نظّم “ملتقى أسبار”، مساء الأحد الموافق 16 فبراير 2025، ندوة إلكترونية سلّطت الضوء على تداعيات أطروحات ومشاريع الرئيس الأمريكي دونالد ترامب الأخيرة بعد عودته مجدداً إلى البيت الأبيض، التي تستهدف “تهجير سكان فلسطين من أرضهم”، وذلك بمشاركة نخبة من المختصين في الشأن السياسي الدولي.
وانطلقت الندوة من الأسس التي قام عليها مشروع تهجير سكان غزّة، حيث أشار الباحث والكاتب أ. حاتم رشيد إلى أن التهجير عنصر تكويني ثابت في الأيدلوجية الصهيونية، فاليهود الصهاينة قدوا إلى فلسطين تحت عنوان واضح ومحدد، “هذه أرضٌ لغير الشعب، لشعبٍ بغير أرض”. وقد كانت البدايات المبكرة للمشروع الصهيوني في ثلاثينيات القرن الماضي، حيث أتت من قبل زئيف جابوتينسكي الذي كان يؤمن بنظريته “الجدار الحديدي” التي تتبنى العنف كخيار في التعامل مع العرب الذين سيُرغمون على التعايش مع الصهاينة بقوة السلاح، حسب زعمهم.
من جهته تحدّث د. سعد بن طفلة عن أوجه الرفض العربي الإسلامي والأوروبي ومنطلقاته لفكرة التهجير، حيث قال: “عربياً.. نحن نعيش حالة من الرفض المؤقت الذي ينطلق من كون فلسطين دولة معترف بها من قبل 147 دولة، وهذه الدول لا تقبل أن ترحّل شعوبها تحت أي مبرر وأن تُخرج من أراضيها”. وأشار إلى أن قرار تهجير الشعب الفلسطيني يعتبر انتهاكاً للقانون الدولي، ولقرارات مجلس الأمن، ومبادئ حقوق الإنسان. كما أشاد بالدور المصري “الصلب” برفض التهجير منذُ اليوم الأول لحرب الإبادة على غزّة.
في المقابل وصف د. عبدالمنعم سعيد النظام الدولي بـ “الفوضوي”، مشيراً إلى أنه بدون توافق بين الأطراف، تصبح القوة هي الأساس. وقال “إننا أمام لحظة حرجة جداً ليس فقط في القضية الفلسطينية، وإنما أيضاً في النظام العربي المنقسم”، مضيفاً “إن القمة العربية لا ترسِ استراتيجية أبداً، لكن الذي يرسيها حالياً هي مجموعة الدول الخمسة (مصر، السعودية، الإمارات، الأردن، قطر) والجامعة العربية، من خلال لعبها أدواراً مهمة في الوساطة وعمليات الإغاثة”. كبديل لمشروع التهجير، شدد سعيد على ضرورة أن يكون لدى العرب تفاعلاً ديموغرافياً عملياً يستطيعون إعادة الفلسطينيين إلى أراضيهم مجدداً، في حال أراد اليهود إخراجهم منها.
ووصف د. عبدالعزيز بن صقر مشروع التهجير “بتوسّعي والخطير”، حيث إنه يهدف في مرحلته الأولى إلى ضم غزة والضفة الغربية والجولان، وتوطين اليهود بشكل أكبر فيها وضمان عودة الفلسطينيين إليها كمرحلة ثانية. وأشار إلى أن هنالك مشكلة أساسية جعلت من إسرائيل تتمادى كثيراً، وهي أنه لا توجد سلطة فلسطينية واحدة. وكمحاولة لرسم سيناريوهات للمواجهة في حال الإصرار الأمريكي على مشروع التهجير، قال بن صقر ” يجب أن يكون لدينا موقفاً واحداً، ورفض موضوع التهجير لا بد له أن يكون رفضاً عربياً قاطعاً لا يقبل المساومة بأي شكل من الأشكال”. وأضاف “لا يمكن أن يُسلب الفلسطينيون حق تقرير المصير، فهو حق دولي قامت عليه دولة أميركا عام 1776م”.
في نهاية الندوة أوصى المشاركون بأهمية المواجهة والتحرّك العربي والسريع من خلال عمليات الإغاثة والإعمار لأهل قطاع غزّة، والوصول إلى حل توافقي بين الفلسطينيين لتشكيل مجلس انتقالي يمهد لمرحلة جديدة.
تأتي الندوة ضمن أنشطة وفعاليات ملتقى أسبار المنتظمة والتي يستضيف فيها عدداً من الأكاديميين والخبراء في مجالات مختلفة لمناقشة أبرز القضايا محلياً وعالمياً، وطرح التوصيات حولها.
شارك في الندوة: د. عبد المنعم سعيد (مصر)، د. سعد بن طفلة (الكويت)، د. عبدالعزيز بن صقر (السعودية)، أ. حاتم رشيد (فلسطين والأردن)، وأدار الندوة د. فهد العرابي الحارثي – رئيس ملتقى اسبار، مركز اسبار للدراسات والبحوث (الرياض).