ملتقى أسبار: التقرير رقم (412): مسؤولية الإعلام في الحفاظ على التراث الوطني

للاطلاع على التقرير وتحميله يرجى الضغط هنا


(أغسطس2024 م)

 

  • تمهيد:

يعرض هذا التقرير لقضية مهمة تمَّ طرحها للحوار في ملتقى أسبار خلال شهر أغسطس 2024م، وناقشها نُخبة متميزة من مفكري المملكة في مختلف المجالات، والذين أثروا الحوار بآرائهم البنَّاءة ومقترحاتهم الهادفة؛ وجاءت بعنوان: مسؤولية الإعلام في الحفاظ على التراث الوطني، وأعد ورقتها الرئيسة د. زياد الدريس، وعقب عليها كلاً من د. إبراهيم البعيز، د. سعيد الغامدي، وأدار الحوار حولها أ. مها عقيل.


 المحتويات

  • تمهيد
  • فهرس المحتويات
  • الملخص التنفيذي
  • الورقة الرئيسة: د. زياد الدريس
  • التعقيبات:
  • التعقيب الأول: د. إبراهيم البعيز
  • التعقيب الثاني: د. سعيد الغامدي
  • إدارة الحوار: أ. مها عقيل
  • المداخلات حول القضية
  • التراث الوطني السعودي كقوة ناعمة.
  • الأدوار المنوطة بالإعلام في الحفاظ على التراث الوطني.
  • تجارب عالمية لتوظيف الإعلام للحفاظ على التراث الوطني.
  • الإشكالات ذات الصلة بمسؤولية الإعلام في الحفاظ على التراث الوطني.
  • آليات مقترحة للإفادة من الإعلام في الحفاظ على التراث الوطني.
  • التوصيات
  • المصادر والمراجع
  • المشاركون
  • الملخص التنفيذي.

يتناول هذا التقرير قضية مسؤولية الإعلام في الحفاظ على التراث الوطني، وأكد د. زياد الدريس في الورقة الرئيسة على أن للإعلام الرسمي والشعبي دوراً محورياً، بجوار مؤسسات الثقافة والسياحة، في تعزيز التراث وإشهاره وتسويقه، داخلياً وخارجياً، مع حمايته، وترغيب المجتمع المحلي بالانخراط في عجلته بوصفه مصدراً للتوظيف وللتنمية ولتعزيز الهوية الوطنية. ومن الإنصاف أن نشير إلى أن الإعلام السعودي، المقروء والمرئي والمسموع، قد أسهم في تحقيق مستهدف رؤية 2030 في تسجيل المواقع والعناصر في اللائحة العالمية، وكذلك في التعريف الشامل بالتراث الوطني، سواءً عبر البرامج الحوارية أو التقارير الوثائقية التي ترصد ملامح التراث وتبرزها للمتابعين محلياً. لكن التصور أن دوره في توصيل تلك الرسالة إلى العالم الخارجي ما زالت قاصرة عن رغبات المهتمين وطموحاتهم.

بينما أشار د. إبراهيم البعيز في التعقيب الأول إلى أنه لا جدال على أهمية دور الإعلام في المحافظة على التراث الوطني بكافة أشكاله، وتجلياته المادية وغير المادية. فذلك من ضمن أولويات الرسالة التنموية للإعلام.  فقد جاء في المادة الرابعة لتنظيم هيئة الإذاعة والتلفزيون أن من أهدافها الإسهام في نشر التراث الوطني والإسلامي والإنساني، ونشر الثقافة ورفع مستوى الوعي بها. كما جاء في المادة الثانية من نظام المؤسسات الصحفية بأن تكون خدمة المجتمع السعودي بنشر الثقافة والمعرفة هي الرائد للمؤسسات الصحفية في إصدارها للمطبوعات الدورية. لكن من الجدير بالذكر أن الإعلام التراثي يندرج تحت منظومة واسعة من الإعلام المتخصص تشمل أيضا الإعلام الصحي، والإعلام الاقتصادي، والإعلام البترولي، وغيرها من التخصصات، وهو ما يعاني منه الإعلام السعودي من حيث نقص في الكوادر الإعلامية المتخصصة. فالمؤسسات الإعلامية لدينا لم تبذل جهدا في إيجاد هذه الكوادر. كما أن وزارة الثقافة ومعها هيئة الثقافة، والجمعيات المتخصصة في مجال التراث (الجمعية السعودية للمحافظة على التراث – جمعية سفراء التراث – جمعية حرفة) لم تسع إلى تكوين هذه الكوادر الإعلامية بالتدريب والتشجيع.

في حين تطرق د. سعيد الغامدي في التعقيب الثاني إلى المفهوم التفصيلي للتراث، ومسؤوليات وسائل الإعلام في الحفاظ على التراث الوطني، والخطوات التي تتخذها وسائل الإعلام لتقديم وتعزيز التراث الوطني، كما سرد لنماذج من البرامج الإعلامية التي ساهمت في تقديم التراث الوطني، ونماذج لبرامج ومبادرات إعلامية دولية ساهمت في إبراز التراث الوطني، وأخيرا بعض التحديات التي قد تواجه وسائل الإعلام عند تقديمها للتراث الوطني بالشكل المطلوب، مع الإشارة إلى أن مواجهة تلك التحديات تتطلب جهودًا كبيرة ومشتركة، من وزارة الثقافة والقطاعات الحكومية الأخرى، والمؤسسات الإعلامية والمجتمع، بشكل عام، للتغلب عليها.

 

وتضمنت المداخلات حول القضية المحاور التالية:

  • التراث الوطني السعودي كقوة ناعمة.
  • الأدوار المنوطة بالإعلام في الحفاظ على التراث الوطني.
  • تجارب عالمية لتوظيف الإعلام للحفاظ على التراث الوطني.
  • الإشكالات ذات الصلة بمسؤولية الإعلام في الحفاظ على التراث الوطني.
  • آليات مقترحة للإفادة من الإعلام في الحفاظ على التراث الوطني.

ومن أبرز التوصيات التي انتهى إليها المتحاورون في ملتقى أسبار حول القضية ما يلي:

  • الاهتمام بإنتاج محتوى إعلامي سواء وثائقي أو درامي أو كرتوني أو مطبوع أو تلفزيوني أو إذاعي أو عبر التواصل الاجتماعي أو باستخدام الذكاء الاصطناعي أو مسابقات حول التراث بأنواعه، بطريقة مهنية وراقية وذات جودة عالية مع تمتعها بالجاذبية والأصالة (دقيق، حقيقي).
  • إشراك المجتمع المدني ودعمه سواء في المدن أو الأرياف من المهتمين بالتراث مثل الجمعيات والخبراء وأصحاب المقتنيات والحرف والشباب والكبار والباحثين وغيرهم في المساهمة بحفظ التراث وإبرازه وتوثيقه وتوفير فرص التدريب وتغطية هذه الجهود إعلامياً.
  • صناعة كفاءات إعلامية متخصصة ومهنية.
  • توفير الدعم والاستثمار المالي للمواقع التراثية في كافة أنحاء المملكة والترويج لفرص الاستثمار، وإشراك الإعلام وتطويره في تغطية الفعاليات والأماكن والمبادرات التراثية.
  • التعاون وإقامة شراكات استراتيجية بين المؤسسات المعنية بالتراث والقطاع الخاص والقطاعات الحكومية والإعلام لتبادل المعلومات والخبرات والموارد وتنظيم البرامج والفعاليات ورفع الوعي بأهمية التراث السعودي.

 

  • الورقة الرئيسة: د. زياد الدريس

مقدمة

تزداد سعادتي بتقديم هذه الورقة لملتقى أسبار، إذ تتزامن قريباً من نجاح المملكة العربية السعودية في تحقيق أحد مستهدفات رؤية 2030 الذي هو “تسجيل ثمانية مواقع سعودية في لائحة التراث العالمي باليونسكو”.

تم ذلك عبر تسجيل (قرية الفاو الأثرية) في مطلع شهر أغسطس الجاري. وبذا أصبح لدينا ثمانية مواقع سعودية مسجلة في لائحة التراث العالمي (المادي)، وأحد عشر عنصراً مسجلاً في لائحة التراث العالمي (غير المادي/ الشفوي)، وما كان هذا الهدف ليتحقق لولا الاهتمام الكبير من مهندس الرؤية سمو ولي العهد الأمين، والمتابعة الدؤوبة من سمو وزير الثقافة، والجهد المتواصل من سعادة رئيس هيئة التراث وزملائه المعاونين. والمزيد من النجاحات في الطريق بعون الله تعالى.

ما هو التراث

توجد تعريفات عديدة للتراث، وإن لم تكن متباينة كثيراً. لكني أفضّل استخدام تعريف اليونسكو بوصفها المنظمة المرجعية في هذا الشأن: “التراث هو الإرث الذي ورثناه من الماضي، والذي ننعم به اليوم، والذي ننقله إلى أجيال الغد”.

وينقسم التراث حسب التصنيف المعاصر إلى قسمين رئيسين: تراث مادي وتراث غير مادي.

التراث المادي هو المعالم والمباني والمواقع الأثرية، وهو من جزئين: تراث ثقافي أي من صنع الإنسان، مثل: مدائن صالح أو الأهرامات، وتراث طبيعي من صنع الله سبحانه، مثل: جبال فيفا أو شلالات نياغرا.

أما التراث غير المادي فهو المعتقدات والتقاليد والفنون والأهازيج واللغات واللهجات والأكلات والرقصات، وغيرها مما يكوّن صورة هوية المجتمع وملامحه الخاصة به.

والتراث الوطني: هو مجموع ما يكتنزه وطنٌ ما من مواقع تراث مادي وعناصر تراث غير مادي.

أما التراث العالمي: فيقصد به التراث، بنوعيه المادي وغير المادي، الذي انطبقت عليه المعايير الدولية المعتمدة من لدن اليونسكو، وبالتالي جرى تسجيله في لائحة التراث العالمي.

الدور الثقافي والتنموي للتراث

من التعريفات السابقة قد يتبين أحد أهم أدوار المحافظة على التراث وصونه وتوثيقه، إذ هو الذاكرة الجمعية لهوية البلدان والإنسان. يمكنني القول إن التراث المادي هو هوية الوطن، أو جزءٌ منها، والتراث غير المادي هو هوية المواطن.

ولذا تسارع دول العالم بتسجيل تراثها الوطني في اللائحة العالمية حتى يكون بلاغاً للناس عن هويتها وخصوصيتها، التي لا تعزلها عن العالم لكنها تحفظ لها سَمْتها المميِّز لها. وهذا ما يقودنا إلى الدور الآخر للتراث وهو الدور التنموي الوطني والمحلي.

تعتبر السياحة المعتمدة على زيارة المواقع التاريخية أحد مصادر الدخل الأساسية لبعض البلدان (مثل: الأهرامات، تاج محل، سور الصين، برج إيفل…)، وقد عمدت رؤية 2030 لأن تكون مواقعنا التاريخية مستقطبات للسياح، كما يجري الآن في الدرعية والعلا وجدة التاريخية بشكل خاص. وما زال المطلوب من وزارة السياحة أكبر بكثير مما تحقق.

أما بشأن المجتمع المحلي للموقع أو للعنصر التراثي فإن التنمية المستدامة لذلك المجتمع وأفراده هو ركيزة أساسية لصون التراث واستدامته، إذ لا استدامة لتراث من دون مجتمع محلي مستدام تنموياً.

العلاقة بين التراث والإعلام

العلاقة بين التراث والإعلام علاقة وطيدة، إيجاباً أو سلباً! فإذا كانت وزارة الثقافة هي التي تقوم بتجهيز مواقع التراث الوطني وصيانتها وتوثيقها، وربما تسجيلها عالمياً، فإن وزارة الإعلام هي التي تقوم بإشهار هذه المواقع والتعريف بها، قبل أن تكمل وزارة السياحة دورها في ترغيب الناس بزيارتها (للتراث المادي)، أو زيارة المجتمع المحلي (للتراث غير المادي)، وتسهيل إجراءات ذلك.

وربما تابع بعضكم الأفلام الوثائقية التي تعرضها الفضائيات المتعددة اللغات عن مواقع التراث في موطن القناة الفضائية وعادات وتقاليد المجتمع المحلي، بحيث يصبح الفيلم الوثائقي بمثابة إعلان ترويجي للمخزون التراثي لذلك البلد.

وفي هذا الصدد لا نغفل عن دور الإعلام في توعية الناس بقيم المحافظة على التراث وعدم العبث به، وإشعار المستفيدين منه بالقوانين المحلية والدولية الرادعة للصوص القطع التراثية المنقولة، حتى يصبحوا شركاء في صون تراثهم وحمايته.

كما أن للإعلام دوراً أساسياً في تكريس التراث الشفوي وتوسيع انتشاره وإنقاذه من الطمر وتعريف الأجيال الجديدة به عبر ربطهم بموروث الأجيال السابقة لهم.

ومن الإنصاف أن نشير إلى أن الإعلام السعودي، المقروء والمرئي والمسموع، قد أسهم في تحقيق مستهدف رؤية 2030 في تسجيل المواقع والعناصر في اللائحة العالمية، وكذلك في التعريف الشامل بالتراث الوطني، سواءً عبر البرامج الحوارية أو التقارير الوثائقية التي ترصد ملامح التراث وتبرزها للمتابعين محلياً. لكني أظن بأن دوره في توصيل تلك الرسالة إلى العالم الخارجي ما زالت قاصرة عن رغبات المهتمين وطموحاتهم،

لكن كيف يمكن أن يكون للإعلام دوراً سلبياً مع التراث؟!

يكون ذلك من خلال الترويج لمواقع التراث وإشهارها من دون استصحاب القوانين الوطنية والدولية الحامية لهذه المواقع من عبث الزائرين.

أو من خلال ما يقوم به إعلام وسائل التواصل الاجتماعي من استنقاص موروث شعبي في منطقة ما أو السخرية منه مهما كان غريباً وغير مألوف.

والخلاصة، أن للإعلام الرسمي والشعبي دوراً محورياً، بجوار مؤسسات الثقافة والسياحة، في تعزيز التراث وإشهاره وتسويقه، داخلياً وخارجياً، مع حمايته، وترغيب المجتمع المحلي بالانخراط في عجلته بوصفه مصدراً للتوظيف وللتنمية ولتعزيز الهوية الوطنية.

