أصدر ملتقى أسبار (إحدى المبادرات التابعة لمركز أسبار للبحوث والدراسات)، تقريراً علمياً جديداً باللغة العربية حول أهمية مراكز الفكر في أوقات الأزمات، جاء خلاصة للنقاشات التي نظمها وشارك فيها نخبة من الخبراء والباحثين والمسؤولين في عدد من مراكز البحوث والثنك تانك (Think Tanks) السعودية.
وتناول التقرير النشأة التاريخية لمراكز الفكر في العالم التي مرت بأربع موجات، انطلقت أولاها قبل الحرب العالمية الثانية، فيما حلَّت الثانية على الساحة في دول منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية بعد الحرب العالمية الثانية، أما الثالثة فجاءت في أواخر السبعينيات كطفرة في مراكز الفكر في جميع أنحاء العالم، في حين مثلت الموجة الرابعة التي حدثت مع حلول الألفية الجديدة مرحلة عبور مراكز الفكر للحدود.
وعرج التقرير على تعريف مراكز الفكر، مبينا أنها مؤسسات تسعى إلى تطوير الأفكار الإبداعية لحل المشكلات المعقدة، من خلال ما تقوم به من إنتاج للمعرفة والبحث العلمي والدراسات، التي قد تتضمن توجيهات أو توصيات معيَّنة حول قضايا محلية ودولية؛ بهدف تمكين صانعي القرار من صياغة الإستراتيجيات ورسم السياسات والبرامج.
وأكد التقرير على أهمية الدور المحوري الذي تلعبه مراكز الفكر، لافتا إلى أنها أصبحت تُشكِّل أحد البدائل المهمة في تطوير الدول، وتقييمها للبحث العلمي، واستشراف آفاق المستقبل، حتى أصبحت ضرورةً مُلِحة في ظل تنامي دور المعرفة والإبداع في العمل والاقتصاد.
واستعرض التقرير بعض تجارب مراكز الفكر بدول الخليج ، مبيناً أنه على الرغم من الاهتمام الذي أولته إياها لمراكز الفكر في العقدين الماضيين، إلا أنه يكن اهتماماً كافياً؛ بل ويبدو متواضعاً وخجولاً ، إذ لم يؤد إلى الاستقلالية المطلوبة، بحيث تصبح هذه المراكز علامة بحثية بارزة، عازيا السبب في ذلك لعدم اعتراف الحكومات الخليجية بقدرات تلك المراكز التي لم تهيئ لها البيئة الخصبة لكي تنمو ويقوى عودها.
كما سلط التقرير الضوء على مراكز الفكر السعودية ، مؤكداً أنها بدأت منذ ٥ سنوات تقريبا أفقا جديدا تمثل في رؤية 2030 التي من المقرر أن تقود المجتمع إلى عوالم مستقبلية جديدة ومتنوعة يتطلب معها الالتفات إلى هذه المراكز بشكل جدي وسريع، عبر تمكين القائمة منها من الاستمرار والازدهار، ولاسيما غير الحكومية، أو غير المدعومة من الحكومة.
ولفت التقرير إلى الدور الكبير الذي اضطلعت به مراكز الفكر على مستوى دول العالم لمواجهة آثار وتداعيات فيروس كورونا “كوفيد 19″، وذلك عبر تقديم مبادرات وتنظيم فعاليات وندوات فكرية، وإصدار سلسلة متنوعة من التقارير والمقالات النوعية حول الأزمة وآثارها على كافة المستويات اقتصاديًّا وصحيًّا واجتماعيًّا.
وخلص التقرير لعدد من التوصيات أبرزها ضرورة تعزيز القناعة بالدور المنوط بمراكز الفكر، والاهتمام أكثر بمنتجاتها لدعم اتخاذ القرار، ورسم السياسات ، لافتا إلى ضرورة عمل تلك المراكز على تطوير أدواتها البحثية.
كذلك أوصى التقرير بسرعة العمل على معالجة أزمة تمويل مراكز الفكر ومؤسسات البحث العلمي الخاصة (غير الحكومية) وذلك عبر تنمية مواردها، والبحث عن خيارات بديلة تساعدها على تشغيل نفسها وتجاوز صعوباتها المالية، وذلك عبر منحها قروضا طويلة الأجل، أو إقامة أوقاف خاصة بها، وكذلك إعفائها من الضرائب والرسوم لضمان استمرار عملها.
التقرير متاح بالضغط على الغلاف ليتم تحميله: