مستقبل الصحافة ومستقبل الصحفي

مستقبل الصحافة ومستقبل الصحفي

 

الأحد 27 / 4 / 1439

الموافق 14 / 1 / 2017

 

 

الورقة الرئيسة:
د.فهد العرابي الحارثي

في نظري أن الأزمة مصدرها أن القائمين على هذه المؤسسات لم يكونوا مؤمنين بأن العالم يتغير من حولهم بسرعة هائلة ، وأن كثيرا من أدوات الحياة تتغير أيضاً ، وبالتالي كثيرا من الوظائف والأعمال ستختفي ، ستتغير المفاهيم وستتغير خيارات المعالجة . صحفيو اليوم سيجدون أنفسهم بلا وظائف .
التغير الذي طرأ على صناعة الصحافة تغير جذري ، لأن المنتجات التي كانت تقدمها الصحافة التقليدية أصبحت تقدمها الوسائل والمنصات الجديدة بطرق تتميز بالسرعة والنجاعة والتفاعل ، و تتميز بتحقيق ما يسمى اليوم ب “ديموقراطية المعرفة ” وبالتالي فهي تدشن باقتدار مرحلة ” موت النخبة ” فالناس أصبحوا يتداولون الأخبار والأفكار والمعلومات بسهولة ويسر ، بل إن الجمهور نفسه أصبح صانعاً رئيساً للثقافة والإعلام والمعرفة الجديدة .
المؤسسات الصحفية لم تستطع أن تلتقط الخيط فتبتكر خيارات مغرية تبقيها في حلبة التنافس ، استندت فقط الى تراثها ” القديم ” المتراكم ، ولم تحسن تقدير سرعة التغيير الذي يجري في العالم السابح في فضاءات المجتمع الرقمي .
وهذا التفريط لا يقتصر على أوضاع صحافتنا العالمية ، بل يشمل بيئات صحافية و إعلامية أخرى منتشرة فوق كوكب الارض .
لست مع الاستنجاد بالحكومة لتقديم الدعم . نحن اليوم في زمن الابتكار والتنافسية ، و الذي لا يستطيع الجري في هذا المضمار سيخرج سواء بدعم الحكومة أو بغيره .
في ظل التطورات التقنية والمفاهيمية المتسارعة لابد أن ندرك بأن هناك كيانات اختفت من آفاق صناعة الثقافة في العالم ، و قد ظهرت في مكانها كيانات جديدة مختلفة. لا بل أن الثورة التقنية في مستوى الذكاء الاصطناعي والروبوتات، بلغت من الدقة والجنون بأن أصبحت الآلة ذاتها منتجة للثقافة، فهي قادرة على التفكير مثل الإنسان!!. فتذكر بعض التقارير أن صحيفة الواشنطن بوست مثلاً شرعت في استخدام تقنية الذكاء الاصطناعي، لإنتاج روبوتات صحفية قدمت حوالي 300 تقرير قصير. وقدمت تنبيهات حول “أولمبياد ريو” في البرازيل. ثم توسعت في استخدامها تلك التقنيات لتغطية فعاليات من بينها انتخابات الكونجرس، وفعاليات رياضية محلية، ليصل ما أنتجته من مواد إلى 850 مادة صحفية في عام واحد (بمعدل أكثر قليلاً من مادتين في اليوم الواحد).
و تذكر التقارير التي ترصد التطورات المتسارعة في صناعة الإعلام أن وكالة الأسوشتد برس استخدمت الروبوتات ( الذكاء الاصطناعي ) لتغطية الأعاصير التي اجتاحت بعض الولايات الأمريكية، أما صحيفة “يو إس توداي” فقد استخدمت برمجيات لإنشاء مقاطع فيديو قصيرة.
وتسعى صحيفة “واشنطن بوست” لمعرفة كيفية استخدام، الروبوت (الصحفي الإلكتروني) لمساعدة الصحفيين في إعداد التقارير الفنية والمالية وتحليلها. وخلال الانتخابات الأمريكية الأخيرة، التي أسفرت عن انتخاب دونالد ترامب رئيساً للولايات المتحدة الأمريكية، استخدمت هذه البرمجيات، وفق بعض التقارير، لتنبيه غرفة الأخبار عندما بدأت نتائج الانتخابات تتجه لغير المتوقع، مما أتاح للصحفيين مهلة لتغطية الأخبار واتجاهاتها بدقة. بل تذهب بعض المؤسسات لأبعد من ذلك، عبر استخدام الروبوتات للمساندة القانونية للصحفيين بطرق أخرى، بل وتصل لتسهيل المعلومات الجامدة، وتحولها لمسار جديد، لكشف اتجاهات، أو تحليل البيانات المالية وغيرها. ويجري عن طريق هذه التقنيات تحديث القصص الجارية سريعة التغير مثل الأحداث المناخية.