  

  • التعقيبات:
  • التعقيب الأول: د. إبراهيم البعيز

تضمنت الورقة الرئيسة التعريف المتفق عليه عالمياَ للتراث، بقسميه المادي وغير المادي، وببعديه الوطني والعالمي، وبدوره الثقافي والتنموي. كما أشارت الورقة إلى نجاح المملكة في تسجيل ثمانية مواقع ضمن التراث العالمي المادي (أحد مستهدفات رؤية 2030)، وتسجيل أحد عشر عنصرا في لائحة التراث العالمي غير المادي.

لا أظن أنني بحاجة إلى تكرار ما تفضل به كاتب الورقة عن علاقة الإعلام بالتراث، ودوره التوعوي للمحافظة عليه. لا جدال في أهمية ذلك الدور للإعلام في المحافظة على التراث الوطني بكافة أشكاله، وتجلياته المادية وغير المادية. فذلك من ضمن أولويات الرسالة التنموية للإعلام.  فقد جاء في المادة الرابعة لتنظيم هيئة الإذاعة والتلفزيون أن من أهدافها الإسهام في نشر التراث الوطني والإسلامي والإنساني، ونشر الثقافة ورفع مستوى الوعي بها. كما جاء في المادة الثانية من نظام المؤسسات الصحفية بأن تكون خدمة المجتمع السعودي بنشر الثقافة والمعرفة هي الرائد للمؤسسات الصحفية في إصدارها للمطبوعات الدورية. لذا فإننا من الجانب التشريعي مطمئنون بأن المؤسسات الإعلامية بكافة أشكالها الاذاعية والتلفزيونية والصحفية معنية بالتراث الوطني كأحد العناصر الأساسية في النسيج الثقافي للمجتمع السعودي.

ومن حسن الطالع أن الاهتمام بالتراث الوطني ليس قصرا على القطاع الحكومي، فقد كانت الجمعيات الأهلية سباقة في ذلك مما يجسد وعي وحرص مجتمعي على الاهتمام بالتراث والمحافظة عليه. حيث تأسست جمعية حرفة التعاونية في عام 2008 قبل تأسيس وزارة الثقافة بعشر سنوات وقبل تأسيس هيئة الثقافة بأثني عشرة سنة. وتهدف إلى “الحفاظ على الموروثات الحرفية وتوثيقها ونقلها من جيل إلى جيل”، وإلى جانب ذلك تقوم بدور إعلامي من خلال مجموعة من الحسابات على شبكة التواصل الاجتماعي منها انستجرام يتجاوز عدد متابعيه 10 الاف متابع، وإكس حيث يصل 2400 ولها موقع يعرف بالجمعية والحرف التراثية التي تهتم بها والمتمثلة في منتجات السدو، والازياء، والخوص، والفخار، والتطريز. كما تدير الجمعية معهد متخصص في التدريب على الحرف اليدوية الموروثة بمختلف أنواعها، وقد نفذ ما يربو على 300 دورة و30 ورشة عمل نفذها أكثر من 190 متدربة وأستفاد منها أكثر من 10 آلاف متدربة.

كما تم تأسيس الجمعية السعودية للمحافظة على التراث عام 2010، وتعمل لتكون “محركاً فاعلاً ومؤثراً في مجال حفظ التراث السعودي والوعي بأهميته وقيمته الوطنية والاستفادة منه” ولها جملة أهداف ومن ضمنها هدف إعلامي يتمثل في “المساهمة في إثراء المعرفة والرفع من الوعي لدي المواطنين بتراث المملكة وأهمية المحافظة عليه وتطويره”. ولها حساب نشط على إكس يتجاوز عدد متابعيه 51 ألف متابع، وحساب على إنستجرام له 9 آلاف متابع.

ومؤخرا في عام 2023 تم تأسيس جمعية سفراء التراث من قبل مجموعة من الإعلاميين والمهتمين بتراث المملكة، ومن بين أهدافها “الاسهام في رفع الوعي المجتمعي بالتراث والآثار” وتخطط لعدد من المشاريع ومنها ما يرتبط بالجهود الإعلامية المتمثلة في البرامج واللقاءات الإعلامية، والتدريب على المقابلات الإعلامية. ولها حساب على شبكة إكس يتجاوز عدد متابعيه 10 آلاف متابع.

ومن الجانب الحكومي، لوزارة الثقافة موقع ثري بمحتواه عن المشهد الثقافي السعودي المشتمل بالطبع ما له علاقة بالتراث الوطني، حيث هناك روابط للمبادرات والبرامج الثقافية (الأعوام الثقافية – الجوائز الثقافية – المشاركة المجتمعية – بوابة الثقافة) والفعاليات الثقافية، والمكتبة الثقافية (الإصدارات – البودكاست – عدسة الثقافة). وله حسابات نشطة على شبكات التواصل الاجتماعي (إكس وله 1.7 مليون متابع – فيسبوك وله 516 ألف متابع – انستجرام وله 645 ألف متابع – يوتيوب وله 298 ألف مشترك – تيك توك وله 80 ألف متابع). وهيئة التراث له موقع ثري جدا بمحتوى عن التراث الوطني بكافة أشكاله حيث يشمل روابط عن قطاعات التراث: التراث العمراني – الحرف اليدوية – التراث الثقافي غير المادي. ولها حساب نشط على أكس (له 257 ألف متابع).

من هذه المؤسسات المجتمعية (جميعة حرفة – الجمعية السعودية للمحافظة على التراث – جمعية سفراء التراث) والحكومية (وزارة الثقافة – هيئة الثقافة) يمكن القول إن العمل الإعلامي لا يقتصر على ما يكتب في الصحافة (ورقية كانت أو الكترونية) أو ما يبث في القنوات الإذاعية والتلفزيونية، بل يشمل ما ينشر في المنافذ الاتصالية ممثلة بشبكات التواصل الاجتماعي وصفحات الانترنت لتلك المؤسسات، وتشكل رافدا مهما للصحافيين في المؤسسات الإعلامية.

وقبل الختام هناك في البعد الإخباري حول أبرز الأحداث المرتبطة بالجانب المادي للتراث، حيث تركزت الأخبار على تسجيل ثمانية مواقع تراثية خلال الستة عشر عاما الماضية من عام 2008 إلى 2024 (الحجر – مدائن صالح، حي الطريف – الدرعية، جدة التاريخية، جبة والشويمس – فنون صخرية  في حائل، واحة الأحساء، منطقة حمى – نجران، محمية بني عارض، منطقة الفاو)، لكن هذا التناول لم يتجاوز التنويه بانتهاء التسجيل لهذه المواقع، واعتمادها ضمن مواقع التراث العالمي، ودون التوسع في تقارير أو تحقيقات صحفية تبين المعالم والسمات لهذه المواقع، والتي أهلتها للتسجيل، أو في بيان الأهمية الثقافية والاقتصادية لذلك التسجيل. وأظن أن هدف التسجيل بقي في نظر الكثيرين غامض، وأهدافه، وقيمته غير واضحة.

ولعل السبب في ذلك يعود إلى أن الإعلام التراثي يندرج تحت منظومة واسعة من الإعلام المتخصص تشمل أيضا الإعلام الصحي، والإعلام الاقتصادي، والإعلام البترولي، وغيرها من التخصصات، وهو ما يعاني منه الإعلام السعودي من حيث نقص في الكوادر الإعلامية المتخصصة. فالمؤسسات الإعلامية لدينا لم تبذل جهدا في إيجاد هذه الكوادر ظنا منها أن الجمهور المهتم بالتراث قليل مقارنة بالإعلام الرياضي مثلا.

كما أن وزارة الثقافة ومعها هيئة الثقافة، والجمعيات المتخصصة في مجال التراث (الجمعية السعودية للمحافظة على التراث – جمعية سفراء التراث – جمعية حرفة) لم تسع إلى تكوين هذه الكوادر الإعلامية بالتدريب والتشجيع.

 

  • التعقيب الثاني: د. سعيد الغامدي

مقدمة

سأتحدث في تعقيبي هذا عن المفهوم التفصيلي للتراث، ومسؤوليات وسائل الإعلام في الحفاظ على التراث الوطني، والخطوات التي تتخذها وسائل الإعلام لتقديم وتعزيز التراث الوطني، وأسرد نماذج لبرامج إعلامية ساهمت في تقديم التراث الوطني، ونماذج لبرامج ومبادرات إعلامية دولية ساهمت في إبراز التراث الوطني، وأخيرا بعض التحديات التي قد تواجه وسائل الإعلام عند تقديمها التراث الوطني.

بداية، اعبر عن اتفاقي التام مع طرح الزميلين العزيزين، عن أهمية التراث الوطني، سواء المادي أو غير المادي، وعلى الدور الكبير الفعلي، والمأمول، الذي تقوم به وسائل الإعلام لإشهار، والحفاظ على التراث الوطني وتعزيز الهوية الثقافية لبلادنا الغالية. وتبرز أهمية ما تقوم به وسائل الإعلام في المملكة العربية السعودية، الحكومية منها والخاصة، كاستجابة طبيعية للتحولات السياسية، والاقتصادية، والاجتماعية ـ والثقافية التي تعيشها المملكة في السنوات الأخيرة، وتحديدا، بعد المشروع الوطني الطموح المتمثل في رؤية المملكة 2030، بمباركة وتوجيه قائدنا خادم الحرمين الشريفين، وقيادة عراب الرؤية، سمو ولي العهد، حفظهما لله. ونقصد بالوسائل الإعلامية، أو كما تسمى وسائل الاتصال الجماهيري، جميع الأدوات التي تستعمل في صناعة الإعلام، وإيصال المعلومات إلى الناس، سواء كانت وسائل مقروءة، أو سمعية، أو وسائل بصرية وسمعية، التقليدية منها والحديثة، بما فيها وسائل الإعلام الاجتماعي بمنصاتها وتطبيقاتها الحديثة. كذلك هي تلك الوسائل التي تستخدم في نشر المعرفة والثقافة بما فيها السينما والكتب والوسائل الإعلانية، المختلفة التي تصل إلى جميع فئات المجتمع، اعتمادا على التطور التكنولوجي الهائل، خاصة في السنوات الأخيرة (1).

وعودة على موضوع التراث، أشار كاتب الورقة الرئيسة، إلى تعريف اليونسكو، بوصفها المنظمة المرجعية في هذا الشأن، ولكن هناك تعريفا موسعا، يناسبنا هنا، ويعطينا تصورا أشمل، لما يمكن أن تقوم به وسائل الإعلام في مجال التراث الوطني والثقافي، لعبد العظيم الديب، يرى فيه أن التراث يشمل الأمور المادية والمعنوية، ويتمثل في جميع ما أبقاه لنا الآباء والأجداد وللأبناء والأحفاد، فهو قبل كل شيء هذه الأرض التي نعيش عليها ويجب أن يحتفظ الوارث بها. وأضاف أن التراث هو السجل الكامل للنشاط الإنساني، في مجتمع ما، على مدى زمن طويل. وهو أيضا حفظ مجمل الأنشطة الإنسانية في الذاكرة الجماعية لشعب من الشعوب، بحيث تعكس نفسها في حاضر الأمة تفكيرا أو سلوكا. ويرى أن هذا السجل التراثي قد يكون قصيدة شعرية، أو وثيقة تاريخية، أو إبداعا أدبيا، أو اختراعا علميا، أو مؤلفا ثقافيا أو لوحة تشكيلية أو نحتا فنيا، أو شكلا معماريا، أو أقصوصة أسطورية، أو مثالا شعبيا، أو احتفالا شعبيا، أو تقليدا عائليا، أو عرفا اجتماعيا. واختصر المعنى بقوله إن التراث هو تراكم تاريخي طويل متعدد المشاريع ثقافي، أدبي، اقتصادي، اجتماعي، سياسي، معماري….. الخ)، وهذا السجل بكامل حمولتيه يشكل هوية كل مجتمع وخصوصيته التي تميزه عن باقي المجتمعات. كما يشتمل التراث أشكالا متعددة ثقافية وفنية وفكرية متوارثة من ماضي الأمة القريب والبعيد، وهو عطاء من صنع الإنسان تختلف باختلاف الأزمنة والأماكن، وهو في مفهومه العام يخص التراث المادي وما يشتمله من مبان أثرية، أو ما تكتشفه الحفريات وما تضمنه المتاحف من أثار ممثلة العصور مختلفة، بل يضم أيضا التراث الفكري والنابع من أعمال ونتائج العلماء والكتاب والمفكرين والمبدعين في عصره (2). كما يضيف عبدالكريم الوزان إلى أن هناك أنواعا من التراث : مثل التراث العالمي والتراث العربي والتراث الإسلامي والتراث الديني والتراث العلمي والتراث الحضاري والتراث الإنساني والتراث الثقافي والتراث اللغوي وتراث الشعوب الأصيلة والتراث الطبيعي والتراث المادي، الذي يتمثل بالمواقع والمباني التراثية، أما غير المادي فهو كالأفكار والموسيقى والطقوس والمناظر الطبيعية وما شابه ذلك .وأضاف أن التراث الشعبي يعد ثروة كبيرة من الآداب والقيم والعادات والتقاليد والمعارف الشعبية والثقافة المادية والفنون التشكيلية والموسيقية، وهو ما ينتقل من عادات وتقاليد وعلوم وآداب وفنون ونحوها من جيل إلى جيل(3).

واستجابة لمتطلبات المرحلة التي تعيشها المملكة، تتصدى وزارة الثقافة، مشكورة، لإبراز وتطوير الجوانب الثقافية في بلادنا، واعتمدت في إطار عملها، تقسيم اليونسكو للثقافة إلى سبعة مجالات، ودمجته مع الفهم المحلي لثقافة المملكة. وأنشأت هيئات فرعية متعددة، تشكل الحيز الثقافي الذي تشرف عليه الوزارة، تتمثل في هيئة فنون الطهي، وهيئة الأدب والنشر والترجمة، وهيئة المسرح والفنون الأدائية، هيئة الأزياء، وهيئة فنون العمارة والتصميم، وهيئة الأفلام، وهيئة التراث، وهيئة المكتبات، وهيئة المتاحف، وهيئة الموسيقى، وهيئة الفنون البصرية.

