقها في الهواء الطلق.
- التخلص من النفايات الطبية السائلة (والخطرة) من خلال تصريفها في مجاري مياه الصرف الصحي بالمرافق الصحية.
وبالتأكيد فإن الدولة حريصة على اتباع أفضل الطرق للتخلص منها بطرق صحية وآمنة في كافة المستشفيات والمراكز الطبية، خاصة أن شروط إدارتها تختلف بشكل واضح عن إدارة تلك النفايات المتولدة في مجالات أخرى. وأن النظام في المملكة العربية السعودية ينص على أنظمة صريحة تردع المنشآت المخالفة التي ترمي نفاياتها -كيفما اتفق- دون اعتبار للأضرار التي من الممكن أن تسببها؛ كالغرامات المالية، والسجن، أو بهما جميعًا، في حالة وجود مخالفات من المنشآت الصحية بتطبيق البرنامج الوطني للتخلص من النفايات الطبية، كما يمكن أن تتضمن العقوبة إقفال المنشآت الصحية.
ولأن الاهتمام والتحكم في التخلص الآمن من النفايات الطبية يختلف من منشأة إلى أخرى، نجد أن الحاجة لا زالت قائمة لمرافق تحوي تقنيات عالية للتخلص من هذه النفايات الخطرة على البيئة؛ فبعض الشركات لا زالت تتخلص من النفايات الطبية بتقنية رخيصة، وبعضها لا يتعامل بأي تقنية بل يرميها في المردم الصحي، وبعضها يقوم بعمليات حرق النفايات الطبية، والتي إذا لم تتم تحت أعلى الاشتراطات والتحكم، فإن نتائجها ستكون سيئة على البيئة بشكل مباشر.
لذا من المهم التساؤل هنا، هل هناك مراقبة فعلية ومستمرة للشركات الطبية عند حرق نفاياتها الطبية، بمراعاة اتجاه الرياح والظروف المناخية من خلال ابتعاد عمليات حرق النفايات بمسافات وأبعاد آمنة للسكان في المناطق القريبة حولها؟
وهل تتبع الطرق الصحيحة للتحقق من الرماد المتخلف؟ واتباع طرق خاصة للتخلص منه في حاويات للنوع المقاوم للاختراق أو التسرب وطمره في أماكن بعيدة عن مستوى المياه الجوفية؟
وعلى صعيد آخر.. ماذا عن الطرق الآمنة للتخلص من النفايات الطبية في المنازل؟ حيث إن بعض المرضى بالمنازل قد يستهينون بالنفايات الطبية كالإبر والمسحات الطبية والشاش، مما يتسبب في نقل العدوى ويهدد البيئة والمياه.
- آليات تحسين التصنيف الصحي للمدن السعودية.
يأتي اهتمام الحكومة السعودية الرشيدة بالعمل على جعل مدنها صحية ضمن أهداف رؤية المملكة 2030 التي تسعى إلى رفع مستوى الاقتصاد، وفي المقابل نجد أن برنامج المدن الصحية يسعى إلى تحقيق الرفاهية ورفع المستوى المعيشي، إضافةً إلى أن رؤية المملكة تهدف إلى تصنيف ثلاث مدن من أفضل 100 مدينة على مستوى العالم، ولكي يتحقق هذا الهدف لا بد أن تكون المدينة مُعزِّزة للصحة ومُطبِّقة لبرنامج المدن الصحية، الذي يسهم في التعاون مع القطاعات الحكومية والقطاع الخاص ومؤسسات المجتمع المدني، ويولي الاهتمام الكامل بالرعاية الصحية الأولية، ويعد برنامج المدن الصحية برنامج بناء وقائي يعزز الصحة ويحسن جميع جوانب الحياة في المدن، انطلاقاً من مبدأ تحسين الصحة وتحسين الجوانب البيئية والاجتماعية والاقتصادية المؤثرة على الصحة والظروف السائدة في المنزل أو في المدرسة، أو في مكان العمل ومستوى الجودة في مرافق تقديم الرعاية الصحية، والمملكة تعيش – بفضل الله – نهضة كبيرة على جميع المستويات وفي كل المجالات، خاصةً في مجال النهوض بمستوى مدننا وجعلها من أفضل مدن العالم، حيث تتوفر فيها مقومات المدن الصحية.
إن مفهوم المدن الصحية ينطلق من مبدأ أن تكون بيئة المدينة في المستوى الذي يخدم الصحة ويعززه؛ مما يستدعي التنسيق والعمل المشترك بين مختلف القطاعات ذات العلاقة بالصحة والبيئة والذي يسهم في رفع مستوى الخدمات الصحية والبيئية في المدن. وفيما يتعلق بالصحة، يعد أحد مؤشرات المدن الصحية هو سهولة الوصول إلى الرعاية الأولية في المجتمع، مما يقلل الضغط على المستشفيات ويعود على الدولة بعوائد اقتصادية عالية؛ لذلك أحد أهداف المدن الصحية هو التقليل من الدخول للمستشفيات والاعتماد على العيادات الصحية الأولية التي تركز على البرامج الوقائية والتحري والاستقصاء عن الأمراض الوبائية والأمراض المزمنة ومعالجتها في البداية قبل أن تتفاقم، مما يمنع حدوث الكثير من الأمراض والمضاعفات. ويتم تحقيق هذا الهدف من خلال زيادة عدد العيادات الأولية في الأحياء وتشجيع الأطباء للتخصص في مجال الطب العام أو طب الأسرة وإعطاء حوافز للأطباء العاملين بهذه المراكز، مقارنة بالعاملين بالمستشفيات المتخصصة التي أصبح لديها فائض من الأطباء ذوي التخصصات الدقيقة والذين يفضلون العمل في المستشفيات المتخصصة الكبرى لما بها من حوافز مهنية ومالية. أما فيما يخص البيئة، فهناك ضعف كبير في وعي الأفراد بالقضايا البيئية وتأثيرها على الصحة البدنية ومن أهمها موضوع تدوير النفايات المنزلية، ويجب التشجيع على آليات تدوير النفايات المنزلية والحد من استعمال البلاستيك في المحلات التجارية من خلال دعم وتعزيز قدرة المحافظات والإمارات في التصدي للمشكلة باستخدام أسلوب المشاركة والتعاون بين أفراد المجتمع والمؤسسات الحكومية والأهلية كافة.
ومن المهم إيجاد حلول بتطويع التقنية لتساهم في الحد من التلوث الضوضائي في المملكة؛ فمن أحد أهم استخدامات الذكاء الاصطناعي في قطاع البيئة مراقبة التلوث الضوضائي في المدن وتقييمها وتوقع قيمتها من خلال حساسات يتم وضعها في أماكن متفرقة في المدينة ويتم جمع هذه الإشارات وتحليلها وتصنيفها، وربطها بمؤشر واحد يحدد مدى حديتها، ويمكن ربطه بلوحة تحكم ذكية وتفاعلية ويمكن أيضًا ربطه بمؤشرات أخرى كمؤشر لجودة الهواء، والماء وغيرها.
وبالإضافة لما ورد بالورقة الرئيسة والتعقيب عليها حول أهمية تكامل الاستراتيجية الوطنية من أنسنة المدن والتخطيط العمراني وتحسين النقل؛ يوجد فرصة من استخدام التقنية الحديثة في القطاع الصحي والتي نرى بعضها على خجل مثل خدمة 937 والتي يمكن تطوير جانب التواصل والاتصال عن بعد؛ لأن بعض الحالات لا تتطلب وجود المريض في العيادة، حيث يتطلب منه الأمر أن يقود سيارته ويبحث عن موقف سيارة وينتظر في غرفة الانتظار حتى يرى الطبيب، كذلك يمكن العمل على إيصال العلاج للمريض، وتفعيل الملف الصحي الموحد، والتعاون مع المراكز الطبية العالمية، والعمل على رفع الوعي الصحي وإدخال العادات الصحية والتي تطورت مؤخراً؛ ولكن لا زال هنالك مجال للتطور أكثر وخصوصاً مع زيادة الرقعة الخضراء والتي تساعد على ممارسة عادات صحية.
ومن وجهة نظر أخرى فإن المشكلة تكمن في الهجرة إلى المدن، مما يفاقم مشكلة المدن الكبرى ويجعل تحويلها إلى مدن صحية يحتاج إلى جهود مضاعفة تكاد تكون عصية. خاصة مع تزايد نسب الأمراض المزمنة غير المعدية كالسكري والضغط وغيرها. لذلك يجب العمل على تحويل المدن الطرفية إلى مدن صحية وتهيئة البنية التحتية المتكاملة فيها وتوفير كافة الخدمات التي يحتاجها المرء التي من شأنها أن تخفف الضغط عن المدن الكبرى ويزيد من عدد المدن الصحية في المملكة.
