للاطلاع على التقرير وتحميله يرجى الضغط هنا
(أغسطس 2024 م)
- تمهيد:
يعرض هذا التقرير لقضية مهمة تمَّ طرحها للحوار في ملتقى أسبار خلال شهر أغسطس 2024م، وناقشها نُخبة متميزة من مفكري المملكة في مختلف المجالات، والذين أثروا الحوار بآرائهم البنَّاءة ومقترحاتهم الهادفة؛ وجاءت بعنوان: مستقبل العلاقات السعودية الإيرانية في عهد الرئيس الإيراني الجديد مسعود بزشكيان، وأعد ورقتها الرئيسة أ. سليمان العقيلي، وعقب عليها كلاً من د. خالد باطرفي، د. مطير الرويحلي، أ. جمال ملائكة، وأدار الحوار حولها د. عبدالرحمن الشبيب.
المحتويات
- تمهيد
- فهرس المحتويات
- الملخص التنفيذي
- الورقة الرئيسة: أ. سليمان العقيلي
- التعقيبات:
- التعقيب الأول: د. خالد باطرفي
- التعقيب الثاني: د. مطير الرويحلي
- التعقيب الثالث: أ. جمال ملائكة
- إدارة الحوار: د. عبدالرحمن الشبيب
- المداخلات حول القضية
- التحديات التي تواجه تعزيز العلاقات السعودية الإيرانية في الوقت الراهن.
- فرص العلاقات السعودية الإيرانية في ظل رئاسة مسعود بزشكيان.
- مرتكزات المسار المستقبلي للعلاقات السعودية الإيرانية.
- التوصيات
- المصادر والمراجع
- المشاركون
- الملخص التنفيذي.
يتناول هذا التقرير قضية مستقبل العلاقات السعودية الإيرانية في عهد الرئيس الإيراني الجديد مسعود بزشكيان. وأشار أ. سليمان العقيلي في الورقة الرئيسة إلى أن العلاقات الإيرانية – السعودية تكتسب أهمية خاصة في تشكيل منظومة العلاقات الإيرانية الخليجية وذلك بحكم الثقل السياسي والتاريخي والديني والاقتصادي الذي تمثله الدولتان. فضلا عن الأهمية التي تحظي بها الدولتان على الصعيد العالمي والإقليمي كونهما يتمتعان بميزة جيو استراتيجية / اقتصادية تكاد تكون مشتركة منحت الدولتين موقعا محوريا في سياسات واهتمامات القوى الدولية والإقليمية في منطقة تضم بين جنباتها اكبر مخزون نفطي في العالم، مما يتيح لهما لعب دور مؤكد في تقرير العديد من القضايا ذات الصلة بالمصالح والأهداف التي تتطلع إليها أطراف بعينها في كل من البيئتين الإقليمية والدولية والتي تنعكس بصورة أو بأخرى على سلوك طرفي العلاقة تجاه الأخر مما يجعلها تزدهر في بعض الأحيان وتنحسر في أحيان أخرى وبحسب المتغيرات التي تمليها البيئتان الإقليمية والدولية. ومع انتخاب الرئيس الإيراني الاصلاحي مسعود بزشكيان وخسارة المرشحين المحافظين في الانتخابات الرئاسية المنعقدة في 5 يوليو 2024 انخرط الحرس الثوري في تصعيد أمنى وسياسي في المنطقة لم يقتصر على إسرائيل بل لوح عبر أدواته في اليمن (الحوثيون) والعراق (حزب الله) بتهديد غير مبرر للمملكة التي كانت قد سجلت مواقف قوية لدعم قضية غزة.
بينما أكَّد د. خالد باطرفي في التعقيب الأول على أن العلاقات بين المملكة العربية السعودية وإيران شهدت تحولات كبيرة خلال العقود الماضية، متأرجحة بين التوتر والتعاون. ومع تولي الرئيس الإيراني الجديد مسعود بزشكيان مقاليد الحكم، تثار تساؤلات حول مستقبل هذه العلاقات وكيف ستؤثر التوجهات الجديدة في إيران على التفاعلات الإقليمية والدولية؟
في حين ذكر د. مطير الرويحلي في التعقيب الثاني أن كل من السعودية وإيران تدركان أهمية استقرار المنطقة وضرورة إبعادها والنأي بها عن الصراعات والتوترات فضلا عن الحروب والصراعات، وقد تسهم الظروف الدولية الحالية والصراعات القائمة والتي تلقى بظلالها على منطقة الشرق الأوسط في التقاء مصالح البلدين وحاجة كل منهما للأخر.
بينما أوضح أ. جمال ملائكة في التعقيب الثالث أن العلاقات السعودية الإيرانية قد اتخذت منحىً إيجابياً بدرجة مقبولة بعد توقيع الاتفاقية بين الطرفين وأن المملكة قد نجحت في تحجيم وتخفيض منسوب التدخل الإيراني في المنطقة لكن لا يزال هناك عمل كبير ينبغي تحديداً على إيران إتباعه للوصول إلى علاقة طبيعية بين الجارين على ضفتي الخليج العربي.
وتضمنت المداخلات حول القضية المحاور التالية:
- التحديات التي تواجه تعزيز العلاقات السعودية الإيرانية في الوقت الراهن.
- فرص العلاقات السعودية الإيرانية في ظل رئاسة مسعود بزشكيان.
- مرتكزات المسار المستقبلي للعلاقات السعودية الإيرانية.
ومن أبرز التوصيات التي انتهى إليها المتحاورون في ملتقى أسبار حول القضية ما يلي:
- الاهتمام بتنويع وسائل وأساليب الاتصال مع الشعب الإيراني من أجل تعزيز أجواء الثقة. وإشراك المجتمع المدني والمؤسسات العلمية والثقافية في البلدين لتطوير صلات البلدين مثل تأسيس القنوات والمواقع الالكترونية وتعزيز وسائل تعليم اللغة العربية وكذلك تعليم اللغة الفارسية.
- السعي لإيلاء بكين وموسكو دوراً في تطوير العلاقات بين جانبي الخليج، على ضوء الوساطة الصينية بين السعودية وإيران وما أظهرته الحكومة الصينية من مبادرات سياسية ناجحة تجاه المنطقة.
- تطوير الوعي السياسي بخطورة الانجرار إلى النزعات الطائفية والمذهبية، وتحييد أخطار التطرف السياسي والعقائدي على الأمن والاستقرار.
- تعزيز المصالح المشتركة بين الشعبين في القطاعات الاقتصادية والاجتماعية والتعليمية والتدريبية والبحثية؛ بما يقلص أسباب الصراع ويدفع إلى التعاون.
- إنشاء مركز دراسات وأبحاث في الشؤون الإيرانية من جميع الجوانب السياسية والاقتصادية والاجتماعية والدينية والأشخاص المؤثرين من إيرانيين وغيرهم.
- الورقة الرئيسة: أ. سليمان العقيلي
مقدمة
سيطرت على العلاقات السعودية – الإيرانية منذ فترة طويلة حالة كبيرة من عدم الاستقرار، بسبب الخلافات السياسية والمذهبية، والتي أفضت إلى حدوث نزاع طويل ركز على النفوذ السياسي والاقتصادي وقد يكون امتد بشكل واسع اقليميا ليضع بعض الدول المجاورة منصات تهديد تعيش دوامة تنافس وصراع بين الطرفين ومنها في العراق وسوريا واليمن، واستمر هذا التوتر ليؤدي إلى وقوع حوادث مشتركة اثرت على مسار طبيعة علاقاتهما خصوصاً خلال الحرب العراقية الإيرانية وصولا للعام 2016 الذي شهد انقطاعاً تاماً للعلاقات الدبلوماسية استمر لغاية العام 2023 ونظرا لأهمية هاتين القوتين الاقليميتين ولما لهما تأثيرا على امن واستقرار المنطقة، ظهرت وساطة برعاية العراق جمعت السعودية وإيران على طاولة مفاوضات استمرت عامين لنهاية 2022، ومن بعدها انتقلت إلى عمان ثم الصين، لتفضي إلى انهاء الخلافات، واستئناف العلاقات السعودية الإيرانية في مارس أذار/2023، وتوقع مراقبون أن تسهم هذه الخطوة بدورها في اعادة الترتيبات الاقليمية امنياً وتحقيق الاستقرار لاسيما بشان القضايا المعلقة وبمقدمتها (اليمن)، كما عزز الاتفاق من مكانة العراق الاقليمية باعتباره طرفاً مهماً في توازن الامن الاقليمي، وكان يؤمل أن يسهم هذا التقارب في تحقيق التنمية اقتصادية المشتركة ويعزز العلاقات الثقافية والدينية والاجتماعية بين دول المنطقة خاصة في ظل ما اعتبر خارطة طريق لحل الأزمة في اليمن. وكذلك حضور الرئيس الإيراني السابق إبراهيم رئيسي مؤتمر القمة الطارئة العربية الإسلامية في الرياض عن العدوان على غزة المنعقد في نوفمبر 2023 ولقاءه ولي العهد الأمير محمد بن سلمان.
لكن انخراط المحور الإيراني ولو بوتيرة محدودة في حرب غزة تسبب بتصعيد أمنى اقليمي. ثم جاءت وفاة الرئيس إبراهيم رئيسي ووزير خارجيته امير عبد اللهيان في حادث طائرة في 19 مايو 2024 – وهما رائدا المصالحة مع السعودية – كل ذلك قوض حرارة التفاهم السعودي الإيراني الذي كان يراد له تثبيت دعائم الامن الاقليمي.
ومع انتخاب الرئيس الإيراني الاصلاحي مسعود بزشكيان وخسارة المرشحين المحافظين في الانتخابات الرئاسية المنعقدة في 5 يوليو 2024 انخرط الحرس الثوري في تصعيد أمنى وسياسي في المنطقة لم يقتصر على إسرائيل بل لوح عبر أدواته في اليمن (الحوثيون) والعراق (حزب الله) بتهديد غير مبرر للمملكة التي كانت قد سجلت مواقف قوية لدعم قضية غزة.
يمكن القول إن حرب غزة قد انعكست سلباً على العلاقات السعودية الإيرانية، فقد تسبب انخراط الحوثيين في تداعيات الحرب بتعطيل خارطة الطريق الأممية للتسوية اليمنية. كما جاءت عملياتهم ضد الملاحة البحرية في البحر الأحمر وخليج عدن وقيام تحالف (حارس الازدهار) بقيادة واشنطن وضرباته ضد الحوثيين لتوتر البيئة الامنية الاقليمية برمتها.
كيف ترشح وفاز بزشكيان ولماذا؟
تروي وكالة رويترز في تقرير لها من طهران طريقة اختيار المرشد الأعلى لترشيح الاصلاحي مسعود بزشكيان. ونقلت عن بعض مسؤولي أجهزة الاستخبارات الإيرانية بان المرشد علي خامنئي تلقى في مايو (أيار)، قبل الانتخابات الرئاسية المبكرة تقريراً استخباراتياً قاتماً، يفيد بأن معظم الإيرانيين الغاضبين من المصاعب الاقتصادية وقمع الحريات الاجتماعية يعتزمون مقاطعة الانتخابات، وأن نسبة المشاركة ستبلغ نحو 13 في المائة فقط.
وقالت الوكالة أن خامنئي بعد عدة اجتماعات مع مستشاريه قرر في ذلك الوقت التخطيط لإجراء انتخابات دقيقة التوجيه، ما مهّد الطريق لمعتدل مغمور ولكنه موثوق به، هو مسعود بزشكيان، للوصول إلى الرئاسة، في سباق هيمن عليه المتشددون في البداية.
واكدت أن خامنئي اقترح بزشكيان بصفته شخصاً يمكنه تعزيز الوحدة بين مَن هم في السلطة، وسد الفجوة بين المؤسسة الحاكمة والشعب، وضمان عملية اختيار سلسة للمرشد التالي.
ومنذ اليوم الأول لفوزه، سعى بزشكيان، نائب مدينة تبريز، وطبيب القلب البالغ من العمر 69 عاماً، والذي شغل منصب وزير الصحة في عهد الرئيس الاصلاحي محمد خاتمي، لأن يؤكد أنه ابن النظام والثورة الإسلامية وأنه أمين على تاريخه. فاختار أن يكون خطاب النصر من مرقد الإمام الخميني في طهران، مجدداً الولاء والعهد لمبادئ مؤسس الجمهورية الإسلامية في إيران، وموجهاً التحية للمرشد خامنئي، واصفاً إياه بـ«القائد المفدّى للبلاد» ومعتبراً أنه «لولا حكمة خامنئي لما كنّا نستطيع أن نصل إلى هذه الفرصة»، معلناً أنه سيسلك طريق الحوار والانفتاح والوحدة الوطنية لمواجهة التحديات الكبيرة التي تواجهها إيران. وهو حين زار خامنئي أوصاه بالاستمرار على نهج الراحل رئيسي والاستفادة من قوة إيران وإمكاناتها.