ويشار إلى أن التقارير التي ينتجها الصحفيون الآليون (الذكاء الاصطناعي) يمكن أن تخدم المتخصصين، ويمكن أن تزيد من الوصول إلى مصادر الأخبار. والنموذج الإخباري الرقمي ينتج الرسائل القصيرة والمباشرة، ويقدم نتائج وملخصات أسهل، ويعطي للصحفيين البشريين المحترفين الفرصة للقيام بأعمال أخرى أكثر مهنية.
وتقول وسائل الإعلام التي تستخدم (الصحفي الروبوت) أنها تهدف إلى تمكين الصحفيين من البشر من القيام بمزيد من عمل “ذي قيمة عالية”، عوضاً عن إضاعة الوقت للقيام بوظائف اعتيادية أو تقليدية!.
وتقدر وكالات الأنباء أنه تم توفير 20 في المائة من الوقت الذي يقضيه الصحفيون في التغطية، كما ساهم هذا الوضع في خفض التكاليف.
ما لم تدرك الصحافة المحلية هذه الحقائق الجديدة ، وما لم يدخل القائمون عليها حلبة الابتكار والتنافسية فهم سيكونون حتماً الى زوال .
ولنأخذ الحكمة من موجة الثورة الصناعية الرابعة والريبوتات ، فلعل أهون ما قدمته هذه الأنواع من الابتكارات هو ترشيد الوقت في خطوط انتاج الصناعة الإعلامية ، وخفض التكاليف ، وهما أمران مهمان للتغلب على جزء مهم من التحديات التي تواجه الصحافة .
ولمزيد من استفزاز المطالبين بدعم الحكومة من أجل بقاء الورقيات أشير هنا مرة أخرى الى التطور الهائل في التطبيقات المعتمدة على الذكاء الاصطناعي وتحسين قدرات الروبوتات الإبداعية ، إذ تقول بعض التقارير ، أنه يسير بأسرع مما نتوقع، حيث نشر مؤخرا موقع «تشاينا نيوز» أن خبراء صينيين تمكنوا من صنع أول روبوت «صحافي» في العالم قادر على كتابة المقالات. ووفقا للموقع: «استطاع الروبوت الجديد الذي أطلق عليه اسم (زاو نان) كتابة أول مقالة صحافية ليصبح أول روبوت (صحافي) في العالم تمكن من إنجاز المهمة الموكلة إليه، وكتب نصا مؤلفا من 300 رمز كتابي في ظرف ثانية واحدة فقط»
.. لاحظوا ثانية واحدة .. فقط .
ولنأخذ هذه أيضاً :
فوفقا للتقارير العالمية حسبما قرأت مؤخرا أنه بحلول عام 2018 سيكون 20 في المائة من التقارير الاقتصادية مكتوبة بأيدي روبوتات، فهناك تطبيق يدعى «Quill» هو الذي يكتب التقارير السنوية لمجلة «فوربس».
ويؤكد الدكتور محمود علم الدين، أستاذ الصحافة بكلية الإعلام جامعة القاهرة وعضو الهيئة الوطنية للصحافة، أننا أمام صحافة جديدة هي صحافة «الروبوت» Robot – journalism التي تعرف أكاديميا بأنها «عملية الكتابة بشكل آلي كامل للقصص الإخبارية المركبة الكاملة كاملة من دون أي تدخل بشرى»، لافتا إلى أن «قصة صحافة الروبوت أو الصحافة المستعينة بأنظمة الذكاء الاصطناعي عام 2010، عندما ابتكر معهد معلوماتيات الأنظمة الذكية بجامعة طوكيو روبوت صحافيا يستطيع بشكل آلي اكتشاف البيئة المحيطة به، ويكتب تقريرا عما وجده، الروبوت يفتش عن الأشياء المتغيرة حوله، يقرر ما إذا كانت ذات قيمة ثم يلتقط صورا بكاميرته المدمجة داخله، ويمكن أن يسأل الناس بالقرب منه ويستعمل محركات بحث الإنترنت، ليزيد من فهمه للأمور المحيطة به. وإذا ما بدا أن شيئا له قيمة إخبارية يظهر في الأفق، فإن الروبوت سوف يكتب تقريرا إخباريا وينشره على شبكة الإنترنت على الفور».