كما تحتفي الوزارة في كل عام بعنصر مميز من العناصر الثقافية للمملكة العربية السعودية، تحت اسم ثقافي محدد؛ بهدف تركيز الاهتمام تجاه هذا العنصر، والتعريف بقيمته ودلالاته الثقافية، من خلال تعزيز حضوره في المشاريع والفعاليات النوعية. فقد تقرر تقررت تسمية عام 2024م بـعام الإبل اعتزازاً بالقيمة الثقافية والحضارية للإبل، وللتعريف بمكانتها في وجدان المجتمع السعودي، وعلاقتها الراسخة بإنسان الجزيرة العربية عبر التاريخ. كما كان عام 2023 ليكون “عام الشعر العربي”. باعتباره من أهم المكونات الحضارية للثقافة العربية، ومن أجل ترسيخ هذا المكون الحضاري تسعى المملكة العربية السعودية إلى جعله حاضراً في الحياة اليومية للثقافة السعودية والعربية. وتم تسمية عام 2022م ـ”عام القهوة السعودية”. لارتباط القهوة بالإرث الثقافي للمملكة العربية السعودية، حتى أصبحت عنصراً رئيساً في الثقافة والموروث الشعبي السعودي، وعلامةً ثقافيةً تتميز بها المملكة، سواءً من خلال زراعتها، أو طرق تحضيرها وإعدادها وتقديمها للضيوف، ومن منطلق المكانة العالية لهذا الرمز الثقافي والوطني. كما تم تسمية عام 2020م بـ عام الخط العربي وامتد الاحتفاء به عاماً إضافياً ليشمل عام 2021م نظراً لظروف جائحة كورونا، نظراً لما يمثله الخط العربي من أهمية واتصال وثيق باللغة العربية، وما يمتلكه من تاريخ وجماليات في هندسته وتفاصيله وأشكاله، والتي تبرز مخزوناً ثقافياً إبداعياً يعكس ثراء الثقافة العربية والمحلية (4). ومن جانب أخر تشارك الوزارة قطاعات حكومية أخرى في تنظيم فعاليات ثقافية وتراثية ومهرجانات ثقافية متعددة في كل منطقة من مناطق المملكة وفي مختلف المناسبات والأيام الوطنية.

مسؤوليات وسائل الإعلام في الحفاظ على التراث الوطني

كما رأينا أعلاه، التراث يعني لنا الشيء الكثير، كونه مكون أصيل من حياتنا اليومية، ولذلك فمسؤوليات كبيرة جدا وأدوارا حاسمة، تقع على وسائل الإعلام، الحكومية والخاصية، إضافة إلى الجهات الأخرى المعنية أو المهتمة بالتراث والثقافة، في تعزيز التراث الوطني والهوية الثقافية، خاصة بعد التطور المتسارع والمذهل في تكنولوجيا الاتصال. ويمكننا الخروج بعدد من المهام التي يجب على وسائل الإعلام القيام بها في سبيل الحفاظ على التراث والهوية الثقافية الوطنية ومنها: (5)(6)

  • التوعية والتثقيف: حيث تسهم وسائل الإعلام في زيادة وعي المجتمع بأهمية التراث الوطني ودوره في تعزيز الهوية الثقافية، كما تقوم بتسليط الضوء على المواقع التاريخية والثقافية في البلاد وتقدم معلومات قيمة حول التاريخ السعودي من خلال التقارير والبرامج الوثائقية، مما يزيد من وعي أفراد المجتمع بأهمية التراث وارتباطه بحياتنا اليومية.
  • المحافظة على التراث الثقافي وتوثيقه: يمكن لوسائل الإعلام توثيق ونقل التراث الثقافي الوطني وتاريخ الوطن، من خلال البرامج والصور والفيديوهات والمقالات وبالتالي تعزيز الوعي الوطني والانتماء لدى المواطنين وحفظ التراث للأجيال القادمة.
  • إبراز القيم والمبادئ الوطنية: يمكن لوسائل الإعلام تعزيز القيم والمبادئ التي تشكل جزءًا من الهوية الوطنية، مثل اللغة والديانة والتقاليد والأعراف والعادات الاجتماعية الحميدة.
  • تشكيل منصات للحوار والنقاش: حيث توفر وسائل الإعلام منصات تفاعلية للمناقشة والحوار حول مفهوم التراث الوطني والهوية الثقافية وكيفية تعزيزها والافتخار بها.
  • الإعلام والدعاية والترويج السياحي: تقوم وسائل الإعلام بوظيفة الإعلان والترويج للمملكة كوجهة سياحية تاريخية وثقافية وتعريف العالم بكل بما لدينا من تراث وطني غني، مما يدعم السياحة الثقافية ويعزز من جاذبية البلاد للسياح المحليين والدوليين.
  • التوجيه وتكوين المواقف والاتجاهات الإيجابية نحو التراث الوطني: حيث تقوم وسائل الإعلام بتوجيه المجتمع، بشكل مباشر وغير مباشر على السواء، نحو أهمية التراث الوطني والمحافظة عليه، وكلما كانت المادة الإعلامية ملائمة للجمهور، لغة ومحتوى، ازداد تأثيرها الإيجابي عليهم.
  • التواصل الدولي والتفاعل الثقافي: تسهم وسائل الإعلام في تعزيز التواصل والتفاعل الثقافي مع العالم الخارجي، مما يساعد في تقديم صورة إيجابية عن الثقافة الوطنية.
  • الرقابة والمساءلة: تلعب وسائل الإعلام دورًا رقابيًا من خلال تسليط الضوء على الانتهاكات التي قد تتعرض لها مكونات التراث الوطني، ودعوة الجهات المسؤولة لاتخاذ الإجراءات اللازمة.

الخطوات التي تتخذها وسائل الإعلام لتقديم وتعزيز التراث الوطني

كما شاهدنا، تلعب وسائل الإعلام أدوارا رئيسية في التوعية بأهمية التراث الوطني والحفاظ عليه. ومن خلال عدد من الخطوات التنفيذية الفاعلة، يمكن لتلك الوسائل أن تسهم بشكل فعال في زيادة الوعي المجتمعي وتحفيز الجهود للحفاظ على التراث الوطني وصون هويته الثقافية. ومن تلك الخطوات، ما يلي:

  • إنتاج محتوى توثيقي وتاريخي، يتمثل في إنتاج سلسلة وثائقية تستكشف التاريخ والمعالم الثقافية البارزة في البلاد، وتصوير مواقع التراث العالمي الوطني وسرد قصصها التاريخية، وإنتاج برامج تفاعلية تتيح للجمهور المساهمة بمحتوى خاص بالتراث المحلي. ويمكن بثها داخليا، ودوليا بالتعاون مع القنوات الدولية مثل ناشيونال جيوغرافيك، وقناة ديسكفري الدولية وغيرها.
  • إنتاج برامج توعوية عن التراث الوطني، برامج تلفزيونية أو إذاعية، تسلط الضوء على قصص نجاح وممارسات جيدة في الحفاظ على التراث، ودعوة الخبراء والمختصين لتقديم نصائح وإرشادات للجمهور حول كيفية المساهمة في هذا المجال.
  • التغطية الإعلامية المكثفة للفعاليات والمبادرات الخاصة بالتراث الوطني، وإبراز دور المشاريع الحكومية والمجتمع المحلي والجهود التطوعية في الحفاظ على التراث، ولدينا في كل عام عدد من تلك الفعاليات مثل ما كان يحدث في مهرجان الجنادرية سابقا، أو سوق عكاظ، والعلا، ومهرجانات الإبل، ومهرجانات الصقور وغيرها من الفعاليات.
  • التعاون مع الخبراء والمتخصصين، من خلال إجراء مقابلات مكثفة مع خبراء التراث والمتخصصين في هذا المجال، لنشر المعلومات الدقيقة عن المخزون الثقافي الغني في بلادنا، وكذلك تنظيم حوارات وندوات تفاعلية حول قضايا التراث الوطني.
  • الاستعانة بالوسائط الحديثة المتعددة، كالصور والفيديوهات لتعزيز الجانب البصري في تغطية التراث الوطني وتطوير حسابات ومواقع رقمية تفاعلية، للتعريف بالتراث الوطني على جميع الوسائل والمنصات الرقيمة.
  • التعاون وإقامة شراكات استراتيجية مع المؤسسات المعنية بالتراث، من خلال إبرام شراكات مع القطاعات الحكومية والهيئات المهتمة بالتراث، لتبادل المعلومات والخبرات وتنظيم برامج توعوية مشتركة تستهدف مختلف فئات المجتمع، واستضافة خبراء وممثلي المؤسسات التراثية في البرامج الإعلامية، وتخصيص مساحات إعلامية لتغطية مبادرات تلك الجهات. وإنشاء منصات إعلامية مشتركة لنشر المحتوى التوعوي والتثقيفي.
  • تكثيف التغطية الإخبارية المتخصصة، من خلال إنشاء أقسام إخبارية خاصة بالتراث، وفقرات خاصة بالتراث الوطني، ضمن البرامج الإخبارية في وسائل الإعلام الحكومية والخاصة، وإصدار تقارير دورية عن آخر المستجدات والتطورات في مجال الحفاظ على التراث.
  • تبني وتنظيم مسابقات وجوائز للمبادرات المجتمعية المميزة، وذلك بإطلاق مسابقات إعلامية لأفضل المبادرات المجتمعية في مجال التعريف أو الحفاظ على التراث الوطني، وتكريم الجهود المميزة والقصص الملهمة، في هذا الجانب، وإبرازها إعلاميًا.
  • الاستثمار في البث المباشر والتغطية الحية، وذلك بالبث المباشر لفعاليات ومهرجانات ثقافية تراثية لإتاحتها للجمهور، والتغطية حية لمشاريع ترميم وصيانة المواقع التراثية، وإتاحة المشاركة والتعليق للجمهور للتعليقات والأسئلة أثناء البث.
  • تخصيص محتوى رقمي متعدد الوسائط، كإنشاء إنشاء منصات رقمية تفاعلية للتعريف بالتراث الوطني والمواقع التراثية، إنتاج مقاطع فيديو ورسوم متحركة لشرح أهمية الحفاظ على التراث، وتطوير تطبيقات وألعاب رقمية تعليمية حول موضوعات التراث المتعددة.
  • الاستفادة من منصات الإعلام الاجتماعي، وذلك بإنشاء حسابات على تلك المواقع لنشر محتوى تثقيفي وتفاعلي عن التراث الوطني، وتشجيع المتابعين على المشاركة بمحتوى أصيل ومبادرات خاصة بالتراث.
  • إطلاق مبادرات جماهيرية تفاعلية من خلال تنظيم مسابقات للجمهور لتقديم أفكار مبتكرة لمشاريع الحفاظ على التراث، إطلاق حملات تبرعات وتمويل جماعي لدعم المبادرات المجتمعية التراثية، تشجيع المشاركة الجماهيرية في أنشطة الحفاظ على المواقع التراثية.

برامج إعلامية ساهمت في تقديم التراث الوطني

هناك العديد من البرامج الإعلامية السعودية التي ساهمت بشكل كبير في إبراز التراث الوطني، ورفع وعي المتلقين بأهمية وضرورة الحفاظ على التراث في المملكة العربية السعودية، كما ساهمت في تعزيز الهوية الوطنية والثقافية السعودية. ومن تلك البرامج ما يلي:

  • برنامج “رجال عبد العزيز” برنامج وثائقي وثقافي على القناة السعودية، يتكون من سلســلة وثائقيــة تتحدث عــن عصر المؤســس الملــك عبدالعزيز رحمــه الله والشــخصيات التاريخية المشــاركة في تأســيس المملكة العربية الســعودية حيث جسد البرنامج ذلك العصر بالمشــاهد الدرامية المبنية على ما قدمه التاريخ الســعودي وعزز ذلك بالمقابلات مع أهم المؤرخين المختصين (7).
  • برنامج “علوم الأولين” برنامج وثائقي ثقافي على القناة السعودية، يروي قصص التراث الشعبي والأمثال وأشهر الأبيات الشعرية، ويركز على توثيق التراث والعادات والتقاليد السعودية، مع تجسيد بعضها إلى مشاهد درامية (8).
  • برنامج “حكايا سعودية”، على قناة “السعودية”. ويستعرض البرنامج حكايات من السعودية، ويلتقي أشخاصًا كانوا جزءًا من تلك القصص، ويسلِّط الضوء على منجزات وطنية، ومشاريع وقصص لكيانات ضمن القطاع الحكومي والخاص وغير الربحي في مجالات متنوعة.
  • برنامج “على خطى العرب”: يقدمه الإعلامي د. عيد اليحيى، من إنتاج قناة العربية، وعرض موسمه الأول عام 2014، ولا يزال يبث إلى الآن، ويهدف البرنامج إلى استكشاف المواقع التاريخية والثقافية في المملكة وتاريخ الجزيرة العربية من خلال الرحلات الميدانية إلى المواقع الأثرية والتاريخية، ويعرض البرنامج القصص التاريخية والمعلومات الأثرية بطريقة جذابة ومشوقة (9).
  • برنامج لفة المملكة، على قناة MBC الفضائية، برنامج شبابي، لشباب سعوديون شغوفون باكتشاف المملكة ورصد مكامن الجمال فيها ومعالمها الطبيعية والأثرية والتراثية، يجولون بنا في ربوع السعودية لنقل عجائبها إلى العالم(10).
  • إنشاء قناة متخصصة للثقافة، قناة “الثقافية” السعودية: أعلنت وزارة الثقافة السعودية إطلاق القناة التلفزيونية “الثقافية” على قناة MBC الفضائية وشاهد نت بمناسبة اليوم الوطني السعودي الذي يوافق 23 سبتمبر. وتقدم القناة محتوى ثقافي متنوع يشمل العديد من المجالات مثل الأدب والتاريخ والفنون والتراث، كما تقدم برامج تعليمية وترفيهية تهدف إلى تعزيز المعرفة والثقافة لدى المشاهدين، منها (11).
  • برنامج “قول على قول” مع الشاعر جاسم الصحيح الذي يستحضر الزمن الجميل ويسلط الضوء على حقبة خالدة من حضارة المملكة وثقافتها، متوقفا عند سيرة ومسيرة حياة كوكبة من الشعراء العرب.
  • برنامج “المحاورة” الذي يعرض سجالات الشعراء وألغازهم في برنامج يبث من مدينة الطائف الغنية بإرثها التاريخي في فن المحاورة.
  • برنامج “لامية العرب” مع الدكتور عيد اليحيى الذي يتجول بالمشاهدين بين أبيات الشّنْفَرَى في لامية العرب الشهيرة، ويقف على الأماكن التي تكونت فيها واحدة من عيون الشعر العربي.
  • برنامج “حِسّ” مع الشاعر محمد السكران ويقدم رصدًا لحركة الشعر في 13 منطقة سعودية.
  • برنامج “مساء الثقافية” برنامج إخباري يومي يغطي آخر مستجدات الأحداث الثقافية السعودية والعربية والعالمية..
  • برنامج “كتاب ومنعطف” مع الدكتور سعد البازعي وهو برنامج لمراجعة الكتب يتعمق في الكتب القيمة وتأثيرها الثقافي.
  • برنامج “إثنينية الرياض” وهو صالون ثقافي أسبوعي يستضيف مجموعة من المثقفين لمناقشة القضايا الثقافية المتنوعة، وأبرز المستجدات.
  • برنامج “تلك شهادتي” برنامج وثائقي يستعرض بلسان أبرز الشخصيات السعودية والعربية والعالمية السيرة الذاتية التي كتبها أصحابها مُرفقة بصور وفيديوهات أرشيفية.
  • برنامج “السجاد الأحمر” الذي يتناول أخبار الفن السعودي والعربي والعالمي مع أبرز مستجدات السينما والدراما وقطاع صناعة المحتوى.