وقال المحلل السياسي محسن جليل وند في مقابلة مع صحيفة “آرمان ملي” الإيرانية أن النظام الإيراني زكي المرشح مسعود بزشكيان في الانتخابات الرئاسية، وسمح له بالفوز فيها بأمل خلق ظروف مناسبة لإنهاء التوترات (الداخلية) والأزمة الدولية التي تواجهها البلاد.
وأضاف الكاتب: مع ذلك ينبغي أن نؤكد أن بزشكيان يواجه ظروفا سلبية وليست إيجابية في هذا الطريق، وفي حال تم إلغاء العقوبات عن إيران فإن البلاد تحتاج إلى 10 سنوات لكي تعود إلى ما كانت إليه عام 2011.
وتابع الكاتب وند قائلا: إذا لم ينجح بزشكيان في إلغاء العقوبات عن إيران، وهي مهمة في غاية الصعوبة، فإنه سيفقد شعبيته بين الإيرانيين، حيث أن كثيرا من المواطنين الذين صوتوا لبزشكيان جاءوا به لهذا الأمل.
وقال الكاتب والمحلل السياسي مهدي مطهرنيا، في مقال نشرته صحيفة “جمله”، أن الجميع تقريبا يقر بأن أم المشكلات بالنسبة لإيران هي فشل إحياء الاتفاق النووي، وما نجم عن ذلك من عقوبات وحظر اقتصادي قاس عاشته إيران خلال السنوات الأخيرة، وبالتالي فإن أهم الضرورات أمام الحكومة القادمة هي التمهيد لإحياء الاتفاق النووي، وإنهاء الحظر الاقتصادي.
كما ذكر الكاتب أن سوء علاقة إيران بالنظام الدولي المستمرة منذ عقود وضعت حكومة بزشكيان في ظرف معقد وعصيب، لا سيما وأن مجيئه تزامن مع احتمالية عودة ترامب التي قد تؤزم الأوضاع بالنسبة لإيران أكثر فأكثر.
ورأى مطهر نيا أنه لا مفر لإيران من التعامل مع الغرب وتحسين علاقاتها مع الولايات المتحدة الأميركية، معتقدا أن النظام السياسي في إيران أدرك ضرورة إعادة النظر في بعض السياسات، لهذا فمن المحتمل أن يكون بزشكيان الخيار المناسب للقيام بهذه المراجعة في السياسات، لكن نجاح ذلك مشروط بتعاون باقي المؤسسات الإيرانية مع الرئيس الجديد.
مهام وتحديات امام بزشكيان
ينتظر الرأي العام الإيراني من الرئيس الجديد معالجة امرين هامين وهما تخفيف الأزمة الاقتصادية، وانهاء عزلة البلاد. فيما تتوق النخبة إلى قيام الرئيس بتوحيد اهل السلطة المتنازعين.
لكن الرئيس بزشكيان ليس طليق اليدين في مواجهة هذين التحديين. فالتيار الأصولي المتشدد ممسك بالمؤسسات الاقتصادية والامنية والسياسية في البلاد، ولن يقبل أية إصلاحات تمس مصالحه.
وفيما يتعلق بالملف النووي فهناك خريطة طريق اقرها البرلمان بقانون يسمى (العمل الاستراتيجي المتعلق بالمفاوضات النووية) وفي لقائه مع البرلمان في 21 تموز/يوليو، حسم خامنئي المسألة الأهم المتعلقة بقانون العمل الاستراتيجي المتعلق بالمفاوضات النووية، والذي يُشكّل إطاراً للعمل لرفع العقوبات الأمريكية وحماية مصالح الأمة فقال: “أن قانون العمل الاستراتيجي الذي أقرّه البرلمان السابق في مطلع كانون الأول/ديسمبر 2020 كان عملاً جيدًا جدًا. بالطبع اعترض البعض عليه وعيّبوه، ولكن بالتأكيد أخطأوا فيه، وأن هذا القانون كان عملاً صحيحًا جدًا». وكان المرشد وصف قانون العمل الاستراتيجي في وقت سابق بأنه «أنقذ البلاد من الضبابية والضياع في الملف النووي، وحدَّد بوضوح ما يجب أن نفعله.
لكن للتيار الاصلاحي كما الصحف الموالية له رأي آخر، فقد انتقدوا القانون في وقت سابق واعتبروه مقيداً للمفاوضين. وان كان البعض مثل محمد جواد ظريف قد تراجعوا عن ذلك بعد تصريحات المرشد.
وانتقدت صحيفة “هم ميهن” عقلية التيار الأصولي في العلاقات الخارجية، وقالت إن مشكلة الاصوليين، وعلى رأسهم المرشح الرئاسي الخاسر سعيد جليلي، هي أنهم ينظرون إلى الدول بعددها لا بثقلها وأهميتها السياسية على المستوى الدولي. وأضافت: يرى جليلي النظام الدولي وفقا لعدد الدول، حيث يقسم الدول إلى فريق ضد إيران وفريق ليس ضدها، ويعتقد أنه طالما أن عدد الدول التي تعارض إيران أقل من عدد الدول التي لا تعارضها فلا مشكلة في علاقات طهران الدولية، متجاهلا أن أهمية بضع دول تعادل عشرات الدول غير الفاعلة على المستوى الدولي.
واقترحت الصحيفة على الحكومة الجديدة التعامل وفقا لمبدأ الواقعية السياسية في العلاقات الدولية، وتحسين علاقات طهران الخارجية مع الدول ذات النفوذ الأكبر في النظام الدولي، بحيث أن سوء العلاقة معها سيكلف البلاد تكاليف باهظة، بغض النظر عن عدد الدول التي لدى إيران علاقات معها ولا تعارضها في المحافل الدولية.
واعتبر الكاتب والمحلل السياسي الإيراني مسيح مهاجري في مقال له بصحيفة “اعتماد” الإصلاحية، أن اختيار مسعود بزشكيان، رئيسًا لإيران، فرصة جيدة لإنهاء “العداء” بين المرشد علي خامنئي والرئيس الأسبق، محمد خاتمي؛ كون الرئيس الجديد يحتفظ بعلاقة جيدة مع قيادات كلا التيارين: الإصلاحي والأصولي.
من جهته، يرى نائب رئيس لجنة الأمن القومي والسياسة الخارجية في البرلمان الإيراني عباس مقتدايي في مقال بعنوان “أين ستتجه السياسة الخارجية في فترة بزشكيان؟”، بصحيفة “همشهري” في 14 يوليو/تموز أن “السياسات الإيرانية تستند إلى الهيكل السياسي والقواعد المستحكمة المندرجة في الدستور ولا تتحول جذريا في العهود الرئاسية المتتالية” لهذا لا يُتوقع بأن يقوم الرئيس الجديد بأي تحول كبير على سياسة إيران النووية أو الخارجية، أو على نهج التحالف مع الفصائل والجماعات (المسلحة)في المنطقة، لكنه سيشارك عن كثب في اختيار خليفة لخامنئي صاحب القول الفصل في الشؤون العليا للبلاد.
ومن المتوقع أن يحافظ على ارث الرئيس الراحل إبراهيم رئيسي وأبرز ما فيه الانفتاح الاقليمي على دول الجوار العربية وفي مقدمتها المملكة العربية السعودية. كما يتوقع أن يحدث بعض التغييرات الداخلية وفي علاقات مكونات النظام الإيراني مع بعضها.
وجهة نظر أمريكية
سبق أن أعلن المتحدث باسم مجلس الأمن القومي بالبيت الأبيض جون كيربي، يوم الاثنين 8 يوليو (تموز)، أن واشنطن لا تتوقع أي تغيير في سلوك إيران بعد انتخاب الطبيب (بزشكيان) رئيسا.
ووفقا له، فإن الولايات المتحدة ليست مستعدة لاستئناف المفاوضات النووية مع إيران خلال الفترة الرئاسية الإيرانية الجديدة.
ويرى مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية الأميركي المعروف باسم “CSIS ” أن “اختيار بزشكيان كرئيس لإيران يوفر فرصة ضئيلة لطهران للتخلص من نهجها السابق، وإيجاد تغيير في سياساتها المناهضة للغرب”.
وأضافت هذه المؤسسة البحثية، التي تتخذ من واشنطن مقراً لها أن أحد المحاور الرئيسية لحملة بزشكيان الانتخابية كان تغيير سياسة إيران الخارجية ورفع العقوبات، وهو ما يتطلب في حد ذاته اتفاقاً مع الولايات المتحدة. وبهذه الطريقة، وبالنظر إلى شعاراته الانتخابية، يمكن اعتبار اختيار بزشكيان بمثابة رغبة من الشعب الإيراني في تغيير الوضع الحالي.
وأوضح مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية الأمريكي أن السلطة الرسمية للرئيس في إيران تقتصر على “القضايا الداخلية”، وأن المرشد الإيراني هو الذي يتخذ “القرارات الرئيسية في مجال السياسة الخارجية”. ويشغل العديد من الأشخاص المنتمين إلى الحرس الثوري مناصب في المؤسسات الدفاعية والأمنية والسياسة الخارجية للنظام، ويروجون للنهج المناهض لأميركا وإسرائيل.
وبحسب المركز فإن أحد الإجراءات التي اتخذتها حكومة رئيسي كان تحسين العلاقات مع السعودية ودول أخرى في المنطقة الخليجية، ويبدو أن هذا النهج سيستمر في حكومة بزشكيان، نظرا إلى تصريحات خامنئي الإيجابية حول هذا الموضوع قبل الانتخابات وبعدها.
ان موقع الرئاسة المحاط، لا بل المحاصر من مؤسسات سياسية وأمنية وقضائية يغلب عليها الطابع المتشدّد، لن يكون قادراً على الإنجاز من دون تقديم تنازلات لابد أن تكون واضحة، لكنها لن تصل بالتأكيد إلى تكرار التناغم الذي كان قائماً بين المرشد والرئاسة والحرس الثوري في زمن ولاية إبراهيم رئيسي، ولن تُعيد تكرار تجربة ولاية روحاني لجهة التصادم من داخل المؤسسات.
ولقد تعهّد بزشكيان أمام زملائه السابقين في البرلمان بتشكيل حكومة وفاق وطني، ذلك أنه ” لا يمكن إدارة البلاد بالخلاف والشجار، ومضطرّون للتعاون من أجل تجاوز الأزمات التي نواجهها وحل المشاكل بروح من التعاون والتفكير الجماعي ” وفقا للرئيس بزشكيان. وغالباً ما تكون حكومات الوفاق والتوافق حكومات تعطيل لا تغيير لندرة الانسجام بين مكوناتها.
آفاق العلاقات السعودية الإيرانية
تكتسب العلاقات الإيرانية – السعودية أهمية خاصة في تشكيل منظومة العلاقات الإيرانية الخليجية وذلك بحكم الثقل السياسي والتاريخي والديني والاقتصادي الذي تمثله الدولتان.
وقد أدركت إيران منذ البداية وبعد نهاية الحرب العراقية الإيرانية مباشرة وبالخصوص بعد الغزو العراقي للكويت واثناء ولاية الرئيس هاشمي رافسنجاني ومن بعده الرئيس الإصلاحي محمد خاتمي أهمية العلاقة مع المملكة العربية السعودية لكونها الدولة الكبرى في منظومة مجلس التعاون الخليجي وكونها مفتاحا لعلاقات إيرانية-عربية متوازنة لذلك شهدت العلاقات الإيرانية-السعودية في التسعينات (عهد رافسنجاني) وحتى 2006 (عهد خاتمي) درجة عالية من التنسيق السياسي والاقتصادي تجسدت بتبادل الزيارات للبلدين وعلى أعلى المستويات.
فضلا عن الأهمية التي تحظي بها الدولتان على الصعيد العالمي والإقليمي كونهما يتمتعان بميزة جيو استراتيجية / اقتصادية تكاد تكون مشتركة منحت الدولتين موقعا محوريا في سياسات واهتمامات القوى الدولية والإقليمية في منطقة تضم بين جنباتها اكبر مخزون نفطي في العالم، مما يتيح لهما لعب دور مؤكد في تقرير العديد من القضايا ذات الصلة بالمصالح والأهداف التي تتطلع إليها أطراف بعينها في كل من البيئتين الإقليمية والدولية والتي تنعكس بصورة أو بأخرى على سلوك طرفي العلاقة تجاه الأخر مما يجعلها تزدهر في بعض الأحيان وتنحسر في أحيان أخرى وبحسب المتغيرات التي تمليها البيئتان الإقليمية والدولية.