 

تعقيب:
د.عبدالله ناصر الحمود

رؤية في المآلات.

*توطئة*
تفرض علينا المنهجية العلمية في النظر والاستقراء والتحليل لقضية هذا الأسبوع .. أن نمنح مجمل الرؤى حول مستقبل الصحافة الورقية فرصة الحضور

ذلك أن المتخصصين والباحثين يختلفون بشكل كبير في النظر لهذا الأمر .. سيما أن عددا من التجارب العالمية خرجت بنماذج متباينة جدا ..

وبالتالي.. سوف أعرض تعقيبي بشكل موضوعي قدر الإمكان.. ثم أبين رأيي في نهاية الأمر

أولا
الرأي الموالي للصحافة المطبوعة
يرى عدد كبير من الباحثين أن الصحافة الورقية باقية .. وأنه لا يزال في عمرها فسحة واسعة من الزمن.

وهؤلاء المتفائلون يرون أن الصحافة كوسيلة اتصال جماهيرية استطاعت في الماضي مع ظهور الراديو وبعده ظهور التلفزيون كوسائل اتصال جماهيرية.. أن تنافس وتستمر.. على الرغم من سطوة كل من الراديو والتلفزيون وامتلاكهما خصائص الفورية والآنية.

وبالتالي .. يرى هذا الفريق أنه يمكننا القول إن الصحافة كوسيلة إعلام.. والصحفيين كقائمين بالاتصال سوف يتمكنون من عبور عصر الانترنيت وشبكات التواصل الاجتماعي

هذا الرأي يؤمن به الأستاذ الدكتور سفران المقاطي في حوار معه حول قضية هذا الأسبوع قبل قليل

ويوافقه الرأي الدكتور عبد اللطيف بن صفية.. الذي حاورته في الموضوع فقال:

مهنة الصحافة تختلف كليا عن مختلف أنشطة التعبير التي يزاولها المواطن باستخدام التكنولوجيا المتاحة له.

فالصحافة تقتضي البحث عن الخبر والتحقق منه والتعليق عليه ومتابعته مع مراعاة قواعد مهنية وأخلاقية دقيقة.

وهذه المهنة ليست متاحة للجميع والحاجة إليها مازالت قائمة ولن تتوقف.

كما أن عادات القراءة الورقية، في رأي د بن صفية، لازالت لازمة لدى العديد من فئات المجتمع مثلها مثل عادات الاستماع للإذاعة التي لم تنقرض كما بشر بذلك المنظرون بعد ظهور التلفزيون في الخمسينات.

والمطبوع.. ينظر إليه باعتباره دليل مادي وجمالي يسعد به المرء سواء كان كاتبا أم قارئا.

والاستئناس به هو تقليد إنساني ممتد في الزمن ومرتبط بمظاهر العلم التي يفخر الإنسان بها.

كما أن المطبوع كتاب أو غيره ليس مضر بالصحة بخلاف الحوامل الإلكترونية.