برامج ومبادرات إعلامية دولية ساهمت في إبراز التراث الوطني

هناك العديد من الأمثلة الناجحة حول العالم لبرامج ومبادرات للتعريف بالتراث الوطني والثقافي. هذه الأمثلة توضح كيف استطاعت وسائل الإعلام المختلفة في دول عديدة، أن تنفذ برامج ومبادرات ناجحة لتعزيز التراث الوطني والثقافي.

  • مبادرة “تراث مصر” على التلفزيون المصري. تمثلت في سلسلة وثائقية بدأت عام 2015 وسلطت الضوء على المعالم التاريخية والثقافية المصرية. وقد ساهمت في زيادة الوعي بأهمية الحفاظ على التراث المصري الغني (12).
  • برنامج “التراث الجزائري” في القناة الإذاعية الجزائرية: قدم هذا البرنامج الإذاعي معلومات وقصص عن الفنون والحرف التقليدية الجزائرية. وساهم في نقل هذه الممارسات الثقافية للأجيال الجديدة (13).
  • برنامج ” إرث” برنامج من إنتاج التلفزيون الأردني قدم تقارير وحلقات عن المواقع التاريخية والثقافية الأردنية ويعرض من خلاله التراث الأردني في الحياة القديمة. ساعد في توثيق الهوية الوطنية وتعزيز الشعور بالفخر والانتماء (14).
  • مشروع “الموروث الثقافي المغربي” في قناة المغربية. ركز هذا المشروع الإعلامي على توثيق وإبراز التنوع الثقافي والتراث التقليدي في المغرب وساهم في تعزيز الوعي بأهمية الحفاظ على هذا الموروث الثري. ومن أهم محتويات المشروع ما سمي “موسم طانطان”، وهو عبارة عن ملتقى ثقافي مغربي، بحلة عالمية، تجري فعاليات، الملتقى الذي تصنفه منظمة اليونسكو تراثا شفويا، على شكل احتفالات كبيرة تجسد مختلف مظاهر الحياة الصحراوية بعاداتها وتقاليدها، وذلك بهدف الحفاظ على التراث الثقافي اللامادي للمنطقة. واختار المنظمون لهذه الدروة شعار “موروث ثقافي مغربي ببعد أفريقي”(15).
  • وفي الصين، تقدم قناة CGTN، شبكة تلفزيون الحكومة المركزية الصينية، التي تبث باللغة العربية على قمر عربسات، سلسلة برامج تسلط الضوء على المعالم التاريخية والثقافية الصينية الأصيلة. ساعدت في نشر المعرفة ورفع الوعي العام بالتراث الصيني عبر عدد من البرامج مثل: عيد قوارب التنين، وأسرار الصين، المطبخ الإسلامي، تعلم اللغة الصينية، الكنغ فو، السياحة في الصين، وعدد كبير من الأفلام الوثائقية عن التراث والثقافة والطبيعة الصينية (16).

كما تقوم معظم الدول بالعمل نفسه، حيث أنشأت قنوات فضائية تبث بعدة لغات على مستوى العالم، ومنها اللغة العربية، وتقدم من خلالها برامج وثائقية وثقافية عن بلادها الأصلية للعالم حيث نشاهد ذلك في قناة روسيا اليوم، واليابان بالعربي، وغيرها من القنوات الدولية.

 

تحديات تواجه وسائل الإعلام عند تقديم التراث الوطني 

وأخيرا، هناك العديد من التحديات التي تواجه وسائل الإعلام عند تقديمها للتراث الوطني بالشكل المطلوب، وتتطلب مواجهة تلك التحديات، جهودًا كبيرة ومشتركة، من وزارة الثقافة والقطاعات الحكومية الأخرى، والمؤسسات الإعلامية والمجتمع، بشكل عام، للتغلب عليها، ومنها:

  • محدودية الموارد المالية: تعاني الكثير من وسائل الإعلام، من نقص في الدعم المالي المطلوب لإنتاج محتوى وثائقي عالي الجودة، حول التراث، وجاذب للمشاهدين بمختلف فئاتهم العمرية والتعليمية، مما يؤثر على جودة المحتوى المقدم.
  • نقص الكوادر والفنية المؤهلة: تعاني معظم وسائل الإعلام المحلية من نقص واضح في الكوادر الوطنية الفنية، المؤهلة، لإنتاج محتوى إعلامي تراثي مؤثر وجاذب، وتلجأ في أحيان كثيرة إلى خبرات غير سعودية، تسيء للمنتج الوطني وتشوهه.
  • قلة الخبراء المتخصصين: نقص الخبراء المتخصصين في التراث الثقافي داخل المؤسسات الإعلامية، وهذه إحدى المعضلات الكبرى التي تطغى على معظم الوسائل الإعلامية، ولذلك تظهر كثير من البرامج الثقافية بشكل ضعيف وبحبكات إعلامية غير جاذبة وغير مقنعة للمتلقين.
  • التحديات التقنية والرقمية: يواجه الإعلاميون تحديات في استخدام التقنيات الحديثة لتوثيق وتفاعلية التراث الثقافي بما يتناسب مع المنصات الرقمية المعاصرة. وتظهر هنا التكلفة الفنية والتكلفة المادية المرتفعة الي يتطلبها إنتاج برامج ومواد على درجة عالية من الإبهار، ولمختلف المنصات التقليدية والحديثة، بما فيها منصات الإعلام الاجتماعي التي تتجدد مع كل شمس يوم جديد.
  • التنافس مع الوسائل الرقمية: تواجه وسائل الإعلام المحلية، خاصة التقليدية، منافسة شرسة من منصات ومواقع المحتوى الرقمي الجديد والجذاب الذي قد يطغى على المحتوى التراثي التقليدي.
  • عدم الاستدامة والاستمرارية: يتضح في بعض الحالات، أن بعض المبادرات الإعلامية المتعلقة بالتراث مؤقتة ولا تنتظم بشكل دائم، مما يحد من تأثيرها على المدى البعيد.
  • محدودية الشراكات والتنسيق: تفتقر وسائل الإعلام، في الغالب، إلى التنسيق الكافي مع الجهات المعنية بالتراث الثقافي، مما يقلل من فعالية المحتوى الإعلامي المنتج ويظهر بشكل ضعيف وغير مقنع أو جاذب للمتلقين.
  • التحيزات والمحددات الثقافية والرقابة: قد تؤثر عوامل ثقافية وسياسية على طريقة تناول وسائل الإعلام للتراث وتقديمه بشكل شفاف، مما قد يحد من موضوعيتها وشمولية التغطية.
  • ضعف الوعي والاهتمام المجتمعي: في بعض الأحيان، يتضح ضعف الوعي لدى بعض القائمين على وسائل الإعلام، وكذلك الجمهور المتلقي، بأهمية الحفاظ على التراث الثقافي، مما يؤثر على اهتمام وسائل الإعلام بتناول هذا الموضوع بالشكل الذي يستحق.

  

  • المداخلات حول القضية
  • التراث الوطني السعودي كقوة ناعمة.

الثقافة قوة ناعمة، والتراث جزء من الثقافة بشقيها المادي واللامادي أو المعنوي؛ وهي قوة مؤثرة وفاعلة وتدخل في تشكيل الصور الذهنية عن الأمم والشعوب والحضارات. والتراث الوطني السعودي يلعب دورًا محوريًا في استراتيجية المملكة لتعزيز قوتها الناعمة على الصعيدين الإقليمي والدولي. القوة الناعمة تعتمد على القدرة على التأثير والإقناع بدون استخدام القوة الصلبة، وذلك من خلال الثقافة، والقيم، والسياسات الخارجية، والتراث الوطني هو أحد أهم العناصر التي تسهم في بناء وتعزيز هذه القوة.

إن ما تختزنه المملكة من تراث مادي وغير مادي، غني جدا، ويعود إلى مئات السنين، ويوثق لأزمنة قديمة وحضارات سابقة، مثال ذلك البيت العتيق ومسجد نبينا محمد صلى الله عليه وسلم والآثار السابقة للآثار الإسلامية في كل مناطق المملكة مثل مدائن صالح بالعلا وغيرها من التراث المادي الغني في بقية المناطق. ذلك التراث ورثته المملكة بحكم أنه يقع ضمن حدود المملكة السياسية والجغرافية، ولكنه يؤكد على عراقة هذه الأرض وأصالتها، يشابهنا في ذلك ما نشاهده في الصين ومصر، وهي أدله على عمق حضارة تلك البلاد وتاريخها المشرف، وبما أنهم يفتخرون بتاريخهم وارثهم فمن حقنا نحن أن نفعل نفس الشيء عندما نسعد ونفتخر بما كان في جزيرتنا العربية من حضارات وأمم سابقة اعطتنا هذا المعنى العميق لمعنى التاريخ الإنساني الغني.

وبالمجمل فإن التراث الوطني السعودي ليس مجرد ماضٍ يتم الحفاظ عليه، بل هو أيضًا أداة قوية لتعزيز موقع المملكة في العالم. من خلال استخدام التراث كأداة دبلوماسية، سياحية، وثقافية، تسعى المملكة إلى بناء صورة دولية إيجابية وتعزيز تأثيرها على الساحة العالمية بدون الحاجة إلى استخدام القوة الصلبة.

وإذا كان الإسلام حضارة؛ فالمملكة العربية السعودية هي حاضنة هذه الحضارة في زمننا لأسباب عديدة لا يمكن حصرها في هذا المقام. وتأثير الحضارة الإسلامية على الحضارات الأخرى التاريخ يشهد بذلك، فتأثير الحضارة الإسلامية على أوروبا في كافة الميادين الاقتصادية والاجتماعية والثقافية والفكرية اعترف به المستشرقين والمنصفين. وحضارتنا الإسلامية أذهلت العالم والسعودية أصبحت رمز الحضارة الإسلامية ومنبعها، فهل نتخلى عن هذا الإرث ونتعامل معها على انه ماضي ليس له تأثير؟

التصور أن الثقافة الإسلامية والمحافظة عليها ونشر قيمها والتأثير في المجتمعات المختلفة قوة ناعمة ومطلب، والإعلام الحديث والجديد له دوره في ترسيخ قيم ومبادئ رسالة الإسلام التي هي رسالة الله سبحانه وتعالى للعالمين لأنه ناسخ لما قبله.

وإذا كان الإسلام كدين قد جاء لتنظيم حياة الناس وحثهم على السلوك القويم في مختلف جوانب حياتهم، وبما فيه من عبادات وقوانين والتزامات هي التي شكلت الجوانب الحضارية في حياة البشر. مثلا الالتزام بالمعاملات الحسنة بين الناس في السلم والحرب والمحافظة على البيئة والحيوان والطيور والعادات الجميلة كالكرم والسخاء واغاثة الملهوف والمحتاج واليتيم وغيرهم. كل هذه المعاملات مع محيط الإنسان هي ما يظهر على شكل تصرفات حضارية ومنه تنبع الجوانب الثقافية والتراثية الأخرى.

أما الجانب الآخر وهو التراث المادي الموجود كالمساجد والآثار والأماكن الأخرى المرتبطة بديننا وحياة الرسول محمد صلى الله علية وسلم وصحابته الأخيار، وما تحويه بلادنا الغالية من آثار ما قبل الإسلام، في مختلف المناطق، فهي وبدن شك قوة ناعمة في حد ذاتها وقوة ناعمة للمملكة.

والإعلام، قوة ناعمة أيضا في حد ذاته، ولكنه ولتحقيق الهدف الأسمى المتمثل في تقديم وتعزيز التراث الوطني ونقله للعالم، مطالب بمختلف وسائله ومنصاته بإبراز تلك الجوانب الحضارية والثقافية التي تتميز بها المملكة.