وفي خطاب القسم أمام البرلمان شدد الرئيس الإيراني المُنتخَب مسعود بزشكيان على التقارب مع دول الجوار وحل المشكلات الاقليمية. واكد أن من أولوياته تطوير العلاقات مع دول الجوار. وفي وقت سابق كتب رسالتَيْن مفتوحتَيْن إلى العالم، مثيرًا تكهّنات عدّة حول برنامج عمله وقدرته على تنفيذه. تشكّل رسائله حتى الآن، الموجّهة إلى ثلاثة جماهير مُختلِفة -الدول المجاورة مباشرةً، والغرب، والصين وروسيا دعوة للسلام، لكنّها دعوة مشروطة.
في رسالته الثانية، توجّه بزشكيان إلى العرب بخطابٍ واضح، شدّد فيه على أن إيران لا تريد مواصلة المنافسة الإقليمية القائمة على مبدأ إمّا غالب أو مغلوب. وعلى حدّ تعبيره، كلّ تقدُّم تحقّقه دول الخليج العربية يُعدّ مكسبًا إيجابيًّا صافيًا لإيران وللشرق الأوسط عمومًا. وتحدّث بزشكيان أيضًا عن “وحدة المنطقة”.
تحدّث بزشكيان عن إمكانية سعي الإيرانيّين ودول الخليج العربية إلى “رفض تقسيم العالم والاصطفافات القائمة على مصالح القوى العظمى”. وإذا أردنا تفسير هذا الموقف بصورة إيجابية، يُفهَم منه أن إيران ودول الخليج يجب ألا تتحوّل إلى بيادق في المنافسة بين الولايات المتّحدة والصين، علمًا أن دول الخليج لا تُعارِض هذه الرسالة كونها تتّبع هذا النهج بحكم الأمر الواقع.
وترسم العلاقات السعودية الإيرانية محددات السياسة الخارجية في كل من البلدين بناء للمصالح الوطنية، وستلعب عدة عوامل في التأثير على علاقات البلدين منها البعد العقائدي والبعد السياسي والبعد الامني والبعد الاقتصادي. ويكتنف العلاقات بين البلدين عدد من المتغيرات الاقليمية والدولية المؤثرة. ومن أبرزها العامل الأمريكي.
وقال مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية الأمريكي “CSIS ” أن الانتخابات الرئاسية الأميركية سيكون لها تأثير أكبر على السياسة الخارجية لطهران مقارنة بالانتخابات الرئاسية الإيرانية نفسها.
وإذا فازت (هاريس) فسوف تحاول واشنطن التوقيع على اتفاق نووي جديد مع إيران، فضلاً عن مواجهة تصرفات طهران المزعزعة للاستقرار في الشرق الأوسط. لكن تحرك الإدارة الأميركية المقبلة نحو التوصل إلى اتفاق جديد بشأن البرنامج النووي الإيراني قد يثير انتقادات تجاه (الرئيس الديمقراطي) لأن هذا الإجراء، بحسب كثيرين يعادل إعطاء “مكافأة” لطهران على الرغم من دعمها للأنشطة الإرهابية.
وقد تميل هاريس إلى تقديم تنازلات للنظام الإيراني، لكن بالنظر إلى الظروف الإقليمية والعالمية، وتركيز واشنطن على القضايا الأوروبية والآسيوية، وصعوبة التفاوض مع طهران، فإن هذا الإجراء لا يبدو ممكنا. وسيكون لإعادة انتخاب ترامب أيضًا تأثير كبير على السياسة الخارجية لإيران.
وخلال الولاية الأولى لرئاسة ترامب، اعتمدت إدارته سياسة الضغط القصوى ضد طهران، والغت في عام 2018 الاتفاق النووي. كما كان الرئيس ترامب قد أصدر امراً بتصفية قائد فيلق القدس الإيراني قاسم سليماني ونائب رئيس هيئة الحشد الشعبي في العراق أبو مهدي المهندس وعدد من المرافقين العراقيين والإيرانيين.
والآن يبقى أن نرى ما هي خطته للتعامل مع الحكومة الإيرانية إذا عاد إلى البيت الأبيض؟
إن تحسن العلاقات بين موسكو وواشنطن في إدارة ترامب المقبلة هو أمر آخر يمكن أن يغير سياسة إيران الخارجية، لأن دفء العلاقات بين روسيا والولايات المتحدة سيقلل من دوافع موسكو لتوثيق العلاقات مع طهران. وهذا سيبقي الأخيرة معزولة أكثر من ذي قبل وهو ما قد يدفع الإيرانيين للتفكير ملياً بمثل هذه العواقب.
- التعقيبات:
- التعقيب الأول: د. خالد باطرفي
شهدت العلاقات بين المملكة العربية السعودية وإيران تحولات كبيرة خلال العقود الماضية، متأرجحة بين التوتر والتعاون. ومع تولي الرئيس الإيراني الجديد مسعود بزشكيان مقاليد الحكم، تثار تساؤلات حول مستقبل هذه العلاقات وكيف ستؤثر التوجهات الجديدة في إيران على التفاعلات الإقليمية والدولية.
ولعل آخر وربما أبرز محطات التطور في العلاقات السعودية الإيرانية كان الاتفاق التاريخي الذي تم في بكين عام 2023 برعاية صينية، نتيجة لجهود حثيثة تمت خلال عامين في العراق وعمان وبشكل مباشر، كما تفصل الورقة الرئيسة، وهو ما أفضى إلى استئناف العلاقات الدبلوماسية وفتح سفارات البلدين.
تشمل الدوافع وراء الاتفاق سعي القوى الإقليمية والدولية إلى تحقيق الاستقرار في المنطقة، خاصة بعد الحرب الروسية الأوكرانية. بالإضافة إلى التحديات المشتركة التي تواجه البلدين مثل التغير المناخي وتقلبات أسعار النفط، وتدفعها باتجاه التعاون والعمل المشترك.
وقد يسهم تولي الرئيس الإيراني الجديد، الذي يُنظر إليه على أنه أكثر انفتاحًا، في خلق مناخ أكثر ملاءمة للحوار.
التحديات
على انه لا يمكن التقليل من حجم التحديات التي تواجه العلاقات، اذ يعود تاريخ التنافس بين البلدين إلى عقود، مما يجعل بناء الثقة عملية طويلة. ولا تزال هناك اختلافات أيديولوجية عميقة بين النظامين السياسي والديني في البلدين.
كما أن عملية صناعة القرار في طهران تخضع لإرادة المرشد الأعلى وتهيمن عليها القوى اليمينية المتشددة كالحرس الثوري والقيادات الدينية النافذة. وجميعها لها مصالح اقتصادية وسياسية ومواقف عقائدية تتقاطع حينا وتتضارب حينا. ويحرص كل طرف منها على الدفاع عما يخصه.
وعلى الرئاسة الجديدة أن تراعي هذه المصالح والحساسيات والا تم تحييدها وإضعافها وافشال خططها كما حدث للقيادات الإصلاحية السابقة، وآخرها حكومة الرئيس محمد رضا خاتمي.
وفي النطاق الاقليمي، تسعى كل من السعودية وإيران إلى تعزيز نفوذهما، مما قد يؤدي إلى توترات مستقبلية بحال تضاربت المصالح.
يتطلب بناء الثقة بين البلدين وقتًا وجهدًا، فما تم هدمه في نصف قرن تصعب استعادته في سنوات قليلة. خاصة، إذا كانت الدوافع آنية ومرحلية وليست نتيجة لتغير عميق في الهيكل والعقيدة والقيادة.
وقد تواجه التوافقات تحديات جديدة في المستقبل، حسب التغيرات التي قد تؤثر على تقاطع المصالح وتقلبات الخريطة الداخلية للسلطة وهيكلية القيادة والتحالفات الدولية.
الفرص
ومن التداعيات المتوقعة أن يشجع التوجه الإصلاحي في إيران على زيادة الحوار والتعاون بين البلدين، خاصة في المجالات الاقتصادية والثقافية.
ومن المتوقع أن تتسع مساحة التعاون الأمني بين البلدين خاصة فيما يتعلق بأمن الخليج والممرات البحرية والجرائم العابرة للحدود والعلاقات الطائفية. وان يتسارع النشاط في مجالات مجدية تنعكس بشكل مباشر على التنمية والاقتصاد والتقارب الشعبي، مثل الطاقة والتجارة والاستثمار والسياحة والثقافة والفنون والرياضة والتعليم والبحث العلمي.
فالبلدان يتمتعان بمكانة جيوسياسية هامة، وموارد طبيعية عالية، يمكن الاستفادة منهما لتعزيز التجارة والاستثمار المشترك، والتعاون في تطوير البنية التحتية والربط بين شبكات المواصلات والاتصالات الإقليمية، مثل الطرق والسكك الحديدية والموانئ والإنترنت والهاتف، مما يساهم في تعزيز التكامل الاقتصادي في المنطقة.
وكذا التعاون في مجال الطاقة التقليدية والطاقة المتجددة. وقد نشهد استثمارات لشركة أرامكو وسابك في قطاعي النفط والصناعات البتروكيماوية وعقود لصيانة وتطوير آبار النفط والغاز وشبكات التوزيع الإيرانية على أحدث المعايير الانشائية والتقنية.
ومن المتوقع أن يكون للاتفاق السعودي الإيراني تأثير كبير على أسواق النفط العالمية بزيادة الاستقرار في أسواق النفط، وتفادي الخلافات التي كانت تؤدي إلى تقلبات كبيرة في الأسعار. وتنسيق جهودهما في إدارة الإنتاج، بما ينعكس ايجابا على العرض والطلب، ويسهم في تخفيف الضغوط التضخمية العالمية، خاصة في ظل التحديات الاقتصادية الراهنة.
وعلى الساحة السياسية، يتوقع أن ينعكس التقارب السعودي الإيراني ايجابا على القضايا الإقليمية، وعلى رأسها الأزمة اليمنية ويحسن اجواء العلاقات الإيرانية مع البحرين ومصر والأردن والكويت. والعلاقات السعودية مع دول النفوذ الإيراني.
وقد يسهم في إطفاء الصراعات في سوريا واليمن، ولكن ليس من المتوقع حل مشكلات مزمنة مثل قضية الجزر الاماراتية المحتلة أو يحقق اختراقا يغير المعادلات في الأزمة اللبنانية.
كما أن تخفيض حدة الصراع بين القوتين الإقليميتين الكبيرتين وفرص المواجهة المباشرة بينهما من شأنه خلق مناخًا أكثر استقرارًا وأمنا وتعاونا في المنطقة.
وفي المقابل، قد يؤدي التقارب السعودي الإيراني إلى تغيير موازين القوى في المنطقة، مما يدفع الدول الأخرى إلى إعادة تقييم تحالفاتها وسياساتها الخارجية.
ومن المأمول أن يشجع هذا التقارب على تعزيز التعاون بين البلدين في مكافحة الإرهاب والتطرف، مما يسهم في تعزيز الأمن والاستقرار في المنطقة.
الموقف الدولي
ولعل هذه التداعيات الإيجابية هي التي دفعت الصين التي تربطها بالمنطقة مصالح استراتيجية إلى تبني التقارب السعودي الإيراني. ودفعت الولايات المتحدة (وحلفاؤها والمجتمع الدولي عموما) إلى الترحيب به خشية أن يؤدي أي صراع بين البلدين إلى تهديد مصالحها في المنطقة.
ما يمكن تحقيقه من هذا التقارب يفوق بمراحل ما يؤدي اليه الخلاف. وما ينتظر أن يستفيد منه سكان المنطقة والمتعاملين معها والمستثمرين فيها يستحق أكثر من مجرد التأييد. فدعم هذا التصالح والتكاتف مع الجهود المبذولة لإطفاء حرائق المنطقة وضمان عدم العودة إلى الحالة السابقة ليس في مصلحة طرفي الاتفاق فحسب، بل يتسع ذلك ليشمل تحقيق السلم والأمن والازدهار في عالم مترابط المصالح ومتشابك العلاقات.