ومن المهم جداً أن يكون هناك بنية تحتية وعمرانية وحضرية وصحية وتعليمية ممتازة، لتساعد للوصول إلى البيئة والجو الصحي والنفسي السليم. قد تكون المدن الرئيسية متقدمة عن المدن الأخرى؛ ولكن هذا طبيعي في دولة بحجم المملكة وعدد مدنها ومحافظاتها ،ولكن في نفس الوقت المدن والقرى الصغيرة بها ميزات تميزها عن المدن الكبيرة وهي محدودية التلوث والضوضاء ومطاعم الوجبات السريعة وغيرها من الميزات التي تفتقدها المدن الكبيرة المزدحمة، فالتوعية الصحية والسلوكية والنفسية والغذائية مهمة جداً أن تكون مستمرة وبأساليب متجددة.
ومن ناحية أخرى وفيما يتعلق بالتعامل الملائم مع النفايات الطبية والذي يرتبط ارتباطاً وثيقاً بالوصول إلى تصنيف المدن السعودية كمدن صحية، فمن المهم العمل على ما يلي:
- أن يتم حرق النفايات الطبية في محرقة مركزية في كل مدينة كبيرة وتحت إدارة وإشراف كادر متخصص ومتدرب.
- ضرورة البحث المستمر عن تقنيات بديلة وسليمة بيئيًا وصحيًا واقتصاديًا للتخلص من النفايات الطبية من خلال تشجيع البحث العلمي والابتكار في هذا المجال.
- ضرورة عمل دورات توعية وتدريب مستمرة للعاملين في مجال جمع ونقل المخلفات الطبية في المستشفيات والمراكز الطبية، والمبادرة بتوفير الأجهزة والمعدات والأدوات والناقلات التي تحقق لأولئك التخلص الآمن من تلك النفايات الخطرة.
- تسهيل الأنظمة لدخول شركات جديدة في هذا المجال وخاصة الحصول على أرض مخصصة لطمر النفايات الطبية.
- الضرب بيد من حديد على كل منشأة صحية لا تلتزم النظام في التخلص من النفايات الطبية، وإيقاع أقصى العقوبات عليها، وفي المقابل تكريم المنشآت المبادرة لتنفيذ مشاريع الدولة بهذا الخصوص تشجيعًا لها وتحفيزًا لغيرها.
وثمة مقترح إضافي من المهم تطبيقه للتخلص من النفايات الطبية بطرق آمنة، ويتلخص في وجوب عزل النفايات الطبية المنزلية بحاويات بلاستيكية مستقلة وملونة بلون مختلف عن النفايات الأخرى أسوة بنظام التلوين للحاويات والأكياس المعمول به في المستشفيات وإقفالها بطريقة آمنة، فلا يستطيع أي شخص أو حيوان فتحها، ويتم توزيعها على المنازل بأعداد كافية. أو توفير الاتصال السريع بالجهة المختصة لتأمين حاويات النفايات الطبية للمرضى داخل البيوت ومن ثم استلامها. مع أهمية توعية المجتمع بأسره عن طريق الندوات والمحاضرات وغيرها، بخطورة التعامل مع مخلفات التطبيب المنزلي، حيث لا زال هناك قصور شديد في هذا الجانب. وبعدها يمكن اعتبار من يسيء في عمليات التخلص من النفايات الطبية مسؤول جنائيًا بالنظر إلى الضرر المترتب على هذا التلويث.
وتوعية المجتمع بأسره عن طريق الندوات والمحاضرات والمنشورات بخطورة التعامل مع مخلفات التطبيب المنزلي. وحْظر إلقاء المنتجات الطبية الخطرة من قبل الأفراد والمؤسسات في المكبات العامة، حيث يجب الضمان حينئذ، والتعزير، لحصول الضرر للغير بسبب مخالفة أنظمة البلاد.
وفيما يتعلق بكبار السن في المدن الصحية، يجب العمل على:
- توفير ramps الخاصة بالعربات لكبار السن بالمقاييس المتعارف عليها عالمياً، (متر لكل 10 سم) وللأسف هذا غير متوفر حتى في شارع الضباب بالرياض والذي يبيع كل احتياجات المعاقين وكبار السن في الرياض، تجد المنحدر غير مناسب إطلاقاً ولا يصلح للاستعمال الكريم.
- توفر وسائل مواصلات خاصة لكبار السن (سيارات أو حافلات صغيرة) تتوفر فيها حاجاتهم، وتكون مصممة ومواقفها لكبار السن وسائقين مدربين للتعامل مع الكبار وأجهزتهم.
- أن تكون المباني الحكومية والمولات مهيأة لاستقبال كبار السن، بتوفير السلامة والراحة للكبير، بما سبق وبالإضاءة المناسبة، وكل وسائل تجنب سقوط الكبير أو تعثره للضعف الطبيعي في البصر.
والمؤكد في المجمل أن قضية المدن الصحية متشعبة، ولم تغفل قيادتنا الرشيدة عن كثير من الجوانب المهمة لبناء واستدامة المدن الصحية تشمل أنسنة المدن، إزالة العشوائيات، تحسين البنى التحتية، تطوير المنظومة الصحية بشكل عام والعمل الحثيث على بناء الفرد بالمجتمع على الرغم من جميع التحديات العالمية والمحلية في وقتنا الراهن. ومن المناسب الإشارة لأهمية المنظومة التعليمية في بناء واستدامة المدن الصحية بالمملكة حيث لا يمكن إغفال دور التعليم في بناء الفرد والمجتمع والوطن بشكل عام.
- التوصيات
- تهيئة أفراد المجتمع لنمط حياة صحي من خلال التوعية المستمرة.
- تعزيز دور الابتكار في القطاع الصحي وتنمية المدن حيث أثبت نجاحه خلال جائحة كورونا.
- تضمين الصحة النفسية ضمن برامج التأمين الطبي، لما لها من تأثير في نمط حياة السكان وجودة الحياة في المدن، حيث ينعكس أثرها الإيجابي على سلوك السكان في المدينة.
- إدراج التوعية الصحية الشاملة في مناهج التعليم العام والعالي، وربطها بمنظومة المدينة الصحية بشكل متكامل.
- إدراج تخصصات علمية في الجامعة متخصصة ببناء مدن صحية شاملة جميع النواحي الحياتية ومستوفية لجميع المقاييس العالمية لضمان بناء واستدامة المدن الصحية بأساليب ومنهجيات علمية مبنية على البراهين.
- تخصيص كراسٍ للبحث العلمي تُعنى ببحث الجوانب المركزية لاستدامة المدن الصحية بالمملكة ونشر التوعية بأهمية الفرد في بناء واستدامة المدن.
- قيام الجهات التنفيذية بالمهام المناطة بها للوصول لتحقيق معايير المدن الصحية.
- العمل على تبني بلديات المدن وبرنامج جودة الحياة لمعايير المدن الصديقة للأطفال، وكذلك المسنين، وفقاً لما هو معتمد دوليًا.
- العمل على تفعيل دور مراكز الأحياء، لتكون منابر ثقافية واجتماعية تستوعب الفئات والطبقات الاجتماعية المختلفة في المجتمع. ويمكن تحقيق ذلك بالشراكة بين أمانات المدن ووزارة الثقافة وغيرها من الجهات الحكومية والأهلية ذات العلاقة.
- العمل على تحسين البنية التحتية للطرقات والشوارع بما يكفل سلامة المشاة والسيارات والحافلات.
- الاهتمام بالجانب الجمالي للمدن والقرى، وربط ذلك بالثقافة المحلية.
- العمل على الإسراع في تفعيل شبكة المواصلات العامة، لا سيما الحافلات. إذ يلاحظ استمرار الفترة التجريبية لفترة زمنية طويلة دون الاستفادة الفعلية من الحافلات، مما يؤدي للهدر المادي والتلوث والازدحام دون مردود حقيقي على الفرد.
- المصادر والمراجع
- اللائحة التنفيذية للضوضاء لنظام البيئة الصادر بالمرسوم الملكي رقم (م/165) وتاريخ 19/11/1441هـ، وزارة البيئة والمياه والزراعة، المملكة العربية السعودية.
- دليل موجز لتنفيذ برنامج المدينة الصحية، منظمة الصحة العالمية، المكتب الإقليمي لشرق المتوسط، القاهرة، د. ت.
- دليل المدن الصحية، سلطنة عمان، وزارة الصحة، المديرية العامة للرعاية الصحية الأولية دائرة المبادرات المجتمعية الصحية، 2015م.
- أثير نائل محاريق: تخطيط مدينة صحية، قسم هندسة التخطيط العمراني، كلية الهندسة وتكنولوجيا المعلومات، جامعة النجاح الوطنية، نابلس، 2019م.
- حمود الضويحي: المدن الصحية.. حياة أفضل، متاح على الرابط الإلكتروني: https://www.alriyadh.com/1922010
- إدارة وتسيير المدن الصحية، متاح على الرابط الإلكتروني:
http://learn.univ-sba.dz/pluginfile.php/29112/course/summary/ %D8%A5%D8%AF%D8%A7%D8%B1%D8%A9%20%D9%88%D8%AA%D8%B3%D9%8A%D9%8A%D8%B1%20%D8%A7%D9%84%D9%85%D8%AF%D9%86%20%D8%A7%D9%84%D8%B5%D8%AD%D9%8A%D8%A9.pdf
- برنامج المدن الصحية، الملف التعريفي لمدينة المنامة، مملكة البحرين، متاح على الموقع الإلكتروني: https://www.capital.gov.bh
- المشاركون.