أما الإدمان على الكتب فهو أمر مستحسن بعكس الإدمان على الأجهزة الإلكترونية.

تلك إذا.. مرئيات معتبرة.. تجعل المحلل في موقف حذر.. يستلزم مزيدا من التأمل في مآلات الصحافة الورقية.

ولعل خلاصة هذا الرأي.. أنه على الرغم مما يمكن أن يحصل للصحافة الورقية من تحولات بنائية وشكلية وموضوعية .. إلا أنها لن تنقرض أبدا.

ثانيا
الرأي المضاد لقدرة الصحافة الورقية على البقاء
كما أن هناك مؤيدين لفكرة قدرة الصحافة على البقاء.. هناك باحثون آخرون يرون أن الصحافة الورقية إلى زوال لا محالة.

في تسعينات القرن الميلادي الماضي قدم البروفيسور رونيه رافو وزميلته مساعدة الأمين العام للأمم المتحدة لشؤون الإعلام والاتصال تيريس باكيه سيفيني محاضرة في جامعة كنكورديا في مونتريال.. سعدت بحضورها..

وكان مما تحدثا عنه.. هل التقنية خيرا أم شرا للبشرية؟

واتفقا على أن من خيرية التقنية أنها سوف تدفع بالإنتاج المطبوع إلى الزوال خلال ثلاثين عاما.

وأن الطباعين.. سيصبحون كالطبالين الذين زاولوا مهنة إبلاغ الناس بقرارات السلطة في العصور البدائية

وعلى هذا النسق من التفكير تزدهر الكتابات الغربية التي تنبأت بأعوام سوف تشهد صدور آخر عدد من صحيفة مطبوعة في العالم.. وتباينت تكهناتهم بين ٢٠٣٠ و ٢٠٥٠م

ثالثا
الرأي الوسطي

ثمة رأي ثالث يعتقد أن الصحافة المطبوعة سوف تتخذ إجراءات حاسمة لضمان استمرارها.. وأن الصحف التي تتمكن من ذلك سوف تستطيع البقاء.

الدكتور علاء الشامي أحد الأساتذة و الباحثين الإعلاميين المميزين في القاهرة.. قال لي قبل قليل في حوار معه حول موضوع قضيتنا لهذا الأسبوع

إن الصحافة المطبوعة ستطور آليات من داخلها ﻻستمرارها.. كما حدث في بعض الصحف الغربية من تحولها للتوزيع مجانا واستمرار الإعلان.

ويعتقد أن عددا من الصحف سوف تتحول إلى صحف رأي فقط دون الخبر كما حدث في مصر مثلا في إصدار جريدة اسمها ” المقال ”

كما سوف تعمد بعض الصحف إلى تغيير حجمها بحيث تكون أصغر مع اﻻعتماد أكثر على الصور
وهكذا..

رابعا
رأيي حول مآل الصحافة المطبوعة

أعتقد جازما.. أن الصحافة المطبوعة إلى زوال مهما فعلت.
وأن الصحفيين التقليديين لن يكون لهم مكان يعملون فيه على الإطلاق خلا عقدين أو ثلاثة.

غير أن الأمر فيه تفصيل

ففي حقيقة الأمر ﻻ توجد سيناريوهات ثابتة لتعاطي الصحف مع التطورات التقنية المتسارعة
ففي كل تجربة وبيئة متغيرات حاكمة

فالغرب غير الدول العربية.. والدول العربية ليست سواء في هذه البيئة
وبالتالي .. أعتقد أن المدى الزمني لغياب الصحف الورقية سوف يتباين كثيرا من مجتمع لآخر

في دول الخليج مثلا.. الوضع سيكون بخلاف الوضع في الشام أو في المغرب أو في مصر
فلكل بيئة من هذه البيئات متغيرات حاكمة لسرعة غياب الصحافة الورقية

وفي السعودية حيث دورة اﻻقتصاد عندنا وثابة بحمد الله.. ونظرا لما تشهده البلاد من مشروعات عملاقة ممتدة لسنوات قادمة .. فسوف يضمن ذلك استمرارا أطول للصحف الورقية لحاجة المعلنين للإعلان فيها من جانب.. ولبقاء أهميتها كمتغير اتصالي ضروري لدى السلطة.