والرهان على وعي القوى العظمى والمؤثرة بهذه المنفعة وحرص حكماء البلدين على تعظيم الفائدة منها، يدفعنا إلى التفاؤل (الحذر) بنجاح هذا الاتفاق في العهد الإيراني الجديد.
- التعقيب الثاني: د. مطير الرويحلي
مقدمة:
تعتبر العلاقات السعودية الإيرانية من أبرز القضايا التي تشغل بال المنطقة والعالم أجمع، فتاريخ هذه العلاقات حافل بالتقلبات والتوترات، والتي تتأثر بشكل كبير بالتطورات السياسية الدولية بالإضافة إلى القضايا والتوجهات الداخلية في كلا البلدين ومع تولي رئيس إصلاحي جديد مقاليد السلطة في إيران، تبرز تساؤلات حول مستقبل هذه العلاقات وكيف ستؤثر التوجهات الإصلاحية على مسارها تجاه منطقة الخليج وخصوصا المملكة العربية هو ما تبحثه وتحلله الورقة الرئيسة. والمتتبع لمسار العلاقات السعودية الإيرانية منذ توحيد المملكة على يد المؤسس الملك عبد العزيز ال سعود رحمه عام ١٩٣٢م يجد أن هذه العلاقة كانت بين المد والجزر. وسوف اتناول في هذا التعقيب الموضوع من خلال، التحديات والمعوقات وفرص التقارب والعوامل التي ستؤثر على مستقبل العلاقات بين البلدين والسيناريوهات المحتملة مع ترجيح أحدها من وجهه نظري الخاصة.
أولاً: التحديات والمعوقات:
التدخل الإيراني في المنطقة: يمثل النفوذ الإيراني المتزايد في المنطقة، خاصة في العراق ولبنان وسوريا واليمن، تحدياً كبيراً أمام أي تحسن كبير وملموس وذو أثر في العلاقات السعودية الإيرانية.
التنافس على النفوذ: يتنافس البلدان على النفوذ الإقليمي، مما يخلق حالة من التوتر المستمر وعدم الاستقرار إذا ما استمر الوضع على هذا المسار في العلاقة بين البلدين، وهو ما لا ترغبه المملكة في هذا الوقت، لتركيز القيادة في السعودية على التنمية والتحديث في كافة الجوانب الاقتصادية والاجتماعية والثقافي والتقنية والتقدم إلى مصاف الدول المتقدمة في العالم في كافة المؤشرات، وان يكون دورها رياديا ومحوريا في إقليم الشرق الأوسط بعيدا عن التوترات والصراعات والمناكفات وان تكون نموذجا فريدا للمنطقة والعالم، وهو ما اثبتته القيادة الحكيمة لسيدي خادم الحرمين الشريفين وسمو سيدي ولي العهد حفظهما الله في تبني سياسة ومقاربة مختلفة لما اعتادت عليه المنطقة في السابق من الفعل وردة الفعل أو ما يطلق عليه في العلاقات الدولية (تصفير المشاكل)،بل تبني ديناميكية سياسية واقعية اقنعت جميع دول العالم بحياديتها ومصداقيتها، والوقوف من الجميع بمسافة واحدة.
التباينات الإيديولوجية: تختلف الأيديولوجيات السياسية لكل من البلدين، حيث تتبنى السعودية نظاماً ملكياً محافظاً وتعتبر دوله إسلامية سنية ومرجعية لجميع دول العالم الإسلامي، بينما تتبنى إيران نظاماً إسلامياً ثورياً اسلاميا شيعيا، هذا الاختلاف في الأيديولوجية يجعل من الصعب التوصل إلى تفاهم مشترك بينهما، مما يشكل عائقاً حقيقيا في وجه أي انسجام كبير بين النظامين الا في حدود المصالح والمكاسب التي قد تجبر إيران على تغيير سلوكها العدواني والتوسعي ولعلها تستفيد من خلال التقارب مع المملكة من سياسة الاتزان وعدم التدخل في شان الدول الأخرى والتركيز على التنمية والعيش الكريم للشعب الإيراني.
الموارد الطبيعية: كلا البلدين يمتلكان احتياطيات ضخمة من النفط والغاز، مما يجعلهما لاعبين رئيسيين في سوق الطاقة العالمية، والتنافس على النفوذ في سوق الطاقة، وتأمين أسواق جديدة لمنتجاتهما من الطاقة مما يزيد من حدة التنافس بينهما ويحد من نقاط الالتقاء والتوافق على الأقل في اغلب الأمور خصوصا في الجانب الاقتصادي.
محدودية الصلاحيات السياسة: يقوم الحكم في إيران على أساس ديني مذهبي ينص على ولاية الفقيه أو ما يسمى المرشد الاعلى (على خامنئي) وهو من يقوم بتوجيه وتحديد مسار السياسة الخارجية الإيرانية كما ينص على ذلك الدستور الإيراني فهو القائد الأعلى للقوات المسلحة ورئيس الاستخبارات ويعين القضاة ويأتي دور الرئيس الإيراني في تسلسل هرم القيادة في المرتبة الثانية بعد المرشد وليس الرجل الأول وهذا يحد من صلاحيات الرئيس مما يجعله لا يستطيع الخروج عن توجهات المرشد فضلا عن مخالفته
القوى الخارجية: تلعب الدول الكبرى، مثل الولايات المتحدة وروسيا والصين والدول الأوروبية، دورًا مهمًا في تشكيل العلاقات بين السعودية وإيران، إما من خلال تحقيق مصالحها الخاصة في المنطقة من خلال التركيز على التباينات بين موقف البلدين من القضايا الدولية والصراعات على النفوذ وبناء التحالفات، أو ستلعب هذه القوى دوراً ايجابيا في توجيه مسار العلاقات السعودية الإيرانية، حيث تسعى واشنطن إلى تحقيق الاستقرار في المنطقة وتقليل النفوذ الإيراني كما تسعى الدول الأوروبية إلى لعب دور الوسيط بين السعودية وإيران، وتشجع على الحوار والتفاهم بينهما، أما الصين فلها مقاربتها المختلفة كراعي للاتفاق بين البلدين وكقوة دولية صاعدة تبحث عن الاستقرار والتركيز على المسار الاقتصادي وتنويع وتعدد الحلفاء في مقابل القوى الغربية كما أن التقارب والتباعد بين الدولتين سوف يؤثر فيه متغير الظرف الدولية والصراعات والتحالفات والاصطفافات الجديدة في النظام الدولي الذي سوف يتشكل، قد تزيد التغيرات الدولية من التحديات التي تواجه العلاقات بين البلدين، مثل التنافس على النفوذ، والتدخل في الشؤون الداخلية للدول الأخرى. ومن المتوقع أن تدفع التغيرات الدولية كلا البلدين إلى تغيير أولوياتهما، مما يؤثر على طبيعة العلاقة بينهما، ولا شك أن القيادة في البلدين حريصة على مراعاة العوامل المتغيرة والظروف السياسية التي افرزها الواقع الدولي الجديد.
ويمكن تلخيص ما يمكن أن تقوم به هذه القوى على النحو التالي:
- الولايات المتحدة: لطالما كانت الولايات المتحدة لاعبًا رئيسيًا في المنطقة، ولها مصالح استراتيجية في كلا البلدين، والمعرف عن الدور الأمريكي انه دور اقل ما يقال عنه هو اللعب على التناقضات بما يحقق مصالحا في المنطقة من ناحية وامن إسرائيل من ناحية أخرى كقوة إقليمية لها اليد العليا في المنطقة، وتمنع أي طرف من الهيمنة على المنطقة. وقد لعبت الولايات المتحدة دورًا في تقريب وجهات النظر بين البلدين في بعض الأحيان، وفي تأجيج الخلافات في أحيان أخرى.
- روسيا: تسعى إلى تعزيز نفوذها في المنطقة، وتقويض النفوذ الأمريكي، بما يحقق مصالحا وهي حليف لإيران بالدرجة الأولى اقتصاديا وسياسيا وامنيا وأثبتت خلال المواجهة مع أوكرانيا استخدامها للمسيرات الإيرانية، اما علاقتها مع المملكة فهي علاقة انسجام وتبادل للمصالح وموقف البلدين متشابه لدرجة كبير من كل القضايا الدولية وخصوصا في مجال الطاقة واستقرارها ووصول امداداتها إلى جميع دول العالم.
- الصين: تسعى الصين إلى تعزيز علاقاتها التجارية والاقتصادية مع الدول في المنطقة، وتسعى إلى تحقيق الاستقرار الإقليمي في المنطقة، وقد لعبت الصين دورًا مهمًا في الوساطة بين السعودية وإيران، ونجحت في التوصل إلى اتفاق لاستئناف العلاقات الدبلوماسية بينهما.
- الدول الأوروبية: تسعى الدول الأوروبية إلى تحقيق الاستقرار في المنطقة، وتأمين إمدادات الطاقة، وتدعم بعض الدول الأوروبية الحوار بين السعودية وإيران، وتسعى إلى حل النزاعات الإقليمية.
عقبة التطبيع مع إسرائيل: تعرقل مسألة التطبيع بين إسرائيل وعدد من دول المنطقة، مرورا بالإمارات العربية المتحدة والبحرين وأخيرا الحديث عن التطبيع بين السعودية وإسرائيل من خلال المبادرة العربية وحل الدولتين، فهي تعزّز التصوّر السائد في طهران بأنّ بعض الدول الخليجية يشكّل تهديداً أمنياً متزايداً، ما يرجّح المقاربة الإيرانية القائمة على دعم محور المقاومة التي تتّبعها إيران، والتي قد تطغى على نموذج الأمن الجماعي التي تتبنى مقاومة الوجود وتوسّع الإسرائيلي في المنطقة.
تباين موقف الدولتين من القضية الفلسطينية: حيث تدعم إيران حركات المقاومة الإسلامية في فلسطين كحماس وذراعها العسكري الجهاد الإسلامي والقسام بينما تعتبرهم المملكة منظمة ارهابية، كما تركز المملكة على دعم السلطة الفلسطينية كممثل وحيد وشرعي للشعب الفلسطيني وتدعم الشعب الفلسطيني من خلال التعاون مع المنظمات الدولية وايصال المساعدات للشعب الفلسطيني وان ينالوا حقوقهم المشروعة في إقامة دولتهم المستقلة على حدود ٦٧ وعاصمتها القدس الشرقية.
البرنامج النووي الإيراني: يمثل البرنامج النووي الإيراني هاجس وتحدي كبير للمملكة والدول الخليجية لعدم مشاركة هذه الدول بالمفاوضات الإيرانية الغربية ولا تعرف عنه من التفاصيل الا من القنوات العامة ولم يفضِ الاتفاق النووي في العام 2015 إلى تحسّن في العلاقات بين السعودية وإيران. علاوة على ذلك، قد يؤدّي الفشل في إحياء الاتفاق النووي إلى تصعيد يؤدّي بدوره إلى دخول المنطقة في سباق نووي، وقد يعيق إحياءَ الاتفاق النووي عددٌ من القضايا الرئيسية التيم تم الاتفاق عليها في بكين. وسيشكل أكتوبر 2025 تاريخاً فاصلاً بالنسبة إلى الملف النووي الإيراني، إذ ينتهي أجل قرار الأمم المتحدة المؤطر للاتفاق النووي.
ثانياً: فرص التقارب:
تدرك كل من السعودية وإيران أهمية استقرار المنطقة وضرورة إبعادها والنأي بها عن الصراعات والتوترات فضلا عن الحروب والصراعات، وقد تسهم الظروف الدولية الحالية والصراعات القائمة والتي تلقى بظلالها على منطقة الشرق الأوسط في التقاء مصالح البلدين وحاجة كل منهما للأخر ويمكن تلخيص نقاط الالتقاء فيما يلي:
- تعميق التعاون: يرى البعض أن اتفاقية بكين تمثل نقطة تحول إيجابية، وأن البلدين سيعملان على تعميق التعاون في مختلف المجالات، بما في ذلك الاقتصاد والتجارة والطاقة.
- استقرار المنطقة: يعتقد الكثير من المراقبين أن تتحسن العلاقات بين السعودية وإيران مما سوف يساهم في تحقيق الاستقرار في المنطقة، وسيقلل من التوترات والصراعات الإقليمية لان المنطقة لا تحتمل التصعيد أكثر، وهذا ما يدركه البلدان.
- فرص اقتصادية: يرى آخرون أن هناك فرصًا اقتصادية كبيرة يمكن استغلالها من خلال التعاون بين البلدين، مما سيؤدي إلى نمو اقتصادي وتنمية في المنطقة.