- كاتب الورقة الرئيسية: أ. علاء الدين برادة
- المعقبون:
- أ. غسان عبدالجواد
- د. سكينة الشيخ
- مدير الحوار: د. سعيد العمودي
- المشاركون بالحوار والمناقشة:
- ا.د. محمد المقصودي
- الفريق عبد الإله الصالح
- أ. إبراهيم ناظر
- أ. احمد المحيميد
- أ. فايزة العجروش
- د. خالد الرديعان
- د. وفاء طيبة
- للواء فاضل القرني
- د. خالد المنصور
- د. عبير برهمين
- أ. فهد الأحمري
- بروف مها المنيف
- د. علي الطخيس
- د. محمد العامر
- د. صالحة آل شويل
- د. فهد اليحيا
- د. حمد البريثن
- د. هند الخليفة
- د. ماهر الشويعر
- د. محمد الثقفي
- د. فوزية البكر
القضية الثانية
كيف تصبح السياحة الرافعة الأولى للثقافة المحلية
(25/7/2022م)
- الملخص التنفيذي.
أشار أ. خالد آل دغيم في الورقة الرئيسة إلى أن السياحة ليست مجرد شواطئ ومنتجعات وحدائق ومسارح أو مجرد مواقع أثرية يذهب لها السائح كما تظن الأغلبية، لكنها تهدف إلى التعرف على هوية المكان الذي هو بالتالي هوية وطن، ومن هنا يمكن القول إن الثقافة جزء أساسي من السياحة.
والعلاقة بين الثقافة والسياحة علاقة تكاملية فالسياحة الثقافية هي المحور والمقوم السياحي غير المتكرر أو التشابه أو القابل للمنافسة، ومما لا شك فيه أن السياح الثقافيين هم أكثر إنفاقاً من السياح العاديين. وقد أصبحت السياحة الثقافية في المملكة العربية السعودية مصدراً ورافداً مالياً مهماً للاقتصاد الوطني لأن المملكة بموقعها المتميز والتنوع البيئي والجغرافي جعلها مقصداً للسياح خارجياً وداخلياً.
بينما أكَّد أ. عبدالرحمن الطريري في التعقيب الأول على أن تكون السياحة هي الرافعة الأولى للثقافة، هذا يعني أن تنجح في جذب الزوار في سوق شديد التنافسية حول العالم، متجاوزاً المانع النفسي الناتج من صورة ذهنية راسخة لدى كثيرين، وقادراً دائماً على خلق تجارب ذات تفرد. والسبيل إلى ذلك يبدأ من السماح بالتأشيرة السياحية، ولا ينتهي عند بناء المنتجع والمتحف، وتعزيز شبكة البنى التحتية، من قطارات ومطارات وطرق، لكنه يرتكز على تجربة الإنسان مع الإنسان.
في حين ذكر أ. علاء الدين براده في التعقيب الثاني أن السؤال الجوهري الذي يبقى مطروحاً يدور حول الكيفية التي يمكن أن تصبح من خلالها هذه السياحة الثقافية رافداً تنافسياً بين جميع القطاعات. وحتى نجيب على هكذا تساؤل، فإننا يجب أن نفكر بطريقة غير تقليدية عما عهدناه في ورش عمل الاستراتيجيات والتخطيط.
وتضمنت المداخلات حول القضية المحاور التالية:
- الثقافة السياحية: مفهومها وأهميتها في ضوء عوامل الجذب للمملكة.
- الإنسان وثقافته كمحور أساسي للارتقاء بالسياحة السعودية.
- آليات النهوض بالسياحة الثقافية في المجتمع السعودي.
ومن أبرز التوصيات التي انتهى إليها المتحاورون في ملتقى أسبار حول القضية ما يلي:
- تأهيل الكوادر الوطنية العاملة في قطاع السياحة (تعليمياً، تدريباً، سناً ولياقة في البدن والأسلوب) لأنهم سيكونون المقدمين لثقافة المملكة.
- الاهتمام وإعداد آليات التسويق للاستثمار والتطوير لمنتجات الثقافة والسياحة والتنوع الشامل فيها.
- غرس حب الثقافة في الأجيال اليافعة من مراحل الدراسة الأولية.
- بلورة مفهوم الثقافة وآليات التطبيق لتكون أداة قوة ناعمة، ليس فقط لتغيير أي صورة نمطية، بل ترسيخ تاريخ المملكة العربية السعودية للعالم ومقاومة محبطة للحملات للإعلامية ضد المملكة.
- التنسيق والتكامل بين القطاعات المعنية بالسياحة والخدمات والإعلام لإبراز الجهود الوطنية والمواقع والفعاليات السياحية بما يخدم ويدعم السياحة الوطنية.
- الورقة الرئيسة: أ. خالد آل دغيم
المقدمة:
عندما تجد نفسك شغوفاً بالتنمية، تحاول أن تتجاوز الطرح النظري وتبحث عن صناع السياسات التنموية وكيف نجحوا في التحولات الاقتصادية لصناعة بيئة جاذبة للاستثمار وتحقيق أعلى حجم من الإيرادات، دون أن يصاحب ذلك أي مؤثرات سلبية سواء على البيئة أو المجتمع أو الثقافة السائدة، وخلق انسجام بين عدة أنماط سياحية تنموية، ولعل ما دفعني لهذه المقدمة، أنني قرأت عن صديق مقرب من الفنان التشكيلي الإسباني بيكاسو، والذي يُعد من أشهر الفنانين في القرن العشرين ويدعى صديقه هذا، أوجينيو أرياس Eugenio Arias، وقد نشأت بينهما صداقة منذ عام 1947م، ولقوة العلاقة بينهما كان الفنان بيكاسو يهدي بعض أعماله الفنية لصديقه، وهي تتألف من رسوم ومحفورات وخزفيات، وقطع فنية منفذة على الخشب.
وما أن توفي بيكاسو، حتى تسابقت المتاحف العالمية على صديق بيكاسو، للحصول على بعض هذه الأعمال، ودفعوا فيها مبالغ طائلة، إلا أن أرياس رفض كل تلك العروض، واتجه لقريته الصغيرة بويتراجو ديل وزويا Buitrago del Lozoya التي تقع شمال العاصمة الإسبانية مدريد، وأنشأ بها متحف بيكاسو كوليسيونأوجينيوأرياس والذي أصبح فيما بعد، من أشهر المتاحف العالمية، التي تضم مجموعة من أبرز وأهم أعمال بيكاسو الفنية، ولعل ما جال بخاطري، وانا أعد هذه الورقة القناعة التي جعلت من أرياس يضحي بكل الملايين، التي عرضتها عليه أشهر المتاحف العالمية، لتحظى بشيء من تلك الأعمال ليجعل من قريته الصغيرة وجهة سياحية عالمية، بإنشاء أبرز متحف لأعمال بيكاسو الفنية، وحتى أمهد للإجابة عن هذا السؤال: كيف تصبح السياحة الرافعة الأولى للثقافة المحلية؟
- ما هو المقصود من الثقافة السياحية:
لا بد أن نعرف أن السياحة ليست مجرد شواطئ ومنتجعات وحدائق ومسارح أو مجرد مواقع أثرية يذهب لها السائح كما تظن الأغلبية، لكنها تهدف إلى التعرف على هوية المكان الذي هو بالتالي هوية وطن، ومن هنا يمكن القول إن (الثقافة) جزء أساسي من السياحة، والمقصود بالثقافة هنا (كل شيء يتعلق بداية من تاريخ المكان أو الموقع الأثري أو الموروث – الاجتماعي، الديني، الفني، الحرفي.. إلخ).
- العلاقة بين الثقافة والسياحة.
إن العلاقة بين الثقافة والسياحة علاقة تكاملية، فالسياحة الثقافية هي المحور والمقوم السياحي غير المتكرر أو التشابه أو القابل للمنافسة، ومما لا شك فيه أن السياح الثقافيين هم أكثر إنفاقاً من السياح العاديين وقد زادت هذه الفئة بشكل كبير ويسهم هذا النوع من السياحة في:
- ضخ أموال ضخمة في الاقتصاد المحلي.
- تعزيز ثقافة وتقاليد المجتمع والذي عززته (اليونسكو).
- السلوك الإيجابي للسياح.
- فرص جيدة للمجتمع المحلي لتبادل المعارف مع السياح من الخارج.
- توفير الوظائف لأفراد المجتمع.
- زيادة الوعي بالبيئة التراثية لدى المجتمع والإسهام في الحفاظ عليها.
- وسيلة تعليمية للطلاب والباحثين والمؤرخين لحياة الشعوب.
- جعل الآثار مصدر دخل مهماً من خلال الرسوم التي يتم تحصيلها من السياح والزوار.
أما بالنسبة للسياحة، فتشترك في نفس الارتباط مع السياحة الثقافية؛ ولكن من خلال جمع إيرادات ضخمة عبر مرافق الإيواء خاصة التي يتم تصميمها على النمط التراثي القديم والحفلات التي تقدم الموروث التاريخي بشتى أنواعه من رقصات وأهازيج وأزياء تعبر عن حضارة البلد، مما يصنع تكاملاً بين السياحة والثقافة.