كما أن طبيعة التركيبة السكانية ووجود معدﻻت لمواطنين كبار سنا مع ارتفاع معدﻻت القراءة نسبيا لديهم سوف يساعد في استمرارية الصحف الورقية لمدى أطول

ومرة أخرى.. في ظل اﻻقتصاد الخدمي الريعي (نسبيا) عندنا في السعودية (رغم ما يشهده من تحوﻻت) سيظل النظر لوظيفة الصحف المطبوعة بوصفها خدمة وليست سلعة .. وبالتالي، فإن إمكانية استمرارية الصحف والصحفيين فترة أطول ستكون مرشحة.
كما أن نمط الملكية الصحفية شبه الحكومي عبر ما يمكن أن تناله الصحف من الدعم المباشر من الدولة ماديا.. يرجح فترة حياة أطول للصحف مقارنة بالدول اﻷخرى.

وخلاصة الأمر حول رأيي في مآلات صحفنا المطبوعة هي أن دورة حياة الصحف لدينا في المملكة ستكون أطول من غيرها من الدول ﻻعتبارات ثقافية واقتصادية وسياسية
لكنها.. في نهاية المطاف سوف تلحق بغيرها..
وبمنظور تقريبي.. ربما تقاوم صحفنا حتى موعد رؤيتنا ٢٠٣٠. .. ثم بعد عصر الرؤية.. سيبدأ نجمها بالأفول..
فالفناء.. سنة كونية.. لمن هذه حاله.. يصارع من أجل البقاء

 

تعقيب:
د.زينب إبراهيم الخضيري

أشكر القدير د.فهد العرابي الحارثي على تناوله هذا الموضوع الحيوي وهو موضوع شيّق ومهم, حيث الصحافة هي التي تشكل المجتمع في ضوء التداخلات الاقتصادية والسياسية والاجتماعية وما يحيط بنا من تهديدات وما يتوجب علينا بناؤه لصورتنا الذهنية للآخر.

عنونت مداخلتي بـ “الصحافة الورقية توتر بين زمانين”

اعتاد “ويت بيرنت” أن يقول لتلاميذه في جامعة كولومبيا: “لا أعتقد أن بإمكانكم كتابة قصة قصيرة جيدة, دون أن يكون بداخلكم قصة جيدة, وأفضل أن يكون لديكم شيء تقولونه دون بناء فني, على أن يكون لديكم بناء فني دون شيء تقولونه”. وهنا يؤكد بيرنت على أن المحتوى في أي نص هو الأساس الذي يرتكز عليه وليس بناؤه الفني , و قياساً على موضوعنا أن المحتوى هو الأساس وليس الوسيلة حيث أن الصحافة الورقية , والرقمية هي قنوات تواصل تتغير بحسب طبيعة المجتمع وتطوره التكنولوجي والاقتصادي , حيث جمهور الصحافة في العالم الرقمي هو أنت , وأنا , وهو , وهي , ونحن , فالمتلقي يمارس في تلقيه للخبر أو المعلومة رفضاً وقبولاً , يتفاعل بشكل سلبي وإيجابي , يثري وينتقد , وهذا يؤكد لنا أن المتلقي مشارك ومساهم في إعادة انتاج نوع المعلومة أو الخبر , حيث يبني المتلقي رؤاه من خلال طرح محتوى عميق ومقنع وحيادي , فهو لا يتوقف عند قراءة النص المكتوب, بل يعيد انتاج النص من خلال ما استوعبه واختزله في عقله اللاواعي, حيث بشريتنا الجديدة في المجتمع الرقمي أصبحت مشتركة جداً ومليئة بالبدع، والأيديولوجيات الفكرية، والتنوع الثقافي، مما جعل الأمور تصبح أكثر تعقيداً فهذه التكنولوجيا الرقمية أصبحت مولدة للكثير من المشاكل والحلول في آن واحد، فنحن نسير على مسارات الذائقة الإنسانية وجمالياتها والتي تنطلق من بنى علمية وثقافية أساسها العلاقة المباشرة بالمضامين الاجتماعية الثابتة والمتحولة, والبنى الاقتصادية والسياسية ، والتحولات الرقمية حولتنا إلى مجتمع مختلف متلقٍ ومشارك ودور الصحافة سواء ورقية أو رقمية لن يختلف فنحن نبحث عن المحتوى, وأتفق مع طرح د.فهد في أن صناعة الصحافة قد تغيرت , وأن الحل ليس هو الدعم الحكومي بل إيجاد وسائل أكثر فاعلية لاستمرارية الصحف الورقية حيث الصحافة تعيش بين زمانين:

زمن كلاسيكي وزمن رقمي، فهي تعيش التوتر الآن , وأتفق مع د.فهد في اننا الآن نعيش عصر التكنولوجيا الرابعة وعصر الربوتات ولكن الذكاء الصناعي لا يفكر مثل الانسان. هو يولّد محتوى مثل الانسان ولكن لا يفكر مثله، وتوليد المحتوى مثل مقالات أو فيديو معتمد اساساً على المحتوى الذي أوجدناه نحن. ومع رياضيات وإحصاء واحتمالات يظهر شيء شبه جديد.

وربما د. فهد في مقالته الثرية خلط بين تطبيقات كثيره للذكاء الصناعي. يعني مثلا انتاج محتوى ما يعني أنه ابداعي. وإذا استخدمت الذكاء الصناعي للتنبؤ بشي مستقبلي ما يعني أمور خارقه، وهذا ما زال في نطاق الاحصاء والاحتمالات والرياضيات و ما زال يحتاج محتوى يقدمه الانسان. والحديث عن الذكاء الصناعي فيه مبالغة كبيرة بالنتائج، الواقع أن الذكاء الصناعي يتقدم والدول يجب أن تشتغل على التقنية و التطوير التقني ولكن نحتاج إلى تعريف ووضع مفاهيم ومقاييس للذكاء الصناعي الذي نستخدمه، والسؤال ما هو نوع التقرير الاخباري الذي سيكتبه الروبوت ؟
– الذكاء الصناعي يتقدم بسرعه ولكن الحديث عنه بالصحافة عباره عن تكهنات أو خيالات أو مبالغات مقارنه بالنتائج الحقيقية للبحوث.
والروبوت غير الذكاء الصناعي. الذكاء الصناعي برنامج له قدره أنه يتعدى حدود برمجته لأنه يعتمد على نموذج رياضي وليس على برمجه حرفيه لخطوات معينه. الروبوت هو آله ممكن تزود بذكاء صناعي وتصبح ذكيه أو ممكن فقط تكون آله تعمل أشياء و تحرك بناء . الذكاء الصناعي له تطبيقات بالصحافة ولكنه ليس بديلاً عن الانسان.
والتساؤلات التي أرغب أن اختم بها هي :
هل أنتم راضون عن مستوى الصحافة الآن وما يُطرح فيها ؟

هل أنت كمتلقي تثق فعلاً بصحافتنا وبما تنقله من أخبار ومعلومات ؟

وهل الآراء التي تطرح في الصحافة مقنعة على مستوى المعرفي والمنطقي ؟

وهل احتضار الصحافة الورقية الحالي وصيحة الاستنجاد من الأستاذ خالد المالك

والتي اشبهها بصيحة هتلر “الزبدة أو المدفع ” هي مشكلة الدعم أو أن هناك

مشاكل في عمق الصحافة أدت إلى هذه النتيجة ويخيل إلي أن صيحتة هي أعراض المرض وليس المرض الحقيقي ؟

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

وقت البيانات لتقنية المعلومات شركة برمجة في الرياض www.datattime4it.com الحلول الواقعية شركة برمجة في الرياض www.rs4it.sa