- حل النزاعات الإقليمية: يعتقد البعض أن تحسن العلاقات بين السعودية وإيران سيسهل عملية حل النزاعات الإقليمية، مثل النزاع في اليمن واستقرار كل من العراق وسوريا ولبنان.
- الحوار والتفاوض: وخصوصا بعد اتفاق بكين بين الطرفين الذي قرب وجهات النظر بين البلدين وشجعهما على الدخول في حوار جاد وشفاف لحل الخلافات القائمة، والتوصل إلى حلول وسطية ترضي الطرفين.
- بناء الثقة: يحاول الطرفين بناء الثقة المتبادلة من تبادل السفراء والزيارات على اعلى المستويات ومن خلال اتخاذ إجراءات بناءة، مثل وقف دعم الميليشيات في المنطقة، والالتزام بالحلول السلمية للنزاعات.
- التعاون الإقليمي: يجب على البلدين التعاون في حل المشاكل الإقليمية، مثل مكافحة الإرهاب، والتصدي للتغيرات المناخية والتشارك في حل القضايا الخلافية بين البلدين فيما يتعلق بالنفوذ والزعامة السياسية والدينية.
- الدور الدولي: يمكن للدول الكبرى، مثل الولايات المتحدة والصين، لعب دور إيجابي في تقريب وجهات النظر بين السعودية وإيران.
- رؤية 2030: أطلقت السعودية رؤية طموحة لتنويع اقتصادها واعتماد أقل على النفط، هذا التحول الاقتصادي يتطلب بيئة إقليمية مستقرة، مما يدفع المملكة إلى البحث عن حلول سلمية للنزاعات الإقليمية، بما في ذلك التوصل إلى تفاهم مع إيران.
- التجديد الاجتماعي: تشهد السعودية تحولات اجتماعية كبيرة، مثل تمكين المرأة، وفتح المجال أمام السياحة، هذه التغيرات تهدف إلى تحديث المجتمع السعودي، وتحسين صورته الدولية، مما قد يجعلها أكثر انفتاحًا على الحوار مع إيران، حتى تحقق الأهداف الاقتصادية والثقافية والاجتماعية التي تحقق الرفاهية والعيش الكريم لشعبها ومواطنيها.
ثالثاً: العوامل التي ستؤثر على مستقبل العلاقات بين البلدين
- الالتزام بتنفيذ اتفاقية بكين: مدى التزام الطرفين بتنفيذ بنود الاتفاقية سيكون له تأثير كبير على مستقبل العلاقات.
- تطور الأوضاع الإقليمية: التطورات في المنطقة، مثل الأزمة في اليمن والصراع في سوريا، ستؤثر على مسار العلاقات بين البلدين.
- الحوار والتفاوض: يجب على البلدين الدخول في حوار جاد وشفاف لحل الخلافات القائمة، والتوصل إلى حلول وسطية.
- بناء الثقة: يجب على الطرفين بناء الثقة المتبادلة من خلال اتخاذ إجراءات بناءة، مثل وقف دعم الميليشيات في المنطقة، والالتزام بالحلول السلمية للنزاعات.
- التعاون الإقليمي: يجب على البلدين التعاون في حل المشاكل الإقليمية، مثل مكافحة الإرهاب، والتصدي للتغيرات المناخية.
- الدور الدولي: يمكن للدول الكبرى، مثل الولايات المتحدة والصين، لعب دور إيجابي في تقريب وجهات النظر بين السعودية وإيران.
رابعاً: السناريوهات المحتملة
-
- سيناريو التعاون المتزايد: هذا السيناريو هو المأمول والمعول عليه بعد اختيار الرئيس بزشكيان الإصلاحي وهذا الاعتقاد يدعمه موقف الرؤساء الإصلاحيين مثل خاتمي ورفسنجاني في فترات سابقة ساد فيها الهدوء والتعاون بين البلدين وأن تتقارب وجهات النظر بين السعودية وإيران في مختلف القضايا السياسية والاقتصادية والأمنية، ولعل رؤية المملكة ٢٠٣٠ أن تحفز الحكومة في إيران على اتخاذ مسار تفاؤلي مشابه وخصوصا بعد النجاح الكبير الذي حققته هذه الرؤية من الرفاهية للشعب والازدهار الاقتصادي الذي انعكس على الحكومة والمواطنين بعد تحقيق الرؤية لمستهدفاتها في وقت مبكر.
- سيناريو التنافس المستمر: هل يمكن أن يستمر التنافس بين البلدين على الرغم من الاتفاق، وما يصاحبه من العواقب المحتملة على إيران والمنطقة بأكملها، لكني اميل إلى أن الظروف التي تمر بها إيران من اختراق لسيادتها والاستهداف الإسرائيلي للرموز السياسية والأمنية الإيرانية والاختراق الاستخباراتي للمنظومة الإيرانية، أوقع إيران بحرج كبير امام شعبها والمنطقة والعالم، مما يجعلها تبحث عن مخرج من هذا الوضع المحرج لها ولحلفائها.
- سيناريو تأثير القوى العالمية: كيف يمكن أن تؤثر القوى العالمية مثل الولايات المتحدة والصين على هذا الاتفاق وعلاقاته الثنائية؟ ولعل المعول عليه بشكل كبير هو الدور الصيني الراعي الرسمي للاتفاق والاتزان السياسي الصيني في التعاطي مع قضايا المنطقة بحيادية مقبولة لدى الطرفين.
والذي أميل اليه بناء على الاحداث الراهنة بعد السابع من اكتوبر وحرب غزة والاستهداف لرموز إيران وميلشياتها واذرعها في المنطقة باستهداف القيادات العسكرية في الصف الأول في كل من لبنان وسوريا أو داخل إيران كمقتل إسماعيل هنية رئيس المكتب السياسي لحماس داخل الأراضي الإيراني بعد مشاركته بحفل تنصيب الرئيس الإيراني وداخل مقر اقامته في ثكنات الحرس الثوري الإيراني هو إضعاف للموقف الإيراني الإقليمي والدولي، وإزالة الهالة الإعلامية التي تروج للتهديد الإيراني بمحو إسرائيل من الوجود وبعد تجاوز جميع الخطوط الحمراء التي كانت تتكلم عنها إيران مثل أي مساس أو ضرب لمحور المقاومة أو المساس بالسيادة الإيرانية كما انه يعتبر اختراق امني كبير. فالتصور أن إيران ليس امامها على اقل تقدير في هذا الوقت بعد هذه الظروف الا التقارب مع المملكة وخصوصا أن الاتفاق السعودي الإيراني كان بطلب من إيران بعد عزلتها الدولية وتدهور وضعها الاقتصادي والتململ والضغط الشعبي والمظاهرات الداخلية الأخيرة التي تم اسكاتها بالقوة المفرطة.
ختاما:
يجب الا يغيب عنا كمحللين وقراء في الجانب السياسي والاستراتيجي الوضع الدولي الراهن وإفرازاته وتداعياته الأمنية والجيوستراتيجية وسعي القوى العظمى اللعب بكافة الأوراق المتاحة لديها في فضاء السياسة الدولية للخروج في هذه المرحلة بأقل الخسائر وافضل المكاسب، سواء عن طريق خلق تحالفات جديدة أو توجيه صراعات قائمة باتجاهات مختلفة تخدم توجهاتها وأجندتها التوسعية أو افتعال أزمات وصراعات جديدة بين قوى إقليمية معينة بعلمها أو بدون علمها، ولا يغيب في هذا الصدد الأزمة الروسية الأوكرانية التي ابتزت أمريكا والغرب بشكل عام بها روسيا وجرها إلى صراع وحرب استنزافية لأضعاف روسيا وانهاكها اقتصاديا وسياسيا وأمنيا من خلال العقوبات الغربية عليها وتجميد أصولها ثم استخدام هذه الأصول لدعم أوكرانيا بطريقة ممجوجة ومخالفة لكل القيم والأخلاق البشرية وهذا الأسلوب لم يكون معهودا من قبل في السياسة الدولية سواء في الحروب والصراعات المسلحة أو في الخلافات والقطيعة السياسية بين الدول، وهي تتنافي مع المواثيق والأعراف الدولية ومبادئ وقوانين الأمم المتحدة ومجلس الأمن، وما حصل في غزة وفلسطين بشكل عام منذ السابع من أكتوبر بعد الاتفاق السعودي الإيراني الذي من وجهة نظري أنه بعثر الأوراق والحسابات الامريكية في المنطقة وعودتها بعد انكفائها ومحاولة استرضاء السعودية من خلال الاتفاق الأخير بما فيه التطبيع مع إسرائيل وفقاً لوجهة النظر السعودية القائمة على حل الدولتين، ويمكن من خلال وجهة نظر تحليلية ربط ذلك بما حصل في غزة وبما ترتب على ذلك من تطور للصراع بين إسرائيل وإيران واذرعها بالمنطقة والتماس المباشر بينهما لأول مرة، وارفاع وتيرة الاغتيالات في إيران التي وصلت إلى قيادات الصف الأول والثاني في إيران، ولهذا التحليل ما يدعمه من الانزعاج الأمريكي من التقارب السعودي الإيراني والرعاية الصينية له.
- التعقيب الثالث: أ. جمال ملائكة
التحليل الرصين والشامل لهذا الموضوع قد مس كافة الجوانب التاريخية والبينية والإقليمية والدولية لهذه العلاقة التي تتسم بالتشابك وفي معظم الأحيان إن لم يكن في كل الأحيان بالتنافر السياسي بين الدولتين بعد نجاح الثورة الإيرانية في عام ١٩٧٩.
في اعتقادي فإنه لا بد من محاولة تفكيك هذه العلاقة منذ عام ١٩٧٩ وحتى الأن لمحاولة فهم كيف وصلت هذه العلاقة لما وصلت إليه وكيف يتم معالجة كل أو بعض تفاصيل وتطور هذه العلاقة للوصول إلى أرضية مناسبة لعودة هذه العلاقات على الأقل بوقف حالة العداء بين الطرفين وصولاً بالتدرج إلى حالة الجيرة الطبيعية والتعاون كما أشار بذلك صاحب السمو الملكي ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان في تصريحات سابقة بالأمل بالوصول إلى علاقات ” طيبة ومميزة ” بين الطرفين.
تسلسل العلاقات بين البلدين حسب تطور الأحداث في المنطقة:
- تصريحات قادة إيران وتضمين دستور النظام الإيراني نظرية تصدير الثورة وبالنظر إلى البُعد الديني والجغرافي فهذا يمثل خطراً شديداً على جيران إيران العرب.
- قيام العراق بإلغاء اتفاقية شط العرب بين العراق وإيران وما عناه ذلك من بدء مسلسل عدم الاستقرار في منطقة الخليج العربي.
- الغزو العراقي الناجح في البداية للأراضي الإيرانية.
- اشتعال الحرب في حالة مدمرة للطرفين لسنوات طويلة.
- اصطفاف دول الخليج والأردن مع العراق لدواعي الأمن الخليجي والعربي وهم محقون في ذلك.
- دمار كبير للطرفين عسكرياً وبشرياً واقتصادياً مع قصف صاروخي عنيف لأراضي الطرفين وحتى في المدن مما أدي إلى نشوء جروح نفسية وسياسية من الصعب أن تندمل في وقت قصير.
- تجرع إيران للسُّم حسب تعبيرها وقبول إنهاء الحرب مع شعور قوي بالمرارة بما حل بالدولة الإيرانية.
- خلال هذه الفترة تمكن الجناح المتطرف دينياً وقومياً من السيطرة على مفاصل الدولة الإيرانية وتم إقصاء الاتجاه الغير متشدد.
- تنامى الشعور بالقومية الفارسية وأمجادها الإمبراطورية بمزيجٍ قوي من جرعة دينية شيعية متطرفة.
- قام العراق بغزو الكويت في كارثة سياسية أدت إلى تكسيح العراق وقدراته.
- استغل الإيرانيون الضعف العراقي وقاموا بتشجيع الطائفة الشيعية في العراق ضد النظام العراقي بغرض إسقاطه في الوقت المناسب.
- جاءت الفرصة مع الغزو الأمريكي للعراق وإسقاط نظامه ومن ثَمَّ تسليم السلطة للطائفة الشيعية في تخطيط أمريكي وصهيوني لإشعال الفتنة الطائفية داخل العراق وفي المحيط الخليجي واستنزاف موارد وقدرات وجهود الجميع.