- إسهام السياحة في إبراز المكونات الثقافية والحضارية
ويكون ذلك من خلال التعرف على تاريخ البلاد ويشمل ذلك:
- الأديان والتعريف بها والتي نشأت في أرض الجزيرة العربية خاصة الأنبياء والرسل.
- العادات والتقاليد والمراحل التي مرت بها.
- الفنون بشتى أنواعها.
- نمط الحياة وتطوره.
- الموروث في الملبس والمأكل واللهجات الترحيبية، ومن هنا يمكننا القول إن السياحة هي المعول الأساسي والباعث على إبراز السياحة الثقافية.
- السياحة الثقافية في المملكة العربية السعودية.
أصبحت السياحة الثقافية في المملكة العربية السعودية مصدراً ورافداً مالياً مهماً للاقتصاد الوطني؛ لأن المملكة بموقعها المتميز والتنوع البيئي والجغرافي جعلها مقصداً للسياح خارجياً وداخلياً للأسباب الآتية:
- المملكة تعد ملتقى للحضارات الإنسانية منذ (000) عشرة آلاف عام قبل الميلاد.
- المواقع الأثرية على أراضيها (حضارات. عاد، ثمود، صالح… إلخ).
- مواقع التاريخ الإسلامي.
- المخزون الهائل من التراث العمراني.
- البراكين الخامدة على أراضيها.
وتضم المملكة حالياً:
- 150 منطقة أثرية مفتوحة.
- 22 متحفاً حكومياً.
- 147موقعاً من مواقع التراث الإنساني العمراني الحديث في العديد من المدن.
- أنواع السياحة الثقافية
بما أن السياحة الثقافية هي نوع من أنواع السياحة التي تهتم بثقافة الدولة ونمط حياة الناس فيها، طبيعتها الجغرافية، الامتداد التاريخي والعرقي لسكان الدولة، الهندسة المعمارية القديمة، الفنون، الدين.
إذاً فهي انتقال الأفراد إلى مناطق الجذب الثقافي خارج أماكن إقامتهم الأصلية، وذلك بهدف جمع المعلومات والحصول على تجارب ومعارف جديدة لتلبية احتياجاتهم الثقافية.
- السياحة التراثية: ويرتبط هذا النوع بالسياحة التي تعتمد على الطبيعة أو البيئة (مواقع معمارية قديمة، قلاع، قصور أثرية، كهوف أثرية، منحوتات صخرية وكتابات).
- السياحة في المدن الثقافية: الجولات الثقافية، مشاهدة معالم المدن القديمة.
- السياحة المعرفية والتقاليد: للتعرف على تقاليد الثقافات المحلية والتنوع العرقي.
- السياحة الدينية: مواقع الحج والعمرة والمواقع التاريخية لما قبل الإسلام.
- السياحة الإبداعية أو الثقافية الإبداعية:
- الأنشطة الثقافية.
- الأنشطة الفنية التقليدية.
- الصناعات الثقافية الحرفية.
- ختاماً:
وعوداً على عقب وموضوع آرياس الأسباني الذي دفعه شغفه ورؤيته إلى أحياء قريته شمال العاصمة الإسبانية وجعلها مقصداً سياحياً، نجد أهمية التكامل في المشاريع السياحية في رؤية 2030 المدعومة من الدولة التي تهدف إلى تعظيم الموارد الاقتصادية والاستفادة من التسهيلات المقدمة والأنظمة المعدلة التي طرأت على خدمات النشاط السياحي، لتكون أكثر مرونة، وتكون مشاريعنا نوعية تهتم بالمجتمع المحلي، وتنمي الوعي لديه وتأهيل الكوادر الوطنية العاملة، والاهتمام بالتسويق للاستثمار والتطوير لمنتجات الثقافة والسياحة والتنوع الشامل فيها، وخلق انسجام بين كافة المشاريع؛ لتكون المخرجات مقنعة للمستفيد، ويكون تسويقها وفق مزيج تسويقي نوعي وخاص بها ومختلف عن غيرها وقادرة على المنافسة..
التعقيبات:
- التعقيب الأول: أ. عبدالرحمن الطريري
أن تكون السياحة هي الرافعة الأولى للثقافة هذا يعني أن تنجح في جذب الزوار في سوق شديد التنافسية حول العالم، متجاوزاً المانع النفسي الناتج من صورة ذهنية راسخة لدى كثيرين، وقادراً دائماً على خلق تجارب ذات تفرد.
السبيل إلى ذلك يبدأ من السماح بالتأشيرة السياحية، ولا ينتهي عند بناء المنتجع والمتحف، وتعزيز شبكة البنى التحتية، من قطارات ومطارات وطرق، لكنه يرتكز على تجربة الإنسان مع الإنسان، وكما أقول دائماً: الإنسان السعودي هو عامل الجذب الحقيقي للسياحة بلطفه وبشاشته وحسن رفادته.
كم مدينة تعرفها قد تزورها ولا تحتك بشعبها، ليس تقليلاً من المدن العالمية، ولكن يتعذر عليك التفريق بين هذه المدن والبحث عن سمة مميزة، وهو ما تجده في زيارتك للمملكة، حيث ترى الزي السعودي وتتلذذ بالطعام السعودي والموسيقى السعودية، وتتعرف على الإرث الحضاري والثقافي الممتد لآلاف السنين، والجمال الطبيعي المتنوع في مناطق المملكة.
السياحة من أهم المداخيل الاقتصادية في العالم، لكن المنفعة الكبرى والتراكمية بعد عدة سنوات أن المملكة ستحفر صورة ذهنية في عقول وقلوب من زارها، تجعل مصير الحملات الإعلامية الفشل، فسيبقى ذكرى ابتسامة موظفة الفندق وترحاب سائق السياحة وطعم التمرة.
- التعقيب الثاني: أ. علاء الدين براده
خلال الشهر الماضي سرني أن أتابع من خلال وسائل الإعلام فعاليات مؤتمر الحجر 22، والذي انعقد بمدينة العلا في مسعى لدراسة المشاكل التي يواجهها العالم، وإيجاد الحلول لها. كان للحضور اللافت لأبرز علماء الأرض وقع خاص على نفس كل مواطن سعودي، حيث شعرنا جميعاً بالفخر.
قدم الكاتب ورقة في غاية الأهمية حول العلاقة التكاملية بين الثقافة والسياحة، ناقش فيها جوانب دقيقة مثل نقاط التشارك بين القطاعين والمنافع التي يمكن تحقيقها من خلال هذا التكامل.
السؤال الجوهري الذي يبقى مطروحاً هنا يدور حول الكيفية التي يمكن أن تصبح من خلالها هذه السياحة الثقافية رافداً تنافسياً بين جميع القطاعات. وحتى نجيب على هكذا تساؤل، أعتقد أننا يجب أن نفكر بطريقة غير تقليدية عما عهدناه في ورش عمل الاستراتيجيات والتخطيط.
فكِّرْ في أي شخص من الأصدقاء أو الأقارب قام بزيارة دولة إيطاليا على سبيل المثال مهما كانت زيارته قصيرة، وابدأ بسؤال بسيط؟ ستكتشف أن أول سؤال يسأله له الجميع بمجرد عودته هو: هل زرت المدرج الروماني في روما؟
أعتقد أن الرسالة قد وصلت هنا. لقد استطاعت بعض الدول أن تجعل الثقافة على قائمة الأولويات، فلا يمكن أن تكتمل السياحة بغيرها. أستطيع أن أقول إنها أصبحت بمثابة وصمة عار من قبل جميع المجتمعات بأن تفتقر تجربة السياح القادمين إليها إلى شيء من الثقافة.
الآن دعني أطلب منك أن تلقي نظرة على واقعنا المحلي، وتتابع ما يحدث على أرض الواقع، ستجد أن الجهود المبذولة بالفعل قائمة على قدم وساق في سبيل التسويق لهذه السياحة في وطننا، ولكن الإشكالية الحقيقية تكمن في أننا كأفراد المجتمع لا نقوم بالتسويق لهذه البرامج. قد يكون ذلك بسبب جهل منا بها، أو لأننا نعتقد أن هناك ما هو أجمل وأكثر متعة، فنحب أن ندعو الأصدقاء القادمين من الخارج لزيارته.
الفكرة إذاً تكمن في الإيمان الداخلي من قبل كل فرد بما يجب أن يقوم به من أدوار في سبيل التسويق، وهنا نحتاج لبرامج إدارة التغيير. أطمح شخصياً لمشاركة أبنائنا الطلاب في مراحل الدراسة الأولية بعض البرامج من خلال رحلات يقومون بها مع مدارسهم، فترسخ هذه المناطق في الأذهان، لأن بناء حب الثقافة في ذواتنا يبدأ بالتعرف عليها منذ نعومة أظفارنا.
- المداخلات حول القضية
- الثقافة السياحية: مفهومها وأهميتها في ضوء عوامل الجذب للمملكة.