ويلاحظ أن فرصة انفتاح المملكة على العالم للتعرف على ما لديها من تراث مادي وغير مادي لم تستغل بعد، بما يعزز القوة الناعمة للمملكة ويعلي من علامتها الوطنية بالنظر لما يلي:

  • مازالت رتبة المملكة في هذين المؤشرين دون الطموح. ولا شك أن هناك حاجة للمواءمة الكاملة بين دوريّ وزارة الثقافة ووزارة الإعلام، الأولى لتطوير الرسائل والمحتوى ذات الصلة بالتراث والثانية لتأمين وصول الرسائل والمحتوى للعالم بوسائل ووسائط متعددة.
  • عامل الوقت حرج الأهمية، فإذا قسنا ما حققه الترفيه من انتشار، وقارناه بما حققه التعريف بتراثنا نجد أن البون شاسع. فمثلاً، كيف عرفنا بالحضارات التي تعاقبت، وبالعادات والتقاليد والأزياء والأطعمة؟ هناك جهود محدودة ومتناثرة لم تصل بعد للخزم الذي يجعل هذا المحتوى الثمين والمؤثر عاملاً في تعزيز الصورة الذهنية باعتبار مكانة المملكة عربياً واسلامياً ودولياً وأخذاً بالاعتبار مصالحها الوطنية.
  • لمعالجة ما تقدم، من المناسب تصميم مبادرة تنفيذية تعرف بتراثنا باستخدام وسائل مبتكرة للفئات المستهدفة داخل المملكة وخارجها، بقيادة وزارة الثقافة ومنظومتها وبمشاركة وزارة الإعلام ووزارة السياحة.
  • الأدوار المنوطة بالإعلام في الحفاظ على التراث الوطني.

إن للإعلام دورًا هامًا ومؤثرًا في تعزيز الهوية الوطنية الثقافية وصيانتها، بل ويتنامى مع طَوَفان العولمة الذي يهدد بفقدان هذه الهوية من خلال تهديده لقيمها التقليدية حيث أصبح الحفاظ عليها مهمة حيوية وضرورة مجتمعية في ظل التطور السريع في تقنية الاتصال ووسائله.

ولم تعد وسائل الإعلام تلك الوسائل التقليدية الثلاث مما يسهل التعامل معها بل تطورت وتشعبت مما أوجد مناخا خصبًا لتنامي السلبيات، وتأتي الرقمنة كواحدة من أهم الوسائل في المحافظة على التراث بشقيه المادي وغير المادي كالمكتبات الرقمية والتحويل الرقمي للمستندات والوثائق وارشفتها وقاعات العرض والشاشات وتوظيف التقنية في المتاحف لإظهار بعض محتوياتها بشكل مجسم، وما إلى ذلك من استخدامات.

ولعل من أهم الأدوار التي يلعبها الإعلام في المحافظة على التراث الوطني:

  • تعزيز الوعي الوطني والانتماء من خلال توثيق التراث الوطني ونقله.
  • تعزيز قيم ومبادئ الهوية الوطنية الأساس كاللغة والديانة والتقاليد وإبرازها.
  • فتح مساحات للحوار والنقاش حول مفهوم الهوية الوطنية ومهدداتها وأبرزها العولمة وتأثيراتها السلبية مما يسهم في التوعية بأهمية المحافظة عليها وصيانتها.
  • الالتزام بتقديم محتوى وطني يعزز الانتماء ويؤكد على الهوية الوطنية.
  • دعم التواصل والتبادل الثقافي مع الآخر وتنميته مما يسهم في تقديم الهوية الوطنية بصورة إيجابية يعزز من مكانتها لدى العالم الخارجي.

ويعتبر الإعلام هو الوجه الآخر لكل منتج أو عمل أو مشروع وهو شريك استراتيجي لتحقيق الأهداف وإيصال الرسالة، وتعاطي الإعلام مع التراث يرتبط بطبيعة توظيف الإعلام في كل بيئة جغرافية وبطبيعة ملكيته، بعض الوسائل تهتم بنمط الإعلام الدعائي وتظن أنها حين تقوم بذلك قد خدمت هذا التراث وعرفت به؛ بينما قد تكون قدمت نمطاً من الإعلام السلبي الذي يضر بهذا التراث ولا يضيف له شيئاً.

وفي المقابل هناك أنماط من المواد الإعلامية التي تعد على نحو احترافي البعيد عن الجوانب الدعائية فتنجح في تسويق هذا التراث وفي التعريف به وفي إبرازه.

لذا فمن المهم أن يحتفي الإعلام التقليدي أو عبر منصات التواصل الاجتماعي بأساليب مهنية تقوم على الاهتمام بالمحتوى العقلاني المهني الموضوعي الذي يركز على الجوانب التي تخاطب العقل في هذا التراث ومكوناته، والتي يتوقع أن تكون أكثر تسويقا وتشويقا لكل أشكال التراث ليكون الخطاب الإعلامي مقنعاً وبعيداً عن الجوانب العاطفية لا سيما إذا كانت الرسائل الإعلامية يراد منها مخاطبة مجتمعات أخرى غربية أو شرقية.

وهذا يحفز لصناعة كفاءات إعلامية متخصصة ومهنية قادرة على معرفة وفهم هذا التراث وتفاصيله ومكوناته وتاريخه ولتكون الرسائل والمحتوى الذي تشتمل عليه ناجعة ومفيدة ومحققة الأهداف المرجوة.

أيضاً في عصر الرقمنة الإعلامية وتطبيقات الذكاء الاصطناعي في الإعلام الرقمي أصبح التراث الثقافي المادي وغير المادي عوامل جذبٍ ذات أبعاد سياحية واقتصادية لمواجهة تحديات التنمية المستدامة ولذلك لابد من استغلالها بطريقة أو أخرى. كذلك من المهم توفير منصات إعلامية للحفاظ على التراث من جهة وللوصول إلى جمهور على نطاق واسع. فضلاً عن أنه من المهم تشجيع المهتمين بالتراث وذلك باستغلال وسائل التواصل الاجتماعي بطريقة منظمة تجعل مشاركات أفراد المجتمع إيجابية ويُشاركون في الحفاظ على التراث من خلال منصاتهم ومواقعهم.

ومن ناحية أخرى، وبالإشارة إلى أن نظام الآثار والمتاحف والتراث العمراني في المادة رقم 21، قد نص على {تشجع الهيئة – وفقاً للأنظمة القائمة – إنشاء جمعيات متخصصة في مجال الآثار والتراث والمتاحف، ويكون لهذه الجمعيات الاستفادة من دعم صندوق الآثار والمتاحف والتراث العمراني}. وهنا يأتي دور القطاع الثالث في دعم الآثار والمتاحف والتراث العمراني والتصور أن دوره داعم لدور الإعلام، ونشر أهمية ثقافة المحافظة على التراث. مع التأكيد على اهمية دور الإعلام في التعريف ببنود ولوائح النظام الذي يشتمل على منظومة متكاملة من الاحكام ‏والقواعد التي تنظم توثيق التراث الوطني وحمايته وتصنيفه وصيانته وتهيئته ‏وتحفيز الاستثمار فيه وتفعيل مساهمته في التنمية الثقافية والاقتصادية.

إن التراث الوطني مسؤولية عامة تتداخل فيها وزارات وهيئات بحجم مكانته؛ الوطنية فهو ارث ماضي يعزز مستقبل مشرق ولعل الإعلام والتعليم يحملون على عاتقهم المسؤولية الكبيرة في تعزيز الشعور بالاعتزاز بالموروث الوطني بما يحمله بطياته من أمور مادية أو غير مادية. لكن يجب التركيز على جانب مهم وهو الجانب السلبي في تلك المهمة على سبيل المثال الأهازيج (الشيلات) اثناء مسابقات الإبل (المزاين) إذا لم توجه بشكل صحيح فقد تنمي عند الاجيال العنصرية القبلية وغير ذلك من رموز للقبائل.

وبالإضافة لأهمية إبراز التراث وتوظيفه بحكمة، فثمة ضرورة لبلورة نماذج معتدلة ذات مصداقية موضوعية لتعامل الإعلام مع التراث وتناوله تتجنب الشوفينية وتضخيم الواقع وخلق أوهام؛ فالتراث يحمل الكثير من المجهولات كما التاريخ، التي تنمو حولها الأوهام، ونحن نرى كيف تضر أوهام العظمة ببعض المناطق والدول بل والديانات حولنا، وتتسبب في الإحباط وفقدان المصداقية لدى الأجيال حيال وطنهم وتاريخهم.

إن الوظيفة أو الدور المطلوب من الإعلام واضح، غير أن الوظيفة أو الدور الفعلي يحتاج أولا وضع مؤشرات قياس، وبعدها تقييم الدور المتحقق في ظل الدور المطلوب.

ونحن في السعودية يزورنا السائح بل ويأتي الغربي أحيانا للعمل لدينا ليتعرّف على ثقافتنا (المادية والمعنوية)، وكم من الغرب انبهر بها وعاش بيننا سنوات. والإعلام له دور كبير كقوة ناعمة، من واجبه ويجب أن يكون جزءا من استراتيجية الدولة الإعلامية الحفاظ على:

  • الدين الوسطي، وأكثر زوارنا المسلمون يزور بلادنا من أجل الحرمين؛ ولعل الإعلام مقصر في هذا الجانب في التعريف بالتطور العظيم الذي تم في خدمات الحرمين بالذات، ويجب التعريف به.
  • لغتنا العربية، اللغة من أهم مكونات أي تراث، ويجب أن يترفع الإعلام عن استخدام العامية وعامية العامية والعربيزي، وما شابه. بل بالعكس يجب أن يعمل على إعادة مكانة اللغة العربية بعد أن انتشر استخدام اللغة الانجليزية بين شبابنا.
  • تاريخنا العربي والإسلامي والسعودي مليء بالقصص التي يجب أن تُحكى لربط هذا الجيل الجديد بأرضه وتراثه وايصال مثل هذه القصص خارج حدود المملكة.
  • الاهتمام بالإنتاج في المجالات الثلاث السابقة وغيرها بحيث يكون هناك ما يناسب مختلف الأعمار ومختلف الأذواق.
  • تجارب عالمية لتوظيف الإعلام للحفاظ على التراث الوطني.

ثمة أهمية للاطلاع على تجارب الدول الأخرى في التعاطي الإعلامي مع التراث وكيف جعلت من تراثها مسوقاً لها؛ فهذا الاطلاع يجعلنا نتجه لمحاكاة بعض هذه التجارب الناجحة والاستفادة منها، والتفوق عليها أيضاً.

وفي هذا الإطار نجد على سبيل المثال أن عديد من الدول استخدمت الإعلام كوسيط أو وسيلة لتصدير تراثها وكذلك للحفاظ عليه. اليابان اختارت الألعاب الإلكترونية وقصص الانيمي. وفرنسا اختارت الفن والفعاليات الدولية والولايات المتحدة اختارت الفن.

دول مثل فرنسا وإيطاليا اختارت سياسة الدعم المباشر وغير المباشر. فرنسا اتبعت منهج شمولي بدأ منذ زمن طويل بحماية اللغة الفرنسية أولا وبإجبار المحطات التلفزيونية ببث ٤٠% من برامجها ببرامج محلية الإنتاج. كذلك فعلت إيطاليا. وكلا الدولتين قدمتا برامج تمويل وقروض ميسرة واعفاءات ضريبية لدعم الإنتاج المحلي.

الولايات المتحدة تدعم بشكل غير مباشر من خلال الصندوق الوطني للفنون والوكالات الحكومية السياسية؛ فمثلا وزارة الدفاع الأمريكية تسمح باستخدام قواعدها العسكرية في الأفلام السينمائية مجانا.

وبالإشارة إلى تجربة دولة قطر، فإن من يزور متحف الفن الإسلامي في قطر يعيش تجربة فريدة تجمع بين الجمال المعماري والثقافة العريقة والقصص التي تستهوي السياح ويشد لها الرحال من كافة بلدان العالم لحضورها والتي تنطلق على مدار العام حيث يتجسد التاريخ من خلال مشاهد قصصية.

كما يمكن التطرق لتجربة تونس في الصناعات التقليدية؛ حيث أصبحت قبلة تستهوي السياح، ورسمت لها خط بياني في ذلك، وجمعت بين التقنية والأيدي العاملة، وأصبحت مهن متوارثه تشرف عليها اتحادات الغرف الصناعية.

أيضاً وبالمقارنة مع دول أخرى في الحفاظ على بعض أنواع التراث؛ أصبحت المتاحف لها دور فعّال في التسويق والقوة الناعمة، والعائد المادي في بعضها؛ مثلاً في أمريكا هناك متاحف عن الهنود الحمر و”الأمريكان الأفارقة” وتأصيل ذلك بشكل علمي تاريخي؛ حتى أن جامعة جورج تاون تفرّعت بكلية خاصة بمسمى كلية الدراسات الأمريكية الأفريقية والتي كانت مجرد قسم في الأدب الإنجليزي؛ ومن خلال أعضاء هيئة التدريس كتبوا سيناريوهات لأفلام عظيمة عن مفاهيم تراثية… وهكذا. كذلك؛ بعض الدول لها اهتمام في الحدائق العامة الكبرى  National Parks وأثرها المجتمعي وإرثها التاريخي، وكتبوا عنها رسائل ومقالات كثيرة.

هذه التجارب واكبها إعلام متخصص يدرس سلوك الجمهور المستهدف ثم يركز عليه ويخلق دوافع ذاتية لديهم لجذبهم لهذه المنتجات، وفي عالم التسويق يلزم ما يعرف بوضع الخطط والإستراتيجيات المناسبة لتسويق منتج ما من خلال المزيج التسويقي بمكوناته الأربع الرئيسية وهي السلعة أو المنتج  Product، والسعر Price، والمكان  Place، وأخيراً الإشهار Promotion .

  • الإشكالات ذات الصلة بمسؤولية الإعلام في الحفاظ على التراث الوطني.

تلعب وسائل الإعلام بلا شك دورًا محوريًا في الحفاظ على التراث الوطني، إذ تجمع بين رسالتها الإعلامية ومسؤوليتها الثقافية تجاه الهوية التاريخية للمملكة. في ظل تسارع التطور الذي تشهده المملكة على كافة الأصعدة، تأتي الحاجة الماسة لحماية وصون التراث الوطني، الذي يمثل ثروة حضارية لا تقدر بثمن، ووسيلة لتعزيز الهوية الوطنية وربط الأجيال الحاضرة بماضيها العريق.

كما أن الإعلام يواجه تحديات كبيرة في هذه المهمة، حيث يتحتم عليه تقديم المحتوى الذي يعكس التراث الوطني بكل تنوعه وثرائه، سواء كان ذلك من خلال البرامج التلفزيونية، أو المقالات الصحفية، أو وسائل التواصل الاجتماعي. على مدار السنوات الماضية، نجح الإعلام في إبراز هذا التراث عبر تقارير وبرامج وثائقية تناولت العادات والتقاليد، المواقع الأثرية، الفنون الشعبية، والقصص التاريخية للمملكة.