- استغلت إيران الفرصة وعملت على إنشاء ميليشيات ومنظمات شيعية متطرفة وحاقدة على المواطنين المنتمين للسُّنَّة وتغولت الطائفة الشيعية بتمويل وتوجيه إيراني وعملت على إقصاء أهل السُّنَّة من مفاصل الدولة العراقية وتهميشهم ووصل الأمر إلى هجوم ميليشياوي وحكومي على المواطنين السُّنَّة بتواطؤ المُحتَّل الأمريكي ودانت السيطرة لإيران على العراق بشكل كامل.
- بدأت إيران بعد نجاحها في العراق، في زيادة تدعيم علاقاتها مع بعض الأحزاب الشيعية اللبنانية والتي هي في الأصل تابعة لإيران منذ نشأتها كما قامت بتوسيع نفوذها في سوريا بشكل غير مسبوق بعد وفاة الرئيس حافظ الأسد الذي كان رغم مساوئه محافظاً على علاقة متوازنة مع إيران، وبعد وفاته وبالتعاون مع نظام بشار الأسد قامت إيران بتوسيع النفوذ السياسي والاقتصادي والطائفي في سوريا العربية.
- قامت إيران بدعم وتسليح الانقلابيين في اليمن بحكم انتمائهم للطائفة الزيدية ومَكَّنٓت الحوثيين من السيطرة على اليمن في تهديد مباشر للمملكة العربية السعودية في خاصرتها الجنوبية مع تهديدها بحكم الأمر الواقع من الشمال من خلال الميليشيات العراقية والمسلحة بتسليح قوي.
هذا باختصار شديد تسلسل الأحداث وتصرفات النظام الإيراني مع الوضع في الاعتبار:
- سعي إيران للحصول على القدرات النووية العسكرية بدون الإفصاح بذلك وما يمثله هذا من تهديد خطير للأمن الخليجي والعربي بعد وضوح توجه إيران للتغلغل في العالم العربي والسيطرة على بعض دوله مباشرةً.
- سعي إيران لمد نفوذها وسيطرتها على بعض دول العالم العربي معتقدةً ببروز فرصة لذلك مع انهيار بعض الدول العربية وهز استقرارها في أعقاب الثورات الكارثية.
- تدخل إيران الفج وغير المقبول في شؤون الطوائف الشيعية في دول الخليج وإثارتها لهم على بلادهم.
- التدخل الخطير في شؤون دولة البحرين وتشجيع الطائفة الشيعية هناك على هز استقرار هذه الدولة.
الهجوم السعودي المعاكس:
- قامت السعودية بقيادة التدخل الخليجي في البحرين وأخمدت نار الفتنة التي أشعلتها إيران هناك.
- قامت المملكة العربية السعودية بمحاولات حثيثة لإعادة السلام إلى اليمن ولإعادة الشرعية في اليمن والتفاصيل معروفة للجميع، واضطرت المملكة للدفاع عن أمنها الوطني على حدودها الجنوبية وتم وأد المحاولة الإيرانية لتهديد المملكة.
- قامت المملكة بالتقارب مع العراق مع عدة حكومات متعاقبة هناك (بالرغم من تحكم الشيعة بتلك الحكومات) وذلك بإقناعها بالالتزام بعمقها وانتماءها العربي وعبر توسيع التعاون الاقتصادي والاستثماري بشكل أساس.
- قامت المملكة بجهود سياسية لعودة لبنان لدوره العربي والمصالحة بين الأطراف اللبنانية لانتخاب رئيس البلاد وإعادة الحياة لمؤسسات الدولة وعدم السماح بسيطرة لأي حزب على القرار اللبناني ولا تزال المحاولات مستمرة في هذا الشأن.
- وفي سوريا أصبح الوضع شديد التعقيد بالتدخل الإيراني بكافة جوانبه وعبر ميليشياته والتدخل الروسي والتدخل التركي وتواجده على الأراضي السورية والتدخل الغربي بتواجد قواعد عسكرية غربية والاستيلاء على مقدرات سوريا عدا بالطبع قوى المعارضة المسلحة والميليشيات العابرة للحدود. وقد حاولت المملكة ولا تزال على إعادة سوريا لموقعها الطبيعي في العالم العربي وعدم الارتهان للنفوذ الإيراني.
- وبتوقيع الاتفاق السعودي الإيراني برعاية الصين في مارس ٢٠٢٣ وعودة العلاقات الدبلوماسية بين الدولتين لاحقاً وتوقف الحرب اليمنية فإنه يجب على إيران فهم التالي:
- السعودية تود إقامة علاقات جيرة وتعاون ومصالح بشرط التوقف عن التدخل الإيراني في المنطقة وهذا أمر شديد التعقيد بسبب العقيدة الدينية للمتحكمين بمفاصل القرار الإيراني بجانب الأحلام التوسعية للنظام هناك، ولكن هذا شرطٌ أساس وخط أحمر بالنسبة للسعودية ودول الخليج وكافة الدول العربية؛ وبالتالي فهذه النقطة هي التي ستحكم شكل العلاقة بين السعودية وإيران والكرة في ملعب الدولة الإيرانية وهي التي عليها القبول بهذا الشرط الذي لا يمكن التنازل عنه.
- حصول إيران على القدرات النووية العسكرية سيقابله حصول المملكة على نفس القدرات وكيفية ذلك متروكة للقيادة السعودية وهذا سيؤدي حتماً لنشوء التوازن في ميزان القوى على ضفتي الخليج.
- تدخل إيران بقضية فلسطين يجب أن يمر عبر البوابة العربية وليس عبر التدخل الإيراني في شؤون فلسطين وسوريا ولبنان والعراق.
نستطيع القول إن السياسة السعودية استطاعت تغيير كثيراً من الوضع القائم في الدول التي تدخلت فيها إيران مع الإقرار بأن هذا التدخل لا يزال موجوداً بدرجة أو بأخرى كما أن الوضع قد اتجه للتعقيد بعد طوفان الأقصى بشكل كبير.
في النهاية نستطيع القول إن العلاقات السعودية الإيرانية قد اتخذت منحىً إيجابياً بدرجة مقبولة بعد توقيع الاتفاقية بين الطرفين وأن المملكة قد نجحت في تحجيم وتخفيض منسوب التدخل الإيراني في المنطقة، لكن لا يزال هناك عمل كبير ينبغي تحديداً على إيران إتباعه للوصول إلى علاقة طبيعية بين الجارين على ضفتي الخليج العربي.
بقى أن نقول أنه إذا قامت إيران بما ينبغي عليها أن تقوم به كما جاء أعلاه فإنه سوف يحدث تحول جيو إستراتيجي هائل وبشكل غير مسبوق بما يؤدي إلى تغيير شامل لكل قواعد اللعبة في المنطقة سواءاً سياسياً أو اقتصادياً وأيضاً وهو الأهم في نظري ما يخص القضية الفلسطينية وسوف يربك هذا التطور كل الخطط الصهيونية كما سوف يربك من نَصَّبها كقاعدة عسكرية متقدمة له في المنطقة لإخضاعها واستنزافها ونهب ثرواتها.
- المداخلات حول القضية
- التحديات التي تواجه تعزيز العلاقات السعودية الإيرانية في الوقت الراهن.
أحد التحديات المهمة تتعلق بالبعد الأيديولوجي والذي تقوم على أساسه الدولة الإيرانية في نموذج عجيب للدولة الإسلامية التي ترفع شعار العقيدة وهي بعيدة كل البعد عن هذا الشعار وتنفذ سياساتها الخارجية والداخلية خلفه كستار.
ومن هنا أصبح النظام الإيراني مزدوج الهوية السياسية التي تجمع بين الحكم الديني والجمهوري المؤدلج وعليه فالتوقع أن الرئيس الجديد لا يُمكنه إحداث أي تغيير أو تحول في السياسة الخارجية.
ومن ناحية أخرى فثمة وجهة نظر ترى أن إيران ليست قوية بما يتوازى مع امكانياتها البشرية ومواردها الطبيعية. وملامح قوتها في بعض الدول العربية إنما هو خلل في التكوين الديموغرافي والسياسي والمذهبي في تلك الدول العربية؛ فالشيعة في تلك الدول تم حقنهم عبر الزمن بالمظلومية (الوهمية في الغالب) حتى كادوا أن يكونوا ضحايا لتجارة وصناعة الكهنوت المستوردة بشكل يكاد يكون حرفي من الثقافة الكاثوليكية (في العصور الوسطى المظلمة في أوروبا الغربية.. ومثل ما ساهمت تلك الثقافة في إبطاء تنور الغرب ومن ثم انفجار ضد الديانة بالكامل وانفتاح على ليبرالية لا حدود لها قيمياً فإن الوضع في إيران يعد بمثل ذلك، والمسألة مسألة وقت وتوازن وانتظار والمهم عدم دخول في حرب معهم.
أيضاً فإن الهاجس الذي يبقى دائماً موجوداً كلما دار الحديث عن تحسين العلاقات السعودية الإيرانية، هو مدى امكانية الوثوق بالجانب الإيراني وقدرته على المضي قدماً بحسن نية في اجراءات تحسين العلاقات. وفي حين أن هذا الهاجس لا زال موجودا، إلا أن هناك هاجساً آخر طغت مؤخرا بشكل مقلق، وهو يتمثل في تساؤل مفاده: إلى أي مدى يمكننا الوثوق بالطرف “الأمريكي” -بالنظر لأهميته وتأثيره- وكيف يمكن الوثوق بحسن نواياه وقدرته على تجنب الانحياز الصارخ الذي يصيبه دوما بما يشبه العمى الذي لا يرى معه سوى أمر واحد وهو مصلحة إسرائيل وتفوقها النوعي، ليس فقط بتقويتها على دول المنطقة، بل وحتى العمل على إضعاف تلك الدول بكافة الوسائل وأهمها تأجيج الصراعات والعداوات فيما بينهم، ووضع العقبات أمام تقاربهم وتعاونهم.
وفي الرسائل التي يبعثها الرئيس الإيراني الجديد “مسعود بزشكيان” لابد من ملاحظة وجود النعرة الفارسية، ومؤشر هذه النعرة في توجيه الخطاب إلى دول الخليج، وهذه رسالة ليست عفوية بل مقصودة، فباطنها يقول بأن السعودية مثل قطر والبحرين ولبنان واليمن، لا فرق. وهذا المعنى المبطن يوحي بالنفس الفارسي الذي وإن زعم بحثه عن السلام فإن ما يبطنه ويظهر عبر الرسائل المشفرة وكذلك أفعاله بالاستمرار بدعم المليشيات الإرهابية، وكذلك سلوكيات تلك الجماعات كلها تؤكد على أن إيران لن تتغير وأن الأطماع والأحقاد الفارسية أمر جيني تتوارثه الأجيال الفارسية ولا يمكنها التخلص منه، وأن الاحتماء من هذه الأطماع والأحقاد لا يكون إلا بالوعي التام بحقيقة هؤلاء والتعامل معهم بكل حذر وإظهار القدرة على ردعهم.
فعلى سبيل المثال، ثمة فرص للتقارب بين السعودية وإيران، وهي فرص حقيقية وكل واحدة منها تكفي للتحفيز على التقارب، ولكن، التحديات والعقبات التي تحول دون التقارب كلها تنسف هذه الفرصة، ومشكلة التحديات أنها جميعا تخص إيران فقط، كلها تخص بلد تحكمه ثورة وليس دولة، ولهذا فمن الصعب برأي البعض تحقيق التقارب؛ لأن التقارب يضرب في مقتل كل التحديات، والتحديات تمثل مشروع حياة بالنسبة للفرس لا يريدون حلها وتجاوزها، بل يسعون إلى تحقيقها.
إيران تنظر من منظور إيديولوجي وتصور للعالم إعلامياً أن العالم ينقسم إلى قسمين هما: عالم الشر وتقوده الولايات المتحدة الأمريكية، وعالم الخير تقوده الثورة الإسلامية في إيران، وترى أن على دول الجوار الاعتراف بفارسية الخليج والقبول بإيران كقوة، ولم يعد المشروع الإيراني التوسعي خافياً على أحد، فتحويل المنطقة العربية إلى ساحة صراع ومنافسة لخدمة أجندتها. ولا ننسى تلويحها إعلامياً من خلال الحرب النفسية أنها دولة قوية قادرة على السيطرة على المنطقة والتلويح أنها حامية للإسلام والقضية الفلسطينية، رغم أنها متهالكة اقتصادياً واجتماعياً.