يقصد بالسياحة الثقافية “كل استجمام يكون الدافع الرئيس فيه هو البحث عن المعرفة من خلال اكتشاف تراث عمراني على غرار المعالم التاريخية والدينية، أو تراث روحي على غرار التقاليد والعادات الوطنية والمحلية”. ويُنظر إلى السياحة الثقافية كذلك بوصفها “تلك الحركة التي تهدف إلى التعرف على الحضارات القديمة وزيارة الأماكن ذات الماضي والتاريخ الهام، بالإضافة إلى إقامة الندوات والدورات والمسابقات الثقافية والمعارض، فهي تجتذب نوعيات معينة من السياح الذين يرغبون في إشباع رغبة المعرفة وزيادة معلوماتهم الحضارية”.
وقد ارتبط “مفهوم السياحة بمفهوم الثقافة السياحية إلى حدٍّ كبير؛ فدُون امتلاك ثقافة سياحية لا نجاح للسياحة”. وتعتمد المناطق السياحية الأكثر نجاحاً على الأنماط الثقافية المميزة للمجتمعات المحلية. وقد تطورت “العلاقة بين الثقافة والسياحة خلال السنوات الأخيرة في جميع أنحاء العالم مسايرة لرغبة السياح الذين أصبحوا يفضلون هذا النوع من السياحة من أجل معرفة واكتشاف المكونات الثقافية التي تزخر بها مختلف البلدان”.
والواقع أن الهوس بالمعرفة وحب الاستطلاع أمر شيق وماتع، وفيه الشيء الكثير من طباع وأعراض الإدمان، حيث نشعر بالنشوة عند اكتشاف معلومة جديدة، كما نشعر بأعراض الانسحاب النفسي في حال لم نتلقَّ الجرعة الثقافية التي ننشدها بسبب عدم الحصول على كتاب جديد أو إلغاء سفرية مرغوبة.
وبسبب قوة الدافع لتتبع المعرفة في الغالب تتعدد مصادر وموارد الحصول على الجرعة الثقافية من خلال قراءة الكتب أو متابعة البرامج الثقافية التلفزيونية أو (زيارة) المعالم السياحية. ومن هنا نعلم العلاقة الوثيقة والتبادلية بين قطبي المتعة الذهنية (الثقافة والسفر).
السائح المثقف ربما يحمل في حقيبة سفره الكتاب الماتع للأديب المصري الكبير جمال الغيطاني (ملامح القاهرة في ألف عالم) والذي يمكن استخدامه (دليلاً سياحياً) لهذه المدينة العريقة.
وعلى نفس النسق يقوم سنوياً المئات من محبي الثقافة بزيارة مدينة دبلن الإيرلندية في يوم 16 يونيو (يوم بلوم Bloomsday) وهم يحملون في حقائبهم رواية (عوليس) للروائي البارز جيمس جويس ويتبعون من خلالها بطل تلك الرواية وتنقلاته وخط سير السيد بلوم عبر مدينة دبلن في ذلك اليوم. وبالإضافة لمصادر الثقافة المرتبط بعالم الأدب والشعراء أو دنيا العلم والمخترعين فمن خلال السفر السياحي يمكن أن نحصل على رافد معرفي آخر يتمثل في زيارة المكتبات العامة ومراكز بيع الكتب التجارية.
وثمة عوامل سياحية جاذبة في المدن السعودية؛ ففي الجانب المناخي في المملكة نجد التنوع الثري في الجهات الجغرافية الأربع. هذا التنوع المناخي يمنح السياحة لدينا إمكانية السياحة في سائر فصول السنة. كما أن لدى المملكة عمقاً تاريخياً توثقه المخطوطات والمنحوتات الصخرية منذ آلاف السنين وتؤكده أشعار العرب التي تحدثت عن الأماكن والأحداث المختلفة.
وفي تاريخ الجزيرة العربية عدة لغات محكية مكتوبة على الصخور كالثمودية واللحيانية والمسمارية وكمية نقوش قد لا تتوفر في بلد آخر، وبالتالي فإن بلدنا تستحق أن تكون من أهم مقاصد العالم في جانب السياحة إذا تم استغلالها الاستغلال الأمثل.
التركيز على المعالم التي تميزت بها بلادنا، كالمدن الصناعية والمنشآت النفطية ومنها أكبر مدينة صناعية في العالم (الجبيل)، وأكبر منشأة نفطية في العالم (خريص)، وأكبر حقل نفط (الغوار)، وعاصمة النفط (الظهران)، مع عدم إغفال الجانب الأمني لزيارة السائح لهذه المناطق، يجعل مسار أمن سياحي حولها، ليسجل السائح في أرشيفه زيارة لهذه المناطق النادرة.
وكذلك تسويق المطبخ السعودي المتنوع الذي لا يضاهيه مطبخ في العالم لتعدد الأذواق والأطباق المناطقية. وكذلك تسويق الفنون الشعبية المتعددة سواء التراثية أو الطربية، سيما والوطن يقف على هرم الفن العربي.
أيضاً هناك المؤسسات الإعلامية وهي الأولى في المنطقة ومنها إمبراطورية mbc الإعلامية، وكذلك المجموعة السعودية للأبحاث والإعلام.
ويمكن الاستفادة من التكنولوجيا الحديثة ووسائل الإعلام الجديد في الترويج لكل تلك المقومات الجاذبة سياحياً.
- الإنسان وثقافته كمحور أساسي للارتقاء بالسياحة السعودية.
إن قضية الثقافة السياحية والوعي السياحي هي “قضية مجتمع وهي مفتاح نجاح صناعة السياحة، ويجب أن يؤمن بها أفراد المجتمع ويكون حريصاً على حسن معاملة السائح واستقباله وأن يدرك أن عودة السائح مرة أخرى هي شيء مهم وله فوائد تمتد بالنفع على المجتمع ككل”.
إن كل ما تحقق خلال العقد الأخير من الزمن تحديداً هو مما يمكن تسميته بُنى تحتية مهمة للسياحة، لكنه ليس من رحم السياحة كما يبدو، ولكن من رحمٍ أخرى طالت المجتمع كله.
المرافق الضخمة والمنتجعات والشواطئ وغيرها مرافق مهمة للنشاط السياحي، ولكن الأهم هو (الإنسان). وفي تصور البعض فإنه لا توجد جهود كافية في سبيل تطوير البعد السياحي لدى (الإنسان) السعودي.. و(الإنسان) المقيم، ذلك على الرغم من كل ما تلقاه هذا الإنسان من الشحن العقلي والعاطفي المباشر وغير المباشر ضد الآخر، لما يربو على ستة عقود، وعلى الرغم من شيطنة السياحة، وكل ما هو سياحي، وعلى الرغم من حالة المجتمع ذي الخصوصية التي جرى الترويج لها.
وللأسف الممارسات الغريبة من عدد ليس بقليل من السياح السعوديين في الخارج تنعكس سلباً على قطاع السياحة. السائح سفير لبلده. أخلاقياته في التعامل مع الناس وتقبل الآخر واحترامه عامل جذب أساسي لإقبال الآخرين على السياحة في بلدنا. والأهم هو كيف يتعامل الإنسان في بلدنا مع السياح إذا قدموا لزيارتنا؟
صحيح أنه ثمة انفراجات مهمة تحدث الآن بحمد الله، ثم بفضل الرؤية الجديدة للقيادة الحكيمة، ولكن من المبكر القول بجاهزية (الإنسان) للفعل السياحي. وربما يمكن اختزال الأمر في ثلاث نقاط جوهرية تتمحور حول الإنسان (المواطن والمقيم على حدٍّ سواء):
- القابلية التلقائية للتنوع وللتفاعل الطبيعي التلقائي مع الآخرين كما هم وكيف هم.
- السلوك الجمعي الطبيعي دون تشنجات في ظل وجود غرباء.
- البيئة المحيطة النظيفة والمعبرة عن (إنسان) نظيف ومتحضر، في المرافق المتاحة، والخدمات المقدمة.
وهناك جانب ديني يتعلق بالأماكن القديمة التي تندرج تحت الآثار (القصور، البيوت القديمة، المقابر) فمن منظور ديني جرى في السابق تهميش هذه الأماكن خوفاً من مسألة التقديس والبدعة التي كانت تحكم نظرتنا للآثار، وما قصة مدائن صالح عنا ببعيد فقد كان الرأي السائد حتى سنوات قريبة هو عدم زيارتها بل والإسراع في مغادرتها عند المرور بها. وربما يلاحظ ذات الأمر في منطقة البحر الميت في الأردن، إذ لا يزال البعض هناك لا يتوقف عندها بمبرر أنها أرض قوم لوط الذين سلط الله عليهم عذابه ومن ثم يلزم عدم زيارتها. وقد لوحظ كذلك في السنوات الماضية محاولات البعض طمس بعض الآثار وتحطيم التماثيل إذا وُجدت بالقول إنها أصنام كانت تُعبد. مثل هذه النظرة ساهمت في ضياع وإتلاف بعض اللُقى القديمة بدلاً من إيداعها في متاحف متخصصة. وبالتالي لا بد من تجديد المفاهيم التي كانت شائعة حول الآثار بغية المحافظة عليها وصيانتها بعيداً عن التأويلات المتشددة التي تهمش أهميتها.