والإعلام لم يقتصر على عرض التراث الوطني فقط، بل بات أيضًا أداة لتوعية المجتمع حول أهمية الحفاظ على هذا التراث في ظل التحديات الراهنة مثل العولمة والتكنولوجيا الحديثة التي قد تهدد بطمس الهوية الثقافية. ومن خلال الشراكة مع الجهات الحكومية المعنية، مثل وزارة الثقافة وهيئة التراث، أصبح الإعلام منصة لتعزيز الجهود الوطنية الرامية إلى تسجيل المواقع التراثية في قائمة التراث العالمي وحمايتها من التدهور.

علاوة على ذلك، يلعب الإعلام دورًا في إبراز دور المواطن في الحفاظ على التراث، حيث يشجع على المشاركة المجتمعية، ويعزز من شعور الانتماء والولاء للوطن عبر الاعتزاز بالموروث الثقافي والتاريخي.

وتجدر الإشارة هنا إلى مبادرة كنوز التي أطلقت في 2022 والهدف منها توثيق التراث الثقافي المحلي ونشره عبر وسائل الإعلام المختلفة، وقد أنتجت المبادرة عدد من الأفلام الوثائقية مثل: “نورس العرب”، و”ماذا يأكل السعوديون”، و”أطلس السعودية”، وغيرها من الأعمال.

أيضاً فقد انشئ الصندوق الثقافي ضمن مبادرات برنامج جودة الحياة، بهدف تنمية القطاع الثقافي وتحقيق الاستدامة من خلال دعم النشاطات والمشاريع الثقافية، ولتسهيل الاستثمار في الأنشطة الثقافية وتعزيز ربحية القطاع، وتمكين المهتمين من الانخراط في الأعمال الثقافية، وليكون للصندوق دوره الفاعل في تحقيق أهداف الاستراتيجية الوطنية للثقافة، وأهداف رؤية المملكة 2030.

كما توجد بعض البرامج الوثائقية السعودية المحلية والعالمية التي انتجت مؤخرا وحققت نجاحات ولكن القطاع المستهدف محدود، والملاحظ أيضا أن هناك حاجة لزيادة الدعم الحكومي لهذه النشاطات الإعلامية.

أيضاً فثمة خطورة في تناول بعض جوانب التراث إعلاميا مما قد يترتب عليه اشكاليات اجتماعية أو تشويه صورة لمجتمع ما أو نقل معلومات مغلوطة وتضخيمها، مثلا في عام 2016 سجلت اليونسكو لعبة المزمار الحجازية بوصفها لعبة شعبية على قائمة التراث الثقافي السعودي غير المادي. وحين ذاك غضب البعض واستخدم التواصل الاجتماعي في تشويه الأمر والإشارة إلى أن هذا المزمار افريقيا. وشُنت حملات لم تخلو من بذاءة وسباب لمن كانوا وراء ذلك التسجيل، دون أن يحيط هؤلاء بتفاصيل مهمة تتعلق بهذا المزمار.

ورغم النمو المتزايد  للأعمال التلفزيونية والسينمائية التي تعكس بطريقة مباشره أو غير مباشرة التراث العربي السعودي وهذا بدوره زاد من انتشار الثقافة ولكن قد يكون هنالك أخطاء في الصورة والانماط والشخصيات التي قد لا تمت للواقع بصلة، إما من خلال الشخصيات والممثلين الذين لا ينتمون للمجتمع السعودي؛ ولذا فثمة ضرورة لوضع اشتراطات لكل الانتاج السنيمائي والمسلسلات التي تستخدم الارث كمحتوى لها بوضع متخصصين ومستشارين أثناء التصوير بالإرث الوطني الذي ينتمي له سواء كان ذلك لغويا، أو معماريا أو حتى في الزي وطريقه اللباس لعدم ارتكاب اخطاء غير مقصودة قد تثير حفيظه المتلقي واستنكاره كما شاهدنا في بعض الأعمال السابقة.

لذا فإن الإعلام بكل وسائله ومنصاته يظل تناوله للتراث يحتاج لكثير من الانضباط والترشيد لكي لا يتم تناول ذلك بطرق وأساليب قد يستغلها البعض في الإساءة لجهات أو شخصيات أو للتراث نفسه.

وبالإشارة إلى دور الذكاء الاصطناعي في الحفاظ على التراث؛ حيث يتزايد الاستفادة منه حالياً في نشر المواد الإعلامية. ولتحسين دقة إجابات الذكاء الاصطناعي حول التراث السعودي، لا بد من رقمنة المحتوى التراثي بما في ذلك الوثائق التاريخية، والصور، والفيديوهات، والأعمال الأدبية، والقصص الشعبية، بالإضافة إلى الوثائق الحكومية والمقابلات الشفهية مع كبار السن والحرفيين التقليديين. كما يجب أن تتولى هذه المهمة مصادر موثوقة مثل المكتبات الوطنية، والمتاحف، والجامعات، والمؤسسات الثقافية.

الجامعات والمراكز البحثية السعودية المتخصصة في التراث الثقافي تقدم محتوى أكثر مصداقية من المقالات المنشورة على الإنترنت أو في وسائل التواصل الاجتماعي، والتي تعتبر أيضًا مصادر معلومات لأنظمة الذكاء الاصطناعي. لذا، من الضروري أن تعمل هذه المراكز على تحديث البيانات وتوسيع قاعدة المعرفة، بحيث يمكن استخدام أبحاثها الأكاديمية كمصادر مرجعية موثوقة.

معظم الأبحاث الجامعية السعودية في المجالات الإنسانية تُنشر في مجلات علمية لا توفر نسخًا إلكترونية بشكل مناسب أو تُنشر بصيغ غير قابلة للتحليل النصي، مثل صور البحث أو ملفات PDF غير القابلة للقراءة النصية. هذا يجعل الوصول إلى هذه الأبحاث واستخدامها في أنظمة الذكاء الاصطناعي أمرًا صعبًا أو مستحيلًا، مما يتطلب تحسين عملية النشر الرقمي لهذه الموارد.

والملاحظ في تعامل الإعلام السعودي مع التراث الوطني أنه حدده بفترة زمنية لا تتجاوز المئة سنة الماضية فقط. أن الدول التي نحب أن نزورها من أجل الاستمتاع بما تعرضه من تراثها المميز، إيطاليا، اليونان، مصر، تركيا، تشمل في تراثها الذي تعلن عنه وتستخدمه جوانب كثيرة وتعود لأزمنة مديدة ضاربة في القدم حسب حضارة كل منها.

وعليه فإن الإعلام يجب أن يكون حافظا لجميع جوانب الثقافة والتراث مهما ضرب في القِدم، نحن عرب ونحن مسلمون ونحن سعوديون، ديننا الإسلام ولغتنا العربية، وثقافتنا مزيج من ذلك بالنكهة السعودية. ولطالما حوربنا (إعلاميا) من أجل جوانب من ثقافتنا لم نستطع عرضها بطريقة صحيحة في إعلامنا، أو أصابها بعض التشويه من ممارسيها وحمل إعلامنا التشويه ونقله بدون عرض للصورة الحقيقية الأصلية، والذي كان بدورة سيكون له دور في إصلاح الداخل، والتأثير على الإعلام الخارجي لو تم انتاجه بالطريقة الصحيحة.

ولا يمكن تجاهل أن للتراث اقتصاديات، تُجلَب من خلالها منافع مباشرة وغير مباشرة للاقتصاد المحلي، على المستويين الوطني والمناطقي وخصوصاً في المحافظات والمراكز التي تحتضن مواقع التراث المادي وعناصر التراث غير المادي.

أما المنافع المباشرة فهي استقطاب الاستثمار لإحياء وتهيئة المواقع والبنية التحتية والخدمية، وعند التشغيل ستجلب تلك المواقع وظائفاً ودخلاً نتيجة لإنفاق السياح والزائرين، وبالتأكيد سينعكس ذلك إيجاباً على ميزان المدفوعات وعلى نمو الناتج المحلي الاجمالي، بل وسيساهم في استجلاب النمو من مصادر جديدة لم تكن مستغلة من قبل.

وعند التناول من هذه الزاوية الاقتصادية، نجد أن متطلبات نجاحها تتحقق بالشراكة والتعاضد بين جهات عدة، لعل الواضح منها هو منظومات الثقافة والسياحة والإعلام، أما غير الواضح والذي يتطلب استراتيجية طموحة قابلة للتنفيذ فهو انضمام جهات اضافية لإنجاح الجهد؛ وهي الجهات الاقتصادية والاستثمارية وفي مقدمتها وزارة الاقتصاد لوضع منظور “لاقتصاديات التراث في المملكة العربية السعودية”، وصندوق الاستثمارات لتطوير المواقع التراثية في طول المملكة وعرضها عبر جدول زمني وذلك كجزء من استراتيجيته في تنويع الاقتصاد الوطني، ووزارة الاستثمار لترويج الفرص الاستثمارية حتى يُقبل عليها القطاعين الحكومي والخاص.

ولعل المنفعة الأهم تكمن في أن تهيئة الثراء التراثي الذي تحتضنه المملكة سيوفر للإعلام محتوى عالي الجودة مراده ليس فقط إيصال رسالة بل كذلك دفع المتلقي للرسالة ليعرف أكثر ودفعه لزيارة المواقع التراثية وسيعود لبلده وتكون تجربته الإيجابية داعماً للصورة الذهنية، ذلك أن مجرد إرسال رسائل عن مواقعنا التراثية سيكون قاصراً إن لم تكن تلك المواقع نقاط استقطاب للمهتمين من أنحاء العالم.

إن الحفاظ على المورث المادي وغير المادي يحتاج إلى ثقافة عامة تنتشر بين فئات المجتمع كافة صغيرها وكبيرها رجالا ونساء. حتى تتأصل وتصبح راسخة في العقول. عندها فقط يمكن للعقول البشرية الوطنية لدينا أن تفكر بإبداعية عن كيفية توظيف هذا الفهم للحفاظ على الموروث. أهم قاعدة هي الفهم والاستيعاب والانفتاح على الآخر مهما كان مختلفا عما يألفه شخص ما. فالتنوع يعني الغنى. والمملكة ولله الحمد شاسعة المساحة وبكل جزء من ثراها حلت حضارة ما عبر التاريخ وسكنت وتوطدت وتركت بعضا من آثارها المادية التي ظلت قائمة حتى بعد تعاقب الزمن والحضارات المختلفة. الفهم العميق واحترام هذا الموروث المادي وغير المادي يجعلنا أكثر رقيا وينعكس ذلك في تعاملاتنا اليومية حتى إذا ما جاءنا زائر أو سائح وجدنا أكثر فهما وترحيبا باختلاف البشر وموروثاتهم.

الجهد المبذول لحد الآن من الوزارات المختلفة جيد وبإمكانه التطور والوصول إلى مستويات رائعة؛ ولكنه يتطلب الكثير من الجهد والعمل الدؤوب والصبر حتى تؤتي ثمارها.

دور الإعلام كبير جدا لإظهار الموروثات المادية وغير المادية. وطريقة تعاطي إعلامنا لإظهار موروثنا الوطني غير جاذب البتة. مع التقدير للجهد المبذول في بعض البرامج التلفزيونية التي تم تنفيذها؛ فإن الطرح التقليدي لا يجذب المشاهدين بل على العكس قد ينفرهم خاصة الأجيال الناشئة.

نحتاج إلى اتقان وإحسان في الإعداد. المسلسل السعودي “حارة الشيخ – 2016″   والمسلسل ” سفر برلك- 2022″ كانت تعكس حقب زمنية معينة من تاريخ المملكة وبعض منها رغم اجتهاد طواقم العمل درامياً؛ الا أن التفاصيل التراثية في الأزياء واللهجة وبعض الأماكن والديكور لم يكن متقنا. مثل هذه الأعمال يمكن توجيهها في توثيق التراث غير المادي كالعادات والتقاليد والاهازيج وطرق الاحتفالات والرقصات في مختلف مناطق المملكة بصورة ماتعة بصريا مع ضرورة احترام عقل المشاهد؛ لان هناك فئة وخاصة من كبار السن ممن يمكن الاستفادة من مخزون ذكرياتهم لتعزيز جودة المنتج.  وكي نحقق طموحات المملكة في استقطاب الزائرين والسياح لرؤية جمال مناطق المملكة المختلفة ومدى غناها سياحيا وإظهار كنوزها وموروثاتها المادية وغير المادية يجب أن نعمل أولا على تقبل الآخر في الداخل قبل الخارج؛ فالملاحظ حاليا أن وتيرة ونبرة العنصرية في ازدياد بين أفراد المجتمع الواحد. وهذه وحدها تهدم كل الجهود التي بذلت والتي ستبذل في مجال الحفاظ على المورثات المادية وغير المادية مالم يتم تخفيف هذه الوتيرة والقضاء عليها.