أحد التحديات تتمثل في صمود الاتفاق السعودي الإيراني الأخير، فالرهان في صمود الاتفاق على أمرين:
- الأول: هو الدافع الأساسي الذي قاد إيران إليه وهو الاختناق الاقتصادي والعزلة السياسية. فالسعودية تمثل البوابة الأكبر إلى الأمتين العربية والإسلامية (نفس الدافع الاسرائيلي) والى الغرب سياسياً وتجارياً.
- الثاني: هو سباق القوة العسكرية والناعمة الذي تكسبه السعودية كل يوم. فقد وصلت طهران إلى ما وصلت اليه موسكو في الثمانينات من إنهاك واستنزاف للموارد في سباق التسلح والحضور الثقافي الحضاري. ومع التفوق الأمريكي فيما سمي بحرب النجوم والفضاء والإعلام والثقافة العابرة للحدود اكتشف الروس أن النهاية وشيكة فسارعوا للإصلاح الداخلي والاتفاقات النووية والسياسية مع أمريكا والتزموا بها؛ لأن البديل هو الانهيار التام. والتاريخ يكرر نفسه فالقوة الإيرانية قامت على ضعف. والتفوق العسكري لا يتحقق بدون تفوق اقتصادي وتنموي، علمي وثقافي. وبدون تحالفات قوية ومكانة دولية عالية.
وبصفة عامة يمكن ملاحظة أنه ثمة عدة تحديات معقدة تواجه تحسين العلاقات السعودية الإيرانية منها:
- القضايا الأمنية: المواقف الأمنية والإستراتيجية في المنطقة، مثل النزاع في اليمن والدعم الإيراني لجماعات مثل حزب الله والحوثيين، تعد من أكبر التحديات.
- الصراعات الإقليمية: التوترات في سوريا والعراق ولبنان.
- الثقة المتبادلة: بناء الثقة بين البلدين يحتاج إلى وقت وجهود متواصلة، خصوصًا في ظل تاريخ طويل من التوترات والخلافات. ويتطلب جهود دبلوماسية مستمرة.
ويجب النظر للتحديات التي تواجه العلاقات السعودية الإيرانية نظرة تتجاوز التكتيك إلى الاستراتيجية طويلة المدى.
- فرص العلاقات السعودية الإيرانية في ظل رئاسة “مسعود بزشكيان”.
إن السعودية وإيران تجمعهما الجيرة والدين (مع اختلاف المذهب) بل وتجمعهما مصالح اقتصادية تفيد الطرفين بحكم القرب الجغرافي والأسواق.. الخ. يجب إبقاء الخلاف خلافاً سياسياً تتم معالجته بالسياسة والحكمة وفهم أن اللغة الخشبية فقط تفيد المتطرفين والعدو المتربص بالعالم العربي والإسلامي .
وقد يكون من غير الملائم في تصور البعض تلخيص المشكلة الإيرانية أو تركيز معالجاتها بالبعد الطائفي؛ فالمنطقة كلها تتسم بالتنوع الديني والمذهبي. وكان لدى شعوبها وأنظمتها السياسية على مدى التاريخ القدرة الفائقة على احتواء هذه الاختلافات حتى لو كانت فاقعة مثل الاختلاف الديني / الطائفي في الحالة الإيرانية.
ولقد أثبتت طهران قدرتها العجيبة على تجاوز الأيدلوجيا بما فيها العامل الديني لصالح الأهداف السياسية، إذا دعت مصالح إيران العليا لتجاوزها. ولعل أكبر دليل في ذلك تحالفها مع ارمينيا المسيحية ضد جارتها أذربيجان الاسلامية الشيعية. ومن ناحية أخرى سعت إيران مؤخراً إلى المصالحة مع السعودية وتعهدت بعدم التدخل في شئونها الداخلية بما في ذلك شئون أقلياتها المحلية التي كانت تدعي الدفاع عنها.
وجاء هذا التوجه عقب شعورها الجسيم بتصدع نظامها الداخلي بفعل تراكم أعمال المعارضة الإيرانية وقيام الانتفاضات وتغول الشرطة الدينية وانهيار العملة المحلية وزيادة التضخم وارتفاع البطالة وتراجع النمو الاقتصادي بسبب العقوبات والعزلة العالمية.
لذا يمكن القول إن الاختلاف الرئيس مع إيران هو اختلاف سياسي بالدرجة الأولى. ومرد المشكل السياسي هو اختلال موازين القوى الاقليمية بعد غزو العراق. ولاحتواء التهديد الإيراني لابد من تعديل ميزان القوى مع إيران في كافة الأشكال والأبعاد، بما يسهل نشوء تسوية سياسية اقليمية.
وفي الواقع أن قضايا إيران الداخلية والخارجية موضوع استراتيجي وحيوي للمملكة في المنطقة؛ لان إيران بلد مؤثر في الأمن والاستقرار الإقليمي، وهي جار مهم ولا نستطيع تغيير جيراننا كما نغير بيوتنا، فالجغرافيا لا تتغير. ناهيك عندما تجتمع الجغرافيا والتاريخ في توجيه علاقات المنطقة.
وفي تصور البعض فإن المهيمن الأكبر على المنطقة هو أمريكا. ويمكن للمملكة أن تكون لها سياستها المستقلة وموقفها المتفرد، في علاقتها مع إيران، ومع الصين، ومع روسيا. وفي ذات الوقت مع أمريكا. كانت علاقات المملكة مع إيران حسنة، ووطيدة أيام حكم الشاه، والذي كانت له حكومته. الثورة غيرت النظام.
وهناك أمور يحتاج نظام إيران لتغييرها، كي يصبح مقبولا داخليا وخارجيا. ولا يعرف عن الرئيس “يزكشيان” الكثير. وبالتالي، لا نعرف مدى قدرته على إجراء التغييرات المأمولة. ولو قامت إيران بما يجب أن تقوم به لحدث تحول جيوسياسي هائل في المنطقة.
أما الشعوب العربية فقد انكشفت أمامها الدعاية الإيرانية بعد الربيع العربي؛ فهي دخلت في سوريا مساندة لنظام الأسد، وتدخلت في البحرين مساندة للشيعة، وبالتالي خسرت صورتها لدى الشارع العربي الذي بنته خلال العقود الماضية.
لكن يجب الوضع في الاعتبار أن إيران تدرك أهمية الدور السعودي في هذه المرحلة؛ بل يمكن القول إن إيران ممتنة جدا للاتفاق السعودي الإيراني في هذه الظروف التي تمر بها خصوصا إذا تم حصر المواجهة بين إسرائيل وإيران على الأهداف في البلدين ووكلاء إيران في المنطقة بعيدا عن استهداف المصالح الأمريكية والغربية في المنطقة التي يوجد جزء منها في المملكة كمصادر الطاقة وخطوط وسلاسل الإمداد العالمية في المنطقة؛ حينها لا سمح الله قد تتغير مجريات الأمور وفقاً لتقييم القيادة في السعودية لمرحلة لاحقة.
وفيما يخص الفرص، فثمة ثلاثة محاور رئيسة يجب ملاحظتها عند تناول العلاقة بين السعودية وإيران:
- المحور الأول: محور المصالح
- المحور الثاني: المبادئ
- المحور الثالث: محور الالتزام والواجب
وبالنسبة لمحور المصالح فهو ما يتعلق بمصالح كلا الطرفين السعودي والإيراني، وأما محور المبادئ فيتعلق بالمبادئ التي تتبناها الدولة وتنشرها وتعممها وتدافع عنها وتقاتل من أجلها. أما المحور الثالث وهو الواجبات والالتزامات مثل أي واجب قومي أو إنساني خاصة عند حدوث كوارث طبيعية أو حروب.
- مرتكزات المسار المستقبلي للعلاقات السعودية الإيرانية.
مرّت المنطقة بمحطات عدة ضمن امتياز التوازن منذ الستينات وحتى اليوم، وفق تحولات “توازن القوى” بين صعود قوة وهبوط أخرى، وبعد خيار أمريكا بتخفيف حضورها في المنطقة بحجة احتواء الصين والتركيز على بحر الصين الجنوبي، وربما أيضاً لدفع دول المنطقة تجاه التقارب مع إسرائيل وقد تحفزت بعض دول المنطقة بتطبيع علاقاتها مع إسرائيل من منظور استراتيجية “توازن التأثير”.
اليوم وبعد عودة العلاقات السعودية الإيرانية برعاية صينية وبعد مرور أكثر من عام على عودتها، تم تدشين مرحلة آسيوية بامتياز ومن خلال تصريح الرئيس الإيراني وفق مفهوم المبدأ، نحتاج إلى طرح مفهوم جديد للتوازن الاقليمي يقوم على أساس “توازن المبادئ” وبالذات أن طبيعة الصراع عقائدي بالدرجة الأولى، وذلك لترسيخ السِلم والاستقرار الإقليمي، إذا ما كُتب له النجاح قد نصبح أمام انموذج يحتذى به دولياً مع عدم إغفال القوة لتحصين الأمن الوطني. وإن كانت العلاقات العربية الإيرانية ومن ضمنها السعودية السِمة الطاغية عليها هي التوترات.
وينبغي عند التفكير في كيفية تخفيض منسوب الخصام أو العداء أو المنافسة مع إيران، التفكير بعقلٍ بارد .فمن السهل الاسترسال في حالة شحن العداوة أو الخصومة والاستمرار في كيل الصفات لإيران مثل فارسية وعداوة فارسية أبدية للعرب وشيعة وسُنَّة والعكس صحيح من الجانب الإيراني، ولا شك أن هذا مما نلمسه من فئات متشددة في إيران وكذلك رد الفعل من الجانب العربي، هذه الاتهامات والتوصيفات والتراشق المتبادل يجب على المراقب ألا ينجر إليها فهي لن تفيد إلا المتطرفين في إيران وأعداء العرب والمسلمين .و في نفس الوقت يجب التيقظ والتحوط والتنبه وأخذ الخطوات المناسبة لتحجيم وإفشال المخططات الإيرانية وهو دور الدول بلا شك .
ومن النقاط التي يجدر الانتباه إليها، أن التراشق المستمر بين أمريكا وإيران هو تراشق محسوب، مضبوط الإيقاع، هدفه إظهار إيران قوية قابلة للتحدي، وتذكير العرب أن أمريكا حليف لهم في مواجهة إيران. هذا لا يعني أن أمريكا لا تختلف مع إيران؛ لكنه يعني أن إيران قوية شيء مفيد لأمريكا، وخدمة أمريكا كقوة لا يمكن تجاهلها في المنطقة مفيد لإيران والحفاظ على هذا القدر المشترك بينهما هو الثابت. إيران تحاول أن تكون أقوى مما هي عليه، وأمريكا تحاول أن تبقي إيران على ماهي عليه.
وفي سياق متصل، فإن الدبلوماسية الحديثة السوية، تقتضي التعامل مع كل الدول، السوي والشاذ منها. وذلك بعد تطبيع هذه الدبلوماسية، وصبغها بما هو حق، وطبيعي. ويعمل كل ذلك لخدمة المصلحة العامة للبلد. وتعرف السياسة الخارجية لأي بلد، بأنها: الأهداف التي تسعى الدولة لتحقيقها، خارج حدودها. والوسائل التي تتبعها لتحقيق تلك الأهداف. والأهداف تنقسم الى قسمين: أهداف مادية مصلحية، وأهداف ايديولوجية عقائدية. وعيب إيران الاكبر أنها تعطى الأهداف العقائدية وزناً كبيراً، وتحاول فرضها على الجيران. تلك هي المسألة باختصار. وهي مسألة يجدر أخذها بالاعتبار من جانب المملكة.
وعموماً قيادة المملكة حفظها الله تدرك وهي تسعى من خلال دبلوماسيتها المميزة أن النظام الإيراني مهما حدث من تطور في العلاقات معه فإنه لا يمكن الوثوق به، وبالدبلوماسية يُمكن اتقاء شره وحقده، ولا ننسى كلمة سمو ولي العهد حينما قال (كيف أتفاهم مع واحد أو نظام لديه قناعة مرسخة بأنه نظام قائم على أيدولوجية متطرفة منصوص عليها في دستوره؟).
وتكشف متابعة السياسة السعودية أن ما حققته من نتائج في لعبة التوازن تتسع دائرته لتشمل أقطاب العالم من الصين وروسيا إلى أمريكا وأوروبا. ومن نمور آسيا الصاعدة إلى قوى جنوب أمريكا الكبرى، وسياسة الحياد الإيجابي وتقديم المصلحة الوطنية أولاً والتفاوض والتعامل بندية مع هذه القوى، مع الارتكاز على التكتلات الخليجية والعربية والإسلامية والأفريقية أعطت نتائج ملموسة ارتقت بمكانة الرياض في المحافل الدولية. هذه القوة المتنامية، الاستراتيجية والسياسية والاقتصادية، والعسكرية أعانت القيادة السعودية على ضبط إيقاع لعبة التوازن بدون أن تضحي بمصالحها مع طرف لصالح آخر. والتصور أن هذه القدرة ستزداد. قوة وتمكنا مع تصاعد المكانة وتراكم الإنجازات وتعالي المصداقية.