ومما لا شك فيه أن الكوادر البشرية المدربة، وهم المعنيون عملياً بجعل السياح للمملكة يحصلون على معرفة واطلاع واستمتاع بتجربة متميزة للمملكة.
فالمملكة رقعة جغرافية كبيرة، ويزداد كبرها بالبعد الديمغرافي، الاثني والتاريخي. فهناك تنوع في طبيعة مناطق المملكة وكل منها لها إسهام في التاريخ القديم والحديث. منها الحجاز والمدينة وما يحتويانه من سرد تاريخي وسياسي وديني، وأيضاً المنطقة الوسطى بين اليمامة ونجد، المنطقة الشمالية منها حائل طي وتبوك وغيرهما منذ متاخمة دولة الغساسنة وحتى التوحيد للمملكة مروراً بغزوة تبوك.
المنطقة الشرقية وما تحتويه من إرث ثقافي وحتى اليوم مع أسعار النفط المرتفعة والتي من حيث يعلم السائح أو لا يعلم أنها في نظره مجموعة آبار للزيت (وإن كان ذلك لعب دوراً في إثراء المنطقة من حيث تشكيل الثقافة المختلفة وتسامح ولين جانب أهلها وانتشار اللغة (في مفردات لا زالت حية) بين بعضهم حتى وإن كان نصيبه كفافاً من التعليم. بالإضافة إلى تعلم التنظيم والنظام ودقة الوقت والجدية. فالمنطقة الجنوبية، فيها السكن والرعي العسل وأسواق تنعت بأسماء الأيام، وجيزان وفيفا وأسلوب الحياة شبه الفريد المتباين مع أسلوب الحياة في الصحراء. والعادات الغزيرة الثقافية التي تحظى بها مملكتنا الغالية من خلال ذلك التنوع الديموغرافي والاقتصادي سابقاً وما وصلت إليه. مثل اللبس واختلافاته (السديرية، الثياب المذيلة، العمة، الحوكة الثياب المطرزة، الفروة وغيره). الأطعمة وتنوعاتها (التصابيع أو المصابيع، العرائك وانواعها، المشغوث، المثلوثة، والأنواع الكثيرة في أطعمة الحجاز وخلفياتها التاريخية، الفول، المعجنات بأسمائها القديمة…إلخ). بالإضافة إلى اللهجات المختلفة في جميع مناطق المملكة.
لذا؛ وانطلاقاً من مبدأ (الإنسان يتداول مع الإنسان وفق ما ورد في الورقة الرئيسة)، فلعل أهم عنصر هو تعليم وتدريب الكوادر التي تعمل في هذا القطاع الثقافي. وهذا يتطلب برامج ومناهج وتدريب ميداني واحتكاك أكثر مع تلك المجتمعات المختلفة وخاصةً كبار السن الذين عاشوا حقباً مختلفة اقتصادياً، تعليمياً وحتى أمنياً وسياسياً. سيكونون الروح الحية والناقل لمشاعر المعاناة والرفاهية وتنقلاتها للسائحين وبلوغ المرام.
وإجمالاً يجب أن يكون الإنسان السعودي هو عامل الجذب الحقيقي للسياحة. المنفعة الكبرى والتراكمية بعد عدة سنوات؛ أن المملكة ستحفر صورة ذهنية في عقول وقلوب من زارها تجعل مصير الحملات الإعلامية (المضادة) الفشل.
- آليات النهوض بالسياحة الثقافية في المجتمع السعودي.
السياحة هي واحدة من أسرع الاقتصادات نمواً في العالم. وبالأخص السياحة الثقافية، حيث إن السياح الثقافيين بالعادة ينفقون أكثر في رحلاتهم ويبقون لفترة أطول من السياح الآخرين، كما أن المنافسة شديدة بين المدن التاريخية لجذب السياح الثقافيين؛ إلا أن السائح الثقافي يبحث عن التجارب الجديدة كأي سائح آخر وفي الوقت ذاته عن التجارب التقليدية الأصيلة، وهذه تعد فرصة للدول الحديثة في مجال السياحة لإبراز ما لديها من سمات خاصة تميزها عن الآخرين. (التاريخ – التقاليد – التراث الفنون). وهو ما تتوجه إليه الدولة من خلال مشاريعها المختلفة في العلا أو الدرعية أو غيرها من المناطق التاريخية.
لذا فإن إبراز الثقافة بما فيها الثقافة التاريخية للمكان من معالم تاريخية والقصص التي تُروى عنها بطريقة جاذبة هو أحد الطرق التي تجذب الزوار، على سبيل المثال إعادة تمثيل المعارك التاريخية، طرق الطهي القديمة، المهن إلخ، كما أن وجود طرق التسويق للزوار من خلال وجود مراكز المعلومات افتراضية على الويب وأيضاً مكاتب حقيقية للزوار عن كل مدينة تساعد أيضاً على جذب الزوار.
إن الهدف هو الاستفادة من مقومات البلد وعمقه التاريخي ومكتسباته سواء الثقافية أو غيرها دون تشتت الجهود والمهام بين الجهات المعنية. وإذا رجعنا للدول نجد أن لديها وزارة (السياحة والآثار) (السياحة والتراث) (السياحة والصناعات التقليدية) وهذا يدل على ارتباط السياحة بالثقافة والإرث الوطني بشتى أنواعه. أما الذي نستشرفه للمستقبل هو أن الدولة تعمل الآن على الاستثمار في السياحة بأنماطها المختلفة وهذه خطوة مبشرة وقرار سيادي مدعوم. والمشاريع المعلنة التي بدأ العمل بها سواء في العلا أو الدرعية أو القدية وغيرها مشاريع قومية كبرى وحسب المخطط لها فهي جاذب للسياحة الخارجية وتحد من تصدير السياح الذي يعاني منه البلد حيث نصدر سنوياً أكثر من 5 مليون سائح وزيادة ينفقون أكثر من 80 مليار ريال خارج الوطن.
السياحة خليط من الخدمات، ولكن مشتت دمها بين القبائل (الأمانات، المستثمرون من خلال القطاع الخاص، وزارة التجارة، وزارة السياحة، الغرف التجارية، هيئة الترفيه، إمارات المناطق، البرنامج الوطني للفعاليات).
نحن أمام مورد اقتصادي وصناعة ذات مردود في بلد له عمق تاريخي وبه قبلة المسلمين، ويجمع المواقع والغزوات والصحاري والبحار والجبال، فكيف نشرع الأنظمة كما ينبغي وتوجيه الجميع سواءً قطاع خاص أو مجتمع أو جهات ذات علاقة للاستفادة من هذا المورد الوطني الهام؟
وثمة أهمية للاعتناء بالآثار والمحافظة عليها كجزء متمم للصناعة السياحية، فمعظم المدن والقرى السعودية تضم هواة يتخصصون بجمع القديم والمحافظة عليه، مما قد يساهم في عمل متاحف محلية صغيرة في كل قرية وبلدة ومدينة فقط مما يتوفر عند السكان من قطع ربما ودوا التخلص منها في أماكن مخصصة لها لعدم قدرتهم على صيانتها وخوفاً عليها من الضياع بعد رحيلهم.
كما أن المجتمع يحتاج إلى فهم أن التنوع البيولوجي هو أساس الحياة على هذا الأرض، فلولا النباتات والأشجار التي تنتج الأكسجين، لما كنا قادرين على التنفس، ولولا الأنظمة البيئية التي تعمل على تنقية المياه لكنا في ورطة كبيرة. والحقيقة أننا بحاجة إلى مناخ آمن وصالح للعيش من أجل الازدهار كبشر، ولذلك يعتبر هذا الأمر في غاية الأهمية. وعليه لا بد أن يُعزَّز جانب التطوع لدى المجتمع للحفاظ على البيئة إلى جانب رفع مستوى الوعي لديه ليكون أكثر اهتماماً بمحيطه وبيئته.
وللقصص والروايات دور مهم في تنشيط السياحة، وكمثال هنا يمكن الإشارة إلى “قرية هايدي”، وهي رواية من نسج الخيال نُشرت عام 1880م للمؤلفة السويسرية يوهانا شبيري عن حياة بنت اسمها هايدي تعيش مع جدها في جبال الألب السويسرية. تعتبر رواية هايدي إلى حد بعيد العمل الأكثر شعبية من الأدب السويسري وتُرجمت من الألمانية إلى 50 لغة أخرى، وصُورت عدة مرات، وبيعت أكثر من 50 مليون نسخة من كتب هايدي حول العالم، كما تم تحويل القصة إلى مسلسل رسوم متحركة هايدي بواسطة نيبون أنيميشن اليابانية عام 1974م. وسُمِّي الموقع الذي كَتبت فيه الروائية روايتها باسم الرواية “قرية هايدي” وأصبح الموقع مزاراً للسواح وهو مجرد مكان صغير فيه كوخ وحوش لماعز جد هايدي ليس إلا، ويدخل من هذه القرية على البلد أموال طائلة من السياح سنوياً وأصبحت الرواية والقرية رمزاً وقوة ناعمة واقتصادية لسويسرا. قد يكون لدينا قصص حقيقية بالإمكان صناعتها روائياً وتصبح كذلك وأكثر.