 

  • آليات مقترحة للإفادة من الإعلام في الحفاظ على التراث الوطني.
  • إن دور الإعلام في الحفاظ على التراث الوطني ليس فقط ضرورياً ولكنه أيضاً واجب وطني. ويجب أن يكون للإعلام دور فعّال في هذا السياق، من خلال دمج مختلف وسائل الإعلام التقليدية والحديثة لتعزيز رسالة الحفاظ على التراث وحمايته. والإعلام محمل بعبء ثقيل في ظل الحملات الشرسة والظالمة على المملكة وقيادتها.
  • الحديث عن الدور المأمول للإعلام يدخل فيما يمكن اعتباره “نظرة مستقبلية” متمثلة فيما يجب أن يقوم به الإعلام. وعلى الرغم من أهمية هذه النظرة وقيمتها، إلا أنه من المفترض أن يسبقها “نظرة واقعية” تتجاوز مجرد الوصف لواقع التناول الإعلامي للتراث، لتبحث في الأسباب لذلك الواقع بكل جوانبه الإيجابية والسلبية. وتقوم هنا على تحليل هذا الواقع من حيث نقاط القوة والفرص المتاحة للوسائل الإعلامية والمنافذ الاتصالية (التقليدية والرقمية) التي يمكن استثمارها، وأيضا نقاط الضعف في تلك الوسائل والمنافذ، والتهديدات التي يمكن أن تحد من تحقيق رسالتها.
  • يبرز الإعلام كأداة رئيسية للتوعية والتثقيف، حيث يمكنه نشر المعرفة بين أفراد المجتمع حول أهمية التراث والكنوز الثقافية التي تمتلكها البلاد. هذه التوعية ليست فقط للجيل الحالي، ولكنها تمتد أيضاً لتصل إلى الأجيال القادمة، مما يضمن استمرارية وعيهم بأهمية الحفاظ على هذا التراث. وهذا ما يحتم وجود استراتيجية ترسمها وزارة الثقافة ووزارة السياحة مع وزارة الإعلام حول ذلك.
  • بالنظر إلى أن وزارة الثقافة السعودية قد وضعت “التنوع والثراء الثقافي ركيزةً في بناء الاستراتيجية الوطنية للثقافة؛ وحدّدت في ضوء ذلك 16 قطاعاً ثقافياً، هي: الموسيقى، والفنون البصرية، والمسرح والفنون الأدائية، والأزياء، وفنون العمارة والتصميم، وفنون الطهي، والأفلام، والتراث، والمتاحف، والمكتبات، والكتب، والنشر، والأدب، واللغة، والترجمة، والمواقع الثقافية والأثرية، والتراث الطبيعي، والمهرجانات والفعاليات الثقافية”. وقسمت على 11 هيئة تابعة للوزارة. هذا إذا أخذنا المعنى الشامل للثقافة. فإن كل هذا يحتاج للترويج الإعلامي ولا بأس باستخدام الأساليب التسويقية في ذلك.
  • تنسق هيئة التراث لورش عمل تشاورية يشارك فيها كل أصحاب المصلحة بدء بوزارتي الثقافة والسياحة والهيئات المرتبطة بها، ومرورا بالجمعيات الأهلية المعنية بالتراث، وانتهاء بهيئات الإعلام السعودي ومؤسساته الحكومية والخاصة، وذلك للخروج برؤية استراتيجية للعمل الإعلامي والاتصالي للتراث. ومن المهم استمرار هذا النهج في المستقبل.
  • ‎يلعب الإعلام دوراً مهماً في الترويج للمواقع التراثية والتاريخية من خلال تسليط الضوء على قيمتها الثقافية والاقتصادية. يستطيع الإعلام أن يشجع السياحة الثقافية ويعزز من تقدير المجتمع لهذه المواقع باعتبارها جزءاً لا يتجزأ من الهوية الوطنية. ومن هنا يمكن الاستفادة من صندوق الاستثمارات العامة في تمويل مشاريع تدعم هذا التوجه.
  • ‎ يتحمل الإعلام مسؤولية الدفاع عن التراث الوطني من خلال تسليط الضوء على التهديدات التي قد يتعرض لها، سواء كانت ناتجة عن الإهمال أو التجاوزات. وهذا الدور الدفاعي يساهم في تشكيل وعي جماعي بضرورة حماية هذه المواقع والحفاظ عليها من أي خطر قد يهددها.
  • توثيق التراث عملية جد معقدة وتحتاج المزيد من البحث لأن المصادر في الغالب كتبت في أزمنة مختلفة ووفق مصادر متنوعة غير موثقة. لذلك هناك جهود إعلامية مبعثرة هنا وهناك من جهات إعلامية عديدة ومن أفراد مجتهدين وقنوات إعلامية. المؤمل أن وزارة الثقافة تعمل على التوثيق والحفظ وإتاحة الفرصة للإعلام والنشر في تولي ما في جعبتها من عمل موثق.
  • تكليف فريق يضم في عضويته ممثلين لأصحاب المصلحة في العمل الإعلامي والاتصالي للتراث، مع خبراء متخصصين في التخطيط الاستراتيجي، وخبراء بالاستراتيجيات الاتصالية والإعلامية، لوضع خطة استراتيجية على مدى خمس سنوات قادمة وتشتمل على الرؤية والرسالة والمنطلقات الاستراتيجية للعمل الإعلامي والاتصالي للتراث، ومن هذه الرؤية تخرج الأهداف الاستراتيجية لتكون الأساس لسلسلة من المبادرات التي يتم تحويلها إلى مشاريع.
  • وضع خطة تنفيذية تشمل الجدول الزمني لتنفيذ تلك المشاريع الاستراتيجية، مع تحديد مسؤوليات التنفيذ والميزانية التقديرية لها، وآليات التقييم قبل وأثناء وبعد التنفيذ، ومؤشرات الأداء.
  • إن أحد أهم قواعد الحفاظ على المورث التراثي يمكن تحفيزه بخلق المنافسة الإيجابية بين المناطق والبلدان من خلال الموروث الخاص بكل بلد، مثلما هو حاصل في بلدان نجد على سبيل المثال واستثمار المواسم ذات العلاقة، فهذا “موسم التمور” وهذا “موسم الحمضيات” وهذا “موسم الربيع”، ومن خلالها يتم الاعتناء بل تطوير الموروث الثقافي لكل بلد. وقد يكون من المناسب ضرب مثال على ذلك من خلال بلدة “القصب” وهي المدينة الوادعة في المحمل، وكيف استطاعت من خلال “موسم الملح” الذي يقام فيها سنوياً ترويج الموروث الذي قامت عليه، وبنت عليه فعالية اجتماعية واقتصادية تستحق الدراسة. فعرف الزوار من خلال هذا الموسم؛ “الملح” وتاريخه وارتباطه بالبلدة (موروث مادي)؛ وعرفوا “حميدان الشويعر” شاعر نجد المعروف وقاضي الملك عبدالعزيز” بن زاحم” (موروث ثقافي)، وحقق الموسم زيارات قياسية تقارب المائة الف زائر لبلدة يقارب عدد سكانها خمسة الاف. وكل ذلك بتعاضد ومبادرة وجهود أهل البلدة، ودعم الجهات الحكومية فيها، لكنها تمت بطريقة احترافية من خلال تعيين شركة منظمة واستقطاب أبناء وبنات المنطقة لصنع هذا الحدث.
  • أن التراث واحد من أهم عناصر الثقافة والهوية الوطنية. ولا يقتصر التعريف به على الإعلام فحسب بل التعليم والسياسة والاقتصاد. الإعلام دوره بلورة الوعي بقيمة التراث في الهوية الوطنية، وايضاً توظيفه كعنصر استثمار في الصناعة السياحية والاقتصاد. ويمكن أن يتعرض دور الإعلام اليوم لإعادة تعريف تتماشى مع الأوعية الجديدة لإنتاج وتسويق المعلومات والصور والأفكار. وهذه الأوعية (الوسائل) تتغير من حين لآخر حسب تطورات تقنيات الاتصال. لأننا الان نخوض تجربة المواطن الصحفي، وهو الذي يقوم بتقويض الأدوار التقليدية لوسائل الإعلام. التراث كقيمة وطنية وانسانية قد يحتاج لمشروع تسويق وطني الإعلام أداة من أدواته.
  • ⁠الاهتمام بالتراث في كل منطقة من مناطق المملكة، فالمملكة تكاد تكون قارة يختلف التراث في كل منطقة عن المناطق الاخرى وهذه ميزة مهمة، قد يعني هذا السماح بإنشاء قنوات تلفزيونية تراثية في كل منطقة وتوجيه الإمارات لدعم النشاطات التراثية في مناطقهم. ويلحق ذلك الاهتمام بإنشاء الجمعيات التراثية التي لا تهدف إلى الربح في كل مناطق المملكة.
  • رفع مستوى الاهتمام بالمتاحف الخاصة لأنها انعكاس للتراث في مناطق المملكة المختلفة ولارتفاع أعدادها ونوعية معروضاتها.
  • ضرورة تكثيف البرامج الإعلامية التي تعمل على احياء التراث وتحفيز وتشجيع المهتمين والمنتجين للتراث والأعمال اليدوية واحترام أصحابها.
  • العمل على ايجاد جهات علمية متخصصة تعنى بتشجيع البحث العلمي في مجال التراث ونشر البحوث العلمية المتعلقة به وتوجيه البحث العلمي نحو دراسة التراث العلمي والعمراني وتصميماته الواسعة والزراعي وآلات الزراعة والأزياء وغيرها من الحرف والمهن في السعودية قديماً؛ حتى تكون نتائج البحث العلمي دليل على مكانته كماضي أساس لمستقبل زاهر.
  • تصوير بعض الفعاليات والمناسبات داخل المناطق الأثرية بما يلفت النظر للمنطقة حتى لو لم يتحدث الضيوف عنها إلا بشكل مقتضب، ويفضل طبعاً أن يكون الإخراج محترف بحيث يخرج اللوحات والمناطق الخلابة سواء كانت خضراء أم صفراء جرداء، أو مبنى قائم أو جرف منهدم.
  • ثمة إمكانية لإنتاج أفلام وثائقية احترافية أو عن طريق إلباسها هي لباس اللعبة مثل (البحث عن الكنز) بحيث يكون برنامج سياحي عبارة عن رحلة محفوفة بالمخاطر وفي ذات الوقت تعرف بالمكان والمنطقة بطريقة غير مباشرة، وتعطي معلومات عن التراث. أو عن طريق رحلة يقوم بها مجموعة مشاهير محترمين من الشباب الصغار يجوبون أرجاء الوطن للبحث عن الكنز المفقود.
  • الاستفادة من كتب الرحالة السعوديين والعرب والغربيين وتحويل مذكراتهم إلى برامج جذابة نخدم بها تراثنا العريق.
  • الدعاية للأفكار القديمة وإعادتها في الأعياد بعد التقصي عنها واستيعابها وتصويرها في حينة وذلك بالإنفاق مع عُمد الأحياء، ثم توزيع الجوائز على الأحياء الفائزة في الإبداع في إحياء التراث.
  • الاستفادة من برامج المسابقات بتوجيهها وتخصيصها للتراث؛ كأن تعرض صورة منطقة أثرية في السعودية والمتسابقين يجيبون عليها من الاختيارات المطروحة، أو فيما يتعلق بأواني الطهي القديمة وأدوات الزينة كأن تظهر على الشاشة صورة مكحلة قديمة ويسأل عن اسمها مثلا؟ أو في أي منطقة ويختار المشارك من خيارات متعددة؛ المهم أن يسبق المسابقة إعلان بأنها ستكون في مجال التراث وعلى المتسابق الاستعداد باكراً.
  • طرح مسابقة للشباب عن (أفكار لبرامج إبداعية تراثية) وتعميم المسابقة على المدارس، ومناقشة كل الأفكار التي يتقدمون بها علناً بعد إجازتها من قبل اللجنة المشرفة على غرار برنامج (ارب ايدول) وأن يتم التصويت والتحفيز والدعاية لهذا البرنامج وتعيين فريق متخصص في الآثار وكذلك في الإعلام للتقييم والإجازة.
  • إنشاء وسم (هاشتاق) تضعه وزارتي الإعلام والثقافة على حسابهما في مواقع التواصل، تعاد فيه كل برامج التراث بعد تهذيبها وتقليل زمنها ونشرها على منصة x خاصة برنامج (على خطى العرب).
  • الاستفادة من الرسامين في رسم الأماكن التراثية على الجدران داخل المدن، وكل مدينة متخصصة برسم تراث مدينتها وتحت كل لوحة جدارية معلومات وافية وروابط وأكواد للاستزادة. (مثلاً المصمك خاص بالرياض) على أن تؤخذ أسماء الموهوبين من (وزارة التعليم وموهبة ومخرجات الإعلانات على مواقع التواصل والقنوات الرسمية).
  • إعادة فكرة (صندوق العجائب) من خلال إنتاج برنامج للأطفال على أن يحوي الصندوق الذي يدور مجسمات تراثية وتضم الصالة أطفال سعوديين، يقدم البرنامج رجل يلبس الزي التراثي القديم، وحبذا لو كان اللون (بني وأبيض حتى يوحي بالقدم، مع تطعيم البرنامج بفقرات مشاركة من الأطفال فيما لو شجعهم أهاليهم على حفظ بعض الأبيات القديمة لشعراء سعوديين قدماء. أما لو جلب الصغار معهم شيئاً من التراث من منازلهم وتحدثوا عن قصته فستصبح الفكرة هائلة.
  • إنشاء بنك لحفظ التراث الشعبي الموجود لدى الناس، يستقبل ما يفيض لديهم ويخافون عليه؛ للمحافظة عليه ودفع رسوم سنوية لأولئك، مع بقاء ملكيته لهم إلا إذا تنازلوا هم من خلال محضر رسمي، مع وضع اسم الشخص الذي أحضره تحت المجسم.
  • إعادة إنتاج القديم من الذكريات، والاستثمار في مشاعر الحنين؛ من خلال الاستفادة مما لدى الناس في مخازنها من أدوات قديمة ومما لدى المحلات الأثرية التي لا يرتادها أحد، وجمع تلك القطع الأثرية والأثاث القديم وضمه داخل هذا البيت القديم، (على أن يتواكب مع طابع كل مدينة). ويحتوي على الغرف والصالة والأثاث القديم والمطبخ القديم ويضم أدوات الأجيال السابقة عند الدراسة (كراسات وكتب ودفاتر ومساحات وبرايات وفرش ومطارح ومخدات وألعاب وأحذية ودواليب..) ويمكن تسميته بـ (الروشن) وألا يفتتح أبوابه إلا في العطلة الأسبوعية فقط لنجعل منه شيئاً عزيزاً، وهذا المنزل يرتاده الزوار ويتجولون فيه، ويتناولون فيه الوجبات الشعبية في ساحة عامة مفتوحة وليست مغلقة.
  • إقامة متحف ومعرض مخصص للرحالة السعودي العظيم محمد العبودي الذي رحل لكل بلاد الدنيا ثم رحل عن الدنيا، مخلفاً وراءه ثقافة لا تضاهى، وعصارة عقود من السنين في الرحلة والتدوين، هذا المعرض سيقدم فائدة ومرجعاً للدراسات الاجتماعية والنفسية والاثنولوجيا (الأعرق والشعوب) ولا شك أنه سيكون مرجعاً عظيماً لمن أراد أن يتعرف على عادات الشعوب وصفاتهم؛ فيستفيد من طبائعهم، ويأمن شرهم. كما أن فيه فائدة عظيمة للسياحة والتراث؛ ففيه معلومات عن أغلب البلدان، وذلك من خلال إقامة معرض للصور التي التقطها وتكبير الصفحات التي كتبها ووضع كل بلد في مكان مخصص وتقديم المادة الصوتية (كما تفعل المتاحف والسماعات الشخصية) وجزء من المعرض مكتبة لكتبه التي بلغت حوالي ٢٥٠ كتاباً؛ فهذا الرحالة السعودي ترك ثروة ثقافية ينبغي أن تُكرّم، وأن يُعتنى بها. كما ينبغي استثمارها لصالح مشاريعنا الحضارية، ويمكن تسميته (حول العالم) على أن يكون جزء من الريع لأهله وورثته، وفاء من المملكة له ولذويه.
  • حث مؤسسات المجتمع المدني وخاصة في الأرياف على إطلاق منافسات علمية وبرامج إثرائية في مجال التفكير العلمي وتنمية مهارات تطبيقية وتصميم نماذج ابتكارية.
  • التراث العربي والإسلامي والسعودي، كل متكامل وأساسي في تشكيل هوية الأجيال من أطفال ويافعين وشباب. لابد من نقل هذا التراث وإحيائه كجزء من حياتهم وتكوينهم. وللإعلام دور كبير في اعادة تقديم هذا التراث في الأعمال الإعلامية والمسرحية والأدبية وباستخدام وسائط التقنية الحديثة. كما أن إدخال التراث كجزء من المناهج التعليمية مطلب أساسي.
  • إحياء الألعاب الشعبية وإعادة إنتاجها، وكذلك إعادة إنتاج الحكايات الشعبية، بأسلوب عصري، والعمل على تداولها وتقريبها من حياة الطفل. وقد سبق للجنة ثقافة الطفل في وزارة الثقافة والإعلام منذ عدة سنوات العمل على إعادة صياغة ونشر الحكايات الشعبية لبعض الرواد مثل عبدالكريم الجهيمان وفريدة فارسي وغيرهم، فتم إعادة إصدار أعمالهم في الحكايات الشعبية بحلة جديدة، وتم تكريمهم في حفل عام.
  • من الضروري أن تتكامل جهود الإعلام مع جهات أخرى فيما يخص التعريف والاعتزاز بالتراث السعودي والمحافظة عليه، ونقله للعالم بشكل مدروس ومنظم. وفي هذا الصدد نجد أن وزارة الخارجية قامت بدور كبير وهام بتعريف العالم بتراثنا الوطني، من خلال الهدايا المقدمة للملوك ورؤساء الدول والوزراء وكبار المسؤولين من الضيوف الأجانب. وكما جرت العادة،، تكون عبارة عن هدايا تذكارية متنوعة، إما مجسمات لأماكن تراثية في المملكة، كباب المصمك، وبوابة الدرعية. أو قد تكون سيف أو خنجر أو إكسسوارات من التراث السعودي، أو لوحات تمثل بيئتنا التراثية.  وغيرها الكثير من الهدايا المتنوعة والتي يصعب حصرها هنا. لكن تعبر عن اعتزازنا وفخرنا بتراثنا الغني وتقديمه للعالم بشكل جميل. لذلك يمكن أن تقوم كل وزارة بربط الهدايا المقترحة لضيوفها، بطبيعة عملها بالتنسيق مع القسم الإعلامي لديها؛ فعلى سبيل المثال: تقوم وزارة الزراعة بتقديم علب فخمة تحتوي على التمر السعودي والقهوة السعودية، مع قصاصة صغير تعرض نبذة صغيرة عن نوع التمر الموجود مع عرض مبسط لأهم أنواع التمور التي تشتهر بها المملكة ونوع البن السعودي وأماكن زراعته، وكتيب صغير يستعرض أهم الأكلات التراثية السعودية. كذلك تكون هدايا وزارة الثقافة عبارة عن كتب لأهم الكُتاب السعوديين ونبذة مختصرة عنهم. وتشمل هدايا وزارة السياحة مجسمات تراثية سياحية لقصر سلوى وأماكن مختارة من العلا وحي طريف. أما وزارة البلدية والقروية والإسكان فمن المقترح، أن تكون هداياها عبارة عن مجسمات من وحي البيوت الطينية والعمارة النجدية وغيرها من طرق البناء التراثي الذي اشتهرت به السعودية قديمًا. وهذه مجرد مقترحات بسيطة، لكن سيكون لها دور هام للغاية؛ بحيث تكون كل الوزرات والهيئات الحكومية قامت بدور كبير في المحافظة على تراثنا المتنوع والغني، وتوصيله لكافة دول العالم.
  • تمكين الكوادر السعودية في مجال تنفيذ الإعلام الثقافي وإدارة الإعلام الثقافي، لأن غياب التنفيذ المتقن يهدم أي منتج ثقافي مهما استثمرنا فيه ماديا أو يجعل نجاحه سطحيا غير مستدام.
  • جذب الشراكات لرعاية المنتجات الثقافية، فالاستثمار في المنتجات الثقافية سابقا كانت خطورته عالية لغياب حوكمة القطاع وتشريعاته، أما الآن فالوضع مختلف ومبشر بالخير.
  • تشجيع المبادرات الفردية لحفظ التراث في مختلف مناطق المملكة ومأسستها قدر الإمكان.
  • وضع إطار وطني يستهدف إحياء التراث، ووضع آليات للتكامل المؤسسي بين الجهات ذات الصلة بنشر الثقافة وتعزيز دور التراث في تشكيل العقل الجمعي والشخصية الوطنية.
  • العمل على الاستفادة من الدراسات التي تناولت الإعلام ودوره في تعزيز التراث والهوية الوطنية، ووضع خطط تنفيذية لتطبيق المبادرات التنموية التي انتهت إليها الدراسات والأبحاث.
  • توجه وسائل الإعلام إلى الوسائل الحديثة الجاذبة للشباب وللأطفال لبناء قاعدة تراثية وتحقيق الوعي تجاه هذه الموروثات الوطنية من الأمثلة لذلك:
  • أن تكون هناك دعايات للتراث الوطني على Snapchat وTikTok وغيرهما بشكل فواصل وومضات كما هي الحال مع دعايات المنتجات الاستهلاكية من ملابس وغيرها .
  • توجيه مشاهير وسائل التواصل للمشاركة في تحقيق هذه الرسالة من خلال زيارة مواقع التراث والتعريف بها بشكل عام ليصل هذا الموروث إلى غالب من يتابع هؤلاء المشاهير.
  • ‏استثمار الفعاليات الترفيهية والفنية المقامة في المملكة لتقديم:
  • مواد إعلانية قصيرة على المسارح وغيرها.
  • تقديم مسابقات لأفضل الأعمال التي تغطي بعضا من هذه الموروثات الثقافية وتكون عبارة عن أفلام قصيرة ولوحات فنية.
  • استثمار الانتشار الرياضي العالمي لكرة القدم السعودية ونشر ثقافة التراث الوطني بكل أشكاله.
  • أن يكون للإعلام الجديد مشاركه فاعلة من خلال الرسائل النصية المحفزة – المشاهدة والمسموعة – التي تقدم فيها الرسالة بشكل سريع ومختصر توصل للمجتمع رسالة مفادها أهمية الحفاظ على التراث.
  • تزويد المناهج الدراسية بموضوعات متعلقة بالتراث وأهمية الحفاظ عليه حتى على مستوى التعليم الجامعي.
  • أن يكون لأقسام الإعلام في الجامعات دور في الاهتمام بالتراث والحفاظ عليه، داخل الجامعة وخارجها؛ خاصة بعد فتح أقسام إعلام رقمي تواكب التغير وتطلعات الشباب.
  • تفعيل الأعوام الثقافية الخاصة بالموروثات الوطنية وتقديمها بما يليق بالتطور الإعلامي العالمي الحالي مثل: عام الإبل وتقديم مواد موائمة للعصر.
  • إعادة غربلة وتطوير القنوات التلفزيونية المحلية مثل: الصحراء والساحة لتحقق رسائل عدة منها نشر الوعي وتوثيق بعض المناسبات كسباق الإبل وتصوير بعض العادات والثقافات مثل اللباس والطعام والفولكلور وغيرها بصورة تليق بالسعودية الحالية.