وبالتأكيد فإننا لسنا من السذاجة ولسنا واقعين تحت وهم أو نتوقع حل الأمور مع إيران هكذا بمد يد الصداقة والمصالح، لكنه أيضاً بلا شك فإن إتباع سياسة مد يد التعاون والجيرة والصداقة هو طريق “موازي” لضرب المخططات الإيرانية دون الوقوع في فخ اتهام شعب بأنه فارسي وكاره للعرب وشيعة وسُنَّة.. الخ.
ولعل الأسلوب الواقعي والأمثل هو التعامل مع إيران بأسلوب جديد. وفتح علاقات حذرة ومتدرجة معها وتجنب العداء الظاهر. ومهم أن نعمل على تحسين نظرة أفراد الشعب الإيراني للعرب من خلال أدوات إعلامية مستقلة ومتنوعة ودعم المبادرات التي تعمل في ذلك الاتجاه. ومن ذلك على سبيل المثال: دعم نشر اللغة العربية بشتى الطرق، ودعم المسلسلات والأفلام عن المشاهير والأبطال من مناطق إيران في التاريخ بشكل يعرض ما كان من تعايش وتداخل بين منطقة إيران والعراق والشام والجزيرة العربية بشكل ايجابي.
إن العلاقة مع إيران يحسن أن تقوم ولكن مع الدولة ومؤسساتها بشكل رسمي جدا مع مسافة كبيرة عن الحرس الثوري، والابتعاد عن الطائفية كل البعد ونشر العلم الشرعي، إذا ولا بد بشكل موضوعي وليس طائفي، أن تكون العلاقة علمانية (بحتة) … وعدم إعطاء إيران أي تنازلات سياسية أو تجارية أو ثقافية أو اجتماعية أو أمنية أو عسكرية بحيث يكون ذلك واضحا من البداية.
والمهم لبلاد معتدلة مثل المملكة العربية السعودية هو الالتزام بسياسات منفتحة، وداخل قوي، وتنمية لا تتوقف، وتطوير مستمر للموارد البشرية، ومزيد من تطوير المؤسسات والحوكمة وفتح مجالات الاستثمار والتوظيف وتنمية جميع الإمكانات.
وسياسة المملكة متزنة ومتعقلة ومبنية على مقاربات محسوبة على الصعيد الإقليمي والدولي؛ وهي تأخذ بالحسبان هذه الظروف وهذه المتغيرات، والدليل الموقف السياسي السعودي من أطراف الصراع في الحرب الأوكرانية وقفت من الجميع على مسافة واحدة بحياد استفاد منه جميع أطراف الصراع كالإفراج عن الأسرى، ومساعدة أوكرانيا، والسياسية النفطية (أوبك بلص)، وقد حققت مصلحة جميع الأطراف؛ بل إنه أعطى زخماً سياسياً قوياً ومقبولاً من كافة مكونات المجتمع الدولي.
إيران تعيش الآن مرحلة الجيل الرابع (الشباب) بعد الثورة، وهذا الجيل دخل مرحلة تثاقف مع الشعوب الأخرى ومنها الشعب السعودي بحكم الجوار ووسائل التواصل الاجتماعي المتعددة. وبالتالي لا نستطيع اختزال العلاقات الإيرانية السعودية في هذه المرحلة بالذات من منظور أيديولوجي فقط.
وبالمجمل فإن العلاقة بين المملكة وإيران يجب أن تبنى على الأسس التالية:
- أولاً: تقوية ودعم القوى الناعمة المعنية الموجهة للداخل الإيراني والرأي العام العالمي.
- ثانياً: إنشاء جمعية شعبية سعودية إيرانية تحت إشراف وزارة الخارجية وتكون مهمتها تقوية وتحسين العلاقات بين الشعبين بعيدة عن الكيانات الرسمية.
- ثالثاً: التشدد في عدم قبول التدخل في الشؤون الداخلية.
- رابعاً: أهمية إنشاء مركز متخصص في كل ما يتعلق بإيران سواء السياسية والاجتماعية والاقتصادية والتاريخية وللقيادات المؤثرة، وعمل دراسات تحليلية ومن قطاعات مستقلة من عدة جهات مختلفة خاصة الجامعات العالمية المشهورة.
- خامساً: إرسال موفدين يختارون بعناية سواء يمثلون الجامعات أو مجلس الشورى أو باحثين مستقلين أو رجال أعمال ويكون الهدف الرئيسي لهم معرفة اتجاهات المجتمع من الداخل.
- التوصيات
- الاهتمام بتنويع وسائل وأساليب الاتصال مع الشعب الإيراني من أجل تعزيز أجواء الثقة. وإشراك المجتمع المدني والمؤسسات العلمية والثقافية في البلدين لتطوير صلات البلدين مثل تأسيس القنوات والمواقع الالكترونية وتعزيز وسائل تعليم اللغة العربية وكذلك تعليم اللغة الفارسية.
- السعي لإيلاء بكين وموسكو دوراً في تطوير العلاقات بين جانبي الخليج، على ضوء الوساطة الصينية بين السعودية وإيران وما أظهرته الحكومة الصينية من مبادرات سياسية ناجحة تجاه المنطقة.
- تطوير الوعي السياسي بخطورة الانجرار إلى النزعات الطائفية والمذهبية، وتحييد أخطار التطرف السياسي والعقائدي على الأمن والاستقرار.
- تعزيز المصالح المشتركة بين الشعبين في القطاعات الاقتصادية والاجتماعية والتعليمية والتدريبية والبحثية؛ بما يقلص أسباب الصراع ويدفع إلى التعاون.
- إنشاء مركز دراسات وأبحاث في الشؤون الإيرانية من جميع الجوانب السياسية والاقتصادية والاجتماعية والدينية والأشخاص المؤثرين من إيرانيين وغيرهم.
- أهمية توجيه العلاقات مع إيران بطريقة تخدم الاستراتيجيات السعودية بحيث تركز هذه العلاقات على التعاون في مواجهة التحديات الإقليمية خاصة ما يجري في اليمن وسوريا.
- التأكيد على أهمية إشراك أطراف أخرى في العلاقات مع إيران فالدول الصديقة والمنظمات الدولية يمكن أن تقوم بدور إيجابي يسهم في بناء علاقات متوازنة وحذرة.
- أي اتفاق لإبقاء علاقات آمنه إيران يجب أن يكون وفق ضمانات دولية قوية تحكمها المصالح وتحت مظلة مجلس الأمن الدولي.
- تعزيز وتقوية العلاقات بكافة أشكالها مع جيران إيران ما أمكن ذلك.
- لابد من تغيير الصورة النمطية للعلاقة مع إيران على المستوى الشعبي والرسمي وتجنب الخطاب الطائفي والأيديولوجي من الجميع وضرورة تجاوز العقبات التي لا تخدم مصلحة الجميع.
- يجب الحفاظ على قنوات اتصال مفتوحة، حتى في الأوقات التي تكون فيها التوترات عالية. يمكن أن تكون هذه القنوات دبلوماسية رسمية أو عبر وسطاء.
- التأكيد على أهمية اتخاذ الإجراءات الحازمة لمنع التوسع الإيراني في المحيط العربي.
- إشراك الأطراف الأخرى الفارسية في التواصل مع الدولة الفارسية:
- البرلمان والحيش والحرس الثوري.
- القطاع الخاص.
- الغرف التجارية.
- الجامعات.
- مراكز البحث.
- تطوير التواصل السياحي.
- تبادل الطلاب والمدرسين.
- أهمية تفعيل القوة الناعمة السعودية في بناء العلاقات مع إيران على المستوى الإقليمي والدولي.
- العمل على إقناع الدولة الفارسية على تعديل دستورهم ورؤيتهم ٢٠٢٥.
- التوسع في توقيع اتفاقيات التعاون المختلفة مع الجانب الفارسي.
- تطوير القدرات العسكرية الوطنية (بما فيها النووية) والأمنية والاستخبارية لمواجهة القوة العسكرية الإيرانية العدوانية المتنامية المحيطة بنا.
- عقد التحالفات العسكرية مع القوى المؤثرة في العالم مثل الولايات المتحدة والدول الأوروبية اضافة إلى باكستان والصين وروسيا ومصر وحتى تركيا للتعاون العسكري متى ما دعت الحاجة لذلك.
- العمل مع الدول المحيطة بإيران لتشكيل تحالف سني، عسكري، ثقافي، اقتصادي، تنموي، لمواجهة المد الشيعي المنظم والفاعل في العراق وسوريا ولبنان والبحرين واليمن وغيرها من دول أفريقيا.
- المصادر والمراجع
- العامري، على محمد. دراسة عن “العلاقات الإيرانية – السعودية للفترة ما بين 1997 – 2008″، مجلة المستنصرية للدراسات العربية والدولية.
- مركز الدراسات السياسية والاستراتيجية، جامعة بغداد.
- موقع إيران إنترناشيونال.
- وكالة رويتر.
- مجلة المجلة.
- صحيفة الشرق الأوسط.
- موقع معهد واشنطن.
- الصمادي، فاطمة. (2024). مسار العلاقات الإيرانية السعودية: الفرص والتحدّيات، https://mecouncil.org
- الصاوي، عبدالحافظ. (2023). عودة العلاقات بين إيران والسعودية.. أي مستقبل للنشاط الاقتصادي والتجاري بين البلدين؟ https://www.aljazeera.net
- المبارك، أحمد. (2023). تطور العلاقات السعودية- الإيرانية… رحلة نحو التقارب والتعاون، https://sabq.org/saudia/yf0zxf6bqt
- حاطوم، نسرين. (2023). هل تنهي عودة العلاقات بين السعودية وإيران الأزمات الراهنة؟ https://www.bbc.com/arabic/articles/cpv2dlqp25wo
- العتيبي، لجين. (2023). السعودية وإيران: ما بعد العلاقات الجيوسياسية، https://carnegieendowment.org/sada/2023/06/saudi-arabia-and-iran-beyond-geopolitics?lang=ar
- عبد الحي، وليد. (2023). الآفاق المستقبلية للعلاقات الإيرانية السعودية، https://www.alzaytouna.net
- الكتبي، سالم. (2023). السعودية وإيران.. تقارب مؤثر إقليميا،https://alarab.co.uk
- الحسيني، محمد علي. (2023). صفحة جديدة في تاريخ العلاقات السعودية – الإيرانية، https://www.alarabiya.net
- مكرم، رانيا. (2023). دوافع إيران من اتفاق عودة العلاقات مع السعودية، https://futureuae.com
- مركز البيدر للدراسات والتخطيط. (د.ت). شخصية بزشكيان وتحديات السياسة الخارجية، ترجمة وتحرير: مركز البيدر للدراسات والتخطيط، baidarcenter.org
- مصطفى، عبدالرؤوف. (2024). التغيير والاستمرارية في السياسة الخارجية الإيرانية في عهد الرئيس بزشكيان، المعهد الدولي للدراسات الإيرانية.
- المشاركون.
- الورقة الرئيسة: أ. سليمان العقيلي
- التعقيب الأول: د. خالد باطرفي
- التعقيب الثاني: د. مطير الرويحلي
- التعقيب الثالث: أ. جمال ملائكة
- إدارة الحوار: د. عبدالرحمن الشبيب
- المشاركون بالحوار والمناقشة:
- د. تركي القبلان
- د. صدقة فاضل
- الفريق د. عبدالإله الصالح
- أ. سعود كاتب
- د. سعيد بن مزهر
- د. فهد الغفيلي
- د. زياد الدريس
- د. عائشة الأحمدي
- د. حميد الشايجي
- د. حمد البريثن
- اللواء د. عبدالله المهنا
- د. لمياء البراهيم
- د. هناء المسلط
- أ. محمد الأسمري
- د. زياد الحقيل
- د. إحسان بوحليقة
- د. نوال الثنيان
- د. إبراهيم البعيز
- د. فوزية الدوسري
- م. أسامة الكردي
- م. محمد المعجل
- د. محمد الملحم
- د. نادية الشهراني
- د. سعيد الغامدي
- د. مشاعل العيسى
- أ. عبدالله الضويحي
- أ. مها عقيل