والواقع أنه للأسف السياحة الراقية فيما يتعلق بالمجالات العلمية والأدبية والتاريخية نادرة لدينا، وبعض المحطات العلمية التي يمكن أن يتوقف فيها السائح العلمي بالمملكة تشمل: مركز مشكاة في الرياض التابع لمدينة الملك عبدالله للطاقة، وكذلك واحة الملك سلمان للعلوم التي تم الإعلان قبل شهور عن تدشينها؛ ولكن لم تفتح أبوابها بعد للزوار، ومركز إثراء بالظهران التابع لشركة أرامكو، وواحة الأمير سلطان للعلوم (سايتك) بمدينة الخبر، وقديماً بمدينة جدة كانت تحتوي مركز العلوم لصالح كامل والآن توجد تجربة خجولة للنادي العلمي التابع لوزارة التعليم، وقبل عدة شهور افتُتح المركز العلمي المذهل في منطقة القصيم، كما يوجد بجامعة الملك سعود متحف علمي بكلية العلوم، إضافة للجمعية العلمية الجيولوجية والتي تقوم بجهود مهمة في تثقيف المجتمع بالأماكن العلمية الجيولوجية المميزة في المملكة. وهذه فقط عينة سريعة لبعض المقترحات لوجهات السفر للسياحة العلمية.
أيضاً لا يمكن تجاهل أهمية التدريب على قواعد البروتوكول وآداب السلوك للتعامل مع السياح؛ لأن طبيعة الخدمة تركز على الإنسان وهو متعدد الثقافات.
وفي سياق متصل، ثمة أهمية لقطاع النقـل الذي يعد أهم مقومات قطاعات البنية الأساسية المساندة لقطاعـات السياحة والضيافة في الاقتصاد السعودي، حيث يؤثر هذا القطاع في كافة الفعاليات السياحية والاقتصادية الأخرى كالصناعة والزراعة والتجارة الداخلية والخارجية والثقافة، وكافة السياسات النقدية والمالية والتجارية، وتكمن أهمية هذا القطاع لكونه يرفد كافة القطاعات بالوسائل والوسائط اللازمة في عملية النقل، ونظراً لهـذا التداخل والتكامل بين قطاع النقـل مـن جهـة، وبقية الأنشطة السياحية مـن جهـة أخرى، فإن أي تراجع أو تباطؤ في نمو النشاط السياحي، وبرامج التنميـة لا بد وأن تنعكس آثاره في قطاع النقل والعكس صحيح.
كما أكدت الدراسات المقارنة في علم السياحة أنه يوجد علاقة وثيقة بين تطور شبكة النقل والمواصلات، ومدى تطـور أي موقع سياحي من خلال وجود عدد من المواقع السياحية يسهل الوصول إليها لتركز شبكة النقل والمواصلات فيها، مما أدى إلى تطور هذه المواقع السياحية التي تقع بالقرب من شبكات النقل والاتصال، في حين لم تتطور المواقع السياحية البعيدة عن الطرق الرئيسة بنفس القدر الذي تتمتع به المواقع التي تقع على طرق النقـل الرئيسة، وصفوة الكلام أنه مهما وُجِد لدينا من مواقع ومقومات سياحية لن نحقق أهداف رؤية 2030 السياحية بدون وجود شبكة مواصلات برية ووسائلها الخاصة المريحة للسائح وبدونها كمن يحفر في الماء.
وفي ذات السياق، لدى الدول العربية كمية هائلة من الثروات التاريخية والثقافية تعود لأزمنة بعيدة، لا سيما مملكتنا الغالية. نرى أيضاً أن الدول العربية التي تم استعمارها سابقاً قد تم الاستيلاء على بعض هذه الثروات الوطنية بدون وجه حق، وبالتأكيد الكثير من الثروات التاريخية في مكة والمدينة قد تمت سرقتها. والتساؤل هنا: هل سنرى من نشاطات وزارة الثقافة الهمم لاسترجاع هذه الثروات؟ خاصةً التي تحمل طابعاً دينياً، نراها بإذن الله في أجمل المتاحف الثقافية السعودية، وهل سيكون استعادتها من خلال تفاهمات ثنائية بين الرياض وعواصم تلك الدول أو من خلال المنظمات والمحاكم الدولية؟!!
كما أن المملكة -ولله الحمد- تملك مقومات هائلة، وبالإضافة إلى التراث المادي وغير المادي والتنوع الجغرافي هناك تاريخ كبير من حضارات قديمة إلى الآن. فقد عبَّر شعراء وإعلام كثر من قبل الإسلام إلى ما بعد. فهل نجحنا بأن نعرف نحن أنفسنا تاريخ بلادنا قبل أن نُعرِّف بها؟ ولا ننسى دور المدارس والزيارات الميدانية لهذه المواقع لنربي نشأً يعرف بلاده وما تملك من ثروات حق معرفة ويستطيع التعبير عنها.
الأمر الذي لا يقل أهمية هو الإعلان. فهناك مبادرات فردية كثيرة لأشخاص جمعوا عدداً كبيراً من مقتنيات قديمة وأقاموا متاحف صغيرة؛ ولكن لا يُعرف عنها إلا بالصدفة. وأيضاً الفعاليات الثقافية والترفيهية يُعلن عنها في مواقع مختلفة ولا توجد جهة تجمع بينهم، والأكيد أن كل ما يُعلَن هو باللغة العربية، ولذلك من لا يعرف العربية لا يدري بكل هذا الحراك حتى المقيمين منهم وليس السياح فقط.
ومن المهم إنشاء مراكز معلومات تقدم للسائح والمواطن كل الفعاليات والنشاطات التي تحدث في المناطق.
ولا بد من القول إن المشاريع السياحية في المملكة ما فتئت تتعاظم يوماً بعد يوم، في ظل اهتمام القيادة الرشيدة بالقطاع السياحي والترفيهي بشكل عام، وتحويل المملكة إلى موقع سياحي عالمي ومركز لجذب الاستثمار في إطار خطة طموحة لتنويع الاقتصاد المرتهن للنفط. لكن حتى وإن كنا متفائلين بما تم حتى الآن في هذا القطاع من التطوير وحسن الإدارة والحرص على جودة العمل، يجب التنويه بأن مهمة بناء قطاع سياحي ثقافي فاعل ومثمر اقتصادياً – تكون الثقافة المحلية جزءاً أساسياً منه-، ليست مهمة سهلة التحقيق حتى مع توفر المصادر المالية والقوى البشرية والبنى التحتية؛ كونها تتطلب وجود مقومات اقتصادية وثقافية وبيئة اجتماعية ملائمة، ومرهون بتقديم حزمة متكاملة من الخيارات الثقافية والطبيعية والترفيهية الراقية والمُلبِّية لطلب السياح المحليين والدوليين، من أهمها:
- ربط عناصر الثقافة الوطنية والتراث بعناصر الترفيه والرفاهية، وعناصر الجذب السياحي الثقافية منها والفكرية، ومواقع الجذب الأثري والتاريخي والطبيعة المتنوعة، فالثقافة والسياحة توأمان لا ينفصلان، ويكمن مستقبل السياحة في قدرتها على توظيف الثقافة. وتُفهم الثقافة هنا بشكلين: يتمثل الأول من خلال المعتقدات والتقاليد والعادات والمعارف والممارسات الاجتماعية والتفاعل الإنساني – لا زالت لدينا تحفظات مجتمعية وبعض المفاهيم التقليدية التي يمكن تصنيفها من أهم مشكلات قطاع السياحة-، في حين يتمثل الشكل الثاني بأدوات ملموسة ومحددة للتراث، يتم عرضها بشكل من أشكال الجذب السياحي، كالمصنوعات الحرفية، والرقصات الشعبية، وعروض الأزياء التقليدية، وغيرها.
- ترتكز المنافسة في مجال السياحة اليوم على عنصر الكيف، والكيف مضمون لا يوفره إلا الإبداع وتطوير المادة السياحية للزائر، بالتركيز على الخصوصيات التراثية والثقافية والحضارية التي تتميز بها المواقع السياحية والدينية السعودية، واستحداث المناسبات الثقافية دون إغفال الجوانب الأخرى، كما أن الارتقاء بالمنتج السياحي من شأنه أن يشجع نوعية أكثر إفادة من السياح الوافدين على المملكة، كالمثقفين، وذوي المستوى العلمي الرفيع، وأصحاب المال؛ ويدفع المستثمرين الأجانب إلى المساهمة في إثراء البنية التحتية الثقافية.
- حتى تصبح السياحة الثقافية وسيلة من وسائل التنمية؛ لا بد من ربطها بالمجتمع المحلي وتفعيل مشاركة المجتمعات المحلية في تطوير وتنظيم وإدارة العملية السياحية؛ ويجدر التركيز على التنمية الذاتية – من خلال زيادة الوعي والتثقيف عن طريق المناهج الدراسية والنشرات والندوات والمؤتمرات-؛ لخلق الجمعيات المهتمة بالسياحة، أو منظمات محلية تضم المهنيين ورجال الأعمال والسياسيين وأنصار البيئة.