 

  • التوصيات
  • الاهتمام بإنتاج محتوى إعلامي سواء وثائقي أو درامي أو كرتوني أو مطبوع أو تلفزيوني أو إذاعي أو عبر التواصل الاجتماعي أو باستخدام الذكاء الاصطناعي أو مسابقات حول التراث بأنواعه، بطريقة مهنية وراقية وذات جودة عالية مع تمتعها بالجاذبية والأصالة (دقيق، حقيقي).
  • إشراك المجتمع المدني ودعمه سواء في المدن أو الأرياف من المهتمين بالتراث مثل الجمعيات والخبراء وأصحاب المقتنيات والحرف والشباب والكبار والباحثين وغيرهم في المساهمة بحفظ التراث وإبرازه وتوثيقه وتوفير فرص التدريب وتغطية هذه الجهود إعلامياً.
  • صناعة كفاءات إعلامية متخصصة ومهنية.
  • توفير الدعم والاستثمار المالي للمواقع التراثية في كافة أنحاء المملكة والترويج لفرص الاستثمار، وإشراك الإعلام وتطويره في تغطية الفعاليات والأماكن والمبادرات التراثية.
  • التعاون وإقامة شراكات استراتيجية بين المؤسسات المعنية بالتراث والقطاع الخاص والقطاعات الحكومية والإعلام لتبادل المعلومات والخبرات والموارد وتنظيم البرامج والفعاليات ورفع الوعي بأهمية التراث السعودي.
  • رقمنة وتوثيق المحتوى التراثي الخاص بالمملكة.
  • الاهتمام بإقامة المتاحف المتخصصة في التراث.
  • تشجيع البحث العلمي في مجال التراث والتخصصات العلمية في الجامعات.
  • نقل التراث للأطفال عبر وسائل الإعلام المختلفة المناسبة لفئات الأعمار وبناء المنظومة في أدب وثقافة ولغة الطفل التي تهتم بالتراث العربي الإسلامي السعودي والاهتمام بالتراث في المناهج وأنشطة المدارس.
  • تبني مفهوم الاستدامة التراثية للوزارات والعمل الدبلوماسي عبر الهدايا التي تعرف بالتراث السعودي.
  • تشجيع السياحة الثقافية والتعاون الوثيق بين وزارتي السياحة والإعلام.
  • تحفيز الإدارات المحلية على الحفاظ على ما لديهم من أماكن وعادات تراثية لتكون مراكز جذب سياحي وثقافي ومصادر عمل لأبناء المنطقة.
  • وضع إطار وطني يستهدف إحياء التراث.
  • وضع خطط تنفيذية لتطبيق المبادرات التنموية التي انتهت إليها الدراسات والأبحاث حول دور الإعلام في تعزيز التراث والهوية الوطنية.
  • أن تؤسس هيئة التراث بوزارة الثقافة جائزة سنوية لأفضل “مجتمع محلي” في المحافظة على تراثه المادي وغير المادي وخدمة هذه الجائزة إعلامياً بشكل واسع.
  • القيام بدراسة الوضع الراهن والواقع ومن ثم وضع خطة استراتيجية على مدى خمس سنوات قادمة وتشتمل على الرؤية والرسالة والمنطلقات الاستراتيجية للعمل الإعلامي والاتصالي للتراث، ومن هذه الرؤية تخرج الأهداف الاستراتيجية لتكون الأساس لسلسلة من المبادرات التي يتم تحويلها إلى مشاريع، ووضع خطة تنفيذية تشمل الجدول الزمني لتنفيذ تلك المشاريع مع تحديد مسؤوليات التنفيذ والميزانية التقديرية لها وآليات التقييم ومؤشرات الأداء.
  • إنشاء مركز زوار إعلامي للسياحة والتراث والثقافة في كل مدينة منطقة وكل محافظة.
  • الاستفادة من مواقع التواصل الاجتماعي والمناسبات الدولية التي تستضيفها المملكة والفعاليات الترفيهية والفنية والرياضية في الترويج وإبراز التراث السعودي المتنوع.

  


 

  • المشاركون.
  • الورقة الرئيسة: د. زياد الدريس
  • التعقيب الأول: د. إبراهيم البعيز
  • التعقيب الثاني: د. سعيد الغامدي
  • إدارة الحوار: أ. مها عقيل
  • المشاركون بالحوار والمناقشة:
  • د. عبدالله محمد العمري
  • أ. فهد الاحمري
  • د. سعيد مزهر
  • د. عبد الرحمن الشبيب
  • أ. احمد إبراهيم المحيميد
  • د. صدقة فاضل
  • د. مساعد المحيا
  • د. فوزية الدوسري
  • د. فهد الغفيلي
  • د. عبدالعزيز الحرقان
  • أ. حمد السمرين
  • د. صالحة آل شويل
  • د. عبدالعزيز العثمان
  • د. عبدالاله الصالح
  • د. وفاء طيبة
  • د. احسان بوحليقة
  • د. فهد اليحيا
  • أ. محمد ناصر الاسمري
  • د. مشاعل العيسى
  • د. خالد آل دغيم
  • د. عبدالرحمن العريني
  • د. أماني البريكان
  • اللواء عبدالله المهنا
  • د. هند الخليفة
  • أ. فائزة العجروش
  • د. زياد الحقيل
  • م. أسامة كردي
  • م. إبراهيم ناظر
  • د. سعود الغربي
  • أ. سارة العبدالكريم
  • د. محمد الثقفي
  • د. عفاف الانسي
  • د. فيصل المبارك
  • د. نادية الشهراني
  • أ. عبدالله الضويحي
  • د. خالد المبيض
  • د. عبير برهمين
  • د. فهد القاسم
  • د. لمياء البراهيم
  • د. خالد بن دهيش
  • د. محمد المعجل
  • د. طلحة فدعق
  • أ . سليمان العقيلي
  • د. نوال الثنيان
  • د. لولوة البريكان