- استراتيجية السياحة المستدامة، تتطلب استثمار التنوع الفصلي والجغرافي للمناطق السياحية المحلية، ومراعاة الفروقات الإقليمية في برامجها السياحية، فعلى سبيل المثال: نكثف الترويج لسياحة التخييم في فصل الشتاء في المناطق الأثرية؛ لتعريف السياح على ثقافة وطقوس وعادات وأكلات أهالي هذه المنطقة، ومنحهم الفرصة لأخذ الصور التذكارية بملابسهم التقليدية. مع التركيز على إبراز كرم الضيافة العربية، فهو ليس من القيم المتوارثة عبر الأجيال فحسب، بل هو نمط حياة في السعودية.
- يعتمد التفاعل بين الثقافة والسياحة على معرفة جنس السائح، وعمره، والفترة الترفيهية التي يقضيها في الموقع السياحي مسبقاً، فلذا من الضروري التنسيق مع وكلاء السياحة والسفر أو الفنادق الكبيرة لإعداد الرحلات المنظمة وتسهيل إقامة البرامج الترفيهية المناسبة لهم.
- الاستفادة من تجارب الآخرين أياً كانت نحو تعزيز صناعة السياحة في المملكة من الدول ذات القطاعات السياحية الأشهر التي نجحت في استحواذها على العدد الأكبر من سياح العالم سنوياً (فرنسا وإسبانيا وإيطاليا)، من خلال تقديم مزيج متميز من النشاطات الثقافية والترفيهية والطبيعية الخلابة، مع تفادي استنساخ هذه التجارب بحذافيرها؛ فلكل تجربة خصوصيتها وظرفها التاريخي. والسعودية تمتلك خصوصية وتفرد ولها بيئة محافظة ومقومات أخرى فيها مجال لأنشطة مختلفة في حال ما إذا تمت الاستفادة منها وتطويرها بصورة مناسبة، تتيح بناء تجربة ناجحة ومتميزة مع احتفاظها بالهوية العربية السعودية.
- يعد العامل الأهم في بناء استراتيجية فاعلة، تجنب استخدام الاستراتيجيات المبنية على فرضيات ومعلومات ثانوية وقواعد بيانات غير دقيقة. وقياس طلب السياح الخارجيين والمحليين من خلال استطلاع آرائهم، وتشخيص أذواقهم وخياراتهم، ومعرفة دوافع السياح لزيارة أية منطقة – يعد مهماً جداً – من أجل تحديد عناصر أخرى؛ ليستمر نشاط الحركة السياحية في تلك المنطقة، وينعكس بصورة إيجابية على السياحة بصورة عامة والمنطقة وسكانها بصورة أخرى.
- إحياء المسالك والدروب القديمة يعزز السياحة الثقافية، مثل المسارات الدينية، ومسارات الرحالة المشهورين، وطرق الحج والقوافل القديمة، بطباعة كتيبات ترويجية عن هذه الأماكن وتوزيعها على المسلمين القادمين للحج والعمرة. الأمر الذي سيعزز من حرص هؤلاء على زيارة ومشاهدة صور حية لواقع الأماكن والصور التي قرأوا أو سمعوا عنها سواء أكانت سيراً على الأقدام أم باستخدام الحافلات السياحية.
- تقديم دعم إضافي من وزارة الصحة للخدمات الصحية في المناطق السياحية ذات الكثافة، كما يحدث لمستشفيات مكة والمدينة في موسمي الحج والعمرة. والتأكيد على التوازن بين الوظائف السياحية والوظائف الكافية لأهالي أي مناطق سياحية؛ مع توفير محيط ثقافي يأخذ بعين الاعتبار التراث المعماري والاجتماعي بصفة عامة.
- رسم سياسة سعرية تنافسية فاعلة تستند على تشخيص نقاط الجذب السياحي، وتحليل أسعار الخدمات السياحية المعروضة في الأسواق المنافسة. كذلك، ضرورة تشخيص المزايا التنافسية للنشاطات والمواقع السياحية في المملكة. وفرض مزيد من المعايير التي تمنع تدفق فئة السياح غير المرغوب فيهم.
- التوصيات
- تأهيل الكوادر الوطنية العاملة في قطاع السياحة (تعليمياً، تدريباً، سناً ولياقة في البدن والأسلوب) لأنهم سيكونون المقدمين لثقافة المملكة.
- الاهتمام وإعداد آليات التسويق للاستثمار والتطوير لمنتجات الثقافة والسياحة والتنوع الشامل فيها.
- غرس حب الثقافة في الأجيال اليافعة من مراحل الدراسة الأولية.
- بلورة مفهوم الثقافة وآليات التطبيق لتكون أداة قوة ناعمة ليس فقط لتغيير أي صورة نمطية، بل ترسيخ تاريخ المملكة العربية السعودية للعالم ومقاومة محبطة للحملات للإعلامية ضد المملكة.
- التنسيق والتكامل بين القطاعات المعنية بالسياحة والخدمات والإعلام لإبراز الجهود الوطنية والمواقع والفعاليات السياحية بما يخدم ويدعم السياحة الوطنية.
- التركيز على دعم ورفع الثقافة السياحية الوطنية لزوار وضيوف المملكة في المشاعر المقدسة.
- تفعيل نظام السياحة ورصد المخالفات وتطبيق الإجراءات والعقوبات وتسهيل البلاغات لمعالجة كافة السلبيات مستقبلاً.
- توفير بنية تحتية للنقل بكافة أنواعه لتوفر للسياح الراحة في التنقل بسهولة وأسعار مناسبة.
- تقديم الدعم المادي واللوجستي للمتاحف الخاصة والمشاريع الوطنية التي تهدف إلى حفظ التراث المحلي.
- إنشاء مراكز معلومات للزوار في كافة مدن المملكة تتضمن خرائط المدينة والمناطق السياحية فيها ونبذة عن تاريخها وتراثها المحلي.
- المصادر والمراجع
- حاج قويدر عبدالرحيم وشنيني حسين: السياحة الثقافية وأهميتها في التنمية، مداخلة ضمن فعاليات الملتقى الدولي المعنون “الموروث الثقافي والسياحي ودوره في خدمة التنمية المستدامة”، جامعة غرداية، 11-12 نوفمبر 2019م.
- قاسم سعاد: الثقافة السياحية ودورها في تفعيل الاستراتيجية السياحية، مجلة آفاق للعلوم، المجلد (1)، العدد (2)، 2016م.
- زوزو زوليخة: التكنولوجيا الحديثة ودورها في ترقية السياحة وتحقيق التنمية المستدامة، مؤتمر التراث والسياحة الثقافية والبديلة، سوسة – تونس، 23-29 مارس 2019م.
- نسيمة نسيمة: السياحة الثقافية وتثمين التراث من خلال البرامج التلفزيونية، رسالة ماجستير غير منشورة، جامعة وهران، 2010م.
- دادن عبدالغني وتلى سعدة: الثقافة السياحية للمجتمع ودورها في تنمية السياحة الصحراوية، متاح على الرابط الإلكتروني:
- ريان زير: مساهمة التسويق السياحي في تطوير السياحة في الوطن العربي، رسالة دكتوراه غير منشورة، جامعة بسكرة، 2018م.
- مريان نشأت فرج: ثقافة التعامل مع السائح في مدينة الغردقة من منظور جغرافي، المجلة الجغرافية العربية، العدد (148)، يناير 2021م.
- سعدي عبدالحليم: حماية السياحة التراثية بين النصوص القانونية وآليات التطبيق، مؤتمر التراث والسياحة الثقافية والبديلة، سوسة – تونس، 23-29 مارس 2019م.
- إيمان محمد منجي وشيماء السيد سالم: دور الإعلام المقروء في نشر الثقافة السياحية لدى الجمهور، الملتقى العربي الثاني (الاتجاهات الحديثة في السياحة)، المنظمة العربية للتنمية الإدارية، مصر، 2007م.
المشاركون.
- الورقة الرئيسة: أ. خالد آل دغيم
- التعقيبات:
- التعقيب الأول: أ. عبدالرحمن الطريري
- التعقيب الثاني: أ. علاء الدين براده
- إدارة الحوار: أ. فهد الأحمري
- المشاركون بالحوار والمناقشة:
- أ. أحمد المحيميد
- د. عبدالله الحمود
- د. احمد الغامدي
- أ. ماهر الشويعر
- د.محمد العامر
- د. خالد الرديعان
- د.علي الطخيس
- د.عبدالله الرخيص
- أ.منى ابو سليمان
- د.عفاف الانسي
- د.عبدالإله الصالح
- أ.هناء العمير
- أ.فايزة العجروش
- د.محمد الثقفي
- د.مها العيدان
- د.خالد المنصوري
- د.عبدالعزيز العثمان
- د.فهد اليحيا
- د. عبدالرحمن العريني
- د.محمد المقصودي
- اللواء فاضل القرني
- د.زياد الدريس
- د.فوزية البكر
- د. عبير برهمين